اخبار وتقارير...البحث عن ثورة 25 يناير....تونس: حليفا «النهضة» نادمان بعد حل «الترويكا»... لكنهما فخوران بالمنجزات..تقرير: 10 ملايين طفل عربي بلا مدارس...حقول النفط السورية تترنح بين سيطرة الأكراد وطموحات «داعش» و«النصرة»

ماذا لو كان صراع حضارات فعلاً ؟...جمهور حزب الله يعد الحكومة «هزيمة» والاستياء ينسحب على سياسيين مؤيدين.. لهذه الأسباب أحجم حزب الله عن إحياء ذكرى إغتيال مغنية

تاريخ الإضافة الأربعاء 19 شباط 2014 - 6:46 ص    عدد الزيارات 1751    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

حقول النفط السورية تترنح بين سيطرة الأكراد وطموحات «داعش» و«النصرة»
الحياة...الحسكة (سورية) – بهزاد حاج حمو
أوائل تشرين الثاني (نوفمبر) المنصرم، أقدمت قوات الأمن الكردية المعروفة بـ «الأساييش» على إلقاء القبض على عايد الحمادة معاون مدير حقول رميلان النفطية في محافظة الحسكة، بتهمة «التعاون والتخابر مع قوات المعارضة الراديكالية المسلحة وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش».
قضى الحمادة ما يقارب الشهر في سجون هذه القوات، من دون أن تنبس أي جهة، وعلى رأسها الحكومة السورية، ببنت شفة، ما أعطى الإشارة الصارمة عن السيطرة «شبه المطلقة» التي باتت تتمتع بها هذه القوات على المنطقة في شكل عام، والحقول والإدارات النفطية في شكل خاص.
بل أكثر من ذلك، أصدرت الجهات الأمنية «الرسمية» في محافظة الحسكة، والتي تتبعها حقول رميلان النفطية، قراراً بصرف الحمادة من الخدمة فور خروجه من السجن. ما أكّد قدرة حزب الاتحاد الديموقراطي (PYD) على إدارة ملف البترول في المناطق الخاضعة لسيطرته شمال شرقي سورية، والتي اصطُلِح على تسميتها بـ «روج آفا - Roj Ava» وفق أدبيات الحزب الذي أعلن فيها عن مشروع «الإدارة الذاتية الديموقراطية» في وقت سابق من الشهر الأول بداية العام، بالتشارك مع أحزاب كردية وقوًى عربية، في ظلِّ غياب التمثيل الرسمي للمجلس الوطني الكردي في سورية.
 رميلان النفطية
بدأت شركة «شل» البريطانية - الهولندية باستخراج النفط من منطقة رميلان في عام 1960، ليبلغ الإنتاج في عام 2010 وقبل بدء الأحداث في سورية 90 ألف برميل يومياً، حيث كانت القدرة الإنتاجية وفق تقديرات القائمين عليه تصل إلى 167 ألف برميل يومياً، وفق خطط الإنتاج التي اطّلعنا عليها.إلا أن السوريين يتداولون حديثاً جرى بين أحد أعضاء مجلس الشعب السوري ورئيس المجلس في تسعينات القرن الفائت عن جهة صرف واردات البترول السوري، على اعتبار أنه كان من المعروف أن الناتج لم يكن يدخل الموازنة الرسمية للبلاد، فأجاب الأخير: لا تقلقوا، فالنفط في أيدٍ أمينة!
يبلغ عدد الآبار النفطية التابعة لمديرية حقول رميلان (1322 بئراً)، إضافة إلى (25 بئراً) من الغاز، تخضع جميعها في الوقت الحالي، لسيطرة القوات العسكرية الكردية المعروفة بوحدات حماية الشعب (YPG) وذلك بعد تسويات ومفاوضات بينها وبين فصائل من المعارضة الإسلامية المسلحة كانت على رأسها «جبهة النصرة»، قبل أن تنشب معارك طاحنة بين الطرفين وبعد أن انضمَّ تنظيم «داعش» إلى هذه المعارك. انتهت بسيطرة الأكراد على المنطقة بما فيها الآبار النفطية.
في الحديث عن ماهية هذه الاتفاقيات يقول آلدار خليل: «إنها كانت تكتيكية عسكرية تهدف إلى تحييد (غرب كردستان - شمال شرقي سورية) عن نيران المعارك». ويضيف آلدار وهو القيادي البارز في «حركة المجتمع الديموقراطي TEV-DEM»، والتي تضمُّ في إطارها مجموعة من التنظيمات المدنية والأحزاب السياسية منها حزب الاتحاد الديموقراطي (PYD) والذي تنسب إليه، السيطرة العسكرية والهيمنة السياسية على القرار الكردي في سورية، يضيف: «بدأت هذه الاتفاقيات مع اجتياح قوات المعارضة المسلحة مدينة رأس العين/ سري كانيه الكردية في 2012 فارتأينا عقد اتفاقيات سلامٍ تكتيكية مع هذه الفصائل غير المنضبطة لتحييد مناطقنا عن الأهوال والأخطار. إلا أن هذه الفصائل، وبعد تغاضينا عن سيطرتها على بعض الآبار في مناطقنا واستخراج النفط منها بطريقة أقرب إلى النهب وبيعها، تمادت في خططها وبدأت باستهدافنا داخل مناطقنا، ما اضطرنا إلى ممارسة حقنا في الدفاع المشروع عن أهلنا ومدننا».
وتمكَّنت القوات الكردية المعروفة بـ «YPG»، والتي يعتبرها ريدور خليل الناطق الرسمي باسمها «بذرة الجيش السوري الوطني»، تمكَّنت أخيراً من طرد تلك الفصائل المسلحة وبسط سيطرتها الكاملة على المنطقة. حيث تعزَّزت هذه السيطرة بـ «تحريرها» معبرَ تل كوجر/ اليعربية مع الجانب العراقي، في تشرين الأول العام الماضي. حيث يؤكد ريدور أن قواته «تمثِّل روح الثورة السورية الحقيقية».
 شركة بترول كردية
منذ ما يقارب الثمانية أشهر، أسَّست منظومة «TEV-DEM» شركة «توزيع محروقات الجزيرة» المعروفة اختصاراً بـ «KSC»، لتمارس الاختصاصات ذاتها التي كانت تقوم بها سابقاً شركة «سادكوب» الحكومية بعد أن توقفت الأخيرة عن العمل بالتزامن مع توقف الآبار النفطية نهائياً عن الإنتاج في الثامن من آذار (مارس) من العام الماضي. ويؤكِّد الإداري في «KSC» علوان مصطفى أن «هناك مجموعة من الآبار ذاتية الدفع نقوم باستخراج البترول الخام منها وتكريرها في مصافٍ كهربائية عدة قمنا بشرائها على نفقتنا الخاصة وبيع المشتقات النفطية بأسعار رمزية لمحطات البيع والمواطن».
وتمكَّنت الشركة أخيراً من جَلبِ مصافٍ عدَّة إلى منطقة «كَر زيرو/ تل عدس» التابعة للمالكية أقصى شمال شرقي البلاد، وهي تعمل حالياً، وفق علوان، على إدخال مصافٍ كهربائية أكثر تطوراً لتعمل على تطوير الإنتاج ومضاعفته. ويرى «أن هذه المصافي قضت على ظاهرة الحراقات الأهلية البدائية».
وكانت الفترة الماضية قد شهدت ازدياد عدد هذه الحراقات التي تعتمد على أساليب بدائية - حرق البترول الخام في مراجل ضخمة واستخراج المشتقات - بعد غياب الرقابة الأمنية، وانشغال المتقاتلين بالمعارك. الأمر الذي يصفه خبراء وأطباء من أبناء المنطقة «بالخطير» لما له من آثار سلبية ضارة على البيئة والصحة، حيث سُجِّلتْ حالات وفاة نتيجة التعرض المباشر للغازات السامة المنبعثة منها أثناء الاحتراق. ناهيك عن استنزاف الثروة الباطنية بطرق غير علمية.
يبلغ إنتاج هذه الآبار - الذاتية الدفع - ما يقارب 400 ألف ليتر من مادة المازوت يومياً (سعر الليتر 30 ليرة سورية) إضافة إلى 150 ألف ليتر من مادة البنزين التي يصف علوان جودتها بالـSuper. مقابل (150 ليرة سورية لليتر الواحد). وهو سعر يراه علوان «رمزياً، لمواجهة الحصار الذي تفرضه قوات المعارضة المسلحة على المناطق الكردية».
وكانت فصائل إسلامية مسلحة منها الدولة الإسلامية المعروفة اختصاراً بـ «داعش»، وجبهة النصرة، قد أصدرت قبل أيام بياناً تعلن فيه فرض حصار على منطقتي عفرين وعين العرب/ كوباني الكرديتين الواقعتين تحت سيطرة «PYD» في ريف حلب، آواخر العام الماضي، بتهمة أن هذه المناطق «ترفد القوات الكردية بالمال والسلاح لمواجهتها».
وعن جهة صرف المبالغ التي يتم الحصول عليها من بيع البترول، يتحدث آلدار خليل: «نحن نقوم فعلياً بإدارة منطقة تمتد مئات الكيلومترات خدمياً وأمنياً وعسكرياً، وهذه الإدارة تحتاج إلى تمويل هائل». وأضاف: «سعينا إلى ضخ النفط عبر الأنابيب المخصصة لها إلى المصافي الحكومية مقابل الحصول على مادة الغاز وموارد أخرى تفيد أبناء المنطقة، إلا أن المجموعات المسلحة لجأت إلى تفجير هذه الخطوط إمعاناً في سياستها الساعية إلى خنق المنطقة».
إلا أن الخبير النفطي الكردي (هـ.أ) يفضِّل سيطرة الحكومة على الآبار النفطية على سيطرة القوات الكردية التي يرى فيها أنها تعمل على «استنزاف موارد المنطقة في شكل مخيف».
 مصير النفط الغامض
يبدي خبراء نفط من الجزيرة السورية تخوّفهم من المصير الغامض الذي ينتظر هذه الثروة المهمة. حيث تؤكد تقارير رسمية نضوب الاحتياطي النفطي في الجزيرة في عام 2025، وفق خطط الإنتاج الموضوعة لها قبل بدء الأحداث في البلاد. والتي اطَّلعنا عليها بالتعاون مع مصادر من داخل الحقول، طلبت عدم كشف هويّتها.
وكانت سورية تصدّر ما يقارب 100 ألف برميل يومياً إلى الأسواق العالمية بعد تكريرها في مصفاتي بانياس وحمص اللتين توقفتا عن العمل أيضاً.
«لا نعلم تماماً كيف سيكون مصير النفط في هذه المناطق في المستقبل». بهذه الكلمات اختصر آلدار خليل حيرته حيال مصير النفط في المنطقة، ثم أردف: «لكن الأكيد، أننا لن نعود إلى الوراء ولن نسمح لجهة أن تتصرف وتنفرد بأموال الناس وثروات الوطن بعد اليوم».
إلى أي مدًى سيستطيع آلدار خليل ومن خلفه القوى السياسية والعسكرية الكردية، التي يمثلها، الالتزام بتحقيق ما وعَد به «لن نسمح لجهة التصرف والانفراد بثروات الوطن...»، في ظلِّ الحديث عن احتكار «PYD» أصلاً هذه الثروات ناهيكَ عن الهيمنة العسكرية والسياسية؟
قرب الآبار النفطية شمال شرقي سورية، وقبل أن تعلن «السماء» نضوب خيراتها، يتقاتل الفقراء وتسيل دماؤهم هناك في سعيٍ حثيثٍ من الطرفين المتقاتلين لإثبات أحقيَّته فيه وبالتالي تثبيت أقدامه في المنطقة في ظل تراخي قبضة النظام السوري. فمما لا شكَّ فيه أن الورقة النفطية، تحوز من الأهمية ما يُخرج الحائز عليها من طور «الميليشيا الحزبية»، أو «الكتيبة المسلحة» أو حتى «اللجان الشعبية»، إلى أفقٍ سياسي عسكري يستوعب الأحلام في شكلٍ أرحب.
 
 مع تراجع الحافز للتعلم.... تقرير: 10 ملايين طفل عربي بلا مدارس
إيلاف
أكد تقرير بعنوان "الشباب العربي: فقدان أساسيات التعليم لحياة مثمرة" وجود 8.5 مليون طفل عربي خارج المدرسة، اضيف إليهم مليونا سوري، اضطرتهم الحرب في بلادهم لهجر المدارس.
بيروت: ثمانية ونصف مليون طفل بلا تعليم في العالم العربي، بالاضافة إلى مليوني طفل سوري لا يرتادون المدرسة بسبب العنف في سوريا. هذا غيض من فيض تقرير بعنوان "الشباب العربي: فقدان أساسيات التعليم لحياة مثمرة"، صدر أخيرًا عن معهد بروكينغز الدولي، مسلطًا الضوء على التعليم في العالم العربي، جودةً وتوفرًا، ومشيرًا إلى نقص كبير في البيانات التعليمية.
فمجموعة قليلة من الدول العربية تقيس منهجيًا أميّة القراءة والكتابة والحساب في المراحل الابتدائية والإعدادية، كما هناك رابط بين التعليم من أجل حياة منتجة وتوظيف الشباب، حيث أسهم افتقاد المهارات الأساسية المناسبة في أزمة التوظيف في المنطقة العربية.
لا مهارات
انخفض عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس 3.1 مليونًا منذ العام 2002 في المنطقة العربية، لكن ثمة 8.5 مليون طفل بلا تعليم في المنطقة نفسها، كثير منهم فتيات في مجتمعات فقيرة وريفية، وفي مناطق متضررة من الصراعات.
ففي اليمن والمغرب والكويت، يفشل بين 30 و90 بالمئة من تلاميذ المرحلة الابتدائية في التعلّم، بينما أكثر من 60 بالمئة من التلاميذ لا يتعلمون في المرحلة الإعدادية في المغرب وعمان. وبحسب ميساء جلبوط، من معهد بروكينغز والمختصة بقضايا التعليم، وهي أحد كتاب التقرير، هناك أزمة تعليم في البلدان العربية، "فنصف الطلاب في المدرسة لا يكتسبون المهارات الأساسية ومستوى التعليم الجيد التي يحتاجونها لحياة مثمرة، وبالتالي لا يحققون الحد الأدنى لمحو الأمية، بناء على تقييم عالمي في الصفين الرابع والثامن".
وأضافت جلبوط لـ "سي أن أن": "البلدان التي لدينا قلق حيالها هي جيبوتي، وموريتانيا، واليمن، إذ لديها أدنى مستويات تسجيل في المدارس، رغم أنها يجب أن تعتمد على القدرة لتقديم التعليم النوعي لأطفال وشباب اليوم، بما خص توازنها السياسي، والتقدم الاقتصادي، والتنمية الاجتماعية".
ولفتت إلى ثلاثة بلدان تتواجد فيها النسبة الأعلى من التلامذة والذين لا يتمتعون بالتعليم الأساسي في المراحل الابتدائية، وهي اليمن (91 بالمئة)، والمغرب (74 بالمئة)، والكويت (70 بالمئة).
تراجع الحافز
وأوضح التقرير أنه بناء على استخدام تقييم التعليم المتاح في 13 دولة عربية، يبلغ متوسط معدل الأطفال الذين لا يتعلمون أثناء وجودهم في المدرسة 56 بالمئة في المرحلة الابتدائية، و48 بالمئة في المرحلة الاعدادية.
ويتطرق التقرير إلى التسرب المدرسي وإعادة المراحل نتيجة مستوى التعليم المنخفض وعدم اكتساب المهارات، بالإضافة إلى عدم المساواة في فرص التعلم في بعض المجتمعات. فنحو 50 بالمئة من الطلاب العرب يخفقون في تحقيق مستويات مقبولة في الكتابة والقراءة والحساب، بسبب سوء مستوى الطاقم التعليمي، وقِدَم المناهج التربوية، وهذا يؤدي إلى فقدان التحفيز والإحساس بالمشاركة لدى الطلاب، فيتراجع مستواهم.
ولا يخوض التقرير في أسباب التسرب من المدرسة في المرحلة الثانوية، إلا أن الخبراء يردون ذلك إلى تراجع التحفيز بين الذكور الشباب لإكمال تعليمهم، بسبب عدم إيمانهم بأن هذا التعليم سيساعدهم على ايجاد الوظيفة المناسبة، فضلًا عن اضطرار الأطفال للعمل بسبب الفقر، والعنف في المنطقة، وسوريا نموذجًا.
عوامل الجغرافيا
فحافز الإناث أقل من الذكور التحاقًا بالمدارس، لكنهن أكثر نجاحًا في الانتقال من المرحلة الابتدائية إلى الاعدادية والثانوية. لكن يبقين أقل حظًا من الذكور في إيجاد فرصة عمل. وتقول جلبوط إن التقرير يبين أن الأزمة التعلمية تؤثر على الذكور أكثر من الإناث، فيما أن نسبة الإناث اللواتي يقابلن الدرجات التعلمية تعتبر أكبر من الذكور في تسع بلدان عربية.
وفي المرحلة الثانوية في البحرين والأردن وعمان، كانت نسبة الذكور الذين لا يتعلمون على الأقل 20 بالمئة أكثر من نسبة الإناث اللواتي لا يتعلمن. وتشكل النساء العربيات العاملات نسبة 18 بالمئة، ما يظهر برأي جلبوط الصعوبات بأن يتخطى هؤلاء العوائق الاجتماعية والاقتصادية، والتقاليد العائلية، والثقافة، وتلاؤم مهارتهن مع احتياجات القطاع الخاص.
أما تفوق الإناث على الذكور خلال سنوات الدراسة فيعني أنهن أكثر تحفيزًا للتعلم والمشاركة. وتعتبر الجغرافيا عاملًا أساسيًا، إذ أن التفاوت بين المناطق الريفية والحضرية من حيث إقبال الشباب على التعلم يظهر في المرحلة الثانوية، فنسبة الشباب الذين لا يتعلمون ترتفع بنسبة 10 بالمئة في المناطق الريفية.
 
هزيمته في سوريا تهدد رصيده العسكري والمعنوي
لهذه الأسباب أحجم حزب الله عن إحياء ذكرى إغتيال مغنية
إيلاف...محمد نعيم
يرى محللون تحدثوا إلى "إيلاف" أنّ تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة منع حزب الله من إحياء ذكرى اغتيال عماد مغنية، مؤكدين أنّ إسرائيل لن تبادر بضرب الحزب، لأنها تتابع عملياته واستنزافه في سوريا، وتنتظر تصفية كافة العناصر المتناحرة، وتوقعوا 3 سيناريوهات لمصيره.
محمد نعيم من القاهرة: يتساءل كثيرون لماذا ألغى حزب الله اللبناني الاحتفال بذكرى اغتيال عماد مغنية، القيادي البارز في جناحه العسكري؟
كما يتساءل آخرون هل الأمر عائد لنقص في قواته ومعداته بفعل تداعيات مشاركته في الحرب الاهلية السورية؟ وهل هددته اسرائيل بضربة استباقية لإدراكها ببواطن هذا الضعف؟ وماذا سيكون رد الفعل الإيراني حال توجيه اسرائيل ضربتها للحزب؟؟
ذكرى اغتيال مغنية... في صمت
هذه الاسئلة طرحتها "إيلاف" على كوكبة من الخبراء السياسيين.
وأوضحت الدكتورة رابحة علام، الباحثة المتخصصة في الشؤون اللبنانية والسورية، بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنّ "إلغاء حزب الله الاحتفال بذكرى مغنية يعود لانخراط الحزب في الحرب الدائرة في سوريا، خاصة في منطقة "القلمون" على الحدود السورية اللبنانية، ويشارك فيها جزء كبير من مقاتلي الحزب الى جانب مقاتلين عراقيين شيعة، يدربهم الحزب".
واكدت علام أن حزب الله كان يرمي من وراء إلغاء الاحتفال بذكرى اغتيال مغنية الى إحداث نوع من التهدئة في الداخل اللبناني، تزامناً مع تشكيل الحكومة اللبنانية التي تشكلت بالفعل، وشاركت فيها تيارات 14 آذار و8 آذار.
ووصفت علام عدم الاحتفال بذكرى مغنية بأنه كان بمثابة هدنة اعلامية غير معلنة شجعت الفرقاء في لبنان على المشاركة في تشكيل الحكومة.
وقالت: "قيام حزب الله كما كان معتاداً باستعراضات عسكرية احتفالاً بذكرى مغنية أو تهديده لإسرائيل حتى ولو تهديدات لفظية، كان سيعرقل مفاوضات تشكيل الحكومة التي تم تشكيلها، خاصة أن قوى 14 آذار كانت تشترط للمشاركة فيها، توقف حزب الله عن المشاركة في الحرب الاهلية السورية، وبالتالي كانت احتفالات الحزب ستعرقل مفاوضات تشكيل الحكومة، فضلاً عن أنه لم يكن مؤاتياً للحزب أن يحتفل ويتشدق بالمقاومة ضد اسرائيل في توقيت تحارب فيه قواته في سوريا خارج التراب اللبناني".
حرب ممولة من إيران
حول تداعيات مشاركة حزب الله في الحرب الاهلية السورية على قدرات الجناح العسكري للحزب، قالت علام: "مبدئياً، مشاركة حزب الله في الحرب السورية الى جانب نظام بشار الاسد ممولة بالكامل من ايران، فالنظام الإيراني يوفر الاسلحة والمال، وحزب الله يشارك بمقاتلين وخبرته العسكرية، وبتدريب ميليشيات عراقية شيعية الى جانب علويين موجودين بالبلاد، منها ميليشيا اسمها "ابو الفضل العباس".
عواقب التدخل في سوريا
وصفت علام ما يفعله حزب الله في سوريا بأنه خطوة غير مأمولة العواقب على تاريخه العسكري، مرجعة ذلك الى أنه في سوريا يفتقد لأهم ميزة كان يمتلكها الحزب في جنوب لبنان، وهي ميزة أنه صاحب الارض التي يعرف كل تفاصيلها، ويستغلها في الخداع الاستراتيجي في قتاله للإسرائيليين ومقاومته لهم، مشيرة الى أن وضعه في سوريا مختلف لكونه قوة غازية ليست على دراية بالأرض التي تحارب عليها، ولا بالقرى والاحياء التي تدخلها قوات الحزب. وبالتالي فإن أي هزيمة له ستؤثر على رصيده العسكري.
الدكتورة رابحة علام اكدت ايضاً أن مشاركة حزب الله في الحرب السورية لم تتسبب في فقدانه لأسلحة أو حتى في نقصها، وعزت ذلك الى أمرين مهمين، اولهما، أن السلاح المستخدم في الحرب السورية يختلف تمامًا عن السلاح المستخدم في جنوب لبنان في مقاومة اسرائيل. وثانيهما، أن سوريا وايران هما اللتان توفران الاسلحة، وهي اسلحة يأتي جزء منها من روسيا الداعمة بقوة لنظام بشار الاسد.
خسارة معنوية
الخسارة التي تلحق بحزب الله من جراء مشاركته في الحرب الدائرة في سوريا هي، بحسب الدكتورة علام، خسارة معنوية جسيمة بل أنها اظهرت الوجه الحقيقي أو الوجه الآخر للحزب، وهو الوجه الطائفي، وتسببت في غضب شعبي من الحزب وقادته، وتكمن خطورة هذه الخسارة في أنها يمكن أن تفقد الحزب رصيده الشعبي كجناح مقاوم وحامٍ للبنان وسيادته في الجنوب، وهي الصفة التي اكسبت الحزب شعبيته وبررت امتلاكه لأسلحة الى جانب الجيش اللبناني النظامي.
لا ضربات استباقية من إسرائيل
استبعدت علام أن تقوم اسرائيل بتوجيه ضربة استباقية لحزب الله، وارجعت ذلك الى أن الفرصة غير سانحة لها لعمل ذلك، فالولايات المتحدة تفتح قناة للحوار مع ايران بشأن البرنامج النووي، وتفتح حوارًا وفعاليات مع روسيا واطراف أخرى حول سوريا، منها مؤتمر جنيف 2 على الرغم من تعثره حتى الآن. مشيرة الى أن توجيه اسرائيل ضربة لحزب الله يتطلب أن يكون العكس هو سيد الموقف.
قادر على امتصاص الضربة
توقعت الدكتورة رحاب علام بأن يكون هناك رد فعل قوي من جانب ايران في حالة اعتداء اسرائيل على حزب الله، مشيرة في الوقت عينه الى أن تجربة حرب 2006، اثبتت بالفعل أن الحزب قادر على امتصاص الضربة العسكرية الاولى من اسرائيل وقدرته على تحويل دفة الحرب لصالحه، وذلك بفضل الجناح العسكري للحزب ودعم ايران وسوريا له.
إيران تنصُر الأسد
وفى ذات السياق، قالت علام إن ايران وقفت الى جانب النظام السوري الحالي لكونها حليفة له، عندما ادركت أن جيشه النظامي بدأ ينهار ووصل دعمها الى حد قيامها بنقل قيادات من اركان الجيش الإيراني والحرس الثوري الى سوريا لإدارة المعارك على الارض وبناء جيش شعبي من السوريين الموالين لنظام الاسد وبتمويل إيراني كامل، وانقذت بذلك النظام السوري من السقوط والانهيار وجعلته في موقف أقوى، وظهر ذلك في مواقف النظام في مؤتمر جنيف 2.
واضافت: "اذا كانت ايران فعلت كل ذلك مع حليفتها سوريا، ولم تخف من الولايات المتحدة واسرائيل مع سوريا، فما بالنا بما يمكن أن تفعله اذا ما تعرض حزب الله اللبناني، الذي يمثل ذراعها المباشرة، لضربة عسكرية من اسرائيل، مشيرة الى أن وقوف ايران الى جانب الحزب ظهر للجميع واضحًا في حرب 2006.
مأزق نصرالله
يؤكد الدكتور هاني رسلان، مدير مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، لـ"إيلاف"، أن حزب الله بالفعل يعانى من مأزق صعب اقحم نفسه فيه بصراعاته مع اللبنانيين في الداخل ومعاركه مع خصوم النظام السوري على الأراضي السورية.
واستبعد تحرك اسرائيل عسكرياً لشن ضربة ضد حزب الله، الا اذا كان هناك توجه لتحويل الحرب الاهلية في سوريا الى حرب شاملة، وهو توجه تتحكم فيه دول بعينها مثل الولايات المتحدة واسرائيل وايران.
المواقف قد تتغيّر
واوضح رسلان: "توجيه ضربة اسرائيلية لحزب الله سيؤدي الى تغيير مواقف الفاعلين الاساسيين في الازمة، وهي سوريا وايران والعراق ودول أخرى، كما أن ضرب اسرائيل للحزب سيربك المعادلة الحالية وسيكون في غير مصلحة اسرائيل، خاصة أن ايران لن تقف مكتوفة الأيدي، لا سيما أن الحرب الاهلية دمرت مقدرات الدولة السورية بشكل كامل وأنهكت حزب الله اللبناني".
وتساءل رسلان: "اذن ما الدافع الذي يضطر اسرائيل لتوجيه ضربة استباقية للحزب؟"
وأكد أنّ حزب الله يتم استنزافه بالفعل في الحرب الاهلية السورية، كما يتم استنزاف عناصره ومعداته فيها، بشكل جعله غير قادر حتى على مجرد تهديد اسرائيل بالشعارات في ذكرى عماد مغنية، والذي يتهم حزب الله "الموساد" بتصفيته في دمشق.
إسرائيل حققت مصالحها
وقال: "ما يحدث يحقق مصالح اسرائيل، فكل خصومها يحاربون بعضهم البعض في سوريا، وهي تتفرج عليهم جميعاً وتلعب لعبتها الاستخباراتية في تأجيج الصراع واطالة أمده للخلاص من الجميع دون التدخل بشكل مباشر في الحرب الدائرة".
رسلان اوضح كذلك أن اسرائيل حريصة على عدم توجيه ضربة لحزب الله لإدراكها أن قيامها بذلك سيؤدي الى احياء خطاب المقاومة لدى الحزب، وبالتالي منح الحزب دافعًا وتفوقًا نفسيًا ومعنويًا حيال خصومه السياسيين في لبنان، لأن كل من سينتقده سيصنف على أنه ضد المقاومة والى جانب اسرائيل ضد حزب الله والدولة اللبنانية.
ثلاثة سيناريوهات تحدد مصير حزب الله
عن مستقبل الحزب في ضوء كل هذه المتغيرات، قال الدكتور عمار على حسن، استاذ علم الاجتماع السياسي، والمدير السابق لمركز دراسات وابحاث وكالة انباء الشرق الاوسط: "إن مستقبل حزب الله اللبناني يتأرجح بين ثلاثة سيناريوهات كلها غير محببة لقادته، وذلك على ضوء المتغيرات الاقليمية المحيطة بالحزب.
ويتمثل السيناريو الاول بحسب حديث عمار لـ"إيلاف" في نزع اسلحة الحزب باتفاق الفرقاء السياسيين في لبنان، ونزولًا على نص اتفاق الطائف بسحب سلاح جميع المليشيات اللبنانية، ورغبة من ساسة لبنان في أن تكون هناك سيادة كاملة للجيش اللبناني النظامي على كامل الأراضي اللبنانية.
ويتمثل السيناريو الثاني في انسحاب اسرائيل من مزارع شبعا، وبالتالي انتفاء مبرر وجود سلاح الحزب في الجنوب اللبناني واستغلال الولايات المتحدة واسرائيل لهذه الخطوة في توجيه ضربة للحزب في توقيت ينشغل فيه النظام السوري بالحرب مع التنظيمات الجهادية والتكفيرية في سوريا، فضلاً عن أن انسحاب اسرائيل من شبعا سيربك العلاقة بين الحزب وسوريا، خاصة أن هناك خلافاً بين لبنان وسوريا على تبعيّة شبعا.
واشار عمار الى أن ايران في حالة حدوث مواجهة بين حزب الله واسرائيل والولايات المتحدة ستتخذ موقفها من منظور استراتيجي، القائم على المكسب والخسارة الاستراتيجية من دعم حزب الله اللبناني من عدمه، موضحاً في هذا السياق أنه لا توجد دولة تضحي بنفسها من اجل تنظيم.
وقال: "لا استبعد أن يكون سلاح حزب الله في اللحظات الفارقة جزءًا من صفقة بين ايران والولايات المتحدة، تضمن للأولى بقاء نظامها السياسي الحالي مع دور إيراني اكبر في منطقة الشرق الاوسط، خاصة على مستوى الأمن بالمنطقة"، موضحًا أن ذلك هو السيناريو الثالث الذي ينتظر الحزب في الفترة المقبلة.
 
جمهور حزب الله يعد الحكومة «هزيمة» والاستياء ينسحب على سياسيين مؤيدين.. محللون يرون أن نصر الله رضي بتسليم «14 آذار» الوزارات الأمنية ليضعها في مواجهة الإرهاب

جريدة الشرق الاوسط... بيروت: كارولين عاكوم ونذير رضا ... تختصر ردود فعل مناصري «8 آذار» المنتقدة لحكومة «المصلحة الوطنية» والتي وصلت إلى حد وصفها بـ«الهزيمة»، حجم الاستنكار الواسع في صفوف «جمهور المقاومة». وهذا الاستياء لم يأت نتيجة جلوس حزب الله و«تيار المستقبل» على طاولة الحكومة فحسب، بل انسحب على اختيار شخصيات «استفزازية» تولت أبرز الوزارات. وكان كلام أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، الذي توجه إلى قاعدته لتبرير هذه المشاركة في كلمته أول من أمس، خير دليل على هذا الاستياء، بعدما كان فريقه رفع سقف شروطه ليعود ويقبل بثمانية وزراء ويفوز خصومه بأكثر من «الثلث المعطل».
وحاول نصر الله الإجابة عن هواجس جمهوره من أن يؤدي تولي مدير عام الأمن الداخلي السابق أشرف ريفي وزارة العدل إلى إطلاق سراح المتهمين بتفجيرات الضاحية، ومنهم عمر الأطرش ونعيم عباس، قائلا: «عندما يعترف الشخص فلا أحد يستطيع إطلاق سراحه أيا كان وزير العدل».
وأكد نصر الله أنه لا يشعر بأي «حرج» من مشاركته في الحكومة، مشيرا إلى أنه «لم يضع يوما فيتو على أحد، وكنا دائما نقول إننا نريد الحوار وحكومة وحدة وطنية»، علما أن «فيتو» حزب الله على تولي مدير عام الأمن الداخلي السابق أشرف ريفي وزارة الداخلية كاد يطيح في اللحظة الأخيرة، بحكومة تمام سلام، قبل أن تؤلف.
وبينما بررت بعض الأصوات لحزب الله هذا القرار، على ضوء التفجيرات التي تتعرض لها الضاحية الجنوبية في الفترة الأخيرة، كانت لافتة الأصوات المستنكرة التي رفعت من «داخل البيت»، من قبل شخصيات بارزة محسوبة على فريق «8 آذار». ومن هؤلاء، مدير عام الأمن العام السابق جميل السيد، أحد الضباط الأربعة الذين أوقفوا في قضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، ورئيس «تيار التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب.. فقد أعلن السيد قطع علاقته التشاورية بفريق «8 آذار»، اعتراضا على قبولهم بريفي وزيرا للعدل، بينما عد وهاب أن «أداء فريق (8 آذار) لم يقنعه وإدارة معركة الحكومة كانت سيئة من قبلهم». وقال في حديث تلفزيوني: «لست جزءا من قطيع وما يربطني بفريق (8 آذار) السياسة فقط. أتقاضى دعما ماليا بسيطا منهم وهذا لا يعني أن يسلبني حريتي».
وفي موازاة إشادته بـ«وفاء» فريق «14 آذار» لكوادره، انتقد وهاب اختيار فريق «8 آذار» لوزرائه.
وأجمعت انتقادات جمهور «8 آذار» على اعتبار وزير العدل أشرف ريفي، أبرز الوزراء «الاستفزازيين» بالنسبة إلى فريق حزب الله، انطلاقا من دوره الأساسي في التحقيقات بقضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري والتي أدت إلى اتهام خمسة عناصر من حزب الله، ومن ثم مواقفه الهجومية على حزب الله، على خلفية اشتباكات طرابلس في الفترة الأخيرة. إلا أن عضو كتلة حزب الله النيابية النائب الوليد سكرية يرى لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنازل حزب الله وحلفائه عن الصيغة الحكومية التي كان يتمسك بها (9+9+6) يأتي بهدف إطلاق عجلة الحياة السياسية والإنمائية في لبنان، وتحصينه ضد الفراغ السياسي الذي يؤدي إلى حالة من الفوضى»، مشددا على أن «حزب الله على قناعة بأن حماية الوطن من الفوضى، هو أحد أوجه حماية لبنان، وكان لا بد من تدوير الزوايا للوصول إلى تفاهمات، وهو ما بادر إليه الحزب وحليفه الأساس حركة أمل (التي يترأسها رئيس البرلمان نبيه بري)، وكان هناك تجاوب من قبل الأطراف السياسية اللبنانية الأخرى».
في مقابل ذلك، يرجع محللون تنازل حزب الله، إلى حاجته لحكومة لبنانية تغطي قتاله في سوريا ضد المعارضة، نظرا لاعتراض قوى «14 آذار» على انخراطه في القتال إلى جانب النظام السوري، بوصفه خرقا لـ«إعلان بعبدا» الذي ينص على الالتزام بتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية، وتحديدا أزمة سوريا. ولم يتمسك بهذا الشرط في قوى «14 آذار»، إلا حزب القوات اللبنانية الذي رفض المشاركة في حكومة يشارك فيها حزب الله، من غير انسحابه من سوريا.
ويرفض المحلل السياسي المقرب من «14 آذار» توفيق الهندي، القول إن حزب الله هو الخاسر الأكبر، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن الحزب «هو الرابح الأكبر لكونه أدخل قوى (14 آذار) في شراكة معه كان يحتاج إليها، وأخذ سلطة سياسية من الأطراف اللبنانية للقتال في سوريا»، مشيرا إلى أن الحزب «رضي بتسليم (14 آذار) كل الوزارات الأمنية، ليرمي إليهم مسؤولية محاربة التكفيريين، ويضع تيار المستقبل في مواجهة الإرهابيين، في حال فشل الوزراء بوضع حد لظاهرة التفجيرات».
وخلت حصة حزب الله في الحكومة من الوزارات الأمنية والخدماتية، إذ تولى الوزير حسين الحاج حسن حقيبة الصناعة، بينما تولى الوزير محمد فنيش حقيبة «وزير دولة لشؤون مجلس النواب»، وفي المقابل، تولت قوى «14 آذار» الوزارات الأمنية، إذ عين نهاد المشنوق وزيرا للداخلية، واللواء ريفي وزيرا للعدل، وبطرس حرب وزيرا للاتصالات.
 
تونس: حليفا «النهضة» نادمان بعد حل «الترويكا»... لكنهما فخوران بالمنجزات

 

الحياة...تونس - خولة العشي
انتهى عهد حكم حركة «النهضة» في تونس وانتهى بذلك التحالف الثلاثي الذي جمع الحركة بحزبي المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديموقراطي من أجل العمل والحريات في إطار ما سمّي «الترويكا الحاكمة». ولئن خرجت حركة النهضة مرفوعة الرأس لاعبةً دور الحزب الخاضع لأحكام الحوار الوطني، فقد خرج حليفاها من الباب الخلفي بيد فارغة.
توقع الخبراء ومنذ قيام التحالف الثلاثي فشلاً ذريعاً لهذه الترويكا الحاكمة، وعلّلوا هذا الحكم باختلال التوازن في هذا الائتلاف لجمعه أحزاباً من توجهات وأيديولوجيات مختلفة إلى حد التباين. خصوصاً أن الهدف من هذا التحالف تمثل أساساً في إجراء محاصصة حزبية يغنم كل طرف فيها ما يمكّنه من تحقيق أحلامه السياسية من خلال مناصب مختلفة. فكان لحركة النهضة النصيب الأوفر من هذه المحاصصة حيث غنمت رئاسة الحكومة صلاحيات شبه مطلقة ونال حزب المؤتمر منصب رئاسة الجمهورية بصلاحيات شرفية تكاد تكون منعدمة وبعض الحقائب الوزارية، في حين أسندت الى حزب التكتل رئاسة المجلس الوطني التأسيسي وبعض الوزارات أيضاً.
 «ترويكا مختلّة التوازن»
لأن التحالف بين الأحزاب الثلاثة بُني على محاصصة حزبية لا على مشاركة فعلية وتوافق حول البرامج والسياسات، وجد الائتلاف الثلاثي نفسه أياماً قليلة بعد إمساكه الحكم أمام وضعية معقدة. فكل طرف تحمل مسؤوليته في الحكم بمقدار ما جناه من المحاصصة الحزبية: حزب المؤتمر اكتفى بمنصب «صوري» لرئيس الجمهورية، فيما خيّر حزب التكتل العمل من خلال منصب رئاسة المجلس التأسيسي لتجني حركة النهضة ثمار احتكارها الحصة الأكبر من الحكم فتتحمّل بالتالي مسؤولية كل الفشل الذي عرفته فترة حكم الترويكا.
البداية كانت يوم أعلن حزب حركة النهضة إثر فوزه في الانتخابات الأخيرة في تونس بالأكثرية، عن قراره التحالف مع حزبي المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل من أجل العمل والحريات اللذين فازا في الانتخابات بنسب متقاربة وتكوين حكومة ثلاثية. هذه الخطوة التي انتقدها بشدة المحللون السياسيون في تونس وبقية الأطراف السياسية انتهت بتكوين فعلي لحكومة الترويكا التي منحتها الغالبية النيابية الثقة. الانتقادات طاولت خصوصاً حزبي المؤتمر والتكتل - أي حليفي حركة النهضة - بحجّة أن رغبتهما في تحقيق انتصارات سياسية جاءت على حساب تغليب مصلحة البلاد من خلال التحالف مع حزب إسلامي ومساعدته في الوصول إلى الحكم. هذا إضافة إلى خضوع الحزبين الحليفين إلى شروط حركة النهضة في خصوص الوزارات المسندة الى كل فريق وصلاحيات رئيس الجمهورية التي تكاد تكون منعدمة في مقابل أهمية الحقائب الوزارية التي أسندتها الى أعضائها ووضعها كل الصلاحيات المهمة بيد رئيس الحكومة النهضوي.
السيطرة المطلقة لحركة النهضة على القرار السياسي في تونس طيلة فترة حكم الترويكا أحدثت اختلالاً في التوازن داخل الترويكا الحاكمة. وإدارة حركة النهضة لكل الأزمات التي مرت بها البلاد وسط انتقاد لاذع من أحزاب المعارضة ظهر حليفاها في مظهر المغلوبين على أمرهما غير قادرين على اتخاذ أي قرار هام أو حتى توجيه اللوم والانتقاد الى سياسات حركة النهضة التي قادت البلاد في فترة ما إلى منعرج خطير. هذا التموقع السلبي لحليفي النهضة جعل منهما محل انتقاد من أحزاب المعارضة، حيث اتهم التونسيون حزبي المؤتمر والتكتل بتضخيم نفوذ حركة النهضة من خلال التحالف معها من أجل محاصصة حزبية لم ينالا منها سوى الفُتات، واعتبر البعض ان ما قام به الحزبان خيانة لناخبيهما وللبلاد. هذه الانتقادات تُرجمت بكمّ هائل من السخرية والشتائم لحقت برئيس الجمهورية الذي أطلق عليه معارضوه لقب «دمية» بيد حركة النهضة، ورئيس المجلس التأسـيسي مصـطفى بـن جعفر الذي كان منتقدوه يكيلون له الانتقادات بسبب مواقفه داخل البرلمان والتي اعتبروا أنها تصب في مصـلحة نـواب حركـة الـنهـضة وضد مـصلحة البلاد.
تواتر الأزمات السياسية والاقتصادية والاغتيالات السياسية في تونس أجبرت الترويكا الحاكمة على الانصياع إلى القرارات المنبثقة عن الحوار الوطني الذي قاده الاتحاد العام التونسي للشغل والتي تمثل أهمها في مغادرة الترويكا الحكم مع الإبقاء على رئيس الجمهورية ورئيس المجلس التأسيسي. وحفظاً لماء الوجه، كان على حركة النهضة أن تتحمل وحدها مسؤولية هذا الفشل، فاختارت الانسحاب وإفساح المجال امام الرباعي الراعي للحوار الوطني لتكوين حكومة كفاءات بقيادة المهدي جمعة من أجل استكمال ما تبقى من المرحلة الانتقالية والإعداد للانتخابات في ظروف امنية جيدة. هذا الانسحاب نجمت عنه أيضاً إقالة وزراء حليفي الحركة تحت وابل من الانتقادات وصلت إلى حد الشتم والتجريح بأشخاصهم من جانب ناشطين على المواقع الاجتماعية.
 انسحاب أم استراحة محارب؟
انسحبت حركة النهضة من الحكم في تونس بطريقة وصفت بـ «السلمية» على رغم إصرار قيادييها منذ تسلمهم الحكم على استحالة تخلّيهم عن «الشرعية» التي منحها لهم صندوق الانتخاب. هذه «السلمية» لها ما يبررها في ما يتعلق خصوصاً بانسداد الطرق أمام حركة النهضة، سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي والأمني. فتبرّؤ حركة النهضة من «المجموعات السلفية» في تونس منذ أحداث الاعتداء الذي نفذته هذه المجموعات على السفارة الأميركية واعتبارها ايّاهم «ارهابيين» يجب التخلص منهم، لم ينجح في إبرازها بمظهر الحركة الإسلامية المعتدلة، على الأقل بالنسبة الى ممثلي المعارضة الذين اتهموها بـ «النفاق» من أجل تلميع صورتها.
حركة النهضة اختارت الحل الأنسب داخلياً وخارجياً، ألا وهو الظهور بمظهر الحزب «المسالم»... وإثر اغتيال النائب محمد البراهمي وخروج الشعب التونسي للتظاهر ومنع حكومة الترويـكا من مواصلة قيادة البلاد، أعلن حزب حركة النهضة عن انصياعه واستعداده لتنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه في الحوار الوطني، بما في ذلك التنازل عن بعض البنود في الدستور التي قاتلت لمدة سنتين من أجل النص عليها.
النهضة انسحبت إذاً لأن مصلحتها تقتضي أولاً الانسحاب لأسباب مختلفة. السبب الأول لوجستي، فمعركتها مع أحزاب المعارضة وممثلي المجتمع المدني وجانب كبير من الشعب التونسي خاسرة منذ البداية، والمواجهة ستعمّق لدى غالبية التونسيين قناعتهم بأنها حزب غير ديموقراطي. السبب الثاني للانسحاب هو عمق الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد وبلوغها مرحلة خطيرة وعجز حكومة الترويكا عن مواجهتها. السبب الثالث هو التحضير للانتخابات المقبلة التي بدأ الإعداد لها بتشكيل هيئة الانتخابات. فالحركة الإسلامية خسرت جزءاً كبيراً من الناخبين الذين عادوا ووجدوا في أحزاب أخرى وعوداً أكثر إغراء وواقعية من «حماية الدين الإسلامي».
 حليفا «النهضة»: الخاسر الأكبر
لئن عرفت حركة النهضة بحنكتها كيف تخرج من الهزيمة ببعض الانتصارات الصغيرة، فإن حليفيها، أي حزب المؤتمر وحزب التكتل، دفعا ثمن كل أخطاء الترويكا. وقد خرجت حركة النهضة من الحكم من دون تسجيل أي انشقاقات أو استقالات، بل سجلت رغبة عدد من المستقلين في الانضمام إليها ومساندتها، في حين لم تتبق في حزبي التكتل والمؤتمر إلا قلة قليلة من مستشاري رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي قائد حزب المؤتمر، ومساندي رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر رئيس حزب التكتل.
حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي فاز بـ 29 مقعداً في انتخابات المجلس التأسيسي لم يتبقّ في كتلته النّيابية سوى 15 نائباً إثر موجة الاستقالات التي عرفها. فبخروج أهمّ قياديّيه كعبدالرؤوف العيادي ومحمد عبو والطاهر هميلة، فقد الحزب من أجل الجمهورية أهمّ ركائزه ليتحوّل مؤسّسوه الأُوَل إلى منافسين سياسيّين له عبر تكوينهم ثلاثة أحزاب استقطبت أهمّ كوادره وأنصاره.
حركة الإقلاع إلى المستقبل وحزب التيّار الديموقراطي وحركة وفاء هي حصيلة الأحزاب التي انبثقت عن حزب المؤتمر من أجل الجمهوريّة. وقد أكد قادة هذه الأحزاب أنّ السبب الرئيس الكامن وراء انشقاقهم هو الصدمة التي أصابتهم بسبب تخلّي رئيس حزب المؤتمر محمد المنصف المرزوقي عن مبادئ الحزب إثر تحالفه مع حركة النهضة وتعيينه رئيساً للجمهوريّة.
وبعد فوزه في الانتخابات بـ 21 مقعداً، فقد حزب التكتل من أجل العمل والحريات عدداً كبيراً من نوابه ليحافظ فقط على 12 نائباً في البرلمان. وشأنه في ذلك شأن حزب المؤتمر، عرف التكتل انشقاقات في صفوف قيادييه ومؤسسيه وانبثق عنه حزب جديد هو حزب «الخيار الثالث» الذي أسسه القيادي السابق في المؤتمر النائب صالح شعيب. كما عرف الحزب استقالات جماعية للشبان الذين ساهموا في إنجاح المسار الانتخابي للتكتل وتشتتهم عبر انتمائهم الى عدد من الأحزاب الأخرى.
عدا عن الانقسامات الداخلية، خسر حليفا حركة النهضة المساندة الشعبية التي تحولت إلى ندم واستياء وغضب شعبي عارم تُرجمت بمطالبة بعض التونسيين بإقالة المرزوقي وبن جعفر من منصبيهما، محمّلَين إياهما المسؤولية عن فشل الترويكا بمساعدتهما حركة النهضة الإسلامية في الاستحواذ على السلطة.
مصطفى بن جعفر رئيس حزب التكتل اعتبر في أكثر من مناسبة أن التحالف كلف حزبه الكثير. إلا أنه عاد ليؤكد أهمية هذا التحالف في المساهمة في تعديل المواقف المتشددة لحركة النهضة وفي الدفع من أجل الإسراع في إنهاء صوغ الدستور بصفته رئيساً للمجلس التأسيسي. وفي تصريح لـ «الحياة»، أكد الناطق الرسمي باسم حزب التكتل محمد بنّور أن «حزبه في صدد دراسة نتائج التحالف الذي أضعفه وكلفه تضحيات كبرى على رغم أنه ساهم من موقعه في الدفع بمشاورات الحوار الوطني نحو الانفراج». وأضاف بنور، أن حزب التكتل ربما يكون أخطأ في التحالف مع حركة النهضة، مؤكداً أن هذا التحالف لن يتكرر في الفترة المقبلة وأن الحزب سيعمل على الدخول في تحالفات انتخابية مع أحزاب تنتمي الى توجهه السياسي ذاته، أي يسارية معتدلة.
ووصف رئيس كتلة حزب المؤتمر في المجلس التأسيسي هيثم بن بلقاسم التحالف مع حركة النهضة بأنه كان تجربة لاستخلاص العبر. وأكد بن بلقاسم أن أهم عبرة هي ضرورة إقامة التحالفات في المستقبل على أساس برنامج اقتصادي واجتماعي مشترك يضمن تحديد مسؤوليات كل طرف، الأمر الذي لم يحدث في تحالف الترويكا، مما تسبب في أضرار كبيرة لحزب لمؤتمر. وأضاف ممثل حزب المؤتمر أن على رغم الأخطاء والخسارة الفادحة التي لحقت بالحزب، إلا أنه فخور بهذه التجربة، خصوصاً بعد نجاح تونس في تجاوز الأزمات. إلا أنه عاد ليؤكد صعوبة إمكانية تحالف حزبه مع حزب حركة لنهضة في المرحلة المقبلة.
 
ماذا لو كان صراع حضارات فعلاً ؟
النهار..حسين عبدالحسين – واشنطن
في الولايات المتحدة قارب التاريخ نهايته للمرة الثانية. المرة الاولى كانت في العام 1992 بعد انهيار القوة العسكرية السوفياتية والقوة الاقتصادية اليابانية. وقتذاك انفردت اميركا في صدارة العالم عسكريا واقتصاديا، وكتب فرنسيس فوكوياما وصحبه عن نهاية التاريخ بانتصار الليبرالية، وكتب غيره عن "اجماع واشنطن" كصيغة وحيدة لتقدم الدول.
لم يكد العالم يسدل الستار على القرن العشرين حتى اطلق الرئيس السابق بيل كلينتون، اثناء قسمه اليمين لولاية ثانية، عبارته الشهيرة "القرن الاميركي". ثم راح المفكرون الاميركيون يبحثون عن سرّ تقدمهم، واعتقدوا ان الديموقراطية المستوحاة من عصر التنوير كانت عاملا، وان الرأسمالية عامل آخر، على الاقل بعد الحاقها الهزيمة بالشيوعية. لكن الاميركيين لم يتنبهوا الى ان الرأسمالية تأتي في اشكال والوان مختلفة، وان تلك التي سادت اثناء اعلانهم تفوقهم كانت "نيوليبرالية" لم يكن مضى الكثير على قيامها.
تلك النيوليبرالية التي بدأت كتجربة صغيرة في العام 1975 ونجحت في قلب نيويورك من مدينة مفلسة الى مدينة تمتع خزينتها بفائض مالي في اقل من سنتين، تبنتها في ما بعد مارغريت تاتشر، وبعدها رونالد ريغان، فالغيا التشريعات المالية، وخصخصا المرافق العامة، وحفزا القطاع الخاص، فانقلب ركود اقتصاديهما نموا. ثم راحت اميركا وبريطانيا تعممان النيوليبرالية الرأسمالية على العالم، فانهارت الدول التي تبنتها الواحدة تلو الاخرى، من تركيا الى المكسيك وغيرها، الى ان وصل الانهيار المالي الى اميركا نفسها في أيلول 2008.
وفيما كانت اميركا تسير في اتجاه انهيارها الاقتصادي، كانت الصين تحقق نموا باهرا، وراحت تقدم نموذجها الاقتصادي مثالا، وهو ما اطلق عليه الصينيون اسم "رأسمالية الدولة". وترافق تراجع اميركا وصعود الصين مع تراجع الغرب الديموقراطي وصعود دول البريكس: البرازيل، وروسيا، والهند والصين وجنوب افريقيا.
انهيار "النيوليبرالية الرأسمالية" الغربية امام "رأسمالية الدولة" الصينية كان يعني ايضا تراجعا في النظام العالمي الذي أسسه الغرب ويرعاه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
كان ذلك هو العالم الذي تسلمه مَن يسمى بـ"زعيم العالم الحر" باراك أوباما في العام 2009.
وعلى الرغم من الحالة الشعبية التي خلقها أوباما في اميركا والعالم، والتي تمحورت حول شعاري "التغيير" و"نعم نقدر"، الا ان الرئيس الاميركي كان يبدو وكأنه استسلم لقدر الغرب المتدهور اقتصاديا ودوليا، فراح يحث الاميركيين على "العيش وفقا لمقدرتهم" وعمل على تقليص الدور الاميركي حول العالم من زعامة الى شراكة مع المجتمع الدولي، وحذّر سرا وعلنا من صعود الصين وتأخر بلاده فيما بدا وكأن اميركا ايقنت في حينه انها ستفقد صدارتها العالمية وسطوتها.
لكن ما حدث في السنوات الخمس الاخيرة، اي منذ انتخاب أوباما، اظهر ان النظم الاقتصادية وحدها لا تصنع القوى العظمى، وان المحرك الرئيسي لتفوق اميركا والغرب يكمن في الديموقراطية التي تمنح هذه الدول مقدرة هائلة على التكيّف، بطريقة داروينية، فتموت وتتلاشى الافكار التي لا افق لها، وتنتعش بسرعة الافكار الجديدة التي تمتلك المستقبل وترسمه، وانتخاب الشاب أوباما نفسه كان اكبر دليل على ان تفوق اميركا مرتبط بمقدرة على التغيير لا تكترث بتقاليد، ويمكن ان تطيح عائلة كلينتون، ذات النفوذ السياسي الشاسع، بطرفة عين، وان تتبنى مرشحا مغمورا من اصول افريقية، وكأن اميركا لم تعانِ يوما من مشكلة التمييز العنصري.
ومنذ انتخاب أوباما رئيسا، قدمت اميركا كثراً حكموا العالم بأفكارهم، من مارك زوكربرغ ومواقع التواصل الاجتماعي، الى عبقرية استخراج الوقود الصخري، فاختراعات ستيف جوبز وشركة آبل.
غياب امكانية التغيير بدوره هو الذي يبدو انه عطل صعود الصين، التي صار الاقتصاديون يجمعون على قرب تعثرها، فالصين صعدت لانها حولّت نفسها الى مصنع العالم الاستغلالي، ولكن هذه نافذة ذات مدة زمنية محدودة وتنغلق بمجرد ان تتحسن مداخيل الصينيين، فترتفع تكاليف اليد العاملة وتتراجع التنافسية، فضلا عن ان الصين تعاني من شيخوخة في السكان وتناقص في اجمالي عدد العاملين فيها.
امل الصين الوحيد كان مرتبطا بتحولها من دولة نامية الى اقتصاد متطور، وهذا يتطلب امورا كثيرة منها، على سبيل المثال، تقديم اختراعات، والاختراعات تتطلب فكرا حرا، وهذا لا يمكن ان يترعرع في جامعات لا يرتبط التقدم فيها بالجدارة، بل برضى الامين الفرعي للحزب الشيوعي الذي يقرر الترقيات ويراقب المنشورات.
ومع ان التجربة الصينية مازالت تتطور، الا انه صار واضحا ان "اجماع بيجينغ"، الذي اعتقد البعض انه استبدل "اجماع واشنطن"، قد بلغ حده، وانه لا يمكن للصين الاستمرار في التقدم من دون تقويض اسس النظام السياسي الاستبدادي القائم، وهذا ما لايبدو انه سيحصل في المستقبل القريب.
وكما الصين، كذلك روسيا وايران وغيرها من الدول. كلها تحاول تصوير الديموقراطية الغربية وكأنها فكرة هجينة في مجتمعاتها، وتصرّ على خصوصية مزعومة لانظمتها السياسية، الى حد ان ايران تحاول عزل نفسها عن شبكة الانترنت العالمية وخلق شبكة ايرانية بديلة بحتة، وهذا مثال واحد على كيفية قتل الافكار وعدم السماح بتلاقحها خوفا من التجديد ورغبة في عدم التغيير. لكن من لا يتغير، يموت، او هكذا قال داروين.
اما القول ان روسيا وايران والصين ترفض تبني الآداب المجتمعية للحقبة الفيكتورية، التي انتشرت في الغرب مع عصر التنوير والثورة الصناعية، فهو امر مفهوم، ويمكن الحفاظ على اي خصوصية مجتمعية مع تبنٍ كامل للديوقراطية بمجرد فهم دور الدولة والفصل بين الحيزين العام والخاص.
ولكن ان تتذرع الانظمة الديكتاتورية في هذه الدول بالخصوصية المجتمعية لابعاد الديموقراطية عن شعوبها، فهذا لن يؤدي الا الى استمرار تأخر هذه الدول وتفوق الغرب وانفراده بصدارة العالم.
اذا، بعيدا عن سوريا والعراق، وبعيدا عن بحر الصين واوكرانيا، وبعيدا عن مجلس الامن ومصادر الطاقة، هو في الاساس صراع فكري بين عصر التنوير وحريته وديموقراطيته وبين ومعارضيه بأفكارهم المختلفة والمتراوحة بين "رأسمالية الدولة"، و"جمهورية ولاية الفقيه"، و"المبايعة"، و"الديموقراطية التوافقية"، و"الديموقراطية الشعبية" على اشكالها. هو صراع بين شعوب تتسابق في ما بينها لتقديم الاختراعات حتى يحصد المخترعون ثروات طائلة، ومجتمعات تبيع ما في باطن الارض وتنفق على انفسها فتشق طريقا في الصحراء لاعتقادها ان المخلص سيأتي يوما ويسلك هذه الطريق التي لا تؤدي الى مكان.
اذا لم يكن هذا صراعا للحضارات، فماذا يكون؟
 
البحث عن ثورة 25 يناير
النهار...احمد طه – القاهرة... كاتب مصري
جاءت الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير حاملة يوماً عصيباً ثقيلاً، شهد سقوط عشرات القتلى والجرحى في شوارع مصر، وعكس مدى عمق الأزمة التي تمر بها الثورة، ويمر بها الوطن بأكمله والتي تمثّلت في استقطاب سياسي حاد تطور إلى انقسام اجتماعي خطير بات يهدد مستقبل الوطن.
اندلعت ثورة 25 يناير على يد مجموعات شبابية تعاني من السيولة الفكرية والتنظيمية، فجاءت الثورة خالية من القيادة الشخصية، والتنظيمية، والايديولوجية، وكانت هذه نقطة قوة لها في لحظة إندلاعها في مواجهة دولة أمنية عجزت عن الإمساك بالعقل المدبّر للثورة، إلا أنها انقلبت بعد ذلك إلى نقطة الضعف الكبرى في بنيتها ومسيرتها.
فبعد أن حقق الشباب إنجازهم ألقوا به على قارعة الطريق، بسبب تشرذمهم، ونزقهم الثوري، وتنازعهم، وإعتقاد البعض أن الثورة هي "الإحتجاج الدائم"، فكانت المُحصّلة أنهم تركوه غنيمة باردة تنازعتها القوى والوجوه القديمة البالية، التي تعاني من الإفلاس الفكري والسياسي - وأحياناً الأخلاقي -، والتي كانت طوال عهد المخلوع مبارك جزءاً من المشكلة، ولم تكن يوماً جزءاً من الحل، وأنّى لثورة أن تستكمل طريقها دون قيادة؟
فثورة 1919 كانت بزعامة سعد زغلول باشا، وأفرزت تنظيماً سياسياً كبيراً تمثّل في حزب "الوفد"، الذي استطاع أن يقود الجماهير المؤيدة للثورة في إطار تنظيمي يمثّلها.
وكذلك أفرزت ثورة 23 يوليو 1952 قيادة تمثّلت بالرئيس جمال عبدالناصر، و"مجلس قيادة الثورة" الذي مثّل تنظيم "الضباط الأحرار" الذي قام بالثورة.
إلا أن ثورة 25 يناير 2011 ظلّت تعاني من "الفراغ القيادي"، بسبب حالة التجريف الهائلة والقاسية التي تعرّضت لها التربة المصرية طوال الثلاثين عاماً الماضية، والتي اقتلعت الأشجار وأبقت على الحشائش،حيث كشفت الثورة عن مدى الإنهيار السياسي والإجتماعي الذي أصاب مصر خلال تلك الفترة، كما كشفت عن حجم التشوّهات النفسية والأخلاقية التي أصابت الكثيرين، فلم تترك تنظيماً سياسياً أو إجتماعياً واحداً بقدر معقول من العافية، بإستطاعته أن يملأ الفراغ ويقود المسيرة.
وكانت نتيجة هذا "الفراغ القيادي"، أن عُدنا إلى الثنائية البغيضة التي رسف فيها المجال السياسي المصري لنحو 60 عاماً (دولة يوليو 1952 – جماعة الإخوان المسلمين)، وبدا هذا واضحاً في جولة الإعادة في الإنتخابات الرئاسية في 2012.
وكانت المحصّلة أن ظلّت الثورة في الشارع، ولم تنجح في الوصول إلى مؤسسات الدولة المتهالكة، كما أن التعامل الخاطئ الذي انتهجته جماعة الإخوان المسلمين في عهد الرئيس المعزول مرسي زاد الأمر سوءاً، حيث حاولت الجماعة "تطويع" مؤسسات الدولة والسيطرة عليها من أعلى، أو إعادة طلاء البنية الفاسدة القديمة دون إعادة هيكلتها، مما منح الفرصة لتلك المؤسسات من أجل إعادة الإصطفاف والتكتل ضد أي محاولة لإصلاحها.
وها هي الثورة في ذكراها الثالثة تقف في منتصف الطريق شاحبة تائهة، وقد انحرف مسارها فأكلت بعض أبنائها، وبعضهم تخلّى عنها، وبعضهم قد انقضّ عليها، عبر مطالبته بعكس ما طالبت به الثورة في مشهد درامي عجيب.
فقد جاءت أهداف الثورة في شعارها الشهير "عيش – حرية – عدالة إجتماعية"، وإذا ما سرّح المرء الطرف، وقلّب النظر بحثاً عن أهدافها؟، لإرتدّ إليه الطرف كاسفاً وهو حسير.
فالأحوال الإقتصادية ازدادت سوءاً، ولم يطرأ على البنية الإقتصادية والإجتماعية أي تغيير يُذكر، ومساحات الحرية ضاقت وتقلّصت بشدة حتى عن عصر مبارك والعدالة الإجتماعية لا أثر لها.
تقف الثورة في ذكراها الثالثة وقد أحاطت بها أخطار عدة، فالوصاية العسكرية على المجال السياسي صارت مقررة بنصوص دستورية، والدولة الأمنية عادت بآلياتها وأدبياتها القديمة وبنزعة إنتقامية، وخصوم الثورة من تحالف الفساد والإستبداد القديم غارقون في حالة من الإنتشاء، إنطلاقاً من ظنهم أن 30 يونيو "شَطَب" 25 يناير بل وأعاد الأوضاع إلى ما قبل 25 يناير.
والأخطر هو أن الثورة باتت مهددة بالإرتداد والإنتكاسة إلى حكم الفرد و نظام الحزب الواحد، أو "حزب الدولة" الجديد، وما عرفته مصر من "تنظيم شمولي أوحد" في إعادة إنتاج - وبصورة مأسوية - لتلك التنظيمات التي جثمت على صدر مصر طوال 60 عاماً، والتي تغيرت أسماؤها من "هيئة التحرير" إلى "الإتحاد القومي" إلى "الإتحاد الإشتراكي" إلى "حزب مصر" إلى "الحزب الوطني" وهي التي احتكرت الثروة والسلطة وضمّت في صفوفها من جمعتهم المصالح وليس المبادئ.
فها هي جموع الإنتهازيين من الطبّالين والزمّارين - الذين أكلوا على كل الموائد وهتفوا بكل الشعارات في كل العصور- تقف متلمِّظة متلهِّفة في إنتظار ظهور "حزب الدولة" الجديد كي تسارع بالإنضمام إليه، للحفاظ على مكاسبها الإقتصادية والإجتماعية، وإعادة إنتاج بنية الفساد والإستبداد القديمة.
والأدهى أن إعادة إنتاج الماضي ستكون هذه المرة بنكهة "شمولية وفاشية"، تبدو واضحة للعيان من خلال الخطاب الإعلامي الزاعق والأحادي الإتجاه – والذي بلغ أوجه إبّان الإستفتاء الأخير على الدستور الجديد - الذي يجنح لتصنيف الناس وفقاً لثنائيات مغلقة لا وسط بينها من نوعية "وطني – خائن" "المواطنون الشرفاء - الطابور الخامس".
إن القوى الثورية مدعوّة الآن - أكثر من أي وقت مضى - إلى إعادة بناء تيار ثوري عبر التكتّل في تشكيلات تنظيمية سياسية وإجتماعية ذات قواعد شعبية، تحمل أهداف الثورة، وتحاول أن تستغل مساحات الحركة في المجال العام - والتي باتت بكل أسف محدودة – من أجل العمل على رتق الفتوق والشقوق السياسية والإجتماعية التي خلّفتها الأزمة الحالية في جسد الوطن، و كسر تلك الثنائية المغلقة التي رسف فيها المجال السياسي لنحو 60 عاماً، وباتت عقبة أمام إنطلاق الوطن نحو المستقبل.
ثورة 25 يناير في أمسّ الحاجة الآن إلى أبنائها المخلصين، الذين يقع عليهم عبء إنقاذها، وتصحيح مسارها، وتحقيق أهدافها أو بعبارة أدق.... اللحاق بما تبقى منها.
 
 
 
 
 

المصدر: مصادر مختلفة

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي...

 الثلاثاء 18 حزيران 2024 - 8:17 ص

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي... مجموعات الازمات الدولية..طهران/ الرياض/واشنطن/برو… تتمة »

عدد الزيارات: 162,256,889

عدد الزوار: 7,236,498

المتواجدون الآن: 150