أخبار وتقارير...26 قتيلاً في أوكرانيا وأوروبا تلوّح بعقوبات على كييف موسكو تندّد بـ"محاولة انقلاب" وترفض وساطة الغربيين...النظام الأوكراني يعلن «تدابير استثنائية» ضد المعارضة.. وأوروبا تلوح بعقوبات ....المفاوضات بين بغداد و «حكومة إقليم كردستان»: أقرب إلى التوصل إلى اتفاق عادل من أي وقت مضى... تفاؤل بتوحيد عروس المتوسط.....تبذير بوتين مرآة افتقاره إلى استراتيجية إنماء

“المصالحات” و”الهُدَن” في ريف دمشق دليل على ضعف النظام..«الأونروا» مصدومة من قصف مدرسة للفلسطينيين في سوريا...إذا لم تكن تفهم التزامنا تجاه إيران، فأنت لا تفهم «حزب الله»... إسرائيل وأمريكا ومنطقة الشرق الأوسط الهائجة (الجزء الثاني)...

تاريخ الإضافة الجمعة 21 شباط 2014 - 7:17 ص    عدد الزيارات 1904    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

تبذير بوتين مرآة افتقاره إلى استراتيجية إنماء
فلاديمير ميلوف *
الحياة... *أحد وجوه المعارضة الروسية منذ 2008، نائب وزير الطاقة سابقاً (2002)، رئيس منتدى معهد سياسة الــطاقة وحـــزب «الخيار الـــديــموقراطي». عن «لوموند» الفرنسية، 9-10/2/2014، إعداد منال نحاس
صممت الألعاب الأولمبية في سوتشي على شاكلة معرض يُشهِد العالم على قوة روسيا فلاديمير بوتين. لكن المراقبين يجمعون على توقع مصاعب كثيرة غداة اختتام الدورة الشتوية. ومصدر المصاعب الأول هو الاقتصاد المتردي والمتخبط، فالنمو بلغ 1.4 في المئة عام 2013، بينما الإنتاج الصناعي والصادرات والاستثمارات الثابتة تعاني نمواً سلبياً. وتبحث سياسة الحكومة عبثاً عن إجراءات تحول دون هرب الرساميل إلى الخارج، بينما ترجئ إلى أجل مجهول الإصلاحات البنيوية الضرورية. وتترتب على انعطاف سياسة بوتين الشعبوية زيادةٌ في النفقات الاجتماعية وتعاظمُ عجز الموازنات البلدية والمحلية. وهامش توسع التسليف إلى الأفراد ينكمش ويضيق يوماً بعد يوم، فيما يؤدي الركود الاقتصادي إلى أفق سياسي مظلم. وأحد استطلاعات الرأي يقيس على نحو درامي تردي شعبية السيد بوتين، وهي ركن نظام الحكم: واحد من ثلاثة لا يثق ببوتين، ومجموع الذين يمحضون الرئيس ثقتهم يكاد ألاّ يبلغ 50 في المئة من المستطلَعين إلا بعسر. وفي الانتخابات المحلية التي أجريت أخيراً، أخفق حزب بوتين في عدد من المدن الكبيرة وخسر مرشحوه مقاعد حسبوها مضمونة. ويرجَّح أن تشهد نوفوسيبيرسك، المدينة الروسية الثالثة في ميزان العدد، نتائج قريبة من السابقة في انتخابات 6 نيسان (أبريل) المقبلة. وفي موسكو، فاز العمدة المناصر لبوتين بمقعده مرة ثانية بفرق بلغ 30 ألف صوت فقط في انتخابات 2013. ويحاول بوتين تفادي الخسارة، فيناور ويغيّر قوانين الانتخابات وينشئ وكالات دعاية ويقر خطط تواصل جديدة. وإطلاق معتقلين سياسيين معروفين، مثل ميخائيل خودوركوفسكي جزء من المحاولة التي قد تمكِّن بوتين من ربح بعض الوقت، غير أن القضايا الحاسمة تبقى عالقة.
على سبيل المثل، أظهرت خطبته السنوية الأخيرة أمام البرلمان الروسي افتقاره الحاد إلى أفكار استراتيجية، ما يقود إلى سؤال عن نظرته إلى مستقبل روسيا، وعن وجود مثل هذه النظرة أصلاً. ولم يفت هزالُ التناول المراقبين، فالاستطلاع يدل على أن كثرة من المستطلَعين رأوا في الخطبة ركاماً من المقترحات الشعبوية والعشوائية المفتقرة الى عمود فقري متماسك، وهذا قرينة تستبق عثرات الانتخابات التشريعية والرئاسية. وفي الوقت الفاصل بين ألعاب سوتشي والانتخابات، لا بد أن يخبو بريق الألعاب سريعاً، وتتجدد أعراض المشكلات والأزمات التي تشكو روسيا منها ولا علاج لها في «صيدلية» الرئيس. فمهمته التاريخية، بعجرها وبجرها، اختُصرت في إنجاز استقرار روسيا بعد اضطرابات العقدين الأخيرين من القرن العشرين وتجاذباتهما. ولكن ما هي مهمته بعد هذا؟ فإلى اليوم، بعد عقد ونصف عقد من الحكم وحده، لم تتضح أفكاره في شأن تنمية البلد الاستراتيجية، ولا في شأن خطتها ومراحلها، وما ارتسمت خطوطه العريضة الاستراتيجية في ولاية ديمتري مدفيديف (2008-2012) امَّحى وتوارى منذ عودة بوتين إلى الرئاسة، وعادت معه سياسة توزيع الفوائض وتأميم الشركات الخاصة واضطهاد المثليين و «الجواسيس الأجانب» وترويج القيم «الروحية» التقليدية.
المشكلة هي في أنه مع اجتيازنا عتبة القرن الواحد والعشرين ودخولنا فناء عالم تسوده المنافسة، لا جدوى في هذا الصنف من المعالجات. فروسيا تحتاج الى فريق حاكم من طراز مختلف في مقدروه الاضطلاع بتحرير الطاقة الروسية والاعتماد على الابتكار والعمل والمنافسة الاقتصادية، وليس تبذير البلايين في انشاء «قرى بوتمكين» أو الواجهات الخادعة والمزوقة، على غرار الجسر الفاخر الذي يصل بر القارة بجزيرة روسكي -غير بعيد من فلاديفوستوك حيث عقدت القمة الاقتصادية الحكومية لمنظمة التعاون الاقتصادي بين آسيا والباسيفيك (آبيك)- والذي بلغت كلفته 731 مليون يورو. ليس هذا التبديد جزءاً من خطة التأهل للمنافسة، فهذا الجسر خارج عن الاستعمال لأن الجزيرة تفتقر إلى السكان والنشاط الاقتصادي معاً، والملعب الضخم الذي يستوعب 200 ألف متفرج وبُني لألعاب سوتشي، المدينة التي تعد 450 ألف مقيم ثابت، هو من صنف الجسر المعلّق.
وهذا، أي تبذير عوائد الغاز والنفط الوفيرة في إنجازات براقة وغير مجدية ولا تفارقها شبهة الفساد، أصبح من علامات عهد بوتين الفارقة، بديلاً من إنفاق هذه العوائد لتخفيف ثقل الضرائب عن كاهل الاقتصاد المنتج، أو من الاستثمار في تحسين الخدمة الصحية والتعليم والمواصلات. ولا ريب في أن ألعاب سوتشي استحقت ذيوع صيتها الذي وصمها بالفوز بالمحل الأول في سباق الفساد العالمي والتاريخي. وليست ألعاب سوتشي المحطة الأخيرة، فروسيا تستضيف في 2018 دورة كأس العالم في كرة القدم، والقمم الدولية مناسبات إهدار جديدة لا تفوَّت، بينما الاقتصاد الروسي يغرق في الركود.
وقد لا يعود الأمر على بوتين بالضرر والخسارة، فعلى شاكلة انتخابات 2012 الرئــاســية، لا يفــوتــه التــوسل بوسيلتين فاعــلتــين هــما استغلال مخاوف المجتمع الروسي من نتائج تغيير عميق وجذري، وتحريض المناطق والأطراف الروسية عــلـــى الإنتـــليجنـــسيا الموسكوفية وبرنامجها المتطرف في نظر المواطن الروسي العادي، والأمران ساعدا بوتين في البقاء في سدة الحكم، والحفاظ على مقاليده. وهو وصف تظاهرات 2011-2012 في موسكو بـ «انتفاضات موسكوفيين متخمين، لباسهم معاطف فرو». ولم يساهم أفراد، مثل مغنيات فرقة «بوسي رايوت»، في إضعافه، بل حَسِب روس متدينون ومحافظون كثر أن الثلاثي بوسي رايوت»)، ومعه حركة الاحتجاج في موسكو، يعاديان الكنيسة فوق ما يعاديان بوتين، ولم يكن لهذا التقدير أثر سياسي إيجابي. وأخطأ الوسط السياسي البوهيمي في موسكو الحساب حين عارض تجربة الحوكمة الفعلية بشعارات قاطعة وجذرية. فالروسي العادي يميل -محقاً على الأرجح- إلى محترفي الحوكمة، ويفضلهم على غلاة السياسيين.
هذه العوامل تضافرت على تثبيت رئيس الدولة في موقعه عام 2012، على رغم حركات الاحتجاج، وهي سارية التأثير إلى اليوم، وربما كرر التاريخ ذاته. فكثرة سياسيي المعارضة الموسكوفية المتطرفة يبدون عاجزين عن استخلاص أوضح دروس التجربة الماضية وأبسطها، ولم يبعث إطلاق خودوركوفسكي الأمل في النفوس. فالرجل الذي خرج من السجن وكان محط رجاء كثيرين في منافسة بوتين وتولي الحكم، خلّف انطباعاً مشوشاً. فهو لا يقترح رأياً استراتيجياً شخصياً في مستقبل روسيا، ويدلي بأفكار توفيقية تغلب عليها صبغة الدولة الإدارية التي تغلب على سياسة الرئيس وتجمع بينهما على حد سواء تقريباً، ما يدعو المراقب إلى التساؤل عن حقيقة الخلاف بين الرجلين ومواجهة واحدهما الآخر، في مطلع العقد الأول. وقد يغلب على الظن أن مدار الخلاف بين الفريقين كان على السلطة والمال أولاً.
إن سيناريو انتصار بوتين ليس السيناريو الوحيد، فقد تتسع التصدعات في صفوف النخب المحلية والمناطقية، وتؤدي إلى تقوية المعارضين في المناطق والمدن الكبيرة. وقد تتحد المعارضات قبل انتخابات الدوما في 2016، في ائتلاف وطني ينجح في كسر احتكار الحزب القائد، «روسيا المتحدة». وهذا سيناريو ضعيف الاحتمال، لكنه في ضوء اتساع الاحتجاجات غير مستحيل، وعلى بوتين في كل الأحوال التزام الحذر. فهو لن يهنَأ بعد ألعاب سوتشي بالهدوء والسكينة، والقرائن على الضجر من سوء إدارته وتدبيره، تتكاثر يوماً بعد يوم.
 
 ... وفي إيران ديبلوماسي
داود هرميداس *أستاذ جامعي، عن «مردم سالاري» الإيرانية، 17/2/2014، إعداد محمد صالح صدقيان
الحياة...
أعلن أكثر من 100 عضو في الكونغرس الأميركي في رسالة إلى الرئيس باراك أوباما دعم مساعيه الرامية إلى حل ديبلوماسي للملف النووي الإيراني، وحذروا من مغبة فرض عقوبات جديدة على إيران تؤثر في سير المفاوضات النووية. واستناداً إلى تلك الرسالة، ترتبط ديبلوماسية أي بلد بشؤونه الداخلية. ومرت إيران بظروف خاصة جراء العقوبات التي فرضتها الدول الغربية، لذلك تبرز الحاجة إلى السعي إلى الإفلات من طوق هذه العقوبات. وأعربت الدول الغربية عن رغبتها في حل هذا الملف لأسباب كثيرة، وهذه الظروف والعوامل مهدت لإجراء مفاوضات أفضت إلى اتفاق جنيف.
ويسود اعتقاد بأن الجانبين الإيراني والغربي سيبحثان كل القضايا العالقة خطوة خطوة، من دون أن نستبعد تطرق الدول الغربية إلى موضوعات تتعلق بحقوق الإنسان والإرهاب في المراحل النهائية للمفاوضات، على رغم أن البدايات تناقش القضايا الفنية والتكنولوجية النووية. وفي هذه الأثناء اختار الكونغرس الوقوف إلى جانب أوباما في خياره الديبلوماسي، عوض اللجوء إلى خيار المقاطعة. والأسماء التي وقّعت الرسالة الموجّهة إلى الرئيس الأميركي تجمع جمهوريين إلى ديموقراطيين، وهذا مؤشر إلى نجاح خياره في الضغط على الكونغرس لاختيار الديبلوماسية مع إيران بدلاً من الخيار العسكري.
ومن أجل التوصل إلى نتائج نهائية تخدم مصالح الطرفين، عليهما إعادة صوغ مواقفهما. فالإصرار على المواقف السابقة يؤدي إلى فشل المفاوضات. والحق أن الإصرار واجب على لعبة «ربح- ربح»، أو «خمسين- خمسين» كما يقول الأميركيون عن المناصفة في تـــقاسم الأرباح، من أجل استمرار المفاوضات. لكن إيران تفتقر سياسة استراتيجية موحدة في الوقت الراهن إزاء السياسة الخارجية لحكومة الرئيس حسن روحاني. ففـــي وقت يدعم الإصلاحيون السياسة الخارجية الحكومية، لا يتمنى بعض الأصوليين نجاح الــــحكومة في مساعيها التفاوضية. لـــكن الشخصيات الأساسية والبارزة في النظام تسعى إلى إرساء توازن سياسي بين التيارات المختلفة لـــدعم السياسة الخارجية لحكومة روحاني، لذلك، لا يملك الـــمعارضون للحكــــومة خياراً غير التراجع عن مواقفهم. فنجاح المفاوضات سيـــعزز لا محالة موقفهم الـــجديد، أما إذا فشلت فإن عدولهم عن النهج الجديد ورجــــوعـــهم إلى مواقــفهم السابقة سيشكلان خطراً جسيماً للبلد.
خلاصة القول إن الحاجة تمس إلى تجاوز الأخطاء التي وقعت بها إيران في عهد الحكومة السابقة، عبر دعم الحكومة الحالية وسياستها، خدمة للمصلحة الوطنية وليس للمصلحة الحزبية. فالبلد سينوء تحت قيد مزيد من العقوبات إذا فشلت المفاوضات، وسيتحمل ظروفاً أقسى من سابقتها وبالغة الشظف.
 
 تفاؤل بتوحيد عروس المتوسط
جيدا كاران *
* كاتبة، عن «طرف» التركية، 15/2/2014، إعداد يوسف الشريف
الحياة...
لم تشهد الجزيرة القبرصية جموداً في تاريخها من طينة ما أصابها في العقود الثلاثة الأخيرة. فالجزيرة صاحبة الموقع الاستراتيجي الخطير في شرق المتوسط الذي جعلها هدفاً للغزاة او الطامعين في المنطقة منذ مئات السنين، والتي قال قدماء اليونان انها مولد أفروديت آية الجمال ورمزه، بقيت مهملة و «ثابتة» على حال الانقسام بين الشمال التركي والجنوب اليوناني. وهذه الجزيرة التي يرى بعض المسؤولين الغربيين أنها حاملة طائرات في شرق المتوسط لم تحل نزاعاتها دون استقبال قواعد بريطانية وغربية، تشهد هذه الأيام حركة نشطة لإعادة توحيد شطريها. فهل هذا مدعاة تفاؤل أو تشاؤم لسان حاله ان الحركة الديبلوماسية لن تفضي الى شيء يذكر، وأنها تكرار باهت لمحاولات سابقة كثيرة باءت بالفشل؟
منذ 2004 حين أخفقت خطة الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، كوفي أنان، الرامية الى توحيد الجزيرة بعدما رفض الشطر اليوناني الحل في استفتاء شعبي، لم تشهد الجزيرة محاولات جدية لاستئناف مسيرة السلام برعاية الأمم المتحدة. ولكن يبدو ان الأمور بدأت تتغير في الأسابيع القليلة الماضية. وبعد مرور نحو 10 سنين على خطة أنان، بدأ الرئيس القبرصي، نيكوس اناستاسياديس، ورئيس الجمهورية القبرصية الشمالية التركية، درويش آر أوغلو، مفاوضات تبحث في حل أزمة الجزيرة المقسمة برعاية مفوضة الأمم المتحدة ووسيطتها، ليزا بوتنهاين، التي أعلنت في 11 شباط (فبراير) استئناف المفاوضات في المنطقة المحايدة قرب العاصمة نيقوسيا. ووفق هذا البيان، لم تتغير القضايا التي ستطرح للنقاش، وهي على حالها منذ 40 سنة، أي تقاسم السلطة والثروات، وعودة المهجرين وتبادل الأراضي وغيرها! والحل المطروح سبق ان طرحته الأمم المتحدة وهو يقضي بإنهاء الانقسام عبر اتحاد دولتي قبرص التركية وقبرص اليونانية وانضوائهما في حكم فيديرالي يكون فيه للقبارصة الأتراك حق الدولة المؤسسة والتي لها كل الحقوق على قدم المساواة مع الطرف اليوناني. حتى طريقة الحل في هذه المفاوضات هي ذاتها وكانت عرضت على استفتاء شعبي. لكن السؤال الأبرز هو ما الذي تغير اذاً وحمل على توقع نتيجة مختلفة لاقتراحات سابقة؟ هناك أولاً مسألة الغاز المكتشف وبروز الحاجة الى خطوط لتصديره، وهذا يقتضي تمهيد الطريق وتذليل العقبات والحواجز. ورجح كذلك احتمالات الحل عدد من العوامل، منها الأزمة المالية القاسية التي تعصف بقبرص، ورؤية أميركا الى الشرق الأوسط وشرق المتوسط التي تحض على مد جسور تعاون تركي – إسرائيلي – قبرصي؛ وتدهور الاحوال الاقتصادية وتبدد البحبوحة التي حملت القبارصة اليونانيين على رفض الحل عام 2004. وتواجه قبرص اليونانية ازمة مالية خانقة، شأن قبرص التركية التي تعاني من حصار اقتصادي أوروبي. والقائدان اللذان يعالجان الأزمة اليوم اكثر مرونة وميلاً الى الحل، فكلاهما من أحزاب يمين الوسط. وتؤيد الاحزاب اليسارية اناستاسياديس في مساعي الحل، وكان ساند خطة الحل الأممية في 2004 لذا، يسعى الى اقناع الأحزاب اليمينية بها.
ولا يستخف بأهمية موقف الكنيسة في قبرص من المفاوضات، فهي أعلنت انها لا تعترض على بيع الغاز الذي سيستخرج الى تركيا لتوصله الى أوروبا، وهذا يعني انها لا تعارض الحل، ويساهم في تليين المزاج العام واستمالته الى عملية السلام. من الجانب التركي، يحظى ار اوغلو اليميني هو الآخر بدعم أحزاب اليسار القبرصية - التركية ويدرك ان الحل اليوم يعني كسب ثروة كبيرة من الغاز قد تغيّر حياة القبارصة الأتراك الى الأبد، ناهيك عن استفادة تركيا اقتصادياً وسياسياً من مشاريع الغاز القبرصية التي يمكن ان تتوسع في حال أبرِمت المصالحة.
ويجب ألا نهمل التشجيع الأميركي على تعاون تركي- إسرائيلي - قبرصي في موضوع نقل الغاز وبيعه الى أوروبا من اجل تخفيف اعتمادها على الغاز الروسي. وفي ظل انشغال مصر وسورية ولبنان بشؤونها الداخلية، تتعاظم أهمية التعاون بين تركيا وإسرائيل وقبرص من اجل ارساء الحل وانطلاق المشروع.
 
المفاوضات بين بغداد و «حكومة إقليم كردستان»: أقرب إلى التوصل إلى اتفاق عادل من أي وقت مضى
مايكل نايتس
مايكل نايتس هو زميل ليفر في معهد واشنطن ومقره في بوسطن.
في 16 شباط/فبراير، تعقد الحكومة العراقية المركزية و«حكومة إقليم كردستان» جولة أخرى من المفاوضات حول صادرات النفط ومشاركة العائدات، وهو الاجتماع الخامس من نوعه منذ 25 كانون الأول/ ديسمبر. ومع تأخر الموافقة على الميزانية العراقية لعام 2014 بسبب المحادثات، فلدى جميع الأطراف مصلحة قوية في التوصل إلى اتفاق. ولحسن الحظ أن لمثل هذا الاتفاق فرصة أفضل للنجاح حالياً من أي وقت مضى.
ليس فقط حول النفط
عند مناقشة عقود النفط وتقاسم العائدات، غالباً ما يبدأ الأكراد العراقيون بذكر أن النزاع مع بغداد "لا يقتصر فقط على المال". لقد عانى الأكراد على مدار عقود من الاضطهاد الوحشي على يد الحكومة العراقية التي تجاوزت المعايير القاسية من القمع الداخلي في الشرق الأوسط. فمنذ ستينيات القرن الماضي وحتى سقوط نظام صدام حسين، تعرضت العديد من المناطق الكردية للدمار الشامل بما في ذلك جميع قراها، حيث تم هدم كل مبنى وتهجير أو قتل جميع الناس والماشية من المناطق الريفية.
وقد خففت من هذه الصدمة العميقة عملية اللامركزية الإدارية والمالية الهامة التي تم تضمينها في الدستور العراقي عام 2005، الذي نص على مشاركة العائدات القومية على أساس توزيع السكان ومستوى الضرر الذي لحق بالأجزاء المختلفة من البلاد على حد سواء. واعتماداً على تفسيرهم للدستور، ادعى القادة الأكراد في أربيل منذ ذلك الحين حقهم في إدارة حقوق النفط في «حكومة إقليم كردستان» في شمال العراق وبيع النفط من خلال "مؤسسة تسويق النفط الكردستاني" الوليدة. كما سعوا إلى الاحتفاظ بالعائدات المتأتية من تلك المبيعات في حسابات يسيطرون عليها لضمان حصول المقاولين الدوليين على مستحقاتهم، وذلك منذ أن وقعت «حكومة إقليم كردستان» على ما يزيد عن خمسين عقداً لتقاسم الانتاج التي لا تؤيدها بغداد.
العرض الأخير الذي قدمته بغداد
في أواخر العام الماضي، وفي تتويج لسنوات من التطوير المستقل لقطاع النفط، هددت «حكومة إقليم كردستان» بتصدير كميات كبيرة من النفط عبر تركيا دون مشاركة بغداد. وقد أصبح التهديد أكثر مصداقية عندما وقعت أربيل اتفاقاً خاصاً مع أنقرة في تشرين الثاني/نوفمبر يسمح للشركات المدعومة من قبل تركيا بالانخراط في قطاع النفط الكردي، وعندما دخل خط أنابيب تم إنشاؤه سريعاً حيز التشغيل جزئياً في كانون الأول/ديسمبر وذلك بين حقول النفط التابعة لـ «حكومة إقليم كردستان» وموانئ التصدير التركية في جيهان. إن هذه العوامل - إلى جانب التشجيع الذي دعمته الولايات المتحدة وإيران من أجل المصالحة بين بغداد و «حكومة إقليم كردستان» قبل الانتخابات المقرر إجراؤها في العراق في 30 نيسان/أبريل - قد دفعت حكومة المالكي إلى اقتراح آلية جديدة لتصدير نفط «حكومة إقليم كردستان» وتحويله إلى عملة نقدية. وتشمل النقاط الهامة:
·     التسويق. سوف تتولى "مؤسسة تسويق النفط العراقية" و "مؤسسة تسويق النفط الكردستاني" التسويق المشترك للنفط الخام الخاص بـ «حكومة إقليم كردستان»، على أن توافق لجنة عليا مشتركة على التفاصيل التي تشمل السعر والمستخدمين النهائيين. ورغم أن هذا سوف يوجه صفعة لطموحات أربيل في التسويق المستقل، إلا أنه سينطوي على تكاليف قليلة بشكل ملحوظ للأكراد.
·     إدارة العائدات. ستتم معالجة عائدات تسويق النفط الخام باستخدام أساليب محاسبة تقليدية معمول بها في "البنك الاحتياطي الفيدرالي" في نيويورك. وسوف تدخل عائدات النفط الخام الخاص بـ «حكومة إقليم كردستان» إلى "حساب استلام عائدات النفط"، مع تحويل 5 في المائة إلى الكويت عبر "لجنة التعويضات للأمم المتحدة" كما هو مطلوب بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1511. ثم تقوم بغداد بعد ذلك بتحويل الأموال المتبقية من عائدات «حكومة إقليم كردستان» كل شهر إلى سيطرة أربيل من خلال حساب فرعي تابع لحساب "البنك المركزي العراقي" في "البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك"، على أساس أن بغداد سوف تقتطع هذا المبلغ من تحويلاتها الشهرية الروتينية إلى «حكومة إقليم كردستان» (انظر أدناه). وهذا العرض يقطع شوطاً في طريق الوفاء بمطلب أربيل في الرقابة على الإيرادات النفطية المتأتية من «حكومة إقليم كردستان»، على الرغم من أن العملية لا تكون كلها تحت سيطرة «حكومة إقليم كردستان».
·     تقاسم العائدات. تأتي الميزة الجديدة لأربيل في شكل تقاسم عائدات محسنة. فبغداد تقترح تخفيض النفقات الاستراتيجية باستبعاد 15 مليار دولار من تكاليف النفط الاتحادية المتكبدة في حقول النفط الجنوبية، مما يعمل على زيادة قيمة "حصة" «حكومة إقليم كردستان» البالغة 17 في المائة من الإيرادات القومية الشهرية بزيادة قدرها 2.5 مليار دولار هذا العام.
·     مراجعة الميزانية. يتطلب مشروع الميزانية حالياً أن تنتج «حكومة إقليم كردستان» 400,000 برميل من النفط يومياً لصالح الحكومة الاتحادية وإلا سيتم الخصم من تحويلاتها الشهرية. وسوف يتم إلغاء هذا الشرط إذا قبل الأكراد بالصفقة الموضحة أعلاه.
 التداعيات على سياسة الولايات المتحدة
تستحق واشنطن الثناء الكبير على جهودها المستمرة في الضغط على بغداد للتوصل إلى حل وسط. وقد ساعد الانخراط الأمريكي النشط على الإبقاء على المفاوضات الحالية في مسارها، حيث تستفيد واشنطن بذكاء من نفوذها كموفر للمخابرات والأسلحة والدعم الدبلوماسي في القتال ضد تنظيم «القاعدة». ينبغي على المسؤولين الأمريكيين مواصلة الضغط للوصول بالاتفاق الحالي إلى بر الأمان.
إن الضغط المستمر رفيع المستوى يمثل أهمية حيوية نظراً لعدم ضمان التوصل إلى اتفاق على المدى القصير. وقد يمنح المقترح الأخير «حكومة إقليم كردستان» مليارات الدولارات الإضافية ووسيلة لطمأنة شركائها الدوليين من شركات النفط، ولكن سيتوجب أيضاً على القيادات الكردية أن تشرح لدوائرها الانتخابية لماذا تتخذ على ما يبدو خطوة إلى الوراء من [استراتيجيتها المتمثلة] بتسويق النفط بالتعاون مع تركيا - حيث يمثل ذلك رمزاً مهماً لرغبة كردستان العراق في التوصل إلى استقلال اقتصادي. وفي مثل هذه المرحلة من المفاوضات، يواصل أصحاب المصلحة الرئيسيون من الأتراك والأكراد الجدال ضد عرض بغداد، إما لأسباب اقتصادية ضيقة الأفق أو لأنهم يعتقدون أن بإمكان «حكومة إقليم كردستان» أن تحصل على صفقة أفضل خلال مفاوضات تشكيل الحكومة بعد انتخابات نيسان/أبريل.
وفي غضون ذلك، قد تتبدد المرونة الحالية التي تبديها الحكومة المركزية إذا حجبت «حكومة إقليم كردستان» موافقتها لفترة طويلة جداً. ولا يوجد أي جدل قانوني بشأن الاتفاقات بين بغداد و«حكومة إقليم كردستان» أو القوانين العراقية التي يمكنها أن تثبت أمام المفاوضات في حال فشل التوصل إلى اتفاق سياسي: ففي الواقع، أن الاتفاق المثالي الذي يسعى إليه الأكراد لا يمكن تحقيقه، لذا ينبغي عليهم ألا يتركوا الحل الأمثل ليصبح عدواً للحل الجيد. ولا توجد أي نقائص حقيقية إذا ما قبلوا بالاقتراح الحالي باعتباره اتفقاً مرحلياً ومتابعة تنفيذه. وهذا من شأنه أن يضمن المخصصات الشهرية لـ «حكومة إقليم كردستان» في إطار ميزانية عام 2014 ويتفادى أزمة مالية كبرى في المنطقة الكردية. كما سوف تتاح أمام أربيل فرص مستقبلية لإعادة التفاوض على الاتفاق إذا رأت أنها في موضع أفضل في مرحلة لاحقة - سواء أثناء تشكيل الحكومة بعد انتخابات نيسان/أبريل، أو خلال مفاوضات الميزانية لعام 2015، أو النقاش في النهاية على قانون دائم لتقاسم الإيرادات.
يجب على الولايات المتحدة أن تواصل طمأنة الأكراد بأن القبول بهذا الاتفاق المرحلي لا يعني التنازل في مسائل أخرى طويلة الأجل مثل المناطق المتنازع عليها أو التشريعات الخاصة بتقاسم الإيرادات - وهما مبادرتان يمكن لواشنطن أن تقدم فيهما الدعم النشط لمساعي التوصل إلى اتفاق عادل. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الحكومة الأمريكية أن تضمن بوضوح أنها سوف ترد بقوة إن حاولت بغداد التدخل في تحويلاتها المالية التلقائية إلى «حكومة إقليم كردستان». إن شطب "الحزب الديمقراطي الكردستاني" و "الاتحاد الوطني الكردستاني" من الفئة الثالثة للجماعات الإرهابية سيكون وسيلة أخرى جاءت في الموعد المناسب للتأكيد على وفاء واشنطن باعتبارها صديقاً قديماً وحليفاً حقيقياً.
وبشكل أوسع نطاقاً، إن النجاح في المفاوضات الحالية بين بغداد و«حكومة إقليم كردستان» يمكن أن يحسن المشهد العراقي في نواح كثيرة. فسوف يسمح بالموافقة على الميزانية العراقية كما سيمثل خطوة أولى نحو ضخ ما يصل إلى مليون برميل في اليوم من نفط «حكومة إقليم كردستان» إلى الأسواق. كما أنه قد ينزع فتيل التوترات في الفترة التي تسبق الانتخابات المقررة في نيسان/أبريل والأشهر التي سيستغرقها تشكيل الحكومة في أعقاب ذلك. كما أن تحسن الأوضاع في العراق يمكن بدوره أن تكون له تداعيات جيوسياسية بعيدة الأثر: ويشمل ذلك توحيد جهود العراق بشكل أكبر ضد المنظمات التي تدور في فلك تنظيم «القاعدة» واتخاذ خطوة مرحلية نحو التقارب بين بغداد و«حكومة إقليم كردستان» وتركيا، التي من شأنها أن تلطف التوجهات السلبية عموماَ والتي يمكن ملاحظتها في جميع أنحاء المنطقة. وهذا التحول نحو الأفضل تحت قيادة الولايات المتحدة سوف يلقى تقديراً وترحيباً واسع النطاق.
 
 إسرائيل وأمريكا ومنطقة الشرق الأوسط الهائجة (الجزء الثاني)
دينيس روس
أعد هذا الملخص المقرر هاري ريس.
"في 4 شباط/فبراير 2014، تحدث السفير دينيس روس في منتدى سياسي في معهد واشنطن في أعقاب مشاركته في المؤتمر السنوي لـ "معهد دراسات الأمن القومي" في تل أبيب. وانضم إليه في هذا النقاش المدير التنفيذي لمعهد واشنطن روبرت ساتلوف ومستشار الأمن القومي الأمريكي السابق ستيفن هادلي. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظات السيد روس؛ وكانت ملاحظات السيدان ساتلوف وهادلي قد نشرتا في المرصد السياسي 2204 و المرصد السياسي 2206 على التوالي."
 هل يمكن أن تنجح المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية؟
 هناك أسباب عديدة للاعتقاد بأن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يستطيع تحقيق تقدم نحو السلام. أولاً، في الوقت الذي يركز فيه الإسرائيليون على القضية الفلسطينية، لا يوجد ثمة جهات أخرى في المنطقة تبدي الكثير من الاهتمام. وهذا يخلق مساحة مناورة سياسية لكلا الجانبين. ثانياً، تخلصت مصر من حكم «الإخوان المسلمين»، الأمر الذي جعل «حماس» في موقف ضعيف للغاية وعزز من قدرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس على اتخاذ قرارات بشأن السلام. ثالثاً، يوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل لن تصبح دولة ثنائية القومية - مشيراً إلى أن بلاده تتعرض لخطر فقدان هويتها اليهودية إذا لم تفعل شيئاً. رابعاً، يتصرف الوزير كيري بقدر كبير من الحماس ويعمل مع كلا الجانبين بطريقة جعلتهم يترددون في الرفض. وهذا لا يعني أن هناك اتفاقاً وشيكاً، لكنه يزيد من احتمالية تحقيق شيء ما على أرض الواقع.
 دور اتفاق الإطار الأمريكي
 يتوقع الإسرائيليون والفلسطينيون تقديم وثيقة أمريكية في مرحلة ما تضع إطاراً للمفاوضات. وقد سعى الوزير كيري في البداية إلى الانخراط مع الطرفين للتعرف على ما يمكن أن يكون مقبولاً، حتى وإن كانت لديهما بعض التحفظات. ثم سيقدّم لاحقاً أساساً أو مجموعة من المبادئ التوجيهية لاجراء محادثات بشأن قضايا الوضع الدائم. وسوف يتم وضع هذه المبادئ التوجيهية بهدف تقليص الفجوات بين الجانبين بشأن الحدود والأمن واللاجئين والقدس، على نحو يوفر توجيهات حول الطريقة التي قد يمكن من خلالها تسوية تلك القضايا الجوهرية.
 إن أحد التحديات الرئيسية التي يجب التعامل معه هو التشكك العام القائم لدى كلا الجانبين. إذ تتجلى تناقضات في الوقت الحالي: فالغالبية في كلا الجانبين تدعم حل الدولتين (على الرغم من أن الدعم الفلسطيني قد أخذ في التراجع على ما يبدو)، حتى في الوقت الذي لا تؤمن فيه الأغلبية الساحقة بإمكانية تحقيقه. وبعبارة أخرى، إذا لا يقترن اتفاق الإطار بحدوث تغيرات عملية كبرى على أرض الواقع من قبل كلا الجانبين، فمن غير المرجح أن يكون الأمر مقنعاً كما ينبغي.
 فوائد النجاح
 من الناحية التاريخية، يرى الكثيرون أن السلام الإسرائيلي الفلسطيني هو العامل الرئيسي لحل مشاكل المنطقة الأوسع نطاقاً. ورغم أن تلك الفكرة لم تكن صحيحة على الإطلاق، إلا أنه ينبغي أن يكون من الواضح اليوم أن التوصل إلى اتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين لن يكون له أي تأثير على الحرب الأهلية البشعة في سوريا أو الصراع في مصر أو رغبة إيران في مواصلة برنامجها النووي.
 ومع ذلك، سيكون السلام - أو حتى التقدم الملموس - بين إسرائيل والفلسطينيين مهماً في حد ذاته ويستطيع القضاء على أي إحساس دائم بالظلم الذي يتردد صداه في جميع أنحاء المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، هناك قيمة في إظهار أن أي صراع صعب كالصراع الحالي يمكن حله أو التخفيف من حدته. وبالنسبة لواشنطن، هناك حاجة مُهمة بشكل متزايد إلى إظهار الفعالية في وقت يتشكك فيه كثيرون في المنطقة من القوة الأمريكية ويقنعون أنفسهم بأن الولايات المتحدة تنسحب من الشرق الأوسط.
 مخاوف إقليمية من تراجع الولايات المتحدة
 تبنى المراقبون بشكل متزايد في جميع أنحاء المنطقة، وخاصة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، فكرة مشتركة بشأن انسحاب الولايات المتحدة. فيُعتقد على نطاق واسع بأن أعداء أمريكا يعملون بنشاط على تغيير ميزان القوى ضد أصدقاء أمريكا - وضد مصالح أمريكا - في حين لا تفعل واشنطن شيئاً يذكر حيال ذلك. ويستشهد مؤيدو وجهة النظر هذه بإيران وسوريا ومصر كأمثلة على تردد الولايات المتحدة في اتخاذ إجراءات في مواجهة التحديات أو الاعتراف بوجود صراع وجودي يواجهه بعض الأصدقاء.
 إن عجز واشنطن عن اتخاذ إجراء عند انتهاك خطها الأحمر بشأن الأسلحة الكيميائية السورية قد أثّر، أكثر من أي شيء آخر، على التصورات الإقليمية تجاه إدارة أوباما وعزز قيام أزمة ثقة واضحة. إن حجة الإدارة الأمريكية - بأن مبادرتها الدبلوماسية حققت أهداف خطها الأحمر، والتي كانت دائماً منع استخدام الأسلحة الكيميائية - لا تلقى آذاناً صاغية. وبدلاً من ذلك، يُنظر إلى الإدارة بأنها قد فشلت بمتابعة التزاماتها، الأمر الذي يثير تساؤلات حول استعدادها لاستخدام القوة الأمريكية لدعم أصدقائها.
والموضوع الآخر الذي طفا على السطح هو سعي الإدارة الأمريكية إلى التوصل إلى اتفاق شامل مع إيران. ويرى السعوديون أن اتفاقاً كهذا يأتي على حسابهم، في حين يراه الكثير من الإسرائيليين بأنه مسترشداً برغبة في تجنب الصراع بأي ثمن. وتعتبر جميع هذه الجوانب جزءاً من تراجع الولايات المتحدة الشامل من الشرق الأوسط.
 إن الإدارة الأمريكية ليست غير مبالية لهذا الاتجاه، حيث يقوم المسؤولون الأمريكيون بمعالجته. فقد أصر الوزير كيري في "المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس" و "مؤتمر الأمن في ميونيخ"، على أن الولايات المتحدة لا تنسحب من المنطقة، بإشارته إلى الدبلوماسية الأمريكية النشطة فيها. كما عرض وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل وجهات نظر مماثلة في ميونيخ، بإشارته إلى وجود 40,000 جندي أمريكي في المنطقة والتزام الولايات المتحدة المستمر بتعزيز بنية أمنية إقليمية موجهة نحو حماية البنية التحتية الحيوية، والدفاع البحري والصاروخي، والإنذار المبكر. ومن جانبه، يخطط الرئيس أوباما للقيام برحلة إلى المملكة العربية السعودية، بإدراكه دون شك إلى الحاجة إلى تقديم تطمينات حول التزامات الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة.
 وفي حين أن هذه الخطوات ذات فائدة، إلا أن هناك حاجة إلى اتخاذ تدابير إضافية في ضوء الشكوك العميقة التي يتم الإعراب عنها عبر أنحاء المنطقة. وفي سبيل تغيير هذه التصورات، ينبغي على الولايات المتحدة القيام بما يلي:
 1. إجراء حوارات استراتيجية منهجية مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل. في الوقت الذي تجري فيه واشنطن بالفعل مشاورات منتظمة مع هؤلاء الحلفاء، تركز معظم المحادثات على قضايا محددة - فهي لا تضم مسؤولين كبار يجتمعون من أجل مناقشة مجموعة واسعة من التحديات الإقليمية وكيفية ترابطها مع بعضها البعض أو عدم ترابطها. ينبغي على واشنطن أن تخبر حلفاءها الإقليميين بأنها تشارك أهدافهم وهي: أنها لا تريد أن تكون مصر دولة فاشلة؛ ولا ترغب أن يخرج بشار الأسد أو "فيلق القدس" الإيراني منتصران في سوريا، أو أن تُرسخ «القاعدة» نفسها هناك؛ كما لا تريد أن تكون إيران دولة تمتلك أسلحة نووية. وفي مناقشاتها المركزة مع هؤلاء الحلفاء، تستطيع الإدارة الأمريكية أن تستكشف طريقة تعظيم جوانب الاتفاق بشكل ملموس، وتقلّل من مجالات الاختلاف، وتُجسّد إجراءات متضافرة وفقاً لذلك.
 2. إظهار استعداد أمريكا للتنافس. يعتقد كثيرون في المنطقة أن واشنطن تميل جداً إلى تجنب [الإنخراط في أي] صراع إلى درجة أنها ليست على استعداد للتنافس مع إيران أو روسيا. ولا تشارك الادارة الأمريكية هذا التصور، بل تعتبر نفسها تتنافس بالفعل. لذا يجب عليها أن تقنع حلفاءها بأن النظرة الإقليمية غير صحيحة - ليس من خلال الكلمات، بل الإجراءات. وسوف يكون ذلك ذو أهمية خاصة خلال زيارة الرئيس أوباما إلى السعودية.
 3. العمل مع السعوديين لتنسيق استراتيجية بشأن مصر. تشاطر واشنطن والرياض الهدف المشترك الذي لا يتمثل فقط في منع مصر من الانهيار، بل في رؤية البلاد مستقرة اقتصادياً أيضاً. ولا ترغب الرياض في أن تكون خزانة القاهرة إلى الأبد، وسوف يتم تقديم مصالحها على نحو أفضل إذا تعافت صناعة السياحة في مصر وعاود الاستثمار الأجنبي إلى الظهور مرة أخرى. وفي المرحلة القادمة، بإمكان واشنطن أن تؤكد بأنها لا تقطع المساعدات عن مصر وستواصل تقديم الدعم لها في مجال مكافحة الإرهاب التي تشتد الحاجة إليه. يتعين على الإدارة الأمريكية أن توضح أيضاً أنه لو واصل السعوديون تقديم الدعم الاقتصادي الهائل إلى القاهرة، فينبغي عليهم القيام بذلك بطريقة تدعم المصريين في اتخاذ القرارات الداخلية التي عليهم اتخاذها. وحالياً، لا تتخذ مصر قرارات تتعلق باقتصادها وبالتالي لا تمضي قدماً في أي وجه من الوجوه.
 4. إظهار أن نظام العقوبات لا يزال دون أي تأثر. ينتاب الإسرائيليون القلق من أن الاتفاق المرحلي مع إيران سوف يفضي إلى تبوّؤ توجهات السوق وانهيار العقوبات تحت وطأتها. وإذا حدث ذلك، فسوف تنتصر طهران تلقائياً. ومن بين طرق منع هذا السيناريو - مع البقاء ضمن حدود خطة العمل المشتركة مع إيران - هو إصدار المزيد من التصنيفات لإبراز عدم تأثر نظام العقوبات.
 ورغم توجه وفود من رجال الأعمال إلى إيران مؤخراً، إلا أنه لم يتم إبرام أي اتفاقات كبرى. سيتعين على واشنطن التركيز على أمرين: ما إذا كان قد تم التوصل فعلياً إلى أي اتفاقات، وما إذا كانت مبيعات النفط الإيرانية تتجاوز مليون برميل في اليوم. وإذا ظلت مبيعات النفط ثابتة، فسيبقى نظام العقوبات ثابتاً. أما إذا تغير أي من هذين المؤشرين، فستواجه واشنطن وضعاً مختلفاً.
 5. طمأنة الحلفاء إلى أن واشنطن لا تقبل بكل بساطة أنشطة إيران التخريبية في المنطقة. ينبغي على الإدارة الأمريكية أن تفعل كل ما بوسعها لإظهار أن الولايات المتحدة لا ترضخ للجهود الإيرانية الرامية إلى تغيير موازين القوى في المنطقة. على سبيل المثال، إن الإعاقة الفعالة لمسارات إمداد الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين في اليمن هو أمر يقع ضمن نفوذ واشنطن ومن شأنه أن يرسل إشارة واضحة جداً في منطقة ذات أهمية كبرى للسعوديين.
 6. تحديد وتوفير مساعدات فتاكة مجدية لفصائل المعارضة السورية المستعدة لمحاربة تنظيم «القاعدة»، بقدر ما فعلت واشنطن مع "مجالس الصحوة" في العراق عام 2007. لدى سوريا أكبر الإمكانيات لإحداث تغيير في المفاهيم الإقليمية للولايات المتحدة. وفي الوقت الذي تواصل فيه إيران وروسيا مساندة نظام الأسد عسكرياً، فإن تردد الإدارة الأمريكية في العمل قد عزز من الصورة عن لا فعالية الولايات المتحدة. بيد أنه ينبغي أن يكون لدى واشنطن مخاوفها الخاصة بشأن التداعيات الاستراتيجية للاتجاه الجديد الذي أخذته الحرب. لقد أصبحت جماعات «القاعدة» متأصلة بشكل متزايد في سوريا، وطالما أن الأسد هناك، فسوف تظل الدولة قبلة للجهاديين من جميع أنحاء العالم. وإذا استمرت الولايات المتحدة على موقفها الراهن، فسوف يكون الأمر فقط مسألة وقت قبل أن تستطيع «القاعدة» ترسيخ تواجدها هناك بصورة أكبر. وفي ذلك السيناريو، لن تكتفي الجماعة بقتال النظام - بل ستستخدم سوريا أيضاً كقاعدة لتخطيط هجمات في أماكن أخرى وتنفيذها. وفي الوقت الراهن، تشن الولايات المتحدة غارات في اليمن باستخدامها طائرات بدون طيار تستهدف تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية». وستكون هناك مرحلة في المستقبل عندما ستمثل سوريا نفس النوع من التهديد، وعندما يحدث ذلك، سوف تحتاج واشنطن أن تفعل أكثر مما تقوم به الآن. وفي مواجهة هذا التهديد، ستكون لديها أيضاً فرصة للتأثير على موازين القوى في سوريا.
 ونرى [حالياً] في بعض أنحاء سوريا، ما يعادل "مجالس الصحوة" التي شهدنها في العراق عام 2007. وقد كان دعم الراغبين في قتال تنظيم «القاعدة» حينها أمر ينطوي على قدر كبير من الذكاء، وينبغي على واشنطن أن تفعل الأمر ذاته في سوريا. ربما يقترح البعض الوقوف إلى جانب النظام لمجابهة «القاعدة»، لكن هذا من شأنه أن يمكِّن الجماعة فقط، ولا يشوه سمعتها. وبدلاً من ذلك، يتعين على الإدارة الأمريكية دعم قوى المعارضة العلمانية والإسلاميين المعتدلين نسبياً الذين هم على استعداد لمحاربة الجماعة. إذا كانت واشنطن تدرك بالفعل أنها تتجه نحو اتخاذ إجراء لمنع «القاعدة» من ترسيخ ذاتها في سوريا، فينبغي عليها دعم هذه القوى الآن.
 
إذا لم تكن تفهم التزامنا تجاه إيران، فأنت لا تفهم «حزب الله»
ماثيو ليفيت
ويكلي ستاندرد
"فيما يلي ملخص لمقابلة أجراها لي سميث مع زميل معهد واشنطن ماثيو ليفيت حول العمليات الداخلية لـ «حزب الله» والامتداد الدولي لـ الجماعة."
قبل ستة أعوام اغتيل قائد «حزب الله» عماد مغنية عند تفجير مسند الرأس في سيارته في دمشق. وبينما لا تنفي المخابرات الإسرائيلية مشاركتها في عملية الاغتيال كما لا تؤكد ذلك، إلا أنه يُعتقد عموماً أن "الموساد" كان مسؤولاً عن موته. وحتى الآن لا يوجد ثمة قصور من جانب أجهزة الاستخبارات الغربية، وكذلك العربية التي أرادت بوفاة مغنية - بما في ذلك "وكالة المخابرات المركزية" الأمريكية، بعد أن قام إرهابيون من «حزب الله» باختطاف مدير مكتبها في بيروت وليام باكلي وتعذيبه وقتله عام 1985. وعلاوة على ذلك، كان مغنية المسؤول عن التفجير الذي وقع في السفارة الأمريكية في بيروت في نيسان/أبريل 1983 الذي أودى بحياة 17 أمريكياً، فضلاً عن تفجير ثكنات "المارينز" في تشرين الأول/أكتوبر من ذلك العام الذي قتل فيه 244 من مشاة البحرية الأمريكية والبحارة والجنود والملاحين الذين يعملون في سلاح الطيران. وكونه مؤسساً ومديراً لجهاز الإرهاب التابع لـ «حزب الله»، فقد خلّف مغنية سلسلة طويلة من الدماء في جميع أنحاء العالم. وحتى بعد مرور ست سنوات على وفاته، لا تزال شرعية الخوف والرعب التي تركها مغنية قائمة، فقد قام «حزب الله» مؤخراً بتخطيط عملياته في العديد من القارات، بما في ذلك أوروبا وآسيا وأفريقيا.
وللحصول على فكرة أفضل عن قدرات «حزب الله» وأهدافه، تحدثتُ مع مسؤول سابق في وزارة الخزانة الأمريكية وزميل فرومر- ويكسلر ومدير برنامج ستاين للإستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى حالياً، ماثيو ليفيت. والسيد ليفيت، الذي تحدث عن «حزب الله» في ندوة عُقدت في الأسبوع الثاني من شباط/فبراير برعاية "مشروع إسرائيل"، هو مؤلف الكتاب الذي نُشر مؤخراً: "«حزب الله»: البصمة العالمية لـ «حزب الله» اللبناني"، الذي يحتوي على أكثر التقارير شمولاً عن حملة الإرهاب الدولي التي تقوم بها الجماعة.
لماذا يتم التركيز على أنشطة «حزب الله» في الخارج بدلاً من أنشطته داخل لبنان، حيث يعمل كمنصة أمامية لجمهورية إيران الإسلامية في شرقي البحر الأبيض المتوسط؟
هناك فجوة كبيرة في معرفتنا بأنشطة «حزب الله» الإجرامية والإرهابية في جميع أنحاء العالم. إذ يعتقد الكثير من الناس أنه جماعة إرهابية قامت بالكثير من الأشياء السيئة منذ فترة طويلة، مثل تفجيرات السفارة الأمريكية وثكنات مشاة البحرية في بيروت؛ أو تفجيراتها للسفارة الإسرائيلية في بوينس آيرس عام 1992، وبعد ذلك تفجير "مركز الجالية اليهودية" هناك عام 1994 ؛ وتفجير بانكوك عام 1994، ومحاولة اغتيال أمير الكويت في أيار/مايو 1985. ويعتقد الناس بأن تلك كانت أحداث متفرقة، أو جهود بُذلت من قبل أفراد مارقين، أو أحداث ماضية وأن «حزب الله» هو الآن حزب سياسي لبناني في المقام الأول.
ما الذي فاجأك بصورة أكثر أثناء بحثك؟
لقد كان مدى امتداد «حزب الله» مفاجئاً بالنسبة لي، ولكن الأمر الأكثر مفاجأة هو نطاق أنشطة «حزب الله» في جنوب شرق آسيا. كنت أعرف عن المحاولة الفاشلة لتفجير السفارة الإسرائيلية في بانكوك عام 1994، لكنني تعلمت بأن هناك شبكتان مختلفتان في جنوب شرق آسيا تعملان في مجال الخدمات اللوجستية والعمليات في المنطقة (سنغافورة وتايلاند وأندونيسيا وأستراليا) وتهدفان أيضاً إلى إرسال عناصر للتسلل إلى داخل اسرائيل للقيام بأعمال مراقبة و/ أو تنفيذ العمليات. فقد وجد عميل ماليزي طريقه مرتين إلى إسرائيل خلال عام واحد دون أن يتم الكشف عنه. وقد تمكنتُ من تجميع القصة ليس فقط من الأستراليين والأمريكيين والإسرائيليين، بل من الفلبينيين والسنغافوريين أيضاً. والأمر الأكثر تعبيراً هو العملية المشتركة، التي حملت الأسم الحركي "الخطة المشتركة للخشخاش القرنفلي" التي أعقبت تعطيل مؤامرة بانكوك عام 1994، وشملت العديد من الوكالات الاستخباراتية من جميع أنحاء العالم. وقد تمكنتْ تلك الوكالات معاً من كشف خلية حصينة بشكل مزعج تابعة لـ «حزب الله» في جميع أنحاء المنطقة.
وهناك أيضاً المدى الذي تورط فيه «حزب الله» في الجريمة المنظمة، بما في ذلك العملة المزيفة وتزوير الوثائق، وحماية المسروقات بدءً من الهواتف الجوالة وحتى السيارات، ونقل عائدات المخدرات وغسلها. وبالطبع صلاته الأيديولوجية والعملياتية مع إيران المستمرة حتى الوقت الحاضر.
ومع ذلك لا يزال بعض خبراء «حزب الله» يقللون من أهمية العلاقة العسكرية مع إيران.
لم تختفي مطلقاً فكرة تصدير الثورة - وبالنسبة لـ «حزب الله» هذا سبب من أسباب وجوده. فهم يرون أننا إذا لم نحترم التزامهم تجاه ولاية الفقيه، فنحن لا نفهمهم. ووفقاً لما أوضحه برلماني تابع لـ «حزب الله»، لو أمره الإيرانيون بأن يطلّق زوجته لفعل ذلك.
أو يمكننا أن نتساءل، لماذا يستهدف «حزب الله» السياح الإسرائيليين، على سبيل المثال، في قبرص وبلغاريا، حيث قام بقتل 5 إسرائيليين في صيف عام 2012 ؟ الأمر ليس له علاقة تُذكر بلبنان - لكنه يرجع في جزء كبير منه إلى أوامر إيران. لا أعتقد أن «حزب الله» يشعر بالقلق من احتمالات توصل الإيرانيين إلى اتفاق شامل مع البيت الأبيض يضرب طموحات «حزب الله» عرض الحائط.
لريتشارد أرميتاج تصريح شهير يقول فيه إن «حزب الله» هو فريق مرتزقة في الإرهاب العالمي. ما هو تصنيفك للحزب بالنظر إلى تنظيم «القاعدة»؟
لم يعجبني مطلقاً مصطلح "فريق مرتزقة" لأنه قلل من شأنه. فـ تنظيم «القاعدة» والمنظمات التابعة له يمتلكون القدرات ويمثلون خطورة. بيد لدى «حزب الله» قدرات أمنية عملياتية وأخرى لمكافحة التجسس أفضل بكثير من الآخرين. ونظراً لعلاقته مع إيران، ولاستطاعته الوصول إلى أشياء مثل مفاتيح الاتصالات الدبلوماسية الإيرانية لإجراء اتصالات آمنة كما فعل على ما يبدو في الأرجنتين، فإنه يمتلك قدرات لا يمتلكها آخرون. إن «القاعدة» هي حركة عدمية بينما لدى «حزب الله» العديد من الأهداف - وفي المقام الأول تصدير الثورة الإسلامية.
ما الذي تَغيَّر بالنسبة لـ «حزب الله» منذ مقتل مغنية؟ ماذا عن بديله المزعوم، صهره مصطفى بدر الدين، الذي تجري محاكمته غيابياً في الوقت الحالي في لاهاي بتهمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عام 2005؟
لا يمتلك بدر الدين نفس المصداقية التي كان مغنية يمتلكها في الشارع، لكنه يعتبر خطراً جداً. فوفقاً لعضو في «حزب الله» تم استجوابه من قبل "جهاز الاستخبارات الأمنية" الكندي، إن بدر الدين هو "أكثر خطورة" من مغنية، الذي كان "معلمه في الإرهاب". تذكّر، أن بدر الدين لم يخطط فقط لتفجير ثكنات مشاة البحرية وينفذها إلى جانب مغنية كما أفادت التقارير، ولكن تم سجنه بعد ذلك من قبل السلطات الكويتية لدوره أيضاً في سلسلة تفجيرات وقعت هناك.
ولا ينبثق التحدي الأكبر الذي يواجه «حزب الله» اليوم من إسرائيل في الجنوب وإنما من الثوار السوريين - المعتدلين والمتطرفين على حد سواء. لقد تضررت مكانة «حزب الله» بشكل حاد بصفته حامل لواء "المقاومة"، سواء داخل لبنان أم خارجه. فـ «حزب الله» لم يعد يمثل "المقاومة الإسلامية" الخالصة التي تحارب إسرائيل بل إنه ميليشيا طائفية ووكيل إيراني يقوم بتنفيذ ما يمليهما عليه بشار الأسد وآية الله علي خامنئي. إن إسرائيل ليست هي التي تقصف معاقل «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت أو وادي البقاع، بل هناك جماعات سنية متمردة هي التي تقوم بذلك.
ولم ينته «حزب الله» ويخرج من الساحة، ولكن لا يتعين عليك أن تكون رسّام خرائط لكي تعرف أن الطريق إلى القدس لا يمر عبر دمشق. وفي ظل الأخطار التي يواجهها نصيرهم في دمشق، فقد اندفع «حزب الله» إلى المعركة بكل قوته، وتكبّد خسائر فادحة في فترة قصيرة من الزمن. وهذا له تداعيات ضخمة لمكانته في لبنان. ومع الصبغة الطائفية المتزايدة التي يكتسبها الصراع، فهل سيغفر الشيعة في لبنان لـ «حزب الله» ويدعمونه بشكل تلقائي بسبب الطبيعة الطائفية للحرب؟ أو كيف سيخرج «حزب الله» من هذه الأزمة..
 
 
«المرصد الأورومتوسطي» يكشف عن موجة نزوح جديدة إلى أوروبا عبر البحر
«الأونروا» مصدومة من قصف مدرسة للفلسطينيين في سوريا
 المستقبل... أ ف ب، وفا
دانت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أمس قصفاً أودى بحياة 18 شخصاً بينهم خمسة أطفال بالقرب من مدرسة تابعة لها في جنوب سوريا.
وأكد المفوض العام للوكالة فيليبو غراندي في بيان صادر عن الوكالة «عن عميق صدمته» بسبب سقوط القتلى في مزيريب الواقعة في محافظة درعا (جنوب).
وقتل خلال الهجوم 18 شخصاً بينهم خمسة أطفال فيما جرح عشرون آخرون بينهم طفلان فقدوا أطرافهما، بحسب الوكالة.
وقال غراندي «أريد أن أعبر عن اشمئزازي تجاه هذا الازدراء بحياة المدنيين والبنية التحتية للاونروا».
وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان، من جهته، عن مقتل 19 شخصاً اثر سقوط برميل متفجر القي من على متن طائرة مروحية تابعة للقوات النظامية بالقرب من المدرسة.
ويقطن في سوريا 540 الف فلسطيني اضطر غالبهم للمغادرة بسبب النزاع السوري الذي أعقب الحركة الاحتجاجية ضد النظام السوري وأسفر عن مقتل 140 ألف شخص ونزوح ملايين السوريين عن أماكن سكنهم.
في سياق متصل بما يجري في سوريا، كشف «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان«، أمس، النقاب عن أن أعداد اللاجئين وطالبي اللجوء ـ لا سيما السوريون والفلسطينيون الفارون من سوريا باتجاه أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط ـ بدأت تشهد تصاعداً ملحوظاً خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وقال المركز في تقرير له «إن ذلك جاء في ضوء ازدياد الضغط والقهر الذي يعانون منه حيث يقيمون، والتحسن النسبي الذي طرأ على الجو وانخفاض منسوب أمواج البحر، محذراً من حدوث حالات جديدة لغرق القوارب كالتي شهدها اللاجئون والمهاجرون غير الشرعيين في الربع الأخير من العام الماضي«.
وأضاف المرصد، الذي يتخذ من جنيف مقراً رئيساً له، أن «هناك مئات من اللاجئين السوريين والفلسطينيين من سوريا وصلوا إلى أوروبا عبر بوابتها الجنوبية (إيطاليا) خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، والذين يرغبون بإكمال طريقهم عبر جزيرة لامبيدوزا وصقلية إلى دول أخرى من دول الاتحاد الأوروبي يعتقدون أنها أفضل في إجراءات منح اللجوء لهم«.
وأوضح الأورومتوسطي أن «العدد الأكبر من اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى أوروبا عبر البحر المتوسط هم من المدنيين السوريين الفارين من النزاع الدائر في بلادهم، والفلسطينيين القادمين من مخيمات اللاجئين في سوريا التي تعاني حصاراً شديداً وخانقاً منذ عدة أشهر«، محذراً مما سماه «القصور الذي شهدته حالات سابقة في التعامل مع قوارب اللاجئين ما أدى إلى غرقها بصورة مأساوية«.
ولفت المركز الحقوقي الأوروبي النظر إلى أن اللاجئين الذين يأتون عبر البحر من خلال مهربين وفي قوارب متهالكة تُحمَّل بأضعاف حمولتها، ومع جو البحر المتوسط الذي ما زال متقلباً ويشهد أمواجاً عالية في مثل هذه الأوقات، «هم في دائرة أكبر من الخطر«، داعياً دول الاتحاد الأوروبي، لا سيما إيطاليا ومالطا واليونان «إلى أخذ الاحتياطات اللازمة لمنع تكرار الكوارث«.
ودعا المرصد في بيانه إلى قيام الاتحاد الأوروبي بـ«توفير طرق وصول آمنة للاجئين الفارين من جحيم الصراع في سوريا»، مضيفًا أنه «من المهم لدول الاتحاد أن تفعّل آليات التنسيق في ما بينها ومع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من أجل إصدار تأشيرات تسمح بوصول عدد أكبر من اللاجئين إلى دول الاتحاد الأوروبي«.
وأشاد المرصد بتحسن النظام الذي تنتهجه الدول الأوروبية على حوض المتوسط في تعاملها مع اللاجئين والمهاجرين القادمين عبر البحر وعمليات إنقاذ القوارب، لا سيما عبر عملية «بحرنا« الإنسانية العسكرية التي تديرها البحرية الإيطالية، والتي كانت أطلقتها في منتصف تشرين الأول 2013 بعد غرق أعداد كبيرة من المهاجرين، وأسفرت عن إنقاذ أكثر من ألفي لاجئ ومهاجر غير شرعي من جنسيات مختلفة كانوا على وشك الغرق في المدة الأخيرة.
وأشار إلى إخفاق السلطات اليونانية في إنقاذ مركب تعرض للغرق في بحر إيجه يوم 20 من كانون الثاني الماضي، ما أدى إلى فقدان عشرة أشخاص كانوا على متنه، هم ثمانية نساء وطفلان.
ونوّه إلى «التباطؤ الشديد من قبل السلطات في إيطاليا واليونان في قبول طلبات طالبي اللجوء وإيوائهم والتعامل معهم كلاجئين«، مشيراً إلى قيام بلغاريا ببناء سياج حدودي سلكي شائك على حدودها لمنع تدفق أعداد المهاجرين غير الشرعيين إليها، في الوقت الذي لا تفتح فيه الباب، ولا غيرها من معظم دول الاتحاد الأوروبي، لهجرة السوريين والفلسطينيين من سوريا.
 
 استياء في صفوف الثوار إلا أن الناس تعبت من الحرب وأنهكها الحصار والجوع
“المصالحات” و”الهُدَن” في ريف دمشق دليل على ضعف النظام
السياسة..دمشق ـ الأناضول, رويترز: أثارت صور مقاتلي المعارضة وأفراد القوات الموالية للنظام السوري وهم يضحكون ويتصافحون بعد التوصل إلى هدنة في بعض بلدات ريف دمشق, غضب طرفي الحرب, وخاصة الثوار ومؤيديهم الذين أذهلهم هذا التعبير الجياش بالمشاعر عن حسن النية, بعد ثلاث سنوات من القتال وإراقة الدماء.
والتقطت الصور خلال زيارة إعلامية نظمتها الحكومة السورية لبلدة ببيلا في ريف دمشق, وهي أحدث منطقة من سلسلة مناطق اتفق فيها على وقف إطلاق النار, بعد حصار فرضته قوات النظام عليها لمدة نحو عام ونصف العام, أدى إلى تجويع السكان وسقوط عدد من الضحايا بسبب الجوع.
وقال ناشط محلي يدعى محمد, من منطقة جوبر, جنوب دمشق, التي تسيطر عليها المعارضة ولم يتفق فيها بعد على أي شكل من أشكال وقف اطلاق النار, “أحسست عندما نظرت الى هذه الصور أنني سأصاب بأزمة قلبية. كيف لهم أن ينسوا ان هذه القوات جوعت شعبنا لما يزيد على العام وقصفتنا بلا هوادة طوال أشهر?”
وفي المقلب الآخر لم تكن الصورة مغايرة, إذ كتب أحد مؤيدي الأسد على “فيسبوك”: “ما الذي يحدث في هذا البلد? جندي يقبل إرهابية, وفتيات من قوات الدفاع الشعبي يشاغلن إرهابيين بعيونهن. الدنيا انقلبت رأسا على عقب وطوى النسيان دماء اخوتنا وأبنائنا وشرف نسائنا”.
وأبدى المعلقون من الجانبين غضبهم بوجه خاص من صورة (نشرتها “السياسة” أمس) ظهرت فيها امرأة من “قوات الدفاع الوطني” وهي ميليشيا شبه عسكرية موالية للنظام, وهي تبتسم وتتحدث مع أحد مقاتلي المعارضة. ووصف بعض مؤيدي المعارضة ومؤيدي الأسد المرأة في تعليقات على صفحات “فيسبوك” بأنها “عاهرة”.
وسط هذه الأجواء من التعليقات والمشاعر المتضاربة, رأى محللون أن هذه المصالحات أو الهدن التي تم التوصل إليها في الفترة الأخيرة, خاصة في بلدات بريف دمشق, دليل على ضعف النظام.
وقال المحلل السياسي سمير التقي, الذي كان مستشاراً للأسد, في تصريحات لوكالة “الأناضول” التركية, أمس, إن تكرار عقد المصالحات أو الهدن, هو دليل ضعف للنظام وليس قوة, كما أنه اعتراف صريح بعجزه عن استعادة بعض المناطق التي خسرها أو حتى إدارتها.
وأضاف التقي, وهو مدير مركز “الشرق” للدراسات والأبحاث الستراتيجية, ومقره دبي, إن تكرار المصالحات والهدن خلال الفترة الماضية واحتمال عقد أخرى في وقت لاحق, يدل على أن النظام فقد جزءاً كبيراً من قواه وموارده المادية والبشرية, ويحاول أن يوجه المتبقي منها باتجاه معاركه الأساسية في العاصمة دمشق وريفها.
وأشار إلى أن المصالحات أو الهدن تثبت أيضاً أن النظام حتى لو استطاع دخول المناطق التي عجزت قواته عن دخولها خلال أشهر, فهو غير قادر على الحصول على “الولاء السياسي” لسكانها حتى لو اقتحم مناطقهم عسكرياً, معتبرا أن عقد المصالحات أو الهدن أمر “إيجابي” ويعيد الاعتبار للفعاليات المدنية للعب دورها, بعيداً عن “أمراء الحروب”, من دون أن يسمي من يقصد بذلك.
في المقابل, خالف المحلل السياسي والعسكري ابراهيم الجباوي, رأي التقي, معتبراً أن المصالحات أو الهدن مضرة بالثورة وتسيء لها, وتصوِّر النظام على أنه أعاد بلدات خارجة عن سيطرته إلى “حضن الوطن”.
وقال الجباوي الذي يدير حالياً “الهيئة السورية للإعلام”, وهي مؤسسة إعلامية مشكلة حديثاً تابعة للمعارضة, إن المصالحات أو الهدن “استسلام وخيانة لدماء الشهداء”, مشدداً على أن الهدنة لا يجب أن تتضمن رفع علم للنظام داخل المناطق التي تشملها أو المصافحة والعناق مع أشخاص كانوا بالأمس يقومون بقصف وحصار الأهالي, وتسببوا بمقتل أعداد منهم إما بالنيران وإما بسبب الجوع.
وعزا الجباوي, وهو عميد سابق في الجيش, أسباب هذه المصالحات إلى التناقضات الأخيرة على الساحة السياسية والعسكرية داخل المعارضة وخارجها, وعدم فتح جبهات جديدة على قوات النظام تخفف من الضغط والحصار على مناطق بعينها, وأيضاً كثرة من أسماهم بـ”المندسين” بين قوات المعارضة, مرجحاً أن تتكرر مثل هذه الاتفاقيات في مناطق أخرى, مع استمرار وجود المبررات والأسباب.
وفي هذا الإطار, قال متحدث محلي باسم مقاتلي المعارضة يدعى بارع عبد الرحمن, من ضاحية دوما التي تسيطر عليها المعارضة, ان الحكومة شكلت “لجان مصالحة” مستعينة بوجهاء محليين من ضواحي دمشق لعرض وقف اطلاق النار.
وأضاف أنه يتردد ان ضاحية حرستا المجاورة هي الهدف التالي للجان, مشيراً إلى أن مقاتلي المعارضة احتجزوا مجموعة من ممثلي اللجان في حرستا, قبل أيام, بعد ان التقوا مع بعض المدنيين في مسجد ليعرضوا عليهم وقف إطلاق النار من دون حضور المقاتلين.
وقال “طلبوا منهم إقناع مقاتلي المعارضة بالكف عن مهاجمة الطريق السريعة وسيمكنهم عندئذ جلب الغذاء والدواء. وبصراحة الناس هنا أنهكوا وجاعوا ومن ثم بدأوا يضغطون على المقاتلين ويسألونهم: لم لا? هذه اللجان تؤلب الناس علينا”.
 
النظام الأوكراني يعلن «تدابير استثنائية» ضد المعارضة.. وأوروبا تلوح بعقوبات و26 قتيلا والسلطة تهدد بمقاضاة قادة التظاهرات > موسكو تعد التطورات الأخيرة محاولة انقلابية

باريس: ميشال أبو نجم كييف: «الشرق الأوسط» .... أعلن النظام الأوكراني أمس تدابير استثنائية «لمكافحة الإرهاب» في سائر أرجاء البلاد ضد المعارضين، غداة أعمال عنف وهجوم للشرطة أسفر عن سقوط 26 قتيلا في كييف ودفع دولا أوروبية إلى التلويح بعقوبات. ويعتزم وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس زيارة كييف، رفقة نظيريه الألماني فرانك فالتر شتاينماير والبولندي رادوسلاف سيكورسكي، صباح اليوم قبل اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل.
وأعلن جهاز الأمن الوطني الأوكراني عملية واسعة لمكافحة الإرهاب على كل الأراضي الأوكرانية باعتبار أن «المجموعات المتطرفة والراديكالية تهدد بتحركاتها حياة ملايين الأوكرانيين». وأكد جهاز الأمن الوطني أن أكثر من 1500 سلاح ناري و100 ألف قطعة ذخيرة وقعت «في أيدي المجرمين» منذ أول من أمس، لكنه لم يوضح طبيعة التدابير المتخذة، في حين تردد الحديث عن فرض حال الطوارئ في كييف في الأسابيع الأخيرة.
وفي وسط كييف ساد هدوء حذر أمس، بعد المواجهات الدامية التي وقعت نهار أمس والليلة قبل الماضية. وتدفق مئات السكان إلى ساحة الاستقلال التي باتت معروفة بالميدان الملجأ الأخير للمتظاهرين المعارضين للرئيس فيكتور يانوكوفيتش وهم يحملون المؤن وملابس وأدوية. وأعلنت وزارة الصحة حصيلة جديدة تشير إلى سقوط 26 قتيلا منذ تجدد أعمال العنف في كييف أول من أمس، إضافة إلى 241 جريحا نقلوا إلى المستشفيات بينهم 79 شرطيا وخمسة صحافيين. وفي عداد القتلى 10 شرطيين على الأقل، بحسب وزارة الداخلية. وقتل صحافي أوكراني أيضا بحسب صحيفته.
وعد أحد قادة المعارضة بطل الملاكمة العالمي السابق فيتالي كليتشكو أن وحدها استقالة الرئيس يمكن أن تؤدي إلى تهدئة التوتر. وقال في شريط فيديو بث على الموقع الإلكتروني لحزبه أودار «سالت الدماء في شوارع كييف، وفيكتور يانوكوفيتش مسؤول عن قتل مواطنين مسالمين».
واستحوذ الوضع في أوكرانيا على مساحة واسعة من المباحثات بين الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بمناسبة انعقاد مجلس الوزراء المشترك الـ16 في العاصمة الفرنسية. وفي المؤتمر الصحافي المشترك، وصف هولاند الاجتماع المشترك بأنه «استثنائي» بسبب الأحداث المأساوية التي تعرفها أوكرانيا الواقعة في أوروبا في الأيام الأخيرة. وقال هولاند إن «ما يحصل في كييف من عنف وقمع وهمجية أمور لا يمكن قبولها». وذهبت ميركل في الاتجاه نفسه، مؤكدة وجود «تطابق تام» بين باريس وبرلين إزاء توصيف الوضع في أوكرانيا الذي اعتبراه «عصيا على الوصف» وإزاء التدابير التي يتعين اتخاذها. واستبق المسؤولان اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الاستثنائي المقرر اليوم في بروكسل لمناقشة التطورات الأوكرانية بتحديد موقف مشترك يتكون من ثلاث نقاط: الأولى، الدعوة إلى عودة الهدوء ووقف أعمال العنف والثانية، حث الأوروبيين على إقرار عقوبات ضد المسؤولين عن أعمال العنف، والثالثة، اعتبار أن العقوبات ليست هدفا بذاته بل وسيلة ضغط من أجل العودة إلى الحوار السياسي والتوافق على مرحلة انتقالية في أوكرانيا.
ورغم ما حصل من عنف، فإن ميركل وهولاند شددا على أن باب توقيع اتفاقية شراكة بين كييف والاتحاد الأوروبي ما زال مفتوحا. وقال هولاند بهذا الخصوص «لا نريد أن نفرض شيئا على أوكرانيا بل ما نريده هو أن يقرر الأوكرانيون مصيرهم بأنفسهم»، في إشارة إلى الضغوط الروسية على الرئيس الأوكراني الذي امتنع في آخر لحظة عن توقيع الاتفاقية مفضلا عليها توثيق التعاون مع موسكو التي وعدته بمساعدات تقدر بمليارات الدولارات.
وتفادى هولاند وميركل تحديد من ستطالهم العقوبات وما إذا كان الرئيس الأوكراني أو وزراؤه هدفا لها، محيلين اتخاذ القرار على الوزراء الأوروبيين. وقالت مصادر فرنسية إن هذا النهج سببه عدم إثارة حساسية الأوروبيين الآخرين وتحاشي إشعارهم بأن ألمانيا وفرنسا تفرضان رؤيتهما وقراراتهما على باقي الأعضاء الأوروبيين. بيد أن هولاند وميركل يحملان الحكومة الأوكرانية المسؤولية الكاملة للعنف الحالي في كييف وغيرها من المدن الأخرى. وقال هولاند إن «فرنسا وألمانيا وكل الأوروبيين تحدوهم الرغبة العارمة في أن تتوفر للأوكرانيين الفرصة لتحقيق عملية الانتقال السياسي نحو انتخابات جديدة ونحو لم الشمل». أما ميركل فقد أكدت أن البلدين «يقفان إلى جانب الرجال والنساء الذين يعانون في أوكرانيا».
بيد أن مصادر سياسية في باريس تساءلت عن «الأثر» الذي سيتركه اتخاذ عقوبات بحق «المسؤولين» عن العنف على تطور الأحداث وعلى رغبة الحكومة الأوكرانية في التعاون مع بروكسل والعواصم الأوروبية الأخرى. والتخوف القائم هو أن يذهب النظام إلى مزيد من التشدد بدل الرضوخ خصوصا أنه يحظى بدعم موسكو التي تدين التدخل الخارجي (الأميركي والأوروبي) وتصف ما يحصل بأنه «محاولة انقلابية» على السلطات المنتخبة شرعيا وديمقراطيا. وكانت أعمال العنف تجددت أول من أمس في محيط البرلمان، تبعها في المساء هجوم للشرطة على ساحة الميدان مركز الحركة الاحتجاجية في وسط العاصمة التي يحتلها منذ نحو ثلاثة أشهر آلاف الأشخاص حيث نصبوا فيها الخيام. كما شنت القوات الخاصة لمكافحة الشغب تؤازرها مدرعات، هجوما ليليا وسط دخان الحرائق ونيران الإطارات المشتعلة في وسط كييف بعد أن أمطرت الساحة بالغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية.
وأعلن الرئيس فيكتور يانوكوفيتش يوم حداد وطني اليوم (الخميس). وكان قبل ذلك اتهم قادة المعارضة في رسالة إلى الأمة بثت ليلا بالدعوة إلى «الكفاح المسلح» من أجل الاستيلاء على الحكم، مؤكدا أن المذنبين سيحالون للقضاء.
ونددت روسيا بدورها بـ«محاولة انقلاب» مطالبة قادة المعارضة بالعمل من أجل وقف أعمال العنف ورفضت مسبقا أي وساطة أوروبية. وحمل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مسؤولية الأحداث إلى «المتطرفين» الذين يلجئون إلى العنف، وإلى المعارضين الذين «رفضوا التسوية» وأيضا إلى الغربيين. وقال لافروف في تصريحات أدلى بها من الكويت ونشرت على موقع الوزارة، إن «دولا غربية كثيرة حاولت بكل الوسائل التدخل وحثت المعارضة على التحرك خارج المسار القانوني، وهددت بعقوبات وما زالت». ولفت إلى أن روسيا تحذر الغربيين من مغبة «الإصرار في مساعي الوساطة».
وندد البيت الأبيض من ناحيته بأعمال العنف «المشينة تماما». وقال بن رودس مستشار الرئيس باراك أوباما للأمن القومي إن «أعمال العنف في كييف ليس لها مكان في القرن الحادي والعشرين»، وعلى الحكومة أن تسحب عناصر شرطة مكافحة الشغب وأن تعلن التهدئة وتبدأ محادثات جديرة بالثقة مع المعارضة، مضيفا «واضح أن الأوكرانيين يعتبرون أن (الحكومة) لا تستجيب لتطلعاتهم المشروعة». وأكدت بريطانيا أن الحكومة الأوكرانية يجب أن «تحاسب» في وقت طالبت الأمم المتحدة بتحقيق «فوري ومستقل» بشأن أعمال العنف.
ومن المقرر عقد اجتماع استثنائي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اليوم، وقد جرى اختيار وزير الخارجية البولندي للتوجه إلى أوكرانيا ممثلا للاتحاد الأوروبي. وأعرب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو عن أمله في توصل الدول الأعضاء المنقسمة حيال هذه المسألة، إلى «اتفاق بشكل طارئ حيال تدابير موجهة بحق المسؤولين عن العنف». أما روسيا التي حملها الغربيون مرارا المسؤولية عن هذا الوضع، فنددت بما اعتبرته «محاولة انقلاب». وأشار المتحدث باسم الكرملين إلى أن بوتين ويانوكوفيتش أجريا محادثات هاتفية ليل الثلاثاء الأربعاء، مؤكدا أن الرئيس الروسي لم يسد أي نصائح لنظيره الأوكراني.
وتشهد أوكرانيا أزمة سياسية قوية منذ رفض حكومة الرئيس يانوكوفيتش في نوفمبر (تشرين الثاني) التوقيع على اتفاقية للتقارب مع الاتحاد الأوروبي لمصلحة الحلف مع موسكو.
 
26 قتيلاً في أوكرانيا وأوروبا تلوّح بعقوبات على كييف موسكو تندّد بـ"محاولة انقلاب" وترفض وساطة الغربيين
النهار..(و ص ف، رويترز، أ ب)
شدّد الاوروبيون لهجتهم بوضوح أمس، ولوحوا بفرض عقوبات على المسؤولين عن القمع في اوكرانيا التي شهدت مواجهات عنيفة وهجوما للقوات الخاصة على متظاهرين معارضين أوقع 26 قتيلا.
تحدثت وزارة الصحة الاوكرانية عن مقتل 26 شخصاً منذ عودة اعمال العنف الى كييف الثلثاء، وجرح 241 آخرين أدخلوا المستشفيات، بينهم 79 شرطياً وخمسة صحافيين. كذلك قتل صحافي اوكراني بالرصاص.
وبدأت أعمال العنف بمواجهات الثلثاء في محيط مبنى البرلمان، تبعها مساء هجوم للشرطة على مركز حركة الاحتجاج في وسط العاصمة.
وشنت القوات الخاصة لمكافحة الشغب تؤازرها مدرعات، هجوماً ليلياً وسط دخان الحرائق ونيران الاطارات المشتعلة في وسط كييف في ساحة الاستقلال المعروفة بالميدان.
واستمرت نهاراً المواجهات بين المتظاهرين والشرطة في هذه الساحة التي بدا فيها دمار كبير.
وسيطر محتجون على مركز البريد بوسط العاصمة، ورشقوا رجال شرطة مكافحة الشغب بالقنابل بالزجاجات الحارقة والحجار، فرد هؤلاء عليهم بخراطيم المياه.
واعلنت الاجهزة الامنية الاوكرانية اطلاق عملية "لمكافحة الارهاب" في ارجاء البلاد ضد مجموعات متطرفة تعتبرها مسؤولة عن تجدد اعمال العنف.
وقالت في بيان لها ان "المجموعات المتطرفة والراديكالية تهدد بتحركاتها حياة ملايين الاوكرانيين...وفي هذا الظرف، قرر جهاز الامن ومركز مكافحة الارهاب في اوكرانيا شن عملية لمكافحة الارهاب على الاراضي الاوكرانية". ولفتت الى ان أكثر من 1500 قطعة سلاح و100 الف قطعة ذخيرة باتت "في ايدي المجرمين" منذ الثلثاء، معلنة ان أوكرانيا تواجه "أعمالا ارهابية محسوسة".
ردود فعل
وندد البيت الابيض باعمال العنف "المشينة تماما" والتي "ليس لها مكان في القرن الحادي والعشرين". وجدد دعوة يانوكوفيتش الى تهدئة الوضع.
وفي مواجهة الازمة، وهي من الاسوأ في هذه الجمهورية السوفياتية السابقة منذ استقلالها عام 1991، دعت دول اعضاء في الاتحاد الاوروبي بينها فرنسا والمانيا وبولونيا الى فرض عقوبات على المسؤولين عن القمع.
كذلك، دعت بريطانيا الى "محاسبة" الحكومة الاوكرانية، وقت طالبت الامم المتحدة بتحقيق "فوري ومستقل" في اعمال العنف.
ومن المقرر عقد اجتماع استثنائي لوزراء الخارجية لدول الاتحاد الاوروبي اليوم. وقبل الاجتماع، يتوجه وزراء الخارجية الفرنسي والالماني والبولوني الى كييف للقاء زعماء المعارضة.
وأمل رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل دوراو باروزو في توصل الدول الاعضاء المنقسمة حيال هذه المسألة، الى "اتفاق بشكل طارئ على تدابير موجهة في حق المسؤولين عن العنف".
ودعا البابا فرنسيس كل الاطراف الى "وقف اي عمل عنيف".
اما موسكو التي اتهمها الغربيون مرارا بالمسؤولية عن هذا الوضع، فنددت بما اعتبرته "محاولة انقلاب" في اوكرانيا ورفضت سياسة العقوبات ووساطة الغربيين.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان: "في الجوهر انها محاولة انقلاب".
وألقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مسؤولية الاحداث على "المتطرفين" الذين يلجأون الى العنف، وعلى المعارضين الذين "رفضوا التسوية" وكذلك على الغربيين. وجاء في تصريحات ادلى بها في الكويت ونشرت على موقع الوزارة ان"دولا غربية عدة حاولت بكل الوسائل التدخل، وحضت المعارضة على التحرك خارج المسار القانوني... وهددت بعقوبات ولا تزال". ورأى ان الغربيين اغفلوا على نحو "مخجل" رؤية الاعمال المتطرفة، "بما فيها النازية الجديدة والمعادية للسامية". وأضاف ان روسيا تحذر الغربيين من مغبة "الاصرار في مساعي الوساطة"، لكن "شركاءنا الاوروبيين لعبوا دور الوسطاء ما يكفي".
وصرح الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحدث عبر الهاتف مع نظيره الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش، وقال ان "الرئيس الروسي لم يسد قط وهو لا يسدي نصائح" الى نظيره عما يجب عمله وهو "لا ينوي اسداء نصائح اليه في المستقبل".
يانوكوفيتش
واتهم يانوكوفيتش في كلمة الى الامة بثت ليلا، زعماء المعارضة بانهم "تخطوا الحدود" بدعوتهم الى "كفاح مسلح" لتسلم الحكم على حد تعبيره. واكد أن المسؤولين عن هذه الاعمال "سيمثلون امام العدالة".
وأعلنت الاستخبارات الاوكرانية الخاصة الاربعاء فتح تحقيق في محاولة الاستيلاء على الحكم بطريقة غير شرعية، ويشمل ذلك "بعض السياسيين".
وكانت الاحتجاجات بدأت في تشرين الثاني 2013 اثر رفض الحكومة الاوكرانية توقيع اتفاق شركة مع الاتحاد الاوروبي لمصلحة الحلف مع موسكو. وبعدما جمعت حولها مئات الآلاف من الاوكرانيين، تحولت هذه الحركة مع مرور الوقت الى رفض لنظام يانوكوفيتش.
وليل الثلثاء - الاربعاء، تقدم الشرطيون وتمركزوا في محيط المعلم الموجود في وسط الساحة، بعد وابل من قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية. واحترقت الخيم المحيطة بالمعلم واحدة تلو الاخرى.
ولحماية أنفسهم من قوى الامن، اقام المحتجون جدارا من النار. وأحرقت مدرعة بواسطة قنابل حارقة. كما حصل تبادل للقذائف من الجانبين.
وقال ايغور(23 سنة) المشارك في الاحتجاجات إن "المرحلة المقبلة ستكون الحرب الاهلية".
وفرضت السلطات اعتبارا من الثلثاء حال طوارئ غير معلنة، اذ أقفل مترو كييف، وأعلنت السلطات ان حركة السير في اتجاه العاصمة ستكون "محدودة" اعتبارا من منتصف الليل تفاديا "لتصعيد أعمال العنف".
وعلى رغم الاستنكارات التي ازدادت وتيرتها على الساحة الدولية، طلب الرئيس يانوكوفيتش من المتظاهرين اخلاء ساحة الميدان.
وفي لفوف، معقل الاحتجاجات في غرب البلاد، هاجم المحتجون مقار الادارة الاقليمية والشرطة، الى مراكز عسكرية.
 

المصدر: مصادر مختلفة

A Gaza Ceasefire..

 الأحد 9 حزيران 2024 - 6:33 م

A Gaza Ceasefire... The ceasefire deal the U.S. has tabled represents the best – and perhaps last… تتمة »

عدد الزيارات: 160,821,354

عدد الزوار: 7,178,919

المتواجدون الآن: 120