أخبار وتقارير..3 قتلى في تجدّد المواجهات في فنزويلا ودول أميركا الجنوبية تشجّع على بدء حوار...البرلمان الأوكراني صادق على إنشاء قوة للحرس الوطني وميركل تنذر روسيا..

أوكرانيا على مفترق: جسر بين الشرق والغرب أم ساحة صراع؟...«الإسلام الكردي» إذ يستيقظ ....عصائب أهل الحق العراقية تبسط نفوذها بسوريا بالقتال مع الأسد.....في الذكرى الثالثة.. متفائلون بتحقيق أهداف الثورة رغم الصعوبات...السياسة الصينية والعالم العربي.. توجهات ومصالح وبكين من قوة إقليمية إلى نفوذ دولي

تاريخ الإضافة الجمعة 14 آذار 2014 - 7:13 ص    عدد الزيارات 2246    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

السياسة الصينية والعالم العربي.. توجهات ومصالح وبكين من قوة إقليمية إلى نفوذ دولي

لندن: «الشرق الأوسط» .. كانت الصين منذ انتصار الثورة الشيوعية عام 1949 لاعبا إقليميا في المقام الأول على مسرح السياسة الدولية، وإن كان لاعبا فاعلا ومؤثرا. ومع أنها منذ البداية كانت تراودها طموحات التصرّف كقوة عظمى، كما تستحقّ بلا شك، فإنها سرعان ما دخلت في مواجهة آيديولوجية مع الاتحاد السوفياتي على صعيد التفسير العملي لقيادة «النموذج الشيوعي» وترويجه بديلا لـ«النموذج الرأسمالي» على مستوى العالم. وتطايرت من هنا وهناك تهم «التحريفية».
على المستوى العالمي، بعد الدور الصيني في الحرب الكورية، أطلت بكين على مؤتمر الدول الأفرو آسيوية الذي استضافته إندونيسيا في مدينة باندونغ عام 1955 ممثلة برئيس وزرائها يومذاك شو إن لاي، وكان ذلك المؤتمر أرضية فعلية لـ«حركة عدم الانحياز» بزعامة الزعيم الهندي جواهرلال نهرو والزعيم المصري جمال عبد الناصر والزعيم اليوغوسلافي جوزيف بروز تيتو، بجانب الزعيم الإندونيسي أحمد سوكارنو.
في باندونغ بدأ الانفتاح الصيني واقعيا على دول العالم الثالث ومنها الدول العربية، خارج إطار منطقة الأوسط حصرا. غير موقع الصين على المستوى العالمي تعزز أكثر عندما غدت عمقا لفيتنام الشمالية إبان حروب الهند الصينية الثلاث في فيتنام ولاوس وكمبوديا. وغدت لاعبا دوليا مهما يتعذّر تجاهله في الأزمات العالمية الكبرى، ولا سيما في آسيا. وحقا، عندما قرّر الجمهوريون الأميركيون تحت رئاسة ريتشارد نيكسون الخروج من المستنقع الفيتنامي الذي تورّطت به طويلا الإدارتان الديمقراطيتان للرئيسين جون كنيدي وليندون جونسون، كان لا بد لواشنطن من الاعتراف ببكين، والإقرار بمكانتها آسيويا ودوليا. وبفضل ما عرف بـ«دبلوماسية البينغ بونغ (كرة الطاولة)» نجح هنري كيسنجر في «هندسة» الانفتاح على الصين ودعوتها إلى أعلى مواقع المنتدى الدولي. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 1971 تأكدت حقيقة الصين كـ«قوة عالمية كبرى» عندما أخذت مقعد الصين الوطنية - تايوان في الأمم المتحدة وأصبحت إحدى الدول الأعضاء الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.
على مستوى الشرق الأوسط والعالم العربي، نشطت الصين منذ دخلت مجلس الأمن الدولي على عدة مستويات، سياسيا واقتصاديا وثقافيا، وواكبت كل الأحداث التي عصفت بالمنطقة. وبعدما كانت العلاقة قبل ذلك محدودة بعلاقات ذات طابع سياسي - حركي ربطتها بمنظمات راديكالية في عدة مناطق من العالم العربي، على رأسها بعض التنظيمات الفلسطينية، ها هي الصين اليوم شريك في الاستثمارات والمبادلات الاقتصادية والمبادرات السياسية وخطط التعاون الثقافي والتعليمية والتنموية.
اليوم ما عادت الآيديولوجية الصارمة تحكم علاقات الدول الكبرى، وهذا ما ينطبق على الصين. بل إن الصين اليوم كعملاق اقتصادي عالمي، تختلف تماما عن الصين الراديكالية أسيرة الروح التقشفية التي حكمت «الثورة الثقافية» (1966 - 1976)، وانتهت عمليا بسقوط ما عرف بـ«عصابة الأربعة»، وبدء مرحلة الانفتاح التي قادها دينغ هسياوبينغ.
اليوم لا يحكم علاقات الصين بدول العالم منطق الثورة بل منطق الدولة، ولا تسير بموجب الشعارات الراديكالية بل بواقعية المصالح المشتركة. فحتى «الربيع العربي» أحجمت الصين عن التفاعل معه على أساس أنه «ثورات». وفي دراسات صينية عدة ترجم بعضها إلى العربية، يلاحظ أن بكين اتخذت مواقف أكثر تحفظا إزاء ما حدث في دول «الربيع العربي» حتى من بعض الدول الغربية. ففي حين أبدت معظم الدول الغربية حماسة شديدة في إطلاق كلمة «ثورة» على التغيرات التي حصلت، وتسابقت على منحها ألقابا، كـ«ثورة الياسمين» في تونس - مثلا -، نجد أن المحللين الصينيين، ومثلهم السلطات الصينية، مالوا إلى التحفظ والتحرك المدروس الصامت غالبا. بل في حال سوريا، كما هو معروف وقفت بكين مع موسكو ضد الانتفاضة الشعبية التي استهدفت التخلص من نظام بشار الأسد، وفي هذا دلالة كبيرة على النقلة النوعية في التعامل الصيني على المستويين العربي والدولي من الشعارات والمثاليات الثورية باتجاه المصالح المدروسة بهدوء في ضوء الربح والخسارة. وعلى الصعيد الأكاديمي، بعكس الباحثين الغربيين والعرب، فإن معظم الباحثين الصينيين امتنعوا عن استعمال مصطلحات كـ«الثورة» و«الربيع العربي» مفضّلين عليها مفردات من نوع «الاضطرابات» و«التغييرات».
وفي دراسة عرضتها الدكتورة نادية حلمي («السياسة الدولية» - مؤسسة «الأهرام» - القاهرة) لبحث أعدّه الباحث الصيني لي وي تيان، حول السياسة الخارجية الصينية حيال الشرق الأوسط، قدّم في مؤتمر بحثي نظم في مدينة شانغهاي عام 2012 حول «التحولات السياسية والدبلوماسية في منطقة الشرق الأوسط». وفي هذا البحث يركز الباحث الصيني على أن «اندلاع الاضطرابات في المنطقة وإسقاط أنظمة استبدادية ظلت لعقود طويلة، يعمل على إعادة تشكيل الأدوار الإقليمية في المنطقة». وبالتالي، يرى أن على الصين مواجهة الوضع الجديد في منطقة الشرق الأوسط، بالعمل على «تطوير دبلوماسيتها إزاء التغيرات الراهنة في منطقة الشرق الأوسط، والتركيز على المستقبل، وأخذ زمام المبادرة لخلق بيئة مواتية لتعزيز النفوذ السياسي للصين في منطقة الشرق الأوسط».
وشرح لي في بحثه أن التوازن السياسي في منطقة الشرق الأوسط، بعد «الربيع العربي»، يتخذ ثلاثة أشكال، هي: الصراع بين التيارات الدينية والعلمانية في الشرق الأوسط، والتناقضات الطائفية في منطقة الشرق الأوسط، والصراع بين عدد من البلدان المتنافسة في المنطقة على النفوذ الجيوسياسي في المنطقة.
ومن ثم يرى أن سياسة خارجية صينية جديدة في منطقة الشرق الأوسط هي محل اهتمام بكين. وأن الدبلوماسية الصينية الجديدة في منطقة الشرق الأوسط «ستقوم في إطار التعاون مع جميع الفاعلين الجدد، بما يحقق المصالح المتبادلة بين مختلف الأطراف الفاعلة في المنطقة والصين، مع البحث عن آليات أخرى للتعاون مع البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية في المنطقة» والدفاع عن المصالح الصينية.
وفي شرحه هذه «الآليات» أوضح أن الصين أضحت في حاجة ملحة لاستكمال التحول من قوة إقليمية آسيوية إلى قوة عالمية، ينبغي أن تلعب الدبلوماسية الصينية، وأولا، دورا لأخذ زمام المبادرة لتشكيل نمط سياسي ودبلوماسي جديد يكفل الانتقال من الاستجابة السلبية الدبلوماسية، وسياسة الانتظار في منطقة الشرق الأوسط، إلى استجابة أكثر إيجابية، منها تغيير نمط «الخطاب الصيني» السائد، وبناء توجه وخطاب جديدين. وثانيا، التشديد على أهمية «القوة الناعمة» كوسائل الإعلام والنواحي الثقافية، وغيرها كجزء مهم للدفاع عن المصالح الوطنية للصين في بلدان المنطقة. وثالثا التكيّف مع التغييرات الحاصلة في الشرق الأوسط لتطوير سياسة مختلفة عبر تنقيح السياسات الصينية وتكييفها وفقا للظروف المختلفة في كل بلد. ورابعا الاهتمام بانتهاز الفرص لتوسيع مجال الاستثمارات وإعادة بناء الاقتصاد والاستقرار الاجتماعي في هذه الدول، ومساعدة شعوب العالم العربي والشرق الأوسط في التعرف على تجربة التنمية في الصين وقوتها الاقتصادية الهائلة.
وفي أواخر عام 2013، تطرّق وزير الخارجية الصيني وانغ يي خلال زيارة للجزائر إلى السياسة الخارجية الصينية تجاه الدول العربية في ظل الوضع الجديد، خلال مؤتمر صحافي قال فيه «إن الصين تنظر إلى علاقاتها مع الدول العربية وتسعى إلى تعزيزها من منظور استراتيجي وطويل المدى». وأردف أنه «في ظل الوضع الجديد - أي تغييرات (الربيع العربي) - يمكن تلخيص السياسة الخارجية الصينية تجاه الدول العربية بـ(أربعة تأييدات): أولا، تأييد الدول العربية بثبات في سلوك الطريق الذي اختارته بأنفسها، وثانيا تأييد الدول العربية في حل القضايا الساخنة بالوسائل السياسية، وثالثا تأييد الدول العربية في التعاون وتحقيق التنمية المشتركة مع الصين، ورابعا تأييد الدول العربية في حماية حقوقها ومصالحها الشرعية».
وأوضح الوزير أن الصين «ترغب في تعزيز التعاون العملي مع البلدان العربية في شتى المجالات، بما يعود على الشعوب العربية بمزيد من المنافع التي ستثمر عن إنجازات هذا التعاون، وتعارض أي عمل يضر بكرامة الأمة العربية بحجة حماية حقوق الإنسان أو مكافحة الإرهاب، وترغب في تعزيز التنسيق والتعاون مع الجانب العربي بشأن القضايا الهامة، للحفاظ بشكل أفضل على مصالح الجانبين الصيني والعربي وسائر الدول النامية».
وشدد وانغ يي على «أهمية التنمية والاستقرار والتضامن من أجل صيانة المصالح الأساسية وطويلة المدى للدول العربية»، وعلى «أن الصين ستقف إلى جانب الدول العربية في عمليات تنميتها وضمان استقرارها وتضامنها». (المصدر: التلفزيون الصيني CCTV.com).
باحث آخر تناول وضع الصين على المسرح الدولي، ولا سيما في ظل متغيرات الشرق الأوسط هو الدكتور كيري براون، من جامعة سيدني في أستراليا، الذي لاحظ أنه بينما كان الأميركيون والفرنسيون والبريطانيون يدفعون باتجاه التدخل العسكري في سوريا، وبينما كان الروس يعرقلون جهودهم باستمرار، كانت الصين تقف إلى الخلف من دون أن تقول الكثير. وحسب رأي براون الصينيون في هذا، إنما كانوا يتبعون سياسة اعتمدوها منذ أمد بعيد «فلأكثر من نصف قرن كانت السمة الأساسية التي صبغت السياسة الخارجية التي اتبعتها جمهورية الصين الشعبية تتلخص في مبادئ تجنب التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى واحترام سيادة هذه الدول ورفض الاعتداء والتعايش السلمي.. كانت هذه هي المبادئ التي وضعها رئيس الوزراء الصيني الشهير شو أن لاي في مؤتمر باندونغ (الأفرو آسيوي) الذي شهد انبثاق «حركة عدم الانحياز» عام 1955. ولكن في العقود الستة الماضية، لم تلتزم الصين حرفيا بتلك المبادئ في كل الأحوال والمناسبات، مع أنها بالمقابل لم تحد أبدا عن إبداء تأييدها اللفظي لها. ففي أواخر عهد الزعيم ماو تسي تونغ دعمت الصين الكثير من الحركات التحررية في العالم النامي، وعام 1979، تدخلت تدخلا عسكريا فعليا في فيتنام. كما خاضت بين عامي 1949 و1978 حروبا مع الهند وروسيا وأميركا في كوريا.
ويتابع الدكتور براون قوله إن القادة الصينيين ما زالوا متمسكين قدر ما يستطيعون بمبادئ التعايش السلمي وتحاشي التدخل التي أرسى أسسها تشو إن لاي. وعلى الرغم من التغييرات الكبيرة التي شهدها العالم فإن هذه المبادئ تخدم مصالح الصين لأنها تجنبها الانخراط في مواقف قد تبدّد قدراتها وتجنبها خطر أن تحشر في زاوية ينظر إليها فيها على أنها عدو للولايات المتحدة وباقي العالم المتطور، كما تسمح لها بمواصلة التركيز على مهمات التنمية الداخلية الكبرى التي ما زالت تواجهها.
ثم يقول «ولكن إصرار الصين على الامتناع عن اتخاذ مواقف حاسمة في قضايا السياسة الخارجية الصعبة وفي تجنب المشكلات المستعصية والمعقدة أصبح صعب المنال، وهو ما أشار إليه أخيرا موقفها من الأزمة السورية. فكان واضحا أن الدول الأكثر تأييدا في الظروف الاعتيادية لما يسمى بـ(مبدأ التدخل الإنساني)، كبريطانيا والأهم منها الولايات المتحدة، قد واجهت قيودا في الحالة السورية بسبب نفور شعوبها من الانخراط في حروب جديدة ومن عجزها في ظل الأزمة المالية المستمرة على تمويل هذه المغامرات المكلفة».
ويتابع «ولكن عجز الدول الغربية عن التدخل لا يعني أن المشكلة ستحل نفسها بنفسها أو أنها ستختفي بقدرة قادر. فالتزام الصين بالمعاهدات والمواثيق الدولية التي تحرم استخدام الأسلحة الكيماوية لا يقل عن التزام أي من الدول الكبرى الأخرى». ويختتم كلامه بالقول «إن النفوذ الاقتصادي والدبلوماسي الذي تتمتع به الصين كبير جدا ولا يمكن تجاهله، ومن المفروغ منه تقريبا أن تجد الصين نفسها مجبرة في السنوات المقبلة على اتخاذ مواقف حاسمة في قضايا كانت في الماضي تتجنبها بوصفها تقع خارج نطاق منطقة نفوذها وبالنتيجة خارج نطاق اهتماماتها. فقوة الصين الاقتصادية في عالم اليوم تعني أن قوتها السياسية والدبلوماسية أصبحت من القوى الجديدة الأكثر تأثيرا في الشؤون الدولية».
 
في الذكرى الثالثة.. متفائلون بتحقيق أهداف الثورة رغم الصعوبات

د. بدر جاموس.. * الأمين العام للائتلاف السوري المعارض

جريدة الشرق الاوسط..
كان خروج المظاهرات في مارس (آذار) 2011 مفاجئا ومفرحا في آن، فبعد نحو خمسين عاما من القمع والتسلط وكم الأفواه من قبل نظام دموي، وجه السوريون رسالة للعالم بأنه «آن للظلم أن ينجلي».. وبأنهم يريدون حريتهم من نظام الأسد الذي عانوا منه الأمرين اعتقالا وترهيبا وقتلا وتشريدا.. وبدأت الثورة في أشهرها الأولى كحراك سلمي اتخذ من الأغاني والموسيقى والورود والشعارات واللافتات المبتكرة وسيلة للتعبير عن تطلعات شعب تواق إلى الحرية والكرامة والعدالة، وما لبث أن عم الحراك معظم المحافظات السورية ابتداء من درعا إلى القامشلي وبانياس إلى حمص واللاذقية وإدلب وحماه ودير الزور وحلب وغيرها.
لكن قمع النظام لثورة الشعب بكافة الوسائل، بدءا بالاعتقالات ورمي المتظاهرين بالرصاص وانتهاء بما سماه النظام «الحسم العسكري» ضد شعب أعزل استخدمت معه قوات الأسد، في قصفها على المدنيين، جميع أنواع الأسلحة الثقيلة، جعل الشرفاء من قوات جيش النظام ينشقون عنه، ليشكلوا الجيش السوري الحر بقيادة العقيد رياض الأسعد وذلك في نهاية شهر يوليو (تموز) 2011.
وهكذا أصبح الثوار يقارعون أشد الأنظمة ديكتاتورية في العصر الحديث، نظام ادعى وروج طويلا لكذبة أنه «نظام مقاوم» و«ممانع» يسعى لتحرير الأراضي المحتلة، لكن الثورة أسقطت ورقة التوت هذه عنه ليظهر على حقيقته التي أخفاها طويلا عن السوريين.
فقد حارب نظام الأسد الشعب السوري حربا شعواء، في حين أنه لم يطلق رصاصة واحدة على جبهة الجولان تجاه عدوه الإسرائيلي المفترض منذ أن احتل جزءا من الأرض السورية.. واستخدم النظام من دون توان جميع الأسلحة التي دفع الشعب ثمنها باهظا وكأنه يقاتل «عدوا صهيونيا غاشما» لا شبانا طالبوا بحقهم في الحرية والعدالة.
ولا يخفى على أحد، أن نظام الأسد في حربه على الشعب، خدم أجندة إسرائيل التي تسعى منذ زمن إلى استنزاف سوريا، وإلى إضعاف نظام الملالي الإيراني الذي قدم دعما لا حدود له لحليفه الأسد تمثل بالمال، وبالمساعدة التقنية، وبتقديم عناصر ميليشيا حزب الله الإرهابي للقتال إلى جانب قوات النظام. كما كان واضحا أشد الوضوح دعم روسيا لربيبها نظام الأسد، فقد أمدته بالسلاح والعتاد والأموال أيضا، للحفاظ على توازنات إقليمية وحسابات دولية ولإبقاء حليفها موجودا في المنطقة.. وتدخلت دولة العراق أيضا في إرسال ميليشياتها الطائفية التي أجرمت بحق المدنيين العزل، وارتكبت مجازر مروعة كان بعضها بالأسلحة البيضاء.
وفي خضم الصمت الدولي المستمر، وتقاعسه عن دعمه الحقيقي لثورة الشعب السوري، والإشاحة بوجهه عن مأساة الشعب الذي قدم 140 ألف شهيد بل أكثر، وغادر بلاده هربا من قصف النظام ليصل عدد السوريين في بلاد اللجوء إلى ستة ملايين. مع كل هذا، أصبح جليا سقوط الأقنعة التي كانت ترتديها دول العالم، والتي كانت تتجمل بشعارات حماية حقوق الإنسان، وحماية المدنيين، وغيرها من شعارات كانت تعبر فيها عن تحضرها.. فقد كان وقوفها عاجزة - أو متغاضية - أمام انتهاكات نظام الأسد، وارتكابه بشكل مستمر للمجازر، والتي امتدت حتى استخدامه للسلاح الكيماوي على المدنيين في الغوطة الدمشقية، دليلا على أن هذه الشعارات مجرد أقوال لا ترقى لمستوى الأفعال والنتائج، وهي مجرد كلمات مبدئية لا تصل لمستوى المصالح السياسية والاقتصادية لهذه البلدان التي تعتبرها خطا أحمر لا يجوز المساس به مهما كانت الوسيلة.
وكان موقف الغرب عالقا أيضا أمام تعقد التوازنات الدولية، والتردد في حسم الموقف وحسابات أخرى تتعلق بموقع سوريا الجغرافي وقربها من دولة إسرائيل، الأمر الذي شجع نظام الأسد على إرضاء المجتمع الدولي وكسب وده بتسليم سلاحه الكيماوي الذي كان يفترض أن يشكل السلاح المهدد لإسرائيل، في حين استمر النظام بقصف المدنيين وبشكل مستمر بالبراميل المتفجرة التي يلقيها من طيرانه الحربي فتدمر وتقتل وتشوه على مرأى أعين العالم.
وعلى الرغم من إجرام هذا النظام، فقد وافق الائتلاف الوطني على الحل السياسي وعلى التفاوض حقنا لدماء السوريين، وكطريق لتشكيل هيئة حكم انتقالي تملك كافة الصلاحيات. لكن هذا الأمر لم يعجب نظاما ما زال يتلقى دعما من حلفائه، نظاما أطلق كذبة «محاربة الإرهاب» وصدقها وأصر عليها وحاول الإقناع بها، في حين أن الجيش السوري الحر هو من يحارب إرهاب تنظيم «دولة العراق والشام» الذي خلقه النظام نفسه ليفسد ثورة الشعب السوري وينهي آماله في الحرية، وليقدم نفسه على أنه محارب شرس لإرهاب هو ممثله ومبدعه.. لكن هيهات أن يخدع العالم..
وفي ذكرى الثورة الثالثة، ثورة شعب تاق طويلا إلى الحرية، ودفع ثمنا باهظا في طريقها، وبالتزامن مع كل الصعوبات والمستجدات، وعلى الرغم من تقاعس المجتمع الدولي عن تقديم الدعم بشكل جدي للثورة والثوار، نحن متفائلون جدا بأنه مهما طال المطاف بثورتنا الجليلة، ومهما قدمنا من تضحيات جسام، فإن الثورة سوف تنتصر حتما، لأن الشعب السوري قوي وقادر على نيل مراده وتحطيم أصنام نظام جعل شعبه يعيش في وهم «صراع مع إسرائيل» الذي لا يتعدى حرب طواحين الهواء.. نظام ورث حكم والده حافظ الأسد المتسلط وصاحب مجازر حماه وحلب، بعد أن عدل الدستور بدقائق متسلما الحكم في 10 يوليو (تموز) 2000، متجاهلا وجود شعب يحق له الاختيار والاعتراض عليه.
ونحن نقول إن ثورتنا ما زالت مستمرة حتى آخر رمق، وما زال شعبنا صامدا ومصرا على الوصول إلى نهاية النفق.. وما زال الائتلاف الوطني السوري صوت الشعب المدوي أمام المجتمع الدولي، يفضح جرائم النظام وأكاذيبه وترهاته ويسعى لانتهاء المطاف به إلى محكمة الجنايات الدولية.
وما زال الجيش السوري الحر مقاتلا شرسا يحقق الانتصار تلو الانتصار ضد قوات نظام أجرم بحق الشعب وبحق الإنسانية، وسيلقى قريبا مصيره الأسود، نظام يتجاهل الحل السياسي ولا يعرف ولا يفهم سوى لغة القوة.
 
أعداد كبيرة من المقاتلين والقتلى
عصائب أهل الحق العراقية تبسط نفوذها بسوريا بالقتال مع الأسد
إيلاف...لميس فرحات
بتوجيه من الجنرال الإيراني قاسم سليماني، تجنّد عصائب أهل الحق المقاتلين الشيعة في العراق في الميليشيات التي تقاتل إلى جانب بشار الأسد، وقد خسرت أكثر من 500 عنصر حتى اليوم.
بيروت: تحولت الثورة في سوريا بعد ثلاث سنوات إلى حروب على جبهات عدة، يتداخل فيها الكثير من الأيدي الخارجية، في حين أثبتت البلاد نفسها كساحة قتال للكثير من الأجندات والمخططات.
من هذه الأيدي الخارجية جماعة "عصائب أهل الحق" العراقية، التي ترسل المسلحين إلى سوريا للقتال إلى جانب القوات الحكومية في مواجهة المعارضة المسلحة. وحصلت هذه الجماعة على نفوذ متزايد منذ رحيل القوات الأميركية عن العراق في كانون الأول (ديسمبر) 2011، لتصبح أحد أبرز اللاعبين في الحياة السياسية في العراق.
شرعية سياسية
لكن وفقًا لصحيفة غارديان البريطانية، فإن عصائب أهل الحق توسّع نشاطاتها إلى سوريا المجاورة عن طريق المشاركة في الحرب إلى جانب الأسد وتحويل ميزان القوة إلى صالح النظام.
نشأت عصائب أهل الحق برعاية قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، الجنرال قاسم سليماني. وترتبط هذه الجماعة ارتباطًا وثيقًا بحزب الله في لبنان، إضافة إلى ارتباطها الايديولوجي بالمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي.
ويعتقد مسؤولون استخباراتيون عراقيون أن الحركة تتلقى ما بين 1.5 إلى 2 مليون دولار شهريًا من إيران، وفقًا لغارديان التي أشارت إلى أن صعود الحركة يربك الكثير من القادة السياسيين في العراق ويثير قلقهم.
وقال أحد الوزراء العراقيين: "قبل 7 سنوات، كانت هذه الحركة مجرد تابع لإيران من أجل مهاجمة الأميركيين، والآن لديها شرعية سياسية وتصل أيديها إلى كافة الأجهزة الأمنية، وبعضنا لم ينتبه لهذا إلا بعد فوات الأوان".
استثمار مكلف
تكثف عصائب أهل الحق دعمها لحكومة الأسد، ومن أبرز تجليات هذا الدعم الأعداد الهائلة من القتلى في الحرب المستعرة في سوريا، إذ تشير الصحيفة إلى أن مقبرة وادي السلام في النجف تستقبل أعدادًا كبيرة من القتلى، وأن "معظم هؤلاء لم يموتوا في العراق، بل قتلوا في سوريا خلال دفاعهم عن الأسد".
واشترت جماعة عصائب أهل الحق قطعة أرض تتجاوز مساحتها 2500 متر مربع وحولتها إلى مدفن كبير لمقاتليها الذين يسقطون في سوريا.
ويقول قيس الخزعلي، مسؤول الجماعة، في كل خطاباته ومقابلاته على مدى العامين الماضيين إن قتال ميليشياته في سوريا يهدف إلى إلحاق الهزيمة العسكرية بالولايات المتحدة. وحصلت تصريحاته على تأييد الآلاف من الشيعة العراقيين الذين تطوعوا للقتال من أجل نظام الأسد في سوريا، كما أثارت قلق العديد من المجتمعات المحلية في مناطق الشيعة في البلاد، الذين يرون مشاركة أفرادهم في معارك سوريا بمثابة استثمار مكلف في صراع طائفي عابر للحدود.
خمس جثث يوميًا
في مقبرة النجف، التي تعتبر الأكبر تقريبًا في العالم والتي تحتضن نحو 5 ملايين قبر، يقول حفارو القبور إنهم بالكاد يميزون بين نهاية حرب وبداية أخرى، فما إن غادرت أميركا حتى انفجرت سوريا. وقال أحدهم إن الجثث القادمة من سوريا بلغت أعدادًا غير مسبوقة، وهناك 500 منها على الأقل حتى الآن، مضيفًا: "وصلت ثلاث جثث كل يوم خلال الشهر الماضي وحده عبر الحدود مع إيران، لمقاتلين يموتون في سوريا ويدفنون هنا".
مهمة عصائب أهل الحق، إلى جانب الحرس الثوري الإيراني، تحويل دفة الحرب لصالح الأسد الذي كاد يفقد السيطرة أواخر العام 2012. "لكن قرارًا استراتيجيًا صدر عن الجماعات الشيعية للدفاع عن الأسد مهما كلف الثمن"، كما قال سفير إحدى الدول الذي كان مقيمًا في العاصمة السورية في ذلك الوقت.
وتشير التقارير إلى تورط أعداد كبيرة من العراقيين في الحرب السورية. ويقول مسؤول عراقي رفيع المستوى على صلة بالاستخبارات: "لقد قدمت لهم الحكومة تغطية لأنشطتهم السياسية والأمنية، والمالكي يخاف منهم لكن ليس بيده فعل شيء، وهذا أمر معتاد، فعندما لا يستطيع المالكي التعامل مع مسألة ما، يدير ظهره لها".
أضاف: "حاول المالكي تشكيل خلية لمراقبة عصائب أهل الحق أواخر العام 2010، لكنهم اكتشفوا أمرها ما أثار إحراجًا كبيرًا له، ثم دفع لهم المال معتذرًا وبالتالي فقد احترامهم له".
 
«الإسلام الكردي» إذ يستيقظ
الحياة... رستم محمود..* كاتب سوري
بعيد هجوم تنظيم «داعش» الإرهابي على قرية تل معروف الكردية وهدمه المقامات الدينية لشيوخ آل الخزنوي، ظهر في النقاش البيني الكردي السوري العام حديث عن «الإسلام الكردي»، المتباين روحياً واجتماعياً وسياسياً عن نظرائه في الإسلام. مركز هذا الحديث العام كان مزجاً من مدخلين متراكبين، ثقافي-اجتماعي يتمحور حول إبراز العمق الروحي-الصوفي واللاعنفي و «العلماني» لـ «الإسلام الكردي»، وسياسي ينتبه الى ضرورة عدم خسارة القاعدة الاجتماعية الكردية المحافظة لمصلحة التنظيمات السياسية غير الكردية، ولدحض ما يروج عن الأحزاب الكردية بأنها «علمانية» و «شيوعية»، في شكل يوحي وكأنها مناهضة للدين والمتدينين.
منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي، حين صعدت نزعات دينية-إسلامية، إيديولوجية وسياسية، في مختلف مجتمعات المنطقة، لجملة من الأسباب الموضوعية، كنكوص التنمية وعنف الأنظمة المستبدة وتأثيرات حرب افغانستان وصراعات الحرب الباردة، لم يطل جموح الموجة الدينية القاعدة المجتمعية الكردية، ولا النخبة السياسية الكردية، وذلك لطبيعة المظلومية القومية الكردية في دول المنطقة، التي أبقت التيار القومي بحيويته الإيديولوجية والسياسية، والممتزج بالماركسية اليسارية بأشكال مختلفة. والأمر الآخر أن الأنظمة التي كانت تقمع الطموحات الكردية وتحجر عليها، كانت قد حملت ملامح نزعات إسلام سياسي واضحة للغاية، فجافى الأكراد الإسلام السياسي لصلته بتلك الأنظمة.
آنذاك كانت إيران في سنوات ثورتها الإسلامية الأولى. وفي تركيا، كان مشروع تورغوت أوزال المحافظ والمتحالف مع التيارات الصوفية، يشكل النزعة الإسلامية الأولى في تاريخ الدولة التركية، والتي هيأت القاعدة الشعبية لصعود تيار نجم الدين أربكان ومن ثم حزب العدالة والتنمية. نظام صدام حسين كان قد بدأ يطرح وجهه الإسلاموي، خصوصاً بعد انكشافه التام عقب هزيمته في حرب الخليج الأولى، حتى أنه قاد حملة إبادته للأكراد العراقيين تحت تسمية ويافطة سورة قرآنية، هي «الأنفال». استمر ذلك التناقض السياسي المجتمعي الموضوعي بين الأكراد وهذه الأنظمة «الإسلاموية»، بأشكال مختلفة قرابة أربعة عقود تقريباً.
وثمة ملامح في مختلف البيئات الكردية، تسير عكس ذلك السياق التقليدي لتموضع الأكراد الذي نما بالتقابل مع مواقع الإسلام السياسي. الأهم في ذلك شهدته كردستان العراق، حيث سيؤدي التفكك الموضوعي المتقادم لـ «التحالف» الشيعي الكردي إلى استنهاض «إسلام» كردي مضاد لـ «الإسلام» الشيعي الذي يمسك بسلطة الدولة المركزية، وبينهما ينشب النزاع خصوصاً في منطقة كركوك المتنازع عليها، حيث تتمركز الطبقة الاجتماعية الكردية الأكثر محافظة. هذا الميل الإسلامي-السنّي الكردي في العراق، المناهض لنظيره الشيعي، أخذ حيويته من تعمق الصراع المذهبي في المنطقة، وشملت مسيرته أكراد إيران أنفسهم، بعدما اكتشفت الأحزاب القومية الكردية في إيران أن نزعتها اليسارية-القومية لا تستطيع مجاراة طاقة النظام على تعبئة الشارع الكردي الإيراني بقوة أجهزة الدولة وخطابها الإسلامي العمومي.
على أن محور بناء «إسلام كردي» سياسي يلقى أصعب تحدياته في سورية وتركيا، حيث يتأسس بالمنافسة مع «الإسلام السنّي» نفسه وبهويته. فقد تنبّهت نخبة حزب العمال الكردستاني السياسية في تركيا، منذ عقد، إلى أن أهم مدخل لسيطرة حزب العدالة على القاعدة الشعبية الكردية في جنوب شرق البلاد (ثمة 79 نائباً برلمانياً كردياً من حزب العدالة والتنمية، مقابل 31 نائباً كردياً من حزب السلام والديموقراطية - القومي الكردي)، يعود الى قدرة حزب العدالة والتنمية على استغلال الخطاب والمشاعر الدينية. لقد سعى الحزب القومي الكردي لمناهضة هيمنة حزب العدالة على المناطق الكردية، من خلال جذب شخصيات كردية محافظة ومتدينة، وبالذات منهم زعماء الطرق الصوفية المنتشرة في المناطق الكردية، حيث وصل الأمر إلى إقامة الصلوات خارج الجوامع، لأن الدولة لا تجيز الخُطب باللغة الكردية. ولتفنيد الدعاية التي تلاحق الحزب القومي الكردي الموسوم بأنه «ماركسي»، راح كثيرون من زعمائه يشاركون في كل المناسبات الدينية.
على أن أكثر ما يثير الدهشة، هو التقارب المتنامي بين حزب السلام والديموقراطية الكردي وبين تنظيم «حزب الله» التركي الذي نفّذ حملة الاغتيالات ضد المتمردين الأكراد في بداية التسعينات، إلى أن قمعته أجهزة الاستخبارات التركية أواسط ذلك العقد، وهي الأجهزة التي سبق أن دعمته في حربه ضد المتمردين الأكراد. والتقارب هذا، نتج أساساً من «التفهم الكردي» الذي بدأ «حزب الله» يبديه مع هيمنة حزب العدالة والتنمية، حيث بات يتبنى شعار «الحكم الذاتي» كحل للمسألة الكردية في تركيا.
وقصارى القول إن الأكراد شكلوا، في هذه الدول الأربع، احتياطاً موضوعياً لأشكال من العلمنة والمدنية والحيوية السياسية، لأن المجتمع الكردي لم يدخل «الكسل السياسي» الذي دخلته كتل كبيرة من مجتمعات هذه الدول، وكان للأسلمة السياسية فيها دور بارز في ذلك «الكسل». واليوم ثمة ما ينكسر في ذلك، لأن النخبة السياسية الكردية باتت تكتشف قدرتها على استغلال الحيوية الدينية الكردية في التصارع المذهبي، وكذلك أن بناء «إسلام كردي محلي» هو المحرك السياسي الوحيد للحفاظ على الطبقة الكردية المحافظة.
 
 أوكرانيا على مفترق: جسر بين الشرق والغرب أم ساحة صراع؟
جورج حداد.. * كاتب لبناني
اعتبرت غالبية المراقبين الغربيين أن الأزمة الأوكرانية التي سرعان ما اتخذت طابعاً دولياً هي أكبر أزمة تنشب بين روسيا والدول الغربية منذ نهاية الحرب الباردة.
ومع بداية المناورات العسكرية الروسية على الحدود الأوكرانية في 27 شباط (فبراير) الماضي، ثم مصادقة البرلمان الروسي بالإجماع على تخويل الرئيس فلاديمير بوتين صلاحية استخدام القوات المسلحة الروسية على الأراضي الأوكرانية «للدفاع عن المواطنين الروس والمصالح القومية الروسية ضد النزعة الفاشية المتصاعدة في أوكرانيا، المدعومة من أميركا والمعادية لروسيا»، وُضع العالم كله على شفير المواجهة الساخنة بين روسيا والغرب. وطرح الرئيس باراك أوباما مسألة مقاطعة روسيا ومحاصرتها وفرض العقوبات السياسية والاقتصادية عليها، ووضعت القوات الأميركية في حال التأهب القصوى. وفي الوقت ذاته تعالت الأصوات العدائية في البرلمان الروسي، إذ طالب عدد من النواب بضرورة سحب السفير الروسي من واشنطن، بينما دعا آخرون إلى القطع التام لجميع العلاقات مع أميركا. وأحالت رئيسة مجلس النواب الروسي هذه الاقتراحات على لجنة خاصة لبحثها ووضع التوصيات في شأن النهج الجديد لروسيا تجاه أميركا ودول الناتو والاتحاد الأوروبي.
وفي الجانب الغربي ظهر التباين في المواقف الأوروبية والأميركية من جهة، وفي المواقف الأوروبية ذاتها والأميركية ذاتها، لأن أحداً لم يكن يتوقع رد فعل موسكو بهذه الصورة الحادة.
ومنذ أن حلّقت الطائرات الحربية الروسية في الأجواء المجاورة لأوكرانيا حاملة الصواريخ النووية القريبة والبعيدة المدى، وتحرك الأسطول النووي الروسي في البحر الأسود، تحول البحث في الأزمة الأوكرانية وطبيعتها وأبعادها والموقف الغربي منها إلى الشغل الشاغل لجميع السياسيين وجميع القيادات العسكرية وجميع مراكز الأبحاث المـعنية في أميركا وأوروبا.
وفي هذا السياق كتب السياسي وعالم الاجتماع والمؤرخ المعروف هنري كيسينجر مقالاً في جريدة «واشنطن بوست» طرح فيه وجهة نظره حول الأزمة في أوكرانيا.
واستهل مقاله بالقول إن المناقشات العامة حول أوكرانيا تفيض بروحية المواجهة، ولكن، هل نعلم إلى أين نحن متوجهون؟ لقد شهدت في حياتي أربع حروب، بدأ كل منها بحماسة كبيرة وبدعم اجتماعي، ولكن، في أي منها لم نكن نعلم كيف ننهي الأمر، وفي الحساب الأخير انسحبنا من ثلاث منها من طرف واحد. إن المحك في السياسة هو كيف ستنتهي الحروب وليس كيف تبدأ.
ويضيف: في الغالب يُجرى طرح المشكلة الأوكرانية، وكأنها محك اختبار للقوى: هل ستنضم أوكرانيا إلى الشرق أم إلى الغرب. ولكن لأجل أن تسلم أوكرانيا وتنجح، فهي لا ينبغي أن تتحول إلى موقع متقدم لأحد الجانبين ضد الآخر، بل أن تعمل كجسر تواصل بينهما.
ويرى كيسينجر أن على روسيا أن تقبل بأنها إذا حاولت أن تفرض على أوكرانيا وضعية التابع، ما يعني من جديد توسيع الحدود الروسية، فهذا من شأنه أن يعرض موسكو للوقوع في الدورات المتكررة المنهكة من الصراعات المتبادلة مع أوروبا وأميركا.
ومن جهته، فإن على الغرب أن يفهم أنه بالنسبة لروسيا، فإن أوكرانيا لا يمكن أبداً أن تكون بلداً أجنبياً. فإن التاريخ الروسي قد بدأ مما يسمى «كييف روس» (وهي أول دولة روسية وقد نشأت في كييف). كما أن الأرثوذوكسية الروسية انطلقت من هناك. وقد كانت أوكرانيا جزءاً من روسيا على امتداد قرون. وتاريخهما هو مترابط منذ ما قبل ذلك. وأن بعض أهم المعارك لأجل حرية روسيا، بدءاً من معركة بولتافا عام 1709 (بين الجيشين الروسي والسويدي والتي انتصر فيها الروس)، إنما حصلت على الأرض الأوكرانية. وأسطول البحر الأسود الذي بواسطته تؤكد موسكو نفوذها في البحر الأبيض المتوسط، يتمركز في سيباستوبول في شبه جزيرة القرم، بموجب اتفاقات تأجير طويلة الأجل بين البلدين. وحتى أن أديبين منشقين سابقين (معاديين للسوفيات) مثل ألكسندر سولجينستين وجوزف برودسكي كانا يؤكدان أن أوكرانيا هي جزء لا يتجزأ من التاريخ الروسي وحتى من روسيا.
العنصر المقرر هو الأوكرانيون أنفسهم. فهم يعيشون في بلد ذي تاريخ معقد ومجتمع متعدد الثقافات. فالقسم الغربي جرى ضمه إلى الاتحاد السوفياتي عام 1939 (وكان قبل ذلك تابعاً لبولندا، وقبل الحرب العالمية الأولى كان تابعاً للإمبراطورية النمسوية - المجرية، وقد تحرر هذا القسم وضُم إلى أوكرانيا بفضل روسيا). كما أن القرم الذي تبلغ نسبة الروس فيه 60 في المئة، صار جزءاً من أوكرانيا عام 1954، حينما أهداه نيكيتا خروشـوف، الأوكراني المولد، لأوكرانيا في الذكرى الـ300 للاتفاق بين روسيا والقوزاق (الذين كانوا يقاتلون ضد التسلط البولندي). والقسم الغربي هو على الأغلب يتحـدث بـاللـغة الأوكـرانية، أما القسم الشرقي فهو على الأغلب يتحدث باللغة الروسية. وكل محاولة من أحد القسمين للهيمنة على الآخر، كما يجري الآن، سيؤدي إلى حرب أهلية وانقـسام. وإذا نـظرنا إلى أوكرانيا كعـنصر مجابهة بيـن الشرق والغرب، فإن آفاق خلق نظام للتعاون الدولي، يضم روسيا والغرب، خصوصاً روسيا وأوروبا، ستكون معرضة للانهيار لعشرات السنين.
أوكرانيا استقلت بالكاد منذ 23 سنة. وقبل ذلك كانت تحت الحكم الأجنبي منذ القرن الرابع عشر. وليس من المفاجئ أن سياسييها لم يستوعبوا بعد ضرورة إجراء التسويات. وكل طرف منهم يحاول فرض إرادته على الأطراف الأخرى من البلاد. وهذا هو محتوى النزاع بين فيكتور يانوكوفيتش ومزاحمته السياسية الرئيسية يوليا تيموشينكو (رئيسة الوزراء السابقة التي كانت في السجن). إنهما يمثلان جناحي أوكرانيا، ولا يرغبان في التشارك بالسلطة.
ووفق كيسينجر، فإن السياسة الأميركية الذكية في أوكرانيا ينبغي أن تقوم على إيجاد طريقة للتعاون بين هاتين الكتلتين في البلاد، وليس في أن تسيطر إحداهما على الأخرى. ويقول: إن على القادة دراسة المخارج الممكنة، وليس أن يتباروا في من هو الأعظم. وإليكم كيف أرى شخصياً المخرج الممكن المتوافق مع قيم الأمن ومصالحه لجميع الأطراف المعنيين:
1- أوكرانيا لها الحق في أن تختار بحرية علاقاتها السياسية والاقتصادية، بما في ذلك مع أوروبا.
2 - أوكرانيا لا ينبغي أن تدخل في حلف الناتو.
3 - أوكرانيا لها الحق في أن تشكل بحرية حكومتها بما يستجيب لإرادة شعبها.
4 - تبعاً لقواعد النظام الدولي القائم، فإن روسيا لا ينبغي أن تضم شبه جزيرة القرم. ولكن ينبغي إيجاد السبيل بحيث لا تكون علاقات القرم وأوكرانيا مشحونة بمثل هذا التوتر. لهذه الغاية، ينبغي على روسيا الاعتراف بسيادة أوكرانيا على القرم. أما أوكرانيا، فعليها أن توسع الاستقلال الذاتي للقرم من خلال انتخابات في حضور مراقبين دوليين. وهذا ينبغي أن يتضمن إزالة كل غموض حول وضعية أسطول البحر الأسود الروسي في سيباستوبول.
 
البرلمان الأوكراني صادق على إنشاء قوة للحرس الوطني وميركل تنذر روسيا.. وكيري يحذر من خطوات «خطيرة جدا» بعد تصويت القرم

كييف: «الشرق الأوسط» ..
صادق البرلمان الأوكراني، أمس، على إنشاء قوة من الحرس الوطني قد تضم 60 ألف عنصر، بينما تخشى السلطات الجديدة من عمليات تسلل للجيش الروسي في شرق البلاد. وجرت المصادقة على مشروع القانون بغالبية 262 نائبا حاضرا، من دون أي صوت ضد. وقالت السلطات الأوكرانية إن هذا الجهاز التابع لوزارة الداخلية سيكون مؤلفا من متطوعين من «مجموعات الدفاع الذاتي» التي تشكلت في الميدان، ساحة الاستقلال في كييف، التي كانت المعقل الرئيس للمعارضة ضد نظام الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش. وسيكلف الحرس الوطني خصوصا الأمن الداخلي والحدود ومكافحة الإرهاب.
وسيكون الحرس الوطني تابعا لسلطة وزارة الداخلية، ويمكن أن يقدم دعما للقوات المسلحة الأوكرانية البالغ عددها 130 ألفا. وتملك روسيا في المقابل جيشا من 845 ألف عنصر.
وأول من أمس، أعلن أمين مجلس الأمن القومي والدفاع أندريي باروبيي أن تشكيل الحرس الوطني «رد على التحديات التي تواجهها أوكرانيا»، في إشارة إلى دخول القوات الروسية إلى القرم (شبه الجزيرة في جنوب البلاد التي باتت على وشك الالتحاق بروسيا).
وتقدم قرابة 40 ألف متطوع أخيرا إلى مراكز التجنيد التابعة للجيش، وسيلتحق نصفهم بالحرس الوطني، بحسب باروبيي على أن يبدأ تدريبهم أمس.
وحذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل روسيا من العواقب الخطيرة التي قد تترتب على موسكو، إن استمر تحركها في أوكرانيا على الأمد البعيد، وقالت ميركل أمام النواب في البرلمان: «إن استمرت روسيا على الطريق ذاتها التي اتبعتها في الأسابيع الأخيرة، فذلك لن يكون كارثة على أوكرانيا فحسب، بل سيؤدي أيضا إلى إلحاق الضرر، وفي شكل كبير على روسيا خصوصا، أنني مقتنعة بذلك، أكان اقتصاديا أم سياسيا».
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس (الخميس) 13 مارس (آذار) إن روسيا تغامر بمواجهة أضرار سياسية واقتصادية جسيمة إذا رفضت تغيير نهجها بشأن أوكرانيا. وقالت ميركل في كلمة أمام البرلمان: «الأزمة لا يمكن أن تُحَل بعمل عسكري. أقول ذلك لكل الذين يشعرون بالقلق.. العمل العسكري ليس خيارا. وأضافت أن مجموعة اتصال دولية ستعمل على التوسط بين موسكو وكييف، وضمان التواصل بينهما».
وأضافت: «لا يمكن أن تكون سلامة أراضي أوكرانيا محل شك»، موضحة أن الوضع في منطقة القرم بجنوب أوكرانيا لا يقارن بحالة كوسوفو في البلقان.
وحذرت ميركل في كلمتها كذلك من أنه إذا استمرت روسيا في العمل على زعزعة الاستقرار في أوكرانيا، فإن زعماء الاتحاد الأوروبي مستعدون لاتخاذ المزيد من الإجراءات.
وقالت: «هذه الإجراءات قد تتعلق بالتعاون الاقتصادي مع روسيا في مجالات مختلفة. ولنقل ذلك دون لبس؛ لا أحد يرغب في اتخاذ هذه الإجراءات، لكننا جميعا سنكون مستعدين لذلك ومصممين عليه إذا تطلب الأمر ذلك». وأكدت ميركل أن روسيا تخاطر بتحمل أضرار اقتصادية وسياسية جسيمة إذا رفضت تغيير مسارها فيما يتعلق بأوكرانيا.
وقالت: «السيدات والسادة، إذا واصلت روسيا النهج الذي اتبعته في الأسابيع الماضية، فإنها لن تكون كارثة بالنسبة لأوكرانيا فقط». وأضافت: «لن نراها نحن فقط وإنما جيران روسيا أيضا على أنها تهديد».
وفي واشنطن، حذر وزير الخارجية الأميركي جون كيري من «سلسلة من الخطوات الخطيرة للغاية «التي ستتخذ يوم الاثنين المقبل، إذا لم يجد الاستفتاء المقرر يوم الأحد المقبل في شبه جزيرة القرم حلا للأزمة الراهنة». وقال كيري أمام لجنة تابعة للكونغرس إنه تحدث لفترة وجيزة صباح أمس مع نظيره الروسي سيرجي لافروف. وقال كيري إن لافروف سيلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي أمس. وأضاف: «لم يكن هناك (أي مبرر، ولا شرعية) للاستفتاء المقرر في شبه جزيرة القرم، في ظل وجود قوات عسكرية يزيد عددها عن 20 ألفا». وقال كيري إن هناك قليلا من الشك بشأن عما سوف يسفر عنه استفتاء يوم الأحد، على ضوء الظروف الراهنة»، ولكنه أعرب عن أمله في أن «يتغلب صوت العقل».
 
3 قتلى في تجدّد المواجهات في فنزويلا ودول أميركا الجنوبية تشجّع على بدء حوار
النهار... (و ص ف)
قتل ثلاثة اشخاص الاربعاء في شمال فنزويلا، كما دارت مواجهات بين الطلاب والشرطة في وسط كراكاس التي منعت السلطات دخوله بعد شهر من انطلاق حركة الاحتجاج في العاصمة. وشهدت مدن عدة تظاهرات احتجاجا على العنف الذي تستخدمه الشرطة وخصوصاً في فالنسيا حيث سقط ثلاثة قتلى، فارتفع الى 24 عدد ضحايا الاضطرابات في البلاد منذ الرابع من شباط.
وفي كراكاس، حاول حشد من ثلاثة الاف طالب دخول وسط المدينة حيث كان مؤيدون للحكومة يتظاهرون، الا ان شرطة مكافحة الشغب اقامت حواجز حالت دون عبورهم. وعندها رشق عشرات المتظاهرين قوى الأمن بالحجار والزجاجات الحارقة، فردت عليه بقنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، ففرت غالبية المتظاهرين الى الجامعة المركزية القريبة من المكان.
وفي فالنسيا، اعلن حاكم ولاية كارابوبو فراسيسكو اميلياش المقرب من النظام ان "جنودا اطلقوا النار على زملاء لهم كانوا يقيمون حاجزاً"، مما ادى الى مقتل طالب في الـ20 ورجل في الـ42، استناداً إلى رئيس بلدية المدينة المعارض ميغيل كوتشيولا.
واوردت الصحف المحلية ان الشاب اصيب برصاصة في رأسه بينما كان في مكان تنظم فيه تظاهرة بالقرب من منزله، الا ان ذويه اكدوا انه "لم يشارك في التظاهرات". واشار اميلياش عبر "تويتر" في وقت لاحق الى مقتل شرطي من الحرس الوطني في حي ناغاناغ.
وبدأت الاحتجاجات بعد محاولة اغتصاب طالبة في حرم جامعة سان كريستوبال. وكان الدافع اليها في البدء انعدام الامن الا ان المطالب التي طرحت فيها بعد ذلك شملت لجم التضخم (56% في 2013) وتوفير المواد الغذائية ووقف تجاوزات الشرطة.
واوقف اكثر من عشرة من رجال أمن بعد اتهامهم بقتل متظاهرين.
وأعلن الرئيس نيكولاس مادورو الثلثاء انه سيمنع من الآن فصاعدا كل مسيرات المعارضة نحو وسط العاصمة حيث الغالبية من الموالين، ما دام يزال الناشطون المتطرفون يقيمون حواجز في شرق كراكاس وما دامت المعارضة "ترفض الحوار".
من جهة اخرى، قرر وزراء الخارجية لـ12 دولة من اتحاد دول اميركا الجنوبية "اوناسور" المجتمعين الاربعاء في سانتياغو بتشيلي، تأليف لجنة للتشجيع على الحوار في فنزويلا.
 
 
 
 
 
 
 
 

المصدر: مصادر مختلفة

في غزة، الوقت الأكثر خطراً..

 الأربعاء 23 تشرين الأول 2024 - 7:38 م

في غزة، الوقت الأكثر خطراً.. لا ينبغي للولايات المتحدة أن تنتظر لترى إذا كان مقتل قائد حماس يحيى … تتمة »

عدد الزيارات: 175,142,765

عدد الزوار: 7,779,171

المتواجدون الآن: 0