اخبار وتقارير...الهويّة الباردة التي يحوّلها التنازع السنّيّ - الشيعيّ هويّة ساخنة...."قانون الحوكمة" الإسرائيلي: رفع نسبة الحسم في الانتخابات

التغيير الإيراني آتٍ من بيروت ودمشق!.. فنزويلا: مادورو يلوّح بإجراءات لمواجهة الاحتجاجات ومنظمة العفو تدعو إلى احترام حقوق الإنسان.....تركيا: إنجاز لائحة الاتهام لأبناء وزراء سابقين ومجلس النواب يناقش مزاعم الفساد..."لا رؤية مشتركة" بين موسكو وواشنطن لحل أزمة أوكرانيا بوتين "لن يتخذ" أية قرارات قبل الاستفتاء على مصير القرم... القرم تدعو أقاليم مجاورة لاستفتاءات مشابهة حول الانفصال عن أوكرانيا

تاريخ الإضافة السبت 15 آذار 2014 - 8:13 ص    عدد الزيارات 2168    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

"قانون الحوكمة" الإسرائيلي: رفع نسبة الحسم في الانتخابات
نيري زيلبر
نيري زيلبر، هو صحفي وباحث في مجالي السياسة والثقافة في الشرق الأوسط، وباحث زائر في معهد واشنطن.
عشية تمرير الكنيست الإسرائيلي سلسلة من الإصلاحات الانتخابية تحت مسمى "قانون الحوكمة"، وجهت انتقادات حادة لأحد نصوصه وهو: رفع الحد الأدنى المطلوب لحصول الأحزاب السياسية على مقاعد في المجلس التشريعي إلى 3.25% من مجموع الأصوات المدلى بها. وقد سلط الإعلام الضوء على مخاوف المعارضة من "عدم ديمقراطية" تلك الإجراءات التي قد تؤدي إلى سلب مواطني عرب إسرائيل حقوقهم. غير أن التحليل الدقيق للنتائج الانتخابية والحقائق السياسية الأخيرة يشير إلى أن القانون الجديد قد يساعد في الحقيقة الوسط واليسار الإسرائيلي.
الخلفية
تُعقد الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية على أساس التمثيل النسبي على مستوى البلاد حيث تحصل الأحزاب على نسبة من مقاعد الكنيست بناءً على عدد الأصوات التي تحصل عليها - شريطة تحقيق نسبة الحد الأدنى من عتبة الأصوات. وقد ظلت نسبة الحسم تلك عند 1% من مجموع الأصوات المدلى بها حتى عام 1992؛ ولم تُمنح الأحزاب التي لم تحصل على تلك النسبة أية مقاعد. وكان قد تم رفع نسبة الحسم إلى 1.5٪ في انتخابات عام 1992، وإلى 2٪ في انتخابات عام 2003. وسوف ينص قانون الحوكمة الجديد على رفع تلك النسبة إلى 3.25%، بالإضافة إلى إجراءات أخرى.
وكان المبادرون الرئيسيون لمشروع القانون وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان (من تحالف "الليكود- بيتنا") ووزير المالية يائير لابيد (من حزب "ييش عتيد"). وقد طالب لابيد بأن يتم إدراج تلك الإجراءات في اتفاق الائتلاف الذي وقعه مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد انتخابات كانون الثاني/يناير 2013. وفي الوقت الذي قاد فيه لابيد الإصلاحات الحكومية، أو كما أسماها بـ "السياسة الجديدة"، لم تكن فكرة رفع نسبة الحسم بالأمر الجديد. فلقد صاحب خفوت النجاحات الانتخابية الساحقة لحزبي "الليكود" و"العمل" في تسعينيات القرن الماضي، صعود متزامن لأحزاب أصغر مكانة. ومن أجل تشكيل التحالفات الحاكمة والحفاظ على استقرارها، لجأ رؤساء الوزارات إلى طلب الدعم من هذه الأحزاب التي غالباً ما تكون معنية بقضية واحدة، مما أدى إلى قيام تشوهات في ترتيب أولويات الحكومة (أو كما يشار إليها محلياً، بالابتزاز السياسي). ويرى الداعمون لمشروع قانون الإصلاحات الحالي أنه سوف يخفض من ذلك الشكل من الائتلافات المتشرذمة، ويزيد من استقرار الحكومة، ويؤكد مجدداً على الأولويات الوطنية الشاملة.
غير أن الصوت المعارض لتلك المقترحات كان له دوي مرتفع. ففي 20 كانون الثاني/يناير، وصف رئيس حزب "العمل" يتسحاق هرتسوغ هذه الخطوة بأنها "خطراً على التعددية وشريان الحياة الديمقراطية". وفي اليوم نفسه، أوضحت رئيسة حزب "ميريتس" زهافا جالون، أن الحكومة كانت تحاول أن "تقصي من المشهد السياسي قطاعات من الشعب يجري ممارسة التمييز العنصري ضدها" بالفعل، فضلاً عن "إلحاق الضرر البالغ بالنموذج الديمقراطي الإسرائيلي". وقبل ذلك في 26 كانون الأول/ديسمبر وصف أحمد الطيبي، رئيس تحالف "راعام - تاعال" أو "الحركة العربية للتغيير" - فصيل عربي إسرائيلي بصفة أساسية - هذه الخطوة بأتها "معادية للديمقراطية" و"مبادرة يمينية" تستهدف الأحزاب العربية والأقليات الأخرى. ومؤخراً، قاطعت رموز المعارضة مناقشة مشروع القانون في الكنيست وصرحت عزمها على مقاطعة عملية التصويت يوم الثلاثاء - [وبالفعل عند كتابة هذه السطور كانت المعارضة قد قاطعت عملية التصويت في 11 آذار/مارس، وتمت الموافقة على مشروع القانون دون معارضة أو امتناع عن التصويت.]
دراسة النسبة الحاسمة
إذا وضعنا الانتقادات جانباً، سوف تظل النسبة الحاسمة للانتخابات في إسرائيل منخفضة نسبياً إذا ما قورنت بمثيلاتها حتى بعد تمرير القانون الجديد. ومن الصعب العثور على مقارنات تطابق الوضع في إسرائيل، على عكس بلدان أخرى، نظراً لانعدام وجود تصويت في مناطق أو دوائر انتخابية مباشرة، حيث هناك اقتراع واحد فقط على مستوى البلاد. بيد أن العتبات الانتخابية في جميع أنحاء العالم هي أعلى بشكل عام من 3.25 ٪. على سبيل المثال، إن نسبة الحسم في كل من بولندا ونيوزيلندا وألمانيا هي 5٪، بينما هي 10٪ في تركيا. ولدى عشرين من بين ثمانية وعشرين دولة في الاتحاد الأوروبي عتبات انتخابية أيضاً، واثنان منها فقط لديها نسبة حسم تقل عن 3٪.
وليس هناك شك بأن رفع العتبة الانتخابية في إسرائيل، لها تداعيات سياسية، ولكن يبدو أن مخاوف المعارضة مبالغ فيها. وفي الواقع، إن نتائج الانتخابات العامة التي جرت العام الماضي ينبغي أن تمنح الفصائل اليسارية الوسطية سبباً للتفاؤل.
في كانون الثاني/يناير 2013، ذهب ما يزيد على 268000 صوت - أو 7٪ من إجمالي الأصوات - إلى أحزاب لم تتخطى نسبة الحسم المحددة عند 2%. وكان ذلك المزيج من الفصائل التي حصلت في الأصل على تلك "الأصوات الضائعة" قد دعم مجموعة كبيرة جداً من القضايا؛ ومن بين تلك الفصائل الحزب الموالي لتقنين المريخوانا "علَيْ ياروك" و حزب "القراصنة"، وحزب "إيريتس حدشا" لمكافحة الفساد، وحزب "عام شاليم" المعارض لحزب "شاس" الارثوذكسي. غير أنه لم يكن هناك سوى فصيل واحد من بين الأحزاب التي لم تحصل على نسبة الحسم - وهو "عوتصما ليسرائيل"، الموالي للمستوطنين والذي يقف من الناحية السياسية إلى يمين حزب "البيت اليهودي" برئاسة نفتالي بينيت - الذي يمكن أن يُحسب على الجناح اليميني وفقاً للتعريف السياسي الإسرائيلي للمصطلح (يعارض هذا الحزب حل الصراع الفلسطيني - على أساس قيام دولتين - عن طريق المفاوضات). وعلى الرغم من حصول ذلك الحزب على ما يقرب من 67000 صوت (أو 1.76% من الأصوات والتي كاد أن يحقق بها نسبة الحسم)، إلا أن الأغلبية الساحقة لتلك "الأصوات الضائعة" المتبقية التي تصل إلى 200000 صوت قد ذهبت إلى الأحزاب التي تعتبر يسارية (في القضايا الاجتماعية) أو تحررية (في القضايا الاقتصادية).
ويبدو أن داعمي رفع نسبة الحسم يؤمنون بأن العديد من تلك الأحزاب الهامشية سوف تندمج مع أحزاب أكثر قوة أو قد تحجم عن المشاركة في الانتخابات المستقبلية بالكامل بسبب انخفاض فرصها في الحصول على أية مقاعد. غير أنه إذا ما تم أخذ نتائج العام الماضي كقاعدة أساسية، سنرى أن تلك الفصائل والأصوات التي تمثلها سوف تذهب على الأرجح إلى أحزاب يسار الوسط بهامش 3 :1 مقابل أحزاب يمين الوسط.
على سبيل المثال، نجد أن الأصوات التي ذهبت لصالح حزب "علَيْ ياروك" البالغة 44000 صوت قد تذهب بكل سهولة إلى حزب "ميريتس" الليبرالي إذا ما دعم هذا الأخير علانية مزيداً من القوانين التي تتساهل مع العقاقير المخدرة. ولكي نضع الأمر في سياقه ، حصل "ميريتس" على ما يزيد قليلاً على 172000 صوت في عام 2013، وفاز بستة مقاعد. وسيعني فوزه بـ 44000 صوت إضافي حصوله على مقعد آخر على الأقل - في سلطة تشريعية تشغل فيها الاحزاب اليمينية والدينية 61 مقعداً وأحزاب الوسط واليسار 59 مقعداً.
ومع ذلك، فإن الجائزة الأكبر من الناحية النظرية ستكون لـ 79000 مصوتاً كانوا قد دعموا حزب كاديما الوسطي الذي شق طريقه إلى الدورة الحالية للكنيست بصعوبة بالغة بلغت 2.09% من الأصوات، وحصل على مقعدين. وبالنظر إلى العتبة الأعلى، فقد يختار حزب "كاديما" ورئيسه وزير الدفاع السابق شاؤول موفاز، الاندماج مع حزب آخر في الانتخابات المقبلة، من المرجح أن يكون ذلك فصيلاً وسطياً.
تصويت عرب إسرائيل
يأتي هجوم المعارضة الضاري ضد "قانون الحوكمة" منصباً بشكل كبير على الخوف من عدم تمكن الأحزاب العربية الإسرائيلية من تخطي نسبة الحسم المرتفعة سالفة الذكر، وهو ما يؤدي إلى سلب حقوق خمس المواطنين الإسرائيليين بالفعل. وإذا ما أخذنا نتائج انتخابات 2013 كقاعدة أساسية، فسنجد أن هناك حزبين من الأحزاب الثلاثة التي تتشكل بشكل أساسي من عرب إسرائيل - "بَلاد" (2.56 ٪ من الأصوات) و "حداش" (2.99 ٪) - التي لن يكون لها تمثيل في البرلمان في ظل نسبة الحسم المعدلة البالغة 3.25%، مع أن الحزب الثالث، "راعام - تاعال"، قد يجد طريقه إلى الكنيست بصعوبة بعد حصوله على 3.65% من الأصوات في الانتخابات الأخيرة.
غير أن تمرير تلك الإصلاحات الانتخابية المقترحة قد يؤدي إلى دخول تلك الفصائل تحت قائمة حزبية موحدة. وقد قاوم السياسيون العرب تلك الفكرة لسنوات في ضوء اختلافاتهم الأيديولوجية الكبيرة، وقد يقررون الاستمرار في الترشح في الانتخابات بشكل منفصل على الرغم من نسبة الحسم المعدلة، سواء أكان ذلك نابعاً من ثقتهم في فرص نجاحهم في تخطي تلك النسبة أو رفضهم الكامل لفكرة التعاون مع بعضهم البعض. غير أنه وفقاً للنظام السياسي الإسرائيلي، لن تكون تلك الأحزاب في حاجة إلى الاتحاد بشكل رسمي؛ بل يمكنها خوض الانتخابات بقوائم مشتركة ومن ثم حلها بعد الانتخابات، وتقسيم المقاعد على كل حزب على أساس النتائج الانتخابية السابقة أو استطلاعات الرأي عشية الاقتراع. وفي الواقع، إن حزب "راعام - تاعال" نفسه هو تحالف مكوّن من أحزاب إسلامية وقومية عربية.
وقد أبدى عدد غير قليل من المراقبين أيضاً وجهة نظرهم بأنه مع وجود قائمة موحدة، فإن ذلك قد يزيد من مشاركة المصوتين من عرب إسرائيل ومن ثم يزيد من تأثيرهم في النظام السياسي. ووفقاً للإحصائيات الانتخابية الإسرائيلية الرسمية، فإن 77% من الأصوات الصحيحة التي تم الإدلاء بها في المناطق التي يتمركز فيها السكان العرب بشكل رئيسي في انتخابات العام الماضي كانت من نصيب الأحزاب العربية الرئيسية الثلاثة، في حين أن 1.6٪ فقط من الأصوات قد تم "ضياعها" على أحزاب فشلت في اجتياز العتبة الانتخابية (مقارنة مع الرقم المذكور أعلاه على الصعيد الوطني والبالغ 7 ٪ من "الأصوات الضائعة"). وعلاوة على ذلك، لم يذهب إلى صناديق الاقتراع سوى 56% ممن لهم حق الانتخاب من عرب إسرائيل في عام 2013 - وهو ما يعني تراجعاً بنسبة 10 نقاط مئوية عن إجمالي عدد المصوتين على مستوى البلاد و20 نقطة مئوية عن نسبة تصويت عرب إسرائيل في عام 1999. وبعبارة أخرى، فإن احتمالات زيادة مشاركة عرب إسرائيل في التصويت بشكل كبير قد يجعل من نسبة الحسم الجديدة أمراً لا يدعو إلى القلق.
وحتى عندما انتقد السياسيون العرب في إسرائيل الإصلاحات المقترحة في نهاية الأسبوع الأول من آذار/مارس، أشار عدداً منهم علناً بأنهم سوف يخوضون الانتخابات المقبلة في قائمة مشتركة. وتوقع رئيس "بَلاد" جمال زحالقة حصول قائمة موحدة على ما يقرب من خمسة عشر مقعداً (مقابل المقاعد الأحد عشر الحالية التي تشغلها الأحزاب العربية الإسرائيلية)، مشيراً إلى أن "مثل هذه الخطوة تحظى بدعم شعبي مثير للإعجاب ومن شأنها أن تشجع الناخبين إلى الذهاب إلى صناديق الاقتراع." وبالمثل، قال زعيم "راعام - تاعال" أحمد الطيبي، الذي يؤيد قيام لائحة موحدة منذ فترة طويلة، أن "القائمة المشتركة ستؤدي إلى زيادة مشاركة الناخبين في الانتخابات فضلاً عن عدد الأعضاء العرب في الكنيست القادم."
الخاتمة
بناءً على أنماط التصويت والوقائع السياسية الأخيرة، فإن هذا الكم من النقد اللاذع الذي كان قد وُجه إلى "قانون الحوكمة" - وإصلاح العتبة الانتخابية - الذي تم إقراره ليس له أي مبرر واضح. ففي الحقيقة ناصر العديد من قادة المعارضة الحاليين، ومن بينهم رئيسة "ميريتس" زهافا جالون، الزيادة السابقة لنسبة الحسم التي كانت في السنوات الماضية.
إن التاريخ السياسي لإسرائيل غني بالأمثلة على اندماج الأحزاب أو دخولها الانتخابات تحت قوائم موحدة من أجل زيادة حظوظها الانتخابية، بما في ذلك التحالف الأخير "الليكود - بيتنا"، و "يهدوت هتورا" (اندماج حزبين متشددين دينياً)، و "ميريتس" (تحالف مكون من ثلاثة أحزاب يسارية)، وحتى إقامة حزب "العمل" الحالي (1968) و "الليكود" (1973). وعلى الرغم من أنه لا يزال من المبكر جداً التكهن بالتحالفات التي ستتسبب في تشكيلها نسبة الحسم الجديدة والتي ستغير مجرى الانتخابات، إلا أن القانون الجديد قد يساعد في الحقيقة الكثير ممن يعارضونه الآن ويصفونه بأنه محاولة "غير ديمقراطية" أو "يمينية" لسلب حقوق الأقليات. وقد يؤدي مثل هذا التطور إلى تغيير تركيبة الكنيست القادم، وبالتالي الحكومة المقبلة، مع كل ما يترتب على صناعة السياسات الإسرائيلية في المستقبل.
 
 القرم تدعو أقاليم مجاورة لاستفتاءات مشابهة حول الانفصال عن أوكرانيا ورصد طائرة استطلاع أميركية فوق شبه الجزيرة الأوكرانية.. وتدريبات روسية جديدة في المنطقة

واشنطن: هبة القدسي - كييف - لندن: «الشرق الأوسط» ....
دعا رئيس حكومة القرم الموالي لروسيا سيرغي أكسيونوف، المناطق الأخرى الناطقة بالروسية في شرق أوكرانيا إلى إجراء استفتاءات حول انضمامها إلى روسيا، أمس، وذلك قبل يومين من الاستفتاء المرتقب في القرم بشأن استقلال هذه المنطقة أو انضمامها إلى روسيا. وجاءت هذه الدعوة بينما أخفقت محادثات أجراها وزيرا خارجية روسيا والولايات المتحدة حول الأزمة الأوكرانية لكن دون أن تسفر عن أي اختراق.
وقال أكسيونوف خلال مؤتمر صحافي في سيمفروبول، عاصمة شبه جزيرة القرم، إنه «إذا كان هناك عدد كاف من الأشخاص في تلك المناطق يدعمون ذلك (فكرة الانضمام إلى روسيا)، فعليهم تنظيم استفتاءات». وردا على سؤال عن الوقت الذي سيحتاج إليه شبه الجزيرة لتنفيذ نتائج استفتاء يوم غد حول الانضمام إلى روسيا، قال أكسيونوف «سنكون بحاجة إلى سنة واحدة على أبعد تقدير». وحول العسكريين الأوكرانيين في القرم، قال أكسيونوف إن بإمكانهم «الانضمام إلينا أو المغادرة، وقواعدهم ستعود إلى جمهورية القرم ذات الحكم الذاتي».
وجاء هذا الموقف من المسؤول القرمي تزامنا مع إعلان وزارة الصحة الأوكرانية عن مقتل شخص وجرح 17 آخرين مساء أول من أمس في مدينة دونيتسك الواقعة شرق أوكرانيا، إثر هجوم شنه أشخاص موالون لروسيا، ضد متظاهرين مؤيدين للسلطة الجديدة في كييف. وأفادت مصادر طبية بأن أحد المتظاهرين تلقى طعنة أدت إلى وفاته. وحمل عمدة مدينة دونيتسك سيرغي تاروتا السلطات الروسية مسؤولية ارتفاع وتيرة العنف في شرق أوكرانيا.
وبعد حادثة مقتل المتظاهر، قالت وزارة الخارجية الروسية إن روسيا تحتفظ بحقها في حماية مواطنيها في أوكرانيا. وذكرت الوزارة في بيان أن «روسيا مدركة لمسؤوليتها تجاه حياة مواطنيها في أوكرانيا، وتحتفظ بحق حمايتهم». وأضاف البيان «كررنا القول مرارا إن على هؤلاء الذي يمسكون بالسلطة في كييف نزع سلاح المقاتلين، وضمان أمن الشعب وحقه في تنظيم التظاهرات». وتابع أنه «للأسف، وبحسب ما تظهر لنا الأحداث في أوكرانيا، فإن هذا لا يحصل، والسلطات في كييف لا تسيطر على الأوضاع».
بدوره، طالب زعيم التتار في القرم، مصطفى جميليوف، أمس، حلف شمال الأطلسي بالتدخل لحماية التتار في شبه جزيرة كما فعل في كوسوفو ما دامت الأمم المتحدة لن توافق على إرسال قوات حفظ سلام دولية. وأضاف الزعيم التتاري «لم نر أي إجراء جدي من جانب الغرب»، مشيرا إلى أن حظر منح التأشيرات لن يؤثر على الأشخاص الذين فرض بحقهم هذا الإجراء لأنهم «يعيشون حياة هانئة في روسيا». ودعا جميليوف التتار إلى مقاطعة استفتاء الغد، علما بأن هذه المجموعة (غالبية مسلمة) تشكل ما بين 12 في المائة و15 في المائة من إجمالي سكان شبه الجزيرة البالغ مليوني نسمة.
وفي إعلان من شأنه إثارة مزيد من التوتر في المنطقة، أعلنت الهيئة الروسية العامة للتسليح روستكنولوغي (روستك) أمس اعتراض طائرة استطلاع أميركية بدون طيار على ارتفاع كبير فوق شبه جزيرة القرم. وقالت الهيئة في بيان إن الطائرة «كانت تحلق على ارتفاع نحو أربعة آلاف متر، وكانت غير مرئية تقريبا من الأرض، وقد أمكن قطع الاتصال بينها وبين مراكز توجيهها الأميركية من خلال مجمع مكافحة الاتصالات اللاسلكية الإلكترونية (افتوبازا)».
وفي إعلان آخر، قالت البحرية الروسية أمس، إن طائرات روسية مقاتلة بدأت تدريبات جوية فوق البحر المتوسط. وأوضح المتحدث باسم البحرية فاديم سيرغا، لوكالة «إنترفاكس» الروسية، أن الطلعات الجوية بدأت من على ظهر حاملة الطائرات «أدميرال كوزنيتسوف» التابعة للأسطول الشمالي التي رست الشهر الماضي في قبرص، وأن التدريبات تتضمن تكتيكات التعامل مع أهداف جوية وتكتيكات قتالية أخرى. وتضم الطائرات المشاركة في التدريب طائرات «سوخوي إس يو 33» المقاتلة التابعة للدفاع الجوي وطائرات هليكوبتر مضادة للغواصات من طراز «كاموف كيه إيه 27». وقال سيرغا إن الطلعات الجوية ستستمر إذا كان الطقس مواتيا. ولم يشر إلى المواجهة بين روسيا وأوكرانيا بشأن منطقة شبه جزيرة القرم المطلة على البحر الأسود التي سيطرت عليها قوات روسية. وكان سلاح البحرية الأميركي أرسل هو الآخر المدمرة «تركستون» المزودة بصواريخ إلى البحر الأسود في ما وصفه بزيارة روتينية مقررة قبل الأزمة الأوكرانية.
على الصعيد الدبلوماسي، بدا أن المحادثات التي جرت بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لندن أمس بشأن الأزمة الأوكرانية لم تسفر عن اختراق. فقد أعلن لافروف بعد المحادثات التي دامت بضع ساعات أنه «لا توجد رؤية مشتركة» بين البلدين حول الوضع في أوكرانيا، مضيفا أن موسكو «ستحترم رغبة سكان القرم» خلال الاستفتاء المقرر غدا في القرم. وذكر لافروف أن بلاده ستحترم «رغبة سكان القرم» عندما يشاركون غدا في الاستفتاء حول إمكانية التحاق منطقتهم بروسيا. وفي الجهة المقابلة، حذر كيري روسيا من رد أقوى، إذا صعدت التوتر في أوكرانيا وهددت شعبها. وبعد أن أجرى محادثات «مباشرة وصريحة» مع لافروف، قال كيري إن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لن يعترفا بنتيجة الاستفتاء المقرر في القرم، مضيفا أنه تبلغ من لافروف بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليس لديه استعداد لاتخاذ أي قرار بشأن القرم إلا بعد الاستفتاء.
لكن رغم هذا التباين في وجهتي نظر البلدين، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس أنه لا يزال يأمل في التوصل إلى حل سياسي لملف القرم، محذرا في الوقت نفسه من «تداعيات» على روسيا إذا فشل الحل الدبلوماسي. وأكد أوباما أمام الصحافيين لدى استقباله في المكتب البيضاوي رئيس الوزراء الآيرلندي اندا كيني «ما زلنا نأمل في إيجاد حل سياسي، لكن الولايات المتحدة وأوروبا لم تتخذا موقفا موحدا من سيادة أوكرانيا فحسب، بل تعلنان أيضا أنه ستحصل تداعيات إذا ما استمر انتهاك هذه السيادة».
وبدوره، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أنه اتصل بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين هاتفيا أمس وأجرى معه محادثات تركزت على ضرورة السعي لإيجاد «حل سياسي دائم وعادل» للأزمة الأوكرانية، و«اتفقنا على البقاء على اتصال وثيق». وذكر أيضا أن «الطريق لا يزال مفتوحا أمام التوصل إلى مخرج سلمي لهذه الأزمة» مشددا على ضرورة «التركيز على الحوار المباشر (بين موسكو وكييف) لإعداد حل دبلوماسي». وذكر بمبادئ سيادة ووحدة أراضي الدول التي يتضمنها ميثاق الأمم المتحدة والتي «يجب أن تحترم». وفي تعليقه على الاستفتاء المرتقب في القرم، أكد بان على ضرورة «عدم اتخاذ أي قرار متسرع يمكن أن يمس بسيادة ووحدة أراضي أوكرانيا واستقلالها». وكان الكرملين أعلن أن بوتين أبلغ بان كي مون بأن الاستفتاء المقرر تنظيمه غدا في القرم يتفق مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
في غضون ذلك، قالت وزارة الخارجية الروسية أمس، إنه يتعين على بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أن تحصل على موافقة زعماء أي منطقة أوكرانية تخطط لإرسال بعثة مراقبة إليها. وقالت الوزارة في بيان إن الجانب الروسي قبل التفويض بنشر بعثة في أوكرانيا. وأضافت الوزارة «في ما يتعلق بجوانب إمداد وتموين البعثة فإنه من الطبيعي أن يتم الاتفاق عليها مع القيادة في المناطق الأوكرانية التي يتوقع أن يتم نشر البعثة فيها»، في إشارة واضحة إلى منطقة القرم الواقعة جنوب أوكرانيا.
 
"لا رؤية مشتركة" بين موسكو وواشنطن لحل أزمة أوكرانيا بوتين "لن يتخذ" أية قرارات قبل الاستفتاء على مصير القرم
النهار.. (و ص ف، رويترز، أ ب)
أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الخلافات لا تزال قائمة بين موسكو وواشنطن، بعد محادثاته في لندن مع نظيره الاميركي جون كيري والتي هدفت الى انهاء الازمة في أوكرانيا التي تصوت شبه جزيرة القرم الاستراتيجية التابعة لها على الانفصال عنها غداً.
بعد محادثات استمرت ست ساعات بين الوزيرين الاميركي والروسي في لندن، خرج لافروف ليصرح بأن "لا رؤية مشتركة" بين الدولتين، وإن يكن وصف المحادثات بأنها مثمرة. وكرر أن بلاده لا تعتزم غزو جنوب شرق أوكرانيا، لكنه أكد أن الكرملين سيحترم نتيجة الاستفتاء المقرر في القرم. وشدد على أن موسكو لا تحتاج إلى كيان دولي للتوسط بينها وبين كييف، وأن "الاتحاد الروسي ليس لديه ولا يمكن أن تكون لديه أية خطط لغزو الأقاليم الجنوبية الشرقية لأوكرانيا".وحذر الغرب من أن العقوبات قد تكون مؤذية، قائلا إن " شركاءنا يدركون أيضاً أن العقوبات لها نتائج عكسية".
أما كيري فقال إن واشنطن والمجتمع الدولي لن يعترفا بنتيجة الاستفتاء في القرم. وأوضح أنه خلال ست ساعات من المحادثات، قدم أفكارا عدة عن سبل احترام سيادة أوكرانيا وتبديد المخاوف الروسية ايضاً، لكن لافروف كان واضحا في أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يتخذ أية قرارات الا بعد استفتاء القرم. وحذر من أنه "اذا تسببت روسيا بما يزيد التوترات أو يهدد الشعب الأوكراني فمن المؤكد أننا سنقوم برد أقوى وسيكون هناك ثمن".
أوباما
وبينما كان كيري ولافروف مجتمعين في لندن، أعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما انه لا يزال يأمل في التوصل الى حل سياسي لملف القرم، محذرا من "تداعيات" على روسيا اذا فشل الحل الديبلوماسي.
وقال لدى استقباله في المكتب البيضوي رئيس الوزراء الايرلندي اندا كيني : "لا نزال نأمل في ايجاد حل سياسي... لكن الولايات المتحدة واوروبا لم تتخذا موقفا موحدا من سيادة اوكرانيا فحسب، بل تعلنان ايضا انه ستكون ثمة تداعيات اذا استمر انتهاك هذه السيادة".
شرق أوكرانيا
في غضون ذلك، دفعت موسكو مزيداً من القوات والمدرعات إلى القرم، وجددت تهديدها بغزو أجزاء أخرى من أوكرانيا.
وردا على مقتل متظاهر واحد على الأقل في مدينة دونتسك في شرق أوكرانيا، كررت وزارة الخارجية الروسية إعلان الرئيس فلاديمير بوتين الحق في الغزو لحماية المواطنين الروس. وقالت في بيان إن "روسيا تدرك مسؤوليتها عن أرواح (المواطنين ذوي الأصل الروسي) في أوكرانيا وتحتفظ بحق وضع هؤلاء الناس تحت حمايتها".
وتقول السلطات الصحية الأوكرانية إن رجلا (22 سنة) تعرض للطعن حتى الموت، وإن 15 آخرين يتلقون العلاج في المستشفى بعد اشتباكات في دونتسك التي تتحدث غالبية سكانها الروسية، وهي مسقط الرئيس الاوكراني المخلوع فيكتور يانوكوفيتش.
وقال منظمو تظاهرة مناهضة لموسكو إن القتيل من مجموعتهم.
وطالبت المعارضة الاوكرانية الموالية للروس بان تكون اللغة الروسية ثانية اللغات الرسمية في اوكرانيا، وبمنح المناطق الناطقة هذه اللغة مزيدا من الحكم الذاتي، معتبرة أن سلطات كييف الجديدة غير قادرة على وقف التصعيد.
وأصدر حزب الاقاليم الذي ينتمي اليه يانوكوفتش بيانا جاء فيه: "يجب التصويت في شكل طارئ على قوانين تمنح الاقاليم صلاحيات واسعة وتجعل الروسية اللغة الرسمية الثانية للدولة".
وقد نأى هذا الحزب بنفسه عن يانوكوفتش منذ سقوطه في نهاية شباط بعد ثلاثة أشهر من حركة احتجاج انتهت بسقوط عدد كبير من القتلى في وسط كييف.
وفي القرم، شاهد صحافيون القوات الروسية تعمل علناً بالآلاف في الأسبوعين الاخيرين، وتقود مدرعات تحمل لوحات ترخيص روسية، ويعرف أفراد عن أنفسهم بأنهم أعضاء في القوات المسلحة الروسية.
وشاهد فريق من "رويترز" سفينة حربية روسية تنزل شاحنات وقوات وناقلة جند مدرعة واحدة على الأقل في خليج قرب سيباستوبول صباح أمس.
واستولت القوات الروسية على المنطقة الواقعة في جنوب أوكرانيا قبل أسبوعين، كما تولت الحكومة المحلية الموالية لموسكو السلطة هناك. وتعتزم السلطات المحلية الجديدة الانفصال عن أوكرانيا والانضمام إلى روسيا في استفتاء وصفه الغرب بأنه غير قانوني.
وقال رئيس حكومة القرم الموالي لروسيا سيرغي اكسيونوف إن شبه الجزيرة قد تنضم إلى روسيا بعد سنة واحدة من الاستفتاءالمقرر الاحد لتقرير مصيرها.
ولم تظهر روسيا أية علامة على التخلي عن خطة بوتين لضم القرم.
وكان الرئيس الروسي رأى في الأول من آذار أنه يحق لروسيا غزو جارتها بعد أسبوع من هرب حليفها الرئيس الاوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش من العاصمة الأوكرانية اثر ثلاثة أشهر من التظاهرات التي انتهت بمقتل نحو 100 شخص في الأيام الأخيرة.
وأمس، أفادت وزارة الخارجية الروسية أنه يتعين على بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أن تحصل على موافقة زعماء أية منطقة أوكرانية تخطط لارسال بعثة مراقبة إليها. وقالت إن الجانب الروسي قبل التفويض الخاص بنشر بعثة في أوكرانيا، و"في ما يتعلق بجوانب امداد وتموين البعثة، فانه من الطبيعي أن يتم الاتفاق عليها مع القيادة في المناطق الأوكرانية التي يتوقع ان تنشر (البعثة) فيها"، في اشارة واضحة إلى منطقة القرم حيث سيطر زعماء مؤيدون لروسيا على الحكومة.
مناورات
وفي علامة على موقف موسكو قبل استفتاء القرم، اعلنت وزارة الدفاع الروسية أن طائرات روسية مقاتلة بدأت مناورات جوية فوق البحر المتوسط، وهو اعلان من المرجح أن يثير توترا في المواجهة مع أوكرانيا في شأن مستقبل القرم.
وصرح الناطق باسم البحرية فاديم سيرجا بأن الطلعات الجوية بدأت من حاملة الطائرات "ادميرال كوزنتسوف" التابعة للاسطول الشمالي التي رست في شباط الماضي في قبرص، وان المناورات تتضمن تكتيكات التعامل مع أهداف جوية وتكتيكات قتالية أخرى.
ومن الطائرات المشاركة في التدريب "سوخوي إس يو - 33 "المقاتلة التابعة للدفاع الجوي وطائرات هليكوبتر مضادة للغواصات من طراز "كاموف كي اي - 27".
وأرسلت البحرية الأميركية المدمرة "يو اس اس تركستون" المزودة صواريخ موجهة الى البحر الاسود، في ما وصفته بزيارة روتينية مقررة قبل الأزمة الأوكرانية.
واتهمت موسكو واشنطن بالتمييز "غير المقبول" ضد الصحافيين الروس، إذ منعتهم من تغطية مؤتمر صحافي مشترك لأوباما ورئيس الوزراء الأوكراني الموقت أرسيني ياتسينيوك في البيت الابيض. وقالت في بيان: "يبدو أنهم في واشنطن - حيث يعشقون الحديث عن حرية التعبير وحقوق الصحافيين- غير مستعدين لتطبيق هذه المبادئ على أنفسهم، وهم يفضلون التعامل مع وسائل اعلام تروج المعلومات".
 
تركيا: إنجاز لائحة الاتهام لأبناء وزراء سابقين ومجلس النواب يناقش مزاعم الفساد
النهار...(وص ف، أش أ، رويترز)
أفاد نائب المدعي العام في اسطنبول حسن سوزان إن الادعاء التركي أكمل لائحة اتهام تتعلق بمزاعم كسب غير مشروع اعتقل فيها أبناء ثلاثة وزراء سابقين، مشيراً إلى أن اللائحة ستُرسل إلى المحكمة المختصة بمجرد الموافقة الرسمية عليها.
واعتقل أبناء الوزراء ورجال أعمال مقربون من رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان في 17 كانون الاول. واستقال وزراء الداخلية معمر غولر والاقتصاد ظافر جاجلايان والبيئة أردوغان بيرقدار بعد كشف القضية ونفوا ارتكابهم أي مخالفات. كذلك شمل تعديل وزاري لاحق وزير شؤون الاتحاد الاوروبي السابق أجمن باغيش.
وأعلن رئيس مجلس النواب جميل جيجيك أن المجلس سيعود الى الانعقاد في جلسة غير عادية في 19 آذار بناء على طلب حزب الشعب الجمهوري لمناقشة مزاعم الفساد المتعلقة بالوزراء الثلاثة السابقين ومعهم باغيش. وسيشكل انعقاد المجلس في هذا التوقيت ضغطاً على رئيس الوزراء وهو يستعد للانتخابات البلدية في 30 آذار.
ويذكر أن جيجيك ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية الحاكم، وان المجلس في عطلة حالياً للسماح لأعضائه بالمشاركة في حملة الانتخابات البلدية.
ونشر حساب في موقع "تويتر" كان وراء سلسلة تسريبات في قضية الفساد، ملفات للشرطة تتناول تفصيلاً الاتهامات الموجهة إلى أبناء الوزراء. ووضع الحساب الذي يستخدم اسماً مستعاراً روابط لوثيقة تقع في 299 صفحة وأخرى في 32 صفحة.
في غضون ذلك، أوردت الصحف التركية أن مليوني متظاهر احتشدوا في 53 مدينة في أنحاء البلاد، أبرزها اسطنبول وأنقرة وإزمير ومرسين، احتجاجاً على وفاة الشاب بركين ألفان الذي لفظ أنفاسه الثلثاء بعد غيبوبة طويلة منذ إصابته في حزيران بقنبلة غاز مسيل للدموع.
واوضحت صحيفة "حريت" أن تدخل الشرطة أدى إلى سقوط 70 جريحاً، بينهم 19 شرطياً. وأوقف 417 متظاهراً.
وألفان هو الضحية الثامنة للاحتجاجات التي دامت ثلاثة أسابيع في حزيران.
وفي المقابل، قالت مديرية أمن اسطنبول أن الاحتجاجات التي رافقت تشييع ألفان الأربعاء ألحقت أضراراً بـ11 سيارة تابعة للشرطة وسيارة تابعة لإدارة الاتصالات وسبع باصات خاصة ومبنيين حكوميين و24 ماكينة صرف آلي لمصارف خاصة وتسعة متاجر و14 مكتباً للدعاية الانتخابية لثلاثة أحزاب سياسية وباص للدعاية الانتخابية وسيارتين خاصتين. وقد أوقف 43 شخصاً منذ الثلثاء.
وأمس أيضاً ألقى محتجون قنبلة يدوية على سيارة للدعاية الانتخابية للحزب الحاكم في أضنة بجنوب تركيا. واستمرت التظاهرات التي أطلقت وفاة ألفان شرارتها.
 
مادورو يلوّح بإجراءات لمواجهة الاحتجاجات ومنظمة العفو تدعو إلى احترام حقوق الإنسان
النهار.. (وص ف، رويترز، أش أ)
كثفت الشرطة الفنزويلية أمس عمليات الدهم وأوقفت ستة "مجرمين"، على حد قول الرئيس نيكولاس مادورو الذي يواجه منذ خمسة اسابيع حركة احتجاج طالبية لوّح باتخاذ "اجراءات صارمة "لجبهها.
وتحولت التظاهرات ضد تزايد الجرائم والتي بدأت في الرابع من شباط في سان كريستوبال بغرب البلاد، أعمال عنف في كراكاس في 12 منه وأوقعت 28 قتيلاً ونحو 365 جريحاً، بينهم مئة وتسعة من رجال الأمن.
وصرح مادورو: "قمنا بعمليات دهم في أماكن اختبأ فيها مجرمون واعتقلنا ستة اشخاص. وضبطت أسلحة ومادة سي 4 المتفجرة وقنابل (حارقة)، ونواصل عمليات التفتيش".
وبعد ظهر أمس، أوقف 30 شخصاً، معظمهم من الشباب، بينما كان محتجون يقطعون جادة في شرق العاصمة، معقل المعارضة.
ومع تلويحه بـ"إجراءات صارمة ضد الذين يهاجمون الشعب الفنزويلي ويقتلونه"، جدد مادورو نداءاته للمعارضة للتخلي عن رفضها المشاركة في "المؤتمرات من اجل السلام" التي تنظمها السلطات.
وفي وقت سابق، أعلنت النائبة العامة الفنزويلية لويزا أورتيغا دياز على هامش اجتماع لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان أن 106 أشخاص، بينهم 15 شرطياً، لا يزالون في السجن من أصل 1293 كانوا أوقفوا. وتحدثت عن فتح 40 تحقيقاً في انتهاكات لحقوق الإنسان و"جرائم خطيرة" شابت الاحتجاجات.
وقال خوان ريكويسنس، أحد منظمي التظاهرات الطالبية إنه "إذا كانت الحكومة لا تريد الاستماع الى الشعب، فكل ما يسعنا القيام به هو قطع الطرق".
وكان وزراء الخارجية لاتحاد دول اميركا اللاتينية "أوناسور" قرروا في سانتياغو بتشيلي تأليف لجنة بموافقة كراكاس للتشجيع على الحوار.
ورأت مديرة برنامج الأميركتين في منظمة العفو الدولية غوادالوبي مارينغو أن الحل الدائم والعادل للأزمة السياسية الحالية في فنزويلا هو "الاحترام الكامل لحقوق الإنسان، بدءا من حقوق الحياة وانتهاء بالسلامة الجسدية للأفراد". ولكن "في مثل هذا المناخ السياسي المليء بالاستقطاب، ستستمر إراقة الدماء ما لم تلتزم الحكومة وأنصارها وجماعات المعارضة السياسية المختلفة تماما احترام حقوق الإنسان". ودعت إلى "إدانة شديدة لأعمال العنف التي يتعرض لها المعارضون السياسيون، وبذل السلطات قصارى جهدها للحؤول دون تلك الهجمات وضمان تقديم أي مسؤول عن أعمال كهذه إلى العدالة".
 
التغيير الإيراني آتٍ من بيروت ودمشق!
الجمهورية...جورج شاهين
تتداول أوساط سياسية وديبلوماسية رفيعة المستوى كمّاً من المعلومات حول توجّهات جديدة للسياسة الإيرانية في المنطقة والأزمة السورية وتفاعلاتها. ومن بين المعلومات التي تسرَّبت وجود قرار باستبدال سفيرَي إيران في دمشق وبيروت من دون أن تتوافر أيّ معلومات عن توجّهات ايرانية جديدة، فبقيت الأسباب والنتائج رهناً بسَيل من التوقعات. فما هي حقيقة هذا الموضوع؟
تقول التقارير الديبلوماسية الواردة من طهران وأكثر من عاصمة في المنطقة والعالم، أنّ الرئيس الإيراني حسن روحاني قد أنجز منذ أيام فقط استراتيجيته الجديدة لسياسته الخارجية التي يستعد لتطبيقها في أكثر من منطقة من العالم، ولا سيما في الشرق الأوسط، وقد حددت الساعة الصفر لتنطلق التغييرات من بيروت ودمشق.
يعترف ديبلوماسيون يراقبون التطورات في إيران بأنّه وبعد مرور أشهر قليلة على تسلّمه مقاليد الرئاسة، حقّق روحاني انجازات سياسية وديبلوماسية خارجية لم تكن متوقعة في حسابات القيادة العليا للثورة الإيرانية. ويقولون إنّ «الرئيس القادم بجلبابه الديني الى موقع الرئاسة خلفاً لسلفه أحمدي نجاد الذي وصلها من منصّة رئاسة بلدية طهران، قد قفز بالبلاد الى محطات متقدمة في سرعة قياسية.
فالإنجازات التي تحقَّقت على مستوى المقاربة العالمية للملف النووي الإيراني فتحت امام ايران أبواباً واسعة من التطور بعدما تنشَّق النظام الإيراني بوادر فَك العقوبات وتقلّص مشاريع العزلة الدولية التي وضعت طهران لفترة من الزمن تحت أنظار الأحلاف العسكرية كهدف محتمَل، فانقلبت الخطط الموضوعة من سيناريوهات ضربات عسكرية، الى سيناريوهات سياسية واقتصادية وديبلوماسية بدأت بفكّ بعض العقوبات في قطاعات حيوية وإنتاجية عدة، وصولاً الى احياء كل أشكال التعاون مع طهران، وهي «خريطة الطريق» التي دَشّنتها المفوضة الأوروبية للشؤون الخارجية كاترين آشتون التي زارت طهران لتعزيز أطر التعاون بين ايران والإتحاد الأوروبي الذي كان اوّل المبادرين الى فرض عقوبات عليها.
وعليه، تقلّل المراجع الديبلوماسية من أهمية الهجوم الذي تعرّضت له آشتون من اثنين من كبار القادة الإيرانيين، هما رئيس السلطة القضائية الايرانية صادق آملي لاريجاني ورئيس مجلس الشورى علي لاريجاني، ذلك أنّ هذه المواقف لم تحجب أهمية أن يسمح روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف لـ آشتون بعقد مثل هذه اللقاءات، لا بل شجّعاها عليها في خطوة لتصحيح صورة طهران في العالم واعتبارها من خاطفي الحريات وحَجب أيّ عمل خارج أطر الثورة الإيرانية ومؤسساتها العسكرية والسياسية والثقافية والدينية.
ومن دون الاسترسال في ما تنتظره طهران من زوّار عالميّين من خارج روسيا التي تستعدّ لبناء مزيد من المفاعلات النووية في البلاد، تقول المراجع الديبلوماسية إنّ الإتفاق بين ايران والغرب فتح آفاقاً جديدة لا بد ان تنعكس على سياسة إيران الخارجية، في وقت زادت التكهنات بأن تكون بؤر التوتر في العالم مسرحاً للتبدلات الأولى المنتظرة في السياسة الخارجية الإيرانية.
من هنا، تبادلت المراجع معلومات تقول إنّ الخارجية الإيرانية، وبناء لتوجيهات روحاني، قرّرت أن تشهد دمشق وبيروت اولى خطوات التغيير، فتبلّغ المعنيون بصدور قرارَين، الأول يقضي بسحب السفير الإيراني محمد رضا شيباني من سوريا وتعيين بديل منه، والثاني يقضي بسحب السفير غضنفر ركن آبادي من بيروت وتعيين الدكتور فتح علي خلفاً له في مهلة أقصاها نهاية الشهر الجاري.
ومن هنا ظهر سَعي ديبلوماسي لفهم خلفيات هذه الخيارت المفاجئة سعياً وراء استكشاف الأهداف السياسية والديبلوماسية من الخطوة هذه، في انتظار تأكد المعلومات عن توجهات جديدة تعزّز العلاقات بين ايران والعالم الغربي، ليبقى السؤال الأهم: على حساب مَن سيكون التغيير المنتظر في سوريا ولبنان؟ ومَن سيدفع الثمن؟
 
الهويّة الباردة التي يحوّلها التنازع السنّيّ - الشيعيّ هويّة ساخنة
الحياة....حازم صاغيّة وبيسان الشيخ
تحرق مدينة صيدا الماضي، هي التي يستغرقها الحاضر مثلها مثل معظم المدن والمناطق المسلمة السنّيّة. فإذا بدت زغرتا دائمة التذكّر ليوسف كرم، وبشرّي لخليل جبران، وإذا كانت زحلة وجزّين مفطورتين على استحضار عائلاتهما، فهذه ليست حال صيدا التي تعدو مسرعة من غير أن تلتفت إلى الوراء. وإذ يحوّل الجنوب الشيعيّ ماضي الإسلام الأوّل روايةً تأسيسيّة لصلته بذاته وبالعالم، فصيدا تبقى في حلّ من كلّ تأسيس.
وهي، في إحراقها الماضي، تروح تبدع يوماً بيوم قواها وسياساتها بينما تطوي صفحاتها. فقد أصبح رياض الصلح، زعيم صيدا الأوّل في الزمن الاستقلاليّ، نسيّاً منسيّاً. وكانت المدينة قد ودّعته، قبيل مقتله، بأن حجبت أصواتها عنه في انتخابات الجنوب عام 1951، بحيث فاز الصلح بأصوات الجنوبيّين الشيعة التي ضمنها له رئيس اللائحة أحمد الأسعد. وينبئ «شارع رياض الصلح»، حامل اسمه، بما آل إليه الرجل. فبعدما كان أهمّ شوارع المدينة، أعادته الطرق التي شُقّت لتربط صيدا بالجنوب شارعاً «قديماً».
أمّا معروف سعد فأضحى شأناً يكاد يقتصر على عائلته وعلى «التنظيم الشعبيّ الناصريّ» الذي يتزعّمه نجله أسامة. وهو، مثل رياض، رسب في آخر انتخابات خاضها في 1972. وقبل أيّام قرابة أسبوعين فقط احتفل أنصاره بالذكرى الـ39 لإطلاق النار عليه الذي أودى به بعد أسبوع، فلم تنقل الصحف إلاّ أنّ «مئات» هم «من صيدا ومنطقتها وإقليم الخرّوب والمخيّمات» ساروا من أمام تمثاله إلى ساحة النجمة.
ولا تفوت المراقبَ تلك البرودة في التعامل مع أبرز الوجوه التي أنجبتها صيدا: رفيق الحريري. فالأخير، بدوره، انهزمت لائحته في الانتخابات البلديّة لعام 2004، قبل أشهر على اغتياله. صحيح أنّ السوريّين يومذاك استخدموا كلّ أوراقهم وضغوطهم للوصول إلى تلك النتيجة، إلاّ أنّهم نجحوا في ذلك.
والراهن أنّ حضور الحريري في طرابلس أو الطريق الجديدة في بيروت يبدو اليوم أشدّ حرارة منه في مدينته، حيث مُزّقت يافطات لـ»تيّار المستقبل» رُفعت تكريماً له في ذكرى اغتياله في 14 شباط (فبراير) الماضي. ويُلاحَظ أنّ الصور واليافطات التي لا تزال مرفوعةً ممهورةٌ بتـــوقيع «تيّار المستقــــبل»، لا بأسماء روابط عائليّة أو أهليّة أخرى. أمّا المضمون فيشبه كلام المناسبات الجاهز: «في ذكرى استشهادك... صيدا تجدّد العهد بالبقاء أمينة لمبادئ الدســــتور واتّفاق الطائف»، أو «الرئيس الشهيد رفيق الحــــريري كان لكلّ لبنان وعمل من أجل لبنان الوطن واستشهد من أجل عزّته واستقلاله». والمسألة، في أغلب الظنّ، أبعد من أنّ أزمة «ســــعودي-أوجــــيه» ضيّقـــت فـــرص العمل التي يحظى بها صيداويّون في مؤسّسات الحريري. فهذا، من دون شكّ، خلّف امتعاضاً وأطلق موجة من اللوم والعـــتب. لكنّ أزمة صيدا مع زعمائها أعقد من ذلك، لا سيّما وأنّ الثلاثة، الصلح وسعد والحريري، رحلوا قتلاً واغتيالاً. وفي العادة، يؤجّج القتلُ العواطفَ حيال الزعيم -الضحيّة، وقد يحرّك مشاعر ذنـــب تجاهه، أو يفتح الباب واســعاً لــعمل المخيّلة أســـطرةً له أو أمْثَلَة.
ويتراءى، في صيدا، أنّ البرودة حيال الزعيم ناجمة عن برودة تقليديّة حيال «الهويّة» وما ترتّبه من ميل صراعيّ يستدعي الزعماء. فربع المليون المقيمون بين الأوّليّ شمالاً وسينيق جنوباً، أقلّ تحسّساً بهويّتهم الذاتيّة من الطرابلسيّين مثلاً، إذ الأخيرون راودتهم طويلاً منافسة بيروت وتزعّم السنّة اللبنانيّين. والحال أنّ «عاصمة الشمال» أكبر مساحةً وسكّاناً من «عاصمة الجنوب»، وهي تتربّع على رأس ريف سنّيّ مماثل لها، فيما يحيط بصيدا ريف شيعيّ يغايرها ويزن أكثر كثيراً ممّا يزن الريف السنّيّ في إقليم الخرّوب. ثمّ إنّ الطرابلسيّين عاشوا تاريخيّاً على أوهام موقع راسخ لهم في الداخل السوريّ، بينما كسر قيام إسرائيل ومأساة الفلسطينيّين، الملموسة جدّاً في صيدا، توهّماً كهذا عند الصيداويّين. وفي فترة لاحقة، وبفعل الإذلال الذي أنزله النظام السوريّ بطرابلس، بدت هويّة الأخيرة جريحة محتقنة، لا سيّما وأنّ الأذى مصدره الأمّ السوريّة. لكنّ صيدا، التي دمّر مسلّحو «فتح» فيها دبّابة سوريّة في ساحة النجمة، عام 1976، لم تشعر بذينك الجرح والاحتقان. وفوق هذا، انفصلت طرابلس فعليّاً عن بيروت، منذ 1975، وتقوقعت على ذاتها، وهو ما لم تعرفه أختها الجنوبيّة الأصغر الموصولة، عبر المقاومة الفلسطينيّة فحزب الله فرفيق الحريري، بالعاصمة الأقرب إليها جغرافيّاً ممّا إلى طرابلس.
فلن يكون صعباً بالتالي ملاحظة الفارق في المشهد العامّ، كأنْ تبدو المحجّبات في صيدا أقلّ كثيراً منهنّ في «عاصمة الشمال»، وأن تبدو الوجوه الصيداويّة البارزة، من مفتي المدينة الشيخ سليم سوسان إلى رئيس بلديّتها محمّد السعودي، أشدّ اعتدالاً من زملائهم الطرابلسيّين. وفي بعض خلفيّات تلك المقارنة أنّ الحياة السياسيّة لصيدا لم تشُبْها الحدّة التي شابت سياسةَ الطرابلسيّين، من منازعة عائلتي كرامي والمقدّم التي أودت بعدد من القتلى إلى صعود «دولة» الشيخ سعيد شعبان وهبوطها.
العائلات
فإذ يُروى تاريخ الصراعات التقليديّة في «عاصمة الجنوب»، بردّها إلى عائلتي البزري والجوهري، قبل أن يصعد معروف سعد منافساً لنزيه البزري، يبدو الرواة مطمئنّين إلى رواية مضبوطة الفصول ومحكومة بنهايات سعيدة.
فوفقاً للمحامي حسن شمس الدين، كانت الحياة السياسيّة في المدينة مغلقة تقليديّاً. فلعقود ظلّت المنافسة محصورة بين نزيه البزري ومعروف سعد، لا يفوز واحدهما على الثاني إلاّ بمئات قليلة من الأصوات، علماً بأنّ الاثنين لم يمثّلا زعامتين تقليديّتين. فالبزري ينتسب إلى جبّ فقير في عائلته، بنى زعامته عبر الخدمات الإنسانيّة التي قدّمها كطبيب، فيما كان معروف مفتاحاً انتخابيّاً لرياض الصلح ارتبط اسمه بـ «القبضنة» والقتال في فلسطين.
ويمضي رجل الأعمال عدنان الزيباوي في تشريح الزعامتين، والتقاطع العريض بينهما، ملاحظاً أنّ البزري في الخمسينات إنّما عبّر عن «صعود متعلّمي الفئات الوسطى في مواجهة رياض الصلح وأغنياء عائلته. صحيح أنّ العائلات التقليديّة التفّت حوله، إلاّ أنّ خدماته كطبيب وفّرت له قاعدة تأييد معتبرة من فقراء المدينة ومحدودي الدخول. أمّا معروف، ولأنّه «قبضاي» قاتل في فلسطين ثمّ أصبح من رموز الناصريّة، فغدا الأشدّ التصاقاً بالمزاج الشعبيّ، لكنّ هذا لم يحرمه أيضاً تأييد عائلات تقليديّة كالأنصاري والبابا وبعض آل قطب».
وعموماً، دفعت عناصر عدّة نحو نزع التطرّف عن الحياة الصيداويّة، كما يرى شمس الدين. فقد كان لضيق الحياة السياسيّة أن سدّ الباب على كفاءات حزبيّة وغير حزبيّة انتقلت منذ الخمسينات إلى بيروت. كذلك، حال هذا الاستقطاب دون نموّ أحزاب كالشيوعيّين أو كـ «الجماعة الإسلاميّة» (الإخوان) التي انتعشت في الجوار. لكنْ، وكامتداد لزعامة معروف سعد ولناصريّته، استطاعت وحدها الأحزاب القوميّة العربيّة، كحركة القوميّين العرب، وخصوصاً حزب البعث قبل صدامه مع عبد الناصر في 1959-1960، أن تتمدّد. فقد تحوّل البعث، وفقاً للزميل نهاد حشيشو، «قوّة أولى في المدينة»، وكان يلتفّ حول القياديّ النقابيّ حسيب عبد الجواد. بيد أنّ ذاك الصعود القوميّ العربيّ ضبطه التحالف الشهابيّ – الناصريّ، وحدّ من جموحه، فيما كان معروف سعد الأكثر تعبيراً عن التحـــالف المذكور وشخصنةً له.
التفاؤل القويّ
وفي السيرة تلك يُلاحَظ أنّ ثلاثة من «أبناء الفقراء»، هم نزيه البزري ومعروف سعد، ثمّ رفيق الحريري، وصلوا إلى المواقع القياديّة في مدينتهم، ما يعزّز ثقة الواثقين بحِراك اجتماعيّ سلميّ تسير الأمور بموجبه سيراً طبيعيّاً.
وهذا، في عمومه، ما غذّى ميلاً إلى التفاؤل مسحوباً إلى يومنا هذا، وهو تفاؤل لا تشذّ عنه إلاّ القلّة. فالشيخ ماهر حمّود، مثلاً، يرى أنّ أحوال صيدا الراهنة «جيّدة جدّاً بالمقارنة مع لبنان، فهنا أمان وتوافق سياسيّ»، ولا يلبث أن يضيف: «فإذا انحلّ الوضع السوريّ، وهو يبدو ذاهباً إلى الحلّ، ازدادت الأمور تحسّناً». ومن موقع سياسيّ مختلف، يرى المحامي محمّد علي مقلّد وبعض أصدقائه من تجّار ورجال أعمال ومثقّفين أتيح لنا أن نلتقيهم، أنّ أسباب الاطمئنان إلى صيدا ومستقبلها كثيرة، في عدادها ضعف الشعور الطائفيّ واعتدال سائر المشتغلين بالشأن العامّ فيها. أمّا عدنان الزيباوي، فيذهب إلى أنّ «لا مخاوف إلى هذه الدرجة»، وأنّ المدينة الآن «شرعت تتجاوز الحدّة الطائفيّة». وهو يميل إلى التفاؤل من موقع استهواله أيّ صدام مسلّح قد يطرأ. ذاك أنّ حدثاً كهذا «سيكون أشرس وأقسى من الصدام المسلمالمسيحيّ منتصف الثمانينات، نظراً إلى الاختلاط السكنيّ حيت تنعدم خطوط التماسّ». وإذ يشدّد الزيباوي على أنّ القوى السياسيّة كلّها، بما فيها حزب الله، واعية لخطورة ذلك، يخالف المحامي خالد لطفي تفاؤل المتفائلين، فيعتبر أنّ الوضع «لم يكن مرّة أسوأ منه الآن»، من دون أن يبدي الثقة التي يبديها الآخرون بقدرة القوى السياسيّة على الضبط والتحكّم.
شيعة المدينة والحارة
كائناً ما كان الأمر، يبقى من الصعب ألاّ تُرى صيدا ضمن المناخ العريض من تنازع سنّيّ – شيعيّ يشقّ العالم الإسلاميّ ويخضّه. فكيف وأنّها الجسر بين بيروت والجنوب الذي تُسمّى «بوّابته». وغنيّ عن القول إنّ حاجة حزب الله لإبقاء هذا الجسر مفتوحاً، وضمان سيولة التواصل بين الجنوب والضاحية الجنوبيّة، يضاعفان التنبّه إلى تلك الوظائف الصيداويّة.
والحال أنّ ما قوّى الميل الصيداويّ إلى التفاؤل ذاك السجلُّ الناصع تقليديّاً عن التعايش السنّي – الشيعيّ في المدينة. فلسنوات مديدة، بحسب عدنان الزيباوي، لم يكن ممكناً تمييز السنّيّ عن الشيعيّ، ولا التمييز بين مقبرة للسنّة ومقبرة للشيعة. ويرى طبيب الأسنان فادي الأمين، الجنوبيّ الذي عاش وعمل طويلاً في صيدا، أنّه لا يشعر حتّى اليوم بمشكلة سنّيّة – شيعيّة. فـ «80 في المئة من مرضاي سنّةٌ، علماً بأنّ عائلات بعضهم فيها أطبّاء أسنان». والرأي هذا مشترك بين كثيرين في دائرة البيزنس ومهنيّين ومتعلّمين. فصيدا، بوصفها السوق التقليديّة للجنوب، إنّما نمت في علاقتها مع شيعته. ولئن استثمر الأغنياء الصيداويّون في الجنوب، فإنّ «بورجوازيّتهم، على عكس نظيرتها الشيعيّة، قليلة التسيّس والأدلجة»، وفقاً للأمين. وهناك مصاهرات بين المذهبين شملت معظم الأُسر السياسيّة، فضلاً عن التجاريّة، بمن فيهم عائلتا البزري وسعد، كما تسلّلت إلى طبقات وفئات أدنى كعباً، ما دلّ إليه «اكتشاف» الأمّ الشيعيّة للشيخ أحمد الأسير نفسه ولكثيرين من مريديه.
ويعيدنا الزيباوي إلى مرحلة كانت «حركة القوميّين العرب» في الخمسينات تجمع سنّة وشيعة، وكان أغلب قياداتها، كالمحامي مصطفى صالح وحسين الدرويش وسواهما، شيعة من حارة صيدا الشيعيّة، كما كانت قرية الغازيّة الشيعيّة أيضاً، إلى الجنوب من المدينة، شريكة في تظاهراتها ونشاطاتها القوميّة العربيّة.
وعلى العموم، لم تكن التنظيمات السياسيّة التي نمت في صيدا راديكاليّة من حيث المردود الأهليّ لعملها أو لدعاوتها. فحتّى «الجماعة الإسلاميّة» تحوّلت، مع الطائف، على ما يشير المحامي محمّد علي مقلّد، حزباً سياسيّاً برلمانيّاً يتقيّد باللعبة السياسيّة.
وإذا وضعنا حارة صيدا جانباً، وسكّانها يقاربون الثمانين ألفاً، قُدّر عدد الشيعة
في المدينة بما بين 10 و15 في المئة من سكّانها، وهم خمسة آلاف ناخب من أصل نيّف وخمسين ألفاً، ترقى هجرتهم إلى مطالع القرن العشرين. فهم بدأوا حينذاك يغادرون قراهم ويفدون إلى «عاصمة الجنوب» مقيمين حول بيت علي «أفندي» عسيران، جدّ رئيس المجلس النيابيّ الراحل عادل عسيران، الذي ورث عن أبيه قنصليّة إيران وكان من أغنى أغنياء زمنه. وتدريجاً تحوّل مكان إقامتهم الجديد إلى ما بات يُعرف بـ «حيّ رجال الأربعين»، من دون أن يقتصر الحضور الشيعيّ في صيدا عليه وحده. ذاك أنّ التداخل السكنيّ غدا من سمات المدينة وممّا تتباهى به في مناسبات التباهي اللبنانيّ بالتعايش والتسامح.
إلاّ أنّ الرضوض شرعت تظهر مع اغتيال رفيق الحريري، خصوصاً حين وقف حزب الله إلى جانب سورية وكرّم أمينُه العامّ رستم غزالة ثمّ دافع عن «الضبّاط الأربعة» وهاجم المحكمة الدوليّة. هكذا بدا حزب الله للكثيرين من الصيداويّين كأنّه مع الاغتيال، وقد حصل هذا «فيما لا يزال قتيلنا في الأرض» بحسب أحدهم.
لكنْ حتّى بعد اغتيال الحريري، ظلّ من الصعب إقناع الصيداويّين بالوقوف ضدّ حزب الله. فهم لا يمكنهم إلاّ أن يكونوا في صفّ المقاومة والصراع مع إسرائيل. هكذا، وكما يرى شمس الدين، فإنّ «التحالف الرباعيّ» خاطب مزاجهم الباحث عن التوافق بما لا يُخرجهم من كتلة المقاومة العريضة.
غير أنّ حزب الله لا يقنع بالقليل. فتعاليه، والأصابع السبّابة لحسن نصر الله ونعيم قاسم، ولغة «لن نسمح» و «لن نتسامح»...، نفّرت الصيداويّين بمن فيهم الذين أحبّوا الحزب بسبب المقاومة فجعلوا يتحوّلون عنه.
وكانت «سرايا المقاومة» التي أنشأها الحزب لتكون واجهة صيداويّة له، وتضمّ بضع مئات من المقاتلين أكثريّتهم شيعيّة، تذكيراً يوميّاً بانزعاج السكّان. فـ «السرايا» تلك تضمّ شبّاناً عاطلين من العمل تحوّلوا عبئاً على أمن المدينة واستقرارها، حتّى أنّهم اصطدموا، قبل أشهر، مع حليف الحزب أسامة سعد وتنظيمه الناصريّ.
وفي هذه الغضون كان ما يزعج الصيداويّين من محدودي الدخل أنّ جنوبيّين قدموا إلى المدينة بعد حرب 2006 اشتروا محلاّت تجاريّة تبيع الألبسة أو تدير مصالح ووكالات صغرى كان يحتكرها صيداويّون سنّة. ولمّا كانت التعويضات التي دُفعت عن حرب تمّوز هي بعض ما استُثمر لإقامة تلك المحلاّت والمصالح، شاع محليّاً أنّ حزب الله هو الذي يشتري ويبيع، وانتشر خلط واسع يربط كلّ شيعيّ بالحزب المذكور.
هذا التذمّر تركّز في بيئات المدينة الأفقر والأكثر تهميشاً، وفي أوساط أصحاب المصالح الصغرى ممّن باتوا الأكثر حذراً حيال الشيعة، إن لم يكن عداء لهم. ففي بيئات كهذه تبلورت المشاعر الأشدّ حدّة التي راح يعبّر عنها ويؤجّجها الشيخ أحمد الأسير.
وجاء الهجوم على بيروت في 2008 ليضاعف المرارة في صيدا التي اقترعت بغزارة، بعد عام واحد، لبهيّة الحريري وفؤاد السنيورة. لكنْ حتّى ذلك الحين لم يظهر على الشيعة، بحسب نهاد حشيشو وفادي الأمين، أيّ خوف أو قلق يحملان على التفكير في مغادرة المدينة.
مع هذا، راحت النُذر تتجمّع وتتكاثر. ففضلاً عن ظاهرة أحمد الأسير، كان من حاول تفجير السفارة الإيرانيّة في ضاحية بيروت الجنوبيّة شابّاً صيداويّاً اسمه معين أبو ضهر، وظهر اسما الصيداويّين حسن ومحمود أبو علفه في الملفّ الخاصّ بـ «كتائب عبد الله عزّام». وإذ رحل عن حارة صيدا معظم الصيداويّين السنّة المقيمين فيها، باتت الحارة مثل الضاحية الجنوبيّة في صورها وشعاراتها وملصقاتها. ولم يعد مستهجَناً سؤال الصيداويّ عمّا إذا كان مخيّم عين الحلوة الفلسطينيّ، القريب من الحارة في الجنوب الشرقيّ للمدينة، سبباً للاطمئنان حيال تمدّد شيعيّ. صحيحٌ أنّ الصيداويّ المتوسّط لا يزال ينفي احتمالاً كهذا، مستبعداً أن تؤول مدينته إلى ما آلت إليه مدينتا صور وبعلبك اللتان تحوّلت أكثريّتهما من سنّة إلى شيعة. لكنّ الصحيح أيضاً أنّه بات يسمع السؤال ويفكّر فيه ويُطرق قليلاً قبل أن ينفي.
وفي هذا ما يشير إلى احتمالات مفتوحة أمام تسخين الهويّة الصيداويّة الباردة تقليديّاً.
 
 
 

المصدر: مصادر مختلفة

في غزة، الوقت الأكثر خطراً..

 الأربعاء 23 تشرين الأول 2024 - 7:38 م

في غزة، الوقت الأكثر خطراً.. لا ينبغي للولايات المتحدة أن تنتظر لترى إذا كان مقتل قائد حماس يحيى … تتمة »

عدد الزيارات: 175,150,881

عدد الزوار: 7,779,973

المتواجدون الآن: 0