جراح القلب مسعود بزشكيان رئيساً لإيران..فمن هو؟..
جراح القلب مسعود بزشكيان رئيساً لإيران..فمن هو؟..
الراي... أعلنت لجنة الانتخابات في وزارة الداخلية الإيرانية، اليوم (السبت)، فوز مسعود بزشكيان في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية. وتشير السيرة الذاتية لمسعود بزشكيان هو طبيب وسياسي إيراني إصلاحي، ولد عام 1954 في مدينة مهاباد بمحافظة أذربيجان الغربية شمال شرقي إيران. ترعرع في كنف عائلة ملتزمة بالقيم الدينية والوطنية.
النشأة والتعليم
أكمل بزشكيان دراسته الابتدائية في مهاباد، ثم التحق بمعهد الزراعة في مدينة أرومية وحصل على دبلوم في مجال الصناعات الغذائية في عام 1973، نقل إلى مدينة زابل الحدودية في محافظة سيستان وبلوجستان لأداء الخدمة العسكرية. بعد انتهاء خدمته العسكرية، قرر متابعة حلمه في أن يصبح طبيباً، فحصل على الدبلوم الطبيعي عام 1975، وفي العام التالي التحق بجامعة تبريز للعلوم الطبية لدراسة الطب. مع اندلاع الحرب الإيرانية العراقية عام 1980، كان بزشكيان نشطاً في إرسال الفرق الطبية إلى جبهات القتال، حيث خدم كمقاتل وطبيب. أكمل دراسته الطبية عام 1985 وبدأ العمل في كلية الطب مدرساً لعلم وظائف الأعضاء في عام 1990، حصل على تخصص في الجراحة العامة من جامعة تبريز للعلوم الطبية، وفي عام 1993 تخصص في جراحة القلب من جامعة إيران للعلوم الطبية في طهران عين في مستشفى الشهيد مدني للقلب في تبريز، وأصبح لاحقاً رئيساً له
المسيرة السياسية
في عام 1994، تم تعيين بزشكيان رئيساً لجامعة تبريز للعلوم الطبية، واستمر في هذا المنصب حتى عام 2000، بعدها انتقل إلى طهران، حيث تولى منصب نائب وزير الصحة بوزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي لمدة ستة أشهر. خلال الولاية الثانية لرئاسة محمد خاتمي، تولى بزشكيان منصب وزير الصحة، لكنه ترك المنصب بعد فترة قصيرة نتيجة مساءلته من قبل البرلمان في عام 2013، قدم بزشكيان ترشيحه للانتخابات الرئاسية، إلا أن مجلس صيانة الدستور رفض طلبه. في عام 2016، تمكن من الفوز بمقعد في انتخابات البرلمان، وحافظ على مقعده لعدة سنوات منذ عام 2008، مثل بزشكيان مدينة تبريز في البرلمان، حيث استمر في العمل السياسي.
هل يؤدي فوز مسعود بزشكيان إلى انفراجات في الملف النووي الإيراني؟
الراي... يمنح فوز مسعود بزشكيان في الانتخابات الرئاسية في إيران، الدول الغربية جرعة أمل بالتقدّم على صعيد الملف النووي الحسّاس، إلا أن الرئيس الإصلاحي المُنتخب ليس المقرر الوحيد في شأن هذه القضية التي تثير انقساما في طهران أيضاً. ودعا مسعود بزشكيان (69 عاما) بدعم من الرئيسين الإيرانيَّين السابقين الإصلاحي محمد خاتمي والمعتدل حسن روحاني، خلال الحملة الانتخابية إلى انفتاح أكبر على الغرب. كما دعا إلى «علاقات بناءة» مع واشنطن والدول الأوروبية بهدف «إخراج إيران من عزلتها». ورأى المتخصّص في الشأن الإيراني في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (إيريس) تييري كوفيل أن مشروع بزشكيان «كان مختلفا تماما عن مشروع المحافظ المتشدد سعيد جليلي»، الذي نفى تأثير العقوبات الدولية على الاقتصاد الإيراني. وفرض الاتفاق النووي المُبرم عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى (الولايات المتحدة، الصين، روسيا، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) قيوداً على نشاط طهران النووي في مقابل رفع عقوبات دولية تؤثر بشدة على اقتصادها. إلا أن الاتفاق انهار بعد انسحاب الولايات المتحدة منه بقرار من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب العام 2018، وإعادته فرض عقوبات على إيران. ثم بدأت إيران تدريجا بالتراجع عن التزاماتها الأساسية المنصوص عليها في الاتفاق. وتنفي الجمهورية الإسلامية سعيها إلى تطوير قنبلة نووية إلا أن برنامجها النووي يتنامى بشدة. وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران هي الدولة الوحيدة غير المالكة سلاحا نوويا التي قامت بتخصيب اليورانيوم حتى نسبة 60 في المئة، بينما تواصل مراكمة مخزونات هذا المعدن المشع. ومع تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المئة صارت إيران أقرب إلى مستوى 90 في المئة اللازم لصنع القنبلة الذرية، وتجاوزت بكثير نسبة 3,67 في المئة المستخدمة في محطات توليد الكهرباء بالطاقة النووية. ويتفق دبلوماسيون وخبراء غربيون حاليا على أن فوز سعيد جليلي كان سيشل تقدّم المفاوضات في شأن الملف النووي بشكل أكبر. ويصف دبلوماسيون أوروبيون جليلي بأنه «قاس»، و«متعصب تبنى خطابا إيديولوجيا» أثناء المفاوضات.
«الحل الدائم بعيد المنال»
وفي هذا السياق كشف وزير الخارجية الإيراني الأسبق علي أكبر صالحي، لموقع «انتخاب» الإخباري أنه بهدف التوصل إلى إبرام الاتفاق النووي اضطر إلى تجاوز سعيد جليلي، الذي كان يشغل حينها منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، لمنعه من عرقلة المحادثات. ودعم علي أكبر صالحي مسعود بيزشكيان خلال الحملة.
ماذا يستطيع الرئيس الإصلاحي الجديد أن يفعل حاليا؟
أكد الخبير في مجموعة الأزمات الدولية علي فايز أن «إحياء الاتفاق النووي المبرم في العام 2015 لم يعد خيارا واقعيا، إذ تغيّرت الظروف على الأرض بشكل جذري». وأضاف «ربما ما زال الحل الدائم بعيد المنال على المدى القصير». واعتبر أن «البرنامج النووي الإيراني أصبح متقدما جدا حاليا، والعقوبات صارمة جدا، والثقة في أدنى مستوياتها، ولم تعد القوى العالمية على الموجة نفسها». ومع ذلك، يَعتقد فايز أن إيران قد تميل إلى إعادة إطلاق دبلوماسية بناءة وإبرام «سلسلة من الاتفاقات من شأنها أن تساعد في تجنب أزمة». ورأى أن «نهج جليلي الأيديولوجي وغير المرن» كان سيضع إيران والغرب «على مسار من النزاع».
«عقيدة جديدة»
غير أن صلاحيات الرئيس في إيران محدودة إذ تقع المسؤولية الأولى في الحكم في الجمهورية الإسلامية على عاتق المرشد الأعلى الذي يُعتبر رأس الدولة. كما تؤثر شخصيات محافظة ومناهضة للغرب على السياسة في البلاد. وبالتالي سيكون لشخصية مسعود بزشكيان وزنها، لكن خامنئي هو من يحدد الاتجاه. وقال الباحث في المركز الوطني الفرنسي للأبحاث العلمية برنارد أوركيد، في هذا الصدد «كان المرشد يقول دائما إنه لا يريد القنبلة الذرية، معتبرا أنها تتعارض مع الإسلام». لكن في سياق الحرب في غزة، أشار دينيس بوشارد، المدير السابق لشؤون شمال إفريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية، إلى «تحوّل اللغة» في إيران «نحو عقيدة نووية جديدة» ذات طابع عسكري. وبالتالي قد يجد الرئيس الجديد نفسه أمام تحديات في صلب النظام الإيراني وتحديات يفرضها عليه الخارج. ويمكن أن تشهد الانتخابات الأميركية في نوفمبر عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ما قد يزيد من تشدّد واشنطن. ويدرك الإيرانيون تمامًا أن تخفيف العقوبات يتطلب أولا نقاشات مع واشنطن. وبالتالي فإن بقاء الديموقراطيين في السلطة في الولايات المتحدة أساسي لتحقيق هذه الغاية. أما الأوروبيون الذين تشهد دولهم انتخابات تغيّر مشهدها السياسي، فهامش التحرّك ضيّق لديهم. وقال تييري كوفيل «لقد وضعوا أنفسهم خارج اللعبة إلى حد ما عبر قبولهم بالعقوبات الأميركية» على طهران.
دعا الإيرانيين إلى التمسّك به... وخامنئي يحضّه على مواصلة نهج رئيسي
جراح القلب بازشكيان... و«طريق الإصلاح الصعب»
- بازشكيان موالٍ للحكم الديني... ولا يعتزم مواجهة «الصقور» الأقوياء
- جليلي سيُساعد في تصحيح الأخطاء وإصلاح النواقص
- دول الخليج تهنئ الرئيس الإيراني الجديد وتتطلّع إلى تنمية العلاقات
الراي....أعاد الناخبون، يوم الجمعة، الإصلاحيين إلى سدة الرئاسة في الجمهورية الإسلامية، بالتصويت لمسعود بازشكيان، الذي حض الإيرانيين على التمسك به في «الطريق الصعب» الذي سيمضي فيه، وذلك بعد فوزه في الجولة الثانية على منافس من غلاة المحافظين في الانتخابات الرئاسية، هو المفاوض النووي السابق سعيد جليلي. وقال بازشكيان في منشور عبر منصة «إكس» إلى الشعب الإيراني العزيز: «انتهت الانتخابات، وهذه مجرد بداية لعملنا معاً. أمامنا طريق صعب. ولا يمكن أن يكون سلساً إلا بتعاونكم وتعاطفكم وثقتكم». وأضاف «أمد يدي إليكم وأقسم بشرفي أني لن أتخلى عنكم في هذا الطريق. فلا تتركوني». وأظهرت مقاطع مصورة نُشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي مؤيدي بازشكيان وهم يرقصون ابتهاجاً في الشوارع، بينما يطلق سائقو السيارات أبواق عرباتهم احتفالاً بفوزه. وكان جراح القلب البالغ من العمر 69 عاماً، تعهد بتبني سياسة خارجية عملية وتخفيف التوتر المرتبط بالمفاوضات المتوقفة الآن مع القوى الكبرى لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 وتحسين آفاق الحريات الاجتماعية والتعددية السياسية، وإيجاد حل دائم لقضية إلزامية الحجاب. لكن العديد من الإيرانيين يشككون في قدرته على الوفاء بوعوده الانتخابية، لأن المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، وليس الرئيس، هو صاحب السلطة الأعلى في الجمهورية الإسلامية.
نهج رئيسي
من جانبه، وصف خامنئي، الانتخابات بأنها «حرة وشفافة»، ونصح الرئيس المنتخب بمواصلة نهج الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي بـ«الموارد البشرية الشابة والثورية والمؤمنة». وقال إن المرشحين وداعميهم يشتركون في «ثواب» مواجهة دعوات مقاطعة الانتخابات، مشيداً بزيادة الإقبال على الانتخابات. كما تلقى بازشكيان تهنئة من منافسه جليلي، الذي قال في بيان إنه سيعمل «بكل جهده وقدرته، أكثر من أي وقت مضى، لدعم نقاط القوة والمساعدة في تصحيح الأخطاء وإصلاح النواقص في المسارات الحالية». ورغم انتمائه السياسي للإصلاحيين والمعتدلين، يعد بازشكيان، موالٍ للحكم الديني، ولا يعتزم مواجهة الصقور الأمنيين الأقوياء والحكام الدينيين، وسبق أن تعهد في مناظرات ومقابلات تلفزيونية، عدم معارضة سياسات خامنئي. وقال في رسالة مصورة للناخبين «إذا حاولت ولم أنجح في الوفاء بوعودي الانتخابية، سأقول وداعاً للعمل السياسي ولن أستمر. لا جدوى من إضاعة حياتنا وعدم القدرة على خدمة شعبنا العزيز».
سياسة خارجية
وعزز فوز بازشكيان الآمال في تحسين علاقات طهران مع الغرب مما قد يوجِد مجالاً لتسوية خلافاتها مع القوى العالمية حول أنشطتها النووية، وسط شعاره «لن نكون مناهضين لا للغرب ولا للشرق»، آملاً خروج إيران من «عزلتها». لكن في ظل النظام المزدوج الذي يجمع بين الحكم الديني والجمهوري، لا يستطيع الرئيس إحداث أي تحول كبير في السياسة بشأن البرنامج النووي أو دعم الجماعات المسلحة في مناطق مختلفة بالشرق الأوسط، إذ إن خامنئي هو من يتولى كل القرارات المتعلقة بالشؤون العليا للدولة. غير أن الرئيس يمكنه التأثير من خلال ضبط إيقاع السياسة الإيرانية، وسيشارك بشكل وثيق في اختيار خليفة خامنئي، الذي يبلغ من العمر حالياً 85 عاماً.
برقيات تهنئة
إلى ذلك، توالت برقيات التهنئة للرئيس الإصلاحي. وكتب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في برقية تهنئة لبازشكيان «بمناسبة فوزكم بالانتخابات الرئاسية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يسرّنا أن نبعث لفخامتكم أصدق التهاني، وأطيب التمنيات بالتوفيق والسداد». وأكّد تطلّع المملكة «إلى الاستمرار في تنمية العلاقات التي تربط بين بلدينا وشعبينا الشقيقين، ومواصلة التنسيق والتشاور في سبيل تعزيز الأمن والسلام الإقليمي والدولي»، وفق ما أوردت «وكالة واس للأنباء» الرسمية. ونقلت «واس» عن ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان «أعرب لفخامتكم عن أصدق التهاني وأطيب التمنيات بالتوفيق والنجاح والمزيد من التقدم والرقي لبلدكم وشعبكم الشقيق مؤكداً حرصي على تطوير وتعميق العلاقات التي تجمع بلدينا وشعبينا وتخدم مصالحنا المشتركة». كما تمنّى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، «للعلاقات بين البلدين المزيد من التطور والنماء». وكتب الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على منصة «إكس»، «أتمنى لـ(مسعود بازشكيان) التوفيق في خدمة بلاده وتحقيق تطلعات شعبها، وأتطلع للعمل معه لما فيه الخير لبلدينا وشعبينا». وأعرب العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى عن «الحرص على إقامة علاقات طيبة تقوم على التعاون مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتعزيز الروابط الوثيقة معها». كذلك، هنأ سلطان عمان هيثم بن طارق، الرئيس الإيراني المنتخب، معرباً عن أطيب تمنّياته له بالتوفيق والنجاح لتحقيق تطلعات وآمال الشعب الإيراني. وأكد الرئيس السوري بشار الأسد، حرص دمشق على تعزيز العلاقة الإستراتيجية مع طهران، إحدى أبرز داعميه منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من 13 عاماً. وأعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في برقية تهنئة لبازشكيان عن «أمله في أن تسهم ولايتكم الرئاسية في تعزيز مستقبلي لتعاون ثنائي بنّاء وشامل لصالح شعبينا الصديقَين».
قسم اليمين خلال أيام
في ختام جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية، حصل مسعود بازشكيان على 53,6 % من الأصوات (16.3 مليون)، فيما حصل منافسه سعيد جليلي على 44,3 % (13.5 مليون)، بحسب النتائج النهائية التي أعلنتها السلطات الانتخابية. وذكرت وزارة الداخلية ان 30 مليون ناخب (من أصل نحو 61 مليون يحق لهم الاقتراع) شاركوا في الانتخابات التي أُجريت من دون مراقبين دوليين معترف بهم. وبعد جولة أولى في 28 يونيو شهدت نسبة مقاطعة عالية تجاوزت الـ 60 %، بلغت نسبة المشاركة في الجولة الثانية 49,8 %، وهي لا تزال منخفضة بالنسبة لانتخابات رئاسية إيرانية. وبعد أن تؤكد الهيئة المعنية بمراقبة الانتخابات نتيجة التصويت ويصدق عليها المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، سيؤدي بازشكيان قسم اليمين أمام مجلس الشورى (البرلمان) في طهران خلال الأيام المقبلة.
«صوت الذين لا صوت لهم»
لم يكن من المتوقع أن يتمكّن مسعود بازشكيان النائب عن تبريز، أكبر مدينة في شمال غربي إيران، من الفوز بكرسي الرئاسة في إيران، عندما قبل مجلس صيانة الدستور طلب ترشّحه مع خمسة مرشّحين آخرين، كلهم من المحافظين، للانتخابات المبكرة. وبازشكيان، ليس شخصية بارزة في معسكر الإصلاحيين والمعتدلين الذين تراجع تأثيرهم في مواجهة المحافظين في السنوات الأخيرة. لكن الرجل الشديد التقوى تمكّن من كسب دعم هذا المعسكر، ولا سيما تأييد الرئيسين السابقين محمد خاتمي وحسن روحاني، وكذلك وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، مهندس الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه مع القوى الكبرى في العام 2015. ويعتبر النائب منذ عام 2008 نفسه «صوت الذين لا صوت لهم». وهو ينتمي إلى أقلية من العرق الأذري ويدعم حقوق الأقليات العرقية. وكان تقلد منصب وزير الصحة بين عامي 2001 و2005 خلال ولاية خاتمي الثانية. وخلال حملته الانتخابية، أظهر بازشكيان تواضعاً، سواء في مظهره، إذ غالباً ما اكتفى بارتداء سترة عادية، أو في خطاباته التي خلت من أي مغالاة أو وعود كبرى. وفقد بازشكيان زوجته وأحد أبنائه في حادث مروري في 1994. وعمل على تنشئة ولديه الناجيين وابنته بمفرده وفضل ألا يتزوج مُجدداً.
نهجا خاتمي وروحاني
شهدت الجمهورية الإسلامية، نهجين للإصلاح. الأول بين عامي 1997 و2005 عندما سعى الرئيس آنذاك محمد خاتمي إلى إجراء إصلاحات سياسية وبناء مجتمع مدني أقوى ومنح المزيد من الحرية للصحافة، لكنه واجه معارضة من المرشد الأعلى السيد علي خامنئي والحرس الثوري صاحب النفوذ الكبير. وقاد الرئيس البراغماتي السابق حسن روحاني نهج الإصلاح الثاني بين 2013 و2021 مستخدماً رصيده السياسي ضمانة لموافقة خامنئي على الاتفاق النووي لعام 2015 لكنه لم يترك شيئاً للإصلاحات الداخلية.
إيران تنتخب بزشكيان الإصلاحي رئيساً ومفاوضاته مع واشنطن بدأت قبل فوزه
«الجريدة•» تكشف عن لقاء بين فريقه وأميركيين بتنسيق من ظريف
• الرئيس منفتح على الابتعاد عن الصين وروسيا ومتمسك بالتقارب مع الخليج
الجريدة...طهران - فرزاد قاسمي ...للمرة الأولى منذ عقدين أصبح لإيران رئيس إصلاحي، بعد أن فاز مسعود بزشكيان، وهو جراح يبلغ من العمر 69 عاماً، بأكثر من 53 في المئة من الأصوات، متغلباً على منافسه الأصولي المنتمي إلى التيار المتشدد سعيد جليلي (58 عاماً). وشارك نحو 50 في المئة من الناخبين في التصويت بارتفاع نحو 10 نقاط على الجولة الأولى، في خطوة قال مراقبون، إنها ترجع بالدرجة الأولى إلى رفض وصول متشدد إلى الحكم مجدداً. وهنأ المرشد الإيراني علي خامنئي بزشكيان ونصحه بمواصلة نهج الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، كما أكد قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي الاستعداد «للتعاون مع الحكومة» وفقاً للسياسات العامة المعلنة من خامنئي لـ«تلبية احتياجات البلاد». إلى ذلك، أكد مصدر مقرب من بزشكيان لـ «الجريدة»، أن هناك اتصالات جرت في الأيام الأخيرة بين ممثلين عن الرئيس الجديد والجانب الأميركي بسلطنة عمان، لبحث عودة واشنطن للاتفاق الأميركي وبدء تنفيذه من جانب إيران. وحسب المصدر، فإن وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف، الذي يمكن أن يُعيّن نائباً للرئيس، نسّق هذا اللقاء مع صديقه القديم وزير الخارجية السابق جون كيري، الذي يشغل منصب مبعوث الرئيس جو بايدن للمناخ. وتمثّل بزشكيان في الاجتماع بأحد الإعلاميين الإيرانيين المرموقين في العلاقات الدولية المقرب منه جداً، إلى جانب أحد مندوبي اللجنة الاستراتيجية للسياسة الخارجية في مكتب المرشد التي يرأسها كمال خرازي، في حين تمثلت واشنطن بشخصية أميركية عضو بمجموعة المجلس الوطني الإيراني ــ الأميركي (NIAC)، فضلاً عن مندوب من مكتب إيران بالخارجية الأميركية، واستمرت هذه المفاوضات المباشرة والمكثفة 3 أيام. وأفاد المصدر بأن الأميركيين أبلغوا الجانب الإيراني أنهم مستعدون للمفاوضات مع السلطة الجديدة، ولديهم رغبة في العودة للاتفاق النووي الموقع في 2015 حتى قبل الانتخابات الأميركية الرئاسية إذا كانت الظروف ملائمة، مضيفاً أن وفد إيران نقل عن بزشكيان دعمه لاستمرار المفاوضات، وأنه لا يمانع الانتقال لمفاوضات مباشرة إذا وافق خامنئي. ورغم تأكيده أن الخطوط العريضة للسياسات الخارجية يضعها المرشد، أبدى الفريق المفاوض، خلال الاجتماع، انفتاحاً على الحد من التقارب مع الصين وروسيا وتحويل العلاقات معهما لعلاقات عادية إذا وافقت واشنطن على رفع العقوبات عن إيران، واتخذت خطوات للتقارب معها واحترام مصالحها، بحسب المصدر. وذكر أن فريق بزشكيان أكد أن الرئيس يعارض إعطاء امتيازات وحسومات ضخمة لبيع النفط للصين، ويرفض مستوى العلاقات المالية والاقتصادية الحالية بين طهران وبكين، لكنه يرى أن إبقاء العقوبات ضد طهران يصب حالياً في مصلحة بكين، إذ ليس لدى إيران خيارات أخرى غير التقارب معها. على مستوى آخر، قال المصدر إن بزشكيان معروف بدعمه لـ «جبهة المقاومة» التي تقودها طهران، ولبناء برنامج بالستي إيراني قوي وداعم للحقوق الفلسطينية، ويدعم الضغوط على إسرائيل لوقف الحرب في غزة، وأن ذلك لن يتبدل. وفيما يخص الجوار، خصوصاً الدول الخليجية، قال مصدر مقرب من بزشكيان، إن الأخير سيواصل سياسة الانفتاح على الدول الخليجية، وبينها الكويت التي هنأت أمس الرئيس المنتخب. وبين المصدر أن بزشكيان يعتقد أنه إذا كانت علاقة إيران جيدة مع الخليج فذلك يعطيه ورقة قوة في مفاوضاته مع واشنطن، مضيفاً أن بزشكيان متأثر جداً بما يجري في السعودية، خصوصاً الإصلاحات الاجتماعية، ويعتقد أن الشارع الإيراني بات رافضاً للتطرف والتعصب ويريد الانفتاح والحداثة.
بعد انتخاب بزشكيان..ما هي التغيّرات المتوقعة في إيران؟
دبي - العربية.نت.. انتُخب الإصلاحي مسعود بزشكيان الداعي لانفتاح أكبر على الغرب، رئيساً لإيران في استحقاق واجه في الجولة الحاسمة فيه المرشّح المحافظ سعيد جليلي، ليخلف بذلك ابراهيم رئيسي الذي قضى في تحطّم مروحية في أيار/مايو الماضي. فقد حصد بزشكيان، الطبيب الجراح البالغ 69 عاماً، أكثر من 16 مليون صوت (53,6 بالمئة) من أصل 30 مليونا، وفق السلطات الإنتخابية. واستفاد من دعم الائتلاف الرئيسي للإصلاحيين في إيران، وأيّده إيرانيون كثر يخشون سيطرة مطلقة للمحافظين المتشدّدين على البلاد، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
بمَ تعهّد بزشكيان؟
دعا بزشكيان خلال حملته الانتخابية إلى "علاقات بناءة" مع واشنطن والدول الأوروبية "بغية إخراج إيران من عزلتها". كما تعهّد بذل جهود لإحياء الاتفاق المبرم في العام 2015 بشأن النووي الإيراني مع قوى دولية بينها الولايات المتحدة. على الصعيد الداخلي، تعهّد بزشكيان رفع القيود المفروضة على الإنترنت، وأعلن معارضته "بالكامل" دوريات شرطة الأخلاق المكلّفة التثبت من تقيّد النساء بإلزامية الحجاب. ودعا إلى تمثيل حكومي أوسع نطاقا للنساء وللأقليات الدينية والإتنية خصوصا الأكراد والبلوش. ووعد بخفض التضخّم الذي يسجّل حاليا نسبة تقارب 40 بالمئة. خلال مناظرة تلفزيونية مع جليلي، اعتبر بزشكيان أن إيران بحاجة إلى استثمارات أجنبية بـ200 مليار دولار، لافتا إلى أن هذه المبالغ لا يمكن جذبها إلا بإعادة تفعيل العلاقات مع العالم.
ما هي صلاحيات الرئيس في إيران؟
صلاحيات الرئيس في إيران محدودة. فهو مسؤول عن تنفيذ الخطوط العريضة لسياسة يضعها المرشد الأعلى علي خامنئي، المسؤول الأرفع في الجمهورية.. بصفته رئيسا، سيشغل بزشكيان ثاني أرفع منصب في الجمهورية، وسيكون مؤثرا في السياسة الداخلية والخارجية. فهو من يحدد السياسات المالية للبلاد باقتراح مشروع الموازنة وتعيين رئيس المصرف المركزي ووزير الاقتصاد. لكن مع ذلك، ستكون صلاحياته في ما يتّصل بالشرطة الإيرانية محدودة، وعمليا معدومة في ما يتّصل بالجيش والحرس الثوري.
ما الذي يتوقّعه الناس؟
تتفاوت مشاعر الإيرانيين حيال فوز بزشكيان، ففي حين يعبّر بعضهم عن سعادته يبدي آخرون تحفظا. ولفت الصحافي والمحلّل السياسي مزيار خسروي إلى أن الرئيس المنتخب "لم يتعهّد إيجاد حل فوري للمشاكل" في إيران. وفق خسروي، صوّت الناس لبيزشكيان لأنهم "أدركوا أن مقاربته مبنية على التفاعل مع العالم"، وهو نهج "مختلف تماما عمّا تتّبعه الحكومة الحالية". ووفق المحلّل السياسي مصدّق مصدّق بور، يأمل مناصرون لبيزشكيان أن "يتمكن من إحداث تغيير للأفضل ومن حل بعض من مشاكل البلاد"، خصوصا على الصعيد الاقتصادي.
ما الذي يمكن أن يحقّقه؟
يؤكد خبراء أن بزشكيان سيواجه تحديات كبرى في بلاد يدير المحافظون الغالبية الساحقة من مؤسساتها الحكومية. مجلس الشورى الذي يسيطر عليه المحافظون والمحافظون المتشددون، هو واحد من هذه المؤسسات، وفق مصدّق بور. ويشدّد مدير برنامج إيران في مجموعة الأزمات الدولية علي واعظ على أن بزشكيان سيواجه "معركة شاقة" بغية ضمان "الحقوق الاجتماعية والثقافية في بلاده والانخراط الدبلوماسي مع الخارج".
متابعة من الخارج
يذكر أن تلك الانتخابات تلقت متابعة دقيقة في الخارج، إذ إن إيران هي في قلب الكثير من الأزمات الجيوسياسية، من الحرب في غزة إلى الملف النووي الذي يشكل منذ سنوات عدة مصدر خلاف بين طهران والغرب ولا سيما الولايات المتحدة. كما أنها جرت وسط حالة استياء شعبي ناجم خصوصاً عن تردي الأوضاع الاقتصادية بسبب العقوبات الغربية التي أعيد فرضها على إيران.