رضيع فلسطيني ضحية لنار المستوطنين
السبت 1 آب 2015 - 8:04 ص 405 0
رضيع فلسطيني ضحية لنار المستوطنين
الحياة...رام الله - محمد يونس { الناصرة - أسعد تلحمي
لم يكد يمر عام على حرق الفتى الفلسطيني محمد أبو خضير حياً بعد خطفه من حي شعفاط في القدس المحتلة، حتى شن المستوطنون هجوماً إرهابياً مماثلاً، وإن حاولوا هذه المرة حرق عائلة بأكلمها عندما ألقوا قنبلة على منزل سعد دوابشة في قرية دوما جنوب شرقي نابلس في الضفة الغربية منتصف ليل الخميس - الجمعة، ما أدى الى وفاة رضيعه علي حرقاً. ونُقل الأب والأم وطفل آخر في وضع حرج الى مشفييْن إسرائيليين حيث أعلن أن الأم تعاني حروقاً من الدرجة الثالثة في 90 في المئة من جسدها، وطفلها من حروق من الدرجة الثانية في 60 في المئة من جسده، والأب من حروق في 80 في المئة من جسده.
ولاقت هذه الجريمة إدانة دولية شديدة اللهجة وصفتها بالإرهابية. فمن جانبها، نددت واشنطن «بأشد العبارات» بـ «الهجوم الإرهابي الوحشي»، ورحبت في بيان «بالأمر الذي أصدره رئيس الوزراء (الإسرائيلي بنيامين) نتانياهو لقوات الأمن باللجوء الى كل السبل المتوافرة لديها لاعتقال القتلة (الذين ارتكبوا) عملاً إرهابياً وإحالتهم على القضاء». ودعت «كل الأطراف الى الحفاظ على الهدوء وتفادي تفاقم الوضع إثر هذا الحادث المأسوي».
كما دعا الاتحاد الأوروبي الى «عدم التهاون» مع عنف المستوطنين، مطالباً بـ «تحقيق كامل وسريع»، وبـ «إجراءات قوية لحماية السكان المحليين». وذكّر بـ «معارضته القوية» للاستيطان الذي يهدد حلاً يقوم على مبدأ قيام دولتين.
كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى «احضار مرتكبي هذا العمل الإرهابي الى العدالة بسرعة». وقال في بيان إن «الفشل المستمر في مواجهة الحصانة على اعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون أدى الى حادثة مروعة أخرى أدت الى قتل حياة بريئة، وهذا يجب أن ينتهي». وأضاف أن «غياب عملية سياسية وسياسة إسرائيل الاستيطانية غير المشروعة، الى جانب الممارسات غير المبررة والقاسية بهدم منازل الفلسطينيين، أدت الى ارتفاع العنف المتطرف في الجانبين». واعتبر أن ذلك يشكل تهديداً إضافياً للتطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني نحو بناء الدولة، وكذلك الى أمن الشعب الإسرائيلي. وحض «الطرفين على اتخاذ إجراءات جريئة للعودة الى مسار السلام».
وسعى نتانياهو إلى احتواء تبعات الهجوم تحسباً لاشتعال الوضع في الضفة، فهاتف الرئيس محمود عباس في بادرة نادرة، واعداً بإجراء تحقيق شامل. وكان دان في وقت سابق أمس «العملية الإرهابية»، وقال إنه «مصدوم من هول هذا العمل الفظيع والإجرامي»، متوعداً باعتقال منفذيها ومن أرسلهم بأقصى سرعة لتقديمهم إلى المحاكمة.
ورفع الجيش حال التأهب في أنحاء الضفة والقدس المحتلة تحسباً لـ «تدهور الوضع وفقدان السيطرة عليه». وانتشرت قوات كبيرة من الشرطة في محيط المسجد الأقصى قبل صلاة الجمعة وبعدها، وقيدت حركة الوصول اليه. كما أعلنت رفع التأهب في صفوفها شمال إسرائيل إلى الدرجة قبل القصوى تحسباً لتظاهرات احتجاجية في بلدات مختلفة.
وعلى رغم ذلك، اندلعت مواجهات في أماكن مختلفة من القدس والضفة اسفرت عن اصابة شابين. وقالت ناطقة باسم الشرطة الإسرائيلية إن المواجهات «جرت في بلدة العيسوية المحيطة بالقدس... وفي القدس القديمة في حي باب حطة». كما جرت تظاهرة في الخليل، واندلعت مواجهات على حاجز قلنديا شمال القدس، وأخرى عند مخيم الجلزون قرب رام الله، وعند حاجز حوارة جنوب مدينة نابلس من دون الإبلاغ عن إصابات. وشارك مئات الفلسطينيين في مسيرة في بلدة كفر قدوم في قلقيلية طالبوا خلالها برد شعبي على الجريمة.
وأعلن الرئيس عباس في إيجاز للصحافيين أن الجانب الفلسطيني سيقدم «ملف هذه الجريمة والجرائم التي سبقتها الى المحكمة الجنائية الدولية». وطلب في مستهل اجتماع طارئ للقيادة الفلسطينية مساء أمس، من وزير خارجيته رياض المالكي التوجه اليوم الى لاهاي لرفع شكوى أمام المحكمة.
وأوضح أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات في تصريح أن المستوطنين ارتكبوا «11 ألف اعتداء إجرامي منذ عام 2004» شملت «قتل أبرياء وحرقهم وحرق مساجد وأشجار».
وأعادت جريمة إحراق عائلة دوابشة تسليط الضوء على جرائم المستوطنين ضد الفلسطينيين في المنطقة الريفية التي تسميها إسرائيل المنطقة (ج) الخاضعة كلياً للاحتلال، والتي تساوي أكثر من 60 في المئة من سكان الضفة. ففي هذه المنطقة، ليس مسموحاً للشرطة الفلسطينية بالعمل، بل يسيّر الجيش الإسرائيلي دوريات عسكرية على طول الطريق الرئيس المار بمحاذاة القرى حيث تقام عشرات المستوطنات والمعسكرات. وتعمل هذه الدوريات على حماية المستوطنين، ولا تتدخل عندما يعتدون على الفلسطينيين بحرق المساجد والكنائس والسيارات والأشجار أو إطلاق النار على الفلاحين في الحقول وفي مفارق الطرق.
نتانياهو «مصدوم» من هول «الجريمة الإرهابية» ويستعجل اعتقال القتلة من أجل احتواء التبعات
الحياة..الناصرة – أسعد تلحمي
سعت إسرائيل إلى احتواء التبعات المتوقعة من الجريمة التي نفذها مستوطنون في قرية دوما جنوب نابلس بإحراق بيت عائلة سعد دوابشة وقتل الطفل علي حرقاً، فدان سدنتها كلهم العملية واعتبروها «عملية إرهابية يهودية»، متوعدين باعتقال منفذيها ومن أرسلهم بأقصى سرعة لتقديمهم للمحاكمة. لكن منظمة «بتسيلم» الإسرائيلية التي ترصد انتهاكات جيش الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة ذكّرتهم بأنه خلال العامين الماضيين أحرق مستوطنون تسعة منازل فلسطينية ولم تتم محاكمة أي من المنفذين.
وترأس رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو جلسة مشاورات مع وزيري الدفاع والأمن الداخلي موشيه يعالون ويغآل اردان، وأجرى اتصالات مع قادة الأجهزة الأمنية، وقال إنه أعطى تعليماته لقوات الجيش بالتحرك بسرعة لاعتقال الفعلة.
ورفع جيش الاحتلال، بتعليمات من رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال غادي أيزنكوت، حال التأهب في أنحاء الضفة والقدس المحتلة تحسباً لـ «تدهور الوضع وفقدان السيطرة عليه»، وتم نقل أربعة فرق من المشاة لمنطقة القرية الفلسطينية لمعاونة القوات هناك على «الاستعداد لاحتمال وقوع عمليات انتقامية ضد المستوطنين وقوات الاحتلال ومحاولة تسلل الى مستوطنات». ونقلت وسائل الإعلام عن قيادة المؤسسة الأمنية مخاوفها من أن تشعل جريمة القتل الوضع في أنحاء مختلفة في الضفة. وذكرت الإذاعة أن أيزنكوت أجرى جلسات تقويم للأوضاع مع قادة المؤسسة الأمنية، معتبراً ما حصل «حادثاً خطيراً للغاية».
كما انتشرت قوات كبيرة من الشرطة في محيط المسجد الأقصى في القدس المحتلة قبل صلاة الجمعة وبعدها، وقرر قائد شرطة القدس المحتلة تحديد سن الرجال المسموح لهم بالصلاة في المسجد بـ50 عاماً وما فوق. وأعلنت الشرطة رفع التأهب في صفوفها، خصوصاً شمال إسرائيل إلى الدرجة قبل القصوى تحسباً لتظاهرات احتجاجية جرت في بلدات مختلفة.
وندد نتانياهو، بـ»العملية الإرهابية»، وقال إنه «مصدوم من هول هذا العمل الفظيع والإجرامي». وأضاف أن إسرائيل تتعامل بشدة ضد الإرهاب «بغض النظر عن هوية مرتكبيه»، وأنه أصدر تعليماته لقوات الأمن المختلفة بالتحرك بكل الوسائل المتاحة لاعتقال القتلة وتقديمهم بأسرع وقت للمحاكمة. وطلب من قادة الأجهزة الأمنية المختلفة إطلاع السلطة الفلسطينية على عمليات التفتيش الواسعة التي قامت بها قوات الاحتلال في عدد من المستوطنات بحثاً عن منفذي العملية. وأفادت الإذاعة العامة أن «منسق شؤون الاحتلال» العقيد يوآف مردخاي أجرى اتصالات مع مسؤولين كبار في الحكومة الفلسطينية وأجهزة أمنها ليؤكد لهم أن إسرائيل تندد بشدة بقتل الطفل، وأن قوات أمنها تقوم بكل جهد لاعتقال القتلة.
واعتبر وزير الدفاع ان إحراق المنزل وقتل الطفل «عملية إرهابية صعبة لا يمكن تحملها، ونستنكرها أشد استنكار». وأضاف أن قوات الجيش والشرطة وجهاز الأمن الداخلي (شاباك) تقوم بجهد كبير لاعتقال المنفذين، «وسنلاحقهم حتى نعتقلهم لأن إسرائيل لن تسمح لمخربين يهود بالمس بحياة فلسطينيين في أنحاء الضفة وسنحاربهم بشدة وبكل الوسائل والأدوات التي نملكها، كما سنتعامل بصرامة مع مرسليهم ومع من يغذيهم، ولا نية لدينا بالتهاون».
وبعث بتعازيه لعائلة دوابشة، متمنياً الشفاء للجرحى «الذين نقلناهم بمروحية عسكرية الى مستشفيات إسرائيلية». ودعا الأطراف في إسرائيل الى التنديد بهذه الجريمة بكل وضوح، مضيفاً ان إسرائيل تنسق مع السلطة لمنع تفاقم الوضع، «وندعوها أيضاً إلى التهدئة وعدم تأجيج الخواطر في هذه الساعة العصيبة».
وقال الناطق بلسان الجيش إن الجيش يعتبر ما حصل «عملاً إرهابياً، ويندد بشدة بكل العمليات الإرهابية في يهودا والسامرة (الضفة)، بما في ذلك الإرهاب اليهودي». وأضاف أن قوات الجيش وأجهزة الأمن ستواصل العمل للحفاظ على النظام والأمن في منطقة يهودا والسامرة».
وقال وزير الأمن الداخلي إن من قام بهذه الجريمة البشعة يجب أن ينهي باقي سنوات عمره وراء القضبان، «فالحديث عن عملية إرهابية فظيعة تضاف إلى سلسلة العمليات البشعة القذرة التي تهدد حياتنا المشتركة في المنطقة، وتهدد مستقبلنا». وأضاف: «علينا أن نعمل ليل نهار من أجل أن نلفظ من بيننا الأوغاد الذين كانوا ضالعين في هذا العمل غير الإنساني».
وانضم قادة المستوطنين إلى المنددين، وقال زعيم «البيت اليهودي» الوزير نفتالي بينيت إن ما حصل ليس عملية كراهية أو تدفيع ثمن «إنما هذا قتل، وإحراق البيت وقتل الطفل هما عمل إرهابي مخيف لا يتحمله العقل». وقال مجلس المستوطنات في بيان إنه «يشعر بالصدمة من حادث القتل الرهيب، ويشد على أيدي قوات الأمن بملاحقة المجرمين واعتقالهم بسرعة ومعاقبتهم».
واعتبرت «القائمة (العربية) المشتركة» في الكنيست في بيان أن جريمة قتل الطفل الفلسطيني علي سعد دوابشة حرقاً وإشعال النيران بمنزلين من منظمات الإرهاب الاستيطاني «هي جريمة حرب تضاف لجرائم الاحتلال الإسرائيلي المتفاقمة في ظل أجواء فاشية». وأضافت ان «سياسة حكومة نتانياهو العنصرية والمتطرفة تشجع المتطرفين والإرهابيين على مواصلة ارتكاب جرائم تدفيع الثمن والكراهية ضد الفلسطينيين». وتابعت أن «منظمات المستوطنين واليمين المتطرف الإرهابية تستقي إلهامها لتنفيذ جرائمها من الاحتلال الإسرائيلي، وهو مصدر العنف والقتل والحرب، ومن آبائها الروحيين الجالسين في الحكومة والكنيست».