الخبير والمستشار الاقتصادي السوري المعارض منذر خدّام لـ"النهار": البورجوازية السورية التقليدية تراقب تغيّر الموازين على الأرض

تاريخ الإضافة الأربعاء 31 آب 2011 - 5:17 ص    عدد الزيارات 458    التعليقات 0

        


 

الخبير والمستشار الاقتصادي السوري المعارض منذر خدّام لـ"النهار": البورجوازية السورية التقليدية تراقب تغيّر الموازين على الأرض
بقلم ديانا سكيني

منذر خدام الخبير والمستشار الاقتصادي السوري شارك في كثير من "المشاريع الهادفة إلى رسم سياسات تسترشد بها خطط وبرامج الحكومة... حتى 2025". استاذ الاقتصاد الزراعي في جامعة تشرين ترأس مؤتمر سميراميس المعارض في حزيران الفائت وهو عضو في هيئة التنسيق المعارضة التي تستعد لعقد مؤتمرها في منتصف ايلول في دمشق. في ما يلي حصيلة اجابات خدام على أسئلة طرحتها "النهار" عليه في الشقين الاقتصادي والسياسي.
"الظروف الموضوعية جميعها كانت تنبىء بأن سوريا لن تكون في منجاة من امتداد الثورات العربية. الصور السياسية والاجتماعية والثقافية التي تعكسها حال البلاد لم تكن أفضل من الصورة الاقتصادية القاتمة التي كانت واحدة من أبلغ الدلالات على فقدان الأمل بأي اصلاح". خلاصة منذر خدام هذه تنتج عن استعراض بعض الوقائع ذات الدلالة: فعلى المستوى المعيشي صار نحو ثلث السوريين فقراء بحسب الإحصاءات الرسمية، يعيش الواحد منهم على نحو 3000 ليرة سورية في الشهر، وهو خط الفقر السوري قبل زيادة الرواتب الأخيرة، ومن هذا الرقم كان نحو 8% في حالة فقر مدقع (1900 ليرة سورية في الشهر)، إضافة إلى جيش العاطلين عن العمل المتزايد، وخصوصا من فئة الشباب الخريجين.
في عام 1980 كان نصيب المواطن السوري من الدخل القومي نحو 1200 دولار سنويا، وبعد نحو ثلاثة عقود صار نحو 1400 دولار، وهو أقل من مستواه في لبنان بثلاثة أمثال. مقابل هذا الافقار المعمم تضخمت ثروات طبقة من الطفيليين بحيث تجاوزت حدود التصور بالنسبة للواقع السوري، خصوصا تلك الفئات التي استغلت الدولة وأجهزتها لتحصيل ثرواتها.
ينقل خدام ما يصفه  بـ"المعلومات الرسمية" ومضمونها أن نحو 10% من السوريين يحوزون على 60% من الدخل الوطني، في حين أن 90% منهم يحوزون على 40% فقط. الى ذلك يقول استنادا الى مصادره الرسمية أن حجم الأموال التي هُرِّبت من سوريا إلى الخارج تجاوزت حدود 140 مليار دولار خلال العقود الأربعة الماضية، وانه وبحسب تقرير الشفافية السوري (وهو تقرير وطني رسمي ومنشور) فإن ترتيب سوريا بين 131 دولة شملها التقرير هو في المراتب العشرين الأخيرة، باستثناء المؤشرات الأمنية حيث احتلت المراتب السبعة الأولى ولهذا دلالته، خصوصا في سياق الحديث عن العصابات المسلحة في سوريا. وبحسب التقارير العربية والدولية فإن سوريا في المراتب الثلاث الأخيرة عربياً، على صعيد المؤشرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
ويبني خدام على الوقائع السالفة في اجابته الى "النهار" حول الخريطة الاقتصادية الاجتماعية للاحتجاجات، ليخلص الى ان "سوريا تعاني من استقطاب حاد على الصعيد الاجتماعي الطبقي يجعل الحديث عن وجود طبقات وفئات اجتماعية متبلورة فيه الكثير من المجاز" مضيفا انه "يوجد في سوريا على أرض الواقع طبقتان: طبقة الفقراء، وهي تشمل الغالبية الساحقة من المجتمع السوري، في مواجهة طبقة الأغنياء وهي ضيقة جدا لا تمثل أكثر من 7% من السوريين، ومن بين هذه الفئة الأخيرة هناك عدد قليل جدا من الحيتان يتحكمون بمجمل الاقتصاد السوري". وعليه " فإن الخريطة الاجتماعية الاقتصادية للاحتجاجات تعد أكثر وضوحا، فهناك غالبية ساحقة تريد التغيير في مقابل فئة ضيقة جدا لا تريده".

الطبقة الوسطى
 
رداً على سؤال حول مشاركة الطبقة الوسطى الخجولة في الانتفاضة، يستند خدام الى ما شرحه عن عدم وجود طبقات وفئات اجتماعية متبلورة، ليحسم بأنه لا يمكن الحديث عن طبقة وسطى واضحة المعالم في سوريا مردفاً "إذا كان من خرج إلى الشارع في بداية الانتفاضة هو القاع الاجتماعي وهذا مفهوم ومنطقي نظرا لشدة وطأة ما يعانيه الناس في هذا القاع، فإن جميع فئات الشعب وفق التصنيفات الكلاسيكية (مثقفون ومعلمون ومحامون وقضاة وتجار وغيرهم أي من يصنفون عادة ضمن الفئات الوسطى) قد خرجت إلى الشارع في تلك المدن التي صارت فيها الانتفاضة جماهيرية كما في درعا وريف دمشق وحماة  وحمص ودير الزور، كما ان الذين يخرجون إلى الشارع اليوم هم مجموع فئات الشعب، ولولا شدة القمع الذي يمارسه النظام على المتظاهرين لوجدنا الشعب السوري بغالبيته الساحقة في الشوارع.

البورجوازية السورية
 
نسأل خدام عن مدى صلابة ارتباط مصالح البورجوازية السورية بالنظام، فيجيب أنه وبحسب التصنيفات النظرية المدرسية فإن البورجوازية السورية تتكون من أربع شرائح هي: البورجوازية البيروقراطية، والبورجوازية الكمبرادورية، والبورجوازية الطفيلية، والبورجوازية التقليدية. ويضيف بأن الشرائح الثلاث الأولى التي نشأت في ظل النظام وهي  ترتبط به بصورة عضوية لأن وجودها يعتمد على وجوده، سوف تقف إلى جانبه حتى النهاية. أما البورجوازية التقليدية وهي تلك التي نشأت تاريخياً في سوريا، رغم سيرورتها المشوهة، وعدم إتاحة الفرصة لها لكي تقوِّم سيرورتها من جراء تدخل الدولة في الشأن الاقتصادي، ولاعتبارات سياسية وأيديولوجية لا مجال للخوض فيها الآن، فقد زاد النظام في تشويهها من خلال إرغامها على العمل في ظروف الفساد المعمم.
ويعبر خدام عن اعتقاده بأن هذه الفئة مستندة إلى مناخ دولي داعم لها، تراقب تغير موازين القوى على الأرض، ولذلك سوف تظل إلى جانب النظام طالما بقي قوياً، منوهاً بعدم امكان وضع جميع البورجوازيين التقليديين في سلة واحدة، حيث ثمة منهم من انحاز بوضوح ومنذ البداية إلى الحراك الشعبي، خصوصا أولئك الذين أرغمهم النظام على الهجرة والعمل في الخارج.

حلب ودمشق
 
في تحليله لضعف الحراك في مدن ذات ثقل اقتصادي كحلب ودمشق،  يعتبر خدام ان استكانة حلب الظاهرية مردها إلى الدور الكبير الذي تلعبه البورجوازية السورية الحليفة للنظام، والتي تمارس ضغوطا كبيرة على الفئات الشعبية العاملة لجهة منعها من النزول إلى الشارع مشددا على ان "ذلك لن يدوم طويلاً". أما في دمشق "فعلى العكس فإن رجال الدين يقومون بالدور الحاسم وهم فئة عمل النظام  منذ مؤسسه الأول الرئيس الراحل حافظ الأسد على استمالتها إليه. هنا أيضا نلاحظ بداية تحولات مهمة على صعيد هذه الفئة، ولن يطول بها الوقت لكي تنتفض ضد النظام خصوصا بعد الاعتداءات المتكررة على أماكن العبادة وكان آخرها اجتياح قوات أمن النظام لجامع الرفاعي في دمشق والاعتداء على شيخه أسامة الرفاعي ذي النفوذ الواسع في دمشق". ويعبر خدام عن اعتقاده بأن " دمشق لم تعد صامتة، فريفها ينتفض يومياً وبصورة جماهيرية، وكثير من أحياء العاصمة انخرطت هي الأخرى في الانتفاضة". ويخلص في هذا السياق الى انه " ليس صحيحا القول بأن النظام يتمتع بجماهيرية واسعة في المدينتين".

اقتصاد السوق
 
نحاول استقراء رأي خدام في أثر السياسات الانفتاحية التي اعتمدها النظام ذو العقيدة الاشتراكية في السنوات الاخيرة في تبلور النقمة ضده لدى بعض الاوساط الشعبية. فيشرح من موقعه كخبير شارك في غالبية المشاريع الحكومية التي هدفت الى وضع تصورات لخطط اصلاحية، بأن "الاقتصاد السوري مرّ بأزمتين حادتين خلال العقود الثلاثة الماضية: الأزمة الأولى حصلت خلال الفترة من عام 1984 إلى عام 1990، ولولا العائدات النقدية التي جناها النظام من جراء مشاركة قواته في ما سمي حرب تحرير الكويت لكان انهار تماماً. والأزمة الثانية استمرت منذ عام 1998 وحتى عام 2005، وصار النمو الاقتصادي خلالها سالبا، بل شارف العديد من فروعه على الانهيار وخصوصا الصناعة التحويلية. لذلك عندما تولى الدكتور بشار الأسد زمام الرئاسة وجد أن عليه أن يواجه هذه الأزمة أولا فطرح فكرة الإصلاح الاقتصادي، لكنه بعد حين وجد أن الإصلاح الاقتصادي بدون إصلاح إداري غير ممكن، لذلك تحول وطرح فكرة الإصلاح الإداري ومن ثم التشريعي ليكتشف أيضا أنه لا يمكن إنجاز الإصلاح الإداري أو التشريعي في ظل الفساد المعمم والبنية المتكلسة للنظام".
ويشير خدام أنه كخبير مشارك في غالبية المشاريع الهادفة إلى رسم سياسات اقتصادية جديدة تسترشد بها خطط وبرامج الحكومة، "قد نبهت مرارا وتكرارا إلى أن أي إصلاح اقتصادي أو إداري لا يتقدمه أو يوازيه إصلاح سياسي سوف يكون مصيره الفشل، لأن العامل الحاسم في أي إصلاح هو الإنسان، وهو بالضبط الذي عمل النظام طوال عقود على إفساده وتخريبه. وإن الطريقة الوحيدة لإصلاحه تكمن بالضبط في إعطائه حريته، وفي خلق الظروف المناسبة لكي يدافع عن مصالحه".
 ويردف "كنت أردد دائما على مسامع الكثير من المسؤولين، ومن الباحثين الذين اشتركنا معهم في مشروع استشراف مسارات التنمية في سوريا حتى عام 2025، وفي ندوة مشتركة مع نائب رئيس مجلس الوزراء في ذلك الحين عبد الله الدردري،  بأنه بدون الحرية لا تكون المسؤولية، وبدون المسؤولية لا تكون المحاسبة، وبدونها جميعها يسلطن الفساد". ويضيف بأنه "لم يكن مفاجئا لي ولكثيرين من الباحثين الاقتصاديين أن تفشل الخطة الخمسية العاشرة في تحقيق أهدافها، وحتى ما حققته من نمو استحوذ عليه قلة من أثرياء النظام، وهذا ما صرح به رئيس هيئة تخطيط الدولة في حينه (الرداوي) الذي عزل من منصبه في اليوم التالي بناء على ما صرح به".
وفي ما خصّ العامل الديموغرافي، يعتبر خدام بأن النمو السكاني "بما يمثله من ضغط على الموارد المتاحة في ظل نظام اقتصادي فاشل وغير عادل هو من الأسباب الموضوعية للحراك الشعبي وهذا ينعكس في شعاراته وفي بعض سلوكاته تجاه بعض المؤسسات الاقتصادية المملوكة من قبل بعض النافذين في النظام".

خسائر الأزمة
 
في رده على سؤال حول حصاد خسائر الاقتصاد السوري خلال الأزمة، يذكر خدام أنه و"منذ احتدام الأزمة أوقف النظام ما يسمى الميزانية الاستثمارية، باستثناء ما له علاقة باستكمال إنجاز المشاريع القائمة، وكذلك بعض مشاريع البنية التحتية. وقام بزيادة كبيرة للأجور والرواتب بقرار سياسي كنوع من الرشوة" معتبرا أن "استمرار ذلك سوف يفاقم من أزمة التشغيل كثيراً، وسوف يؤدي إلى زيادة مؤشرات التضخم، وتنشيط عمليات التهريب". ويضيف  ان " ما هو ملموس اليوم هو انهيار القطاع السياحي بالكامل، وتراجع التبادل التجاري السوري بنحو 30%. ونظرا الى أن العقوبات على القطاع النفطي قد دخلت حيز التنفيذ فسوف تظهر آثارها مباشرة، وهذا ما نبه إليه حاكم مصرف سوريا المركزي، الذي دعا السوريين إلى الاستعداد لشد الأحزمة".  ورغم هذا المشهد الصعب للخسائر، يرى خدام أن "سوريا لا تزال تمتلك احتياطات كبيرة نسبيا من العملة الصعبة (نحو 17 مليار دولار) لكنها سوف تتآكل إذا اشتد الحصار عليها، وإذا أوقفت الحكومات الصديقة للنظام دعمها المالي والاقتصادي له".
وهل ستنهك العقوبات الغربية المجتمع السوري؟ يجيب "رفضت منذ البداية الحصار الاقتصادي على سوريا، وأعتقد أن الكثيرين يشاركونني موقفي هذا وذلك لسبب بسيط  هو أن الذي سوف يتأذى منه أكثر هو الشعب السوري" معتبرا ان "العقوبات الاقتصادية الذكية، أو العقوبات على أفراد النظام، لن تجدي لأنهم يستطيعون بحكم موقعهم تحميلها للشعب. هذا يعني أن العقوبات الاقتصادية سوف تنهك الشعب السوري".

 

 

A Gaza Ceasefire..

 الأحد 9 حزيران 2024 - 6:33 م

A Gaza Ceasefire... The ceasefire deal the U.S. has tabled represents the best – and perhaps last… تتمة »

عدد الزيارات: 160,689,517

عدد الزوار: 7,173,699

المتواجدون الآن: 142