الإسلاميون في الحكم: هل يمارسون الاعتدال عند استلامهم زمام السلطة؟

تاريخ الإضافة الجمعة 9 أيار 2014 - 7:27 ص    عدد الزيارات 635    التعليقات 0

        

 

الإسلاميون في الحكم: هل يمارسون الاعتدال عند استلامهم زمام السلطة؟
اريك تراجر, هارون (كليم) الله, و ڤيش سكثيفيل
أعد هذا الملخص جلعاد وانيج.
"في 25 نيسان/أبريل 2014، خاطب إريك تراغر، هارون (كليم) الله، وڤيش سكثيفيل منتدى سياسي في معهد واشنطن. وتراجر هو زميل واغنر في المعهد. و (كليم) الله هو عضو في طاقم وزير الخارجية الأمريكي لتخطيط السياسات، ومن ضمن مسؤولياته مواجهة التطرف العنيف والدبلوماسية العامة. وسكثيفيل هي زميلة الجيل القادم في المعهد. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهم."
إريك تراجر
على الرغم من الانتكاسات الإقليمية، ما زالت الحركات الإسلامية ناشطة في الشرق الأوسط وستعاود الظهور على الأرجح بأشكال أخرى في دول مثل مصر. ولفهم مستقبل الحركات الإسلامية بصورة أفضل، لا بدّ من إعادة تقييم الأسباب التي دفعت بعض الخبراء إلى توقّع لجوء جماعات على غرار «الإخوان المسلمين» إلى الاعتدال عند تبوّئها السلطة، وسبب فشل هذه «الجماعة» في القيام بذلك.
في أعقاب اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر، ركّز الخطاب الشعبي المعني بالحركات الإسلامية بشكل أساسي على نوعين فرعيين: الإرهابيون، على غرار تنظيم «القاعدة»، والعناصر المارقة، أسوة بالنظام الإيراني. ولم تتلاءم هذه الأوصاف مع الطريقة التي قدّم فيها «الإخوان المسلمون» أنفسهم إلى عدة أكاديميين، على أنهم جماعة "معتدلة" ترفض العنف وتؤيد الديمقراطية. بالإضافة إلى ذلك، دعا «الإخوان» إلى "اعتماد الشريعة كمرجع" على نحو أقل صرامة في صنع السياسات، عوضاً عن المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية في مصر، كما هو الحال في النظامين السعودي والإيراني. وفي النهاية، صدّق العديد من المحلّلين الغربيين الوصف الذاتي الذي قدّمه «الإخوان» واعتبروا أنّ تمكين الجماعة "المعتدلة" و"اللاعنفية" من خلال الانتخابات قد يشكّل "حاجزاً واقياً" ضد الجهاد، ويشجّع الإسلاميين المحتملين على السعي إلى إحداث التغيير عبر المؤسسات الرسمية عوضاً عن اللجوء إلى العنف. وقد توقعوا أيضاً أن يتابع «الإخوان» "اعتدالهم" عند وصولهم إلى السلطة، لأنه سيتوجب عليهم أن يحصدوا إجماعاً لحكم البلاد.
إلا أنّ أصحاب هذه التوقعات أخطأوا في وصف «الإخوان» على أنهم حزب ديمقراطي لديه إيديولوجية إسلامية، عوضاً عن كشف طبيعته الفعلية: فهو طليعة هرمية يتمثّل هدف وجوده بحشد الدعم المجتمعي وبلوغ السلطة السياسية لمقاومة التأثيرات السياسية والثقافية الغربية في مصر. وقد أثّرت هذه البنية الداخلية الصلبة على سلوك الجماعة في الحكم أكثر بكثير من إيديولوجيتها الإسلامية.
وفي النهاية، فشل «الإخوان» في ممارسة "الاعتدال" في السلطة، كما توقّع العديد من المحللين، ويعود ذلك إلى ثلاثة أسباب. أولاً، خشيت «الجماعة» من فقدان التماسك الداخلي الذي تعتمد عليه الطلائع فكانت أولويتها طمأنة أعضائها الذين أرادوا أن تُحكم قبضتها على السلطة بسرعة، بدلاً من الحكم بطريقة تجمع الأطراف الأخرى. ثانياً، أدّى تعصّبها تجاه الغرباء - سمة أخرى من سمات الطلائع الانعزالية - إلى مواصلة تشجيع أسلوبها الإقصائي في الحكم، وخير مثال على ذلك هو الإعلان الدستوري الصادر عن محمد مرسي في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 الذي أكد من خلاله على منح نفسه صلاحيات تنفيذية مطلقة. ثالثاً، واجه «الإخوان المسلمون» أخطر تحدٍّ سياسي من قبل السلفيين المتشددين، الأمر الذي أرغمهم على تبنّي دستور ثيوقراطي أكثر بكثير مما كان متوقعاً. ومن بين هذه الأسباب الثلاثة، يمتّ السبب الأخير فقط بصلة لإيديولوجية «الإخوان».
ونظراً لأنّ «الإخوان» هم طليعة هرمية أولاً وجماعة إسلامية ثانياً، فإخفاقهم في ممارسة الاعتدال في السلطة لا يكشف بالضرورة الكثير عن السلوك الذي سينتهجه الإسلاميون عموماً في الحكم. ولكن بالنسبة للمستقبل، يجدر بالمحللين أن ينظروا إلى ما هو أبعد من الأهداف المعلَنة للجماعات الإسلامية وأن يدرسوا كيفية عملها الفعلي على المستوى الداخلي عند تقييم كيفية تصرفها بعد تسلمها السلطة. وكما تبيّن فترة الحكم القصيرة لـ «الإخوان» في مصر، غالباً ما تحدد الثقافة التنظيمية للإسلاميين سلوكهم السياسي أكثر بكثير من تصريحاتهم الإيديولوجية، وخاصة عندما تكون هذه التصريحات مخصصة للجمهور الغربي.
هارون (كليم) الله
نظراً لتجربة باكستان الطويلة مع الحركات الإسلامية، التي تعود إلى زمن بعيد وتحديداً إلى عام 1906، يقدّم الباكستان دراسة حالة مفيدة لفهم الجماعات التي تعتنق هذه الإيديولوجية. إن نظرة أقرب إلى التركيبة السياسية لتلك البلاد تدحض خمسة مفاهيم سائدة حول الإسلاميين.
أولاً، لا يُعد العنف الذي تمارسه أو تدعمه الأحزاب الإسلامية في باكستان عشوائياً أو دون أي مبرر، بل هادِفاً واستراتيجياً. فمن خلال الصلات مع الجماعات المتطرفة، يستفيد الإسلاميون من العنف السياسي لدعم أجندتهم واستقطاب أكبر عدد ممكن من الأصوات. وفي العديد من الدوائر الانتخابية، يتم تهديد الناخبين بأنهم قد يتحمّلون تبعات العنف إذا لم يدعموا حزباً إسلامياً معيّناً.
ثانياً، تثبت تجربة باكستان أنّ الديمقراطية لا تضفي بالضرورة الاعتدال على منابر الأحزاب السياسية وإيديولوجياتها. ففي حين قد يصبح الإسلاميون أكثر اعتدالاً عبر التنافس الانتخابي المتكرر، إلا أنهم عرضة على حد سواء لأن يصبحوا أكثر تطرفاً إذا كان ذلك يخدم مصالحهم. فهم يتوقون إلى الفوز بمقعد على طاولة القرار، وبالتالي سيقومون حتماً بانتهاج مسار متطرف إذا كان ذلك سيساعدهم على كسب الأصوات.
ثالثاً، الأحزاب الإسلامية ليست كتلة متجانسة. فهي متنوعة في باكستان وتتنافس بحدة في ما بينها. ولحصد شعبية أكبر في صفوف الناخبين، يدّعي كل حزب بأنه الأكثر تديّناً في الواقع، الأمر الذي يخلق عدواة كبرى بين الأحزاب.
رابعاً، إنّ الفكرة القائلة بأنّ الفقر يدفع إلى التشدد - وغالباً ما تُفترض عند صياغة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا - هي فكرة خاطئة إلى حد كبير. ففي باكستان، تنبثق جماعات الناخبين الأساسية التي تصوّت للإسلاميين عن الطبقة الوسطى الضئيلة والمناطق الحضرية؛ وقد يساعد هذا الواقع، بالإضافة إلى عوامل أخرى، على تفسير الأسباب الكامنة وراء إحراز الأحزاب الإسلامية نتائج أفضل في الانتخابات البلدية والإقليمية والمحلية، أكثر منه على الصعيد الوطني. ولكي تزيد الولايات المتحدة فعاليتها على الأرض، يجب عليها أنّ تنظّم برامجها من خلال إعادة النظر في دوافع التشدد.
خامساً، لا تطمح الأحزاب الإسلامية إلى مقعد على طاولة القرار فحسب، بل تسعى أيضاً إلى وضع الأخلاقيات في صلب النقاش.
أما في ما يتعلّق بآراء الأحزاب السياسية الإسلامية في باكستان تجاه الفاعلين الخارجيين، فهم ليسوا بطبيعتهم معادين للغرب، مع أنهم غالباً ما يستخدمون الدين لتعبئة الناخبين وساهموا في خلق بيئة سامّة في البلاد. وقد وصفت عدة أحزاب نفسها على أنها معادية لأمريكا عندما كانت في المعارضة، ولكنها فعلت ذلك إلى حد كبير لكي تحصد أكبر عدد ممكن من الأصوات. وقد تؤثّر واشنطن في المستقبل على هذه الجماعات عن طريق الدبلوماسية العامة والإلتزام القائم على الدين. على سبيل المثال، من خلال التفاعل مع شخصيات ذات نفوذ بين الإسلاميين - مثل الأئمّة الذين يقعون ضحية العنف أكثر فأكثر - تستطيع الولايات المتحدة أن تحسّن مصداقيتها بشكل ملحوظ. ففي النهاية، يشبه معظم الإسلاميين الأحزاب السياسية الأخرى، إذ أنهم ليسوا أصحاب عقيدة متزمّتين بل براغماتيون.
ڤيش سكثيفيل
تُظهر تجارب الجماعات الإسلامية في المغرب، وأبرزها "حزب العدالة والتنمية" الحاكم، المستويات المتفاوتة من الاعتدال الذي قد تمارسه عند استلام الحكم. ويمكن أن تلجأ هذه الجماعات إلى الاعتدال لدى توجيه الرسائل: على سبيل المثال، قد توجّه جماعة إسلامية رسالة إلى الناخبين أو السلطات مفادها أنها لا تمثّل تهديداً. وقد يتجلّى الاعتدال أيضاً في السلوك، مما قد يشكّل في الواقع تحوّلاً في روح الجماعة. وأخيراً، قد يُمارَس الاعتدال في الإيديولوجية، الأمر الذي يُنتج تغيّراً أكثر جذرية في المهمة. وتتضمن العوامل التي قد تدفع جماعة ما إلى تطبيق الاعتدال، وجود حَكَم بارز أو ضرورة أخرى تفرض تقاسم السلطة.
في عام 1997، سُمح لـ "حزب العدالة والتنمية" ذو الشعبية المتزايدة، بالمشاركة في الانتخابات المغربية. فمقابل إعطاء هذه الشرعية، حصل الملك الراحل الحسن الثاني على ولاء الحزب لسلطة العرش الدينية والسياسية، من ضمن تنازلات أخرى. وفي عهد ابنه الملك محمد السادس، لا يزال القصر الملكي يتمتع بتأييد محلي واسع النطاق، وفي عدة نواحٍ، يرتبط الملك بالهوية الدينية للبلاد. ويستمر العاهل المغربي في احتكار السلطة الدينية؛ فالبنية التحتية الدينية في المغرب خاضعة بشدة لتحكم العلماء الدينيين المعيَّنين من قبل الحكومة، والذين يسعون إلى حصر انتشار الحركات الإسلامية وتفسيراتها للإسلام خارج التقليد "المالكي" المغربي. وبالتالي، يمكن للحكومة أن تعتبر أنّ الحركات الإسلامية ليست قوة ضرورية في المغرب لأنّ الحكم في البلاد هو في الواقع حكماً دينياً.
وعلى مر السنين، أُرغِم "حزب العدالة والتنمية" على ممارسة الاعتدال، خصوصاً في تعامله مع التشريع. إلا أنّ البراغماتية والاعتدال السياسيين الناتجين عن ذلك، واللذين هدفا بالأساس إلى إظهار الولاء، قد قوّضا قدرة الحزب على إحداث تغيير في عدة قضايا. وعلى الرغم من هذا المسار، لم يتخلَّ "حزب العدالة والتنمية" عن إيديولوجيته، إذ ما يزال يؤمن بأنّ الإسلام يجب ألا يكتفي بإرشاد السياسة فحسب، بل عليه أن يشكّل قاعدة للقانون المغربي. ولكنّ الاعتدال الإيديولوجي ليس له تأثير كبير في السياق المغربي لأنه ليس له نتائج سياسية فورية. ففي النهاية، يعود الحكم المطلق للملك، وأي ميل تجاه التطرف سيُفقد "حزب العدالة والتنمية" الرعاية الملكية التي تتنافس عليها كافة الأحزاب السياسية في المغرب. وفي هذه المرحلة، إن النفعية السياسية هي بنفس أهمية الإيديولوجية بالنسبة إلى "حزب العدالة والتنمية"، إن لم تكن تضاهيها.
وبما أنّ الظروف السياسية في المغرب تُعتبر فريدة على الصعيد الإقليمي، فإن اعتدال "حزب العدالة والتنمية" - في السياسة والسلوك والعمليات الداخلية - لا يمكن أن يُعتمد كدليل للإجابة على أسئلة حول الجماعات الإسلامية في دول أخرى. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكننا أن نستدلّ من تبعات سلوك الحركات الإسلامية في مصر وتونس لكي نفهم طريقة العمل الفعلية التي سيعتمدها "حزب العدالة والتنمية" إذا تبوّأ الحكم - ونقصد بذلك في حال غياب صانع قرار يتمتع بنفوذ أكبر. فعند تحليل طبيعة هذه الجماعات، لا بدّ من وضع سلوكها ضمن السياقات التي تعمل فيها، وسيؤدي إهمال هذه السياقات الاجتماعية السياسية إلى تحليل تخميني بحت. وأخيراً، إذا تم تعريف عدم الاعتدال السياسي على أنه الميل إلى الخطاب الإقصائي والتمسك بالسلطة على حساب مقاربة أكثر تعددية، فهو بالتالي غير محصور بالإسلاميين وحدهم.
 
 
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,175,419

عدد الزوار: 6,981,779

المتواجدون الآن: 77