تناقض السياسة الخارجية التركية

تاريخ الإضافة السبت 18 آب 2012 - 4:41 ص    عدد الزيارات 733    التعليقات 0

        

 

تناقض السياسة الخارجية التركية

نوراي ميرت

كما هو معتاد أبرزت وسائل الإعلام التركية مديح وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون للدور التركي في سوريا، ووعدها بتأييد أنقرة ضد حزب العمال الكردستاني، بعد زيارتها الأخيرة إلى تركيا. لكنها في الحقيقة استخدمت لغة حذرة للغاية، مؤكدة في الوقت ذاته على المخاوف الأميركية تجاه سوريا ما بعد الأسد، والجماعات المتطرفة مثل «القاعدة» إضافة إلى حزب العمال الكردستاني.
لم تجر نقاشات في تركيا حول «القاعدة» في سوريا أو حتى الاعتراف بوجودها. ولم يتطرق النقاش إلى مقتل المحامي الإسلامي التركي (على يد عناصر «القاعدة») في سوريا. تساند تركيا المعارضة الإسلامية السورية، في الوقت الذي شددت فيه كلينتون على أهمية المجموعات المختلفة الممثلة في مرحلة ما بعد الأسد، وتحدثت عن قضية المساواة بين الجنسين، وأبدت تأييدها لتركيا في صراعها مع حزب العمال الكردستاني، لكنها لم تأت على ذكر الحكم الذاتي للأكراد في شمال سوريا. ويبدو كما لو أن الولايات المتحدة وتركيا كحلفاء، اختاروا الحديث بشأن النقاط المشتركة وتجنب ما سواها.
رسخت تركيا أقدامها في المعسكر الغربي الآن، لكن سياستها تجاه سوريا تتناغم والسياسة الأميركية إلى حد أن الدولتين ستوحدان جهودهما لإسقاط نظام الأسد. ونظرا لأن هذه هي المهمة العاجلة، في الوقت الراهن لا يبدو ما سوى ذلك بالأمر المهم. ورغم ذلك، إن لم تفكر تركيا مليا في سيناريوهات لما بعد الأسد تراها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون مقبولة لديهم، فقد يجد الأتراك أنفسهم أقل نفوذا في سوريا، أو الأسوأ أنهم قد يجدون أنفسهم في موقف معاد لحلفائهم.
في فترة ما بعد صدام، قدمت العراق الدروس بشأن تعقيدات تغيير النظام، وتحولت مصر ما بعد مبارك إلى درس آخر. ورغم كون الأخيرة حالة مختلفة لثورة شعبية، لا لتدخل عسكري والطبيعة الأكثر اعتدالا لتحولها، وعدم رغبة أحد في مواجهة عواقب غير متعمدة. ولعل ذلك كان السبب في عدم مواجهة سلطة الجيش للتحديات، رغم وقوفها ضد مبادئ الثورة المطالبة بالديمقراطية. ربما تكون قضية سوريا مشابهة، لكن تركيا لم تعد نفسها لأي تحول تم التفاوض عليه، سوى استضافة معارضي اللحظات الأخيرة للأسد - مثل مناف طلاس - الذين كانوا بين أكثر الشخصيات غموضا في النظام حتى وقت قريب للغاية. إلى جانب ذلك، تأخذ السياسة التركية تجاه سوريا الجانب السني، وهذا هو مكمن الخطورة.
نتيجة لذلك، سيكون من الطبيعي ألا يثق المسيحيون والعلويون والأكراد والأقليات الأخرى، إضافة إلى العلمانيين السوريين بتركيا في ظروف تقاسم السلطة في المستقبل. ويبدو أن أعظم احتمالات التوتر في المنطقة والخلاف بين الحلفاء قد ينشأ حول احتمال الحكم الذاتي للأكراد. الولايات المتحدة وحلفاء تركيا الغربيون يعلمون ذلك، ويبدو كما لو أنهم يعتقدون على الأغلب أن تركيا حلقة وصل مع المسلحين الذين تصادف أنهم إسلاميون في الوقت ذاته. يأتي على رأس ذلك كله تدهور العلاقات أيضا مع إيران.
المشكلة الرئيسية هي تناقض السياسة التركية وعدم رغبتها في الإقرار بذلك، فمن ناحية تقع تركيا في المعسكر الغربي وهي إحدى دول الناتو، ومن ثم ينبغي عليها أن تتأقلم مع النظام العالمي الجديد. ومن ناحية أخرى، تراجعت الحكومة الحالية إلى السياسات الوطنية التقليدية. وفي ظل هذه الظروف، وقعت تركيا في حرج، لأن الحلفاء الطبيعيين لسياستها هما إيران وسوريا (نظرا لأن الثلاثة تجمعهم سياسات وطنية مركزية موحدة)، لكنهم الآن أعداء.
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,238,299

عدد الزوار: 6,983,880

المتواجدون الآن: 72