غزو مالي.. الازدواجية الأخلاقية العالمية

تاريخ الإضافة السبت 19 كانون الثاني 2013 - 5:49 ص    عدد الزيارات 662    التعليقات 0

        

 

غزو مالي.. الازدواجية الأخلاقية العالمية
الهجوم على القوى الاسلامية يجبي ثمنا بمئات القتلى، والانباء من مناطق القتال تتضارب. عدد القتلى الحقيقي ليس معروفا، وهكذا ايضا الانجازات أو الاخفاقات في الطرفين.
وتفيد قناة «الجزيرة» بأنّ المقاتلين الاسلاميين يتقدمون نحو العاصمة، وهذا هو ايضا تقرير «الغارديان». آخرون يدّعون بأن الاسلاميين يتراجعون، وكل هذا يحصل في مالي، على مسافة الاف الكيلومترات عن فرنسا.
توجد مبررات لا بأس بها على الاطلاق لفرنسا لمثل هذا التدخل هناك، وهذا ليس لان الثوار الاسلاميين يطلقون الصواريخ على باريس، على مارسيه او على نيس بعيدا عن ذلك.
لكن التوسع الاسلامي يخيف الغرب بشكل عام وفرنسا بشكل خاص، ولهذا فإنها أطلقت القوات نحو المستنقع الافريقي. هذا ليس بسيطا. شمال مالي، المنطقة التي يسيطر عليها الاسلاميون، هي بحجم فرنسا كلها.
عمليا، هم يسيطرون على معظم اراضي الدولة. لا توجد هناك عشرات منظمات حقوق الانسان التي تصور كل حدث. هناك لن تقوم لجنة تحقيق. أحد لا يعرف كم قتل حقا في القصف على الثوار، وكم منهم مدنيون.
وحسب بعض الادعاءات وصل الثوار الى مسافة 400 كم من العاصمة، وحسب معلومات اخرى فان المسافة هي 700 كم.
المساعدات الطبية توجد على مسافة ساعات كثيرة جدا بحيث إنّه لا عجب في أن التقارير عن مناطق القتال غامضة تماما.
في كل الاحوال، بات واضحا مسبقا بأنه اذا قتل فلسطينيان من القطاع هذا الاسبوع في عملية محاولة تسلل الى إسرائيل، فإنّهما سيحظيان بقدر أكبر بكثير من العناوين الرئيسة والتغطية العالمية من 200 قتيل في افريقيا على ايدي جنود من فرنسا، إذ أن هذه هي الاخلاق العالمية الجديدة، الاخلاق المزدوجة.
6 آلاف مواطن فرنسي يعيشون في مالي، وهذا هو احد المبرّرات للتدخل الفرنسي وللقصف المكثّف الذي ينال من العناوين الرئيسة حيزا قليلا، فما هو عدد ستة آلاف مواطن، لا يتعرضون لأي خطر فوري، مقابل 600 الف مواطن إسرائيلي يوجدون كل مرة في خطر دائم من الصواريخ والمقذوفات الصاروخية، ما يفترض السؤال: اذا كان خطر بعيد جدا يؤدي الى قصف مكثف، ماذا كانت فرنسا ستعمل لو كان هذا خطرا لنفترض من كيان مثل موناكو التي تحولت مثلا لتصبح قاعدة للاسلاميين؟ حسب المقاييس التي تتبعها فرنسا اليوم، يمكن الافتراض بأن موناكو كانت ستمحى لتصبح جزرا خربة، وسنواصل في هذه المقاييس، فحتى اليوم لم يصب ولا مواطن فرنسي واحد في مالي، ولا حتى جندي فرنسي.
بالمقابل، يوجد مئات القتلى بين السود، وهذه هي ذات المقاييس التي كانت ايضا في قصف الناتو على بلغراد في العام 1999.
إذن لماذا، بحق الجحيم، تنزل تلك الدول وتلك الجهات باللائمة على إسرائيل، التي تمس بقدر اقل بكثير برجال غزة، سواء بشكل مطلق أم بشكل نسبي؟
عبثا نسعى الى جواب، ونزعا للشك، فإن الاسلاميين في مالي، بالضبط مثلما في قطاع غزة، وفي كل مكان يصلون اليه، هم شر كبير، سرطان مستشر، وليس فقط في افريقيا، ومعظم ضحاياهم هم المسلمون انفسهم.
في مالي يحطمون مواقع اسلامية ترتبط بتيارات اسلامية اكثر اعتدالا، مثل التيار الصوفي.
أما الرد الفرنسي فهو استثنائي، فالجهاد لا يتسلل فقط الى افريقيا، وهذا يحصل ايضا في الغرب، من خلال الوعظ في المساجد والنصوص في مناهج التعليم بتمويل السعودية بشكل عام، هكذا بحيث إنّه غريب بعض الشيء انهم يقاتلون ضدهم في مالي ولكنهم يغضون النظر في الغرب.
ثمة شيء مغيظ في الازدواجية الاخلاقية العالمية، إذ مسموح لفرنسا الدفاع عن مصالحها البعيدة جدا، لكن محظور على إسرائيل الدفاع عن مصالحها القريبة وعن حياة مواطنيها، ورغم ذلك، يجب التحية لفرنسا والتحية للدعم العالمي في الكفاح الفرنسي ضد الاسلام الراديكالي، ونحن فقط سنسمح لانفسنا بأن نذكرهم بحربهم هم في سبيل الوطن في المرة الثانية التي يبدون لنا فيها ملاحظة، عندما نعنى نحن بالدفاع عن وطننا.
بن درور – يميني... «معاريف»

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,738,606

عدد الزوار: 6,963,467

المتواجدون الآن: 65