احتمالات المعركة القادمة ( 1)

تاريخ الإضافة الإثنين 16 نيسان 2012 - 9:06 ص    عدد الزيارات 976    التعليقات 0

        

 

احتمالات المعركة القادمة ( 1)
بقلم : د. عبدالله ابو السمن
ترتفع وتيرة التهديدات والاستعدادات في المنطقة وتحشد القوى الكبيرة والصغيرة قدراتها المدنية والعسكرية في محاولة منها للنجاة من حالة الثورة المستمرة والتغيرات التي تطال كل شيئ في البنى السياسية الحاكمة في كل بلدان الوطن العربي ومن بعده الإسلامي والعالمي
ومن خلال ما نسمعه ونراقبه من تحركات وتدخلات وتداخلات في المنطقة , فاننا نسعى للبحث عن الإحتمالات الممكنة والوقوف على دوافع و سيناريوالمعركة المتوقعة وإحتمالات تشكيل القوى وآليات التحرك الممكنة على مساراتها وامكانيات النجاح في تقديم رؤية مساندة والتقدم خطوة للأمام في تحقيقها لاهداف المشروع العربي الإسلامي
من الواضح أن أمتنا العربية المسلمة تخوض معركة متعددة الاوجه داخليا و خارجيا الا انها في الوقت الحالي تتركز في البعد العسكري الميداني وتشمل :
المعركة الداخلية : تتمثل بالصراع القائم بين الشعوب و الأنظمة الحاكمة
فالشعوب التي هي منذ عشرات السنين مستباحة الأرض والعرض ومنهوبة المال والثروات والتي يمارس معها كل أشكال الإجرام والعهر, وصل بها الأمر إلى الطريق المسدود في حياتها , في ظل أنظمة وظيفية مستأجرة وجائرة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والعلمية وكل شؤون الحياة, ولذا لم تكن شعوبنا بحاجة إلا الى شرارة البدء التي أطلقها بو عزيزي على أرض تونس وبعدها اشتعلت النيران في حكام تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والنار لا زالت مستعرة تأكل هشيم الأنظمة التي حان خريفها .
هذه المعركة ليست سهلة لأنها تخاض ضد أنظمة تحكم الشعب نفسه منذ عشرات السنين وتعلم كل خباياه الداخلية , وتعرف قياداته الميدانية ولديها الإمكانات المادية والعسكرية وأدواتها الشاملة لخوض المعركة على المستوى الداخلي , ولديها الدعم والارتباط الخارجي ثم إنها تمتلك القدرة على المساومة والتسويف وبيع المواقف والتحول من اليمين الى اليسار مقابل الحفاظ على كراسي النهب والتجارة بالشعوب , إضافة الى أن هذه الأنظمة كانت ولا زالت تنفذ التعليمات والأوامر الخارجية للنظام الدولي وتقتل الشعوب حتى في لحظاتها الاخيرة بناء على هذه الأوامر .
أما المعركة الخارجية
فتكمن في الأعداء المتربصين على الأبواب والجدران والشبابيك وأعوانهم داخل البيت , الذين يريدون أن يحتلوا ويقسموا ويقتلوا وينهبوا الأمة , وهم يعسكرون على أبوابها ويجيشون الجيوش ويطورون الأسلحة , ويتفاهمون فيما بينهم متى وكيف ينقضون على ضعافها , ويعملون على إضعاف القوية منها بانتظار سحقها وتقسيمها وإشغالها بحروب مختلفة الأسباب .
وهذه المعركة أشد خطرا من المعركة الداخلية مع جدلية العلاقة بين المعركتين , إذ أن الشعوب لن تكون قادرة على خوض المعركة الخارجية بوجود أنظمة التبعية الوظيفية القائمة التي تمنع ذلك , وبنفس الوقت فإن المعركة الداخلية تستنزف الكثير من طاقات الأمة وتضعف بنيتها الداخلية , وخاصة إذا صاحب هذه المعركة التدخل الخارجي العسكري المباشر في تفعيل المعركة الداخلية .
ومع إرتفاع أصوات الحرب وبدء قرع طبولها والتحضير لخوضها , والكل يحشد الحلفاء ويحرك السفن ويجري المناورات والمشاورات لتأمين احتياجاتها من الإمدادات التي تحافظ على استمرارها وتحقيق النصر في ختامها فانه اصبح مما لا شك فيه أن الجميع يتصارع على الرجل الضعيف- الأمة العربية وأنظمتها المترهلة- للأسباب التالية :
1-   الثروات التي تمتلكها هذه الأمة وخاصة التي في باطن الأرض المكتشف منها وغير المكتشف او المستخدم .
2-   غياب الوحدة السياسية بين أنظمة النظام العربي مما يظهر المنظومة العربية مفككة مقطعة الأوصال ضعيفة محتاجة إلى الرعاية الخارجية .
 
3-   تنامي حركة الشعوب الرافضة لحالة الإذلال والهوان التي يفرضها النظام الدولي وينفذها قادة العرب .
 
4-   ضعف النظام العربي واستقواء المجتمعات العربية على أنظمتها مما يهدد مصالح الدول الغربية والشرقية في المنطقة .
 
5-   حماية العدو الإسرائيلي من تصاعد المطالبة بإزالة هذا المشروع .
 
6-   النظرة التلمودية للحالة الراهنة وضرورة التخريب والدمار وعلاقة ذلك بانتظار المسيح وارتباط ذلك بقيام دولة اسرائيل الكبرى .
 
7-   المخططات الموضوعة منذ زمن لإضعاف بنية الأمة العربية وإشغالها في ذاتها .
 
8-   الإبقاءعلى حالة الضعف في جميع المجالات ,وحاجة الأمة للمستعمرين, وعلى حالة السيطرة على المنافذ البحرية وحرية التنقل والإستثمار في الميادين المختلفة .
 
9-   محاربة التطور في فكر الأمة نحو الإلتزام في الفكر الاسلامي الذي يرفض الخنوع للأمم الاخرى .
 
10-     التأخير ما أمكن من نهوض الأمة واتساع رقعتها لان ذلك مرتبط بأحاديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بأن الدين الاسلامي العالمي سيصل كل بيت على الكرة الارضية في مثل هذه المرحلة .
ومما لا شك فيه ايضا أن لكل دولة أو أمة من الأمم احتياجاتها وتطلعاتها في الإبقاء على حالة الضعف والإنقسام السياسي لهذه الأمة, بل إن التطلعات تصل إلى أكثر من ذلك ألا وهي إعادة تقسيم المنطقة حغرافيا لتصبح اكثر ضعفا و اعتمادا على الخارج و بدل أن تتعاون الأمة العربية معا وتشكل وحدة تجابه المخاطر الخارجية تتصارع لأسباب تافهة .
وبالعودة إلى رؤيتنا في المشاريع المتصارعة على المنطقة , وهي المشروع الغربي الصهيوني , والشرقي الفارسي , والعربي الناشئ الذي يحاول نفض الغبار عن نفسه , وكذلك الدور التركي الداخل على المنطقة إضافة إلى بعض الدول التي تعتبر لدول المركز في هذه الأيام هامشية في بؤرة الصراع , فإننا نجد ان الصراع قد بدأ يتركز لكل هذه المشاريع على أرض سوريا - بلاد الشام- ومن سوريا نبحث في احتمالات المعركة القادمة وفي أي إتجاه تسير وأين تكمن قوة المشروع العربي التي من شأنها أن تنهضه في المرحلة القادمة
يشير الواقع والترتيبات أن حربا كبيرة قادمة على المنطقة وستكون هذه الحرب ضمن أحد الإحتمالات التالية :
1-   بين المشروعين الشرقي الإيراني وأذرعه , والغربي الأمريكي الصهيوني وأذرعه إضافة الى المنظومة العربية .
 
2-   بين المشروع العربي من جهة , والمشروع الشرقي الإيراني الفارسي وأذرعه من جهة اخرى - سنة وشيعة - في غياب المشروع الغربي.
 
 وهنا يمكن أن يلعب الدور التركي كبيضة قبان على أحد المسارات التالية :
 
أ‌-       أن تشارك تركيا الى جانب الصف العربي بفعل الترابط التاريخي والعقدي وتتقاسم الدور المستقبلي النهضوي مع الأمة العربية .
 
ب‌- ان تشارك تركيا الى جانب الصف الايراني بحثا عن مصالحها في اقتسام المنطقة اقتصاديا في حال ضعفت الدول العربية وأعيد احتلالها .
 
ت‌- أن تبقى تركيا على الحياد محافظة على تطورها وارتباطاتها الاقتصادية من جهة , وملحقة بالموقف الغربي من جهة اخرى , لكن هذا الموقف قد يفقدها الدور التاريخي في لعب دور مستقبلي سيادي , وفي نفس الوقت لا يحميها من تبدلات المنطقة الجغرافية .
 
3-   انشغال المشروع العربي بنفسه وثورته , وانقضاض المشروع الغربي وإسرائيل على أجزاء من الوطن العربي من جهة , و انقضاض المشروع الشرقي عليه من جهة اخرى .
 
4-   أن تتوحد جهود المنطقة وتشترك تركيا وإيران والعرب في مواجهة العدو الإسرائيلي والغرب معا.
 
5-   أن تتفجر المنطقة بشكل عشوائي ومن ثم يبدأ البحث عن أحلاف وترابطات جديدة تتشكل في خضم حالة الانهيار في محاولة لاعادة ترتيب المنطقة.
 
إضافة الى أن اللاعبين المحيطين في المنطقة مثل روسيا والصين وبعض الدول الافريقية إضافة إلى باكستان وافغانستان وأرمينيا سيكون لهم دور مهم في المعركة القادمة وقد تتوسع المعركة في حال اشتعالها لتؤسس حربا عالمية ثالثة .
 ومع هذه الأبعاد والاحتمالات المتوقعة للمعركة القادمة الا أن لوضع الراهن في المنطقة متغير ومتقلب ومتعدد الأبعاد والأوجه والحكم عليه صعب لعدة عوامل منها:
1-   التاريخ الغربي في المنطقة ودعمه الدائم والمتواصل للدولة الإحتلالية الإسرائيلية , وبالتالي لا يمكن الثقة في الموقف الغربي أو الإعتماد عليه .
 
2-   الطموحات الغربية التي تتوافق مع الإدعاءت الصهيونية لإقامة دولة صهيونية في المنطقة قبيل ظهور الدجال والمسيح .
 
3-   اشكالات الوضع الإيراني تجاه الوضع العربي كما في العراق والبحرين واليمن ولبنان وطموحات إيران للسيطرة على المنطقة العربية المقدسة والنفط العالمي لتشكيل دولة عظمى .
 
4-   القناعات الايرانية بظهور المهدي المنتظر والإعداد له وهنا تلتقي وتتقارب النظرة الإيرانية والصهيونية حول المهدي مع اختلاف التطلعات .
 
5-   الحالة التركية لا تشكل حتى الآن مركزا أو ثقلا ذاتي التحرك بحيث تستقل استقلالا كاملا في قرارها .
 
6-   الوضع العربي الداخلي في حالة صراع بسبب تصرفات الأنظمة عبر السنوات الماضية التي أدت الى إنهيار البنية العربية الداخلية سياسيا وعسكريا وأمنيا واقتصاديا وفي جميع المجالات .
 
7-   انشغال المجتمع العربي وشعوبه في محاولة تصحيح المسار الداخلي من خلال ثورته وسعيه لإزالة النظم الزائفة والقائمة منذ عقود .
 
8-   اختراق الواقع العربي من قبل الأنظمة والمنظومات المختلفة سواء عسكريا أو أمنيا أو تنظيميا واحزابا أو مؤسسات , وغير ذلك على مستوى الأفراد والعائلات .
 
9-    غياب التنسيق العربي والإسلامي للخروج من الأزمة والعمل الفردي القطري لمواجهة الوضع الداخلي وتراكم السجون والملاحقين من خيرة أبناء الأمة وعلمائها وبالاتفاق مع أعدائها .
 
10-   غياب قيادة حقيقية للأمة حتى الآن تتبنى مشروع نهضة الأمة بحيث    تخطط وتنظم الواقع وتحرك الجماهير بنظرة شمولية للواقع , تحدد أعداءها وحلفائها بوضوح , بحيث تعمل الأمة جميعا على اعتمادها من أجل الخروج من المأزق .
 
إن دراسة الاحتمالات مهمة لأنها توضح صورة أوسع وأشمل وفي نفس الوقت تقدم رؤية من أجل التحرك المنظم الواعي , كما أن متابعة الحدث وتغيراته تمثل مهمة أساسية لكل من يسعى لإحداث حالة التغيير في المنطقة والاستفادة من التحولات والصراعات القائمة .
ولهذا نتوسع ونبحث في الاحتمالات الممكنة للمعركة القادمة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,655,738

عدد الزوار: 6,959,490

المتواجدون الآن: 68