لبنان الوطن ـ الرسالة لا أحادية ولا تعددية ثقافية بل تنوع ثقافي في إطار الوحدة

 

يوم اكتشف الإنسان الأوروبي الأبيض العالم الجديد لـ(قارة أميركا) عام 1492، وجد فيها إنساناً غيره. أباحت بعض الأوساط الكنسية الأوروبية قتله لأنه مختلف، باستثناء الأوساط الكنسية الاسبانية التي شرّعت استعباده فقط. القتل أو العبودية، كان مصير الإنسان المختلف عرقاً ولوناً، وكان ذلك على مشارف عصر النهضة الأوروبية!

الثورة الفرنسية عام 1789، ساوت بين المواطنين الفرنسيين، وأباحت إلغاء الاختلاف الثقافي للجزائري على قاعدة مركزية الحضارة الغربية Eurocentrisme.

الدم الألماني فعل احتكار للعزة والمجد في الفكر النازي، عرق راقٍ وأعراق متدنية.

شرعة حقوق الإنسان عام 1948، لم تنه مقولات التمييز بين الحضارات البشرية. استمرت الممارسات العنصرية ضد الأفريقي الأسود في جنوب افريقيا أو من أصول افريقية في الولايات المتحدة الأميركية.

عام 1964 أقرّت منظمة الأونيسكو الدولية دراسة أعدّها الباحث الاجتماعي claude levi-strauss تثبت علمياً أن لا علاقة للتقدم الاجتماعي بالأصول العرقية، "لكل حضارة منطقها الخاص، ليس هناك من حضارة راقية وحضارة مختلفة". انه مبدأ الحق بالاختلاف.

ما من مجتمع أحادي الثقافة في هذا "الزمن العالمي". انه زمن العولمة. التنوع في الوحدة. وحدة الثقافة العالمية. عالم واحد. عالم جديد. قرية كونية. التنوع في الثقافات غنى. يتم التحدث، في مدينة نيويورك، بستين لغة خلال اليوم الواحد.

الشركات عابرة للقارات والحضارات. المؤسسات الدولية تنتج القوانين الدولية والشرائع المختلفة. توقّع عليها الحكومات في دول العالم فتصبح ملزمة لها. الدولة التي تخالف الشرائع والقوانين الدولية تخضع للعقوبات (نموذج الملف النووي في إيران).

المعاهدات الدولية تتوالد كالفطر الأبيض. القيم الديموقراطية هي قيم الأنظمة السياسية في دول العالم. التعددية السياسية هي الاصل في كل المجتمعات البشرية. لا مكان لحكم الحزب الواحد أو عبادة شخص قائد أو زعيم.

الصراع السياسي بين الأحزاب السياسية هو نتيجة لاختلاف البرامج والسياسات لا المبادئ الأساسية حول حقوق الإنسان والجماعات.

باراك حسين أوباما، رئيساً للولايات المتحدة الأميركية من أصول افريقية مسلمة. الحريات السياسية والحقوق المدنية تكفلها شرعة حقوق الإنسان. الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للإنسان موضوع اهتمام العالم أجمع (ترعى منظمة العفو الدولية محاضرات سنوية حول هذه الحقوق في جامعو أوكسفورد). هل التنمية لمجتمعات جنوب الكرة الأرضية "حاجة" أم "حق"؟ ما هي مسؤولية الدول الغنية تجاه المجتمعات في البلدان النامية؟ هذا هو سؤال اللحظة التاريخية الآن.

لا أحادية ثقافية ولا تعددية ثقافية بل تنوع ثقافي (لان الثقافة بماهيتها، هي حالة نوعية) في إطار وحدة الثقافة العالمية على الصعيد العالمي.

لا أحادية ثقافية ولا تعددية ثقافية بل تنوع ثقافي في إطار الإنتماء للعروبة الثقافية لا "لشوفينية الفكر السياسي للقوميين العرب" على صعيد العالم العربي.

لا أحادية ثقافية ولا تعددية ثقافية بل تنوع ثقافي في إطار الإنتماء المواطني (Appartenance citoyenne اللبناني لا "الإنتماء الوطني" Appartenance nationale للبنان.

هذا الإنتماء المواطني اللبناني لا يتحقق إلاّ في:

1 - ا لاعتراف بخصوصية الجماعات اللبنانية الثقافية من خلال مجلس طوائفي.

2 - اللامركزية الإدارية الموسعة وليس اللامركزية السياسية.

3 - مجلس تشريعي منتخب مناصفة.

أما الدولة فهي الشرط المحدد لوجود الأوطان، فلا وطن بدون دولة. دولة تبنى على أسس الديموقراطية في احترام التنوع الثقافي والتعددية السياسية.

() أكاديمي وناشط سياسي