تقارير......الصين تشنّ سيلًا من الهجمات السيبرانية لسرقة أسرار طائرة بريطانية....صهر الزعيم الروحي للأفغان العرب: الإسراف في قتل المدنيين أفقد «القاعدة» مبررات وجودها.. لعبة الأقليات: الأكراد نموذجاً.....الأزمة التركية ـ الكردية وآفاق الحل الديموقراطي السلمي....استفزاز إيراني في جزيرة أبو موسى.....الانتخابات الرئاسية الإيرانية ورقصة الفلامنكو الإسبانية....هل يغير أوباما «قواعد اللعبة» في سورية قبل جنيف؟

حرب إقليمية وشيكة؟......طلاس زار تركيا سراً استعداداً للحكومة الانتقالية وبغداد تدعم "وثيقة جنيف" لحل الأزمة السورية....نصر الله محاضرا عن الإعلام!

تاريخ الإضافة الثلاثاء 14 أيار 2013 - 5:43 ص    عدد الزيارات 1892    القسم دولية

        


 

 
النهار...علي بردى
حرب إقليمية وشيكة؟
الإستعدادات الجارية لعقد مؤتمر دولي حول سوريا لا تبعث كثيراً على الأمل. يبدو أن أي خيار سياسي ليس إلا ضرباً من الوهم. تؤكد كل المعطيات أن جميع أطراف النزاع يتأهبون لحل عسكري. ينذر هذا المسار بحرب اقليمية في الشرق الأوسط.
ثمة لعبة مكشوفة على الطاولة. لا يمكن الديبلوماسية أن تستكين. يسعى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون وفريق كبير من الخبراء الى تنظيم مؤتمر دولي جديد في محاولة لوقف دوامة العنف في سوريا. يستجيب بذلك للاتفاق المبدئي بين وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف على السعي الى توسيع نقاط الإتفاق الواردة في "بيان جنيف" وتوضيحها. يعرف ديبلوماسيون كبار أن دون ذلك مشقّات حتى في حال صفاء النيّات. يضطلع الرئيس السوري بشار الأسد بدور تقليدي في هذه اللعبة: يكسب المزيد من الوقت ليثبت أن لا غنى عنه في أي تسوية سياسية. أما الثائرون عليه فلا يزال حسبهم الصراع في ما بينهم على من يجلس على هذه الطاولة. أما اللعبة الأخرى، فهي التي تجري تحت الطاولة. يعتقد ديبلوماسيون يعرفون الأسد جيداً أنه سيقاتل حتى الرصاصة الأخيرة وقطرة الدم الأخيرة. يحاول تحقيق المستطاع من الإنتصارات العسكرية عله يتمكن لاحقاً من إملاء شروطه، ليس على المعارضين الذين لا يعترف أصلاً بوجودهم، بل على القوى الإقليمية والدولية الداعمة لهؤلاء. يؤمن بأنه سيتمكن على الأقل من الإحتفاظ بدولة علوية تمتد من الساحل السوري الى دمشق، حتى لو اضطره ذلك الى تدمير العائق المديني – الديموغرافي ذي الغالبية السنيّة في حمص ومحيطها. لا يخفي "حزب الله" دوره العلني في هذه العملية الإستئصالية سعياً الى المحافظة على خطوط الإمداد مفتوحة بين العلويين السوريين والشيعة اللبنانيين. لا يحتاج "حزب الله" الى ذريعة حماية مقام السيدة زينب كي يدافع عن نظام الرئيس الأسد.
أدت المخاوف من أفول "الهلال الشيعي" الى تورط اقليمي آخر. تفيد المعلومات لدى البعثات الديبلوماسية أن وحدات نظامية من الجيش العراقي تقاتل جنباً الى جنب مع القوات النظامية السورية ضد المعارضة السنيّة المسلحة والجماعات الجهادية الوافدة الى سوريا، ليكون هذا الفصل الأحدث من امتدادات هذه الحرب. غير أن تركيا - ومعها خصوصاً السعودية وقطر - التي اكتفت حتى الآن بتقديم مساعدات عسكرية وانسانية مختلفة للمناوئين للأسد، تنزلق أكثر فأكثر نحو التورط مباشرة في النزاع.
تكرر اسرائيل لعبتها الخبيثة في سوريا مثلما فعلت طويلاً في لبنان. ترسم ما تشاء من الخطوط الحمر أو غيرها بطائراتها الحربية. غير أن فتيل الإنفجار الإقليمي الكبير قد يأتي من الأردن الذي اضطره "الخطر الوجودي" الى نشر قواته على الحدود السورية، تمهيداً لإقامة منطقة عازلة طال الحديث عنها. وهذا ما قد يضطره أيضاً الى طلب الإستعانة، ولو سراً، بقوات من دول عربية مجاورة.
لا أفق لحل ديبلوماسي في سوريا، فكيف يمكن تجنب حرب اقليمية كبيرة خلال الأشهر المقبلة؟
 
 
طلاس زار تركيا سراً استعداداً للحكومة الانتقالية وبغداد تدعم "وثيقة جنيف" لحل الأزمة السورية
المستقبل...بغداد ـ علي البغدادي
تكثف القوى والشخصيات الاقليمية المؤثرة في الشرق الاوسط تحركاتها الرامية لحل الازمة السورية المستعصية عبر اطلاق رؤى جديدة تتيح تدخلاً اميركياً اوسع في الملف السوري يتلاقى مع مساعي المحور العربي ـ التركي الرامي الى المضي بمواجهة نظام بشار الاسد حتى الاطاحة به.
فقد كشفت مصادر سياسية مطلعة عن حصول انتقالة نوعية في ستراتيجية الولايات المتحدة باتجاه الانخراط بشكل اكبر لحسم الصراع العنيف في سوريا خصوصا بعد المباحثات المرتقبة بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان والرئيس الاميركي باراك اوباما في واشنطن الخميس المقبل .
وافادت المصادر المقربة من دوائر صنع القرار في بغداد في تصريح لصحيفة (المستقبل) ان "المعلومات الواردة تشير الى ان اردوغان سيجري مع اوباما خلال زيارته لواشنطن مباحثات ستمتد لاكثر من سبع ساعات بحسب جدول العمل المتفق عليه بين الاميركيين والاتراك وهي فترة زمنية طويلة في مقاييس بروتوكولات التعامل بين قادة الدول مما يدلل على اهمية المواضيع المدرجة واهمها تطورات الملف السوري مشيرة الى ان "رئيس الوزراء التركي يعول على حصول انتقالة في الموقف الاميركي تجاه الاحداث في سوريا خلال الايام المقبلة وكسر الجمود الحالي وحسم الصراع لصالح المعارضة".
واوضحت المصادر الى ان "انقرة والدوحة وعدداً من العواصم الاقليمية تكثف التحركات على اكثر من مسار للتوصل الى تسوية الازمة السورية عبر استلهام النموذج اليمني" لافتة الى ان "المؤشرات التي وصلت الى قيادات عراقية رفيعة تشير الى ان المواقف بين الولايات المتحدة وروسيا وصلت الى مرحلة خلاف عميق يتعلق بموقف روسيا من الاسد حيث تتمسك موسكو بان يكون لقيادات الجيش السوري دور في اي حكومة انتقالية جديدة لما تملكه من نفوذ لدى جيش الاسد بالاضافة الى ان موسكو ترغب بتحديد بضع اسماء من الساسة المشاركين في الحكومة لانتقالية المفترضة".
ولفتت المصادر الى ان "واشنطن ابلغت مسؤولين كباراً في عواصم عربية مهتمة بالشأن السوري الى وجود شكوك في شأن رغبة موسكو بالحوار واقتناعها به حيث تستغله لمنح الاسد مزيدا من الوقت لقمع الثوار السوريين" مشيرة الى ان "واشنطن وتركيا وقطر متمسكين برفض بقاء الاسد على سدة الحكم في سوريا مهما بلغ الثمن".
ونوهت المصادر الى ان "احد اسباب تأخر سقوط بشار الاسد يعود الى انقسام الدول العربية الى دول معترضة على مايجري ومنها الجزائر ولبنان والعراق ودول تأخذ جانبا متحفظا رغم تأييدها لثورة الشعب السوري من بينها عدد من دول الخليج العربي التي يتخوف بعضها من سيطرة تنظيم الاخوان المسلمين على مقاليد الامور في دمشق فضلاً عن دول مؤيدة لاسقاط الاسد وتأتي في مقدمتها قطر ومن خلفها تركيا التي تتمسك بدعم المعارضة السورية حتى اسقاط الاسد".
وكشفت المصادر ان" المعارض السوري مناف طلاس نجل وزير الدفاع السابق مصطفى طلاس اجرى خلال الايام الماضية مباحثات معمقة مع القيادة التركية واطراف في المعارضة لغرض ترتيب اوراق المرحلة المقبلة ودور طلاس في اي حكومة انتقالية الامر الذي يؤشر الى وجود تحركات حثيثة لبلورة موقف جديد قد يحظى بتأييد المجتمع الدولي ويسهم بسرعة الاطاحة بالاسد".
وفي سياق ذي صلة بالتحركات الاقليمية الرامية لتسوية الازمة السورية ناقش رئيس البرلمان العراقي اسامة النجيفي مع السفير الايراني لدى العراق حسن دانائي فر الازمة السورية وانعكاساتها على المشهد الاقليمي.
وافاد بيان صادر عن مكتب النجيفي أن "رئيس البرلمان استقبل في مكتبه الرسمي امس دانائي فر، وجرى خلال اللقاء استعراض مستجدات الاوضاع ومسارات المشهد السياسي في العراق والمنطقة". وأضاف البيان أن "الجانبين بحثا الآثار السلبية للازمة السورية وما خلفته من تركة ثقيلة فرضت حالة من عدم الاستقرار على عموم المشهد الاقليمي".
وكان النجيفي بحث اخيرا مع اردوغان في انقرة الازمة السورية وتداعياتها الاقليمية.
وفي اطار التداعيات الانسانية للصراع الدائر في سوريا وازدياد معدلات السوريين الفارين من بلادهم وافقت الحكومة العراقية على تخصيص مبلغ 15 مليار دينار(نحو 14 مليون دولار) للنازحين السوريين الذين تجاوز عددهم 100 الف نازح في العراق.
واعلن وكيل وزارة الهجرة والمهجرين سلام الخفاجي في مؤتمر صحافي إن "المبلغ المخصص من رئاسة الوزراء سيتم توزيعه على النازحين بمبلغ 50 الف دينار".
وفيما يخص النازحين السوريين في مخيم القائم قالت رئيسة لجنة المرحلين والمهجرين لقاء وردي إن "المخيم بحاجة الى توفير المستلزمات الضرورية لدعم النازحين الذي تناقص عددهم من 8 الاف نازح لنحو3 آلاف وذلك بسبب العودة الطوعية للكثير من العوائل النازحة الى بلدهم".
 
 
لعبة الأقليات: الأكراد نموذجاً
المستقبل..محمد السمّاك
عاش الأكراد على حلم دولة كردية مستقلة منذ مئة عام تقريباً.
انطلق الحلم في عام 1920 من معاهدة سيفر بين الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الأولى والأمبراطورية العثمانية المتهالكة. نصت المعاهدة على حق الأقليات في الامبراطورية، الأكراد والأرمن بخاصة في الاستقلال.
غير ان هذا الحلم سرعان ما تبدد في عام 1923. فبعد قيام الدولة التركية الحديثة بقيادة مصطفى أتاتورك وفي ضوء الانتصارات التي حققها، تراجع الحلفاء عن معاهدة سيفر. وعقدوا في لوزان 1923 معاهدة جديدة مع تركيا. نصت الاتفاقية على وحدة تركيا أرضاً وشعباً .
ومنذ ذلك الوقت خبا الحلم الكردي بالدولة الوطنية، الا انه بقي في الضمير الوطني يتقدم أو يتراجع تبعاً لصعود أو لهبوط العلاقات بين الدول التي يتواجد فيها الأكراد، وهذه الدول هي إضافة الى تركيا، إيران وسوريا والعراق.
حاول الأكراد اللعب بورقة التناقضات القائمة بين هذه الدول. وفي الوقت ذاته حاولت هذه الدول اللعب بورقة التطلعات الكردية القومية في صراعاتها المتبادلة. كذلك وحاولت الولايات المتحدة (واسرائيل) اللعب بالورقتين معاً. وكان النفط وخاصة نفط كركوك- عاملاً أساسياً في هذه اللعبة المعقدة.
ولعل أول محاولة بارعة لاستعمال ورقة الحركة الكردية جرت في عام 1890. كانت هناك ثورة أرمنية ضد الإمبراطورية العثمانية تواكبها ثورة كردية بزعامة بدرخان بيك. فشكل السلطان عبد الحميد فرقة من الفرسان الأكراد الموالين له واقتحم بها معاقل المتمردين الأرمن، محققاً بذلك انتصاراً مزدوجاً :
الانتصار الأول بقمع ثورة التمرد الأرمنية، اما الانتصار الثاني فانه يتمثل في ضرب التحالف الأرمني الكردي ضد السلطنة .
بالانتصار الأول أصبح السلطان العثماني قادراً على ضرب ثورة التمرد الارمنية وهذا ما حصل. وبالانتصار الثاني تمكن من استفراد الحركتين واستضعافهما، ما سهل عليه إخضاعهما لسلطته. وفي الثمانينات من القرن الماضي وقعت القضية الكردية بين مطرقة ايران وسندان العراق، خاصة في فترة حكمي الشاه محمد رضا بهلوي وصدام حسين.
كانت إيران تقدم الدعم المالي والعسكري للحركة الكردية عندما كان العراق، بعد ثورة 1958، يطالب بعروبة الخليج ويرفض كل المعاهدات مع الكتلة الغربية. ولما طالبت إيران بإعادة النظر في معاهدة 1937 حول شط العرب، كانت تمارس من كردستان الضغط العسكري على العراق لحمله على قبول مطالبها. فردّ العراق بالاستجابة الى مطالب الأكراد بالحكم الذاتي.
ورغم ان قانون الحكم الذاتي للأكراد الذي أقره الرئيس العراقي السابق صدام حسين لاقى ترحيباً كردياً واسع النطاق، إلا انه اصطدم بعقبات رئيسة لعل من أبرزها :
اولاً : إنعدام الثقة بين بغداد وطهران، الأمر الذي أدى الى بلورة موقف إيراني يقوم على أساس التخوف من ان يستغل العراق علاقاته الودية الجديدة مع الأكراد لنقل المتاعب الى داخل الأراضي الإيرانية حيث توجد كثافة كردية.
ثانياً: انعدام الثقة بين بغداد والزعامة الكردية بقيادة الملا مصطفى البرازاني الذي رفض قطع علاقات التعاون مع إيران حتى لا يستفرد به العراق ويستضعفه.
ثالثاً : بعد ان حصلت الولايات المتحدة الأميركية على وعد من البرازاني بأن يعيد حقول النفط في كركوك الى الشركات الأميركية عندما يحقق انتصاره على حكومة بغداد، شجعت كلاً من البرازاني وايران على عرقلة تنفيذ قانون الحكم الذاتي للأكراد في العراق.
رابعاً : برزت قيادات كردية شابة جديدة (جلال الطالباني) في ضوء قانون الحكم الذاتي ولذلك آثر البرازاني تعطيل التنفيذ للقضاء على منافسيه من هؤلاء الزعماء الجدد المنافسين له .
أدت هذه العقبات وغيرها الى الإبقاء على فتيل الأزمة الكردية مشتعلاً في العراق. من أجل ذلك أيقنت بغداد صدام حسين بأن اطفاء هذا الفتيل هو بيد ايران، وانه لا بد من ثمن يدفع الى ايران مقابل ذلك. فكان اتفاق الجزائر لعام 1975 الذي رسم حدوداً جديدة بين الدولتين خاصة في منطقة شط العرب، يستجيب الى المطالب الإيرانية .
وبنتيجته سحبت ايران قواتها من الحدود العراقية، وأوقفت مساعداتها للأكراد، ما مكّن القوات العراقية من دحر قوات الملا البرازاني ومن ثم من فرض وقف إطلاق النار في 13 آذار مارس 1975. ولكن اتفاق الجزائر سرعان ما سقط ضحية الحرب العراقية الإيرانية في عام 1980 بعد الثورة الاسلامية بزعامة الامام الخميني. وسقط مع الاتفاق أكثر من مليون إيراني وعراقي على جانبي الحدود. وتكبد البلدان أكثر من 400 مليار دولار خسائر مادية.
ثم وقعت القضية الكردية بين فكي العلاقات بين سوريا وتركيا. فقد شهدت هذه العلاقات صعوداً وهبوطاً متعدداً منذ أيام الرئيس السابق حافظ الأسد.. ومن بعده ابنه وخليفته الرئيس بشار. فعندما كانت العلاقات في حالة سيئة، احتضنت سوريا حزب العمال الكردستاني الذي قاد الحركة الكردية الانفصالية في تركيا. ووفرت لزعيمه عبد الله أوجلان اقامة آمنة في ربوعها، وهيأت لمقاتليه معسكرات للتدريب والتنظيم في سهل البقاع اللبناني. ولكن عندما تحسنت العلاقات بين دمشق وأنقرة (بين الرئيسين حافظ الأسد ورجب طيب أردوغان)، وفتحت الحدود بين الدولتين، جرى إغلاق وتصفية المعسكرات في لبنان، وتمكنت تركيا من القاء القبض (؟) على أوجلان الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة في جزيرة "اوالي" التركية المنعزلة.
وعندما انتكست هذه العلاقات من جديد في ضوء وقوف تركيا الى جانب الثورة السورية، استعاد حزب العمال الكردستاني من جديد الدعم السوري، وكذلك دعم ايران بصفتها حليف سوريا الأول وربما الوحيد - إلا ان تركيا إدراكاً منها لخطورة هذا الالتفاف الإيراني السوري، عمدت الى الإنفتاح على حزب العمال الكردستاني وعلى كردستان (العراق) وكذلك على المطالب الكردية في تركيا بالذات. ما أدى الى تفاهم تركي كردي يشكل اليوم علامة فارقة في صورة المنطقة.
وكما كانت ايران الشاه تساعد الأكراد ضد صدام حسين، فان إيران الخامنئي ساعدت الأكراد ضد رجب طيب أردوغان. وفي الحالتين كان للمساعدة الإيرانية حدود. وهو عدم تمكينها من الاستقواء لدرجة الارتداد الى الداخل الإيراني حيث توجد ملايين عدة من الكرد تطالب بالحكم الذاتي.
ويبدو واضحاً ان الدعم الايراني للأكراد اليوم لا يعبر عن تعاطف مع قضيتهم القومية، ولكنه يشكل ورقة للمساومة مع أنقرة. وتجري المساومة على قاعدة وقف دعم تركيا للمعارضة السورية، مقابل وقف دعم إيران للمعارضة الكردية.
وفي هذا الاطار من المساومة جرى انسحاب قوات النظام السوري من المناطق الكردية في شمال شرق سوريا، ما جعل هذه المناطق قادرة على التواصل المباشر مع كردستان العراق. إلا أن التفاهم التركي الكردي أبطل مفاعيل هذه المساومة.
صحيح ان الأحزاب الكردية في المناطق السورية التي يزيد عددها على أحد عشر حزباً سياسياً، أقفلت أبوابها في وجه القوى المتمردة على سلطة الرئيس الأسد، الا انها في الوقت ذاته أعلنت انفصالها عن هذه السلطة وخروجها عليها. فهل تكون الخطوة التالية الانفصال عن سوريا والانضمام الى كردستان (العراق) ؟.. وماذا يكون رد فعل الحكومة العراقية التي تتأثر الى حد بعيد بالقرار السياسي الإيراني؟.
ان الصراع بين بغداد وأربيل على أشده، حتى انه جرى حشد قوات البشمركة الكردية (200 ألف مقاتل) في مواجهة القوات العراقية. وايران التي كانت تدعم الأكراد في سوريا وتركيا، كانت في الوقت ذاته تمارس ضغوطاً شديدة على أكراد إيران. ثم انها تدعم الرئيس المالكي وحكومته في بغداد !!.. والتي تواجه حالة من انقطاع العلاقات مع اقليم كردستان العراق وحكومته. وكان الرئيس مسعود البرازاني قد أعلن اثر اجتماع لحكومته الاقليمية :" رفض السياسة المتبعة في بغداد التي تؤدي في حال استمرارها الى انهيار العملية السياسية برمتها نتيجة عدم الالتزام بمبدأ التوافق والشراكة والدستور وتجاوز كل القواعد السياسية والتوافقات والتفاهمات التي كانت في أساس بناء العراق الجديد ".
ثم ان حكومة أربيل لا تستطيع ان تضع نفسها بين فكي كماشة الصراع مع كل من بغداد وأنقرة في وقت واحد. فهي بحاجة الى انتزاع شرعيتها من بغداد، كما تحتاج الى تسهيلات من أنقرة لضخ نفطها عبر المرافئ التركية على البحر المتوسط.
ولذلك فانه على عكس الواقع الدموي للعلاقات التركية مع حزب العمال الكردستاني الذي استمر عقوداً طويلة وانتهى على ما يبدو باتفاق بين حكومة أردوغان وزعيم الحزب الوطني الكردستاني عبد الله أوجلان في معتقله ، فان علاقات كردستان مع تركيا تمر في أحسن مراحلها، تجارياً ونفطياً.. وبالتالي سياسياً، وهو ما يقلق طهران ويستفز بغداد.
تبقى علامة الاستفهام حول علاقة كردستان بحزب العمال الكردستاني في تركيا.. بعد اتفاق أنقرة مع عبد الله أوجلان، وبانعكاسات هذا الاتفاق على مواقف الأحزاب الكردية الجديدة في سوريا.. والأحزاب الكردية القديمة في إيران مثل حزب "بيجاك" و حزب "الحياة الحرة"... ان قدر كردستان هو انها كيان داخلي لا حدود بحرية له. وهذا عامل أساس من العوامل التي تجعله في مرمى القوى المتصارعة في لعبة الأقليات في الشرق الأوسط.
 
الأزمة التركية ـ الكردية وآفاق الحل الديموقراطي السلمي
المستقبل..محمد صوان
في اليوم الذي صادف عيد النيروز الكردي، وفي مدينة ديار بكر اتجهت الأنظار نحو "الإعلان التاريخي " الذي أعدّه زعيم حزب العمال الكردستاني أوجلان، ودعا عبره إلى " إنهاء الكفاح المسلح " والسعي إلى تسوية القضية الكردية بوسائل "ديمقراطية سلمية "، وقد تلي هذا الإعلان بحضور عدد كبير من المسؤولين الأتراك ومن الدبلوماسيين .
بعد 14عاما تقريبا أمضاها في السجن، يثبت أوجلان أنه مازال الزعيم الكردي الأول، وأنه القادر على إبرام تسوية وتوقيع اتفاقات مع الحكومة التركية وعلى تنفيذها ..
عاد إسم "أوجلان " ليتصدر الواجهة في تركيا من جديد، بعدما أجرى مفاوضات ماراتونية من داخل سجنه مع الحكومة التركية، وتوصل إلى تسوية سياسية لنزاع طويل استمر أكثر من ثلاثين عاما وأوقع عشرات الآلاف من القتلى ومئات الآلاف من الجرحى .
["الربيع العربي "أنضج التسوية وسرّع بإعلانها:
يتضمن "إعلان ديار بكر " نقاطاً عدة أبرزها : تكريس انتهاء عهد العمل المسلح، ثم طلب وقف متبادل لإطلاق النار، يليه وقف دائم ونهائي للنار من قبل " حزب العمال الكردستاني " يبدأ بعده مسلحو الحزب انسحاباً تدريجيّاً من تركيا إلى شمال العراق، بالسرعة الممكنة، مع تشكيل لجنة برلمانية لمتابعة الإنسحاب، والتأكد من الامتناع عن ملاحقة أي مسلح كردي قضائيا أو أمنياًّ .
في المقابل ينتظر حزب العمال الكردستاني من حكومة حزب العدالة والتنمية التركي إجراء تعديلات دستورية تشمل قوانين وضعها مؤسس تركيا الحديثة كمال أتاتورك،أهمها : تعريف المواطنة في تركيا الذي صهر كل الأعراق تحت سقف العرق التركي، وهذا تغيير سيطاول هوية الجمهورية التركية والرهان على نيله إجماعاً شعبياً ليس مضموناً، كما اتفق أوجلان مع الحكومة التركية على إقرار قانون الإدارة المحلية، بصيغة أوروبية وهذا أمر تعاقبت الحكومات التركية السابقة على رفضه، خشية تحوّل تركيا من دولة قومية إلى فيدرالية أو كونفيدرالية .
مقابل ذلك ..ماذا ستحصّل الدولة التركية من مكاسب ؟! المعطيات المؤكدة ..أنه مقابل كل هذه الاقتراحات سيتحقق أمران:
الأول : موافقة النواب الأكراد الثلاثين في البرلمان التركي التابعين لـ " حزب السلام والديمقراطية " توأم "حزب العمال الكردستاني " على مسودة الدستور الجديد الذي يعمل رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان عليه، ورهانه أن يؤيد النواب الأكراد، أو بعضهم، اقتراح تعديل الدستور في البرلمان ليحصل على الأقل على 330 صوتا وهو العدد الضروري لتحويل التعديل الدستوري إلى استفتاء شعبي، يرى أردوغان أنه واثق بحصوله على تأييد غالبية الناخبين .
لكن جوهر الموضوع هنا بالنسبة لحزب العدالة والتنمية التركي أنه يعطي الأكراد مطالب أساسية لهم، في مقابل اعتماد الدستور الجديد للنظام الرئاسي البرلماني في تركيا، والذي يتيح لأردوغان أن يصبح رئيساً للجمهورية بدءاً من العام 2014 لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد في انتخاب شعبي وبصلاحيات كاملة، بحيث يتحول رئيس الحكومة المقبل إلى" مكلف أمام رئيس الجمهورية ". وبهذه الطريقة يتمكن أردوغان من الاستمرار في حكم البلاد 10 سنوات أخرى على الأقل .
أما الأمر الثاني الذي يمكن أن تحققه الدولة التركية من مكاسب فستكون على المدى البعيد، وفي ظل التطورات الاقليمية التي تفتح على احتمال تحريك الجغرافيا السياسية، التي قال وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو أنها " تنهزم أمام التاريخ "..
فعندما يقول داوود أوغلو : "إن الشعوب تنتفض على واقعها في المنطقة " فهو لايمكن أن يستثني من ذلك الشعب الكردي في تركيا، لاسيما بعدما سبقه إلى ذلك الشعب الكردي في العراق والآن يتحرك الشعب الكردي في سوريا بانتظار انتقال العدوى إلى إيران !..
[أكراد تركيا لايريدون الانفصال :-
أدرك أردوغان بالتجربة أن منع تحويل سياسته الاقليمية إلى عبء استراتيجي على تركيا في قضيتها الداخلية الأخطر، وهي المسألة الكردية، يتطلب القيام بمبادرة غير مسبوقة في الحوار مع الزعيم الكردي المعتقل لدى تركيا أوجلان .
وتشير أوساط كردية إلى أن أكراد تركيا لا يريدون الانفصال ولا الدولة المستقلة ولا الفيدرالية، بل جمهورية تركية ديمقراطية مدنية لها أقاليم ذات حكم ذاتي واعتراف بالهوية الكردية في الدستور، وهو المطلب الذي يريده أكراد سوريا الذين أعلنوا موقفا صريحاً وواضحاً، إذ أنهم يؤيدون " التغيير الديمقراطي السلمي " من جهة ويريدون الاعتراف بهويتهم في الدستور مع "حكم ذاتي "من جهة أخرى، ولكن عندما تحولت حركة الاحتجاجات الشعبية إلى حركة مسلحة، فإن أكراد سوريا وقفوا ضد " الحل الأمني العسكري ".. بالرغم من أن علاقتهم مع المعارضة السورية لم تكن مشجّعة، حيث رفضت المعارضة الاعتراف بالهوية الكردية في" سوريا المستقبل " واكتفت بالقول أنه "سيكون للأكراد حقوق المواطنة".
وترى الأوساط ذاتها أن تحفّظ المعارضة على المطلب الكردي سببه الأساسي تركيا من جهة، وهي لاتريد نشوء واقع كردي في سوريا من جهة أخرى، وهنا تشير هذه الأوساط إلى أن حكومة "حزب العدالة والتنمية " تحاول أن تغري رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني بالدخول إلى شمال سوريا، ليكون أكراد سوريا تحت زعامته، حتى لايكونوا تحت السيطرة المباشرة ل "حزب الاتحاد الديمقراطي " الذي يعتبر تابعاً ل " حزب العمال الكردستاني".
وفي هذا السياق يأتي جانب من تقارب أنقرة مع أربيل غير أن هذه الرغبة التركية لم تتحقق، واتفق الأكراد على تشكيل " الهيئة الكردية العليا " التي تضم مختلف الفئات والشرائح والتيارات الكردية، والتي تشرف وتدير كامل الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية لأكراد سوريا .
خلاصة القول :- يجمع المحللون والمهتمون بالقضية الكردية على أن الحكومة التركية " تبدو مصممة على الحل .. وعبدالله أوجلان مستعد للتعاون والمشاركة، وأن زعيم حزب العمال الكردستاني كان في السابق يناور ولديه تذبذب في المواقف نتيجة لعدم ثقته بجنرالات الجيش التركي، لكن عندما بدأت قوة العسكر بالتراجع بدأ أوجلان بالتعاون مع الحكومة بعدما لمس وأيقن أنها راغبة بالحل وأنها قوية كفاية لفرض أي حل يتم الاتفاق عليه ."
وأوضح أوجلان أن الحل ممكن على طريقة " الحكم الذاتي الديمقراطي" الذي يختلف عن مفهوم " الحكم الذاتي التقليدي " المعروف، مشيراً إلى أن هذا المفهوم يتقارب مع المعايير الدولية خصوصاً معايير التحاد الأوروبي الذي يسعى الأتراك للانضمام إليه، ويرتبط جزء من الحل المقترح للأزمة بمفاوضات إعداد الدستور التركي حيث يتم بحث مفهوم " المواطنة في إطار الدولة المدنية " كما يمكن أن تشمل غير الأتراك خلافاً للتعريف الحالي،.
إن الحديث عن التسوية السلمية الديمقراطية للمسألة الكردية التي لاتفتقد للشروط المؤاتية،لايمكن أن يكتمل من دون الحديث عن المعوقات التي يمكن أن تنتصب في مواجهتها، وأهمها مدى مصداقية أردوغان في التجاوب مع التطلعات الكردية في تركيا حتى النهاية، خصوصاً أنه لايزال يرفض الاعتراف بوجود قضية كردية في تركيا، كما مدى قدرته على التسويق لمثل هذه الاتفاقية وآلية تطبيقها بعد التوصل إليها، في ظل أيضاً التناحرات السياسية والاجتماعية في الداخل، وماينتصب من معوقات إقليمية في وجهها،إذ إن الكثير من الأطراف الإقليمية والدولية تستفيد من حالة استمرار النار الكردية مشتعلة في تركيا لتمدد نارها إلى الجوار الإقليمي، ومن أجل منع دولة مسلمة " حتى لو كانت مستسلمة " من أن تشكل قوة تأثير تتجاوز أقاليمها المحيطة بها .
ولذلك فإن أي حل للمسألة الكردية لا بد أن يكون متكاملاً ويشمل تفاهماً على الوضع الكردي داخل تركيا وخارجها بالإضافة إلى وضع المسلحين الأكراد في جبال قنديل في شمال العراق .
إن التخطيط لكيانات كردية منفصلة عن بعضها وبرعاية تركية يجعل أنقرة الوكيل الحصري للمجتمع الدولي في المنطقة والراعية والمهيمنة لكونها ستبقى الدولة الأكبر في الفسيفساء الكيانية الجديدة، بينما إيران منشغلة بالمفاوضات حول ملفها النووي ..
من سوريا انطلق زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في كفاحه ضد تركيا .. وبسبب سوريا حصل أوجلان على تسوية تاريخية مع تركيا ....
 
نصر الله محاضرا عن الإعلام!

جريدة الشرق الاوسط.... ديانا مقلد

أنفق حسن نصر الله، أمين عام حزب الله، أكثر من نصف وقت خطابه الأخير محاضرا عن الإعلام.
ألا تبدو تلك مفارقة في حد ذاتها.. أمين عام حزب شمولي مؤدلج قائم على هرمية سياسية وأمنية ودينية وإعلامية لا يسمح باللعب بها أو بالخروج عما هو مرسوم لها من رأس الهرم الحزبي، يتحدث عن أهم قضايا الحريات والديمقراطية، وهي الإعلام ودوره؟!
طبعا استفاض نصر الله في كيل الاتهامات للإعلام الآخر، أي الإعلام غير المقاوم. وبحسب تحليله، خلص نصر الله إلى نتيجة، وهي نجاح إعلام المقاومة في أن يكون صادقا وأمينا في الدفاع عن الأمة والمقدسات، هكذا وبكل بساطة. شخص نصر الله المرض بأن علة الإعلام الأساسية هي الكذب ونقص المصداقية.
لن يعدم أي ممن شاهد خطاب نصر الله أن يعدد أمثلة كثيرة على تناقضات الخطاب وعلى استعادة أدوار تحريضية وتخوينية عديدة لإعلام «المقاومة»، ولن يعدم ملاحظة الوظيفة الأساسية لهذا الإعلام، وهي تغييب العقل النقدي وإغراق جمهور الحزب بدعاية سياسية ودينية ومذهبية على مدار الساعة.
صحيح أن الإعلام في عرف هذا النوع من القادة والسياسيين هو جزء من مضمون الرسالة التي يحملها الحزب العقائدي، في حين أن الإعلام الحديث قائم على التفلت من أي أثر لأي رسالة سياسية أو دينية. وفي زمن المواطن الصحافي يجهل نصر الله أو ربما يتجاهل عمدا أنه ما عاد من الممكن الكلام عن «إعلام» ملتزم.. ثم ماذا تعني كلمة «ملتزم»؟! وملتزم بماذا؟!.. فبمجرد أن يلتزم الإعلام برسالة فإن ذلك سيكون بالضرورة على حساب مهمته الإعلامية المتمثلة بالحقيقة.
لقد قال نصر الله إن عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على سوريا هم أربعة أو خمسة قتلى، وقال إعلامه إن الغارات قصفت مزارع للدواجن.. ترى هل سمح للإعلام أن يتحقق من الرقم ومن الدجاج الذي نفق جراء الغارة؟!
هل هذا هو المضمون الذي يريد نصر الله أن يتبناه الإعلام؟! الحيلولة دون أن يتحقق الإعلام من رقم بسيط ومن حقائق من هذا النوع تعني أن يمنع الإعلام أن يكون إعلاما. ألا يملك جمهور حزب الله حق أن يعرف عدد قتلى حزب الله في سوريا؟! والسؤال الأهم: لماذا يقتل هؤلاء؟! ولماذا يشاركون قتلة النظام السوري في جريمته؟!
لماذا لا نعرف من إعلام المقاومة الحكايات التي رافقت شباب الحزب الذين سقطوا في سوريا؟! هل أقدم إعلام الحزب على هذا؟! وهل سمح أصلا لأي إعلام أن يروي حكاية واحدة لهؤلاء الذين سيقوا إلى مقتلهم تحت شعارات زائفة؟!
الإعلام الصادق بحسب نصر الله هو الذي يقبل أن يقاتل شبابه في جبهات ملوثة بدماء أبرياء من دون سؤال ومن دون نقاش. وللحقيقة، فإن الزيف الكبير الذي اقترن بصورة حزب الله منذ نشأته لم يساهم في تبديده أحد قدر ما ساهم نصر الله نفسه، ومعه إعلام المقاومة.
 
استفزاز إيراني في جزيرة أبو موسى

جريدة الشرق الاوسط.. عائشة المري


دأبت السياسة الإيرانية في الخليج على خلق الأزمات والتوترات في الخليج، فإيران في ضوء تصورها لمفهوم أمن الخليج تسعى لأن تلعب دور القوة الإقليمية المهيمنة، فجاءت زيارة وفد من مجلس الشورى الإيراني جزر الإمارات العربية المتحدة المحتلة الثلاث: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، الاثنين الماضي كخطوة من خطوات الشد والجذب الذي تمارسه السياسة الإيرانية في الخليج لمحاولة الالتفاف على مشاكلها الداخلية والخارجية، ومحاولة للحصول على مكاسب في مقابل الملفات السياسية الإقليمية المشتعلة في سوريا والعراق، حيث تشهد المنطقة مزيجا من التوتر الساخن والتوتر المنضبط، فسارعت دولة الإمارات للتعبير عن استنكارها الشديد، داعية طهران إلى الكف عن الاستفزازات في منطقة «أحوج ما تكون إلى الاستقرار»، في ظل ظروف إقليمية «استثنائية»، مؤكدة من جديد أن «الزيارة انتهاك لسيادة الإمارات وتقويض للجهود المبذولة لإيجاد حل سلمي لهذه القضية من خلال المفاوضات الثنائية أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية».
وكان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قد زار جزيرة أبو موسى يوم 11 أبريل (نيسان) العام الماضي في أول زيارة لرئيس إيراني منذ احتلال إيران للجزر الثلاث عام 1971. وعكس خطاب الرئيس الإيراني الذي ألقاه بجزيرة أبو موسى الاعتقاد التاريخي السائد لدى الإيرانيين بأن الخليج «بحيرة فارسية»، وأن دورهم الحالي ما هو إلا امتداد لدورهم التاريخي السابق، كما أنكر وجود حضارة عربية قائلا: «إن الدول التي تحاول حاليا مصادرة اسم (الخليج الفارسي) لا تمتلك مطلقا ثقافة وحضارة كي تريد أن تقف في مواجهة إيران، وفي السابق لم يكن لديهم شيء، بحيث يزعمون مثل هذا الادعاء في الوقت الحاضر».
ولم يتوقف التصعيد الإيراني عند الزيارة أو التصريحات الساخنة والمستفزة التي أدلى بها أحمدي نجاد في جزيرة أبو موسى، فعملت طهران على تغيير الحقائق على الأرض وسعت لتعزيز نفوذها العسكري في جزيرة أبو موسى، كما أعلنت طهران عن تنظيم رحلات سياحية لجزيرة أبو موسى، مخالفة بنود وثيقة ترتيبات التفاهم الموقعة بين إمارة الشارقة والحكومة الإيرانية عام 1971.
لا شك أن موضوع جزيرة أبو موسى موضوع فريد من نوعه؛ فهي جزيرة ذات سيادة مشتركة بين إيران والشارقة، جرى الاتفاق على وضعها عند توقيع وثائق استقلال دولة الإمارات، يدخلها ويعمل فيها مواطنو البلدين، وقد نصت مقدمة وثيقة الترتيبات التي تم الاتفاق عليها بين الشارقة وإيران على ما يلي: «لا إيران، ولا الشارقة ستتخلى عن المطالبة بأبو موسى، ولن تعترف أي منهما بمطالب الأخرى»، وعلى هذا الأساس، ستجرى الترتيبات الآتية:
1- ستصل قوات إيرانية إلى «أبو موسى»، وتحتل مناطق ضمن الحدود المتفق عليها في الخريطة المرفقة بهذه المذكرة.
2-أ- تكون لإيران ضمن المناطق المتفق عليها والمحتلة من القوات الإيرانية صلاحيات كاملة، ويرفرف عليها العلم الإيراني.
2-ب- تمارس الشارقة صلاحيات كاملة على بقية أنحاء الجزيرة، ويظل علم الشارقة مرفوعا باستمرار فوق مخفر شرطة الشارقة، على الأسس نفسها التي يرفع بموجبها العلم الإيراني على الثكنة العسكرية الإيرانية. إضافة إلى 4 بنود إضافية تحدد امتداد المياه الإقليمية بالجزيرة، وشروط تقاسم البلدين عائدات النفط.
وفي الساعات التي سبقت إعلان إتمام انسحاب البريطانيين، وتحديدا في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) 1971 دخلت القوات الإيرانية جزيرة أبو موسى واحتلت نصفها، وهاجمت جزيرتي طنب الكبرى والصغرى واستولت عليهما بالقوة.
استمر هذا الوضع لعقدين من دون شكاوى علنية معروفة حتى بدأت إيران بخطوات تصعيدية بداية التسعينات، ثم قامت في 24 أغسطس (آب) 1992 بالاستيلاء الكامل على الجزيرة، ورفضت السماح بدخول مائة مواطن من الإمارات بعد أن احتجزتهم في عرض البحر لمدة ثلاثة أيام، وكان هؤلاء يعملون في الجزيرة ويقيمون بها. ومن هنا بادرت دولة الإمارات إلى التصعيد الإعلامي والسياسي وسعت للحصول على أكبر قدر من الدعم السياسي الخليجي والعربي والدولي لقضية الجزر الثلاث: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وقد نجحت الإمارات آنذاك في تطوير هجومها السياسي، وفتحت إلى جانب قضية أبو موسى التي أثارتها إيران، قضية جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى، وعملت على تكثيف تحركها السياسي والدبلوماسي على كل الأصعدة في محاولة للوصول إلى حل سلمي مع إيران. ومنذ ذلك الوقت ظلت هذه القضية من ثوابت قضايا مجلس التعاون الخليجي، ومن ثوابت قضايا القمم العربية على مدى السنوات الماضية.
إن مسلسل الأطماع الإيرانية الواسعة منذ عهد الشاه، ما زال مستمرا في ظل الجمهورية الإسلامية؛ فالنهج الإيراني رغم اختلاف الظروف السياسية والعسكرية والأمنية، وميزان القوى في المنطقة، واختلاف المناخ الدولي الذي كان سائدا عام 1971، ولا تختلف سياسة الجمهورية الإيرانية الراهنة تجاه الجزر عن سياسة الشاه، فكثيرا ما كرر المسؤولون الإيرانيون أنهم لن يتخلوا عن سيادة إيران على الجزر أو يقبلوا حلا وسطا بشأنها، والواقع أن معظم الإيرانيين يؤيدون الوضع الراهن في الجزر الثلاث بعد أن حولها السياسيون إلى قضية إيرانية وطنية.
لقد ظهر جليا أن الخطاب السياسي والإعلامي الإيراني الحالي تجاوز الخطاب الإيراني السابق الذي يعتبر المسألة مجرد «سوء تفاهم» و«مسائل عالقة» و«خلافا بسيطا حول إحدى الجزر»، للحديث عن ملكية إيرانية مطلقة للجزر الثلاث، فالواضح اليوم هو عدم رغبة إيران في التخلي عن هذه الجزر، وفي الوقت ذاته استمرت دولة الإمارات باعتباره خلافا جوهريا يتعلق بقضايا السيادة.
ما زالت دولة الإمارات تحاول محاصرة التصرفات والإجراءات الإيرانية الأخيرة في جزيرة أبو موسى بطرح طريق التفاوض الثنائي للتوصل إلى حل سلمي؛ على أمل أن تتراجع إيران عن موقفها من الإجراءات التي اتخذتها في أبو موسى، وتضع حد لاستمرارها في احتلال جزيرتي طنب الكبرى والصغرى، للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة. وظلت دولة الإمارات على الدوام تطرح الخيارات السلمية لحل الأزمة، سواء بالتفاوض المباشر أو عن طريق إحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية، فيما ظلت إيران ترفض عرض المشكلة على محكمة العدل الدولية.
إن قضية الجزر بما تضمنته من أبعاد استراتيجية وأمنية، لا تزال تمثل بالنسبة للرؤية الإيرانية عامل جذب مستمر لخلق بؤر توتر سياسي، رغم ذلك سيبقى طريق التفاوض الثنائي من حيث المبدأ هو الطريق الأقصر والأسلم، شريطة أن يكون لدى السلطات الإيرانية نية فعلية وصادقة لإنهاء النزاع سلميا.
 
الانتخابات الرئاسية الإيرانية ورقصة الفلامنكو الإسبانية

جريدة الشرق الاوسط ..عطاء الله مهاجراني

هل هناك أي تشابه بين انتخابات الرئاسة الإيرانية، المزمع إجراؤها في 14 يونيو (حزيران) المقبل، ورقصة الفلامنكو؟
عندما أتناول مسألة الانتخابات الإيرانية، وأقرأ كلمات المرشحين مع التركيز على شعاراتهم، وأدرس اللاعبين الرئيسين في المشهد السياسي، يبدو لي أننا نواجه رقصة فلامنكو غريبة، من دون أي تناغم وانسجام!
تعد الانتخابات المعيار الرئيس والركيزة الأساسية للديمقراطية التي تعول عليها الأحزاب السياسية. تقوم الأحزاب كلها بوضع خططها واختيار مرشحيها النهائيين وإنفاق الأموال لعرض برامجها. والأهم من ذلك كله أن الشعب الإيراني يعرف خلفيات تلك الأحزاب وخبراتها وتاريخها وقدراتها ومزاياها وعيوبها.
وبعبارة أخرى، تحتاج الديمقراطية إلى انسجام وتناغم يؤلف بين الانتخابات والأحزاب وبرامجها. وثانيا تحتاج تلك الديمقراطية إلى مرشحين ديمقراطيين. ويتناول غسان سلامة، وزير الثقافة اللبناني الأسبق، في كتابه الذي يحمل عنوان «ديمقراطية بلا ديمقراطيين» قضية التجديد السياسي في العالم الإسلامي وكيف يمكننا أن نتصور أو نبني ديمقراطية بلا ديمقراطيين.
اسمحوا لي أن أعود مجددا إلى رقصة الفلامنكو التي تتكون من أربعة عناصر رئيسة: إيقاع الموسيقى، التصفيق والضرب الخفيف بالأقدام على الأرض، والأغنية، وأخيرا الرقص بأحذية خاصة، وهي جميعا عناصر متوافقة مع بعضها البعض، وتمثل تناغما قويا في ما بينها. ويعدّ ضرب ونقر الراقص بقدميه على الأرض جزءا لا يتجزأ من الإيقاع. ويمكننا القول إن الضابط الذي يدير إيقاع الموسيقى والرقص هو هذا الصوت التي تصدره الأحذية الحمراء الخاصة برقصة الفلامنكو. وتعدّ هذه الأحذية الحمراء عماد الفلامنكو. وبالتالي كيف يمكنك أن تتخيل الفلامنكو من دون غناء ورقص، وأن تكتفي بمجرد الاستماع إلى وقع نقر الأحذية داخل غرفة مظلمة. نعم هذا هو الوجه الحقيقي للانتخابات الإيرانية. انتخابات أشبه بلغز معقد للغاية. ولا يستطيع أحد ما أن يحل هذا اللغز. فلا أحد بإمكانه أن يرقص الفلامنكو بلا كلمات أغنية وإيقاع موسيقى؟
لماذا أعتقد أن الانتخابات الإيرانية أشبه باللغز؟ ما من شك في أن هاشمي رفسنجاني أحد أبرز السياسيين في إيران، وصاحب خبرة ثرية وفريدة من نوعها، فقد كان رئيسا للبرلمان لعشر سنوات، ورئيسا للجمهورية لثماني سنوات أخرى، وهلم جرا. لكن لا يزال هناك شيء من الغموض يدور حول ترشحه، فهل سيقبل آية الله خامنئي ذلك؟ وهل سيقبل الحرس الثوري بترشحه؟ وهل سيوافق مجلس صيانة الدستور على ذلك أيضا؟ تقول زوجته، عفت مرعشي «كيف يمكننا أن نثق بهم؟! إنهم سيزورون الأصوات ونتيجة الانتخابات».
ومن ناحية أخرى، يبقى مرشح أحمدي نجاد وإدارته لديهما برنامج خاص، وهو رحيم مشائي. يخطط أحمدي نجاد أن يكرر السيناريو نفسه الذي حدث مع بوتين والنائب ديمتري ميدفيديف. عندما قام نجاد قبل أربعة أعوام بتعيين رحيم مشائي أول نائب له، أرسل إليه آية الله خامنئي رسالة مفادها أن يقيل رحيم مشائي من منصبه. وذاع صيت مشائي لمواقفه الغريبة والفريدة من نوعها. فقد قال مؤخرا «إننا نواجه مرحلة جديدة، فقد مضى عهد الآيديولوجية الإسلامية». وعندما سأله شخص «ألا تعتقد أو تتنبأ بأن يرفض مجلس صيانة الدستور ترشحك للرئاسة؟»، رد قائلا «لقد قبل الإمام المهدي ترشيحي!».
ذهب مرشح آخر إلى وزارة الشؤون الداخلية وادعى أنه الإمام المهدي بغية أن يكون رئيسا! وهنا
وهناك الدكتور ولايتي، وهو مرشح آخر نشر صورته مرتديا ملابس الكاراتيه بقبضتين مغلقتين لإظهار أنه رجل قوي ربما مثل بوتين.
وتجدر الإشارة إلى أن أكثر من مائة مرشح قاموا بتسجيل أسمائهم أملا في تقلد منصب الرئاسة. وقد قال بعضهم إنهم عاطلون عن العمل، وإن تولي منصب الرئيس سيكون وظيفة جيدة للغاية!
أما حجة الإسلام خرازي، مرشح آخر ونجل آية الله خرازي، فصرح عندما سجل اسمه بأن حدود إيران تبدأ بالصين وتنتهي بأفريقيا!
على الجانب الآخر، لا يزال كل من مير حسين موسوي، رئيس الوزراء الأسبق، وآية الله كروبي، رئيس البرلمان الإيراني السابق، قيد الإقامة الجبرية. تلك هي معالم الساحة الانتخابية في إيران! ديمقراطية من دون أحزاب، وديمقراطية بلا ديمقراطيين، مثل رقصة الفلامنكو التي تفتقد إلى الإيقاع والموسيقى والرقص، فنحن نستمع فقط إلى وقع نقر الأحذية من دون أي انسجام وتناغم في الحقيقة..
«أمور يضحك السفهاء منها..
ويبكي من عواقبها الحكيم»..
نعم هذه هي العملية الديمقراطية في بلادنا التي يمكن وصفها بأنها ديمقراطية انحصرت في محض كلمات وبات الاستبداد روح البنيان الحكومي والنظام السياسي.
وتم رفض مشاركة أحزاب رئيسة في الانتخابات الرئاسية، بما في ذلك حزب جبهة المشاركة الإسلامية، وحزب مجاهدي الثورة الإسلامية في إيران (مجاهدين انقلاب إسلامي). ولا تزال معظم الرموز القيادية من كلا الحزبين إما في السجن أو قيد الإقامة الجبرية.
ضمنيا، يمكن القول إن لدينا طرفا أحاديا حقيقيا يلعب دورا رئيسا في الانتخابات الإيرانية وهو الحرس الثوري. بينما يعدّ دور الأحزاب والأطراف الأخرى، كثرت أو قلت، ثانويا في تلك الانتخابات، وذلك لأن الحكومة تفضل الاستمتاع بالفلامنكو من دون موسيقى ورقص وغناء، وتكتفي بمجرد التصفيق والاستماع إلى وقع نقر الأحذية داخل غرفة مظلمة. وقد أشار حجة الإسلام أحمد خاتمي، في خطبة الجمعة في طهران، إلى أنه على الرئيس المقبل أن يدرك أنه سيتبع نهج ولاية الفقيه، وأنه سيقوم بمهام وظيفته تحت رعاية القيادة المطلقة لولاية الفقيه.
هذه هي رسالة قوية لجميع المرشحين، وعليهم أن يعرفوا أن الرئيس المقبل سيكون تحت إمرة المرشد الأعلى، ولن يكون هناك أي مجال أمامه أن يضبط إيقاع سياساته مثلما يحدث في رقصة الفلامنكو!
 
 
هل يغير أوباما «قواعد اللعبة» في سورية قبل جنيف؟
الحياة...جورج سمعان
حظ «خطة جنيف» التي أقرت في حزيران (يونيو) الماضي سيكون أفضل حالاً من المؤتمر الدولي الذي توافقت عليه واشنطن وموسكو أخيراً. فالمؤتمر قد يولد ميتاً إذا رأى النور. ويرجح أن تدفن الخطة معه هذه المرة. في الأصل لم يكن متوقعاً أن تتوافق واشنطن وموسكو على انعقاده بهذه السرعة بعد كل هذا الجمود والمماطلة والمناورة التي حالت دون تنفيــــذ ما تم التوافق عليه في «جنيف 1». لم تكونا مستعجلتين على رغم كل ما تشهده الحرب السورية من مـــآس وويلات ومجازر ومذابح وتهجير وتــــدمير. بل بــــدت الإدارة الأميركية أول من بادر إليه، لتصيب بذلك أكثر من هدف. أولها إعفاء الرئيس باراك أوباما من اتخاذ قرار مفصلي من الأزمة السورية، بعد كل الضجة التي أثيرت عن تجاوز نظام الرئيس بشار الأسد «الخط الأحمر» باستخدام محدود للسلاح الكيماوي. وثانيها تخفيف الضغوط التي بدأت تمارسها قوى في الداخل الأميركي والخارج من أجل التدخل وتوفير السلاح الفاعل لمجموعات معارضة.
لكن «تهافت» الإدارة الأميركية إلى «جنيف 2»، مع ما رافقه من حديث عن تنازلات قدمتها إلى روسيا، ليس وحده الدافع. بل إن تلقف موسكو الفكرة نم عن رغبة مشتركة أميركية - روسية في كسب مزيد من الوقت. كأن الحوار الدائر بين الطرفين في كثير من الملفات لم ينضج بعد ويتطلب مزيداً من الوقت. لكن الملف السوري المتفجر شهد أخيراً تطورات أنذرت بتغيير قواعد اللعبة المستمرة من سنتين. وشكلت دوافع لتحرك سريع من أجل إعادة ترميم بعض «الخطوط الحمر» التي تجاوزها المتصارعون في الداخل واللاعبون الإقليميون.
بين هذه الدوافع التي تقلق واشنطن وموسكو، إضافة إلى الملف الكيماوي وخطر تكرار استخدامه واحتمال انتقاله إلى مجموعات متطرفة إذا صح ما قيل عن استخدامه على أيدي مجموعات مسلحة، هذا الصعود والانتشار المتناميان لحركات التطرف وعلى رأسها «جبهة النصرة». وإطلاق عمليات التطهير المذهبي في مناطق عدة وما تستتبعه من مذابح ومجازر وجرائم حرب أخطرها ما يجري في القصير وحمص. وما تستدعيه عاجلاً أم آجلاً من مذابح مماثلة في أماكن أخرى من البلاد لن توفر أقليات ومكونات يدعي دعاة الحل السياسي أنهم حريصون عليها حرصهم على عدم تفكك سورية وتشظيها و «صوملتها». وما تستولده من وقود جديد لتسعير الصراع المذهبي في الإقليم. ولعل أخطر الدوافع انخراط إسرائيل ميدانياً في الحرب عبر سلسلة من الغارات استهدفت ليس مواقع سورية فحسب بقدر ما استهدفت مستلزمات انخراط إيران و «حزب الله» عــديداً وعتاداً من صورايخ وأسلحة متطورة. ولم يقف هذا الانخراط عند هذه الحدود: أعلنت طهران أنها ستشكل «حزب الله» السوري بعد إعلان دمشق فتح جبهة الجولان أمام المقاومة. ورحب الحزب اللبناني مبدياً الاستعداد لكل أشكال الدعم لهذه الجبهة.
كأن هذه الدوافع لم تكن تكفي وحدها للتحرك نحو مؤتمر يعيد رسم قواعد جديدة للعبة، حتى زج العراق بنفسه في الحرب. لم تكن بوادرها الأولى أزمته السياسية التي يرقص أطرافها على وقع ما يجري خلف الحدود الجنوبية. ولن يكون آخرها انضمام قوى وميليشات إلى ساحات المتقاتلين في دمشق وغيرها من المدن، أو قصف القوات العراقية لمعبر اليعربية الحدودي الذي يمسك «الجيش السوري الحر» بمفاتيحه.
ولعل آخر التطورات - الدوافع هذه التفجيرات الأخيرة التي ضربت بلدة الريحانية التركية، وهزت أنقرة و... إسطنبول. ودفعت وزير الخارجية أحمد داود أوغلو إلى التحذير من «اختبار قدرة» بلاده. وسواء كان هذا الطارئ جزءاً من الصراع في شأن القضية الكردية أو من تداعيات ما تشهده الساحة السورية، فإن الارتباط بينهما يرقى إلى تاريخ طويل، طول إقامة عـــــبدالله أوجلان في الربوع السورية أو البقاعــــية أيــــام الوجـــود السوري في لبنان. وإذا ثبت دور الاستخبارات السورية في التفجيرات كما ورد في التحقـــيقات الأولية، ستجد حكومة رجب طيب أردوغان نفسها مضطرة إلى إعادة النظر في القواعد التي حكمت سياستها حيال سورية... وأولها الخروج من موقع الخطابة والتهديدات الفارغة إلى التحرك الحازم للحؤول دون انتقال المشهد السوري إلى أراضـــيها، في ضوء اعتراض شريحة من مواطنيها على مخيمات اللاجئين السوريين واااااااااااااما تقدمه الحكومة من مساعدات وتسهيلات إلى تشكيلات المعارضة.
أمام هذا الحضور الإقليمي الفاعل في الحرب السورية مضافاً إلى هذه المجموعات المتعددة المشارب والبرامج التي تقاتل النظام، لم يعد الخطر يتهدد سورية الدولة والمؤسسات والمكونات، بل بات يهدد أيضاً مصالح اللاعبين الدوليين ودورهم في رسم مستقبل هذا البلد. لذلك استعجلت الولايات المتحدة وروسيا الدعوة إلى مؤتمر دولي لإعادة إحياء بنود «خطة جنيف» التي أقرتها الدول الكبرى والجامعة العربية وتركيا قبل نحو عام. وأعيد بعث مهمة الأخضر الإبراهيمي التي لم تقدم ولم تؤخر في ما فعلته مهمة سلفه كوفي أنان حتى يوم استقالته. بالتأكيد ترغب الدولتان الكبيرتان في أن يكون لهما الدور الأساس في إدارة أزمة سورية وفي إيجاد تسوية سياسية لها مطابقة لصورة المستقبل الذي تريدانه لهذا البلد، من أجل ضمان مصالحهما فيه وفي بلاد الشام عامة.
لكن رغبة الدولتين الكبيرتين شيء وقدرتهما على تحقيق هذه الرغبة شيء آخر. ولو كانت أيديهما مطلقة في هذا المجال لانتفت الحاجة إلى مؤتمر دولي. كان يكفيهما التفاهم الثنائي لفرض التسوية التي تريدان. الواقع يشي بخلاف ذلك تماماً. فقبل الحديث عن الدور الأساس للقوى السورية المتصارعة والدور المتعاظم للقوى الإقليمية، يكفي النظر إلى تخبط كل من الأميركيين والروس في مواقفهم غداة الاتفاق على المؤتمر الدولي حيال رؤيتهم للحكومة الانتقالية، ودور الرئيس الأسد في المرحلة الانتقالية، ولائحة الدول والقوى المدعوة إلى «جنيف 2»، ودور الجيش والمؤسسات الأمنية ومستقبلها...
رغبة الدولتين الكبيرتين شيء والواقع على الأرض السورية شيء آخر: لا ضمان في قدرة الروس على اقناع الرئيس الأسد والحلقة المحيطة به على البقاء بعيداً من الحكومة الانتقالية لئلا نقول إنهم لا يرغبون في ذلك. ولا قدرة لهم على إقناعه بالتنحي ولا رغبة مبدئية لديهم في مثل هذا النهج الذي يتيح تدخلاً خارجياً في تدخل يصرون على أن يكون من اختصاص أهل البلاد. في المقابل لا قدرة للأميركيين على دفع المعارضة إلى الحوار مع النظام. علماً انهم قد لا يجدون سوى قلة تصغي إليهم أو تثق بهم. فهم وضعوا «جبهة النصرة» على لائحة المنظمات الإرهابية. ويماطلون ويناورون من سنتين لكسر رجحان كفة «الإخوان المسلمين» في تشكيلات المعارضة، من «المجلس الوطني» إلى الائتلاف القائم. وعارضوا ويعارضون مد «الجيش الحر» أو من يسمونهم «المجموعات المعارضة» بما يحتاجون إليه من سلاح لمواجهة آلة النظام وترساناته الأرضية والجوية والبحرية. لذلك علت أصوات المعارضين المطالبين بوجوب تغيير موازين القوى قبل أي جلوس على الطاولة للتفاوض. وما لم يتحقق ذلك فإن الضغط على الائتلاف للقبول بالحوار وشروطه الأميركية قبل الروسية سيفضي إلى تمزيق ما بقي من هذا الهيكل التنظيمي ويفاقم آلام المعارضة التي باتت تشعر بأن ثمة «مؤامرة كونية» عليها، وليس على النظام كما يدعي، تحول دون تحقيقها التغيير الذي تنشد!
إضافة إلى تشتت المعارضة وحدود الضغط الذي يمكن أن يمارسه الروس والأميركيون على «حلفائهما» في سورية، هناك القوى الإقليمية، من إيران إلى إسرائيل، ومن العراق إلى تركيا ولبنان والأردن، والسعودية وقطر ومصر. باتت هذه الدول جزءاً من الحرب القائمة. ولكل واحدة منها أسبابها الخاصة وأهدافها الجوهرية التي لا يمكنها التنازل عنها بيسر وسهولة، أياً كانت ضغوط الكبار. لهذه الدول مصالح استراتيجية وحيوية تتأثر سلباً أو إيجاباً بمستقبل البلاد وهويتها ونظامها المقبلين. ولا يمكن واحدة من هذه القوى أن تصغي بلا نقاش لرغبة أميركية أو روسية. فهل سيسكت الأردن حيال تدفق مزيد من اللاجئين؟ وهل ستكتفي تركيا بالوعيد والتهديد كما فعلت بعد إسقاط طائرتها الحربية قبل نحو سنة أم ستنضم إلى مجموعات الضغط على الرئيس أوباما لتسليح المعارضة أوإقامة ملاذات أمنة لها؟ وهل ترضى إيران بنهاية نظام قد ينتهي معه كل ما بنته في العقود الثلاثة على شاطئ المتوسط وحدود إسرائيل؟ وهل تقبل الدولة العبرية بمرابطة «القاعدة» في الجولان أو تسليح نظام الأسد بترسانة من الأسلحة الاستراتيجية؟ وهل يقبل «حزب الله» بالمجازفة بكل ما حقق من مكاسب في لبنان سياسياً وعسكرياً؟ وهل تقف حكومة نوري المالكي موقف المتفرج على صعود السنة في سورية وما يحفزه في الساحة السنّية في العراق؟
حيال هذه الخريطة المعقدة والأسئلة المصيرية يكاد يكون مستحيلاً أن يوفق المؤتمر الدولي في دفع «خطة جنيف» إلى حيز التنفيذ. لو كان الأمر بهذه السهولة لما بقيت الخطة في أدراج الأمم المتحدة. إن الصراع الإقليمي والدولي على سورية كان وراء انسداد الأفق أمام الحسم العسكري لمصلحة النظام أو خصومه، وكان وراء جمود أي مسعى لتسوية سياسية يبدو أن أوانها قد فات. فهل تنجح الضغوط على الرئيس أوباما، قبل مؤتمر جنيف أو بعده لا فرق، فيغير «قواعد اللعبة» كما توعد، بعدما تجاوز الجميع الخطوط الحمر؟
 
المقاومات حين تعود إلى وظائفها الأصلية
الحياة..إيلي عبدو
كان لافتاً في الخطاب الأخير للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله والذي خصصه للتعليق على مستجدات الوضع السوري وما أُثير عن تدخل حزبه هناك، دعوته ما سماه «فصائل المقاومة» في فلسطين للتنبه من عدوان إسرائيلي جديد. وإذا كان المقصود بفصائل المقاومة حركة حماس والتنظيمات التي تدور بفلكها، فإن تناقضاً كبيراً يبرز في كلام نصر الله. ذاك أن المقاومة في فلسطين المدعوة وفق الخطاب لرد عدون إسرائيلي مباغت تعد من أبرز المناصرين لثورة الشعب السوري فيما «حزب الله» يقاتل في القصير ومنطقة السيدة زينب دفاعاً عن نظام بشار الأسد.
هذا التناقص ليس أمراً عارضاً في فهم تركيبة حركات المقاومة التي شغلت تفكيرنا السياسي لعقود مضت. فإسرائيل في خطاب «حزب الله» حليفة للمعارضة السورية وأي محاولة لإسقاط نظام دمشق يخدم بالدرجة الأولى «الكيان المُغتصب». لكن حركة حماس التي تتولى التصدي لإسرائيل على جبهة غزة تدعم هذه المعارضة بشكل علني، حتى أن بعض التقارير تتحدث عن عناصر من الحركة تقاتل إلى جانب «الجيش الحر» في جنوب دمشق.
وبصرف النظر عن التحولات السياسية الإقليمية والدولية التي صنعت هذه المعادلة المتهافتة والركيكة، فإن ما قاله نصر الله في خطابه منذ أيام يكشف عن افتراق مقاومتين طالما ورطتا المنطقة بحروب عبثية، والافتراق هنا ليس مرده الثورة السورية وإنما وجهة النظر نحو إسرائيل التي كشفتها هذه الثورة. «حزب الله» ينظر إلى إحتمال سقوط النظام السوري كإضعاف لمحور الممانعة والذي يشكل دعامته اللوجستية لمواجهة إسرائيل. فيما حركة حماس لا تبالي بسقوط «قلعة العروبة» بعد أن باتت في محور آخر يقف في موقع الخصومة لها.
ولعل هذا التناقض ليس اختلافاً بالنظرة الاستراتيجية حيال إسرائيل عبر التعامل مع المسألة السورية بقدر ما هو نتيجة للسرديات التي انتجها كل من الحزب والحركة المقاومان عن «العدو الغاصب» للأرض العربية. الأولى كانت امتداداً لحركة التحرر الفلسطينية بلون إسلامي سني، يتخذ من تنظيم الإخوان المسلمين له مثالاً.
فيما الثانية امتداد لحركة المقاومة اللبنانية أيضاً بلون إسلامي شيعي يستمد نموذجه من ولاية الفقيه الإيرانية. من البديهي أن البنى التي كوّنت الحركتين حكمتا سرديتهما بالنسبة لإسرائيل، وذلك في ظل خطاب عمومي يتكئ على الرطانة القومية العروبية للتعبير عن نفسه.
«حماس» وجدت في إسرائيل عدواً يحتل أرض فلسطين التي تعتبرها وقفاً إسلامياً سنياً فيما «حزب الله» رآها كياناً غاصباً للأراضي الواقعة في جنوب لبنان ذات الغالبية الشيعية. هذه النظرة تبدت بشكل واضح في البناء الإيديولوجي لمقاتلي الحركتين عبر تبريرات دينية تستند على تعاليم أكبر مذهبين متفارقين في الإسلام. هكذا وراء الكلام المفخم عن الطريق إلى القدس كان البعد المذهبي يرصّف الطريق. العدو بالنسبة للحركة السنّية كان غيره عند الحزب الشيعي.
بدأ السيد نصر الله خطابه الأخير بنفي قاطع للاتهامات الإسرائيلية حول قيام حزبه بإرسال طيارة من دون طيار إلى أجواء «العدو» ليتحدث بعدها عن حساسية مفرطة تحكم مسألة حماية المقامات الدينية في سورية لا سيما مقام السيدة زينب في دمشق. محذراً من أن جماعات جهادية تريد هدمه كما حصل لمقامات مشابهة في العراق.
إسرائيل إذاً في العقل الباطن للممانعة الشيعية ليست الغاصب للأرض العربية فقط، بل هي كل من يريد إسقاط نظام الأسد (الأقرب مذهبياً) وتدمير المقامات الدينية. أما عند «حماس» فهي كل من يخاصم مشروع الإسلام السياسي السنّي الذي يحكم قبضته تدريجياً على مفاصل الحكم في بلدان ما بعد الربيع العربي.
لقد عادت المقاومات إلى وظائفها الأصلية التي وجدت لأجلها، حركات دينية راديكالية تتوسل محاربة إسرائيل لتنفيذ أجندات المرجعيات التي أنشأتها. وقد تكون لحظة الثورة السورية هي لحظة انكشاف هذه الوظائف التي من المحتمل أن تتصادم في ظل الصراع السني الشيعي القائم على تخوم بعض الثورات العربية.
من يضمن ان لا نسمع أخباراً من دمشق عن معارك بين مقاتلي «حزب الله» وآخرين من حركة حماس على إحدى جبهات الصراع السوري. الحركتان المقاومتان تُمثلان تصدعاتنا الأهلية التي درجنا على تسميتها إسرائيل.
 
  
صهر الزعيم الروحي للأفغان العرب: الإسراف في قتل المدنيين أفقد «القاعدة» مبررات وجودها.. عبد الله أنس يكشف لـ «الشرق الأوسط» كيف استثمر التنظيم موجة الغضب التي تجتاح العالم الإسلامي ضد أميركا وفشل في إدارتها

لندن: محمد الشافعي ... قال خبير الجماعات الإسلامية الإسلامي الجزائري عبد الله أنس، صهر عبد الله عزام «الأب الروحي للأفغان العرب» وأحد أوائل «المجاهدين العرب» وأميرهم في شمال أفغانستان، إن «القاعدة» بسبب هجماتها على المدنيين الأبرياء في الرياض ولندن ومدريد والدار البيضاء وغيرها أفرغت غضب المسلمين من غضب مشروع إلى مدان بين أمم العالم، بل إنها صرفت هذا الغضب في أمور عادت عليها بالضرر.
وقال عبد الله أنس، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»، إن «القاعدة» خسرت معركة كسب القلوب في مناطق الصراعات والفتن بتوسع فقهائها في استخدام مبدأ التترس مبررا لوقوع خسائر في صفوف المدنيين، خصوصا المسلمين، في العمليات الانتحارية والتفجيرات التي تدفع بعناصرها لتنفيذها. وقال «بوجمعة»، كما كان يعرف في سنوات الجهاد الأفغاني ملازما للشهيد أحمد شاه مسعود الذي اغتالته «القاعدة» قبل يومين من هجمات سبتمبر (أيلول) عام 2001، إن فظاعة الخسائر وسط المدنيين المسلمين بسقوط عدد كبير من الأبرياء حدت بغالبية السكان في مناطق النزاعات إلى الشعور بالغضب حيال دموية التنظيم.
ويوم الثاني عشر من مايو (أيار) 2013 تحل الذكرى العاشرة لتفجيرات الرياض التي استهدفت 3 مجمعات سكنية يسكنها غربيون ومسلمون، وكانت بداية لأحداث إرهابية استمرت عدة سنوات، تغيرت خلالها أمور كثيرة على عدة أصعدة ومستويات جراء موجة الإرهاب.. تلك الليلة التي لا يمكن أن تنسى، ولقي خلالها 34 شخصا حتفهم جراء تفجيرات 12 مايو الشهيرة، التي خلفت 149 جريحا. وأعلنت السعودية مسؤولية 16 منفذا عن تلك الهجمات، أفصحت عن أسماء 14 منهم، وكان الاتصال المشفر الذي تلقاه تركي الدندني، الذي لقي حتفه في 3 يوليو (تموز) 2003، بمثابة إعلان البدء في تنفيذ مخططات تنظيم القاعدة على الأراضي السعودية، والتي تشير المعلومات التي تم تأكيدها للصحيفة إلى أنها سبقت وقتها المفترض بنحو شهرين.
وقال عبد الله أنس، اللاجئ السياسي في بريطانيا، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»: «كل الناس من المشرق إلى المغرب العربي يكرهون الانحياز الأميركي إلى إسرائيل، وكل من في قلبه ذرة إيمان ويرى أو يسمع أن كتاب الله يحرق هنا وهناك، وكل من في قلبه ذرة إيمان يرى حبيبه المصطفى صلوات الله وسلامه عليه يصور أو يرسم في كاريكاتير مسيء، أو يرى ما يحدث للمستضعفين من الرجال والنساء والولدان في سوريا على يد بشار الأسد وشبيحته، ولا يغضب لذلك، فليراجع إنسانيته وإيمانه. لكن (القاعدة) فشلت فشلا ذريعا في إدارة هذه الغضب بتفجير مجمعات السكان المدنيين في الحمراء والمحيا بالعاصمة السعودية، وقتل الأبرياء في هجمات لندن ومدريد وباقي مدن العالم».
ويضيف أنس: «(القاعدة) انتهجت منهج نشر الغضب كاستراتيجية، وتركت إدارة الغضب للمتلقي من الشباب بتوجيه ضربات للأهداف الرخوة، يديرها كيفما يشاء، وكان في هذا مقتلها، لأن (القاعدة) باتت مشلولة عن متابعة التفاصيل على الأرض، لأن المرجعية تتمثل في قيادات التنظيم المختبئين تحت الأرض هنا وهناك، بل إن الكثير من قدرات تنظيم القاعدة العملياتية قد أنيبت لوكلائها وشركائها في العراق واليمن والمغرب والصومال حتى نيجيريا إضافة إلى أفغانستان». وكان مركز مكافحة الإرهاب التابع للأكاديمية العسكرية الأميركية في ويست بوينت ذكر في إحصاء، نشر في عام 2009، أن 15 في المائة فقط من الوفيات الناجمة عن عنف «القاعدة» هم مواطنون غربيون، فيما ينتمي 85 في المائة من الضحايا إلى بلدان العالم الإسلامي، فيما أوردت الأمم المتحدة في إحصاء للضحايا المدنيين على أيدي كل من قوات منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) ومقاتلي حركة طالبان في أفغانستان أن طالبان وقوات التحالف تتحملان معا مسؤولية 76 في المائة من القتلى في صفوف المدنيين.
وانتقد أنس محاولة تشبيه ما جرى في العراق بمشاركة العرب في سنوات الجهاد ضد الروس في أفغانستان، لأن المقاتلين العرب عندما ذهبوا إلى بيشاور ومنها إلى الجبهات داخل أفغانستان، جلال آباد التي قاتل فيها بن لادن، وبانشير التي كانت في عهدة أسدها أحمد شاه مسعود، كانوا يحاربون تحت راية وإشراف القادة الأفغان مثل المهندس أحمد شاه مسعود، وحكمتيار، والبروفسور برهان الدين رباني عبد الرسول سياف، والمهندس حبيب الرحمن، وغيرهم. ولعبد الله أنس اللاجئ السياسي في بريطانيا منذ أكثر من عشر سنوات كتاب من 152 صفحة اسمه «ولادة الأفغان العرب»، يروي قصة التحاقه بالجهاد في بداية الثمانينات، وتعرفه إلى الشيخ الفلسطيني عبد الله عزام، الأب الروحي للعرب الأفغان، ثم انتقاله إلى داخل أفغانستان والتحاقه بأحمد شاه مسعود، أسد بانشير وتحوله إلى يد يمنى له.
على الجانب الآخر، قال عبد الله أنس «إن شعار العداء للسياسة الأميركية الذي ترفعه (القاعدة) يجد تجاوبا واسعا بين المسلمين، ليس استجابة لـ(القاعدة)، ولكن كرها لسياسة أميركا في فلسطين والعراق وأفغانستان». لكنه أضاف «هذا لا يعني أن (القاعدة) تحمل مشروعا سياسيا، يمكن أن يجلب الاستقرار أو يلقى القبول في المنطقة، بسبب رؤيتها للتغيير على المستويين المحلي والدولي، فهي على المستوى المحلي تؤمن بنظرة طالبان في شكل النظام السياسي، حيث تتم البيعة الأبدية لرجل واحد وبصلاحيات مطلقة، ولا يجوز معارضته كما فعلوا مع المعارضة الأفغانية، رغم أنها لم تكن معارضة ترفض الحكم بالشريعة، ومع ذلك لم تنج من القتل كما حدث لأحمد شاه مسعود، أو التهجير كما حدث لرباني وحكمتيار، وهذا مخالف لما كان عليه نظام الحكم على عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، بفتح باب المعارضة أمام الرعية، فلم يسجن علي رضي الله عنه لرفضه البيعة أكثر من 6 شهور، ولم ينف عمر رضي الله عنه لمعارضته الشديدة لقرار حروب الردة حتى اطمأن قلبه لها».
ويضيف انس «لست أدري كيف ستفرض (القاعدة) نموذجها في المنطقة العربية، وهي تعج بالشرائح السياسية على اختلاف توجهاتها من يساريين وعلمانيين وقوميين وليبراليين». وأوضح أنس، الإسلامي الجزائري الذي اشترك في القتال بأفغانستان، أن رحلته مع الجهاد بدأت في عام 1984، عندما كان في الخامسة والعشرين من عمره، ويعيش مع أسرته غرب الجزائر، فخلال زيارته لمكتبة محلية قرأ في مجلة أسبوعية موضوعا عن فتوى دينية تقول إن الجهاد في أفغانستان ضد الغزاة السوفيات فرض عين على كل مسلم. ثم يتذكر قائلا «بعد أيام قليلة بلغت هذه الفتوى مسامع الجميع وبدأوا يتحدثون عنها، ثم يتساءلون: أين تقع أفغانستان؟ وأي شعب يعيش هناك؟ وكيف يمكننا الذهاب إلى هناك؟ وكم تبلغ تكاليف تذكرة السفر؟ وخلال ذلك العام كان أنس ضمن ملايين المسلمين الذين أدوا فريضة الحج»..
وتطرق خبير الحركات الإسلامية أنس إلى ثورات الربيع العربي بقوله: «لم يكن لـ(القاعدة) أي دور في التغييرات التاريخية التي شهدها العالم العربي في السنة الأخيرة»، مضيفا «ستزداد البيئة السياسية صعوبة بالنسبة لـ(القاعدة) في المستقبل، وسيجاهد التنظيم في سبيل الاحتفاظ بمبررات وجوده في بيئة سياسية متجددة الطاقة وأكثر تنافسية مما كانت عليه وغير متقبلة لفكر التنظيم مقارنة بما كانت عليه منذ سنوات خلت». وأوضح أن «الخطاب الاحتجاجي المشترك الذي اجتاح المنطقة هو خطاب لم تلعب (القاعدة) دورا في صياغته، بل إنها ليست جزءا منه بالمرة، كما تبين جليا للمسلمين، وهذا يعتبر نجاحا للدعاية الأميركية، أن معظم الذين يقضون في العمليات التي ينفذها تنظيم القاعدة مسلمون، إضافة لذلك ستتكفل الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الجارية في المنطقة بتقويض رسالة (القاعدة) التي تؤمن فقط بحمل السلاح». وأضاف «بن لادن الذي كان لا يرى أن المقاومة المسلحة هي الطريق الوحيد للإصلاح السياسي والاجتماعي تراجع عن ذلك المنهج، وبات داعما لأساليب الثورات العربية، كما جاء في رسائله التي عثر عليها في البيت الذي كان يقيم فيه في أبوت آباد في ما بات يعرف اليوم برسائل بن لادن، وهي موجودة على الإنترنت لمن يريد الاطلاع عليها، ولكن شعوب مصر وتونس واليمن وليبيا أثبتوا وجود بديل آخر، ففي هذه الدول وغيرها تسعى مجاميع كانت مهمشة لفترات طويلة إلى بناء مجتمعات مدنية وهياكل سياسية بدل تفجيرها كما كان يدعو إليه بن لادن».
 
 
الصين تشنّ سيلًا من الهجمات السيبرانية لسرقة أسرار طائرة بريطانية
إيلاف..أشرف أبو جلالة       
استعانت وحدة سرّية تابعة للجيش الصيني بأسلحة سيبرانية متطوّرة للغاية من أجل الحصول على معلومات سرية وحساسة تتعلق بالمقاتلة البريطانية، جوينت سترايك فايتر، التي تعتبر أبرز الطائرات المقاتلة التي تمتلكها بريطانيا من حيث التطور.
قالت الشركة المصنعة لتلك الطائرات، لوكهيد مارتن، إنها تحبط عشرات الآلاف من الهجمات الحاسوبية كل أسبوع، بغية الحفاظ على الأسرار الخاصة بالطائرة، التي ينتظر أن تدخل الخدمة لدى سلاحي البحرية والجو البريطانيين بحلول عام 2018.
ذكرت في هذا السياق صحيفة الدايلي ميل البريطانية أن شركة لوكهيد مارتن الدفاعية الكبرى استعانت ببعض من أذكى الشباب البريطانيين المهووسين بالجانب التقني للمساعدة في إحباط الهجمات، للعمل من داخل منطقة آمنة في مقر الشركة الخاص بجهود مكافحة الهجمات السيبرانية في بلدة فارنبورو في مقاطعة هامبشاير الإنكليزية.
الاستعانة بتقنيين شباب
وقال مصدر: "لقد استعنا بفريق قوي للغاية من مهندسي الحواسيب صغار السن، الذين يتسمون بكونهم أساساً خبراء في مكافحة الهجمات السيبرانية. وهم مهووسون تماماً بهذا المجال، ويقضون جزءًا كبيراً من أوقاتهم في مناوشة الصينيين".
تابع هذا المصدر حديثه بالقول: "ترتكز طريقة عملهم على السماح للقراصنة الأجانب من خلال المستويات الأمنية المحدودة الأولى ثم يمكنهم أن يبدأوا العمل بعدها، من خلال عملية يطلق عليها (الهندسة العكسية )، حيث تنشأ الهجمات في الأساس".
ثم أشارت الصحيفة من جانبها إلى أن تلك الطائرة المتطورة تتسم بقدرتها على الطيران فوق أراضي العدو وضرب أهداف بأسلحة يتم توجيهها بدقة من دون أن يتم الكشف عنها، وهي الإمكانات والقدرات، التي يقال إنها أرهبت كبار قادة الجيش الصيني.
خارج الرادار
أضافت الصحيفة أن الطائرة مغطاة بدهان خاص، ومزودة بتصميم خفي يتيح لها التحليق خلسةً، وهو ما يعني أن أجهزة الرادار تعجز في الغالب عن اكتشافها أو تحديدها.
وعلمت الصحيفة أن الحكومة الصينية قامت بتطوير "سلاح سيبراني متطور"، يتيح لها إمكانية سرقة المعلومات عن طريق تحميل الملفات الحاسوبية سراً. ويعتقد مسؤولو جهازي إم آ 5 البريطاني وإف بي آي الأميركي أن مصدر تلك الهجمات السيبرانية التي يتم شنها ضد لوكهيد مارتن هو خلية سرية تابعة للجيش الصيني.
وأكدت الصحيفة أن تلك الوحدة يعمل فيها مئات من خبراء الحواسيب الذين يجيدون اللغة الإنكليزية ويقتصر دورهم على سرقة المعلومات من الولايات المتحدة وبريطانيا.
إمكانات فريدة
هذا وتتسم طائرة جوينت سترايك فايتر بقدرات، من بينها الوصول إلى سرعة قدرها 1300 ميل في الساعة، وقطع مسافة تصل إلى 1450 ميلاً، وهو ما يجعلها أسرع وأكفأ من أي مقاتلة صينية أخرى، فضلًا عن صعوبة رصدها من جانب أجهزة الرادار.
كما إن هيكلها مصنوع من مواد متطورة تعتبر تركيبتها من الأمور السرية، وهي مبطنة بدهان خاص، يعمل أيضاً على تقليل فرص رصدها من جانب أجهزة الرادار. وهي مزوّدة كذلك بإمكانات إلكترونية تمكنها من تحديد وتتبع قوات العدو وتشوّش على الترددات اللاسلكية وتعطل الهجمات - وهو ما يسمح لها بالوصول إلى أهداف محصنة تحصيناً جيداً، والعمل في الوقت نفسه على الإفلات من رادار العدو. وهي الإمكانات المتطورة، التي أوضحت الصحيفة أنها تفسر السبب وراء حرص مسؤولي شركة لوكهيد مارتن على تأمين تلك الأسرار بشتى السبل والطرق الممكنة. وقال متحدث باسم الشركة "نزيد باستمرار الجانب الأمني الخاص بأنظمتنا، كما نعمل على توفير الحماية لموظفينا وعملائنا وبرنامج البيانات الخاص بنا".

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,561,919

عدد الزوار: 6,996,064

المتواجدون الآن: 56