تقارير.....مطاردٌ من السعودية ضمن قائمة الـ 85 المتورّطين في الإرهاب ونعاه تنظيم "القاعدة"... فهل قُتل سعيد الشهري هذه المرة حقًّا؟....روسيا تزود جيشها بطائرات يونايتد 40 إماراتية من دون طيار.... بوتين يحاول تهدئة الأوضاع مع واشنطن بخصوص قضية سنودن...خبراء دوليون: إريتريا تموّل «زعماء حرب» في الصومال....الانفراجة مع العلويين الأتراك

تصاعد العنف والتصدعات السياسية في لبنان....لبنان... هل دخل في المحظور؟!....مصر: حوار تفاعلي حول الانقلاب والثورة

تاريخ الإضافة الجمعة 19 تموز 2013 - 5:00 ص    عدد الزيارات 1916    القسم دولية

        


 

مطاردٌ من السعودية ضمن قائمة الـ 85 المتورّطين في الإرهاب ونعاه تنظيم "القاعدة"... فهل قُتل سعيد الشهري هذه المرة حقًّا؟
إيلاف....نصر المجالي
هل قُتل فعلًا هذه المرة أم لم يُقتل؟. هذا هو السؤال الحائر بعد إعلان "تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية"، عن مقتل السعودي سعيد الشهري - علمًا أنها ليست هي المرة الأولى التي يعلن فيها عن مقتله - وذلك في غارة جوية لم يحدد تاريخ تنفيذها.
نصر المجالي: سعيد الشهري المعروف باسم "أبو سفيان الأسدي"، وهو الرجل الثاني في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، مدرج على قائمة المطلوبين الـ85 التي أعلنت عنها سلطات الأمن السعودية في العام 2009.
وفي تسجيل مرئي، نشرته مواقع إسلامية متشددة، الأربعاء، وكتأكيد على تصريحات يمنية تحدثت عن مقتله في يناير/ كانون الثاني الماضي، رثى أحد قياديي التنظيم، وهو إبراهيم الربيش الشهري، رثى سعيد الشهري في تسجيل مرئي مدته 11 دقيقة، قائلًا: "أتقدم إلى المجاهدين ومحبيهم في كل أرض الله بالتهنئة والتعزية في استشهاد سعيد الشهري المعروف بـ (أبي سفيان الأسدي)، والذي قتل في غارة أميركية من دون طيار".
الرابعة ثابتة
وتابع الربيش: "ترجّل الفارس، واستراح المقاتل، وألقى عنه العناء، وحطّ الرحال حيث كان يرجو". وأوضح أن الشهري "تعرّض للقصف مرارًا، وأصيب في ثلاث محاولات، في "كلتا يديه وقدميه، وفقد إحدى عينيه، وحتى جاءت الرابعة التي قضى فيها نحبه صابرًا محتسبًا".
وأشار إلى أن الشهري رحل إلى أفغانستان قبل أحداث 11 سبتمبر/أيلول عام 2001، حيث أصيب هناك، ثم تعرّض للسجن بضعة أعوام.
يشار إلى أن السلطات اليمنية كانت قد أكدت في أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي صحة الأنباء، التي أشارت إلى مقتل الشهري، قائلة إن العملية جاءت "في إطار الجهود التي تبذلها الحكومة اليمنية، وفي إطار الشراكة والتنسيق والتعاون الدولي لمكافحة الإرهاب".
نفي سابق لمقتله
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2012 نفى سعيد علي الشهري مقتله في "عملية نوعية"، قال الجيش اليمني إنها نفِّذت في حضرموت، جنوب شرق اليمن. وحينها اتهم الشهري، في رسالة صوتية بعنوان "أحداث وعبر"، مدتها 11 دقيقة، وبثها أحد المواقع الجهادية السلطات اليمنية بالكذب في نبأ مقتله لتغطية مقتل مدنيين بقصف لطائرة أميركية.
وأوضح الشهري في التسجيل المنسوب إليه، أن "ما ورد من خبر مقتلي إنما هو شائعة لتغطية قتل المسلمين الأبرياء العزّل في اليمن، الذين قتلوا بقصف الطائرات من دون طيار الأميركية".
واستطرد: "الحكومة اليمنية عندما رأت أن الشعب لم تنطلِ عليه هذه الكذبة، جاؤوا بكذبة أخرى لكي يضيّعوا القضية، وهي مقتل سعيد الشهري، وكأن قتل أميركا للمجاهدين هو نصر للإسلام والمسلمين"، مضيفًا: "هذا هو دأب الحكومات العميلة مع أسيادها".
إلى ذلك، فإن الشهري، عضو تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، كان مسؤولًا عن عدد من الأعمال الإرهابية، منها اختطاف وقتل أجانب في اليمن، وتم إطلاق سراحه من قبل السلطات السعودية بعد خضوعه لـ"برنامج تأهيلي" في 2007، وكان تم اعتقاله في باكستان في ديسمبر/كانون الأول 2001، وقضى خمس سنوات في سجن غوانتانامو، وسلم إلى السلطات السعودية في عام 2007، وأطلق سراحه في العام نفسه، بعد خضوعه لبرنامج وزارة الداخلية السعودية "للمناصحة".
وكان يُعتقد أنه قًتل خلال غارة أميركية في 10 سبتمبر/ أيلول 2012، ثم بعد ذلك أوردت قناة العربية خبرًا مفاده أنه قتل في 22 يناير/كانون الثاني 2013 خلال غارة أميركية من دون طيار، وكانت أول من أعلن الخبر، ولم يتسن التأكد من الخبر، حتى أكّده محمد الباشا، المتحدث باسم السفارة اليمنية في واشنطن، وهي ليست المرة الأولى التي يعلن فيها عن مقتل الشهري، ليُكتشف أنه لا يزال حيًا في وقت لاحق.
واشنطن: مقتل الشهري "انتكاسة" للقاعدة
تعقيبًا على الموضوع، قالت الادارة الاميركية الاربعاء ان مقتل نائب قائد تنظيم ""قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" السعودي سعيد الشهري، يشكل "انتكاسة" للقاعدة، غير انها اشارت الى انه لا يمكنها تاكيد الخبر...
 
أول طلبية دولية بعد عرضها في أيدكس 2013... روسيا تزود جيشها بطائرات يونايتد 40 إماراتية من دون طيار
إيلاف
تسعى روسيا لشراء عدد من طائرات إماراتية من دون طيار من نوع يبهون- يونايتد 40 لوك 5، لتكون أول دولة تطلب التزود بهذا النوع من الطائرات.
نقلت وكالة نوفوستي الروسية عن مصدر مسؤول في مؤسسة التصنيع العسكري الروسية قوله إن وزارة الدفاع في روسيا تنوي شراء عدد من طائرات بدون طيار في الإمارات، ضمن سعيها لتزويد الجيش الروسي بهذا النوع من الطائرات، الذي ذاع صيتها أخيرًا بعدما استخدمتها الولايات المتحدة لقتل ناشطين من القاعدة في باكستان واليمن.
وقال المصدر الروسي إن وزارة الدفاع الروسية تريد شراء طائرات من طراز "يبهون- يونايتد 40 لوك 5" من شركة أدكوم سيستمز، وهي مجموعة من الشركات الإماراتية الكبرى، ذات الاهتمامات المتنوعة، والتي تشمل تصنيع طائرات من دون طيار وأنظمة رادار لمراقبة الحركة الجوية وانظمة الاتصالات المتطورة، والتي تتألف من أكثر من 20 شركة رائدة في المنطقة.
روسيا الأولى
ونقلت تقارير صحفية عن الخبير الروسي دينيس فيدوتينوف قوله، تعقيبًا على الخبر: "ستكون روسيا أول من يطلب طائرات يبهون- يونايتد 40 لوك 5، في حال تحققت هذه الصفقة بين وزارة الدفاع الروسية والامارات".
أضاف: "ما من أحد تسلم طائرة يبهون- يونايتد 40 لوك 5 حتى الآن، التي ظهرت للعلن أول مرة خلال معرض آيدكس 2013، الذي أقيم في أبوظبي في شهر شباط (فبراير) الماضي".
وفي حزيران (يونيو) الماضي، وبينما كان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو يزور جناح شركة إيه أي إيه الإسرائيلية المصنعة للطائرات من دون طيار في معرض لوبورجيه للطيران في ضاحية باريس، أكد أن الجيش الروسي سيحصل على طائرات من هذا النوع من إنتاج روسيا، قبل أن تحصل الشركة الإسرائيلية على رخصة لتصدير منتجاتها إلى روسيا، وذلك بعدما عبر مندوب الشركة الإسرائيلية عن أسفه لأنه لا يُسمح لشركته أن تصدر منتجاتها إلى روسيا.
غير أن المركز الروسي لأبحاث تجارة الأسلحة أفاد بأن روسيا استوردت 12 طائرة من دون طيار من إسرائيل، بالرغم من أن يوري بوريسوف، نائب وزير الدفاع الروسي، أكد رفض وزارة الدفاع الروسية استيراد العتاد العسكري الأجنبي، وتفضيلها استيراد التكنولوجيا، من أجل تصنيع هذا العتاد في روسيا. وقال: "ترى وزارة الدفاع الروسية ضروريًا أن تصنع روسيا بنفسها ما يطلبه جيشها، وخصوصًا الطائرات من دون طيار".
تقدم إماراتي
وفي العاشر من مايو (أيار) الماضي، نجحت أول الاختبارات لطائرة من دون طيار إماراتية التصميم والصنع، بعدما حلقت بنجاح في الأجواء الاماراتية. وقد أكد علي الظاهري، المصمم العام للطائرة ورئيس مجلس ادارة شركة أدكوم سيستمز حينها نجاح اختبار الطيران التجريبي الأول لطائرة "يبهون- يونايتد 40 لوك 5" في الأجواء الاماراتية، بعد الحصول على الموافقات الجوية.
وتستطيع هذه الطائرة التحليق لأكثر من 100 ساعة، وحمل نحو 10 صواريخ جو- أرض، يصل مداها إلى 60 كيلومترًا، من طراز "نمرود 1" التي تنتجها أدكوم أيضًا. كما هناك 16 نوعًا من هذه الطائرة أنتجتها الشركة على مدار السنوات الماضية. وعرضت ادكوم طائرة "يبهون - يونايتد 40 بلوك 5" التي يقترن اسمها بالذكرى الأربعين لقيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، في معرض الدفاع - ايدكس 2013.
وبسبب الامكانات العالية التي أظهرتها الشركة منذ إنشائها في العام 1988، تسعى الولايات المتحدة الأميركية وروسيا إلى الحصول على التقنيات لإنتاح طائرة "يبهون"، بسبب ما تتمتع به من مهارات تقنية تضاهي نظيرتها العالمية. وتعد أدكوم بانتاج صائدة الطائرات "يبهون يو ايه في هنتر"، التي تتميز بطيرانها بسرعة 900 كيلومتر في الساعة، وتحليقها على ارتفاع 35 ألف قدم، ووصولها أبعد من 800 كيلومتر، وقابلية الكشف عن الأهداف في الفضاء وتدميرها.
 
لبنان... هل دخل في المحظور؟!
الرأي.. بيروت - من ريتا فرج
ينشغل اللبنانيون منذ تدهور الأوضاع السورية بسؤال واحد: هل نحن مقبلون على حرب جديدة؟
لم يكن دفع لبنان باتجاه «الصاعق» السوري السبب الرئيسي وراء الهواجس المتنامية من الفتنة المتنقلة بين طرابلس وصيدا والبقاع. ورغم أن كثيرين يرون في دخول «حزب الله» على خط الصراع العسكري في سورية العامل الأول الذي يستحضر الحرب المرتقبة، إلاّ أن حال الفراغ السياسي والمؤسساتي الذي تمرّ به الدولة اللبنانية يبرز كعامل رديف يزيد هو أيضاً من قلق الانفجار الكبير.
بين أزمة سورية وأزمات اللبنانيين الدورية دخلت «بلاد الأرز» في مرحلة اللا سلم واللا حرب، فتصاعدت الأصوات المطالبة بحياد لبنان، بعدما فشلت الحكومة في تطبيق «اعلان بعبدا» وفي ترجمة سياسة النأي بالنفس.
بيروت الآن تنتظر دمشق، والى أن تتضح المآلات الأولية للصراع في سورية وعليها، والتي ستكون في جميع الاحتمالات كارثية، كما خلص بعض المراقبين، يتفاقم قلق اللبنانيين من إعادة تكرار حرب 1975 نتيجة التشنج المذهبي الذي سببه الانقسام السياسي الحاد حول سورية.
تنذر الفتن الصغيرة الوافدة من أزمة سورية وأزمة لبنان بانفجار كبير يتوقعه فريق من اللبنانيين في حين يرى فريق آخر أن الظروف والعوامل الداخلية والخارجية التي أدت الى الحرب الأهلية غير متوافرة الآن.
البيان الصادر عن المؤسسة الوطنية العسكرية إثر الحوادث الأمنية التي جرت في عبرا (شرق صيدا) بعدما تعرّضت مجموعة مسلحة تابعة للشيخ أحمد الأسير الى حاجز للجيش أدى الى قرع جرس الانذار. للمرة الأولى منذ العام 1990 يقول الجيش في بيانه ما نصه: «... ما حصل في صيدا (23 يونيو 2013) فاق كل التوقعات. لقد استُهدف الجيش بدم بارد وبنية مقصودة لإشعال فتيل التفجير في صيدا كما جرى عام 1975، بغية إدخال لبنان مجدداً في دوامة العنف».
وإذ كانت التداعيات الأمنية للأزمة السورية أحد أهمّ الأسباب التي قد تُدخل لبنان في دورة جديدة من العنف على شاكلة حرب 1975 مع فارق أساسي أن الصراع هذه المرة، سنّي - شيعي، فإن التعطيل الذي تتعرض له المؤسسات الرسمية بفعل الانقسام العمودي بين قوى 8 و 14 آذار يعزز مخاوف اللبنانيين من الفتنة الشاملة.
«بين تداعيات الأزمة السورية والدولة المشلولة هل دخل لبنان في المحظور؟» عنوان ملف حملته «الراي» الى أستاذ دراسات الشرق الأوسط في الجامعة الأميركية في باريس زياد ماجد وسفير لبنان السابق في واشنطن عبدالله بوحبيب.
سفير لبنان السابق في واشنطن عبدالله بو حبيب:
التأجيج المذهبي له أسباب كثيرة وفي مقدمها الأزمة السورية والخلاف السني - الشيعي في العراق والخليج
أكد سفير لبنان السابق في واشنطن عبدالله بو حبيب أن «الطبقة السياسي لا تريد الحرب»، لافتاً الى أن «الأزمة السورية والانقسام العمودي ساهما في توتير الخطاب المذهبي».
وأشار بو حبيب الى النتائج السلبية و«الخطيرة» بشأن «الفراغ الموجود في الدولة»، مشدداً على «وجود إرادة بعدم زج لبنان في الاتون السوري وعدم الذهاب أبعد من ذلك».
• هل بات لبنان على مشارف الحرب المذهبية بسبب تداعيات الأزمة السورية؟
- الحرب السورية أثّرت في لبنان وأدت الى ارتفاع الحساسية المذهبية بين السنّة والشيعة، ولا يمكن فصل هذه الحساسية عن الصراع الاقليمي الممتدّ من الخليج مروراً بالعراق وصولاً الى سورية. لكن الأخطر من تداعيات التشنّج المذهبي في لبنان ما تتعرض له الدولة من عملية تعطيل على مستوى مجلس النواب والحكومة والقضاء والمجلس الدستوري، حتى رئاسة الجمهورية بعد 25 مايو المقبل ستُعطل أيضاً. الغريب أمام هذا الواقع المرير، أن الأحداث الأمنية ظلت حتى الآن مسيطَرا عليها رغم الفوضى التي صنعها السياسيون في لبنان.
لا تريد الطبقة السياسية الحرب في لبنان، علماً أن ثمة محاولات لاستخدام لبلاد في الأزمة السورية. يمكن القول بوجود ارادة بعدم زج لبنان في الاتون السوري وعدم الذهاب أبعد من ذلك.
• مَن يتحمل مسؤولية التأجيج المذهبي في لبنان؟
- التأجيج المذهبي له أسباب كثيرة وفي مقدمها تداعيات الأزمة السورية والخلاف السني - الشيعي في العراق والخليج. اليوم هناك خلاف مذهبي سني - شيعي بقيادة السعودية من جهة وايران من جهة ثانية. هذا التشنّج المذهبي الذي ارتفعت وتيرته في الأعوام الأخيرة لا سيما بعد سقوط النظام العراقي جعل من اسرائيل الدولة الوحيدة التي تشعر بالارتياح في المنطقة.
• هل تخشى أن تتحول بعض المناطق اللبنانية التي لها غالبية دينية سنية أو شيعية الى جزر مغلقة على بعضها البعض؟
- حتى اللحظة لا يمكن القول إن ثمة مناطق لبنانية مغلقة، وربما يتحقق هذا السيناريو إذا تدهور الوضع الأمني بشكل خطير. إذا انعزلت بعض المناطق تصبح مباحة لأنها ستكون خارج سلطة الدولة. ليس من مصلحة عرسال أو عكار أو طرابلس أو صيدا أن تنعزل وتخرج عن رقابة الدولة.
• ألا تتحمل الطبقة السياسية مسؤولية التحريض بسبب خطابها المذهبي؟
- لا شك في أن الطبقة السياسية من قوى 8 و 14 آذار لديها مسؤولية تجاه حال الانقسام العمودي في البلاد الذي ينعكس بدوره على الصراع السني - الشيعي، أما المسيحيون الذين لا ناقة لهم ولا جمل، فمن المفترض أن يلعبوا دور الوسيط للحدّ من وطأة المشاكل المذهبية لكنهم لا يقومون بهذا الدور إذ تحوّلوا الى طرف في هذا الصراع.
• أين دور المجتمع المدني وسط فراغ على مستوى الدولة والهواجس من توسع رقعة الفتن؟
- المجتمع المدني ما زال ضعيفاً في لبنان، وقد لمسنا حضوراً له خلال المطالبة بوضع قانون انتخابات جديد وإبان الاعتراض على التمديد لمجلس النواب، لكن تأثيره في الحركة السياسية لم يصل الى مستوى المطلوب.
إن الانقسام العمودي الذي أحدثته الطبقة السياسية أفقد المجتمع المدني فاعليته من دون أن ننفي أن ثمة قلّة قليلة تُعتبر بمثابة الخميرة التي يجب أن تستمر في قول لا للفتنة ولا للحرب ولا للتقاتل المذهبي. الآن الخوف الأبرز يأتي من الفراغ الموجود في الدولة، ويبدو أن الأفق مغلق أمام الحل السياسي ما يعني الإبقاء على الحالة الراهنة. بعض الفئات السياسية في لبنان تعمل ضد مصلحة البلاد بسبب ارتباطها بأجندة خارجية وهذه الفئات لم تتعلم من تجربة الحرب الأهلية السابقة.
• يعتبر قسم من اللبنانيين أن «حزب الله» بسبب تدخله العسكري في سورية هو الذي يجر لبنان الى حرب مذهبية وأن مظاهر المجموعات المسلحة هي رد فعل على موقف الحزب. ما رأيكم في ذلك؟
- شخصياً أدين تدخل «حزب الله» في الأزمة السورية، ولكن التدخل بدأ قبل دخول الحزب. في حمص وحماه والقصير ودرعا وريف دمشق، الأسلحة والرجال والمال يأتي كله من خارج لبنان.
لقد دخل الى سورية مقاتلون أجانب وعرب قبل دخول «حزب الله» على خط الصراع العسكري. لا أحد يشير الى هؤلاء، ولا أريد أن يُفهم من كلامي أنني أدافع عن الحزب بل على العكس أنا أرفض هذا التدخل، لكن علينا أن نرى الصورة بشكلها الكامل ومن دون إنتقائية في المواقف.
• الى أين يذهب لبنان الواقع بين تداعيات الأزمة السورية والفراغ على مستوى الدولة؟
- لا حلّ إلاّ بالحوار والتفاهم ولكن الانقسام العمودي يمنع ذلك. المهم في هذه المرحلة الخطيرة أن يجري الاتفاق على تهدئة الوضع الأمني رغم أن هناك سلاماً نسبياً. نحن في حقبة بين اللاستقرار والسلام النسبي، أما الى اين يذهب لبنان فهذا السؤال برسم الطبقة السياسية والتطورات السورية من دون أن يعني ذلك أن البلاد ستتجه الى حرب على شاكلة حرب 1975. آنذاك الظروف كانت مختلفة والقوى السياسية من الفئتين جهزت نفسها لخوض الحرب، أما اليوم فالأكثرية الساحقة من المسلمين والمسيحيين ترفض الحرب ولا تريدها. قد يراهن البعض على قوة ثالثة عند السنّة والشيعة لكن هؤلاء كلمتهم غير مسموعة في طائفتهم، أما القيادات الدرزية والمسيحية فهي منغمسة في الانقسام السني - الشيعي وبعضها يشجّع طرفاً ضدّ آخر.
أستاذ دراسات الشرق الأوسط زياد ماجد:
قرار إشعال حرب في لبنان ليس ملكاً للاعبين المحلّيين والعواصم المقرِّرة إقليمياً ودولياً لم تتخذه حتى الآن
رأى أستاذ دراسات الشرق الأوسط في الجامعة الأميركية في باريس زياد ماجد أن «إشعال الحرب» في لبنان لا تملكه القوى السياسية الداخلية، معتبراً أن قتال «حزب الله» في سورية يتخطّى في مخاطره مسألة التوتّر المذهبي ليصيب فكرة الدولة اللبنانية ذاتها»، ومشيراً الى أن ثمة تعطيلاً مقصوداً للمؤسسات الدستورية.
وإذ شدد ماجد على مخاطر الخطاب المذهبي، لفت الى أن القوى المسيحية غير قادرة على لعب أدوار فاعلة.
• أدى دخول حزب الله على خط الصراع العسكري في سورية الى تزايد مخاوف اللبنانيين من تداعيات هذا التدخل. هل بات لبنان بسبب الفتن المتنقلة على مشارف حرب جديدة نتيجة الصاعق السوري ودعم حزب الله للنظام في سورية؟
- لا أظنّ أن قرار إشعال حرب في لبنان هو ملك للاعبين المحلّيين، بمن فيهم حزب الله. ولا أظنّ كذلك أن قرار الإشعال هذا متّخَذ في العواصم المقرِّرة إقليمياً ودولياً، على الأقلّ حتى الآن. لكن هذا لا يعني أن التوتّرات النقّالة لن تتزايد أو أن بعض الاشتباكات المتفرّقة في المناطق حيث الاحتكاك المذهبي المباشر وارتباطاته بالموقف مما يجري في سورية لن تقع بوتيرة قد تصبح متصاعدة. فانخراط حزب الله العسكري بآلاف المقاتلين في الحرب الى جانب النظام السوري جاء بقرار إيراني استراتيجي، ويبدو أنه لن يتوقّف قريباً. وهذا بالطبع يطعن الدولة اللبنانية في سيادتها وفي سياستها الخارجية، ويستفزّ قسماً كبيراً من اللبنانيين قد لا يكتفي بعضهم بالتعبير عن غضبه أو استيائه بأساليب مدنية بحتة، ولا سيما في ظل تسيّد خطاب ولغة مليئيْن بالمصطلحات التخوينية وبالتحريض المذهبي، وفي ظل تعطيل مقصود للمؤسسات الدستورية (الحكومة والبرلمان تحديداً) التي من المفترض فيها احتواء التأزّم وتغطية القوى الأمنية والعسكرية الرسمية في مهماتها.
• ما ارتدادات الأزمة السورية على الوضع اللبناني وسط الحديث عن تفاقم الصراع السني - الشيعي في لبنان؟
- هناك بالطبع الكثير من الارتدادات. فإضافة الى تصاعد التوتّر السياسي والمذهبي السني - الشيعي، وإضافة الى احتمالات تنقّل الاشتباكات الموضعية نتيجة التوتّر هذا، يمكننا الحديث عن ارتدادات اقتصادية واجتماعية تصيب سلباً قطاعات واسعة من اللبنانيين ويستفيد منها ويستغلّها قطاع لبناني آخر (ولا فوارق مذهبية في هذا المجال). كما يمكن الحديث عن تصاعد لممارسات عنصرية قبيحة سيكون لها على الأرجح آثار على العلاقة المستقبلية الشائكة أصلاً بين لبنان وسورية.
• ما مخاطر تداعيات انتقال «حزب الله» الى سورية للقتال الى جانب النظام على لبنان الدولة والصيغة؟
- يستكمل هذا السؤال سابقه. ويفيد أن نشير هنا الى أن قتال «حزب الله» في سورية يتجاوز في مخاطره مسألة التوتّر المذهبي ليصيب فكرة الدولة اللبنانية ذاتها. فإذا صحّ القول إنها ليست المرة الأولى التي تنكشف فيها هشاشة الإجماعات الوطنية في لبنان تجاه قضايا خارجية أو تجاه دور البلد في محيطه (ولنا في أزمات العام 1958 والعام 1969 ثم طوال الحرب الأهلية ومن بعدها عامي 2004 و2005 أمثلة ونماذج)، إلا أن الجديد هذه المرّة أن طرفاً لبنانياً وثيق الصلة بطرف إقليمي ينخرط رسمياً في حرب خارج الأراضي اللبنانية دفاعاً عن نظام وعن حلف استراتيجي.
في السابق كانت الانخراطات اللبنانية تتمّ داخل أراضي الكيان اللبناني كما أنها كانت تتمّ وفق حسابات مرتبطة في جانب منها بمعادلة السلطة اللبنانية وتقاسُم النفوذ فيها. أما اليوم فالأمر يتم من خارج المعادلة هذه وخارج لبنان بأكمله وتتحوّل المذهبية أو الطائفية الى عنصر تجييش تضيع معه الحدود «الوطنية» فتصبح حلبات الصراع عابرة للدول. وهذا أمر يستحق الدراسة المتأنّية، وهو يبدو فوق طاقة لبنان على الاحتمال إن لصغره أو للمشاكل المتراكمة فيه.
لكل ذلك، لن يكون الوضع اللبناني في المقبل من الأيام - بمعزل عن نتائج ما يجري في سورية - هو نفسه وضع اليوم، ليس لجهة القسمة الطائفية أو لجهة الحصص المذهبية أو محاولات الغلبة السياسية فقط، وهذا مفهوم، لكن أيضاً لجهة التعريف بالكيانية وعلاقتها بالحدود، وبروابط الهويّة وأولويّاتها.
• يرى البعض أن «حزب الله» وضع شيعة لبنان أمام الأكثرية السنية في المنطقة التي تساند مطالب الشعب السوري. هل تخشى من تفجّر النزاع المذهبي في لبنان؟ وما المطلوب من القيادات المسيحية؟
- يتصرّف «حزب الله» بغرور القوة كما لم يسبقه إليه أحد في التاريخ اللبناني. ويجمع في خطابه ذرائع ما يعدّه «مظلومية تاريخية» لتبرير سلوكه الراهن. كما أنه يستعين كل فترة برصيده في قتال إسرائيل ليوظّفه تبريراً لكل موقف يتّخذه، بما في ذلك قتاله الى جانب نظام استبدادي ذبح الى الآن قرابة مئة ألف سوري. وبالطبع، يرتبط «حزب الله» عضوياً بالدولة الإيرانية، إن في جوانب إيديولوجية أو مالية أو تسليحية أو في جوانب استراتيجية - سياسية.
في المقابل، تبدو الخريطة السياسية السنية اللبنانية مقبلة على تحدّيات كبيرة. فتيّار «المستقبل» يجد نفسه نتيجة قاعدته الشعبية وارتباطاته الوثيقة بالسعودية وضعف مركزيّته على تماس صدامي آخذ في التصاعد مع «حزب الله» ومن خلفه إيران، وتتحوّل مناطق نفوذه الحدودية الى مواقع خلفية للمعارضة السورية بشقّيها المدني والعسكري. كما أن التيارات الإسلامية، لا سيّما السلفية، تزداد تحرّكاً وحضوراً ميدانياً وبعض عناصرها يقاتلون في أكثر من موضع الى جانب الثورة السورية (ولو أن أعدادهم وقدراتهم لا تُقارَن بأعداد وقدرات مقاتلي «حزب الله»، إضافة الى كونهم يمثّلون أقلّية ضمن طائفتهم لا حضور لها في مؤسسات الدولة على عكس «حزب الله» ممثّل الأكثرية الشيعية داخل هذه المؤسسات). وهذا يجعل التوتّر السني - الشيعي سياسياً واجتماعياً (وهنا الخطورة الأكبر).
ولا يبدو أن القوى السياسية المسيحية لها قدرة على لعب أدوار فاعلة في المشهد هذا. فبالإضافة الى تراجع دورها التاريخي نتيجة المتغيّرات السياسية الداخلية والخارجية، يبدو معظمها مهجوساً بشؤون ثانوية وبقضايا تجعله أكثر تراجعاً ومحدودية تأثير. ولعلّ قضية من نوع «قانون الانتخاب الأرثوذكسي» تُظهر مدى الوهن السياسي الذي بلغته هذه القوى، بحيث صارت حساباتها في لحظة تتبدّل فيها المنطقة بأكملها من حولها مقتصرة على شؤون انتخابية ضيّقة تشبه الانتخابات البلدية أو منافسات المخترة، ولا محلّ فيها للخيارات الوطنية الكبرى أو للأدوار التأسيسية للمراحل الخطرة. وهذا بالطبع محزن.
 
خبراء دوليون: إريتريا تموّل «زعماء حرب» في الصومال
نيويورك (الأمم المتحدة) - رويترز
أعلن خبراء في مجال العقوبات الدولية، أمس، أن إريتريا تساهم في تقويض استقرار الصومال عبر دفع الأموال لجهات سياسية صومالية وزعيم حرب مرتبط بميليشيا «حركة الشباب» الإسلامية، وذلك للتأثير على حكومة مقديشو.
ولطالما نفت الحكومة الاريترية لعب أي دور سلبي في الصومال، مؤكدة أن لا علاقة لها بميليشيا «الشباب» التي تقاتل لإطاحة الحكومة الصومالية.
وأشارت إريتريا إلى أن العقوبات الدولية المفروضة عليها منذ عام 2009 لاتهامها بدعم «الشباب» بُنيت على أكاذيب، داعية إلى رفعها، في حين ألقى التقرير السنوي الأخير الذي رفعته مجموعة المراقبة الدولية في الصومال وإريتريا إلى اللجنة الخاصة بالعقوبات على البلدين في مجلس الأمن، شكوكاً إضافية بشأن نفي أسمرا لتلك الاتهامات، الأمر الذي يُضعف الحجج التي قدمتها لرفع العقوبات.
وأشارت مجموعة المراقبة في تقرير نشرته أمس إلى تلقيها عدداً من التقارير حول العلاقة «الدافئة» بين أسمرا ومقديشو، مضيفة أنها تمتلك أدلة على «سيطرة أسمرا على سياسيين صوماليين مقربين من الرئاسة، إضافة إلى أفراد فاسدين آخرين».
وأفادت المجموعة في تقريرها بأن أحد عملاء إريتريا ذوي النفوذ الكبير في الصومال هو «زعيم الحرب عبدالنور سياد عبدي وال، الذي تجمعه علاقة وثيقة بقائد كبير في ميليشيا الشباب». وأضافت أن «عبدي وال بات حليفاً مقرباً من القائد السابق لجماعة «أ ر س - أسمرا» (شبكة صومالية في إريتريا) زكريا محمد حاجي عبدي، ويؤمن له الحماية في مقديشو».
وكشف التقرير أن عبدي وال «يقود حوالى 100 مقاتل في مقديشو وهو متورط في تعاقدات لتنفيذ جرائم قتل».
 
مصر: حوار تفاعلي حول الانقلاب والثورة
النهار..السيد يسين – القاهرة.... باحث مصري
يمكن القول إن السؤال الرئيسي اليوم لا يزال: هل ما قامت به حركة "تمرد"، من حيث نجاحها في حشد الملايين للخروج إلى الميادين لإسقاط حكم الإخوان المسلمين وانحياز القوات المسلحة لهذه الانتفاضة الشعبية، كان ثورة أم انقلاباً؟
من الطبيعي أن تنقسم آراء القراء بين من يقطعون بأن ما حدث في 30 يونيو هو انقلاب صريح على الشرعية، والذين ينفون ذلك ويقولون بل لقد كانت موجة ثورية جديدة - إن أردنا أن نتوخى الحذر في استخدام المصطلحات ولا نطلق عليها ثورة جديدة - قامت باسم الجماهير الحاشدة التي هي المعبرة عن الإرادة الشعبية التي أسقطت الدكتور محمد مرسي باعتباره رئيساً لأنه خرج عن الشرعية.
وهذا الخلاف لا يمكن حسمه نهائياً إلا بمراجعة بعض المفاهيم الذائعة وأهمها جميعاً مفهوم الشرعية، الذي يتشبث به – وإن كان من الناحية الشكلية الدستورية البحتة- قادة الإخوان المسلمين.
الشرعية السياسية كما تقدمها أدبيات علم السياسة هي رضاء المحكومين عن نظام الحكم السائد، أو عن الحاكم ملكاً كان أو رئيساً للجمهورية. فإذا انحسر هذا الرضاء – نتيجة للأخطاء الجسيمة لنظام الحكم أو للحاكم أياً كان – فلابد أن تسقط شرعيته. وهذا السقوط قد يكون نتيجة هبة شعبية ثورية كما حدث في 30 يونيو، أو بانقلاب صريح.
ولو تأملنا الموقف بهدوء لأدركنا أن التمسك الشكلي بالشرعية الذي أصرت عليه جماعة الإخوان المسلمين كان هو سبب الفشل التاريخي الذي منيت به.
وذلك لأن الجماعة ظنت وهماً أنها ما دامت قد حصلت على الأكثرية في مجلسي الشعب والشورى مع حزب النور السلفي، فإن من حقها أن تشرّع كما تشاء حتى لو كانت هذه التشريعات ضارة بفئات سياسية بعينها، وفي بعض الأحيان ضارة بمصلحة الوطن.
وغاب عن قادة الجماعة أنه لا ديموقراطية بغير توافق سياسي كما صرح الشيخ راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الإسلامي في تونس، وذلك في ندوته التي عقدت بـ"الأهرام" منذ أسابيع قليلة.
بمعنى أن أي حزب سياسي – حتى لو حصل على الغالبية في الانتخابات - ليس من حقه أن ينفرد باتخاذ القرارات الكبرى بغير مشاورات جادة مع أحزاب المعارضة.
وأخطر من ذلك كله طريقة ممارسة رئيس الجمهورية سلطاته بعد نجاحه في الانتخابات الرئاسية. هناك عرف دستوري مستقر في أعرق البلاد الديموقراطية وهو أن المرشح الذي نجح في الانتخابات وأصبح رئيساً بحصوله على 50+1 في المئة كما تقضي المعايير الديموقراطية الشكلية، ليس من حقه أن يمارس السلطة وكأنه ديكتاتور مطلق السراح استنادا إلى الشرعية السياسية التي أوصلته إلى المنصب.
ولكن هذا ما حدث للأسف في ممارسة الدكتور محمد مرسي للرئاسة، فقد أصدر عديداً من التشريعات المعيبة التي ألغتها المحاكم، وأخطر من ذلك أنه أصدر الإعلان الدستوري الذي منح فيه نفسه سلطات مطلقة. وليس هكذا تمارس الشرعية في أي بلد ديموقراطي معاصر.
وبغض النظر عن تشخيص ما حدث وما أدى إليه من موجة ثورية خرجت لإسقاط حكم جماعة الإخوان المسلمين، فإن الموقف اليوم بعد ما حدث يشير إلى مشهد انقسامي لم يحدث قط في التاريخ السياسي المصري.
وذلك لأن تأمل ظاهرة توزع الجماهير المؤيدة للموجة الثورية والجماهير الرافضة لها في الميادين المختلفة بكل ما يدور فيها من شحن جماهيري وهتافات زاعقة ومطالب يستحيل تحقيقها، يجعلنا نقرر بكل وضوح أن الوطن العزيز الذي يظللنا جميعاً في خطر شديد، وأن الدولة ذاتها مهددة بالانهيار، إن لم يتم ردم الفجوة بين الجماهير الثائرة والرافضة لحكم الإخوان المستبد وأعضاء الجماعة الذين خرجوا يمارسون العنف باسم الدفاع عن الشرعية، مع أنها بحكم الممارسة شرعية منقوصة تآكلت مع استمرار الأخطاء القاتلة التي ارتكبتها القيادات الإخوانية سواء منها التي مارست الحكم مباشرة أو مارسته من وراء ستار.
وقد بلغ الشطط بقادة جماعة الإخوان مداه برفضهم المطلق للإرادة الشعبية التي عبرت عن نفسها في 30 يونيو وبدلاً من ممارسة النقد الذاتي بكل شجاعة لتلافي الأخطاء الجسيمة في الممارسة، والتي أثرت بالفعل على صورة الجماعة في أذهان الشعب، إندفع قادتها للتحريض على القوات المسلحة التي بدعمها لموجة 30 يونيو حمت البلاد من انشقاق خطير كان جديراً بتفكيك المجتمع.
وحين تأملت تعليقات قرائي الكرام وجدت بعضهم – بغض النظر عن الموافقين والمعترضين – تجاوز تشخيص ما حدث، وانطلق إلى آفاق صوغ حلول مقترحة للخروج من المأزق التاريخي الذي تمر فيه بلادنا الآن.
وقد لفت نظري بشدة تعليق الدكتور أحمد الجيوشي النقدي في قوله أننا نفتقر إلى المعايير والمرجعيات، ونبدل مواقفنا حسب موقفنا من السلطة والمعارضة.
وأحسب أن هذه الملاحظة ينبغي أن نتوقف أمامها طويلاً، لأن المرجعيات الديموقراطية التقليدية وفي مقدمها مفهوم الشرعية الدستورية تحتاج إلى مراجعة جذرية، وإلا أصبح من حق أي حزب سياسي حصل على الأكثرية في الانتخابات أن يمارس ما يعرف بديكتاتورية الغالبية، أو ان أي رئيس يحصل على نسبة 50 + 1 في المئة من حقه أن يمارس الحكم المطلق بلا ضوابط دستورية أو قانونية.
وحتى نخرج من النفق المظلم تصدى الأستاذ "ماهر زريق" لتقديم حل متكامل للأزمة يتكون من أربع خطوات متكاملة. أولها صوغ رؤية واضحة ومقنعة تتناول أبعاد النهضة (اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً)، وهي التي دعونا لها منذ زمن بعيد حين تحدثنا عن ضرورة وضع رؤية استراتيجية Strategic Vision تصوغ السياسات للعشرين عاماً المقبلة. ويشير الأستاذ زريق إلى نقطة مهمة هي أن هذه الرؤية ينبغي أن تكون مقنعة للمواطنين، بحيث يجد كل مواطن دوره فيها وتتحدد في الوقت نفسه الفوائد المشروعة التي سيجنيها حين تتحقق.
والخطوة الثانية هي الاعتماد على طائفة متنوعة من الخبرات التي ينبغي البحث عنها وفق خطة متكاملة سواء بين خبراء الداخل أو المقيمين في الخارج، والخطوة الثالثة اكتساب الخبرة اللازمة في مجال "إدارة الأزمات" التي يتوقع أن تتكاثر ونحن ننتقل من التخلف إلى التقدم، وأخيراً أهمية التواصل الفعلي مع كل الفصائل السياسية وكل الفئات الاجتماعية بطريقة إيجابية حتى تكون العلاقة متبادلة بين المرسِل والمستقبِل.
كل هذه اجتهادات مقدرة من قبل القراء الذين لم يكتفوا بممارسة النقد الذاتي ولكن تجاوزوه لاقتراح الحلول.
 
تصاعد العنف والتصدعات السياسية في لبنان
ديفيد شينكر
ديفيد شينكر هو زميل أوفزين ومدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن.
في 9 تموز/يوليو، انفجرت سيارة مفخخة في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت الخاضعة لسيطرة «حزب الله»، الأمر الذي أسفر عن مقتل شخص واحد وجرح عشرات آخرين، معظمهم من الشيعة. وبعد يوم واحد، أعلن رئيس البرلمان أن "التيار الوطني الحر" الذي يتزعمه العماد المتقاعد ميشال عون سوف يخرج من «قوى 8 آذار» في البرلمان التي يتزعمها «حزب الله». ومنذ عام 2006، سهَّل تحالف "التيار الوطني الحر" مع «حزب الله» الهيمنة السياسية للميليشيا الشيعية على لبنان. وإذا استمر هذا التصدع الجديد، فسوف يمثل تحولاً كبيراً في الحركة السياسية في البلاد -- والمزيد من العزلة لـ «حزب الله» -- في لحظة أصبح فيها السنة في لبنان يأخذون الطابع المتشدد والمسلح بشكل متزايد.
القتال في صيدا
أصبحت الحرب الدائرة في سوريا لمدة تزيد على العامين مهدِدة لاستقرار لبنان. حيث إن وجود ما يقرب من نصف مليون لاجئ معظمهم من السُنة أتوا من الجوار قد حرّف إحصائياً التركيبة السكانية الطائفية الحساسة في لبنان، كما أن وفاة الآلاف من أهل السنة على أيدي نظام الأسد العلوي -- الشيعي إسمياً -- قد أثار التوترات إلى نقطة الغليان. ومما يزيد من القلق هو أن فصائل لبنانية لها مقاتلين متنافسين في سوريا باتت تتصارع في بلادها أيضاً. ففي طرابلس، على سبيل المثال، ظل السلفيون السنة يقاتلون مؤيدي نظام الأسد من العلويين لمدة عام تقريباً؛ كما يقوم السنة والشيعة بقتل الواحد للآخر في منطقة الحدود الشمالية قرب الهرمل.
ومع ذلك، فقد وقعت آخر الصدامات الطائفية الأكثر حدة في مدينة صيدا في جنوب لبنان، وبلغت ذروتها في معركة جرت في 24 حزيران/يونيو بين ميليشيا «حزب الله» و200-300 من أنصار الشيخ السلفي الغامض أحمد الأسير، الذين كانوا مسلحين بأسلحة ثقيلة. وقد اشتركت وحدات "القوات المسلحة اللبنانية" في مناوشات استمرت طوال اليوم بما فيها إحدى الهجمات على مجمع الأسير القريب من عبرا. ووفقاً لمصادر لبنانية، أطلق جنود "القوات المسلحة اللبنانية" ما يزيد عن 400,000 طلقة أثناء هذه المعركة. ومع نهاية اليوم، لحقت الهزيمة بقوات الأسير، ولكن قُتل ثمانية عشر جندياً لبنانياً بالإضافة إلى ثمانية وعشرين مسلحاً آخر.
ورغم عدم وجود إشارة إلى أن "القوات المسلحة اللبنانية" قد نسّقت عملياتها مسبقاً مع «حزب الله»، إلا أن التقارير من المعركة تدفعنا للقول على الأقل بأن الميليشيا حاربت إلى جانب الجيش. وهذا الواقع -- جنباً إلى جنب مع العمليات السابقة لـ "القوات المسلحة اللبنانية" التي استهدفت السنة الذين يدعمون الثوار السوريين -- لم يؤكد سوى الشكوك المنتشرة بأن هناك قاعدة موالية للشيعة في الجيش. وفي الوقت نفسه في واشنطن، ربما زاد حادث عبرا من الأسئلة في الكونغرس بشأن الاستمرار في تقديم مبلغ 100 مليون دولار سنوياً إلى "القوات المسلحة اللبنانية".
سامراء التالية؟
في 9 تموز/يوليو، وبعد أسبوعين من انتهاء المعركة في صيدا، انفجرت سيارة مفخخة كبيرة بالقرب من المجمع السكني والمكتبي لـ «حزب الله» في بيروت. وأفادت التقارير أنه كانت هناك أربع محاولات أخرى لمهاجمة الحي قبل وقوع هذا الحادث، لكن تم اعتراضها جميعاً. ورغم أن هوية من قام بهذا التفجير تبقى غير معروفة، إلا أن هناك شكوك عن ضلوع سلفيين لبنانيين وثوار سوريين في وقوعه -- وإن لم يكن ذلك مفاجئاً نظراً للغضب المتصاعد من الدور البارز الذي يلعبه «حزب الله» في قتل السنة في سوريا. وكان تحالف الثوار الرئيسيي، "الجيش السوري الحر" قد سبق وأن تعهد بمهاجمة «حزب الله» في لبنان، في الوقت الذي أعلن فيه العالم الإسلامي السني الكبير يوسف القرضاوي أن ما يُسمى بـ "«حزب الله»" كان في الحقيقة "حزب الشيطان".
ورغم هذا العداء السني- الشيعي الآخذ في الازدياد، سعى كل من «حزب الله» و «تحالف 14 آذار» الذي يترأسه السنة إلى تخفيف حدة هذا الموقف في الأعوام الأخيرة، ولا شك أنهما كان يضعان نصب أعينهما الهجوم الذي وقع على الضريح الشيعي الرئيسي في سامراء - العراق عام 2006، الذي أثار سنوات من العنف الطائفي. وفي بيانين منفصلين، اتهم «حزب الله» وزعيم «تحالف 14 آذار» سعد الحريري إسرائيل بارتكاب التفجير الذي وقع في 9 تموز/يوليو.
انقسامات في »تحالف 8 آذار«
وفقاً لزعيم "حركة أمل" ورئيس البرلمان الدائم نبيه بري، استند خروج "التيار الوطني الحر" في 10 تموز/يوليو من «قوى 8 آذار» على "أسباب محلية"، وليس على "مقاومة" «حزب الله» ضد إسرائيل -- تلك المقاومة التي لا تزال تدعمها الحركة. وبالرغم من أن "التيار الوطني الحر" منحاز سياسياً لـ «قوى 8 آذار» منذ عام 2006، عندما وقّع عون على مذكرة تفاهم مع «حزب الله»، إلا أن الحزب قد شهد سلسلة من الخلافات العلنية جداً مع الميليشيا في الأشهر الأخيرة. وعلى وجه التحديد، عارض عون دعوة «حزب الله» لتمديد فترة ولاية البرلمان بثمانية عشر شهراً وكذلك تمديد فترة ولاية رئيس أركان القوات المسلحة اللبنانية العماد جان قهوجي، الذي من المقرر أن يتقاعد قريباً. وبدلاً من ذلك، سعى عُون بصورة حثيثة نحو الوصول إلى اتفاق لا يمكن تحقيقه بشأن قانون انتخابي جديد وإجراء انتخابات جديدة، إضافة إلى طلبه أن يتم تسمية صهره -- رئيس قيادة القوات الخاصة في "القوات المسلحة اللبنانية" شامل روكز -- رئيس الأركان الجديد.
وقد عارض عُون تمديد فترة ولاية البرلمان لأنه مكلفاً بمهمة انتخاب رئيس لبنان القادم عام 2014؛ ووفقاً للتشكيل الحالي للسلطة التشريعية، سوف تكون له فرصة ضئيلة بالفوز بذلك المنصب. وفي الوقت نفسه، إذا بقي قهوجي رئيساً لهيئة أركان الجيش اللبناني، تشير السوابق إلى أنه سيظهر بسرعة المرشح الأوفر حظاً للفوز بمنصب الرئاسة.
ويبدو أن عُون و«حزب الله» مختلفان بشأن الحكومة التي يجري تشكيلها حالياً من قبل رئيس الوزراء تمام سلام. وحتى وقت قريب، كان سيتم توزيع المناصب في مجلس الوزراء المكون من أربعة وعشرين عضواً بالتساوي بين «تحالف 14 آذار» و«قوى 8 آذار» ووزراء يختارهم رئيس الوزراء والزعيم الدرزي وليد جنبلاط. وبموجب صيغة معقدة مقترحة، ستحصل «قوى 8 آذار» الشيعية على 5 حقائب وزارية بينما يحصل "التيار الوطني الحر" والمسيحيون الأرمن في الكتلة على ثلاثة معقاعد وزارية فقط. وكان عون، على ما يبدو، يدفع لحصول "التيار الوطني الحر" على خمسة مقاعد من الإثني عشر مقعداً المخصصة كلياً للمسيحيين في مجلس الوزراء.
وبما أن "التيار الوطني الحر" قد تفسخ الآن، فإن معالم الحكومة الجديدة أصبح يكتنفها المزيد من الغموض. وقد كان «تحالف 14 آذار» بالفعل غير متأكد من الموافقة على الجلوس مع «حزب الله» في مجلس الوزراء خوفاً من تنفير مؤيديه من السنة. وأياً كانت النتيجة، فيكاد يكون من المؤكد أن الحكومة الجديدة سوف تكون أقل فعالية وحسماً من سالفتها المؤقتة المحتضِرة.
التداعيات
في حين أن الخلافات بين التيار الوطني الحر و«حزب الله» واضحة، إلا أن خطة عُون بالخروج من «قوى 8 آذار» -- على افتراض أن ذلك كان خياره -- يصعب فهمها. وفي بيروت، يقول البعض إن السعوديين كانوا يضغطون على عُون كجزء من جهودهم الرامية إلى تقويض نظام الأسد مهددين بإجلاء مموليه من المملكة إذا استمر في شراكته مع «حزب الله». وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، حضر عون حفلة عشاء مع السفير السعودي في بيروت، الأمر الذي أجج المزيد من الشائعات. وفي الوقت نفسه، قد يستغل العماد قهوجي مثل هذه الاجتماعات للحصول على تنازلات سياسية من «حزب الله»؛ وعلى أي حال، يخشى كثير من ناخبي عُون من مضاعفات الاستيلاء السني على سوريا، وبالتالي ليس لديهم مشكلة كبيرة مع بقاء الأسد في السلطة.
في جميع الأحوال، يبقى استمرار عُون بمفرده أمراً محيراً -- إذ من غير المحتمل بعد الآن أن يساند «تحالف 14 آذار» ترشيحه للرئاسة أكثر من ذي قبل، أو حتى السماح له بالاحتفاظ على سيطرته على المناصب الرئيسية مثل وزارة الطاقة. وهناك احتمال، على الرغم من غير المرجح وقوعه، يقول بأنه ربما يؤمِّن رهاناته محاولاً وضع مسيحيي لبنان في موقع أفضل حال تحقيق نصر نهائي للسنة في سوريا. أو ربما يأمل السياسي البالغ من العمر ثمانين عاماً في حصول انفراجة مع «تحالف 14 آذار»، لكي يقوم بمحاولة أخيرة للوصول إلى رئاسة الجمهورية.
وبالنسبة لـ «حزب الله» أيضاً، فإن خسارة عُون مشكلة يصعب حلها. ورغم أن الفساد المستشري في الوزارات التي يتحكم فيها "التيار الوطني الحر" كان بمثابة طائر القطرس البحري للميليشيا، إلا أن حزب عُون كان لا يزال الوجه المسيحي لـ «قوى 8 آذار». وبدونه يعود «حزب الله» وحركة أمل إلى كتلة شيعية ضيقة في وقت يتصاعد فيه النزاع الطائفي المتعلق بسوريا داخل الأراضي اللبنانية. ولكن بالنظر إلى تدهور المكانة الإقليمية لـ «حزب الله»، والتزامه العنيد بتأييد الأسد، وموقفه العسكري المهيمن في لبنان، ربما ترى هذه الميليشيا أنها لم تعد بحاجة إلى التغطية المسيحية من عون، لا سيما إذا أصبح قهوجي المرشح الأوفر حظاُ للوصول إلى الرئاسة من خلال اتباعه فلسفة أكثر ودية. كذلك من المرجح أن تشير حسابات «حزب الله» إلى أنه إذا فاز الأسد فسوف تزداد تطلعات الحزب، ولكن إذا انتصر الثوار فسوف يميل عون وغيره من المسيحيين اللبنانيين إلى المضي في حلف الأقليات مع الشيعة ضد السنة.
وما زالت تبعات انشقاق عُون على المدى الطويل غير واضحة حتى الآن. وإذا كانت السياسة اللبنانية فعالة، فسوف يمثل رحيله من «قوى 8 آذار» هزة حقيقية لآليات الحركة البرلمانية الراكدة. ومع ذلك، ونظراً للفترة المحدودة لولاية الحكومة الجديدة، فقد لا يكون للتغيير أثراً يذكر أو أي أثر على الإطلاق، إلا إذا حدث تحولاً غير محتمل من قبل "التيار الوطني الحر" تجاه «تحالف 14 آذار».
إن هجوم الضاحية، الذي يمثل بداية النهاية لإفلات «حزب الله» من العقاب يمثل نتيجة تبعية سواء بسواء على مسار مستقبل البلاد. وخلال عدة سنوات، ظلت المليشيا تخيف الأعداء السياسيين وتهاجمهم بشكل دوري بمن فيهم السنة. ومع ذلك، فإن الانتفاضة السورية قد رفعت سقف طموح المعارضة الداخلية لـ «حزب الله» في الوقت الذي يبدو فيه أن الحزب يفقد حلفاء سياسيين، ومن المرجح أن تشهد لبنان عنفاً طائفياً متزايداً نتيجة لذلك. وإذا استمر ظهور "القوات المسلحة اللبنانية" في ثوب الداعم لمجموعة انتخابية وتفضيلها على أخرى، فسوف تواجه ضغوطاً ومصائب متزايدة.
 
الانفراجة مع العلويين الأتراك
سونر چاغاپتاي
سونر چاغاپتاي هو زميل "باير فاميلي" ومدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن.
اندفعت تركيا في الأشهر الأخيرة إلى فعل الشئ غير المتصور بإطلاقها محادثات سلام مع "حزب العمال الكردستاني" -- وهو منظمة أدرجته أنقرة كجماعة إرهابية. ومن بين الدوافع الهامة وراء هذه الانفراجة سياسة أنقرة تجاه سوريا. وتعمل تركيا على تغيير النظام في دمشق، بدعمها المتمردين للإطاحة بنظام الأسد. وفي سبيل تحقيق هذه الغاية، تحتاج أنقرة إلى جميع ما تستطيع أن تحصل عليه من أصدقاء، حتى لو كان ذلك يعني التواصل مع خصومها السابقين. ويتمتع "حزب العمال الكردستاني" بتواجد قوي داخل سوريا، ومن خلال إرساء السلام مع هذه الجماعة، تأمل تركيا أن تكسب هذه المنظمة إلى جانبها ضد نظام الأسد.
والآن، تدفع الأزمة السورية تركيا إلى فعل الشيء التالي غير المتصور ألا وهو: التواصل مع العلويين الأتراك، في سوريا وداخل البلاد على حد سواء. وهذا من شأنه أن يساعد أنقرة على الحيلولة دون زعزعة الاستقرار المنطلق من سوريا. ويوضح بصراحة أحد التقارير الصادرة مؤخراً عن "مجموعة الأزمات الدولية" أنه "مع ما أصاب سوريا من ضعف وانشقاق متزايدين، ومع عدم ظهور أي بوادر لحل الأزمة"، فإن تركيا بحاجة إلى تكوين صداقات مع جميع الجماعات السورية لضمان قدرتها على إدارة الفوضى هناك.
كما أن التواصل مع العلويين السوريين سيمثل إشارة هامة للعلويين الأتراك، الذين يتركزون في الغالب في محافظة هاتاي الواقعة أقصى جنوب البلاد، وبجوار سوريا.
وتطفو التوترات إلى السطح بين الحكومة والعلويين الأتراك. فبعد أن بدأت أنقرة في توفير ملاذ آمن لجماعات المعارضة السورية والثوار المسلحين في خريف عام 2011، انتاب الشك العلويين الأتراك تجاه سياسات حكومة "حزب العدالة والتنمية". كما لعب العلويون الأتراك دوراً كبيراً لا يتناسب مع حجمهم في المسيرات المناهضة لـ "حزب العدالة والتنمية"، بما في ذلك مظاهرة جرت في 9 آذار/مارس وجذبت ألفي شخص واحتجاج أُقيم في أواخر عام 2012 شارك فيه نحو ثمانية آلاف شخص. إن العلويين الأتراك غاضبون من سياسة أنقرة تجاه سوريا التي يرون أنها تمثل دعماً واضحاً للسنة السوريين بما يضر بأبناء عشيرتهم، العلويين السوريين.
وفي سبيل سعيها لتحقيق انفراجة مع العلويين الأتراك، لدى حكومة "حزب العدالة والتنمية" في أنقرة شريك غير محتمل، وإن كان بالغ القيمة والأثر ألا وهو: "حزب الشعب الجمهوري" التركي المعارض، الذي يحظى بشعبية بين العلويين الأتراك وقد تواصل بالفعل مع النظام البعثي في دمشق، حيث كسب الإشادة من العلويين السوريين الذين يدعمون هذا النظام.
لقد كانت وفود "حزب الشعب الجمهوري" متعاطفة بشكل كبير مع نظام الأسد في سوريا. ففي تشرين الأول/أكتوبر 2011، أرسل الحزب وفداً عبر الحدود بناءً على دعوة من "الاتحاد النسائي السوري". وبعد زيارته لدمشق وحماه واللاذقية، أعلن الوفد عن معارضته لقيام "تدخل أجنبي في شؤون سوريا الداخلية". ومؤخراً، زار أربعة نواب عن "حزب الشعب الجمهوري" الأسد في دمشق في أوائل آذار/مارس. وفي مناورة للعلاقات العامة، قوض هؤلاء من سياسة "حزب العدالة والتنمية" تجاه سوريا، حيث أكدوا على أن الشعب التركي "يرفض التدخل في سوريا".
واليوم، حيث يخالج العديد من العلويين الأتراك المناصرين لنظام الأسد شك كبير في حكومة أنقرة، فلن يكون من باب المبالغة أن نقول إن هؤلاء العلويين لديهم مشاعر أكثر دفئاً تجاه "حزب الشعب الجمهوري". كما أن العلويين الأتراك، وهم طائفة تشمل نحو نصف مليون شخص، يفضلون "حزب الشعب الجمهوري" أيضاً. وقد أشار استطلاع للرأي صدر مؤخراً من قبل عضوة البرلمان عن "حزب الشعب الجمهوري" صباحات أكيراز إلى أن 83 في المائة من العلويين الأتراك دعموا حزبها في انتخابات 2011.
إن التواصل مع العلويين السوريين سوف يعود بفائدة هائلة على كل من شعبي تركيا وسوريا.
وتخشى أنقرة من أن ينتقل الصراع بين العلويين والسنة في نهاية المطاف إلى أراضيها، مما يزكي نيران التوتر بين السنة والعلويين في محافظة هاتاي. ولهذا السبب "تأتي الانفراجة مع العلويين" -- بقيادة "حزب الشعب الجمهوري"، وبتشجيع من "حزب العدالة والتنمية" -- منسجمة ضمن الإطار العام. وربما لا يرغب "حزب العدالة والتنمية" في مشاركة سياسته تجاه سوريا مع "حزب الشعب الجمهوري"، لكن من الواضح أنه من صالح "حزب العدالة والتنمية" أن يُشرك حزب المعارضة، مالئاً بذلك الفجوات في سياسته تجاه سوريا.
وقد يجد "حزب الشعب الجمهوري" نفسه مشدوداً للعمل مع "حزب العدالة والتنمية" إذا أشركه الحزب الحاكم في عملية صنع القرارات المتخذة في أنقرة بشأن سوريا، بما يوفر لـ "حزب الشعب الجمهوري" منبراً للتعبير عن آرائه. لقد اتخذت تركيا بالفعل بعض الخطوات الإيجابية تجاه العلويين السوريين، على سبيل المثال إنشاء مناطق منفصلة في هاتاي للعلويين الذين يرغبون في التخلي عن نظام الأسد. وفي هذا الإطار فإن تشكيل لجنة مشتركة بين "حزب العدالة والتنمية" و"حزب الشعب الجمهوري" لمناقشة موضوع سوريا من شأنه أن يبعث بالرسالة الصحيحة إلى العلويين السوريين والأتراك على حد سواء.
لقد أصبح التفتت يضرب سوريا إلى أن جعلها دولة ضعيفة ومنشقة؛ وبغض النظر إذا كان الأسد سيبقى في الحكم أو يفقد سلطته، سرعان ما ستواجه تركيا حالة من عدم الاستقرار على أعتابها في السنوات المقبلة. وللأسف، سوف يشكل الصراع بين السنة والعلويين محوراً رئيسياً لحالة عدم الاستقرار هذه. وأنقرة التي تربطها بالفعل علاقات قوية مع السنة السوريين يمكنها أن تُحد من تعرضها لهذه المخاطر من خلال بناء جسور للتواصل مع العلويين السوريين. ويمكن أن يكون "حزب الشعب الجمهوري" الشريك المثالي لهذا الفعل.
 
 بوتين يحاول تهدئة الأوضاع مع واشنطن بخصوص قضية سنودن
(أ ف ب)
حاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، تهدئة الأمور بعد طلب اللجوء الذي قدمه المستشار السابق في وكالة الأمن القومي الأميركي ادوارد سنودن مؤكداً أن العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة "أكثر أهمية" من "المشاجرات" حول هذه القضية.
وقال بوتين للتلفزيون "برأيي إن العلاقات بين الدول أهم بكثير من المشاجرات المحيطة بعمل الأجهزة الأمنية. لقد نبهنا سنودن الى أن أي نشاط له يمكن أن يسيء للعلاقات الروسية ـ الأميركية غير مقبول".
وطلب المستشار السابق في وكالة الأمن القومي الأميركي العالق منذ أكثر من ثلاثة أسابيع في مطار موسكو رسمياً أول من أمس، اللجوء الموقت الى روسيا.
وأوضح الناطق باسم الرئيس الروسي ديميتري بيسكوف أول من أمس، أن "الطلب للجوء الموقت ليس له علاقة بالرئيس وإنما بجهاز الهجرة الفدرالي".
والكرملين نأى بنفسه عن قضية سنودن بعدما كشفت ردود فعله منذ ثلاثة أسابيع عن بعض الإحراج.
وكان سنودن طلب في مطلع حزيران اللجوء السياسي الى روسيا، لكنه سحب طلبه بعدما فرض عليه بوتين شرطاً بأن يوقف أنشطته المتعلقة ببرنامج التنصت الالكتروني الأميركي.
وبعد الإعلان عن طلبه اللجوء المؤقت أول من أمس، كررت واشنطن دعوتها الى إبعاد سنودن الى الولايات المتحدة حيث يواجه اتهامات بالتجسس بسبب ما كشفه عن عمليات تنصت الكترونية أميركية في الخارج.
وقال الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني "موقفنا أنه ينبغي طرد سنودن وإعادته الى الولايات المتحدة، ويجب عدم السماح له بمزيد من السفر الى الخارج إلا للعودة الى الولايات المتحدة".
وأكد بوتين "لدينا أهدافنا الخاصة في تطور العلاقات مع الولايات المتحدة. نحن دولة مستقلة مع سياسة خارجية مستقلة".
ورداً على سؤال حول الفرق بين الأنشطة المناهضة للأميركيين والدفاع عن حقوق الإنسان قال الرئيس الروسي إنه "لا يريد الدخول في تفاصيل. الدفاع عن حقوق الإنسان يطرح بعض المخاطر لهؤلاء الذين يتابعونه. وإذا كان هذا النشاط يتم تحت إشراف الولايات المتحدة فيكون نشاطاً مريحاً. وفور انتقاد شخص ما للولايات المتحدة، يصبح الوضع أكثر تعقيداً". وتابع أن "ما حصل مع طائرة الرئيس البوليفي أثبت ذلك جيداً".
وبعدما حامت شبهات خاطئة بأنه نقل سنودن على متن طائرته القادمة من موسكو، اضطر الرئيس البوليفي ايفو موراليس في مطلع تموز للتوقف 13 ساعة في فيينا بعد رفض عدة دول أوروبية السماح لطائرته بالتحليق فوق أراضيها.
وألمح بوتين الى أن سنودن سيغادر روسيا في نهاية المطاف قائلاً "لدي انطباع بأن ادوارد سنودن لم يحدد أبداً هدفاً له البقاء بشكل دائم في روسيا". أضاف "إنه شاب وصراحة لا أفهم كيف قرر (نشر ما كشفه) وكيف سيكمل حياته، لكن هذا خياره ومصيره".
والجمعة الماضي، أعلن سنودن أمام مدافعين عن حقوق الإنسان دعاهم للقائه في منطقة الترانزيت في مطار شيريميتييفو أنه يريد الحصول على لجوء الى روسيا لكي يتمكن لاحقاً من التوجه الى أميركا اللاتينية حيث عرضت فنزويلا وبوليفيا ونيكاراغوا استقباله.
وقال محاميه الروسي اناتولي كوتشيرينا أول من أمس، إن قرار سنودن طلب اللجوء المؤقت الذي سلمه لسنة قابلة للتجديد، وليس اللجوء السياسي أو الحصول على وضع لاجئ كان دافعه المهلة القصيرة -ثلاثة أشهر- للنظر في الطلب.
 
 
 
 
 

المصدر: مصادر مختلفة


السابق

مقتل سبعة في انفجار قنبلة بمقهى في العراق..زيارة نجاد الى بغداد تثير انقساماً بين العراقيين.....كوبلر أمام مجلس الأمن: التصعيد في أعمال العنف يدفع العراق إلى طريق خطر.... .قيادي كردي: قرار بارزاني إعادة الدستور للبرلمان كان استجابة لطلب من برهم صالح..الأكراد يجددون المطالبة بإقالة الشهرستاني

التالي

الفلسطينيون يدعون الى وقف حملات التحريض المصرية ضدهم...كيري مصمم على إعلان موعد استئناف المفاوضات قبل مغادرته المنطقة....إصابة ستة صحافيين خلال قمع الاحتلال مسيرة عند حاجز قلنديا...الاحتلال يقرر بناء 1000 وحدة استيطانية جديدة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,785,499

عدد الزوار: 6,965,936

المتواجدون الآن: 71