أخبار وتقارير...الرئيس روحاني و "الحرس الثوري"....تداعيات اللهجة الأمريكية غير المؤكدة في الشرق الأوسط...المحتجون الأبطال في مصر يتحملون مسؤولية الفوضى التي أعقبت شكاواهم....جولات كيري .. وسياسة إعادة إنتاج المنتوج !.....خطة كيري لإعلان المبادئ هل تعني اعترافاً بفشل مساعيه؟

قمة لدول وسط أفريقيا تطالب بانغي بإنهاء العنف...إسرائيل ترفض كشف أسماء دول تصدر إليها أسلحة... أوباما يوشك على استكمال إصلاح أجهزة الاستخبارات الأميركية....استطلاع: شعبية الحزب الحاكم في تركيا تتراجع وسط فضيحة فساد ...المعاملات المالية التركية الإيرانية مستمرة

تاريخ الإضافة السبت 11 كانون الثاني 2014 - 7:50 ص    عدد الزيارات 1851    القسم دولية

        


 

إقصاءات جديدة في الشرطة ومحاولة التحكم بالقضاء
المعاملات المالية التركية الإيرانية مستمرة
إيلاف
تستمر التعاملات المالية بين تركيا وإيران عن طريق بنك خلق التركي، الذي فتحت فيه طهران حسابًا تودع فيه أنقرة ذهبًا مقابل النفط والغاز.
إيلاف: أكد علي باباجان، نائب رئيس الوزراء التركي، أمس الأربعاء أن بنك "خلق" الذي تملكه الدولة التركية يواصل تحويل مدفوعات تركية إلى إيران، مقابل واردات النفط والغاز، وذلك في تصريح لتلفزيون بلومبرج تركيا. وأضاف: "لإيران حسابات مفتوحة في بنك خلق، ونحن نودع فيها المدفوعات مقابل مشترياتنا من النفط والغاز، وذلك سيستمر".
شبهات مستمرة
بالرغم من الحرص التركي على التقيّد بتفاصيل العقوبات الأميركية على إيران، بسبب تمسكها ببرنامجها النووي، أكد بنك خلق مرارًا أن معاملاته مع إيران قانونية، ولا تتعارض مع مضمون هذه العقوبات. إلا أن ثمة شبهات حول تورّطه في بيع كميات كبيرة من الذهب لإيران مقابل واردات نفطية وغاز، ما يعد فعليًا انتهاكًا مباشرًا للعقوبات على طهران.
وغير بعيد من مواصلة هذا البنك معاملاته مع إيران، يخضع مديره العام سليمان أصلان مع عشرات من رجال الأعمال الكبار وأبناء ثلاثة وزراء ومسؤولين حكوميين للتحقيق، في الاستقصاء في قضية الفساد التي تسود أوساط مقربة من رئيس الوزراء التركي. وقد تم الإفراج عن معظم المعتقلين، باستثناء 24 منهم، بينهم أصلان، الذي عثرت الشرطة في بيته على 4.5 مليون دولار نقدًا مخبأة في صناديق أحذية.
تحذير إستخباري
وفي تقرير إستخباري جديد، صدر في آذار (مارس) الماضي، نشرته صحيفة "حرييت" واسعة الانتشار في تركيا، ورد تحذير لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من تورط مقربين منه في اختلاس أموال في ملف شراء النفط والغاز من إيران، ونصح بالتحرك السريع من أجل الحد من تداعيات هذه الفضيحة، التي قد تستخدم جديًا للنيل من مصداقيته ومصداقية حكومته.
وفي تعليق على التقرير، قالت "حرييت": "ليست مهمة الاستخبارات التركية أن توجّه النصائح إلى رئيس الوزراء كي يبادر إلى تغطية فساد في الدولة، ولا مهمتها وغيرها من أجهزة الدولة المستقلة أن تعمل لمصلحة أردوغان والمقربين منه، بل لمصلحة الدولة التركية".
مقترح للبرلمان
وواصلت الحكومة التركية حملة التطهير، فأقالت رؤساء مديريات الشرطة في ست عشرة محافظة، كما أقيل مساعد قائد الأمن الوطني. وأرسل حزب العدالة والتنمية مقترحًا إلى البرلمان لمنح حكومة أردوغان مزيدًا من الصلاحيات في تعيين القضاة وممثلي الإدعاء، في أحدث خطوة تلجأ إليها الحكومة في معركتها ضد التحقيقات في مزاعم الفساد.
ويقترح المشروع إجراء تغييرات في هيكل المجلس الأعلى للقضاة وممثلي الإدعاء، الجهة المسؤولة عن التعيين في الهيئات القضائية التي ينتقدها أردوغان. ونقلت تقارير عن المحلل السياسي أورالج اليشلار تعليقه على هذا بالقول: "الهجوم على الشرطة والقضاء محاولة حكومية لفرض سيطرتها، ومن الخطأ القول إنّ هذه الممارسات ليست ديمقراطية، بل هي طريقة جيدة لإسقاط الحكومة".
اتهام أردوغان
في هذه الأثناء، تمت مصادرة ممتلكات سبعة رجال أعمال مقربين من أردوغان، في تدابير متصلة بالتحقيقات في فضيحة الفساد نفسها. كما قدم زكريا أوز، وكيل النيابة الذي أمر بالتحقيق في هذه القضية قبل استبعاده، بيانًا للصحافة اتهم أردوغان بتهديده والضغط عليه لإغلاق ملف الفساد، ما نفاه أردوغان جملة وتفصيلًا.
إلى ذلك يتصاعد كلام عن رفض 35 نائبًا من حزب العدالة والتنمية حضور جلسات البرلمان، احتجاجًا على طريقة تعامل الحكومة مع ملف الفساد، وربما يفكرون في الانشقاق عن الحزب، كما فعل ثمانية قبلهم.
 
مواجهات في إسطنبول بين ناشطين أكراد والشرطة التركية ومظاهرة في ذكرى اغتيال ثلاث ناشطات بحزب أوجلان في باريس

إسطنبول: «الشرق الأوسط» ... وقعت مواجهات عنيفة أمس في إسطنبول، بين الشرطة التركية ومئات الأشخاص الذين تجمعوا لإحياء ذكرى اغتيال ثلاث ناشطات كرديات قبل عام في باريس، بحسب مصوري وكالة الصحافة الفرنسية.
وتجمع 500 إلى 600 متظاهر كردي، من بينهم عدد من النواب، بعيد الظهر أمام مدرسة غلطة سراي في إسطنبول، وهتفوا «نريد العدالة» من أجل الضحايا الثلاث، حيث ما زالت دوافع عمليات الاغتيال مجهولة. وتدخلت قوى الأمن بأعداد كبيرة عندما توجه المتظاهرون إلى السفارة الفرنسية، مستخدمة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والرصاص المطاطي لتفريقهم. واستمرت المواجهات بعد الظهر.
وصرحت صباحات تونجيل، النائب عن حزب السلام والديمقراطية المؤيد للأكراد «عوضا عن حل (الاغتيالات)، فإنهم يتدخلون ضد من يندد بها. هذا يظهر كيف تدافع الجمهورية التركية عن (القتلة)». وأضافت «لا تضعوا الحواجز أمام النساء أو حل النزاع التركي. ضعوها أمام الذين يسعون إلى منع تحقيق السلام»، في أقوال نقلتها وكالة «دوغان» للأنباء.
وفي 9 يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، قتلت الناشطات الكرديات الثلاث: ساكنة جانسز التي تشكل رمزا تاريخيا لحزب العمال الكردستاني والمقربة من مؤسسة المسجون عبد الله أوجلان، وفيدان دوغان وليلى سويليميز، بالرصاص في مقر مركز المعلومات الكردي في باريس. وبعد ثمانية أيام أوقفت الشرطة المواطن التركي عمر غوناي البالغ من العمر 30 عاما، ووجهت إليه تهمة «تنفيذ اغتيالات على علاقة بمنظمة إرهابية».
وأفاد مدعي باريس بأن غوناي كان مكلفا من طرف حزب العمال الكردستاني بوظيفة سائق ومرافق جانسيز في باريس. لكن الحزب نفى أن يكون غوناي أحد أعضائه. وتم النظر في عدد من السيناريوهات لتفسير اغتيال الناشطات، منها تصفية حسابات في صفوف الحزب الكردي على خلفية مفاوضات السلام الجارية بين الحزب وتركيا، أو عملية لتيار اليمين القومي المتشدد التركي «الذئاب الرمادية»، أو حتى نتيجة خلاف شخصي. وبدأت السلطات التركية في خريف 2012 مفاوضات سلام مع زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبد الله أوجلان. لكن المحادثات جامدة حاليا منذ تعليق التمرد الكردي في سبتمبر (أيلول) سحب مقاتليه من تركيا، معتبرا أن الإصلاحات التي بدأتها أنقرة غير كافية. وأسفر النزاع الكردي عن مقتل أكثر من 45 ألف شخص منذ اندلاعه عام 1984.
 
استطلاع: شعبية الحزب الحاكم في تركيا تتراجع وسط فضيحة فساد وحملة تطهير الشرطة تشمل أكبر القيادات.. وإردوغان يسعى للسيطرة على القضاء

اسطنبول:»الشرق الاوسط» .... أظهر استطلاع للرأي أمس أن شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان تراجعت منذ تفجر فضيحة فساد الشهر الماضي، إلا أنه ما زال متفوقا بشكل مريح على أحزاب المعارضة.
وكشف الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة «سونار»، إحدى المؤسسات الرئيسية لاستطلاعات الرأي في تركيا، أن نسبة تأييد الحزب بلغت 42.3 في المائة بانخفاض 2 في المائة عن الاستطلاع السابق الذي أجرته في أغسطس (آب) الماضي، وهو ما يقل كثيرا عن نسبة 50 في المائة التي حصل عليها الحزب في انتخابات عام 2011.
وحصل حزب الشعب الجمهوري وهو حزب المعارضة الرئيسي على 29.8 في المائة وهي أعلى نسبة يحصل عليها الحزب منذ يونيو (حزيران) 2011 طبقا لاستطلاع سونار التي تميل استطلاعاتها إلى وضع نسبة تأييد الحزب الحاكم أقل من النسبة التي يقدرها الحزب، حسب رويترز.
وتمثل فضيحة الفساد التي تفجرت في منتصف ديسمبر كانون الأول الماضي باعتقال رجال أعمال بارزين مقربين من أردوغان وثلاثة من أبناء الوزراء أكبر تحد للحزب الحاكم منذ وصوله للسلطة قبل أكثر من عشر سنوات. وتقول الحكومة إن شعبية حزب العدالة والتنمية لم تتأثر كثيرا سواء بالاحتجاجات التي جرت الصيف الماضي أو بفضيحة الفساد. وقال نائب رئيس الوزراء بولنت أرينغ الأسبوع الماضي إن أربعة استطلاعات رأي أجريت بناء على طلب الحكومة، أظهرت أن الحزب يتمتع بتأييد 52 في المائة من أبناء الشعب التركي.
وأقالت الحكومة التركية نائب قائد قوة الشرطة الوطنية وهو أكبر ضابط يتم إبعاده في إطار حركة تطهير في صفوف الشرطة التي ترى السلطات أنها متأثرة بقوة بآراء رجل دين يتهمه رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان بالتآمر للسيطرة على مفاصل الدولة. وأرسل حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه إردوغان مقترحات إلى البرلمان تهدف إلى منح حكومته مزيدا من الصلاحيات في تعيين القضاة وممثلي الادعاء.
ويقول إردوغان إن القضاء والشرطة خاضعان لنفوذ حركة «خدمة» التي يتزعمها رجل الدين فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة، وأنهما دبرا لفتح تحقيقات فساد تعصف الآن بحكومته.
وذكرت الشرطة التركية على موقعها على الإنترنت أن نائب قائد الشرطة الوطنية معمر بوجاك وقادة في أجهزة الشرطة المحلية من بينهم قائدا شرطة أنقرة وأزمير أبعدوا من مناصبهم الليلة قبل الماضية. وأبعدت الحكومة المئات من رجال الشرطة عن مناصبهم ومن بينهم قادة كبار منذ الكشف عن فضيحة الفساد يوم 17 من ديسمبر (كانون الأول) واحتجاز العشرات ومنهم رجال أعمال مقربون من الحكومة وأبناء ثلاثة وزراء. وذكرت وسائل إعلام أنه تم استجواب العشرات وأفرج عن غالبيتهم، وظل في الحجز 24 شخصا من بينهم ابنا وزيرين.
وهزت الفضيحة ثقة المستثمرين في تركيا قبل إجراء انتخابات محلية هذا العام، وزادت القلق بشأن تراجع استقلال القضاء، وهو أمر قد يضر على المدى البعيد بمحاولة أنقرة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وقال متحدث باسم المفوضية الأوروبية عندما سئل في بروكسل عن هذه القضية «نحث تركيا كدولة مرشحة ملتزمة بالمعايير السياسية للانضمام على اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان أن تُعالج مزاعم الفساد دونما إجحاف».
ولم تعلن تفاصيل الاتهامات، لكن تقارير صحافية تركية ذكرت نقلا عن وثائق النيابة العامة إنها تتعلق بفساد في مشاريع عقارية وتجارة الذهب مع إيران. وكشفت القضية عن صدع عميق في المؤسسة السياسية، وأضرت بثقة الأسواق ودفعت الليرة التركية إلى مستويات متدنية. وحذرت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني من أن «الضغوط على النزاهة المؤسسية» من بين العوامل التي قد تضعف التصنيف الائتماني لتركيا. وقالت وكالة «موديز» التي رفعت تصنيفها الائتماني لتركيا إلى درجة الاستثمار في مايو (أيار) الماضي إن المخاطر السياسية المحلية أخذت في الاعتبار بالفعل في تصنيفها، وهو ما يشير إلى أنها لا تعتزم القيام بتغيير وشيك.
واستمرار حالة عدم اليقين أو عدم الاستقرار في تركيا قد يشكل خطورة في المنطقة التي وسعت فيها أنقرة نفوذها تحت حكم إردوغان. ولتركيا حدود مع العراق وإيران وسوريا وتستضيف مئات الآلاف من اللاجئين السوريين.
ووصف إردوغان التحقيقات التي تشكل أكبر خطر على حكمه الممتد منذ 11 عاما بأنها «انقلاب قضائي» تدعمه قوى خارجية. ويقول حلفاء رئيس الوزراء التركي إن تلك الاتهامات مختلقة.
وقال زكريا أوز، وهو ممثل ادعاء في اسطنبول قاد القضية في البداية لكن أعيد تكليفه، إنه تعرض لتهديد غير مباشر من إردوغان من خلال شخصين التقى بهما في فندق في إقليم بورصة. وقال انهما طلبا منه وقف التحقيق.
وقال أوز في بيان نقلته وسائل الإعلام المحلية «قال الرجلان إن رئيس الوزراء غاضب مني، وعلي أن أكتب له رسالة للاعتذار». وقالا إن التحقيقات ضد الحكومة ينبغي أن تتوقف على الفور وإلا فسأتعرض للأذى، وستكون هناك عواقب وخيمة علي». ونفت مصادر بمكتب إردوغان بيان أوز وقالت إن رئيس الوزراء لم يرسل أحدا لمقابلة ممثل الادعاء.
وكشفت فضيحة الفساد الخلاف الممتد بين إردوغان وحركة خدمة التي تمارس نفوذها من خلال شبكة اتصالات مبنية على رعاية المدارس وغيرها من المنظمات الاجتماعية والإعلامية. ويتبادل الاثنان اتهامات التلاعب بالشرطة والقضاء وتهديد الاستقرار. ونفى غولن أي دور له في تحقيقات الفساد التي تكشفت قبل ثلاثة أشهر من انتخابات محلية ستكون اختبارا لشعبية إردوغان.
ويقترح مشروع القانون الذي أعده الحزب الحاكم وأرسل إلى البرلمان ونشر على الموقع الرسمي للمجلس على الإنترنت إجراء تغييرات في هيكل المجلس الأعلى للقضاة وممثلي الادعاء وهو الجهة المسؤولة عن التعيينات في الهيئات القضائية. ويوجه أردوغان انتقادات للمجلس منذ الإعلان عن فضيحة الفساد الشهر الماضي.
ويسمح القانون المقترح بانتخاب وكيل وزارة العدل رئيسا للمجلس، وهو ما سيزيد من سيطرة الحكومة على اختيار القضاة. وقال مصطفى سنتوب، نائب رئيس الحزب الحاكم، إن الهدف من مشروع القانون المقترح هو وقف «الهيكل الموازي» وهو التعبير الذي يستخدمه أنصار أردوغان في الإشارة إلى حركة خدمة. وقال لـ«رويترز»: «نهدف إلى ضمان استقلال وحياد القضاء ومنع هيكل مواز يتشكل داخل المجلس الأعلى للقضاة وممثلي الادعاء من تحقيق أهداف سياسية من خلال القضاء.. هذه ليست محاولة للتدخل ضد سلطة قضائية مستقلة»، لكن الخلاف يضر بالثقة في المؤسسات في تركيا.
وقال تيموثي اش، رئيس الأسواق الناشئة في بنك «ستاندرد»: «كل هذا سيكون عائقا للاستثمار والنمو والتنمية وفي الوقت نفسه سيؤثر على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي»، وأضاف «هذه منحة لخصوم تركيا ومنتقديها في أوروبا».
  
خطة كيري لإعلان المبادئ هل تعني اعترافاً بفشل مساعيه؟
الحياة..القدس المحتلة - آمال شحادة
الطرح الجديد الذي قدمه وزير الخارجية الاميركي، جون كيري، سعياً إلى «اتفاقية اطار» أو «إعلان مبادئ»، هو بمثابة اعتراف بأنه فشل في خطته الأصلية للتوصل إلى اتفاق دائم للصراع الاسرائيلي-الفلسطيني خلال تسعة شهور. فقد جوبه بعقبات شديدة في اسرائيل، ترافقت مع حملة تحريض شخصية عليه من وزراء ومبعوثين من رئيس الحكومة، بنيامين نتانياهو، فاضطر إلى التراجع، وراح يركز جهوده حالياً حول «اتفاق الاطار». ويبدو انه يخشى من الفشل أيضاً في هذا الهدف المتواضع، ولذلك استنجد بالمسؤولين الأوروبيين، الذين سيتدفقون على المنطقة في الشهرين المقبلين بكثافة، بدءاً من رئيس الحكومة البريطانية، ديفيد كاميرون، والمستشارة الألمانية، انغيلا ميركل (إذا سمح وضعها الصحي)...
الاتفاق الإطار أو اعلان المبادئ، ليست بالأمر السيئ. فقد حلت الكثير من الصراعات بين الدول في التاريخ الحديث بالاتفاق على مبادئ أساسية، ثم أُجريت مفاوضات حول التفاصيل. هكذا حصل مثلاً في السلام مع مصر، حيث وقع اتفاق المبادئ في كامب ديفيد عام 1978، ثم تواصلت المفاوضات الثنائية إلى ان اتُفق على التفاصيل الكاملة. وإذا كانت هذه المبادئ ستشمل، كما جاء في التسريبات الأميركية، اقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 مع تعديلات طفيفة وستشمل جعل القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، فإنها ستكون بمثابة تقدم كبير إلى الأمام. ولكن كيري، الذي يعرف مسبقاً ما يواجهه من عقبات، كان قد وضع هدفاً محدداً أبلغه للطرفين وللزعماء العرب والغربيين، بالتوصل الى اتفاق دائم ومفصل. بل قال إن هذا الاتفاق سيعتمد على خطة كلينتون ومبادرة السلام العربية كأساس. فاعترضت طريقه عقبات كثيرة حتى الآن، خصوصاً من الطرف الاسرائيلي، جعلته يتجه نحو هدف أكثر تواضعاً. والخوف هو ان يضطره الاسرائيليون الى تراجعات أخرى. وقد بدأوا يقولون من الآن ان الهدف الحالي هو وضع اتفاقية اطار غير ملزمة، مقابل تمديد فترة المفاوضات سنة أخرى.
خطة كيري، على ما يروّج لها اعتماداً على مصادر اسرائيلية، تتحدث عن الآتي:
اعلان دولة فلسطينية وفق حدود 67 مع تعديلات طفيفة، وإبقاء القدس موحدة، على ان يكون شقّها الغربي عاصمة لإسرائيل وقسمها الشرقي عاصمة لفلسطين، ووجود عسكري اسرائيلي لعشر سنوات او 15 سنة على طول الضفة الغربية لنهر الاردن واعتراف فلسطيني بإسرائيل كدولة يهودية مع ايجاد صيغة تضمن حقوق مواطنيها العرب (فلسطينيي 48). ويرفض الفلسطينيون بشكل قاطع الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، اولاً لأن هذا يعني الطعن بحقوق فلسطينيي 48، وثانياً لأن مثل هذا الاعتراف يجهض حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، من سكان البلدات والقرى الفلسطينية التي تهجرت عام 48. ويعترضون على بقاء الجيش الاسرائيلي هذه المدة الطويلة في غور الاردن ويقولون انهم مستعدون لتحمل ذلك ثلاث سنوات على الأكثر. وهم يتهمون كيري بأنه يساير اسرائيل ويتبنى الكثير من مواقفها، خصوصاً في الخطة الأمنية التي يطرحها. في اسرائيل، حظيت خطة كيري بدعم من اليسار ومؤيدي حل الدولتين، فيما اليمين الحاكم صعّد حملته الرافضة لما سمّاه «املاءات اميركية». ورفض ان تكون القدس عاصمة لفلسطين ورفض حدود 1967 كأساس وراح يتهم كيري بالتحيز للفلسطينيين وبـ «السذاجة الأميركية». وحض نواب ووزراء اليمين على رفض اية تسوية يتم فيها «التنازل عن مساحات من اسرائيل تهدد امن الدولة العبرية»، كما قالت النائبة المتطرفة، ميري ريغف. ويطرح اليسار تحفظات عدة ويتحدث عن سيئات في خطة كيري، بخاصة لجهة الحديث عن تمديد التفاوض لفترة سنة، على النحو الآتي:
- التأخير سيمنح فرصة لمعارضي عملية السلام لإفشالها، وإذا كان كيري قوياً فستطبق وفق الجدول الزمني الذي يفكر به (كيري)، وهذا يعني عدم ضمان تطبيقها خلال حكومة نتانياهو، ومن غير المضمون ايضاً اذا كانت الحكومة التي ستأتي بعده ستقوم بتطبيق هذه الخطة.
- أحد البنود التي تتضمنها خطة كيري يتمثل بوجود قوات اجنبية داخل الدولة الفلسطينية الصغيرة والمتوقع ان تكون «مجزأة»، كما وصفها بعض الاسرائيليين. وفي هذا الجانب، تحذر جهات اسرائيلية من ان وجود القوات الإسرائيلية في غور الاردن، يمكن ان يتحول الى نقطة جذب للمقاومة. كما ان القيود الاخرى التي ستفرض على الدولة الفلسطينية – من منع الطيران وحتى السيطرة الاسرائيلية على الموجات الكهربائية-المغناطيسية - تشكل أيضاً سبباً لمشاعر الإهانة والتمييز، تماماً كما في اتفاق باريس غير العادل، الذي رسخ التبعية الاقتصادية الفلسطينية لإسرائيل، وفق ما كتبت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية.
أحد المطّلعين على تفاصيل الخطة، نداف ايال، يقول صراحة ان الخطة مقبلة على فشل، والفشل سيلحق ضرراً جسيماً بإسرائيل، ويضيف: «هذه المرة توجد على الطاولة ليس جزرة فحسب، بل ايضاً عصي ثخينة ومملوءة بالمسامير. فالعزلة لن تبقى هذه المرة مجرد كلمة، بل هي كفيلة بأن تصبح موجة كبيرة».
وبرأي نداف، فإن الاميركيين يتحدثون عما سمّاه «خطة اورانيم الصغيرة». ويتطلعون الى وثيقة أميركية تحدد الاطار (framework) للمفاوضات. وهم كفيلون بأن يسمّوا هذا اتفاق اطار، ولكن، برأيه، هذا تعريف مشوش بل مضلل بشكل مقصود لأسباب عدة، بينها:
اولاً: لا يوجد هنا اتفاق بل تصريح اميركي لن يلزم الطرفين، على الاقل. أما الاتفاق فهو بشكل عام شيء يتفق عليه.
ثانياً: لن يكون هناك اطار حقيقي. وسيستخدم الاميركيون تعبيراً يرتبط بالأرقام «الصوفية» 1967، على حد تعبيره، وسيتحدثون كذلك عن اسرائيل كدولة يهودية وعن ترتيبات أمنية. ولكن لا يوجد هنا اطار عمل حقيقي؛ كالحديث عن نسبة الاراضي التي سيحصل عليها الفلسطينيون مقابل ضم الكتل الاستيطانية.
 نتانياهو مختلف
الى حين عودة كيري، بدأ النقاش والخلاف بين الاسرائيليين والفلسطينيين حول اتفاق الاطار، بكل ما يتعلق بمسألة الحدود. فالجانب الفلسطيني يطالب بشكل واضح بأن تجرى المفاوضات على اساس حدود 67، بينما تعارض اسرائيل ذلك. اما الجانب الاميركي فمعني، في الاتفاق، بالإشارة الى إجراء المفاوضات على أساس حدود 67 مع تبادل للأراضي.
ومتوقع ان تشمل خطة كيري ذكر عام 1967 من دون ذكر الحدود. وهذا يعيد الى الاذهان خريطة الطريق التي وقّع عليها، آنذاك، رئيس الحكومة السابق آرييل شارون في نيسان (أبريل) 2003. ووفق خطة كيري، يشار الى «ان الهدف هو إنهاء الاحتلال الاسرائيلي الذي بدأ في 67، من خلال تفهم واعتبار المتغيرات التي طرأت على الأرض».
أما خبير المفاوضات السلمية ايتان هابر، فيرى ان الاسرائيليين كعادتهم يحاولون تجاهل الحقيقة. وللمقارنة يتحدث عن حرب تشرين الأول (اكتوبر) قائلا: «في حينه وصلت دلائل من سورية ومصر تشير الى احتمال شن هجوم على اسرائيل، لكن القيادة قررت تجاهل تلك التحذيرات لأنها أقنعت نفسها بأن العرب لن يحاربوا. وبعد الحرب تم إلقاء تلك القيادة في مزبلة التاريخ». ويطرح هابر سلسلة من الدلائل التي تدعم رأيه في شأن المفاوضات:
- تعامل نتانياهو مع المستوطنات يختلف عن تعامل شامير وبيغن. نتانياهو وعد ببناء الكثير من المستوطنات كـ» مستوطنة ايلون موريه»، ولكن كم هو عدد المرات التي زار فيها المستوطنات، ومتى شوهد وهو يرقص حاملاً كتاب التوراة في كنيس في المستوطنات، ومن المثير فحص الفارق بين عدد المستوطنات التي بنيت في فترة حزب العمل وفترته.
- كيري يتجول هنا بكثرة، ولا يمكن وزير الخارجية الاميركي ان يستثمر كل هذا الجهد من دون فائدة.
- نتانياهو يتهرب من الظهور في مناسبات يمكن ان توجه اليه خلالها أسئلة، فماذا سيقول: الحقيقة؟ ام سيكذب؟
- تعامل قادة المستوطنات مع نتانياهو يقوم على الاشتباه المضاعف به، فهم ينتبهون الى انه يتحدث كثيراً عن البناء في القدس ومحيطها ويكتفي بالكلمات الجميلة حول ارض اسرائيل الكاملة.
- الرسائل التي تصدر عن ديوان نتانياهو تشير الى نشاط كبير مع كيري وعن كيري. والسياسي الماهر لا يزرع الآمال الكاذبة في نفس وسيط مثل كيري، الذي ستحاسب بلاده كل من يخطئ بحقه. فالأميركيون يمكنهم تقبل كل شيء إلا الكذب عليهم.
 اتفاق وأربع دول
الموقف الاكثر تطرفاً في اسرائيل تجاه خطة كيري أبداه وزير الدفاع السابق، موشيه آرنز، الرافض لأي مفاوضات وأي عمليات سلام مع الفلسطينيين. وهذه المرة اختار لهجة الترهيب والتخويف فتحدث عن خطة تؤدي الى نشوء ثلاث دول من دون يهود: دولة فلسطين الشرقية (الأردن) ودولة فلسطين الغربية (الضفة) ودولة فلسطين الجنوبية (قطاع غزة)، وكلها من دون يهود، على اعتبار ان بقاء اليهود في هذه الدول ليس مطروحاً في الاتفاق كمبدأ، ولكنه من دون ذلك لن يتم التوصل الى اتفاق، كما يبدو.
ولم يكتف آرنز بذلك، بل اضاف يقول: «يمكن من يشاء اعتبار الاتفاق المستقبلي بمثابة حل يقوم على أساس دولتين للشعبين، لكن في الواقع يدور الحديث عن اربع دول للشعبين، ثلاث منها من دون يهود، وواحدة (هي اسرائيل) يشكل العرب فيها نسبة 20 في المئة». ووفق نظرية آرنز، فإن دولة فلسطين الغربية، أي الضفة، ستكون عملياً من دون يهود على رغم وجود الكتل الاستيطانية، لأن هذه الكتل سيتم ضمها الى اسرائيل، وفي مقابلها ستحصل فلسطين على مناطق غير مأهولة من الأراضي الاسرائيلية، في اطار «تبادل الأراضي»، وهو ما يعني في نهاية الأمر قيام دولة فلسطين الغربية على المساحة ذاتها التي كانت خاضعة للسيطرة الأردنية قبل عام 1967.
 
جولات كيري .. وسياسة إعادة إنتاج المنتوج !
المستقبل..محمد صوان
أنهى وزير الخارجية الأميركي جون كيري زيارة جديدة للمنطقة، ومجدّداً يؤكد على رسالة الضمانات للجانب الإسرائيلي التي قفز عبرها عن قضيتي الحدود واللاجئين، مع تمسكه بتبادل الأراضي ويهودية الدولة وإحتفاظ إسرائيل بغور الأردن.
أما في رسالته إلى الفلسطينيين فيوضح أنه تجري المفاوضات على أساس خطوط حزيران عام 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية، مضيفاً بأن خط الحدود المستقبلي لن يكون مطابقاً لخط حزيران عام 1967 وإنما سيتضمّن تغييرات تتلاءم مع الوقائع المستجدّة على الأرض، كما أن موقف إدارته من قضية اللاجئين الفلسطينيين هو إعادتهم إلى الدولة الفلسطينية العتيدة، أو توطينهم حيث هم، وتهجير البعض إلى أوروبا والولايات المتحدة وكندا "هآرتس 30-12-2013 "، وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده جون كيري ساعة وصوله إلى القدس المحتلة تم إعلان ما سمي بـ"إطار المبادئ" متضمناً رسالة الضمانات المقدمة لطرفيْ التفاوض، وتجديد الدعوة لاستئناف المفاوضات المتوقفة، "من أجل التوصل إلى حل نهائي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني" ووضع نهاية للمطالب المتبادلة ضمن الجدول الزمني المحدد في "إطار التفاهمات" هذا أولاً، أما ثانياً فهو التعهد بإجراء الجولات المقبلة للمفاوضات بالتناوب بين القدس ورام الله ! وحدّد كيري دور الموفد الأميركي مارتن إندك وطاقمه بأنه دور "الميسّر" وليس وسيطاً أو مفاوضاً.. وشدّد كيري على ضرورة أن تناقش جولات المفاوضات القادمة جميع الموضوعات الجوهرية: "حدود الدولة الفلسطينية، الترتيبات الأمنية، القدس، اللاجئين، المستوطنات، المياه، يهودية الدولة، تبادل الأراضي".
مفاوضات بلا مرجعية:
لاتثير جولات المفاوضات القادمة كثيراً من التوقعات المتفائلة حتى في أوساط أغلبية المحللين والإعلاميين الإسرائيليين، وكي نضع الأمور في سياقها الواقعي، فإن جولات المفاوضات القادمة لاتثير أدنى توقّع متفائل بشأن احتمال التوصل إلى "اتفاق سلام نهائي" في غضون فترة الأشهر الأربعة المتبقية، بعد انقضاء أكثر من نصف المدة المحددة بتسعة أشهر عندما بدأت في تموز الماضي.
ومع أن النأي عن التوقعات المتفائلة والمتشائمة على حدٍ سواء يبدو الآن مبرراً جدّاً على الأقل من الناحية المنطقية، إلا أن ما صدر عن معظم الذين تجنّبوا النأي بأنفسهم تمثّل حدّه الأقصى في الوقت الراهن في توقّع أن تشكّل هذه الجولة فرصة من أجل "قناع الطرفين مجدّداً بأنه يستحيل التوصّل مرّة واحدة إلى حل دائم ونهائي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني" وبأنه من الأجدى أن يجري التوصّل إلى "حلول موقتة" يمكن أن تساهم في "استمرار الحفاظ على الإستقرار" وأن تتيح إمكان وضع الأسس المطلوبة للحل النهائي في المستقبل البعيد
وينسحب هذا "الإستخلاص" على الذين يجاهرون - بين أولئك المحللين والإعلاميين برغبتهم في نجاح هذه الجولة من المفاوضات القادمة، ويعود سبب ذلك إلى جوهر التصريحات التي ماانفكّت تصدر عن طاقم حكومة اليمين المتطرف بزعامة نتنياهو، والتي تشير إلى أنهم لم يقتنعوا بعد بأن الاحتلال وسياسة الاستيطان والتهويد الجامحة هما أساس المشكلة، وإصرارهم على أن أساسها كامن في الرفض الفلسطيني المبدئي لوجود "الدولة اليهودية" والذي بدأ قبل أكثر من نصف قرن من إقامة أول مستوطنة في الضفة الغربية، على حد قولهم. كما أن تصريحات نتنياهو بالتحديد تشير إلى أنه على الرغم من إعلانه صباح مساء أنه المعني بمفاوضات "من دون شروط مسبقة" يضعها الفلسطينيون فإنه في الوقت نفسه مازال مصرّاً على وضع شروطه المسبقة على "التسوية السياسية" التي من المفترض التوصّل إليها وفي مقدمها شرط الاعتراف بإسرائيل "دولة يهودية"، وهو الشرط الذي يعتبره "تؤيده الولايات المتحدة منذ عقد من الزمن! ولهذا أصبح ينظر إليه في إسرائيل على أنه شرط بديهياً لايمكن الاستغناء عنه"، وشرط الترتيبات الأمنية التي تعتمد على قوة الجيش الإسرائيلي، وشرط أن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح.
بموازاة ذلك لابد من ملاحظة أن حكومة التطرّف اليميني في إسرائيل لم تطرح أي برنامج واضح لحل القضية الفلسطينية باستثناء ماتقدّم، والذي كان قد ورد في إبّان ولايتها السابقة، وفي الوقت ذاته فقد أشار أكثر من مصدر في إسرائيل أخيراً إلى أن نتنياهو لم يجر أي تداول يتعلق بمآل المفاوضات سواء داخل المجلس الوزاري الموسّع أو في نطاق المجلس الوزاري المصغّر للشؤون السياسية والأمنية، وخلافاً لما كانت عليه الحال في الحكومات السابقة، فإن نتنياهو يفتقر داخل الحكومة الحالية إلى أي "مطبخ سياسي" أو إلى هيئة مقلّصة من المستشارين، وبالتالي فإن الشخص الوحيد الذي يعرف ما الذي تنوي الحكومة أن تفعله في الأيام المقبلة هو نتنياهو فقط ولا أحد سواه "يديعوت أحرونوت 30-12-2013".
لا أفق منظوراً لمصالحة وطنية فلسطينية
استناداً إلى ذلك كله، وعلى المقلب الآخر يخشى الفلسطينيون من تزايد الضغوط على قيادة "م.ت.ف" للقبول بما تطرحه إسرائيل من "حل موقّت" لايتجاوز إقامة "دولة فلسطينية ضمن حدود موقتة" على مساحة لاتتجاوز نصف أراضي الضفة الغربية، تستثنى منها القدس والأغوار، مع بقاء المستوطنات، فضلاً عن تصفية باقي الحقوق الوطنية الفلسطينية، وفي مقدمها حق العودة، وتنبع هذه المخاوف من حالة التدهور في الموقف العربي على إيقاع التطورات في المشهد "المصري والسوري والعراقي" وانعكاساتها التي أصابت الحالة الفلسطينية الداخلية.
وفي المحصلة، مرّ عام 2013 كما كان متوقّعاً من دون تأليف حكومة التوافق الوطني الفلسطينية بموجب أحدث اتفاق مصالحة تم التوصّل إليه بين حركتي "فتح وحماس".. ففي ضوء مجمل هذه التطورات لم يعد تحقيق المصالحة الوطنية مطروحاً على أجندة حركة "فتح" التي تفضّل التريّث بانتظار تعمّق مأزق حركة "حماس" بعد سقوط "نظام الإخوان المسلمين" في مصر، بما يجعلها توافق على شروط الرئيس أبو مازن، وخصوصاً من حيث التزامن بين تأليف حكومة الوفاق الوطني وإصدار مرسوم بإجراء الإنتخابات الرئاسية والتشريعية خلال ثلاثة أشهر، كما أن المصالحة غير مطروحة على أجندة حركة "حماس" التي تفضّل انتظار أن يتوضّح الموقف في مصر! وعلى الأقل أن يتقدم "طرف ثالث" بمبادرة توفّر مخرجاً للحركة لايظهرها بموقف الضعيف أمام حركة "فتح".
من جانبه طرح رئيس الحكومة المقالة في غزة السيد اسماعيل هنية، مبادرة غير واضحة المعالم، عبر دعوته إلى "توسيع رقعة المشاركة بإدارة قطاع غزة إلى حين تحقيق المصالحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية" وإلى إطلاق ما سماه "قطارالإنتخابات" البلدية والنقابية بالتزامن وفي أداء متكامل بين غزة والضفة، وقال السيد هنية: "نفتح أذرعنا لتوسيع المشاركة في الإدارة وتحمّل المسؤوليات، ليس على قاعدة التحسّب من أي أمر قادم، بل بنظرة الأمل للمستقبل".
وقوبلت دعوة السيد هنية برفض عام من قبل حركة فتح وبعض الفصائل التي اعتبرتها محاولة "تكتيكية" للهروب من المأزق الذي تعانيه حركة حماس، بينما قوبلت الدعوة بترحيب من معظم القطاعات والفئات والشرائح الاجتماعية والثقافية المستقلة التي دعت إلى التعامل الإيجابي معها على قاعدة تطويرها ضمن رؤية شاملة لإنهاء الانقسام وليس إدارته. فقد اعتبرت "هيئة الوفاق الفلسطيني" في غزة الدعوة "مشجّعة وإيجابية" لا سيّما في ظل توقّف قطار المصالحة وتجميد فعالياتها، وتصب في إطار الجهد الوطني لترتيب البيت الداخلي على أساس التوافق الوطني بين كافة مكونات شعبنا وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على اساس "الشراكة الوطنية الكاملة"، ودعت الهيئة إلى بلورة هذه الدعوة بصيغة مبادرة بمحدّدات واضحة تعرض على المجموع الوطني بقواه السياسية والثقافية ومؤسسات المجتمع المدني من خلال مؤتمر وطني لمناقشتها وإقرارها للبناء عليها، على أن تكون مكمّلة لاتفاقيات الوفاق الوطني وليس بداية لها، وأن لا تكون بمعزل عن المشروع الوطني الفلسطيني المتكامل.
 
 أوباما يوشك على استكمال إصلاح أجهزة الاستخبارات الأميركية
واشنطن – رويترز، أ ف ب
اقترب الرئيس الاميركي باراك أوباما من إنهاء مراجعة يرجّح أن تؤدي الى تغييرات في شأن تنصت أجهزة الاستخبارات الأميركية على الاتصالات، وإلى قيود على التجسس على قادة اجانب.
وقد يعلن أوباما الاسبوع المقبل عن اصلاحات في أجهزة الاستخبارات، في محاولة لاستعادة ثقة الاميركيين في تلك الأجهزة، بعد تسريبات في شأن التنصت أحرجت واشنطن، كشف عنها المتعاقد السابق مع وكالة الامن القومي ادوارد سنودن.
وعرض أوباما مدى التقدّم الذي تحقق في مراجعة تجريها الادارة، في اجتماع مع مدير الاستخبارات الاميركية جيمس كلابر ومدير وكالة الامن القومي كيث ألكسندر ووزير العدل إريك هولدر وجوزف بايدن نائب الرئيس.
وقالت ناطقة باسم مجلس الامن القومي التابع للبيت الابيض: «كانت فرصة مهمة للرئيس للاستماع مباشرة الى فريقه، وهو يبدأ اتخاذ قرارات نهائية في شأن كيفية المضي قدماً في البرامج الرئيسة لجمع المعلومات الاستخباراتية».
كما التقى أوباما أعضاء لجنة مراقبة الخصوصية والحريات المدنية، وهي لجنة مستقلة غير حزبية تراجع ممارسات الاستخبارات الاميركية.
ويتوقع ان تشمل خطة الاصلاح قيوداً على التجسس على قادة اجانب، خصوصاً بعد كشف سنودن تنصت واشنطن على هاتف المستشارة الالمانية انغيلا مركل.
وأعلن البيت الابيض ان أوباما اتصل بمركل وتمنى لها «شفاءً عاجلاً» بعد حادث تزلج تعرضت له، كما دعاها الى زيارة واشنطن «في الوقت الذي يلائم الجانبين خلال الاشهر المقبلة».
على صعيد آخر، اعلن وزير الدفاع الاميركي تشاك هاغل ان الولايات المتحدة تتجه لتطوير شامل لترسانتها النووية، في عملية يقول محللون انها قد تكلّف تريليون دولار خلال 30 سنة.
وقال بعد جولة في مختبرات «سانديا» القومية وقاعدة كيرتلاند الجوية، وهما منشأتان تُستخدمان في صون اسلحة: «يحتاج تحديث مخزون الاسلحة النووية وضمان بقائه سالماً وآمناً، أموالاً وموارد». وأضاف ان تحديث الرؤوس الحربية النووية والغواصات وقاذفات القنابل والصواريخ يتطلب وضع أولويات وتدبير الموازنة، مستدركاً أن الولايات المتحدة «كانت مستعدة دوماً للقيام بذلك الاستثمار، وأعتقد بأنها ستتابع ذلك».
أتى ذلك في اطار جولة على قواعد دعم القوات النووية الاميركية، شملت قاعدة للقوات الجوية حيث تفقّد مخازن الصواريخ الباليستية.
الى ذلك، قُتل شخصان وجرح اثنان وفُقد آخر، بسقوط مروحية للبحرية الاميركية في البحر قبالة نورفولك في فرجينيا، خلال تدريب روتيني.
 
إسرائيل ترفض كشف أسماء دول تصدر إليها أسلحة
تل أبيب - يو بي أي - رفضت إسرائيل كشف أسماء الغالبية الساحقة من الدول التي تصدر إليها أسلحة، بادعاء التحسب من تضرر مصالحها الاستراتيجية، لكن تبين أن بينها دولاً محيطة بإيران وأخرى تحكمها أنظمة ديكتاتورية.
وأفادت صحيفة «هآرتس»، امس، بأن النيابة العامة الإسرائيلية ردت على أمر صادر عن محكمة إسرائيلية بأنه يتم تصدير السلاح لخمس دول، هي الولايات المتحدة وبريطانيا واسبانيا وكوريا الجنوبية وكينيا، لكن الصحيفة أكدت أن إسرائيل صدرت أسلحة إلى 29 دولة على الأقل خلال العقد الأخير.
وأضافت النيابة العامة أنه بإمكان جهاز الأمن الإسرائيلي كشف الدول الخمس المذكورة فقط وذلك «تحسبا من قطع علاقات أمنية وإستراتيجية». وجاء قرار المحكمة في أعقاب التماس طالب بكشف أسماء أشخاص وشركات مسجلة في سجل الصادرات الأمنية وتراخيص التسويق والتصدير الأمني التي منحتها دائرة مراقبة الصادرات الأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، وذلك في موازاة احتجاج أعضاء كنيست على أنه ليس معلوما لديهم حول الدول التي تصدر إليها الأسلحة الإسرائيلية.
ونقلت الصحيفة عن الباحث ييفتاح شابير، مدير مشروع التوازن العسكري في الشرق الأوسط في «معهد أبحاث الأمن القومي» في جامعة تل أبيب، «توجد أمور لا يسرنا أنها تُباع، ويوجد زبائن لا يسرنا أنهم يشترونها، وثمة أمور يتعين علينا الامتناع عنها» مضيفا أنه «توجد أنواع أسلحة وتوجد أنواع من الزبائن، الذين كان من الأفضل ألا يلتقوا».
وأشار شابير إلى أن إسرائيل صدرت في الماضي أسلحة إلى نظام التمييز العنصري في جنوب أفريقيا مشيرا إلى أنها «زبون ألحقت العلاقات معه أضرارا كبيرة» بإسرائيل.
وتابع شابير أن «هناك اشاعات بأننا طورنا أمورا خاصة بدولة إسرائيل، واليوم هناك حكام مستبدون يستخدمون الخبرات الإسرائيلية من أجل ارتكاب أعمال قمع و فظائع، وكان من الأفضل لو لم يتم بيعهم أسلحة».
وكانت النيابة العامة الإسرائيلية ردت على الالتماس لدى تقديمه، قبل عام، بأن يوجد دول «ليست معنية بالنشر عن علاقاتها الأمنية مع إسرائيل بسبب وضعها الدولي الحساس» وأن الكشف عنها «قد يؤدي إلى قطع العلاقات الأمنية والاستراتيجية بين إسرائيل وهذه الدول، والتسبب في ممارسة ضغوط على دول أخرى لكي تقطع علاقاتها مع إسرائيل».
وإضافة إلى بيع إسرائيل أسلحة لأنظمة ديكتاتورية في أفريقيا، مثل أوغندا، ودول في أميركا الجنوبية، فإنها باعت أسلحة، وفقا لـ«هآرتس»، إلى دول تحد بإيران أو قريبة منها، وبينها أذربيجان وتركمانستان وباكستان.
وذكرت الصحيفة إن وزارة «الدفاع الإسرائيلية تسعى إلى منع نقاش عام والتحقيق في مسائل أخلاقية متعلقة ببيع الأسلحة إلى أنظمة ديكتاتورية، ولكي تخفي أيضا إخفاقاتها المقلقة حول مراقبة المصدّرين».
 
قمة لدول وسط أفريقيا تطالب بانغي بإنهاء العنف
نجامينا - أ ف ب
عقدت دول المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا المجاورة لجمهورية أفريقيا الوسطى قمة طارئة في العاصمة التشادية نجامينا أمس، يتوقع أن توجه تحذيراً إلى رئيس هذه الدولة ميشال جوتوديا لإعادة فرض النظام في بلاده التي تشهد منذ أشهر أعمال عنف دينية دامية.
ويحضر جوتوديا، زعيم حركة متمردي «سيليكا» السابقين الذين أطاحوا الرئيس فرنسوا بوزيزيه من السلطة في آذار (مارس) الماضي، ورئيس وزراء أفريقيا الوسطى نيكولا تيانغاي القمة التي دعا إلى عقدها الرئيس التشادي إدريس ديبي الذي يتولى الرئاسة الدورية للمنظمة.
ورداً على سؤال وجهته قناة «فرانس 2» حول ما إذا كانت استقالة جوتوديا ستسهل معالجة الأزمة في أفريقيا الوسطى، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إنه «نظراً الى المرحلة الانتقالية السياسية ولأن الدولة مشلولة فيجب اتخاذ قرارات، وسنرى ماذا سينتج من اجتماع أصدقائنا الأفارقة».
لكن رئاسة أفريقيا الوسطى نفت تفكير الرئيس جوتوديا في الاستقالة، بينما ذكرت المجموعة الاقتصادية أن هذا الأمر غير مطروح على قمة رؤساء الدول.
وأعلن علامي أحمد، الأمين العام للمجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا، أن «القمة تنعقد بسبب تدهور الوضع الأمني»، مطالباً سلطات أفريقيا الوسطى بتحسين أدائها بدلاً من هدر الوقت في الشجار والخصام علناً. وأضاف: «نشاهد وضعاً مزرياً، إذ تبدي السلطات الانتقالية عجزها عن حل المشكلة، فيما يصب المجتمع المدني وطبقة سياسية الزيت على النار».
وستبحث القمة أيضاً إرسال تعزيزات سريعة إلى القوة الأفريقية لمساعدة أفريقيا الوسطى (ميسكا)، وهو ما تطلبه فرنسا، التي لا تريد نشر أكثر من 1600 عسكري في عملية سنغاريس. وعلّق فابيوس على هذا الأمر قائلاً: «لا نريد الوقوع في دوامة، لكن يجب أيضاً أن يدعمنا آخرون، وأولهم الأفارقة ثم الأوروبيون، علماً أن وزراء الخارجية الأوروبيين سيجتمعون في بروكسيل في 20 الشهر الجاري. وتضم قوات «ميسكا» 4 آلاف عسكري، فيما أعلنت رواندا أول من امس أنها سترسل 800 جندي خلال عشرة أيام.
وعموماً، توقفت المجازر التي ارتكبت على نطاق واسع خلال الأسابيع الأخيرة في عاصمة أفريقيا الوسطى بانغي، واستعاد قسم من المدينة نشاطه في شكل شبه عادي، لكن لا تزال تحصل تجاوزات وعمليات إطلاق نار ليلاً.
 
المحتجون الأبطال في مصر يتحملون مسؤولية الفوضى التي أعقبت شكاواهم
اريك تراجر
إريك تراجر هو زميل واغنر في معهد واشنطن.
نيو ريبليك
في حفل افتتاح مونتاج "الميدانThe Square " - الفيلم الوثائقي من إنتاج جيهان نُجيم عن ثوار "ميدان التحرير" في مصر الذي أُدرج على قائمة الأوسكار القصيرة - التقينا بأحمد، ناشط في العشرينات من عمره كان يفسّر دوافع انتفاضة عام 2011 التي أطاحت بحسني مبارك، حيث قال، "كانت مصر تعيش بلا كرامة، والظلم كان موجوداً في كل مكان". وأخبرنا أحمد بأنه بدأ يعمل منذ أن كان في الثامنة من عمره، عندما كان يبيع الليمون لدفع الإجور الدراسية للصف الخامس. وأضاف قائلاً، "عشت حياتي كلها تحت ظلم مبارك"، بينما كانت تُعرض أشرطة فيديو يوتيوب تصور وحشية الشرطة وأعمال التعذيب والقتل. ثم ينقلنا الفيلم بسرعة إلى قلب "ميدان التحرير" في أواخر كانون الثاني/يناير 2011، عندما صمدت جماهير المتظاهرين التي لم يمكن بالإمكان قهرها أمام حملة القمع التي حاولت قوات الأمن القيام بها، وتفادت الطلقات النارية ورصاص الخرطوش، واستمتعت بزوال مبارك في النهاية. وقال أحمد، وهو ينظر إلى الوراء ويشعر منتصراً، "استعدنا حريتنا. كنا نحلم أن تكون مصر في يوم من الأيام مثل «ميدان التحرير»."
وهذا التفاؤل الفطري، فضلاً عن الناشطين الشباب ذو الجاذبية الفوتوغرافية الذين قاموا بأدوارهم على نحو جميل جداً، كانوا ثملين بشكل لا يقبل الجدل خلال "الربيع العربي" عام 2011. كنتُ في "ميدان التحرير" خلال الأيام الأولى للانتفاضة، ولا أزال أعتبرها الشيء الأكثر إلهاماً الذي شهدته في حياتي. ولكن بعد مرور ثلاث سنوات بائسة - تناوبت خلالها السلطة الزمنية بين المجالس العسكرية ورجال الدين - يبدو الآن أن أمل الناشطين هو أسوأ من أن يكون شيئاً مثيراً للعجب، حيث يبدو وهمياً. ولكن بدلاً من دراسة أوهام الناشطين، ناهيك عن تحليلها بأي شكل له مغزى، يروي الفيلم "ّالميدان" بسالتهم ويحييهم على إدخالهم "ثقافة الاحتجاج"، حتى في الوقت الذي تشتعل فيه مصر بصورة أكثر عنفاً من أي وقت مضى.
ويقيناً، لم يتوقع النشطاء مطلقاً بأن احتجاجاتهم من 25 كانون الثاني/يناير 2011 ضد وحشية الشرطة من شأنها أن تحفز الاطاحة بمبارك بعد مرور ثمانية عشر يوماً فقط. لذا فإن عدم تأهبهم لمواجهة التحديات اللاحقة كان، إلى حد كبير، مفهوماً. ولكن من خلال تتبع فيلم "الميدان" بأكمله، نرى أن النشطاء لم يتعلموا أي شيء تقريباً من سوء تقديراتهم للمتغيرات بينما كان الوقت يمضي قدماً.
وفي هذا الصدد تبرز علاقة المحتجين مع الجيش. وفي حين أن المجموعة الصغيرة من المتظاهرين التي يركز عليها "الميدان" تتقبل بحذر الانقلاب العسكري الذي أعقب سقوط مبارك في شباط/فبراير 2011، إلا أن الجزء الأكبر من الفيلم يسلّط الضوء على العنف الشديد لحكم المجلس العسكري الذي دام 16 شهراً. وخلال تلك الفترة، تم تقديم أكثر من 12000 شخص من المدنيين إلى المحاكمة أمام المحاكم العسكرية المصرية، ويتم الآن إحياء ذكرى القتلى من حملات القمع التي قامت بها قوات الأمن ضد المتظاهرين، وذلك من قبل المواقع الجغرافية في جميع أنحاء "ميدان التحرير" - ماسبيرو، ومحمد محمود، ومجلس الوزراء - كما لو أنها كانت معارك رئيسية في حرب مطوّلة. وأبطال الفيلم هم أحياناً بين ضحايا هذه المعارك، حيث يتم مطاردتهم وضربهم من قبل البلطجية، كما يواجهون الاختناق مراراً وتكراراً من الغاز المسيل للدموع الذي انتهت صلاحية استعماله. وفي مرحلة ما، أصيب أحمد برصاص خرطوش في الرأس. وينحسر العنف مؤقتاً في أعقاب فوز محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية في حزيران/يونيو 2012، مع انتهاء فترة حكم المجلس العسكري بعد ذلك بوقت قصير.
ولكن بعد مرور عام واحد - وبعد 15 دقيقة فقط من فوز مرسي في الفيلم الذي يمتد 100 دقيقة - نرى النشطاء وهم مستعدون فجأة لقبول عودة الجيش إلى السلطة. وقد أدت مناورات مرسي الديكتاتورية وطموحاته الثيوقراطية، إلى جانب أسلوبه في استخدام بلطجية «الإخوان» لتعذيب وقتل المتظاهرين، إلى تحريض قيام حركة جماهيرية ضده، ونزول أبطال الفيلم بفارغ الصبر إلى الشوارع. ويطرح أحمد سؤالاً بلاغياً بقوله، "هل تعتقد أن الجيش كان سيتصرف بنفس الطريقة التي عمل بها؟". ومن الواضح أنه لا يعتقد ذلك، لأنه أفرط مرة أخرى في موضوع الحماسة ضمن احتجاجات حاشدة أخرى، وبالتالي اقتنع بأن "القوة الآن هي في أيدي الشعب". ويظهر كما لو أن السبعين دقيقة الأولى من الفيلم لم تحدث أبداً، كما لو أن النظام العسكري السابق لم يصيب أحمد بالرصاص في رأسه.
وفي الواقع، أُخذ الأنصار مراراً وتكراراً على حين غرة - وليس فقط من قبل الجيش. فخلال انتفاضة 2011، خاض النشطاء أول مواجهة لهم مع «الإخوان المسلمين»، واتخذوا قراراً مفاده بأن المنظمة ليست رهيبة إلى حد كبير. ويقول أحد الناشطين في «ميدان التحرير» بأن "«الإخوان المسلمين» عادة ما يشكلون أكبر خوف لدينا. ولكن الجميع داخل «ميدان التحرير» هم أناس آخرين الآن". بيد، انتهت فترة الإزهار وسقط البرعم من الوردة في غضون أشهر بعد الإطاحة بمبارك: ويستخدم «الإخوان» الاحتجاجات الخاصة بهم في «ميدان التحرير» لإجبار الجيش على إجراء انتخابات، يفوز فيها «الإخوان»، ويتهم فيها النشطاء أعضاء «الجماعة» بخيانتهم. ويقول أحمد "عندما حصل «الإخوان» على ما أرادوه من الجيش، تركونا وحدنا في «ميدان التحرير» لكي نعاني من الضرب الجسدي والاعتقال والموت."
وليس من المستغرب أن يؤخذ النشطاء على حين غرة بشكل روتيني وبصورة ذاتية التدمير: فعملياً هم لا يغادرون أبداً "ميدان التحرير". ولا يغامرون في الدخول إلى الأحياء الفقيرة في القاهرة. ولا يتكلمون مع المواطنين في دلتا النيل أو مصر العليا. وباستثناء مجدي، عضو «الإخوان المسلمين» - الذي أقام معه النشطاء علاقات صداقة في "ميدان التحرير" وتتضافر فيه آراء أكثر تبايناً في الفيلم، وبالتالي فهو شخصية مثيرة للاهتمام - لا يتعاطى النشطاء حقاً مع أي شخص لا يناسب لمحتهم العامة عن حياته ألا وهي: شاب، شبه عالمي الأفق، ويساري غامض. وفي الواقع، لا يتحدث النشطاء حتى مع أصحاب المتاجر على طول محيط "ميدان التحرير"، والذين - كما أخفق فيلم "الميدان" في إظهارهم - أصبحوا محبطين إلى حد كبير بسبب الفعاليات الاحتجاجية المستمرة للنشطاء بحيث أنهم ساعدوا قوات الأمن بشغف من أجل تنظيف "ميدان التحرير" بعد أن شهد اعتصامات دامت شهراً في آب/أغسطس 2011.
وحتى في تلك المناسبات النادرة التي يواجه فيها النشطاء شخصاً لديه وجهة نظر مختلفة، فهم أكثر عرضة للصراخ من الاستماع. وفي هذا السياق، عندما يروي أحد أعضاء «الإخوان المسلمين» لأحمد بأن «الجماعة» هي التي قامت بالثورة، أدى الأمر إلى انفعال أحمد وانفجاره غضباً، وكان يتوجب جره بعيداً عن زملائه. وبالمثل، عندما قالت المؤلفة منى أنيس في تموز/يوليو 2011 أن الانتخابات البرلمانية ستُنهي الحكم العسكري، قال لها الناشط (والنجم في فيلم «ذي كايت رنر») خالد عبد الله باستخفاف بأنها "تعيش في فراغ"، وأصرّ على أنه لا يمكن إجراء انتخابات لأنه "لا توجد أحزاب مقبولة."
بيد، لم يحاول النشطاء مطلقاً تشكيل حزب خاص بهم. ويرجع ذلك جزئياً إلى رفضهم للعملية الانتقالية التي حددتها السلطة العسكرية في أعقاب الإطاحة بمبارك، وبموجبها كانت الانتخابات البرلمانية ستسبق صياغة دستور جديد. وقد تمت الموافقة إلى حد كبير على العملية الانتقالية في استفتاء شعبي جرى في آذار/مارس 2011. كما يرجع ذلك أيضاً إلى حقيقة أن الناشطين ليس لديهم أي أيديولوجية واضحة، ناهيك عن برنامج سياسي، يتمكنون من خلالها حشد أي شخص خارج نطاق رفاقهم. وهم يرتلون باستمرار، "الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة"، ولكنهم لا يعطون فكرة حتى للحظة واحدة لما قد يعني هذا الشعار في الواقع من الناحية العملية. ومع ذلك، فربما أكثر من أي شيء آخر، فإن رفض النشطاء تشكيل حزب هو نتيجة للكيفية التي يرون فيها أنفسهم : ببساطة أنهم ذوي مبادئ إلى حد كبير من أن يشاركوا في القضايا السياسية.
ويأتي هذا التقييم الذاتي السخي خلال واحدة من أكثر المشاهد دلالة في الفيلم، وهو صيف عام 2012، أي مباشرة بعد فوز مرسي في انتخابات الرئاسة، عندما كان النشطاء يجلسون ويحللون إخفاقاتهم. ويعترف أحد النشطاء بأن "مشكلتنا الرئيسية كثوار، في معظم الوقت، هي أننا نعترض فقط ونقول 'كلا'، ولا نقترح بدائل". تذكروا، يأتي هذا الإدراك في وقت متأخر إلى أبعد حد في اللعبة - ما يقرب من عام ونصف بعد الإطاحة بمبارك - لكنه يبرز باعتباره اللحظة الوحيدة في الفيلم بأكمله التي ينخرط فيها النشطاء حقاً في أي نقد ذاتي. إلا أنه تم إهماله على الفور من قبل عبد الله، النجم في الفيلم الذي تحول إلى ناشط، والذي أجاب، "السياسة ليست كالثورة، وإذا كنت تريد أن تتصرف بصورة تلائم السياسة، عليك أن تقدم تنازلات، ونحن لسنا جيدين في ذلك، على الإطلاق... نحن لا نعرف كيف نقدم تنازلات". وهذه هي الأمور. إنهم لا يتنازلون. وهم باقون في "ميدان التحرير".
وفيلم "الميدان" بالكاد يصور هؤلاء النشطاء كقصص نجاح، ويعترف بشكل صائب بالعنف الكبير الذي مورس ضد «الإخوان المسلمين» في أعقاب الإطاحة بمرسي في تموز/يوليو 2013. ولكن من خلال تمجيد النشطاء بسبب إدخالهم "ثقافة الاحتجاج" إلى مصر، يتجاهل الفيلم مضاعفات هامة وهي: إن عدم استعداد الناشطين للقيام بأي شيء آخر باستثناء الاحتجاج، أدى في الواقع إلى إبعاد الكثير من المصريين عن هذا التصرف نفسه. وفي الواقع، إن "قانون مكافحة الاحتجاج" الذي أصدرته مؤخراً الحكومة المدعومة من الجيش والذي يحظر التجمعات غير المصرح بها - تلك التي تضم عشرة أشخاص أو أكثر - هو ليس فقط عمل من أعمال نظام استبدادي راسخ. إنه نتاج السياق الاجتماعي الأوسع الذي سئم من الاضطرابات إلى حد كبير بحيث أنه سيوافق على اتخاذ تدابير صارمة ضد أولئك النشطاء أنفسهم الذين أشاد بهم المصريون كونهم أبطالاً قبل ثلاث سنوات فقط.
وإذا واصل النشطاء حملتهم القويمة من أجل مصر غير ديكتاتورية، كما يوحي فيلم "الميدان" بأنهم سيواصلون القيام ذلك، فسيتوجب عليهم تغيير خطاهم: سيتعين عليهم وضع مشروع جدول أعمال ملموس، وإشراك الجمهور المصري بصورة أفضل، وتنظيم دائرة مرور كبيرة واحدة في وسط القاهرة. ومع ذلك، فإن فيلم "الميدان" لا يعطي مشاهديه الثقة بقدرة النشطاء على إعطاء توجيهات تشمل إعادة تقييم تكتيكية، ويبدو أنهم يجهلون بشكل مؤلم بأن ذلك حتى ضرورياً.
 
تداعيات اللهجة الأمريكية غير المؤكدة في الشرق الأوسط
جيمس جيفري
واشنطن بوست
جيمس جيفري هو زميل زائر مميز في معهد واشنطن. وقد شغل منصب سفير الولايات المتحدة في العراق خلال إدارة أوباما.
تمر العراق [حاليا] في مأزق حاسم. فقد أدى تهديد تنظيم «القاعدة» - الذي يتمكن من العمل كقوة عسكرية شبه تقليدية - إلى الاستيلاء على أجزاء كبيرة من غرب العراق، بما فيها أجزاء من الرمادي والفلوجة، وهما اثنتان من المدن الرئيسية في محافظة الأنبار. وفي حين أن الحرب الجامحة في سوريا المجاورة هي السبب الرئيسي لنمو «القاعدة» في العراق - فصيل يطلق على نفسه اسم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - إلا أن الإجراءات الحاقدة التي تتبعها حكومة المالكي تجاه العرب السنة قد ساهمت في ذلك.
وفي الأيام الأخيرة، أسفرت تقارير إخبارية عن تعاون قبائل سنية في الأنبار بصورة غير منتظمة مع حكومة بغداد ضد تنظيم «القاعدة»، وأدت إلى تسريع وتيرة المساعدات العسكرية والمخابرات الأمريكية، إلى إعطاء أسباب للأمل. ولكن بعد ذلك جاء المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يوم الأحد. وعلى الرغم من أن الوزير تحدث عن المخاطر الناجمة عن إحراز تنظيم «القاعدة» تقدم في العراق والتدابير المضادة التي تتخذها الولايات المتحدة، إلا أنه قال ما لا يقل عن أربع مرات أن هذه المعركة لا تخص الولايات المتحدة بل العراقيين. إن هذا التصريح، إلى جانب الحرمان الفوري للاقتراح الذي لا يطرحه أحد - بأن الولايات المتحدة تنشر قوات على الأرض - يضعف جميع الالتزامات الجيدة التي تعهد بها الوزير.
ويقيناً إن كلمات وزير الخارجية الأمريكي لم تكن مطَمْئنة جداً لا لرجال القبائل السنية التي تأمل الولايات المتحدة أن يقاتلوا قوات «القاعدة» المتشددة، ولا حتى لحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي، شريك واشنطن، على الرغم من جميع النواقص التي تعتريه. ويملك العراق مئات الآلاف من الجنود، المسلحين بسخاء من قبل الولايات المتحدة، وبعضهم مدربين تدريباً جيداً وذوي خبرة في القتال. ولكنهم لا يحتاجون فقط إلى "المضاعفات" - أي المزيد من الطائرات بدون طيار وصواريخ جو أرض دقيقة واستخبارات وبعض التدريبات العلاجية في عمليات مكافحة الإرهاب والتنسيق - الأمريكية التي ألمح الوزير بأنه سيتم إرسالها، ولكنهم بحاجة أيضاً إلى الدعم المعنوي. والسؤال هو كيف سيرد المالكي، الشيعي، لتحذيرات الولايات المتحدة بأن يتّبع مساراً مختلفاً مع العراقيين العرب السنة إذا بذلت واشنطن جهداً للتأكيد على أن هذه هي معركته، وليست معركتها؟
ومن ناحية السياسة الواقعية البحتة، إن هذه هي معركة واشنطن. فمن الواضح أن عدم الاستقرار في العراق مع اجتياح تنظيم «القاعدة» للمنطقة الغربية هي ليست في مصلحة الولايات المتحدة إذا أرادت واشنطن قيام شرق أوسط هادئ ووطن آمن. ولا إذا كانت تأمل أن ترى العراق يقوم بمسؤولياته بصورة فعالة من خلال تصدير 6 ملايين برميل من النفط يومياً كما تقدر "وكالة الطاقة الدولية" بأن بإمكان العراق أن يوفرها للأسواق العالمية بحلول عام 2020.
وكما هو الحال في كثير من الأحيان في منطقة الشرق الأوسط، تتخذ إدارة أوباما الإجراءات الصحيحة. ولكن، كما يحدث غالباً في هذه المنطقة أيضاً، تتكلم الإدارة الأمريكية بلهجة تكتنفها الغموض، وعلى ما يبدو أنها تشير للجميع بأن أهم أولوياتها هو عدم انخراط الولايات المتحدة في أي نوع من الاشتباك العسكري - حيث أنها لا تريد فقط تجنب مواجهة فيتنام جديدة بل حتى شن غارة جديدة باستعمال صواريخ كروز، أو وجود عسكري صغير ومستمر في أفغانستان، أو إيفاد بضع عشرات من الخبراء الأمريكيين لمكافحة الإرهاب من القوات النظامية لتقديم المشورة للعراقيين حول كيفية القضاء على تنظيم «القاعدة» في الفلوجة. وكانت النتيجة انهيار غير عادي لمصداقية الولايات المتحدة في المنطقة على الرغم من العديد من الخطوات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية والتي تستحق الثناء.
ومن أجل التحلي بالإنصاف، فإن المشكلة الأساسية - تركيز حصري على الجوانب السياسية ووسائل الإعلام المحلية تجاه أي تحرك في السياسة الخارجية - ليست فريدة من نوعها لهذه الإدارة. ففي هذه الحالة وفي حالات أخرى مؤخراً - مثل التناقض الذي جاء في خطاب الرئيس الأمريكي في أيلول/سبتمبر حول سوريا ودور الولايات المتحدة التاريخي في الأمن العالمي، وتعبيره عن قلقه، في مقابلة في شهر حزيران/يونيو الماضي، عن منحدر زلق إذا ما قررت الولايات المتحدة القيام بعمل عسكري في سوريا - يبدو أن الهدف هو تحصين الإدارة الأمريكية من الانتقادات التي تقول بأنها "لم تنهي المهمة" ضد عدو معين أو أنها تتحرك في الاتجاه المعاكس لسياستها المتمثلة بـ "إنهاء حروب أمريكا." وكما كان عليه الحال مع الإدارات السابقة، إن الشئ الذي يفتقر إليه هذا التركيز هو التعاطف مع التأثير الناجم عما تقوله الولايات المتحدة إلى الأجانب - حلفاء واشنطن وشركائها وخصومها في جميع أنحاء العالم. فهم أيضاً جمهور، والحلفاء والشركاء "يسحبون أرجلهم"، بدءاً من رفضهم قبول مقاعد في مجلس الأمن الدولي إلى انتقاداتهم لسياسات الولايات المتحدة في مؤتمرات صحفية في تل أبيب. وسوف تستمر الفوضى في تهديد الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وأماكن أخرى إلى أن يتغير هذا التركيز.
 
الرئيس روحاني و "الحرس الثوري"
مهدي خلجي
مهدي خلجي هو زميل أقدم في معهد واشنطن.
تشكل علاقة الرئيس حسن روحاني مع "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني عملية مركزية تتميز بفاعلية مستمرة في سياسة البلاد واقتصادها. وكما هو الحال دائماً، فإن آية الله علي خامنئي هو الذي يحدد في النهاية أدوار الرئيس و"الحرس الثوري"، لذلك سعى روحاني إلى متابعة الأولويات الاقتصادية لسياسته دون اجتياز صلاحية المرشد الأعلى أو النخبة العسكرية حول القضية النووية.
ضبط الدور السياسي والاقتصادي لـ "الحرس الثوري"
على عكس الرؤساء السابقين، يبدو روحاني غير راغباً في السيطرة على "الحرس الثوري" أو تحدي مباشرة نفوذه على مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية في إيران. وبدلاً من ذلك، تَمَثل نهجه في إعادة تشكيل مهام "الحرس الثوري" بواسطة المرشد الأعلى - الذي هو القائد العام للقوات المسلحة بأكملها - بدلاً من اتخاذ مبادرة مستقلة. ويعني ذلك إقناع خامنئي على تحسين الاقتصاد من خلال ضبط دور "الحرس الثوري" في السياسة والأعمال، والحد من تأثيره على القطاع العام وإضعاف قدرته على المنافسة مع القطاع الخاص.
وبالفعل، فقد كبح روحاني دور "الحرس الثوري" في بعض المشاريع الاقتصادية، ولم تعتبر القيادة العسكرية حتى الآن بأن تصرفاته تشكل تهديداً. ورد "الحرس الثوري" بقوة ضد التصريحات والسياسات المتحدية للرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، ولكن في تعامله مع أجندة روحاني لم يذهب أبعد من الخطوط التي رسمها خامنئي. وقد يكون هذا الموقف أيضاً دليلاً على خلفية الرئيس الجديد - فقد عمل روحاني في الجيش والأجهزة الأمنية منذ بداية الجمهورية الإسلامية.
ويبدو أن روحاني والمرشد الأعلى ينظران إلى خفض الدور الاقتصادي لـ "الحرس الثوري" بأنه يعتبر تحركاً عملياً أكثر من كونه مناورة سياسية. ولم تكن الإدارة الاقتصادية لـ "الحرس الثوري" في العديد من المناطق مربحة بما فيه الكفاية بالنسبة للنظام. وعلاوة على ذلك، فإن هيمنة الجيش على المجال الاقتصادي قد هددت الشرعية الداخلية للنظام، وعرّضته لمزيد من العقوبات الدولية، لأن الشركات التي يديرها "الحرس الثوري"، تشكل أهدافاً سهلة للحكومات الغربية. ويهتم روحاني بالاقتصاد أكثر من أي قضية أخرى، لذا فقد يكون قد أقنع المرشد الأعلى بأن إنهاء العقوبات وجذب المستثمرين الأجانب وتحسين الإدارة سيكون أسهل بكثير إذا وافق "الحرس الثوري" على الحد من شهيته الاقتصادية. ومنذ توليه منصبه، خفض الرئيس الجديد أيضاً من ميزانية ميليشيا "الباسيج"، ورفض زيادة ميزانية "الحرس الثوري"، وعيّن عدداً من قادة "الحرس الثوري" في حكومته الذي هو أقل بكثير من عدد الذين عيّنهم أحمدي نجاد.
ولكن لا يزال روحاني يرى دوراً اقتصادياً حيوياً لقوات "الحرس الثوري". ففي خطابه في 16 أيلول/سبتمبر، دافع عن الفيلق ونفى "الشائعات" حول امبراطوريته الاقتصادية وقال: "الحرس الثوري ليس منافساً للشعب أو القطاع الخاص. وهو ليس مقاولاً مثل أي مقاول عادي آخر... ينبغي على "الحرس الثوري" أن يتولى مشاريع كبيرة لا يستطيع القطاع الخاص التعامل معها... و "الحرس الثوري" على علم بظروف الحكومة والبلاد بشكل جيد للغاية... كنا نبيع 2.5 مليون برميل من النفط يومياً، بينما نبيع الآن أقل من مليون ب/ي، في عام نحتاج فيه إلى استيراد 7.5 مليون طن من القمح. ولذا يتوجب على "الحرس الثوري"... تقاسم أعباء الحكومة".
أما بالنسبة للدور السياسي لـ "الحرس الثوري"، فيبدو أن خامنئي وروحاني يتفقان في الرأي. ففي اجتماع مع قادة "الحرس الثوري" في 17 أيلول/سبتمبر، قال خامنئي : "«الحرس الثوري» هو الوصي على الثورة الإسلامية. لا أريد أن أقترح بأنه يتعيّن على "«الحرس الثوري» أن يكون الوصي في جميع المجالات : العلمية والفكرية والثقافية والاقتصادية. كلا... ليس من الضروري أن ينخرط «الحرس الثوري» في المجال السياسي لكي يحرس عليه، لكنه يجب أن يكون على دراية في المجال السياسي... ومن السذاجة بمكان الحد من التحديات التي تواجه الثورة وتركيزها على التحديات السياسية والحزبية والفئوية. هذه ليست التحديات الرئيسية للثورة. هذه معركة بين الفصائل السياسية... إن التحدي الرئيسي للثورة هو تقديم نظام جديد للإنسانية... أنتم الأوصياء على الثورة الإسلامية؛ وهذا لا يعني أنه يتوجب عليكم أن تكونوا موجودين في جميع المجالات والميادين". وكان هذا نفس الخطاب الذي تحدث فيه عن "المرونة البطولية" في الدبلوماسية - وهي صياغة تفسَّر على نطاق واسع كموافقة على الهدف الجديد للرئيس والمتمثل في التعاطي مع الغرب بشأن القضية النووية.
وقبل يوم من تصريحات خامنئي، خاطب روحاني شخصياً قادة "الحرس الثوري". وعلى الرغم من أنه وصف الفيلق باسم "حبيب القلوب"، أشار إلى أنه "يجب على «الحرس الثوري» فهم السياسة جيداً ولكن لا ينبغي عليه التدخل فيها لأنه تابع للأمة الإيرانية كلها" - وهذه نفس الرسالة بالضبط التي نقلها خامنئي في اليوم التالي. وقد انتقد كلا الرجلين دعم "الحرس الثوري" لفصائل سياسية محددة.
ولا يشكل الإصلاحيون أو نشطاء "الحركة الخضراء" تهديداً لسلطة خامنئي في الوقت الراهن، لذا فإن المرشد الأعلى لا يحتاج بأن يلعب "الحرس الثوري" دوراً جريئاً في السياسة. ومع ذلك، فقد يتغير موقفه إذا تغيرت احتياجاته السياسية.
روحاني و "الحرس الثوري" حول القضايا النووية
في 30 أيلول/سبتمبر، أشاد القائد العام لقوات "الحرس الثوري" الفريق محمد جعفري بخطاب روحاني في الأمم المتحدة الذي ألقاه في 24 أيلول/سبتمبر وبمبادراته الدبلوماسية في نيويورك لكنه انتقد محادثته الهاتفية مع الرئيس أوباما التي جرت في 27 أيلول/سبتمبر وشهدت زخماً إعلامياً كبيراً، حيث قال: "لقد أثبت السيد روحاني والوفد المرافق له في هذه الرحلة ... بأنهم مخلصين للمبادئ ويسيرون قدماً في اتجاه الثورة الإسلامية، وإطار وسياسات النظام والمرشد الأعلى"، لكنه أشار بعد ذلك إلى أنه "كان يجب أن تؤجل المحادثة الهاتفية إلى أن نتحقق من صدقية الولايات المتحدة وخطواتها العملية."
وقد اتبع خامنئي مساراً مماثلاً. وإذا كان قد وافق على المكالمة الهاتفية مسبقاً أم لا، فقد رأى المرشد الأعلى بأنه من الضروري أن ينأى بنفسه منها بصورة علنية من أجل الحفاظ على صورته المعادية للولايات المتحدة. فخلال خطاب ألقاه في 5 تشرين الأول/أكتوبر وصف ضمناً تلك المكالمة بأنها "غير لائقة". ولكنه قدم أيضاً دعماً قوياً وصريحاً لـ "ديناميكية روحاني الدبلوماسية"، مشيراً إلى أنه يثق في فريق التفاوض وعبّر عن تفاؤله بنجاحهم. بالإضافة إلى ذلك، وضع حدود للمتشددين الذين ينتقدون مبادرات روحاني. وفي 3 تشرين الثاني/نوفمبر، وبعد اشتداد حدة تلك الانتقادات، دافع خامنئي بصراحة عن جهود روحاني تجاه القضية النووية : "لا ينبغي لأحد أن ينظر إلى أعضاء فريقنا التفاوضي بأنهم يريدون التوصل إلى حل وسط؛ فهم أبناؤنا وأبناء الثورة. لديهم مهمة صعبة، ولا ينبغي لأحد أن يسعى إلى إضعاف مسؤول يقوم بواجبه الرسمي".
ولم يَعْبر "الحرس الثوري" الخط مطلقاً في انتقاد المفاوضات النووية، إلا أن ذلك يعود إلى حد كبير لأن قادته يشاركون رسمياً في وضع السياسة النووية. وفي 5 أيلول/سبتمبر، كلف روحاني وزارة الخارجية بإجراء المفاوضات النووية. ولكن كما أوضح وزير الخارجية محمد جواد ظريف للصحفيين في 10 أيلول/سبتمبر، "سوف تتُخذ السياسات والقرارات بشأن القضايا النووية في «المجلس الأعلى للأمن القومي» ... على أساس الضروريات؛ إن وزارة الخارجية مخولة لاستخدام الاستراتيجيات والتكتيكات المناسبة للمفاوضات". وكل من المرشد الأعلى و"الحرس الثوري" ممثل تمثيلاً جيداً في «المجلس الأعلى للأمن القومي». كما أن الفريق جعفري هو عضو في «المجلس»، وقدعين خامنئي ممثلَيْن شخصيَيْن له في الهيئة وهما: الأمين العام لـ «المجلس» علي شمخاني والمفاوض النووي السابق سعيد جليلي. ويعطي هذا الترتيب القدرة لـ «المجلس الأعلى للأمن القومي» على صياغة السياسة النووية وتحديد اتجاه المفاوضات حتى في الوقت الذي تجري فيه وزارة الخارجية المحادثات بنفسها.
وتعكس أيضاً تصرفات المرشد الأعلى خارج الساحة النووية اعتقاد خامنئي بأن روحاني ومجلس الوزراء يخضعان بقوة إلى نفوذه. على سبيل المثال، فوّض خامنئي سلطته على الشرطة - التي كانت سابقاً تحت إمرته مباشرة - إلى وزير داخلية روحاني، عبد الرضا رحماني فضلي، الذي لا يتمتع بخلفية عسكرية ولكنه عمل ذات مرة في جهاز الاستخبارات والأمن الوطني. ولم يفعل خامنئي الشيء نفسه في ظل رئاسة محمد خاتمي، الرئيس الإصلاحي السابق الذي قارنه ذات مرة العديد من المراقبين بروحاني.
الخاتمة
لعل أفضل ملخص لمنهجية روحاني تجاه "الحرس الثوري الإيراني" قد ظهر في 17 ايلول/سبتمبر في مقالة على موقع "آليف"، الذي يديره النائب المحافظ البارز أحمد توكلي. وقد وصفت تلك المقالة غير الموقعة الرئيس روحاني بأنه شخص "يتفهم علاقات القوة في الجمهورية الإسلامية... ويعلم أن نجاحه يعتمد على المشاركة البناءة مع المؤسسات المؤثرة... وعلى عكس خاتمي، لا يرى الرئيس الإيراني أن التعاطي مع "الحرس الثوري" يشكل عقبة أمام الديمقراطية، وعلى عكس أحمدي نجاد، لا ينظر إلى مثل هذه المؤسسات باعتبارها عائقاً أمام سلطته المستقلة... وقد يكون لديه بعض التعاطف تجاه خاتمي أو أحمدي نجاد، لكنه يتبع مساراً مختلفاً ويفضل عدم خلق توتر مع هذه المؤسسات". ووفقاً للمقالة، يتصرف روحاني بطريقة "تشعر فيها جميع المؤسسات القوية بأنها مدينة له، وهذا هو سر بقاء التكنوقراط التقليديين في الجمهورية الإسلامية".
ومن الناحية العملية، أدى هذا النهج إلى تعاون روحاني مع خامنئي في العمل على ضبط الوظائف الاقتصادية لـ "الحرس الثوري". ويتناسب ذلك مع مصلحة خامنئي الواضحة في ضمان [عدم تعزيز مكانة] "الحرس الثوري" لكي لا يصبح قوياً ويخرج عن نطاق سيطرته. وفي الوقت نفسه، لم يتجاوز روحاني "الحرس الثوري" بشأن القضية النووية على الرغم من تواصله المستمر مع الغرب.
 
  
 
 

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,667,991

عدد الزوار: 6,960,301

المتواجدون الآن: 58