المدن السورية تواصل انتفاضتها.. والمعارضة تؤجل إعلان «المجلس الوطني»

الأسد يرفض التنحي ويحذر أنقرة: إذا كانت تركيا تريد أن تلعب دور المرشد.. فهذا مرفوض

تاريخ الإضافة الثلاثاء 23 آب 2011 - 4:42 ص    عدد الزيارات 2467    القسم عربية

        


 

 
الأسد يرفض التنحي ويحذر أنقرة: إذا كانت تركيا تريد أن تلعب دور المرشد.. فهذا مرفوض
قال في مقابلة مع التلفزيون السوري: إن أي عمل عسكري ستكون تداعياته أكبر مما يمكن تحمله
دمشق ـ بيروت: «الشرق الأوسط»
أكد الرئيس السوري بشار الأسد أمس أنه «غير قلق» من الجانب الأمني، في بلاده، التي تشهد اضطرابات متواصلة دخلت شهرها السادس، مشيرا إلى تحقيق ما سماه «إنجازات» في هذا المجال، وأكد في المقابل وجود تحسن اقتصادي في مقابلة أجراها معه التلفزيون السوري الرسمي أمس. وأكد الأسد كذلك في المقابلة أن دعوات الدول الغربية له بالتنحي وفي مقدمها الولايات المتحدة «ليس لها أي قيمة»، منتقدا دور تركيا، وقال: «إذا كانت تركيا تريد أن تلعب دور المرشد فهذا مرفوض».
وشدد الأسد على أن لا خوف من تدخل عسكري غربي في سوريا. معتبرا أن تداعيات العمل العسكري ضد سوريا ستكون أكبر بكثير مما يتحملونه، ولذلك علينا أن نفرق بين التهويل والحرب النفسية والحقائق، فإذا كنا سنخاف من مجلس أمن وغيره، فعلينا ألا نواجه بالأساس، وألا نتمسك لا بالحقوق ولا بالثوابت، فعلينا أن نضع الخوف جانبا وأن نستمر إلى الأمام. ولا ننسى أن هذه الدول وضعها ضعيف ولم نخضع عندما كانت في ذروة قوتها، فهل نخضع اليوم؟
وأشار الأسد إلى أنه «كان المطلوب إسقاط سوريا خلال أسابيع، ملاحظا خلال الفترة الماضية أنه كان هناك سوء فهم لمهام الحوار الوطني وتسارع الأحداث دفعنا لكي نبدأ بحوار مبدئي واستغلينا الحوار لجس نبض الشارع، وهم نماذج من مختلف شرائح المجتمع السوري من شاركوا، والآن صدر جزء من القوانين والباقي على الطريق ونحن في مرحلة انتقالية وسيكون هناك انتخابات ومراجعة للدستور وهذه المرحلة حرجة وحساسة وأهم شيء أن يستمر الحوار». وشدد الأسد على أن «لا شيء اسمه الحل الأمني بل الحفاظ على الأمن والحل بسوريا سياسي ولكن عندما يكون هناك حالات أمنية لا بد من معالجتها عبر الشرطة والأجهزة الأمنية، والخيار بالنسبة لنا هو الخيار السياسي الذي لا ينجح دون الحفاظ على الأمن».
وقال الأسد في المقابلة ردا على الأصوات المنادية بتنحيه: «من خلال الامتناع عن الرد نقول كلامكم ليس له أي قيمة» معتبرا أن «هذا الكلام لا يقال لرئيس لا يبحث عن المنصب ولم يأت به الغرب رئيس أتى به الشعب السوري رئيس ليس مصنوعا في الولايات المتحدة».
وردا على مطالبة الدول الغربية بإجراء إصلاح في سوريا اعتبر الأسد أن هذا الأمر «ليس هدفا لهم لأنهم لا يريدون الإصلاح خصوصا الدول الاستعمارية من الدول الغربية التي تريد منك أن تتنازل عن حقوقك كالمقاومة وحقك في الدفاع عن نفسك من أعدائك وهذا شيء لن يحلموا به لا في هذه الظروف ولا في ظروف أخرى».
وعن اتهام النظام السوري بانتهاك حقوق الإنسان عبر عمليات القمع الدامية بحق المتظاهرين المناهضين للنظام! قال الرئيس السوري «هذا مبدأ مزيف يستند إليه الغرب كلما أراد الوصول إلى هدف». وأضاف «لننظر إلى التاريخ الراهن لهذه الدول من أفغانستان إلى العراق مرورا بليبيا من هو المسؤول عن المجازر التي أوقعت ملايين الضحايا والجرحى والأرامل وإذا أخذنا وقوفها إلى جانب إسرائيل نسأل من هو الذي يجب أن يتنحى».
ولفت الأسد إلى أن «هناك أشياء جديدة فيما يتعلق بالقوانين تزيد من شفافية الانتخابات.. ولكن تطبيق القانون يعود للمواطنين ومن سيختارون، وباعتقادي كيف ندفع شريحة الشباب في مؤسساتنا وهناك شعور كبير لديهم بالتهميش وهذا خطير ولا بد أن نفكر بطريقة مختلفة أن هذا الشاب له دوره». وأعلن أنه «في هذا الأسبوع وخلال الأيام القادمة حتى الخميس سنصدر اللجنة المعنية بقبول الطلبات للأحزاب، وأنهينا تقريبا البحث عن الأسماء للجنة، وقانون الانتخابات مرتبط بقانون الأحزاب وقانون الإدارة المحلية الذي سيكون جاهزا خلال أيام». وأضاف: «هناك من طرح تعديل المادة 8 في الدستور وهي جوهر النظام السياسي وتبديل هذه المادة فقط كلام غير منطقي وتبديل باقي المواد دونها غير منطقي».
وأشار الأسد إلى أنه «صدر حتى الآن 3 قوانين ومن يريد أن يؤسس حزبا يستطيع أن يتقدم للجنة التي ستشكل. ومن الأسبوع المقبل سنكون جاهزين لقبول طلبات من الأحزاب».
وأوضح الأسد أنه «ستتم محاسبة من أخطأ بالمرحلة الماضية، وتمت محاسبة عدد محدود من الأشخاص وهذا ارتبط بوجود أدلة دامغة بتورطهم ومن تورط سيحاسب ولن نبرئ مذنبا ولن نحاكم بريئا، وربما سيكون ظهور إعلامي على اللجنة التي شكلناها لهذا الموضوع وفي المبدأ لديها شفافية تامة وغطاء كامل وحق الدم هو للدولة لا فقط للعائلة ودون محاسبة لا يمكن أن يكون هناك انضباط بالمؤسسات».
ورفض الأسد ما تدعو له الدول الغربية، مشيرا إلى أن «كل ما نقوم به لا يكفي والإصلاح ليس هدفا بالنسبة لهؤلاء وهم لا يريدون أن نصلح، والإصلاح لهذه الدول الغربية الاستعمارية ولا أقول كل الغرب هو أن نقدم لهم كل ما يريدونه والتنازل عن المقاومة وعن حقوقنا وهذا لن يحلموا لا بهذه الظروف ولا بظروف أخرى». وعن علاقة سوريا مع الغرب، أشار الأسد إلى أنها «علاقة نزاع على السيادة ونحن نتمسك بسيادتنا دون تردد وهم يحاولون نزعها عنا وكانوا يحاولون بكل مناسبة التدخل بسيادتنا ونحن كنا نفهمهم أن سوريا بلد لا يمس بسيادته». وعن كلام الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي دعاه للتنحي، أجاب الأسد: هذا الكلام لا يقال لرئيس لا يعنيه المنصب، ولا يقال لرئيس أتى به الشعب السوري وليس الولايات المتحدة الأميركية، شعب يقف مع المقاومة.
وذكر الأسد أنه في عام 2003 وبعد سقوط العراق كان هناك خضوع دولي مخيف للولايات المتحدة والتقيت بمسؤول أميركي وتحدث بمنطق تهديدي وكان الجواب برفض ما طلب منا، وبعدها بدأت التهديدات وأرسلت خرائط لنا تحدد الأهداف التي ستقصف في سوريا، وأي عمل ضد سوريا ستكون تداعياته أكثر بكثير مما يتحملونه السبب الأول الإمكانيات التي تملكها سوريا وما لا يعرفونها منهم والثاني جغرافية سوريا، وبعد اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري جعلوا مجلس الأمن أداة لسحب السيادة من سوريا، وإذا كنا نخاف من مجلس أمن وحرب وغيرها فعلينا أن لا نواجه وأن نتمسك بالحقوق وإذا قررنا أن نواجه نضع الخوف وراءنا وموضوع الحقوق سيبقى ثابتا وهذه الدول التي تهدد هي نفسها في ورطات عسكرية واقتصادية، ولم نخضع لها منذ 6 سنوات حين كانت قوية فهل نخضع اليوم؟
وأوضح الأسد أنه «لا شك أن الأزمة السورية أثرت اقتصاديا ولكنها أثرت معنويا ولو أن الوضع الاقتصادي بدأ يتحسن مؤخرا، والحصار موجود ولم يتغير وما زالوا ينتقلون من خطوة إلى أخرى، والبدائل موجودة وعام 2005 عندما بدأ الحصار أخذنا قرارا بالتوجه شرقا ومستمرون بهذا التوجه والساحة الدولية لم تعد مغلقة ومعظم البدائل موجودة، ولدينا اكتفاء ذاتي ولا يمكن أن تجوع سوريا، والموقع الجغرافي لسوريا أساسي لاقتصاد الدول والمهم أن تكون معنوياتنا عالية بالموضوع الاقتصادي وأن نعيش تبادلا طبيعيا مع الدول الصديقة».
وفيما يتعلق بالموقف التركي، أشار الأسد إلى أن بلاده «تسمع النصائح من بعض الأصدقاء، وسمعت أحيانا محاضرات»، مشيرا إلى أن «الموقف التركي قد يكون سببه الحرص علينا كما يقولون، أو خوف مما يجري، أو ربما يحاولون لعب دور على حساب سوريا، والصورة ليست واضحة بعد. لكننا نرفض محاولة لعب دور المعلم على سوريا أو غيرها وكل نية من النوايا لدينا أسلوب تعاط مختلف». وقال: «نحن دائما نلتقي مع مسؤولين من دول مختلفة ولا حرج لدينا لنتكلم معهم في الأمور الداخلية، وخصوصا الدول التي تشبهنا والدول الأقرب، ولكن عندما يصل الأمر إلى القرار فلا نسمح لأي دولة قريبة أو بعيدة بأن تتدخل، فإذا كان كلام المسؤولين الأتراك من ناحية الحرص نشكرهم، وإذا كانت تريد أن تلعب دور المرشد، فهذا مرفوض ولن نسمح لأي دولة بالتدخل في شؤوننا، وهم يعرفون أن في كل نية من النوايا لدينا أسلوب للتعامل معهم».
وخلص الأسد إلى القول: «سوريا خرجت أقوى من الأزمات السابقة فالشعب خرج أقوى، وهذا الشعب بكل مرحلة من المراحل كان يصبح أقوى ولا يمكن أن نسقط إلا إذا أتت أزمة وأنهت سوريا بشكل كامل ولا أعتقد أننا تجاه هكذا أزمة، ولا أدعو للقلق وأدعو الجميع للارتياح».
 
المدن السورية تواصل انتفاضتها.. والمعارضة تؤجل إعلان «المجلس الوطني»
زيادة لـ«الشرق الأوسط»: المرحلة المقبلة ستشهد دورا أكبر للقوى الدولية وعلى المعارضة أن تحدد مطالبها
بيروت: ثائر عباس دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
في وقت تواصل فيه المدن السورية انتفاضتها، متحدية الآلة العسكرية والأمنية، انتهى «اللقاء التشاوري» للمعارضة السورية في إسطنبول، من دون إعلان «المجلس الوطني»، الذي كان من المقرر أن ينبثق عن اللقاء. وقرر المشاركون تأليف لجنة رباعية هدفها «متابعة الاتصالات مع كل الأطراف في الداخل والخارج لتأمين أوسع تمثيل ممكن»، كما أكد مشاركون لـ«الشرق الأوسط»، رافضين توصيف نتائج اللقاء بأنها «فشل».
وقال عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر، الدكتور رضوان زيادة، لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماع الذي انعقد يومي السبت والأحد في إسطنبول انتهى إلى قرار من المجتمعين بأنهم «في حاجة إلى المزيد من المشاورات من أجل ضمان أن يضم المجلس المنتظر كل الفعاليات السورية والناشطين في الداخل والخارج، بحيث لا يُستثنى أحد، وبحيث يشكل هذا المجلس خطوة في اتجاه توحيد صوت المعارضة، لا سيما أن الفترة حساسة مع تصاعد الحملة الدولية واستخدام النظام للحل العسكري على نطاق واسع».
وأشار زيادة إلى أن المعارضة السورية «تدرك أن خطوة مماثلة يجب أن تتم بسرعة، لكن من دون تسرع، من أجل ضمان عدم إقصاء أي طرف، وضمان تمثيل الجميع واحترام رأيهم».
وكشف زيادة عن تشكيل لجنة من 4 شخصيات مهمتها الاستمرار في الاتصالات والمشاورات في الداخل والخارج لإعلان تشكيلة المجلس الوطني في أسرع وقت ممكن، مشيرا إلى أن المعارضين اتفقوا على العمل من أجل تزايد الضغوط على النظام السوري دوليا من أجل إحداث إرباكات وانشقاقات في صفوفه.
ونفى زيادة وجود خلافات، مؤكدا أن الجميع يمتلكون إحساسا بالمسؤولية، لكنهم يؤمنون بأن الشرعية تعطى من الداخل، موضحا أن حركة المعارضة في الداخل شبه مستحيلة بعد حملة الاعتقالات الأخيرة التي شملت المعارض البارز وليد البني وآخرين، ولهذا لا يمكن للمعارضة أن تشكل مجلسا في الخارج ينطق بلسان الداخل. وقال إن المرحلة المقبلة سوف تشمل دورا أكبر للمجتمع الدولي، ولهذا يتوجب على المعارضة أن تعرف مطالبها الأساسية وتعمل من أجل تحقيقها.
وأعلن زيادة أنه سيتوجه اليوم إلى جنيف للإدلاء بشهادة أمام مجلس حقوق الإنسان، وأنه سيضغط مع زملائه المعارضين من أجل استصدار قرار قوي بتأليف لجنة خبراء مستقلين، وما يسمى المحاسبة عبر الطلب إلى مجلس الأمن الدولي، وإحالة ملف الارتكابات التي قام بها النظام إلى محكمة الجنايات الدولية انطلاقا من تقرير مفوضية حقوق الإنسان التي وصفت ما حدث في سوريا بأنه «جرائم ضد الإنسانية».
غير أن «اتحاد تنسيقيات الثورة السورية»، الذي يضم مجموعات تقوم بتنسيق المظاهرات على الأرض في داخل سوريا، أصدر بيانا يحمل توقيع «الهيئة العامة للثورة السورية»، دعا فيه إلى التريث في الإعلان عن أي هيئة تمثيلية.
وجاء في البيان الذي نشرته التنسيقيات على صفحتها الإلكترونية: «تشهد الساحة السياسية السورية في الداخل والخارج انعقاد عدد من المؤتمرات، ودعوات لمؤتمرات أخرى.. وإن الهيئة العامة للثورة السورية تؤيّد أي مسعى حقيقي لتوحيد جهود المعارضة السورية في الداخل والخارج بما يدعم الثورة السورية، إلا أننا نؤكد - للمصلحة الوطنية والثورة السورية - على رغبتنا تأجيل أي مشروع تمثيلي للشعب السوري، وذلك من أجل العمل على التوافقية الكاملة لكل أطياف ومكونات الشعب السوري».
ودعت التنسيقيات «كل السياسيين السوريين المعارضين في الداخل والخارج إلى أن يكونوا على قدر المسؤولية بالاجتماع والتوحد، وأن يكونوا على مستوى التضحيات التي قدمها ويقدمها أبناء شعبنا السوري، التي استطاعت وحدها أن تصنع الإنجاز الذي نعيشه اليوم».
إلى ذلك، تواصلت المظاهرات في عدة مدن سورية، أمس، واجهتها قوى الأمن والجيش بالرصاص، بينما اتهم ناشطون على موقع الثورة السورية على الإنترنت، السلطات ببث مقابلة أجراها التلفزيون السوري مع الرئيس الأسد، في موعد المظاهرات التي تنطلق عادة بعد صلاة التراويح، لمنع المتظاهرين من الخروج.
ودعا الناشطون لعدم مشاهدة المقابلة، والخروج في المظاهرات اليومية المعتادة.
ولقي 7 محتجين، في الرستن بحمص، مصرعهم بعد أن فتحت عناصر الأمن عليهم النار، وجرت حملة اعتقالات في حمص، التي انتشرت فيها مدرعات الجيش. وحسب المصادر فإن دمشق شهدت مظاهرات أمس، تزامنت مع زيارة بعثة أممية لحقوق الإنسان، كما شهدت اللاذقية حملة اعتقالات واسعة.
من جهته، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن جهازا أمنيا في مدينة دير الزور، شمال شرقي سوريا، اعتقل طبيبا هو أحمد عبد الله حسون خلال محاولته إسعاف متظاهر أصيب بجراح بالغة برصاص الأمن.
وقال المرصد إن الطبيب حاول منع اعتقال المتظاهر المصاب خوفا على حياته، وأبلغ عناصر الأمن بأنه طبيب أذنية، وأنه فقط يريد القيام بإسعاف المصاب لكي لا يفقد حياته، فتعرض للضرب المبرح بأعقاب البنادق، ولدى استمراره في محاولة إسعاف المصاب قام أحد عناصر الأمن باستخدام سكين(مدية) البندقية التي بحوزته لقطع أذنه التي ظلت معلقة بوجهه بقطعة صغيرة من الجلد وهو يحملها بيده حتى أغمى عليه من شدة النزف وتم اقتياده إلى جهة مجهولة.
وأبلغ طبيب من المدينة المرصد صباح أمس بأن الطبيب أحمد عبد الله حسون معتقل في أقبية جهاز الأمن العسكري في المدينة، وهو بحالة صحية حرجة.
من جهة ثانية، أعلن دبلوماسيون غربيون أمس أن العقوبات الجديدة للاتحاد الأوروبي على سوريا، التي تستهدف قطاعها النفطي، باتت جاهزة عمليا ويمكن أن تعلن غدا الثلاثاء. وقال مصدر أوروبي مطلع لوكالة الصحافة الفرنسية: «لم ينجز الأمر بعد لكنه بحكم المنجز. لقد كلفت الدول الـ27 (الأعضاء في الاتحاد) الاتحاد الأوروبي إعداد» هذه العقوبات، و«الثلاثاء سنقدم التشريع (الملائم) رسميا».
 
الإعلام بين التجاهل.. والعرض بسخرية لمقابلة الأسد.. ومظاهرة على الـ«فيس بوك»
سوريون على الإنترنت للأسد: فاتكم القطار
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
لقيت المقابلة التي أجراها التلفزيون الرسمي السوري مع الرئيس السوري، أمس، تجاهلا كبيرا من عدد من وسائل الإعلام العربية، فيما قامت وسائل إعلام أجنبية بعرض مقتطفات صغيرة منها، وفيما تجاهلتها تماما قناة «الجزيرة» القطرية، قامت قناة «العربية» بعرضها، مع مشاهد للقتلى والمجازر التي يرتكبها النظام السوري ضد المحتجين. لكن الأمر كان مغايرا على شبكة الإنترنت، فمنذ لحظة الإعلان عن إطلال الرئيس الأسد، في مقابلة تلفزيونية مسجلة عبر «الفضائية السورية»، تدفقت تعليقات السوريين على موقع «فيس بوك» ما بين الجد والهزل، اتفقت الغالبية المعارضة على جملة واحدة وهي: لا تحتاج لمقابلة، بل إلى بيان تقول فيه «قرار التنحي عن السلطة».
فبعد أقل من عشر دقائق على بدء المقابلة، بدأت تعليقاتهم تنهال على صفحات الـ«فيس بوك» كأنها مظاهرة فيسبوكية واسعة، وعلى الفور قال الكاتب المعارض، ياسين حج صالح: «ما في فايدة»، بينما اعتبر الصحافي، حكم البابا، أن حكمة إلهية أو من محاسن الصدف أو ربما تكون سوء طالع أن «يتزامن حديث الرئيس السوري بشار الأسد التلفزيوني مع لحظات سقوط الزعيم الليبي معمر القذافي»، الصحافي إياد شربتجي توقف عند قول الأسد: «البعث هو باني ماضي سوريا وحاضرها». وعلق على ذلك بالقول إن ذلك يعني أن «تاريخ سوريا منذ 5 آلاف سنة بكل ما تخلله من حضارات وشخوص عظام هو ببساطة من إنجازات هذا الحزب العظيم». بناء على ذلك أقترح أن «نحاسب في الآخرة وفق منطلقات نظرية الحزب». أبو كفاح عقب على قول الأسد إنهم «اقترحوا أن يكون هناك حوار على مستوى المحافظات» بالقول: «لكن التشكيك بعملية الإصلاح.. اضطرهم لقصف المحافظات». في حين تساءلت سهير الأتاسي بتعجب: «شو سر غرامه بالحزمات والشرائح.. يا هل ترى هذا تأثير رامي مخلوف عليه؟»، الكاتبة والأديبة غالية قباني تعجبت أيضا من عدم اقتناع الطغاة بأن «النهاية قادمة لا ريب فيها، وأن الزمن يمد في أعمارهم بعض الوقت لا أكثر، (القذافي نموذجا)». الصحافي والكاتب الكردي برادوست آزيزي عبر عن غضبه بالقول: «شكلي بدي أكسر شي.. مثل العادة يتفلسف ويسفسط» وكان تعليق ياسر الزيات بوصفه الأسد «يتكلم كأنه تسلم الرئاسة للتو».
وسخر معارض من توقيت بث المقابلة، وقال: «توقيت بث اللقاء مع بشار.. يلائم حساباتهم التراويحية والتظاهراتية لكنني أظن.. أن ينقلب السحر على الساحر».
وأطلق آخرون نكتة عن سبب اختيار المذيعة السورية لونا الشبل، التي كانت تعمل في قناة «الجزيرة» لإجراء المقابلة، بدلا من المذيعة السورية المخضرمة ماريا ديب، المعروفة بأم عمار، التي كان لها برنامج أغاني باسم «ما يطلبه الجمهور» استمر لأكثر من عشرين عاما، وتقول النكتة: «لماذا تم اختيار لونا الشبل لإجراء مقابلة تاريخية مع أبو حافظ بدل الإعلامية الأولى أم عمار؟ الجواب: خوفا أنو أم عمار تغلط وتحقق (ما يطلبه الجمهور).. أي إسقاط الرئيس».
الإعلامية أسمهان التي تعد من المعارضة المعتدلة، لخصت موقفها من الخطاب بالقول: «إطلالة جديدة.. حديث جديد.. إصلاحات.. إلغاء مادة.. بعد هذا الدم لم تعد تعنيني».
محمد حج صالح أعلن موقفا واضحا وصريحا، وقال: «لن أسمع خطابه التافه وسأرهف سمعي لهتافات الشباب في الشوارع فهي غذاء الروح».
 
حلب الشهباء.. رأس حربة اقتصاد نظام بشار لم تقل كلمتها بعد
السوريون ينتظرون ثورة أبنائها والنظام يقاتل للحفاظ عليها
القاهرة: هيثم التابعي
«للأسف إلى الآن ما زال هناك خوف لدى نسبة كبيرة من سكان حلب وذلك بسبب حالات الاختفاء والاعتقالات وما تتعرض له المظاهرات من قمع وحشي» هكذا يعتقد سيف مللي (26 عاما)، من أبناء حلب (عاطل عن العمل)، والذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عبر الإنترنت تحت اسم مستعار خشية اعتقاله، وتابع مللي: إن النظام الحاكم يعرف أهمية حلب، فمع بدء ثورة 15 مارس (آذار) اعتقل النظام القيادات الشبابية في المدينة، وفاق عدد المعتقلين الألف بقليل، وهو ما لم يصل للإعلام بشكل كبير، وتابع مللي قائلا: «لكن ذلك ليس كل شيء فطبيعة حلب نفسها تختلف عن باقي المدن السورية».
ووفقا لمصدر رسمي تركي تحدث لـ«الشرق الأوسط» أول من أمس، من أنقرة فإن «تركيا تراقب الأداء السوري بكثير من القلق، وأوضح أن «ما يجري لا يمكن له أن يستمر، لكن في المقابل يتوجب على الشعب السوري أن يقول كلمته، فأين حلب ودمشق مما يجري؟». وقال المصدر: «الشعب السوري يجب أن يكسر حاجز الخوف ويقرر مصيره بنفسه».
وتكتسب حلب ثقلها في ميزان الأحداث من عدة عوامل؛ أبرزها: اتساع مساحتها، وكثافة سكانها ذات الأغلبية السنية، وقوة اقتصادها المرتبط أساسا بالتجارة مع تركيا وكونها مركزا صناعيا كبيرا، والحديث عن أسباب عدم انضمام مدينة متنوعة كبيرة مثل حلب يعيش فيها ما يزيد على مليوني ونصف إنسان (في المدينة فقط) معقد جدا. ووفقا لمراقبين فإن حفاظ حلب على هدوئها، وسط عواصف الاضطرابات المحيطة بها، قد أثار حفيظة القوى المعارضة، خصوصا أن حيادها أعطى النظام شهادة في الانضباط ورفض الانخراط في صفوف الانتفاضات الشعبية من قبل فصيل كبير من المواطنين، وتعد مدينة حلب أحد أكبر معاقل الطائفة السنية في سوريا ورغم ذلك فإنها لم تخرج كسائر المدن الأخرى وبقيت هادئة في العموم.
ذلك الهدوء أو ما يتحدث عنه السوريون تحت اسم «خضوع وخنوع حلب» استفز السوريين بشكل كبير فذكر أحد الناشطين على «تويتر» أن شباب حمص انتقموا قبل أسبوعين من سلبية أهل حلب، فأوقفوا حافلة تضم ركابا من حلب وعاتبوهم على عدم انخراطهم في الثورة، ثم تعمدوا إهانتهم من طريق طلي وجوههم بمساحيق النساء وتكحيل عيونهم وصبغ شفاههم بأحمر وفق ما جاء على موقع التواصل الاجتماعي. وقال مصدر خاص لـ«الشرق الأوسط» من حلب إن تلك الحادثة استفزت مشاعر رجال حلب الشهباء بشكل كبير! لكن لا يمكن تعميم هدوء حلب على عموم المدينة، فالمدينة التي تعد المركز الاقتصادي الأبرز للنظام السوري شهدت مظاهرات خجولة في عدة أحياء مثل سيف الدولة وحول الإذاعة في مسجد آمنة والصاخور، والميسر والقاطرجي وباب النيرب، كما أن ضواحي وريف حلب مثل مدينة الباب وعين العرب وأعزاز، وعفرين، وحريتان، وعندان ومارع تظاهرت أكثر من مرة هي إجمالا مناطق متضررة من النظام وتعاني من الفقر والعشوائية كما أن المظاهرات نفسها لم تشهد خروج الآلاف، كما تظاهر طلاب المدينة الجامعية في حلب عدة مرات، غير أن السوريين لا تزال أعينهم مشدودة نحو حلب وكأنهم يقولون: إلى متى سيطول صمتك يا حلب الشهباء؟
لكن إحدى أهم الأطروحات المتعلقة بعدم مشاركة حلب تكمن في مكانتها الاقتصادية لدى النظام السوري وهو ما يفرض عليه تكبيلها أمنيا لضمان مناصرتها له فهي رأس حربته الاقتصادية والمالية.
وتشتهر حلب بكونها مركز التصنيع الأساسي في سوريا، ويعد حي الشيخ نجار هو المنطقة الصناعية الأساسية في المدينة وفي سوريا كلها، محتلا مساحة تتجاوز الأربعة آلاف هكتار ليكون أحد أضخم الأحياء الصناعية في المنطقة، ويقدر حجم الاستثمارات بأكثر من 2 مليار دولار حتى نهاية عام 2009، فحلب هي عماد صناعات النسيج، والصناعات الكيميائية، والصناعات الدوائية، والصناعات الغذائية الخفيفة، والصناعات الكهربائية، والصناعات الهندسية، باحتوائها على أكثر من 50% من العمالة الصناعية وأكثر من نصف حصة التصدير وبالتالي فهي مصدر أساسي من مصادر تحصل النظام السوري على العملات الأجنبية وهنالك الكثير من المشاريع الجارية لإنشاء فنادق فخمة لتواكب تدفق السائحين على حلب التي تتمتع بعوامل ومقومات كثيرة في مجال السياحة حيث تنتشر الأماكن الأثرية والكثير من المصايف والأماكن الطبيعية والغابات الرائعة في الريف وهو يجعلها مقصدا للسائحين وخاصة من الأتراك وهو ما ينعش النظام الاقتصادي السوري.
ومن ناحية أخرى فإن حلب لا تضم النسبة الأكبر من فئة رجال الأعمال المائة الأكثر ثراء فإنها تضم النسبة العظمى من المائة الثانية من رجال الأعمال السوريين من حيث الثراء فأصحاب رؤوس الأموال فيها يرتبطون بمصالح وشراكات مع النظام ويستفيدون من وجوده، فبسبب موقعها في الشمال السوري، فإن حلب تحتفظ بعلاقات تجارية كبيرة مع الكثير من المدن التركية، وتلعب التجارة السورية التركية دورا كبيرا في الانتعاش الاقتصادي الذي تعيشه حلب، ولذلك سارع كثير منهم إلى دعم النظام وحمايته بتأمين الشبيحة والإنفاق عليهم خشية سقوط النظام وبالتالي خسارة وضعهم الاقتصادي المتميز الذي يؤمنه وجود الأسد ونظامه في سدة الحكم في دمشق.
وتعتقد بهية مارديني، رئيس اللجنة العربية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن حلب لم تخرج لأن النظام فرض عليها طوقا أمنيا كبيرا، حيث قالت لـ«الشرق الأوسط»: «التشبيح الأمني جعل من يخرج في المظاهرات هم فقط الطبقة المثقفة من الأطباء والمحامين» وأضافت مارديني: «إن بين كل حاجز أمني وآخر يوجد حاجز كمان والاعتقالات تطول الجميع بشكل عشوائي وغير مبرر».
وكتأكيد على استغلال النظام السوري لحلب، فإنه درج على إقامة تفاعلات ومهرجانات غنائية وفعاليات ضخمة مؤيدة له في حلب على حساب هؤلاء التجار والصناعيين، حيث شهدت ساحة سعد الله الجابري وهي الساحة الأكبر في حلب حفلا غنائيا كبيرا دعما للنظام وبشار حيث سهر الآلاف للصباح الباكر مرددين شعارات مناصرة لبشار الأسد، كما لا يزال هناك خطط أخرى لوقفات وطنية ومسيرات مؤيدة في مناطق متفرقة من حلب.
وفقا لسيف المللي فإن الأمن والشبيحة والحزبيين يقومون بالمهمة الأمنية بالإضافة إلى مجرمين محكومين تم إخراجهم منذ قرابة شهرين لهذه المهمة، وتابع المللي قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «أيضا هناك عائلة البري.. وهي عائلة معروفة جدا في حلب وتمسك بالقبضة الأمنية للنظام منذ زمن طويل، حيث يقوم شبابها بفض أي مظاهرة واعتقال أي شخص يشتبه به كمعارض وتسليمه للسلطات الأمنية» وهو ما يرهب العشرات من الشباب الذين يمتنعون عن المشاركة في المظاهرات.
وأوضح مللي أن المناطق المنتفعة والساحات المركزية لم تخرج في مظاهرات حاشدة إما لأن سكانها هم من المنتفعين اقتصاديا من النظام أو بسبب التواجد الأمني الدائم فيها، كما أن مناطق الأقليات كالسريان لم تشهد أي حراك، وينقل مللي أن الشارع الحلبي يعتقد أن الأقلية في منطقة السريان ما زالت تفكر بعقلية الأقلية التي زرعها النظام وهي أن أي شيء جديد هو تهديد لوجودها.
ويعتقد ناشط سياسي تحدث من حلب، شريطة عدم ذكر اسمه، أنه ليس من الصحيح أن كل حلب مستفيدة من هذا التحسن النسبي في الاقتصاد الحلبي، حيث قال: «صحيح أن هناك أصحاب أعمال متوسطة وصغيرة كثر في حلب لكن الأكثر منهم هم الصناع والأجراء الذين لم يلمسوا تحسنا يذكر والذين سيخسرون أكثر من غيرهم نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية الحالية هذا عدا الموظفين وطلاب الجامعات وأصحاب المهن الخدمية الذين ضاقت بهم الحال أكثر خلال الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة» وهو ما يتشابه كثيرا مع ما حدث في مصر بعد الثورة من تضييق اقتصادي على الأجراء بشكل خاص.
وبعيدا عن الجانب الاقتصادي فإن من العوامل الهامة التي ساعدت في انفجار الثورة في درعا، وانتقالها بسرعة إلى الأرياف كان سيادة الوعي العشائري وقوة الروابط الأسرية في درعا، ما أدى إلى سرعة تكوين مواقف أهلية مشتركة، ووحد الإرادة الشعبية ضد القمع الذي تعرض له الأهالي، أما حلب، فإنها تتميز بطبيعة مختلفة تماما، فهي مدينة كبيرة مختلطة، والعلاقات الاجتماعية فيها ضعيفة، وروابطها الأسرية ليست متشابكة، والولاء العشائري فيها يتركز في الأطراف وفي الأرياف وفي بعض الحارات القديمة فقط. وتضرب حلب حاليا موجة غلاء قاسية، تتجاوز الغلاء الذي طال جميع المدن والمحافظات السورية، ووفقا لمواطن سوري، يعول طفلين، فإن الحلبيين يعانون بشكل أكبر من غيرهم لأنهم بشكل عام معتادون على السهر والخروج من المنازل بشكل شبه يومي، وتابع المواطن قائلا: «لذلك فقد تأثر نمط حياتنا بشكل ملحوظ بهذا الغلاء الذي ضرب كل السلع، فالأسعار مرتفعة بنسبة تتراوح بين 20% و50%» لكن المواطن أضاف باسما «المثير أن سعر السكر انخفض من يومين من 70 ليرة سورية للكيلو إلى 55 ليرة».
وبالنسبة للكثير من النشطاء السياسيين والحقوقيين المعروفين في حلب، فإن الحياة أصبحت جد صعبة وحالكة، فجلهم إما تحت المراقبة أو الإقامة الجبرية أو يتنقلون كل يوم من منزل إلى آخر في صعوبة بالغة، حتى أنهم يجرون لقاءاتهم مع القنوات والإذاعات في الحدائق لمعرفتهم أن منازلهم قد تتم مداهمتها في أي لحظة.
ووفقا لناشط سياسي فإن ممارسات النظام واستغلاله للموارد المالية الغنية جدا في حلب إضافة إلى الحالة الإنسانية السورية بشكل عام ستؤدي قريبا إلى انفجار الوضع في حلب وهو ما يأمله السوريون بطبيعة الحال لأنه سيكون بداية النهاية لنظام بشار الأسد.
 
سوريا تصل لنقطة اللاعودة.. وعزلتها ستدفع الأغلبية الصامتة إلى الثورة
خبير أميركي كتب السيرة الذاتية للأسد: وصلات الثناء الرخيصة ودعاية النظام أقنعته بأن سوريا لا يمكنها الاستمرار من دونه
لندن: «الشرق الأوسط»
عندما ورث بشار الأسد السلطة في سوريا عام 2000، نظر إليه الكثيرون باعتباره الرئيس الشاب الإصلاحي الجديد، في منطقة تعج بالحكام الاستبداديين، ورأوا فيه وجها جديدا بإمكانه تحويل النظام الديكتاتوري الجامد الذي أسسه والده إلى دولة عصرية تفتح ذراعيها للعالم.
الآن، قضت الحملة الحكومية الدموية على الشعبية التي حظي بها الأسد في وقت مضى، وصورته كإصلاحي يناضل في مواجهة أعضاء الحرس القديم الموالين لوالده الراحل. ومع تصاعد الدعوات لاستقالته، الأسبوع الماضي، من مختلف العواصم، من واشنطن إلى طوكيو، أجبر «الربيع العربي» الأسد على مواجهة أقسى حالة عزلة في تاريخ حكم أسرته الممتد لأربعة عقود. وحطمت الأحداث التي جرت في الشهور الخمسة الماضية أي آمال في أن يقدم الأسد على تغيير واحدة من أكثر الدول قمعية في العالم.
ولا تلوح في الأفق مؤشرات توحي بأن الأسد (45 عاما) سينجح في سحق المظاهرات التي تهز أركان نظامه، لكنه حسب مراقبين، إذا نجح في ذلك فإن مكانته الجديدة على الساحة العالمية كمنبوذ ستدمر بلاده التي يبلغ تعداد سكانها 22 مليون نسمة، وتقوض الاستقرار في الشرق الأوسط وتؤثر على دور إيران، حليف سوريا، على الصعيد العالمي.
عن ذلك، قال ديفيد دبليو. ليش، الخبير الأميركي بالشؤون السورية، الذي وضع سيرة ذاتية لبشار الأسد عام 2005 لوكالة أسوشييتد برس: «السلطة مثيرة، وكما يقول المثل القديم فهي مفسدة حتما. في النهاية، أصبح نتاجا لبيئته وليس شخصا قادرا على إحداث تحول في هذه البيئة».
دعت الولايات المتحدة والكثير من كبار حلفائها، الخميس، الأسد للتنحي عن السلطة، وذلك في تصعيد لشهور من التوبيخ المتزايد. وتزامنت الرسائل الصادرة عن واشنطن ولندن وباريس وبرلين وبروكسل، مع تقرير صادر عن الأمم المتحدة يوصي بتحويل سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، للتحقيق معها بشأن جرائم محتملة ضد الإنسانية وقعت خلال الحملة القاسية الجارية، التي تضمنت إعدامات عاجلة وتعذيب سجناء واستهداف أطفال.
حتى اليابان أضافت صوتها إلى الأصوات الأخرى الداعية لرحيل الأسد. وأعلنت منظمات معنية بحقوق الإنسان أن قوات الأسد قتلت نحو 2000 شخص منذ اندلاع الانتفاضة في منتصف مارس (آذار) الماضي، تماشيا مع موجة الثورات التي تجتاح العالم العربي.
من ناحية أخرى، لا توجد مؤشرات على أن الدعوات العالمية للإطاحة بالأسد ستترك أي تأثير فوري، على الرغم من أن محللين يرون أنها قد تساعد، في نهاية الأمر، في تحويل دفة الأحداث. من الممكن أن تدفع العزلة المتزايدة السوريين الذين أيدوا النظام للتحرك باتجاه المعارضة، خاصة إذا ما استمر الاقتصاد في التردي.
وقد أبدت إيران، حليفة سوريا منذ أمد بعيد، دعمها المطلق لدمشق، لكن ليس بإمكانها مساندة النظام إلى الأبد. ومع ذلك، يتوقع الكثير من المراقبين أن يستغرق الأمر بضعة شهور أخرى، على الأقل، من إراقة الدماء، وربما مزيد من الوحشية لمنع بذل مزيد من المحاولات لإسقاط الأسد.
وما يزال النشاط والحماس باديين على كلا طرفي الصراع، حيث يتدفق المتظاهرون كل جمعة على الشوارع، في تحد لوابل من القذائف ونيران القناصة. وفي الوقت ذاته، لا يزال النظام قويا أيضا، ولا يبدو أنه يواجه خطر السقوط الوشيك، مما يمهد الساحة لحالة تأزم دموية.
وحتى هذه اللحظة، لم تفلح المعارضة في اجتذاب أبناء الطبقتين الوسطى والعليا في دمشق وحلب للخروج إلى الشوارع، المركزين الاقتصاديين الرئيسيين بالبلاد، على الرغم من تصاعد حركة المظاهرات.
الملاحظ أن الأسد، ووالده من قبل، عمد إلى تخصيص المناصب العسكرية العليا لأبناء الطائفة العلوية التي تمثل أقلية، لضمان الولاء له عبر مزج مصيري الجيش والنظام. ويعد هذا الولاء أقوى أسلحة نظام الأسد.
وبإمكان العقوبات الاقتصادية تدمير النظام، وإن كان الحظر الأميركي الجديد على النفط السوري لا يعد ضربة قوية في حد ذاته، فإن مسؤولي الاتحاد الأوروبي، أعلنوا الجمعة أن دول الاتحاد البالغ عددها 27 تدرس فرض حظر على النفط السوري، مما سيقلص عائدات الحكومة السورية بدرجة بالغة.
في هذا الصدد، أوضح ديفيد شينكر، مدير برنامج السياسات العربية بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أن الصادرات النفطية السورية - تتجه معظمها إلى أوروبا - تعود على البلاد بـ7 ملايين دولار يوميا. من دون هذه العائدات، ستسارع سوريا إلى استنفاد احتياطياتها الأجنبية البالغة 17 مليار دولار، التي كانت بحوزة الحكومة وقت اندلاع الانتفاضة. وحذر شينكر من أن ذلك «ربما يستغرق عاما حتى ينفد ويسفر عن تهاوي الاقتصاد».
ولم يتضح بعد ما إذا كانت تركيا، الحليف الوثيق لسوريا، ستفرض عقوبات هي الأخرى من جانبها. المعروف أن تركيا، جارة سوريا والشريك التجاري المهم لها، تنامت مشاعر الإحباط في نفوس قياداتها إزاء دمشق. على الرغم من أن واشنطن تفتقر إلى نفوذ مباشر يذكر على سوريا، فإن دعوة الرئيس باراك أوباما للأسد للرحيل تضع نهاية حاسمة للجهود الأميركية للتعاون مع دمشق.
وقد ظهرت مؤشرات مبكرة توحي بأن هذه الجهود ستمنى بنهاية سيئة، مثل برقية دبلوماسية أميركية سرية بتاريخ يونيو (حزيران) 2009 صورت الأسد باعتباره مختالا وعديم الخبرة، ومسؤولي حكومة دمشق باعتبارهم مدمنين للكذب.
وذكرت مورا كونيلي، القائمة بأعمال السفير الأميركي في دمشق آنذاك، في البرقية أن الأسد يعتبر نفسه «الملك الفيلسوف، أشبه ببريكليس دمشق». واقترحت أن الإطراء على الأسد ربما يمثل سبيلا فاعلا للتلاعب به. وقالت: «اللعب على التظاهر الثقافي الذي يتبعه الأسد ربما يكون استراتيجية جيدة لكسب ثقته وإذعانه. ربما يتطلب ذلك وقتا طويلا، لكنه مثمر».
ينظر الغرب منذ أمد بعيد إلى سوريا باعتبارها قوة قد تثير زعزعة استقرار الشرق الأوسط بسبب تحالفها مع إيران وميليشيات حزب الله في لبنان. كما وفرت دمشق ملاذا لبعض الجماعات الفلسطينية الراديكالية.
إلا أنه خلال السنوات الأخيرة، حاولت دمشق الخروج من العزلة الدولية التي فرضت عليها لسنوات، مما أحيا الآمال في أن واشنطن ربما تتمكن من اجتذابها بعيدا عن طهران وحزب الله وحماس. لكن الجهود الأميركية للتقارب مع دمشق، التي استمرت عامين، لم تثمر نتائج تذكر. الآن، يعد الأسد المعزول حليفا وثيقا لإيران أكثر عن أي وقت مضى. كما يقف العراق لجانب الأسد أيضا - في خطوة يعتبرها البعض مؤشرا على أن الحكومة العراقية تتحرك نحو تحالف تقوده إيران مع استعداد القوات الأميركية للرحيل عن البلاد، نهاية العام.
ويعد هذا تغييرا لافتا في العلاقة بين إيران والعراق، التي اتسمت بفتور شديد في العلاقات بينهما طيلة حقبة صدام حسين وسنوات التمرد في العراق. وتقف العزلة المفروضة على الأسد حاليا في تناقض صارخ مع الآمال التي علقها الكثيرون على قيادته.
كان الأسد قد تخلى عن عمله طبيبا للعيون في بريطانيا، لدخول معترك الحياة السياسية السورية عندما توفي شقيقه باسل، الذي جرى النظر إليه على نطاق واسع باعتباره خليفة والده المختار، في حادث سيارة عام 1994.
وشرع الأسد، الذي كان في الـ34 عندما تولى السلطة، في رفع القيود الاقتصادية المتسمة بطابع سوفياتي ببطء، حيث سمح بعمل المصارف الأجنبية وفتح الأبواب أمام الواردات ومكن القطاع الخاص. وقرب شبابه وطابعه الهادئ بينه وبين السوريين. ويقال إن الزعيم طويل القامة نحيف الجسد الهادئ، لا يحب أن يحيطه الحرس الشخصي. ويعيش هو وزوجته أسماء وأطفالهم الثلاثة في شقة بحي أبو رومانة الراقي في دمشق، على خلاف قادة عرب آخرين يعيشون في قصور.
لكن «ربيع دمشق» اتضح أنه قصير الأمد، وانزلق الأسد إلى السبل الاستبدادية التي انتهجها والده من قبل. وقال ليش: «لقد عاينت شخصيا تطور الأسد من شخص تولى الرئاسة بالصدفة ورغب في إصلاح بلاده، إلى آخر تمرس في السلطة، ويبدو أن وصلات الثناء الرخيصة ودعاية النظام أقنعته بأن سوريا لا يمكنها الاستمرار من دونه».
في الوقت الراهن، يتمتع الأسد بدعم داخل سوريا. وتتمثل قاعدة تأييده الأساسية في السوريين الذين استفادوا ماديا من النظام، وجماعات الأقلية التي تخشى أن يستهدفها السنة حال سيطرتهم على الحكم، وآخرون لا يرون بديلا واضحا وآمنا للأسد.
الملاحظ أن حركة المعارضة السورية متنوعة وغير منظمة في الجزء الأكبر منها، وتفتقر إلى قيادة قوية. وتبدو الحرب الطائفية احتمالا حقيقيا مرعبا في سوريا التي تتسم بتركيب هش ومعقد، يضم سنة وشيعة وعلويين ومسيحيين وأكراد ودروز وشركس وأرمن وآخرين. ويتمثل السيناريو الأسوأ في الانزلاق لحرب أهلية على غرار ما تعرضت له لبنان، وهي مخاوف عمد الأسد إلى استغلالها.
وتصر الحكومة السورية على أن الاضطرابات يؤججها إرهابيون ومتطرفون أجانب يسعون لإثارة الفتن الطائفية. وذكرت صحيفة حكومية، السبت، أن دعوات الولايات المتحدة وأوروبا للأسد للتنحي كشفت، مؤخرا، «وجه المؤامرة» ضد دمشق.
 
سوريا تثير توترا مع تركيا في خطوة جديدة على الحدود
سلطاتها أمرت بزيادة الدوريات العسكرية على طول الحدود لثني أنقرة عن إقامة منطقة عازلة
لندن: «الشرق الأوسط»
أمرت السلطات السورية الوحدات العسكرية بزيادة دورياتها بالقرب من الحدود التركية المضطربة، فيما يرقى إلى مستوى إنذار لجارتها الشمالية، بعدم الإقدام على إقامة منطقة عازلة داخل سوريا.
وحسب دبلوماسيين في بيروت وأنقرة تحدثوا إلى صحيفة «الغارديان» البريطانية، لم تذكر أسماءهم، فإن القوات السورية التي اقتحمت قرى حدودية من بينها خربة الجوز، الخميس، كانت بمثابة إنذار مبطن وجهته دمشق إلى أنقرة، التي تتحول باطراد ضد الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه الذي يقود حملة شرسة ومستمرة على معارضيه. وكانت السلطات السورية قالت إن دخول القوات السورية للقرية الحدودية هو جزء من حملة لطرد المنشقين. وكان المسؤولون الأتراك قد منحوا الرئيس الأسد الأسبوع الماضي مهلة قالوا: إنها أخيرة لمدة أسبوعين، لإجراء إصلاحات، ووقف الآلة العسكرية، أو التخلي عنه، ودعم المعارضة أو أي إجراءات تتخذ ضد سوريا، في الأمم المتحدة.
وحسب صحيفة «الأوبزيرفر» البريطانية، فإن دبلوماسيين بريطانيين، زاروا قبل أيام المنطقة الحدودية بجنوب تركيا للتحدث إلى السوريين الذين عبروا الحدود إلى بر الأمان، وهم يعيشون الآن في مخيمات اللاجئين. وقال مسؤول في وزارة الخارجية للصحيفة إن الدبلوماسيين، قاموا بجمع معلومات بشأن ما حدث في بلدة حدودية مهجورة الآن وهي جسر الشغور، والقرى المحيطة بها خلال الأسبوعين الأولين من يونيو (حزيران)، عندما قام الجيش السوري بشن سلسلة من الغارات، أدى إلى فرار نحو 41 ألف مواطن، إلى التلال القريبة، ومن ثم العبور إلى تركيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن من بين الموضوعات التي جرى البحث عنها التقارير المستمرة عن وجود جنود إيرانيين يعملون مع القوات السورية. وكان الاتحاد الأوروبي قد اعتمد عقوبات ضد 3 من كبار الضباط في قوات الحرس الثوري الإيراني، من بينهم اللواء قاسم سليماني، قائد قوة القدس النخبة، الذي يعرف على نطاق واسع بأنه رئيس جميع البعثات العسكرية الإيرانية السرية في الخارج. وقال دبلوماسي رفيع في بيروت يوم الجمعة إن معلومات استخبارية أكدت وجود دليل على أن إيران قد أرسلت أسلحة ودعما لوجيستيا إلى سوريا، لكن لم يحددوا بعد ما إذا كانت هناك قوات إيرانية على أرض الواقع يشاركون في القمع السوري.
ومن علامات الضيق التركي على دمشق، فإن مسؤولي جمعية الهلال الأحمر التركي، التي تدير 5 مخيمات للاجئين على طول الحدود، لم يعد يمنعون من التحدث إلى الصحافيين. ومن بين ذلك التحدث عن أحوال اللاجئين، وقصص هروبهم من الهجمات العنيفة التي تشنها الأجهزة الأمنية على قراهم وهو ما يحرج المسؤولين السوريين. وتستخدم روايات هؤلاء اللاجئين كشهادات على وقوع جرائم ضد الإنسانية، أمام المحكمة الجنائية الدولية، التي ستطلب محاكمة مسؤولي نظام الأسد. وتقوم الكثير من جماعات حقوق الإنسان الدولية بتجميع شهادات من عدد من الجنود السوريين الذين أعلنوا انشقاقهم. وباتت تركيا الغاضبة على النظام السوري، وإسطنبول خاصة، مكانا جاذبا لحركة المعارضة السورية، خاصة بعد أن أصبحت بيروت مكانا خطرا بالنسبة لهم، حيث يمكن ملاحقتهم من قبل أجهزة أمن النظام السوري.
 
مراقبون: أنقرة أمام لحظة الحقيقة لفك الارتباط بنظام الأسد
الخوف التركي من انهيار النظام السوري وتدفق اللاجئين.. يجعل اتخاذ القرار أكثر بطئا
لندن: «الشرق الأوسط»
على الرغم من أن تركيا حاولت على مدى أشهر التمسك بالرئيس السوري بشار الأسد ودفعه لإجراء إصلاحات ديمقراطية مطلوبة، فإن أعداد القتلى السوريين ما زالت في ازدياد فيما الدبابات تخرج من بلدة لتدخل أخرى، مما يشير إلى أن الوقت قد حان بالنسبة لتركيا من أجل التوصل إلى استراتيجية شاملة وجديدة للتعامل مع النظام السوري، حسب آراء لمراقبين ومحللين تحدثوا لصحيفة «حرييت» التركية.
وربما المخرج الوحيد الذي بات أمام الأسد هو باب صغير يتمثل في إجراء إصلاحات أو في المقابل، اللجوء إلى البدائل.
وباءت كل محاولات الحوار، التي أجرتها تركيا مع نظام الأسد، بالفشل بالنظر إلى إصرار النظام السوري على قصف مدنه وشعبه. وحسب هؤلاء، فلم يعد أمام المسؤولين الأتراك غير السير نحو مقاربة مختلفة وهي: فك الارتباط وعزل الإدارة السورية، الذي يرى مراقبون أنه من المؤكد أن يؤدي إلى تغير الأمور في سوريا، التي سوف تفقد أحد أهم حلفائها الرئيسيين في المنطقة.
ومع تراجع الآمال في حدوث اختراق جديد، مع توقف المحاولات الدبلوماسية التركية، بعد إطلاقها «تحذيرات نهائية» الأسبوع الماضي، فإن الأنظار مشدودة الآن على الخطوة التركية المقبلة. الخبراء الذين يقدمون المشورة، يقومون بعملية مناقشة معمقة، حول ما إذا كانت تركيا قد وصلت إلى نهاية الطريق مع النظام الحالي في سوريا، وهو حليف منذ زمن طويل وعدو في بعض الأوقات، ولكنهما كانا دائما جارين متلاصقين.
ومع ذلك، فليس جميع الخبراء والمراقبين متفقين على أن تركيا يجب أن تغلق باب الحوار مع سوريا والعودة إلى موقفها ضد هذا البلد كما فعلت مرة في فترة التسعينات، عندما ابتعدت الدول عن دمشق باعتبارها دولة داعمة للإرهاب، مما جعل البلدين على شفا الحرب.
يقول ماثيو داس المحلل بمركز أبحاث الأمن القومي بواشنطن، إن «تركيا هي المحاور الرئيسية؛ لها دور مختلف في المنطقة عن بقية المجتمع الدولي»، وقال إن الولايات المتحدة، أصدرت حزمة عقوبات على سوريا.. ولكن يجب أن نعلم أن تركيا لا تستطيع أن تقوم بالدور نفسه». وأضاف: «أنقره تدرك جيدا أن المخاطر بشأن عدم الاستقرار في سوريا قد تنعكس على المنطقة كلها».
وعلى الرغم من أن ماثيو داس لمح إلى أن أي موقف صارم من تركيا سيكون محل تقدير كبير من جانب المجتمع الدولي، فإنه أشار إلى أن مخاطر انهيار الدولة السورية سوف يشكل بالنسبة لتركيا هاجسا كبيرا، بسبب تدفق اللاجئين عبر الحدود المشتركة الطويلة بين البلدين. وأضاف: «لذلك أتفهم التأني التركي.. لا أحد هناك يريد أن يرى انهيار النظام في سوريا».
وقال داس الخبير في الشؤون التركية السرية، إن «سياسة فك الارتباط لن تؤدي إلى فوائد.. ولكن فرض عقوبات من شأنه أن يجعل الأسد يتوقف عن إيذاء المدنيين». وأضاف: «لكن علينا أن نكون حذرين في عدم الوقوع في الأخطاء نفسها التي وقعت في العراق»، في إشارة إلى أن العقوبات على الأنظمة تنعكس كثيرا على شعوبها. ووفقا لمسح أجرته اليونيسيف نشر في عام 1999، فإن العقوبات المفروضة على العراق من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة شكلت عاملا خطيرا على الأطفال تحت سن 5 سنوات، حيث زاد معدل الوفاة أكثر من مرتين عما كان عليه الحال قبل فرض العقوبات في عام 1990.
النظام السوري سيسقط حتما، كما يتوقع الخبراء.. بالقدر الذي تقلق سياسة «فك الارتباط» الخبير الأميركي داس. ويرى أن «المجتمع الدولي، فضلا عن تركيا، عليه الإبقاء على اتصالاته مع دمشق ومسؤوليه على أرض الواقع في سوريا.. للحصول على مزيد من المعلومات»، مضيفا أن المشاركة من شأنها أن توفر خيارات أخرى للضغط، على الرغم من أن ذلك أمر محبط للاعتراف به». وقال داس: «هناك القليل جدا يمكننا القيام به لتغيير الوضع بشكل حاسم نحو الأفضل في سوريا.. كما أن العالم يحتاج إلى توضيح الكثير لقوى القمع في سوريا، بأن لحظة المساءلة عما يقومون به.. ستأتي يوما ما».
 
الصحافي السوري عامر مطر لـ«الشرق الأوسط»: أنا مجرم عند النظام لأنني أكتب الحقيقة والواقع
كتب وصيته قائلا لوالده: «لا تصالح».. ويردد دائما أن «كل سوري هو مشروع قتيل»
بيروت: صهيب أيوب
منذ يومين، كتب الصحافي السوري العشريني، عامر مطر، وصيته إلى والده. دوّنها بقلمه الأسود وتركها في مغلف فوق طاولة صغيرة، ودون نسخة إلكترونية منها على الكومبيوتر المحمول الخاص.
يدرك عامر أن «الوقت يسبقه، وأن آلة القتل الأمنية التي تلاحقه وسجنته لمرات في سجون (بائسة) تابعة لأمن الدولة قد تقتله في أي لحظة». يردد على الدوام أمام زملائه ورفاقه المنتفضين بوجه نظام بشار الأسد ومجموعاته العسكرية والاستخباراتية أن «كل سوري هو مشروع قتيل». لكن كل هؤلاء الشهداء الذين يُقتلون لسبب واحد، وهو المطالبة بالحرية، قد لا يجدون الوقت ليتركوا وصيتهم. عامر عمد إلى كتابتها بأسلوب مؤثر وثوري، طالبا من والده ذي الأصول القبلية من الجزيرة السورية أن «لا يصالح».
منذ بداية الانتفاضة السورية تمارس القوات الأمنية اعتقالات قاسية بحق الصحافيين. القمع لا يشمل المنتفضين في الشارع فقط، بل ينسحب على كل من يشارك ويسهم في حركة التظاهر والاحتجاج ضد النظام الذي تعمل آلته العسكرية على قتل المتظاهرين في مشاهد «بشعة»، تنقلها كاميرات الهواتف الجوالة أو تعمد مجموعات صحافية شابة إلى توثيقها، لعرضها على شاشات التلفزيون العربية والأجنبية الممنوعة من التغطية في الميدان السوري الملتهب بحرارة الثورة وبدماء الثوار.
منذ شهر، اعتقلت القوات الأمنية الصحافي عمر الأسعد، الذي يكتب في جريدة «البيان» الإماراتية و«الحياة» اللندنية و«النهار» اللبنانية، والصحافي رودي عثمان، والصحافي عمر خيطو، الذي يعمل في مجلة «الاقتصادي». ثلاثة شبان تثور في صدورهم روح التغيير والإصلاح اعتقلوا لأنهم يؤمنون بـ«سوريا أفضل». مثلهم مثل عشرات غيرهم من الصحافيين والمدونين السوريين اعتقلوا من دون سبب وجيه. الاعتقال تم في مقهى دمشقي حيث كان الثلاثة يجلسون معا وهم يحلمون «بمستقبلهم ومستقبل مدنهم ودولتهم المشرفة على الضوء، والخارجة من قمقم الصمت منذ 15 مارس (آذار) 2011». وبحسب مطر الذي قرر أن يكشف عن هويته في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» أكد أنه لم يعد «خائفا من أي شيء. ولم يعد أي شيء في سوريا يستحق التضحية أكثر من الحرية وقول الحقيقة»، فإن اعتقال زملائه لا يزال «لأسباب مجهولة»، وتم بطريقة «قاسية»، حيث سحب الشبان بالضرب والتعذيب من المقهى وأخذوا ولم يعودوا. مؤكدا أن رفاقه الصحافيين يتعذبون في أقبية السجون الأمنية ويضربون، «فقط لأنهم أرادوا نقل الحقيقة ودعم الثورة من الناحية الإعلامية» وفق ما يقول.
الوضع السوري الداخلي المتفجر يعكس قسوة العمل الصحافي والمتابعة الإعلامية في ظل العنف والاعتقال والملاحقة الدائمة، التي تكاد تتحول إلى هاجس يومي في حياة الصحافيين. يؤكد مطر أن «لا صحافة في سوريا»، فقد تحولت إلى «عمل سري أخطر من تجارة المخدرات وقد يُقتل الصحافي في أي لحظة بسبب عمله الحر»، مضيفا: «منذ تسلم حزب البعث السلطة في عام 1963 والصحافة عمل محظور إلى اليوم. كل صحافي مطلوب لرجل الأمن واليوم الخطر يزداد في ظل عاصفة الثورة».
يروي عامر كيف اعتقل منذ بداية الثورة لمدة 16 يوما. يقول: «تم اعتقالي من البيت، وسحب جهاز الكومبيوتر المحمول الخاص بي، وصودرت كتبي وكاميرتي والدفاتر الخاصة بي، وتمت محاسبتي على كل صورة وكلمة التي كنت من خلالهما أنقل صورة سوريا ووضعها إلى الناس»، موضحا: «لقد سجنت وعذبت لأنني لا أعمل لحساب إعلام النظام، ولأنني لا أسكت وأرضخ لصمتهم وإجرامهم». وأكد «أنا مجرم عند النظام لأنني أكتب الحقيقة والواقع».
سجن عامر داخل غرفة انفرادية في سجن أمن الدولة لمدة 10 أيام، ثم سجن لمدة 5 أيام مع 7 أشخاص، في «غرفة مظلمة ومعتمة ولا تصلح لتكون مقبرة»، كما يصف، واصفا تلك الأيام بـ«المؤلمة». وقال: «تم ضربي وتعذيبي بشدة انتقاما من المواد التي أكتبها». وختم مطر كلامه واعدا: «لن أسكت طالما ما زلت أتنفس».

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,673,450

عدد الزوار: 6,999,693

المتواجدون الآن: 81