تقارير...خبير ومعارضون لموقع "14آذار": تطهير مذهبي في قرى الساحل... خطوة لإقامة دولة الأسد الجديدة!...حــوار «نهضـاوي» ـ ليبــرالي على خطّ التناقضات التونسية ...المسيحيّون مجدداً... نرفض التوطين المُقنّع أو بالتقسيط

أولوية «حزب الله» للمرحلة المقبلة: طمأنة الشارع السني وتعزيز المشتركات...لهذه الأسباب... ديفيد كوهين في بيروت... أنت صحافي...؟ إذاً السفارة السورية تراقبك!

تاريخ الإضافة السبت 17 آذار 2012 - 7:02 ص    عدد الزيارات 2199    القسم عربية

        


 

لهذه الأسباب... ديفيد كوهين في بيروت
سبقت الروايات والسيناريوهات موعد الزيارة التي سيقوم بها نائب وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات الماليّة ديفيد كوهين إلى لبنان قريباً. قيل إنّها للبحث في ملفّات بعض المصارف المتعثّرة وفي التزام لبنان العقوبات على سوريا وإيران. لكنّ مراجع مصرفيّة تحدّثت عن جدول أعمال آخر. ما الذي يحويه؟
الجمهورية....جورج شاهين
ليست المرّة الأولى التي يقوم بها دبلوماسيّون أميركيّون بزيارة إلى لبنان منذ أن بدأ مسلسل العقوبات الاقتصادية والمالية التي اتّخذتها الأمم المتحدة على إيران وسوريا، وتلك التي اتّخذتها الإدارة الأميركية من قبل، وتحديداً منذ أحداث برج التجارة العالمي في 11 أيلول العام 2001 في إطار الخطة التي تقرّرت للسهر على تنفيذ القرارات التي اتُّخذت لـ"تجفيف موارد الإرهاب".
قبل أن يزور السيّد كوهين بيروت سبقه إليها مساعده دانيال غلايزر منذ أشهر قليلة، لكنّ طبيعة الزيارة مختلفة هذه المرّة، إذ يقول العارفون ممّن هم على اتّصال مباشر مع السيّد كوهين وفريق عمله، وممّن وضعوا عناوين جدول أعمال الزيارة، إنّ الولايات المتحدة الأميركية منهمكة بتطبيق قانون جديد يتناول تنظيم حسابات المواطنين الأميركيّين وحاملي جنسيتها والعاملين خارج أراضي بلادهم في العالم كلّه، وتحديد الأسس التي تواكب فتحهم حسابات في مصارف وعلى أراض غير أميركية، وقوننتها وتحديد أسُس التصريح عن مداخيلهم، لوقف كلّ محاولات التهرّب من الضرائب المفروضة عليها والتي يمكن أن تبلغ حدود 30 % منها في الولايات المتحدة ودول العالم.
ما تريده أميركا من لبنان
فإلى جانب المفاوضات الماليّة التي بدأت منذ فترة قصيرة بين وزارة الخزانة الأميركيّة وحكومات الاتّحاد الأوروبّي سعياً وراء بروتوكول تفاهم، وضع الأميركيّون لبنان على لائحة الدول التي باشرت معها مثل هذه المفاوضات، ولهذه الغاية ارتفع منسوب الاتّصالات التي تولّاها عدد من أعضاء فريق السيّد كوهين ومن بينهم مساعده دانيال غلايزر الذي وضع أولى أسُس التفاهم في زيارته الأخيرة إلى لبنان قبل أسابيع من الجانب الأميركي وفريق متخصّص من المصرف المركزي في لبنان بإشراف حاكم المصرف رياض سلامة، ومنهم أعضاء في لجنة الرقابة على المصارف.
وعليه، قالت المصادر إنّ في أولويّات جدول أعمال كوهين ما يتّصل بشرح القانون الأميركي الجديد وأصول تطبيقه على جميع المستويات الإدارية والمالية انطلاقاً من الاستمارة الخاصة المعتمدة والتي يتوجّب مَلؤها من قِبل كلّ أميركي أو مَن يحمل جنسيّة اميركيّة يُقدم على فتح حساب ماليّ له في أيّ مصرف لبناني أو غير لبناني يعمل على الأراضي اللبنانية والتي تعطي الحقّ للمصرف بإبلاغ السلطات الأميركية المختصّة بحجم هذا الحساب وتحديد نسبة الضرائب المتوجّبة عليه، وفي حال العكس يمكن للمصرف اللبناني رفض فتح هذا الحساب.
وفي جدول الأعمال بنود أخرى تتركّز على آليات تطبيق القانون الذي سيدخل مرحلة التنفيذ الأولى بداية العام 2013 في إطار خطة شاملة تمهيداً لتطبيقه بشكل شامل بدءاً من العام 2017. وهي خطة سمحت لمصارف العالم ودولها التي تلتزم قرارات وزارة الخزانة الأميركيّة وتتعاون مع عملتها الدولية بتوفير هامش واسع لسنوات أربعة لا يجوز بعدها التهاون من أجل الوصول إلى مرحلة حصر إيرادات الأميركيّين بشكل دقيق أينما وجدوا في كلّ أنحاء العالم.
... وما يريده لبنان من كوهين
إلى ذلك، قالت المصادر التي واكبت التحضيرات لهذه الزيارة إنّها سمحت للجانب اللبناني بتضمين جدول أعمالها ما يعني لبنان من هذه الزيارة. ففي نيّة المعنيّين أن يؤكّدوا للجانب الأميركي التزام لبنان الكامل بمضمون القوانين الدولية التي تُعنى برصد مشاريع تبييض الأموال. وسيؤكّد لبنان أنّ القوانين المحلّية المعمول بها في لبنان تعطي الهيئات الرقابية ما يكفي من الصلاحيات لضمان تطبيق كلّ القرارات الدولية، وتضاف اليها القوانين التي تلتزمها مصارف لبنان التي تعلم جيّداً من هم عملاؤها وزبائنها بشكل دقيق ومصادر أموالهم، وهي لم ولن تتهاون في كلّ ما يتّصل بما يوشي بإمكان وجود عمليّات تهريب أو تبييض للأموال، وفي حال العكس لن تتردّد المصارف اللبنانية في وقف التعاون مع كلّ من يخرق هذه القوانين أو يحاول تجاوزها.
 
أنت صحافي...؟ إذاً السفارة السورية تراقبك!
لم يَدر«المخبر» الذي انتهى من إرسال تقريره الأمني من شتورة في البقاع، إلى السفارة السورية في بيروت عبر الفاكس، أنّ هناك من يتربّص به، وان محاولة تمزيق التقرير بعد إرساله ورَميه في سلة المهملات، كانت «هفوة أمنية» مكّنت البعض من محاولة جمع «نُتَف» التقرير الممزق لتظهر حقيقة ما ورد فيه.
الجمهورية....صبحي منذر ياغي
التقرير الأمني المكوّن من ثلاث صفحات أعِدّ بدقة متناهية واحترافية، وتناول الصحافيين ومراسلي وسائل الإعلام في طول البقاع وعرضه، وتضمّن تفصيلا إلى جانب اسم كل إعلامي حول هويته السياسية، وميوله، ومواقفه حيال ما يجري في سوريا، وطريقة تغطيته للأخبار، ومن هي المصادر التي تزوّده بأهمها؟ وغيرها من أمور تعتبر من مستلزمات العمل الاستخباراتي السوري الذي ما زال ناشطاً في لبنان، على رغم أنّ البعض يردّد دوماً عبارة "سوريا صارت في سوريا"!
دفاعاً عن الحريات
هذا الأمر الذي نعيد تسليط الضوء عليه في "الجمهورية"، يدخل في إطار الوقوف إلى جانب الصحافة والحريات والدفاع عنها، ولا يمكن التغاضي عنه، وهو أثار غضباً واستغراباً لدى مراجع أمنية وسياسية وروحية في البقاع، ليتبيّن أنّ هناك تعليمات من مسؤول امني سوري للمخبرين والناشطين بإعداد تقارير مشابهة ودراسات في كل المناطق اللبنانية تتناول الجسم الصحافي والإعلامي، وتقارير بالصحف ووسائل الإعلام اللبنانية وأصحابها، وتفاصيل عن سياستها وتمويلها ونوعية أخبارها وانتماءات العاملين فيها، وغيرها من تفاصيل دقيقة في إطار "سرّي للغاية"، تؤكد أن الصحافة اللبنانية دوماً في خطر، ومكتوب عليها ان تدفع دائماً ضريبة "دورها المميز" في هذا الشرق.
وقد اعتبرت أوساط نيابية بقاعية أنّ "ما جرى يثبت وجود محاولات تستهدف الصحافيين في مسيرتهم، بقصد حَجب الحقيقة عن الرأي العام، كون هؤلاء هم الجنود الذين يعملون لنقل الحقيقة والواقع كما هو، وأن التجارب أثبتت أن الإعلاميين هم دوماً في دائرة الخطر والاستهداف، وهم دوماً وفق العقلية المخابراتية في "دائرة الشبهة".
تهديد مبطّن
بدورها، أبدَت الأجهزة الأمنية اهتماماً بارزاً في متابعة التحقيق حول معدّ هذا التقرير، ومدى تهديده للعاملين في وسائل الإعلام في البقاع ولبنان كله، خصوصاً أنه يركّز على انتماءات الصحافيين السياسية وميولهم. وتولّى عدد من الصحافيين تزويد هذه الأجهزة بصوَر عن التقرير، لتجري تحقيقاتها في هذا الاطار.
واكد عدد من الزملاء الإعلاميين في البقاع، ممّن تناولهم التقرير، أنهم يعتبرونه بمثابة رسالة "تهديد مبطّن" لجميع الإعلاميين، وبالتالي يطالبون بحمايتهم لأن حياتهم معرضة للخطر، لافتين إلى أن هذا الأمر هو بمثابة إخبار للقضاء، وبالتالي يرون أنه في حال تعرّض أي إعلامي للأذى، فإن الجهة التي استهدفته باتت واضحة وأدانَت نفسها بنفسها.
وأضاف هؤلاء: "هذا التقرير أثار قلقنا ومخاوفنا، والمطلوب من نقابتي الصحافة والمحررين التدخّل عملياً، وإثارة هذا الموضوع مع السلطات المعنية، ولبنان مليء بنماذج من شهداء الصحافة الذين دفعوا ثمن التزامهم وإيمانهم بالحقيقة والحرية".
تقرير دقيق
وذكر احد الزملاء البقاعيين لـ"الجمهورية"، وهو يعمل في صحيفة يومية مكتوبة، أنّ التقرير الأمني قسّم إلى 3 أجزاء وفق المنطقة الجغرافية التي يغطّي المراسل أخبارها لوسائل إعلام لبنانية فقط من دون ذكر أسماء المؤسسات الإعلامية العربية والدولية. وأظهر التقرير الذي أُرسل عبر الفاكس الى السفارة السورية في بيروت، دقّته بنسبة 90 في المئة، وأن الهدف من ورائه معرفة كيف يتابع المراسلون تغطية الأحداث السورية وما يجري على الحدود بين لبنان وسوريا، ومن هو داعم للنظام السوري ومن هو ضده؟ وهل يلعب الاعلاميون دوراً في دعم الثوار والأنشطة السورية المعارضة. ومن دون شك يهدف أيضا إلى ممارسة أعمال الترغيب والترهيب على الصحافيين، لمَنعهم او "التمَنّي عليهم" عدم تغطية ما يجري على الحدود، أو متابعة الملف السوري وارتداداته داخل لبنان.
الانتماءات والميول
وتمكّن معدّ هذا التقرير من تصنيف المراسلين حسب انتماءاتهم الحزبية، وهويتهم السياسية، وتناول حتى المراسلين الذي يعتبرون من المحسوبين على أحزاب مؤيدة للنظام السوري. لذا، لوحظ أن انتماءات المراسلين وفق التقرير توزّعت سياسياً على "القوات اللبنانية"، و"المستقبل"، و"التيار الوطني الحر"، و"الشيوعي"، و"حزب الله"، وحركة "أمل"، و"الحزب السوري القومي الاجتماعي"... فضلاً عن ولاء البعض لزعامات تقليدية وتيارات سياسية، والبعض الآخر صُنّف في دائرة "المشبوهين"!
تهديدات سابقة
وهذا التقرير ليس بجديد، إذ سَبق وتلقّى عدد من مراسلي الصحف والمحطات المتلفزة رسائل خلوية محمّلة بالتهديدات، و"تمنّيات" من جهات أمنية وشخصيات، بالابتعاد قدر الإمكان عن إثارة موضوعات تتعلّق بالنازحين السوريين، وارتدادات ما يجري في سوريا... وقد تشهد الايام المقبلة تحركات واستنكارات من مرجعيات وهيئات سياسية وروحية بقاعية، لرفع الصوت والتحذير من محاولة التعرض للإعلاميين، ليس في البقاع فحسب، بل في لبنان كله.
 
المسيحيّون مجدداً... نرفض التوطين المُقنّع أو بالتقسيط
في وقت يترسخ الانقسام المسيحي يوماً بعد يوم، على ملفات تبدأ في الداخل من التعيينات والسياسة المالية والسلاح، ولا تنتهي في الخارج مع الأزمة السورية، تبقى القضية الفلسطينية ورفض التوطين مساحة تجمع المسيحيين في كل الظروف والأوقات.
الجمهورية....ربى فرح
نظّم "المركز الماروني للأبحاث والتوثيق" برئاسة المطران كميل زيدان ندوة ضمّت ممثلين عن الأحزاب المسيحية لمناقشة الوجود الفلسطيني والحلول الإجرائية له في ضوء دراسة أعدها الأستاذ زياد الصايغ مستشار لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني أثناء حكومة الرئيس فؤاد السنيورة.
وقد حضر النائب إيلي كيروز ممثلا "القوات اللبنانية"، النائبان فريد الخازن وسيمون أبي رميا ممثلين "التيار الوطني الحر"، "الكتائب اللبنانية" ممثلة بنائب رئيس الحزب سجعان قزي، الوزير السابق يوسف سعادة ممثلا تيار "المردة" وعدد من الشخصيات المسيحية. واللافت أن الندوة تحوّلت إلى فريق عمل سيواصل اجتماعاته لاحقا بالتنسيق مع المطران زيدان.
وانطلاقاً من ضرورة الخروج من بعض الأفكار المعلّبة إلى إيجاد حل للوجود الفلسطيني في شقه العسكري المتمثل بالسلاح، وشقه الإنساني المتمثل باللاجئين، قارب المجتمعون الموضوع الفلسطيني ليجمعوا على نقاط خمس:
أولا، اعتبار المقاربة الإنسانية للموضوع الفلسطيني مقاربة خاطئة، بغض النظر عن ضرورة احترام الإنسان أكان فلسطينيا أو لا، وأهمية أن يعيش أينما كان متمتّعاً بحقوقه الإنسانية الطبيعية، وبالتالي يجب أن تكون المقاربة وطنية من منطلق أن القضية الفلسطينية قضية قومية أولا، ولأن الوجود الفلسطيني في لبنان له أبعاده الكيانية التي تؤثر في الصيغة اللبنانية والتوازن ثانيا. من هنا، لا يجوز أن يكون التوطين مقنّعاً أو بالتقسيط تحت ستار المطالبة بالحقوق الإنسانية.
ثانيا، لا يجوز لأي دولة عربية كانت أو أجنبية المزايدة على اللبنانيين إلى أي طائفة انتموا وخصوصا الطائفة المسيحية، في الموضوع الفلسطيني، فما قدمه لبنان للقضية منذ 64 عاما، لم يقدمه أحد آخر. ولبنان اليوم، بمسلميه ومسيحييه، لا يستطيع تحمل التوطين، ولا حتى استمرار الوجود الفلسطيني الذي بات عبئاً على القدرات اللبنانية الاقتصادية والاجتماعية... ناهيك عن الوضع الأمني.
ثالثا، الحل المثالي للاجئين يكون بإقامة دولة فلسطينية وعودة الفلسطينيين إليها، انطلاقاً من القرار الدولي 194. لكن في المقابل، هناك إجماع على أن الدولة الفلسطينية بعيدة المنال، وحتى لو أنشئت ستكون دويلة غير قادرة على استيعاب الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، وبالتالي يبقى مشروع العودة نظريا ولا بد بالتالي من البحث عن حل آخر لفلسطينيّي الشتات انطلاقا من أن لبنان يصرّ على رفض أي حل يقضي بتوطين اللاجئين حيث هم.
رابعا، تعيش المنطقة العربية في هذه المرحلة تغيّرات جذرية وتتجه بعض الدول نحو التقسيم أو الفيديرالية (العراق، السودان وغيرها) ما يعني أن الوقت مناسب لطرح القضية الفلسطينية. وعلى الدول العربية المهتمة والداعمة لحرية الشعوب وديموقراطيتها أن تجد حلّاً مع المجتمع الدولي، لأنّ مسؤولية الوجود الفلسطيني في لبنان ليست مسؤولية لبنانية، إنما مسؤولية المجتمع الدولي، وبالتالي على الدولة اللبنانية أن تتحرك في اتجاه الدول العربية والأمم المتحدة على حد سواء لإيجاد حلّ.
خامسا، ضرورة نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيّمات ولا سيما أن هذا البند أقرّ بالإجماع في طاولة الحوار الوطني، إضافة إلى ضبط السلطات اللبنانية الأمن داخل المخيمات بعدما بدأت تتحوّل بؤرا أمنية لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية، وباتت ملجأ للأصوليين والسلفيين والمتطرفين والجهاديين والخارجين عن القانون والمشاركين في أعمال إرهابية، وأكبر مثال على ذلك اكتشاف الشبكة السلفية داخل الجيش اللبناني.
 
هكـذا خسـرت تركيـا حربهـا مـع سوريـا
جريدة السفير...محمد نور الدين
عام بالكامل مرّ على أكبر تحدّ واجهته ولا تزال السياسة الخارجية التركية منذ أن اتبعت سياسات انفتاح على المنطقة العربية وغير العربية، ولا سيما جوارها الجغرافي المباشر، وعرفت بسياسة «تصفير المشكلات».
رغم أن هذه السياسات أحرزت نجاحات لافتة في أكثر من ملف وقضية ومكان، غير أن أحداً لم يكن يتوقع أن تنجح هذه السياسات بالكامل في منطقة شديدة التناقض والتعقيدات والحساسيات. كانت كل واحدة من الثورات العربية بمثابة امتحان للدبلوماسية التركية. ولم تظهر أنقرة صورة متوازنة وسلوكاً موحّد المعايير، ما أوقعها في ازدواجيات جلبت لها تارة غضب دول «معتدلة» وتارة غضب دول «ممانعة». والمثالان الليبي والبحريني سبقا المثال السوري.
شكلت الحالة السورية «بيضة القبان» في محاولة تركيا دفع دورها وقوتها الى أقصاهما، بعدما لاحت أمامها، أو تراءى لها، ان الفرصة باتت سانحة، وأن «اللقمة» باتت في الحلق.
لقد تحركت السياسة التركية تجاه سورية في اطار ثلاث دوائر. الأولى، التحالف مع الغرب على اعتبار أن تركيا بلد أطلسي وفي مفاوضات للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والقسم الأكبر من تجارتها واقتصادها مرتبط بأوروبا. والتحالف مع الغرب يفرض التعرض لأهداف عالمية، وليس فقط إقليمية. من هنا كان الدرع الصاروخي استهدافاً للقوة الروسية قبل أن يكون استهدافاً للقوة الإيرانية. وهذا ما يفسر تلك الغضبة الروسية على قبول تركيا نصب الدرع الصاروخي، وتهديد رئيس الحكومة فلاديمير بوتين لتركيا بأن روسيا ستدافع عن نفسها بكل الوسائل. وإسقاط النظام في سورية هو استهداف لأحد، بل آخر ركائز النفوذ الروسي في المنطقة.
الدائرة الثانية للتحرك التركي كانت عربية. بعد فترة وجيزة على بدء الأزمة السورية، ولا سيما في الفترات اللاحقة، كانت تركيا جزءاً من الكادر الذي توجد فيه كل الدول العربية المعادية لسورية، مثل دول الخليج، في المطالبة بالإصلاح، وهذا كان يتناقض مع صورة تركيا التي تحاول أن تقدم نفسها بها، أي أنها دولة ديموقراطية من جهة، وعلمانية من جهة ثانية. وجود تركيا أيضاً في الكادر نفسه مع دول ارتفع فيها نجم الإسلام السياسي، الإخواني تحديداً، كان انعكاساً لحراك داخلي لحزب العدالة والتنمية يسعى لهوية اجتماعية أكثر تديناً بخلاف الصورة السائدة عن تركيا.
الدائرة الثالثة التي تحركت فيها تركيا هي الدائرة القومية، حيث أن تحالفها مع الغرب وتنسيقها كل السياسات مع واشنطن تحديداً، لا يلغي وجود أجندة خاصة بأنقرة تلحظ تشكيل «حيثية» بها قد تلتقي أحيانا مع السياسات الأميركية وقد لا تلتقي، وهو ما اصطلح على تسميته بـ«العثمانية الجديدة» الذي سيتعارض حتماً في مرحلة لاحقة حتى مع حلفائها من الدول العربية المسماة معتدلة، ولا سيما السعودية ومصر. إن الحديث عن تحالف تركي ـ مصري مثلاً ليس سوى من باب التمني لا الواقع، فيما الحديث عن تحــالف تركي ـ سعودي هو أكثر من مستحيل.
كان اندلاع الأزمة السورية قبل عام فرصة لتركيا للسعي لترجمة هذه الأهداف. وبمعزل عن طبيعة «النصائح» التركية في بداية الأزمة السورية لدمشق، فإن التصور التركي، سواء بالروزنامة التي قدمتها أنقرة إلى دمشق حول الإصلاح، أم بالانتقال إلى دعم المعارضة السورية بالمال والسلاح وتوفير الملاذ السياسي والعسكري، كان يرمي في المحصلة إلى تغيير النظام.
ذلك ان دعوة نظام، مؤسساته متعفنة وقديمة وذات نمط واحد ومنذ 40 سنة وأكثر، ولم يعرف سوى نظام الحزب الواحد، الى اصلاح نفسه جذرياً خلال أسابيع او أشهر، كما اقترحت انقرة، هو من باب المحال، ويعني لو تم أن النظام السوري ينحر نفسه بنفسه. فتركيا نفسها استغرق إنهاء نفوذ الجيش في السياسة فيها ثماني سنوات كاملة، فيما لم يتقدم الاصلاح فيها في المسألتين الكردية والعلوية خطوة واحدة، فكيف تأتي وتطالب بإصلاح كامل لـ«نظام قديم» خلال أشهر او حتى سنة او سنتين؟
لم يتجاوب الرئيس السوري بشار الأسد مع «النصائح» التركية، فانتقلت انقرة الى المرحلة الثانية لإسقاط النظام، وهو تنظيم المعارضة بشقيها السياسي والعسكري. واللافت أن الانتقال إلى هذه المرحلة كان سريعاً جداً. فأولى مظاهر الاحتضان التركي للمعارضة بدأ بمؤتمر لجماعة الإخوان المسلمين في سورية في اسطنبول بعد أقل من شهر على بدء الأزمة، وتلته عشرات المؤتمرات للمعارضة، تارة في انتاليا وتارة في اسطنبول وأماكن أخرى.
نظمت تركيا المعارضة السورية على مستويين: سياسي، وتمثل في إطلاق المجلس الوطني السوري الذي عرف بـ«مجلس اسطنبول» وفي ذلك دلالة واضحة على الدور التركي. وعسكري عبر توفير الملاذ والتدريب لما يسمى بـ«الجيش السوري الحر» بقيادة العقيد رياض الأسعد المقيم في انطاكيا، حيث تعددت التقارير المختلفة على الدور التركي في تسليحه وتدريبه وتوفير الأرضية الصالحة للقيام بعمليات من داخل الأراضي التركية ضد أهداف في الداخل السوري. ووزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو لم يتردد في الكشف عن تأييد أنقرة لكل الخيارات، بما فيها العسكري، لإسقاط النظام في تصريح له يوم السبت في 3 آذار الحالي.
والى الدعم السياسي والعسكري لم تبخل تركيا باستخدام كل الوسائل للتضييق على النظام. كان إضعاف النظام اقتصادياً واجتماعياً أحد ابرز أدوات الضغط التركي عليه. العقوبات الاقتصادية لم تكن تستهدف فقط إشعار المواطن بأن هذا النظام يضرّ به بل أيضاً لفك تأييد الطبقة التجارية في دمشق وحلب، على اعتبار أن العقوبات الاقتصادية ستلحق بها الأذى ما يدفعها لفك ارتباطها بالنظام.
أيضاً حاولت تركيا فك تأييد الأقليات، أو ما اعتبرته كذلك، عبر الضغط على القادة الدينيين في المنطقة، ومنها في لبنان، لإبعاد المسيحيين عن النظام وكذلك لإبعاد الدروز عنه بوسائل مشابهة. ولكن أخطر ما حاوله قادة حزب العدالة والتنمية، ومنذ وقت مبكر من الأحداث، هو تصوير الصراع في سورية على انه صراع مذهبي بين علويين حاكمين ومتسلطين وسنّة مضطهدين. وتصريحات رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان ووزير الاقتصاد علي باباجان، فضلا عن التصريحات المتكررة لداود اوغلو، كانت واضحة جداً في اعتبار «الثورة» معارضة سنّة ضد نظام علوي.
لا أحد ينكر وجود بعد ديني وطائفي ومذهبي في كل الأنظمة الحاكمة في العالم العربي والإسلامي، لكن تصويره بهذه الحدة في سورية أمر لا يتطابق مع الحقائق والواقع على الأرض. فتأييد دمشق وحلب السنّيتين وحدهما للنظام، أو على الأقل عدم انضمامهما إلى المعارضة، يدحض البعد المذهبي للصراع الداخلي.
لا يمكن ان نعزل الأبعاد المذهبية من السياسة الخارجية التركية تجاه سورية عن الواقع الداخلي التركي، حيث تكاثر السلوك المذهبي للنظام في تركيا تجاه العلويين، ولسنا بحاجة لإيراد أمثلة حسية، لكن آخرها كان إسقاط القضاء التركي ملف التحقيق في «مجزرة سيواس» في العام 1994 التي ذهب ضحيتها 37 مفكراً واديباً وشاعراً علوياً على يد فئات إسلامية من دون أن يلقى ذلك اعتراضاً من اردوغان.
ولا شك في ان التشهير بالنظام كان من ادوات السلوك التركي ضد سورية. فإعداد الخيم كان سابقاً لهجرة أي مواطن سوري. كذلك اليوم إعداد مخيم جيلان بينار كان سابقاً لمعركة ادلب وتحضيراً وتشجيعاً ليقدموا إلى هناك، علما انه كما فرّ عناصر «الجيش السوري الحر» إلى لبنان بعد معركة حمص فإن عناصره فروا الى الداخل التركي بعد معركة ادلب، ولذا كان مخيم جيلان بينار.
لم تتوقف تركيا عن التحريض على دمشق. ومؤتمر «أصدقاء سورية» في تونس كان من بنات أفكار الدبلوماسية التركية. وها هو سينعقد بعد أسبوعين في اسطنبول للمرة الثانية، ومن بعدها في باريس. لقد كانت الاستراتيجية التركية إبقاء النظام تحت الضغط المتواصل، وعدم منحه أي ثانية لالتقاط أنفاسه.
إن ما يفسر هذا الإصرار هو أن تركيا لعبت لعبة «يا كل شيء أو لا شيء». لقد بات هناك إجماع على ما قلناه منذ الأيام الأولى للأزمة في سورية، من أن تركيا أحرقت المراكب ورفعت السقف عالياً. هي تدرك ذلك، ولذا لن تعدم وسيلة في هذا الاتجاه. ولا اعتقد أن الدبلوماسية الناجحة تدخل في مثل هذا الخطأ الاستراتيجي في أن تراهن على شيء من دون حساب لهامش الخطأ التي تحسب حتى في استطلاعات الرأي المتواضعة. لم تُبق أنقرة حتى هامشاً بسيطاً في رهانها، حتى إذا فشل الرهان خسرت كل شيء.
اليوم بعد عام من انفجار الأزمة في سورية، ومن انفجار العلاقات التركية - السورية، لا يبدو أن اللوحة التي ترسم لنتائج السياسة التركية تجاه سورية وردية، ولا في أي من عناصرها.
- فقدت تركيا عامل الثقة، الأهم في العلاقات الدولية، وهو الذي بنيت عليه العلاقات التركية مع سورية وإيران والعراق وروسيا ولبنان.
- فقدت تركيا دعم كتلة واسعة من المجتمعات الإسلامية، ولا سيما الشيعية منها، عندما بدا أن السلوك التركي بالتعاون مع العرب الآخرين يستهدف ايضاً حضور الشيعة في المنطقة وقوتهم والإخلال بالتوازنات التاريخية. أليس دخول قوات درع الجزيرة لقمع ثورة البحرين هو لمنع حدوث خلل في الستاتيكو هناك؟ فلماذا يسمح بالحفاظ على الستاتيكو في الخليج، فيما يُراد له أن ينفجر ويتغير في «بلاد الشام والرافدين» وصولاً إلى بلاد فارس؟
إن السعي لإحداث خلل في التوازنات التاريخية والمذهبية، وربما الدينية، في المنطقة انطلاقاً من سورية هو من أكبر الأخطاء التي ارتكبتها تركيا في المنطقة الاسلامية والمجاورة جغرافياً لها. ومواقف زعيم الشيعة في تركيا نفسها صلاح الدين اوز غوندوز نموذج على ما أصاب صورة انقرة من ندوب عميقة في هذا البعد.
- ولا شك في أن هذه السياسات التركية قد قرعت جرس الإنذار في عواصم بعيدة، ولا سيما في موسكو. اذ ان سعي انقرة لإسقاط النظام في سورية هو بمثابة هجوم استطلاعي على روسيا سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وتحجيم سعيها لاستعادة دورها العالمي. ولعل هذا السعي لشطب روسيا من الشرق الأوسط كان وراء الموقف المتشدد لموسكو من الوضع في سورية وحماية النظام، وكذلك حماية الصين له، وهي التي طُردت من ليبيا وجنوب السودان ويراد لها أن تطرد من سورية والشرق الأوسط، وان تنضم إلى روسيا في التعرّض لتهديد التيارات الدينية من الشيشان إلى الأويغور الأتراك. وهو الذي حوّل سورية من خاصرة ضعيفة إلى نقطة الارتكاز الأقوى في ظهور نظام عالمي جديد أكثر توازناً.
- إن خروج تركيا عن سياسة الحياد الإيجابي واصطفافها طرفاً في الصراعات الداخلية في سورية والمنطقة والعالم أخرجها من إمكانية القيام بأدوار وساطة، كان يمكن أن تعاظم من نفوذها. لكن الرهان على أن تكون اللاعب الأوحد، من خلال إسقاط النظام السوري والتفرد بالتالي في حكم المنطقة، أفقدها العقلانية في التعامل مع الامتحان السوري الذي أخفقت فيه تركيا أيما إخفاق. فمن استعجل الشيء عوقب بحرمانه منه.
- واليوم تنظر تركيا إلى جنى مساعيها فلا ترى سوى الخيبة: النظام يشدد سيطرته على الأرض، الطبقة التجارية السنّية وفئات سنّية أخرى تدعم النظام وكذلك المسيحيون والعلويون والدروز. الجيش متماسك وكذلك السلك الدبلوماسي. إن استعجال تفكك أوصال الدولة والمجتمع السوريين لا يمكن أن يُعزى إلا لقراءات خاطئة لطبيعة الواقع السوري، نتيجة ابتعاد تركيا عن المنطقة تسعة عقود، بحيث لن تكون كافية ثماني سنوات من حكم حزب العدالة والتنمية لمعرفة توازناتها وحقائقها. المشكلة هنا معرفية بامتياز.
وتنظر تركيا فترى فشل السيناريو الليبي وفشل التدخل العسكري الخارجي عبر مجلس الأمن أو التدخل منفردة، وترى كذلك فشل إقامة مناطق عازلة. وتنظر تركيا فترى أيضاً أن «قرّتي عينها» تكادان تصبحان من الماضي، فالمجلس الوطني السوري الذي عملت أنقرة لإنشائه على مدى شهور باتت تنخره الانقسامات والخلافات، وهو في الأساس لم تكن له قاعدة صلبة على أرض الواقع. ولذا يمكن التساؤل عن معنى انعقاد مؤتمر «أصدقاء سورية» الثاني في اسطنبول. وقرة عين تركيا الأخرى، أي «الجيش السوري الحر»، يفقد آخر مرتكزاته بعد سقوط حمص وإدلب وهروب عناصره إلى تركيا ولبنان.
ولم تنأى تركيا من التأثيرات السلبية لسياساتها تجاه سورية والمنطقة على وضعها الداخلي، حيث تعرض المجتمع التركي لاهتزازات إضافية على الصعيد المذهبي واحتقانات إضافية على الصعيد الاتني. لقد أفلتت أنقرة من يديها فرصة تاريخية لتعزيز نفوذها في سورية والمنطقة، لكن المحظور حصل ولن يصلح الدهر ما أفسده حزب العدالة والتنمية بالذات.
 
«بلد الياسمين» في زمن «النهضة».. أسئلة الهوية والسياسة والاقتصاد ـ4
حــوار «نهضـاوي» ـ ليبــرالي على خطّ التناقضات التونسية
آلاف من المواطنين المحسوبين على التيارات الإسلامية يتجمهرون بدعوة من «الجبهة التونسية للجمعيات الإسلامية» في ساحة باردو أمس أمام مقرّ المجلس الوطني التأسيسي للمطالبة باعتماد الشريعة الإسلامية كمصدر اساسي ووحيد للتشريع، مرددين وهم يرفعون العلم الأسود الخاص...
جريدة السفير....دنيز يمين
«تونس تلعب في المؤقت».. ربما هو التوصيف الأكثر دقة لتونس الحاضر، على حدّ تعبير احد الدبلوماسيين التونسيين الذي يعترف بحساسية المرحلة السياسية من جهة، ويطمئن للمستقبل من جهة اخرى. في هذا «المؤقت» بالذات - اي ما قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلتين - يتعززّ رغم كل المعوّقات، مفهوم «الرأي العام» في تونس، بعدما كان ملغى تماما في «الزمن البائد»، كما يحلو للمواطن التونسي وصفه: بين مؤيد لحركة «النهضة» الاسلامية ومؤيد للأحزاب الليبرالية، بين معارض لليسار العلماني المتطرّف ومرحّب به، بين مناصر للاسلام الديموقراطي ومنادٍ بالشريعة والسلفية، بين معنيّ بالشأن السياسي وآخر غير مهتمّ سوى بحفظ الاستقرار... عباءات سياسية فكرية واجتماعية، حاضرة بكل تناقضاتها في تونس اليوم، ولو ان ثقل بعضها يتعدى بأوزان كثيرة ثقل بعضها الآخر، غير انها على اختلافها، تعود لتنقسم بين فئتين لا ثالثة لهما عند اي مفترق طرق سياسي او اجتماعي او اقتصادي: هل انت مع «النهضة» ام ضدها؟
سؤال يحضر في الأذهان كلّما اجتمع تونسيان وانطلقا في كلام السياسة. دقائق قليلة على الحوار الناعم، تضمن جلاء هوية المعسكرين، فيُستكمل نقاشٌ راقٍ (قلّ نظيره في دول عربية اخرى) بين نقيضين، مثقّفين كلّ على طريقته، لا يجمعهما الاّ تونس.. وما يجمعهما كثير.
يرغب محسن، الليبرالي التوجه، في التاسعة مساء، بشرب «البيرة» في حانة احد الفنادق الصغيرة في شارع الحبيب بورقيبة، اعتاد التردّد اليها منذ سنوات «لدفئها وهدوئها». يروي لزائره ضاحكاً قصته مع الخمرة التي يحب تذوّقها بين الحين والآخر.. «يوم أتى صديقي جوهر لوداعي قبيل توجهه للصلاة، تمنيت عليه الصلاة لأجلي.. قبل ان اوصيه بأن يشتري لي ما استطاع من زجاجات ملوّنة في طريق العودة»... يستبق محسن الدخول الى الحانة بتنبيه زائره: «سأقول لمن في الداخل إن تذوّق البيرة التونسية واجب علينا امام السياح»...
يلقي محسن التحية على احمد، صديقه «النهضاوي»، النادل الرئيسي في حانة الفندق (شبه الفارغة)، قبل ان يطلب زجاجة «سلتيا» ويبدأ نقاش السياسة في تقييمٍ للامس والحاضر والغد. «هل تونس بخير؟». يجيب احمد بشيء من التفاؤل: «بالرغم من كل شيء، تونس اليوم افضل من الماضي. انتخب التونسيون من رأوا انه الأنسب لقيادة البلاد. ومع انطلاق الترويكا سياسياً، تتجه البلاد رويدا رويدا الى الاستقرار». يتخذ محسن من «حادثة العلم» (عندما انزل احد السلفيين علم تونس من امام كلية منّوبة في 7 آذار الماضي لوضع علم اسود بدلا منه) مثالاً للتعبير عن قراءة اخرى للوضع الراهن، خصوصا ان ممارسات سلفية عدّة، اعتبرها النهضاويون «طبيعية» فيما رأى المعترضون انها «شاذة»، كانت حديث الساعة في تونس قبل اسبوع.
يغوص المتحاوران في تحليل الظاهرة السلفية، ليقول احمد ان «ما جرى امام منّوبة لا يقبل به اي تونسي شريف. الا ان صعود السلفيين طبيعي، بعدما نزعت الثورة في البلاد غطاء القمع عن كل انواع التيارات الفكرية، اياً تكن.. لا اعرف لماذا يُنظر اليهم كفزاعة تهددّ البلاد.. اعتقد انه بالحوار مع هؤلاء يمكن التوصل الى صيغة لعيش مشترك». يلمّح صديقه اللدود الى استخدام سلطة «النهضة» الحراك السلفي كورقة تلهي بها الشعب عن القضايا الاساسية (الاقتصاد والمعيشة..)، قبل ان يلقى جواباً اسلاميا مدروساً: «النهضة اكثر المتضررين من السلفيين اذا ما وصل الامر الى اقتسام الساحة الاسلامية».
«خطر» الحراك السلفي في نظر محسن لا يقف عند حدود «حادثة العلم» او «السماح للداعية الاسلامي المصري وجدي غنيم بالدعوة الى ختان الإناث»، بل يصل الى «حدّ التغيير في لحن التراتيل القرآنية التي بدأت تزعج آذاننا.. النحو الى الوهابية امرٌ مرعب.. أما النظر الى السلفيين على انهم ظاهرة عادية، فلا اعتقد ان ذلك سيطمئن السائح الفرنسي او البريطاني.. اي شرح تقدّم له عندما يأتيك تونس ويرى اللحى؟ النهضة والسلفيون سيخسرون تونس سيّاحها»... يقاطع موظّف الحانة، الحليق الذقن، ضيفه المستسلم لعلمانيته: «ما قاله الداعية غنيم تم تأويله وتشويهه بشكل فاضح.. كنت في المكان العام الذي اعتلى به غنيم المنبر، ولم اسمع منه دعوة صريحة لختان الإناث بل كان ذلك في معرض ردّه على سؤال محدد لأحد الحاضرين ولم يكن فتوى.. اما صلاة القرآن بلحن وهابي، فلم ألمسه قطعاً. نواظب على الصلاة يومياً ولم يتغير اي شيء على هذا المستوى منذ ما قبل وصول النهضة الى السلطة».
موظف الحانة، الذي اعترف بأنه كان مستفيدا من نظام بن علي خوفاً على عائلته قبل ان يعود الى احضان «النهضة» من الباب العريض، لا يتردد في التعبير عن احترامه لصديقه، كلّما شعر ان التباينات التي ترافق حوار التناقضات، تكثر على حساب النقاط المشتركة.. يبدو اكثر ارتياحاً عندما يتجه النقاش الى الدين.. «اللحى رمز التدين. الرسول نفسه اوصى بإبقائها وإزالة الشوارب.. هو الذي كان ملتحياً وسيماً هادئاً حكيماً».. يستمع محسن لصديقه طالباً جعة ثانية، قبل ان يسرق منه دفّة الكلام ويبدأ نكتة بعنوان «المجالس الإلهية ومن كان الاجمل بين النبي عيسى والرسول»... يقاطعه احمد بسلوكه الهادئ مستأذناً الانسحاب ريثما يستكمل محسن رواية النكتة، الا ان ضيفه يبادله الاحترام معتذراً.. «سامحني، آسف لإحراجك»، ممتنعاً عن مواصلة روايته.
يعود النقاش الى سكة السياسة بعدما عرّج مرغماً على الدين والمجتمع في آن معاً، فيختم بتوصيف أداء الاتحاد العام التونسي للشغل.»ان ينتشر النهضاويون في تظاهرات اتحاد الشغل في تكتلات تهدف الى المراقبة وجسّ نبض المشاركين في الاحتجاجات ضد السلطة، لم يكن امرا ايجابيا»، وفقاً لمحسن الذي شدد على صحّة عمل الاتحاد «رأس الحربة في صون حقوق التونسيين». غير ان احمد، الذي ابدى استياءه من الاتهام، اكد كمشارك في اجتماعات النهضة الحزبية: «لم توكل الينا مراقبة احد. النزول الى الشارع مسألة لم تعد في توقيتها المناسب.. بل بدأت تضرّ بتونس اكثر ممّا تفيدها. نتوق للاستقرار بعدما تدهور اقتصادنا ومعيشتنا. خيار الشارع دليل قصر نظر في وضع امني لم يترتّب حتى اللحظة»...

 

 

من قطف الثمرة وطمرها في الماضي؟

تساؤلات قلقة على مصير ثورات الربيع العربي
جريدة السفير...ماجد السامرائي
ما الذي يحصل اليوم على أرض الواقع العربي، وتحديداً في مواقع ثورات الربيع العربي؟ وماذا يريد من يربكون نتائج هذه الثورات على صانعيها؟ والى أي هدف يسعون بعد ان «احتازوا» القطاف من الأيدي التي زرعت، فلم يعد بيدها شيء من جناه، فلم تجد أمامها إلا أن تنهض ثانية، وإن برفع اليد والصوت احتجاجاً؟
قد تكون مثل هذه التساؤلات، التي يثيرها الواقع أمامنا في تونس ومصر، على وجه التحديد، باعثاً على التفكير، الحر والعقلاني، بما حدث.. وما يحصل لما أنجز. ولكي لا يلتبس الأمر على قارئ متعجل فيحشرني في عداد «زمرة» لست منها في شيء، أقول: إنني مع ثورات الربيع العربي، ولا بدّ أن أكون، فهي ثورات على واقع أفسدته أنظمة كانت لها، في مدى قد يتجاوز العقود الثلاثة الأخيرة الى الرابع منها، سياساتها الفاسدة/ المفسدة، وقد أفسدت الواقع والبشر، أو بعضهم، كما افسدت الفكر والثقافة بما جعلت لهما من «مسارات سلطوية» انتهت بالكثيرين الى واحد من طريقين: طريق التبعية لها والاستتباع لمنطقها، أو طريق النهايات المأساوية، بدءاً بالتشريد بين منافي الأرض الى الموت صمتاً أو اغتيالاً.
وأقول ثانية: إن هذه الأنظمة، وقد اتخذت مثل هذه المسارات، كان لها، في غير حالة وموقف، من الأدوار السلبية على الواقع وانسان هذا الواقع ما يتفوّق على دور القوى الخارجية (الاستعمارية) في أبشع ما كان لها من أدوار يوم بسطت نفوذها على بلداننا هذه، على بشاعة تلك الادوار، وأبرزها الاطاحة بوجود الانسان، واستلابه بتجريده من أي دور فعلي.. وفي الآخر: تسطيح وجوده، انسانياً وحضارياً.. حتى وجدت «القوى الخارجية» المتطلعة الى الهيمنة على مصير الشعوب في غير حاكم ورئيس وأمير من يحقق لها «تطلعاتها» من دون كبير عناء، كانت ستبذله لو أخذت نفسها بالدور لانجاز «المهمة».. ما جعل الثورة عليها والدعوة الى تغييرها واجباً، على الشعوب أن تنهض به، لتعيد «الاعتبار التاريخي» لنفسها شعوباً، ولبلدانها كيانات انسانية.
لقد أرادت الثورات، في ما أرادت، أن تعيد الاعتبار للانسان في مجتمعاتنا وجوداً ودوراً.. وكان تغيير «واقع السلطة» بداية الأهداف، وهو ما كان. ولكن ما الذي حصل من بعد ذلك؟
إذا كانت ثورات الربيع العربي قد تبنت مثل هذه الأفكار منهجاً، فإن عفوية الحركة هي ما تحكم بهذ المنهج، وأقصد بالعفوية هنا، أنها انطلقت من شعور واحساس، أكثر من انطلاقها من تنظيم يبني حركتها على توجه واضح ومرسوم الأهداف ويمتلك المقومات الكيانية التي تسند نتائجه.
ولأن الحركة كانت حركة غضب شعبي، فإنها حققت فعلها على أرض الواقع، وأزالت أنظمة كان لها من القوة، وبعضها من الجبروت، ما يبعث على الخشية من نتائج فعل كهذا، بله الخوف.
وكان لتلك الثورات أبطالها، وكان لها من الدماء: دماء الشعب الثائر، ما جعل النتائج حقيقية وفعلية.. وأثمرت الأرض فانبتت زرعاً جديداً جاء، كما أريد له أن يكون، مغايراً لما كان عوداً وثماراً. ولكن... ما أن حان «وقت القطاف» حتى رأينا أيادي أخرى تمتد لتكف الأيدي الفعلية، مستأثرة به وحدها، ومستلبة من الزارع الحقيقي جنى زرعه.. فإذا «الزارع الفعلي» يقف مندهشاً أولاً، ومتسائلاً ثانياً.. ثم حين وجد الجواب تلوكه ألسنة اعتادت تحريف الكلام و«تشذيب» اللغة من دلالاتها الحقيقية، ادرك أنه قد سُرق في غفلة منه، حتى بدا وكأنه لم يفعل شيئاً ولا حقق مراداً: فبديل «الدكتاتورية المطلقة» التي مثلها حكم «الفرد الواحد»، إذا هو، ونحن، أمام «دكتاتورية الديمقراطية المزعومة».. وإذا كان قد تخلّص مما أسماه «وجوهاً تقليدية»، إذا هو يجد بديلاً منها وجوهاً تصنع «تقليديتها الجديدة»، وكأن الوجه تغير وبقي الصوت في نبراته الأولى. فإن كان قد أزاح «الحكم الدكتاتوري» بأساليبه القمعية الفتاكة، فإنه وجد نفسه أمام «حكم أوتوقراطي» يفتك بالانسان والواقع معاً: حرية رأي وتعبير، وتكوينات مؤسسية، وبالعقل مصدر فكر وباني تفكير. فبديل الحد من «حرية التعبير» حلت «حرية التكفير»، والويل للخارجين! أي ان انسان الثورات هذه، كأنما أزاح الأنظمة التابعة ليحل محلها أنظمة تفرض عليه التبعية لما ترى، والاستتباع لما تقول. أنظمة لا نتحرج، أمام التاريخ واللغة، من ان نصطلح عليها تسمية «الاستعمار الوطني». فهي فوق ما تتبع من أساليب القسر والقهر لاتريد لهذا الانسان، المقهور تاريخاً، أن يأمل بنظام آخر سوى النظام الذي يستمد مقوماته مما كان لـ«دولة الخلافة» من أصول، مغلقة البواب والمنافذ دون المستقبل، الذي كثيراً ما تجد في التطلع إليه رجساً من عمل الشيطان على «ناسها» أن يجتنبوه لعلهم يُفلحون! راسمة سبيل «الخلاص المتوهم» أمام من يطيعون ما تتبنى من منطق ـ وإن كان لا يفتح أمام الانسان من كوى إلا ما يطلّ بهذا الانسان على الظلام والفراغ العقلي والتاريخي.
يحدث هذا اليوم في مصر، حيث اعتلى سدة الثورة من هم ليسوا من صنّاعها في شيء.
ويحدث هذا في تونس، التي أتيح لي أن اعايش «تحولاتها» هذه في «قطافها الأخير»، وعن قرب، وقد وجدت الانسان الذي ثار هناك، بل من أطلق شرارة الثورة في غير مكان، معزولاً عن ثورته، لا من ثورته بذاتها، بل ممن استأثروا بقطافها في غفلة منه، وقد جاؤوا بقوة منظمة متغلبين على من كانوا بلا تنظيم.. فإذا الشعب الذي ثار وفتح درب التغيير، يحاول اليوم أن يعاود الثورة ليستعيدها من «أيدي المستأثرين» بها، وقد استبدّ به القلق على المستقبل أكثر من أي وقت مضى.
وأسأل، وقد سأل قبلي ويسأل معي كثر: هل هذا هو المستقبل الذي أراده «ربيع الثورات» العربية، وسعى إليه بدماء شهدائه؟ وهل نحن، من بعد هذا، في حاجة الى تبني منطق «الثورة الدائمة» لكي نجنّب الواقع ما قد ينتظره من دمار مريع؟
أتساءل قلقاً، لا متشائماً.. فالشعب الذي ثار على أنظمة عاتية فأزالها وألقى بها الى الريح تذروها، وجوهاً وسياسات، هو ذاته الشعب القادر على حماية نتائج ثوراته من الانحراف الذي بات يتهددها.. واعادتها الى المسار الصحيح.
كاتب وإعلامي ـ العراق
 
أولوية «حزب الله» للمرحلة المقبلة: طمأنة الشارع السني وتعزيز المشتركات
جريدة السفير...غسان ريفي
يبدو أن «حزب الله»، الذي بات موضوع الفتنة هاجسه الأكبر، خاصة في هذه المرحلة اللبنانية والعربية والإسلامية البالغة الخطورة، يتجه لتعزيز الانفتاح على الكثير من المكونات اللبنانية، وحماسة زائدة لحوار يطال كل القضايا والمسائل الخلافية، بعيداً عما يعتبره الحزب «خطوطاً حمراء، لا سيما في ما يتعلق بسلاح المقاومة الذي له وظيفة محددة هي مواجهة العدو الإسرائيلي».
ويشير قيادي إسلامي، على تواصل مستمر مع الحزب، الى ان الاتجاه هو لبذل أقصى الجهود الممكنة من أجل قطع الطريق على كل ما يمكن أن يؤدي الى الفتنة، أو أن يساهم في تأجيج صراعات تكون الأمة الإسلامية والعربية الخاسر الأوحد فيها.
ويقول إن «حزب الله» يؤيد الحل السياسي في سوريا والتشديد على ضرورة تنفيذ كل الإصلاحات التي أقرت، والسعي الى بلورة تسوية من أجل إنهاء الأزمة التي تطال شعب سوريا بأكمله.
وترى قيادة «حزب الله»، استناداً الى شخصيات إسلامية شمالية، أن غالبية الشعب السوري تؤيد الرئيس بشار الأسد، وهناك قسم من الشعب ضد النظام، وهناك فئة قليلة تم التغرير بها وتوريطها في عمليات عسكرية ضد الجيش وضد مؤسسات الدولة، «ومع ذلك، سنسعى جاهدين الى فتح قنوات من أجل الوصول الى تسوية نهائية للإشكالية القائمة بين النظام وبين هؤلاء المغرر بهم، الذين وإن أخطأوا يبقوا سوريين وأعزاء، خصوصاً أن الفتنة الداخلية لا منتصر فيها، وأن أي معركة داخلية أو أي جهد عسكري أو سياسي في الداخل السوري يبقى في غير مكانه الصحيح».
ولا يخفي الحزب حماسته لحوار بناء مع جميع الأطراف المخالفة له في السياسة وفي الفكر وفي العقيدة، في لبنان والمنطقة، من حركة «الإخوان المسلمين» التي حاول القيام بوساطة بينها (عبر حركة «حماس») وبين النظام، الى السلفيين والوهابيين، ليس فقط على الساحة اللبنانية، بل إن الأمر سيتعداها الى الحركات الإسلامية السلفية والمتشددة في بعض البلدان العربية، وذلك بهدف توحيد الجهود والتعاون بـ«المتفق عليه» من أجل مواجهة المشروع الأميركي ـ الصهيوني المتنامي في المنطقة.
وفي ما يخص سلاح المقاومة، يسخر «حزب الله» من حماسة المعارضة اللبنانية لتسليح مجموعات سورية ودعوة مسؤولين رسميين كبار في الدول العربية الى تسليح المعارضة السورية، تحت شعار «الحق المقدس للشعوب في الدفاع عن أنفسها»، بينما كل هؤلاء يطالبون بنزع سلاح المقاومة في لبنان، وتعتبر قيادة المقاومة أن ما يجري في هذا الإطار يضيف رصيداً جديداً لسلاح المقاومة ومشروعيته في مواجهة العدو الإسرائيلي دفاعاً عن الأرض والكرامة.
ثمة توجه مميز في خطاب «حزب الله» الموجه الى الشارع الإسلامي السني، في ظل حرص شديد يبديه السيد حسن نصر الله من أجل بذل كل ما يمكن أن يؤدي الى طمأنة هذا الشارع وتعزيز القواسم المشتركة، ومن ثم حديث «السيد» بعد فترة عن التوافق العقائدي السني ـ الشيعي في الكثير من المسائل، وتأكيد حرصه على الساحة السنية كما هو حرصه على الساحة الشيعية وربما أكثر.
ويقول قياديون في الحزب إن التوجه الجديد للمرحلة المقبلة هو «عدم اقتصار العلاقة على بعض رموز السنة في لبنان، بل إن الأمر سيتعداه الى مخاطبة جمهور السنة عموماً بهدف كسر الحواجز النفسية وإدخال نوع من الاطمئنان الى قلوب كل المسلمين اللبنانيين».

 

 

 

خاص موقع "14 آذار": لصوص في حماية "حزب الله" ...وينقلبون عليه!
 طارق السيد
دأب "حزب الله" في الفترة الماضية على تشكيل قوة خاصة تعمل على هامش نشاطاته، قوامها شباب شيعيون عاطلون من العمل. يهدف الحزب من هذا الاجراء الى تنفيذ خطة ببعدين يتمثل اولهما انتقاء الشبان الذين يثبتون قدرة على الانضباط والتقيد بالتعاليم الحزبية والدينية لنقلهم بعد ذلك الى صفوف تنظيمه العكسري تحت عنوان الإستقطاب.
لكن الاخطر يكمن في ما يمثله البعد الثاني، إذ انه يعتمد على ضم العناضر والأفراد غير المنضبطة أخلاقياً ودينياً، ليجعل منها فرقة أشبه بالعصابة يستخدمها "فزاعة" في وجه القوى اللبنانية المناوئة له في اي ساعة وتحت اي حجة.
أوساط مطلعة على الوضع في ضاحية بيروت اكدت لموقع "14 آذار" أن "رائحة الفساد والممارسات غير الاخلاقية فاحت مؤخرا في هذه المنطقة، بعدما شكّل هؤلاء العاطلون من العمل عصابات لسرقة السيارات والبيوت والمحلات، لتتولد بنتيجة ذلك ملاحقات أمنية بين عناصر الحزب وأفراد هذه العصابات"، كاشفة انه "في معظم الاحيان تتطور هذه الملاحقات الى إشتباكات بين حزب الله والعشائر التي ينتمي اليها هؤلاء الشبان".
وشرحت الأوساط ان "تطور هذا الامر أنتج عبئا على حزب الله الذي يتولى مسؤولية الأمن في الضاحية في غياب الدولة، بعدما ضاق الناس ذرعا بممارسات "الزعران"، فاسترعى الموضوع انتباه قيادة الحزب التي طلبت من المحيطين بها البحث عن سبل للحل، واستقر الرأي على إعادة تأطير هؤلاء الشبان ضمن فرقة تسمى بـ"السرايا الشيعية" تلقى دعما كاملا من الحزب وتخصص لها ميزانية تبلغ مئة الف دولار شهرياً يقتصر تواجدها في الضاحية، كون الامور في مناطق انتشار الحزب خارج العاصمة محسومة الى صالحه".
وجزمت ان "هناك عدد من العناصر التابعة الى هذه السرايا سقطوا خلال الايام الاخيرة في الاحداث الدائرة في سوريا، والمواطن البقاعي "ح. س." كان الذي قتل على أيدي الثوار"، وذكرت بالبيانين المختلفين الصادرين عن القوى الامنية و"حزب الله"، فبينما أشار البيان الاول الى ان المواطن "ح. س." قد قضى في حادث سير في بيروت وان إطلاق النار الذي حصل اثناء تشييعه وهي عادة لبنانية سيئة في المآتم والأفراح، أفاد البيان الثاني أنه "أستشهد خلال قيامه بواجبه الجهادي".
واوضحت ان " حزب الله يذهب في علاقته ودعمه للنظام في سوريا الى أبعد الحدود، من دون الاخذ في الإعتبار إمكانية تحول الاوضاع وإنقلاب الامور هناك، ما جعل من الطائفة الشيعية موضع نقاش بين اللبنانيين على مختلف مذاهبهم، وأصبح السؤال يتمحور بشأن ما إذا كانت هذه الطائفة فعلاً لبنانية؟".
وكشفت الاوساط ان "لهذه السرايا خصوصية إذ لا يمكن للمنتمي اليها إلا ان يكون شيعياً، ويشترط لانضمامه القسم على الحفاظ على سرية ما يجري في الاجتماعات"، لافتة الى الشباب "يخضعون الى دروس دينية مكثفة لمدة 40 يوماً في احدى مساجد الضاحية، لتستكمل بعدها مرحلة التدريب النظري والعملي في بلدة بقاعية لمدة أسبوعين كاملين تحت اشراف ضابط من الحرس الثوري الإيراني يدعى عقيل".
أضافت "عندما تنتهي هذه الدورات تفرز العناصر بحسب العلامات التي تحصل عليها، لتوزع بعدها على المراكز التي تحتاج الى عناصر حراسة، أو الإلتحاق بما يسمى بعناصر الإنضباط التابعة للحزب والمعنية بتسيير كل ما يتعلق بالامن في الضاحية"، مؤكدة انه منذ الشهر تقريباً "دعيت هذه المجموعات الى الإلتحاق بمناطق فرزها استعدادا لأي أوامر قد تصدر عن قيادة حزب الله في المرحلة المقبلة".
وقالت: " أن مسؤولي الحزب يطلقون على عناصر هذه السرايا جماعة الذين "لا دين لهم" إذ انهم شكلوا في العماد الاساسي للمجموعات والعصابات التي هاجمت مناطق العاصمة والجبل في السابع من ايار العام 2008"، وجزمت أن الذين "قتلوا منهم لم تُسدد لأهاليهم المبالغ التي وعدهم الحزب بها".
بالعودة الى تاريخ هذه السرايا، اوضحت الأوساط ان "بعد أنتهاء أحداث 7 ايار والتوصل الى تسوية الدوحة، كان لبعض قيادات حزب الله راي بتصفية هذه السرايا لا سيما ان عناصرها بدأوا يطالبون بمستحقاتهم المالية التي وعدوا بها مقابل تنفيذ غزوتهم لبيروت. وبعد تخلف الحزب عن دفع المخصصات هاجمت عناصر من السرايا احد مراكز الحزب في منطقة حارة حريك مطالبة بمستحقاتها".
 
خبير ومعارضون لموقع "14آذار": تطهير مذهبي في قرى الساحل... خطوة لإقامة دولة الأسد الجديدة!
  طارق نجم
نظام الرئيس السوري بشار الأسد ما زال يستذكر أيام دولة الساحل (العلوية)، التي أقامتها فرنسا (المستعمرة) لمدة 16 سنة قبل قرار توحيد الأراضي السورية تحت ظلّ دولة واحدة. ويبدو ان هذا النظام لا ينسى أن جد حافظ الأسد، سليمان علي الأسد، كان من بين الموقعين الستة على الوثيقة التاريخية الشهيرة، التي وجهت الى المفوض الفرنسي آنذاك ليون بلوم، المطالبة باقامة دولة علوية في منطقة الساحل، وصلت الى حد رفع علمها الخاص واصدار طوابع تحمل اسمها.
ولسخرية القدر فإنّ من رفض علم الاستقلال انذاك (بألوانه الأخضر والأبيض والأسود ونجومه الحمراء) يرفضه أحفاده بعد أن رفعته الثورة السورية من جديد منذ عام بالتمام والكمال. وإذا كانت هذه الوثيقة التاريخية محفوظة في سجلات وزارة الخارجية الفرنسية تحت الرقم 3547 - تاريخ 15 حزيران من العام 1926، فانّ اقامة الدولة العلوية لم تغادر ذهن القائمين على النظام تلطياً منهم خلف طائفة يريدون استخدامها متراساً لهم ولطغيانهم.
بالتالي لم تكن دعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الى "القاء السلاح والانخراط في حوار سياسي لأننا خائفون على سوريا من التقسيم" بريئة، بل بنى موقفه اثر معلومات عن نية حلفه الأسد السير في اتجاه التقسيم والتقوقع في منطقة يسيطرون على حكمها، بعد ضعفهم في حكم سوريا بأكملها ولوحدهم.
المستغرب أنّ اسرائيل لها أيضاً مصلحة في تقسيم سوريا وفق مخطط نظام الأسد، اذ أشارت دراسة إسرائيلية مؤخراً الى أنّ تمسك الدول الغربية بمبدأ عدم التخل العسكري في سوريا من شأنه دفع البلاد الى حرب أهلية طائفية، وتقسيمها الى دولتين إحدهما سنية والأخرى علوية. وبحسب صحيفة الوفد المصرية ونقلاً عن الباحثين الاسرائيليين "ألون لفين" و"يوفال بوستان"، فأن مصلحة اسرائيل تقتضي قيام هاتين الدولتين من أجل اضعاف اي دولة سورية موحدة يسيطر عليها السنة او الاخوان المسلمون، بعد ان كان نظام الأسد يؤّمن لها جبهة هادئة في الجولان لعقود خلت. كما أن سيطرة الدولة العلوية اذا ما تمت من شأنها حرمان المنطقة السورية المركزية من المرافىء البحرية وبالتالي اضعاف هذه الدولة".
خبير في الشأن السوري: الأسد قد يلجأ الى الساحل السوري وستمده روسيا وايران بالدعم عبر الموانىء
وراى أحد الخبراء في الشؤون السورية وفي حديث خاص لموقعنا أنّ "حافظ الأسد حين وصل الى السلطة وضع خطة استراتيجية مزدوجة ومرنة، تتمثل في تثبيت دعائم حكمه على مساحة الوطن السوري بكامله مع وضع احتمال اللجوء إلى المنطقة الساحلية التي تسند ظهرها بجبال العلويين، كملجأ في حال نجاح أي تمرد او ثورة ضد الأسد في قلب العاصمة دمشق".
وتابع الخبير: "اعتبرت هذه الخطة في وقت من الاوقات صعبة التنفيذ لوجستياً، خصوصاً مع بداية عهد الأسد، ووضعت داخل ادراج النظام المنسية، خصوصاً بعد أن بسط يديه على لبنان، وضمه عملياً الى سلطته طوال عقود، اضافة الى نفوذه الذي طال اماكن أبعد مثل غزة والعراق وإن بنسب أقل". لكن برأي الخبير: "يبدو أن هذا السيناريو قد تم استدعاؤه مرة أخرى إلى بساط البحث، خصوصاً أن المقومات لهكذا دولة ممكن ان تنجح مع سيطرتها على الموانىء المتوسطية، حيث ستتكفل ايران وربما روسيا بمدها بما تحتاجه".
وعن احتمال تطبيق هذا السيناريو، قال "لقد أدرك النظام أنه في حال فلت زمام الأمر من يده فإنّ من قمعهم طويلاً سيهبوا لأخذ الثأر او "ردّ الجميل"، وبالتالي فإن إقليم كردستان العراق الأقرب إلى ذهن أرباب النظام، وبرأيهم أنه يضمن حصناً أخيراً لهم".
معارضان من الساحل السوري: الأسد يطهر القرى الساحلية من السنة!
وفي اتصال اجراه موقع "14 آذار" الالكتروني مع أحد وجهاء القرى غير العلوية في منطقة الساحل السوري، لفت السيد ابو رشيد الى "الشبيحة اقتحموا قريتي القادسية وبادنة، طوال الأيام الثلاث الماضية، مدعومين بالأمن والاستخبارات والجيش النظامي وبعدد يقارب الـ5 آلاف عنصر، اقتحموا المنازل، خربوا الممتلكات الخاصة بحضور اصحابها، واستولوا على موجودات من هذه المنازل وحطموا بعدها الآخر"، كاشفاً عن "سقوط شهيدين خلال هذه العملية هما: رضوان عبدالحميد الشابوش وعبد العظيم محمد حمد، احدهما من المجندين، رفض اطلاق النار فتمت تصفيته ميدانياً على الفور، اضافة الى عشرات الجرحى واختفاء 4 مواطنين".
ابو رشيد رأى أنّ "هذه التحركات تهدف الى تهجير أهل المنطقة من خلال إشراك أهالي القرى النصيرية (العلوية) المجاورة في عملية الاقتحام، وهي شريفا وتلة وبيت شاكوحي ووطى الرامي وبعمرين، وذلك من أجل فتح جروحاً قديمة بين القريتين وتحويل الصراع الحالي في سوريا من نضال في سبيل الحرية إلى حرب أهلية طائفية". وقال "اضطررنا النوم في العراء، خارج منازلنا في ظل هذا البرد، خوفاً من المداهمات امن النظام الليلية، اذ اصبح 80 % من منازل القريتين خالية من اهلها، خوفاً من التنكيل، مع العلم أنّ أهل المنطقة لم يقوموا بأي تحرك من شأنه استفزاز النظام"، معتبراً ما يحدث "لا يمكن أن ينصف إلا في خانة التطهير المذهبي لمنطقة من أجل جعلها منسجمة طائفياً".
ولفت الى ان " النظام إمدّ قرى النصيرية بأسلحة متطورة من صواريخ ثقيلة وطويلة المدى، ناهيك عن الأسلحة المتوسطة والخفيفة، وهو الأمر الذي لم نشهده من قبل في المنطقة وبالتحديد في قرى مثل عين الشرقية، بيت ياشور وبيت برغل والزعينية وكذلك القرى المحيطة بالقرداحة".
وفي اتصال اخر مع المعارض السوري عبد الرؤوف درويش، رئيس تجمع 15 آذار من أجل الديموقراطية في سوريا، وأحد السكان الأصليين لمدينة الحفة الساحلية، اعلمنا ان "منزل عائلته ومنازل أخرى استهدفت اطلاق القذائف المدفعية التابعة الى النظام السوري"، كاشفاً عن ان "قوات مشاة تواكبها بعض الآليات العسكرية الأخرى تحاصر منذ فجر يوم أمس مدن القادسية وبادنَة (وهي قرى سكانها من السنة) في ريف محافظة اللاذقية على الساحل السوري بغية اقتحامها، وترافقت عملية الحصار مع عمليات نزوح واسعة وكبيرة من المدنيين في المدن والقرى الساحلية هرباً من القتل والدمار".
وختم درويس حديثه معنا، مشيراً الى انّ "حصار القادسية وبادنة يأتي ضمن عملية عسكرية واسعة النطاق يقوم بها النظام السوري، للتمهيد والتحضير لدولة الساحل كما يقول العارفين، على اعتبار أن أغلب الأسلحة الاستراتيجية التي يمتلكها الجيش السوري تم تحويلها وإرسالها إلى مناطق محددة في الساحل السوري".
المصدر : خاص موقع 14 آذار

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,258,481

عدد الزوار: 6,984,473

المتواجدون الآن: 72