تقارير ...أمن الضاحية: قنبلة موقوتة في بيئة المقاومة...وحدة "شاحاف" الإسرائيلية لمراقبة تحركات حزب الله في جنوب لبنان..واشنطن تدرج أسماء 5 أشخاص بالتورط في غسل أموال لصالح حزب الله

ساعة الصفر الإسرائيلية لضرب النووي الإيراني هل باتت وشيكة؟..لبنان..رسـالة تهـدد بانفـلات الوضع والأسـير يدخـل علـى الخـط

تاريخ الإضافة الجمعة 29 حزيران 2012 - 6:32 ص    عدد الزيارات 2238    القسم عربية

        


 

ساعة الصفر الإسرائيلية لضرب النووي الإيراني هل باتت وشيكة؟
ماجد الشّيخ *
في أواخر أيار (مايو) الماضي وبمبادرة من مركز أبحاث الأمن القومي في إسرائيل، ألقى رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق عاموس يدلين، محاضرة جاء فيها إنه «عندما تحين لحظة اتخاذ القرار في الشأن الإيراني، فإن توجيه ضربة عسكرية لإيران، هو أقل خطراً على إسرائيل من امتلاك إيران القنبلة الذرية». هذا الموقف يدعم موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الذي يرفض أي تسوية ديبلوماسية في الشأن الإيراني، وذلك خلافاً للمواقف المعلنة لعدد من كبار رؤساء الأجهزة الأمنية في إسرائيل، وفي مقدمهم رئيس الموساد السابق، مئير داغان، الذي حذر غير مرة من مخاطر اعتماد الخيار العسكري ضد إيران على إسرائيل، وحذر من حرب إقليمية لا تُعرف نتائجها، كما وصف توجيه ضربة عسكرية لإيران بأنه أغبى فكرة سمعها، وانضم إليه رئيس جهاز الشاباك السابق، يوفال ديسكين، الذي أعلن هو الآخر معارضته العملية العسكرية، وقال إنه لا يثق بنتانياهو ولا بوزير الأمن، إيهود باراك.
وانسجاماً مع موقف يدلين هذا، أعلن نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير المخاطر الاستراتيجية، الجنرال موشيه يعلون، أنه يفضل أن تدفع إسرائيل الثمن الباهظ للحرب مع إيران على السماح لطهران بامتلاك قدرات نووية عسكرية. وقال في مقابلة مع صحيفة «هآرتس» إن هذا الأمر «واضح لي وضوح الشمس، وإن ساعة رمل المواجهة مع إيران تواصل النفاد».
ولا يكتفي يعلون بموقفه هذا من إيران بل يطلق تصريحات بالغة التشاؤم تجاه التسوية مع الفلسطينيين والعرب. ورداً على سؤال حول تقويمه احتمالات الحرب في العام المقبل، قال يعلون: «إن أرجحية هجوم مبادر به على إسرائيل متدنية. ولا أرى ائتلافاً عربياً مسلحاً من أخمص قدميه إلى قمة رأسه يعسكر على حدودنا، لا هذا العام ولا في العام المقبل ولا حتى في المستقبل المنظور». وعلى رغم ما سمّاه «ميول الأسلمة» في الشرق الأوسط، ففي رأيه أن «إسرائيل تحظى بأمن وهدوء نسبيين على طول الحدود. ولكن التحدي الرقم واحد هو التحدي الإيراني. وإذا هاجم أحد إيران، فمن الجلي أنها ستعمل ضدنا. وإذا قرر أحد، بغض النظر عن ماهيته، العمل بشكل عسكري ضد المشروع النووي الإيراني، فإن الاحتمالات عالية أن ترد إيران بالعمل ضدنا وتطلق صواريخ على إسرائيل، وهناك احتمال عال بأن يعمل «حزب الله» وجهات إسلامية في قطاع غزة ضدنا، وهذا الاحتمال قائم وينبغي لنا الاستعداد لمواجهته».
 اعتبارات اسرائيلية
في الاتجاه ذاته صوّب البروفيسور زاكي شالوم، من معهد دراسات الأمن القوميّ، التابع لجامعة تل أبيب، بالقول إنّ كلّ من شارك وتابع أعمال المؤتمر الذي نظمه المعهد أواخر الشهر الماضي ساد لديه الانطباع بأنّ إسرائيل تقترب أكثر من أيّ وقت مضى، من اتخاذ القرار المصيريّ في الملف النوويّ الإيرانيّ، وأنّ ساعة الصفر تدور بسرعة فائقة للغاية، لافتاً إلى أنّ تصريحات رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو والوزير موشيه يعلون ووزير الأمن إيهود باراك، وحركة أجسامهم عند الحديث، لا تترك مجالاً للشك بأنّ ساعة الصفر، باتت قريبة جداً، على حد قوله.
أضاف شالوم في الدراسة التي نُشرت على الموقع الالكتروني للمعهد، أنه يستشف من خلال تصريحات المسؤولين الثلاثة، الاعتبارات المركزيّة التي تدور خلف الكواليس لدى الحكومة الإسرائيليّة، قال إنّ الاعتبار الأول أنّ الجهود المبذولة في السنة الأخيرة لثني إيران عن مواصلة برنامجها النوويّ بواسطة المزيد من العقوبات الاقتصاديّة باءت بالفشل، كما أنّ المفاوضات بين طهران والدول العظمى فشلت، بالإضافة إلى ذلك، أشارت الدراسة، إلى أنّ الأعمال السريّة التي تُنفذ ضدّ إيران لم تعد بالفائدة، إذ أنّ القيادة الإيرانيّة واصلت مشروعها النوويّ، مشيراً إلى أنّ صنّاع القرار في تل أبيب لا يُعوّلون على المفاوضات ولا على العقوبات، ذلك أنّ القيادة في طهران ترى في المشروع النوويّ مصلحة وطنيّة من الدرجة العليا، وبالتالي فإنّ النظام الحاكم هناك على استعداد لدفع ثمن باهظ من أجل إكمال المشروع.
أمّا الاعتبار الثاني، وفق شالوم، فيؤكد لصنّاع القرار في تل أبيب أنّ المفاوضات الجارية مع إيران، او تلك التي ستُجرى قريبًا، لن تُغيّر الصورة، لأنّ أيّ طاقم دوليّ يضم روسيا والصين، من الصعب، إنْ لم يكن مستحيلاً، أنْ يتخذ قرارات بعيدة المدى ضدّ إيران، بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الجدول الزمنيّ للرئيس الأميركيّ باراك أوباما، واقتراب موعد الانتخابات، يدفعانه إلى عدم تأجيل القرار النهائيّ لحسم القضيّة، مشيراً إلى أنّه تحت غطاء المفاوضات تواصل طهران برنامجها النوويّ.
أما الاعتبار الثالث الذي يُحرّك الحكومة الإسرائيليّة، فهو، بحسب شالوم «خيبة أمل تل أبيب من إدارة البيت الابيض الأزمة، وتحديداً الرئيس أوباما، ذلك أنّ هناك بوناً شاسعاً، بحسبها، بين التصريحات المتشددة للإدارة الأميركيّة وبين ما يجري خلال المفاوضات». أما الاعتبار الرابع لدى الحكومة الإسرائيليّة، فهو أنّ عامل الزمن بات مهماً للغاية، ذلك أنّ مرور وقت طويل من دون اللجوء إلى ضربة عسكريّة لتدمير البرنامج النوويّ الإيرانيّ، يجعل من التأخير مهمة صعبة للغاية، في حال اتخاذ القرار بتوجيه الضربة، لافتاً إلى أنّ وزير الأمن، إيهود باراك، كان قد حذّر من وصول إيران إلى ما أطلق عليه اسم «منطقة حماية»، الأمر الذي سيُصعّب على إسرائيل تنفيذ الضربة، أوْ حتى يمنعها من توجيه الضربة.
وخلصت الدراسة إلى القول إنّ إسرائيل لا يمكنها بأيّ حال من الأحوال الاعتماد على التعهدات الأميركيّة، فعامل الوقت في تل أبيب يختلف كلياً عنه في واشنطن، وخلص إلى القول إنّه في ضوء المعطيات التي ساقها، ستستصعب اسرائيل الانصياع للمطالب الأميركيّة، أيْ عدم اللجوء إلى الخيار العسكريّ، على حد قوله.
وعلى غرار قادة إسرائيليين آخرين، كان الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز قد انضم باكراً، إلى جوقة الذين يصرحون ويلمحون إلى أن إسرائيل لا تستبعد الخيار العسكري ضد طهران. وأعاد إلى الأذهان عقيدة الردع النووي الإسرائيلي، حين أشار الى ان العقيدة التي يطلق عليها «الغموض المقصود» لاسرائيل في المجال النووي، تشكل وسيلة ردع «فاعلة» ضد طهران. وتتمثل هذه العقيدة بالنسبة لاسرائيل، التي لم توقع على معاهدة عدم الانتشار النووي، في عدم تأكيد أو نفي امتلاكها ترسانة نووية.
واستناداً الى خبراء اجانب، فإن اسرائيل تملك ما بين 200 الى 300 رأس نووي من انتاج مفاعل ديمونا في صحراء النقب (جنوب اسرائيل). وتؤكد اسرائيل ان موقع ديمونا الذي بني قبل اكثر من 40 سنة، ليس سوى «مركز ابحاث». وانسجاماً مع «الغموض الإسرائيلي»، قال بيريز «لدى اسرائيل قدرات ردع، حقيقية ام غير حقيقية. لا احد يعلم تحديداً ماذا يوجد في ديمونا، لكن يجب ان اقول ان تخيلات وشكوك دول الشرق الاوسط في هذا الشأن، تكسب قوة الردع الاسرائيلية فاعلية كبرى». وأكد ان «قرار اسرائيل اتباع سياسة الغموض طوال هذه السنوات كان قرارا ذكيا».
 اختبار ايراني
علــــى الطرف الآخر، وإذ تسعى طهران إلى اختبار قوتها العسكرية، كقوة ردع تقليدية تعتدّ بها الآن، وقبل الوصول إلى لحظة القنبلة النووية، فإنها وفي أعقاب الانسحاب الأميركي من العراق، تريد قياس مدى ردود الفعل الأميركية على بدء التصرف الإيراني كقوة إقليمية مهيمنة، أو تسعى إلى المزيد من الهيمنة في المنطقة، وهو قياس يعود إلى نية إيرانية بتفحص موازين القوى، وما إذا كانت واشنطن سوف تسلم لطهران بدور إقليمي متفق عليه، أو يمكنه تجاوز الحد المسموح به عالمياً وأميركياً تحديداً، ولكن، في هذه المعمعة، يبقى الموقف الإسرائيلي الضاغط على واشنطن هو ما يمكـــن أن يخرج موقفاً أميركياً في النهاية، ينحاز إلى النوايا والهواجس الإسرائيلية.
ومهما يكن من أمر، فإن الإسرائيليين لا يعدمون التعبير عن فقدانهم الثقة بالرئيس الأميركي، فحتى لو اخذ على عاتقه شن ضربة عسكرية ضد النووي الإيراني، يبقى توجسهم الأساس يدور حول الثمن الذي يمكن أن تطلبه واشنطن على صعيد المفاوضات والتسوية في المنطقة، وهي كلفة ليست حكومة اليمين المتطرف بزعامة نتانياهو بصدد تحملها كنوع من المقايضة، فهل تفعلها إسرائيل وتشن ضربتها الموعودة، قبل أن يتمكن الأميركيون من فرض «قواعد لعبة» لا يريد الإسرائيليون الدخول في بازار دفع الثمن الذي يتوجب عليهم دفعه في سياقها؟
ماذا بعد كل هذه الهبات الساخنة والباردة؟ هل هو توزيع أدوار بين إسرائيل والولايات المتحدة، وفي السباق بين الجهود الديبلوماسية و «نوايا» شن ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية؟، مع أن كل الأطراف تدرك مسبقاً أن العمل العسكري لن يستطيع تدمير كامل القدرات والإمكانات النووية، بل ربما يجري إعاقتها لفترة زمنية محددة، يعيد الإيرانيون بعدها استئناف ما فاتهم وبأسرع من السابق. فهل يرعوي أنصار الضربة العسكرية، فيعيدون حساباتهم ويعودون إلى رشد التسوية وحكمتها؟
 * كاتب فلسطيني
 
واشنطن تدرج أسماء 5 أشخاص بالتورط في غسل أموال لصالح حزب الله
جويس كرم- واشنطن "الحياة الالكترونية"
أدرجت وزارة الخزانة الأميركية أربعة أشخاص وثلاث مؤسسات على لائحة المتورطين بغسل أموال وتهريب مخدرات في أميركا اللاتينية لصالح منظمة حزب الله اللبنانية، وشخص خامس على لائحة "الارهاب الدولي" لدعم الحزب. وتم تحويل ملايين الدولارات من هذه الأنشطة الى الحزب عبر جهات ومصارف بينها مصرف "فينيقيا" اللبناني.
وحدة "شاحاف" الإسرائيلية لمراقبة تحركات حزب الله في جنوب لبنان
القدس المحتلة - امال شحادة - "الحياة الإلكترونية"
 
خصص الجيش الاسرائيلي وحدة "شاحاف" لتولي مهمة جمع معلومات استخبارية عن تحركات عناصر حزب الله من بلدات الجنوب اللبناني. والوحدة منتشرة في منطقة واسعة على الحدود الشمالية وتتزود بمعدات رقابة حديثة ومتطورة. وهي، بحسب الجيش الاسرائيلي، قادرة على رصد تحركات عناصر حزب الله المنتشرين في معظم بلدات الجنوب اللبناني.

وفي ترويج الجيش لصور هذه الوحدة، ذكر ضباط فيها ان الوضع في بلدات الجنوب بات يشكل خطراً حقيقياً على الوضع الامني في منطقة الحدود، التي باتت، بعد ست سنوات من حرب تموز (يوليو)، مركزا لعناصر الحزب المنتشرين بين السكان وتحت الارض أيضاً.

وحسب الجيش، يضطر عناصر الوحدة إلى السير لمسافات طويلة لضمان الوصول الى اقرب نقطة من بلدات الجنوب. وحسب ما ذكروا فان هناك صعوبة حقيقية في رصد التفاصيل الدقيقة عن تحركات ونشاطات عناصر حزب الله، لكن النشاط لا بد منه في ظل الظروف التي تشهدها المنطقة. واضاف احدهم يقول: "لضمان رصد اوسع منطقة من الطرف الاخر فاننا نمشي مسافات طويلة ونعمل ليل نهار. بالنسبة لنا مهم جدا التعرف على العدو حتى اذا ما وقعت الحرب نكون قادرين على مواجهة العدو بما يضمن القضاء عليه". وادعى هذا الضابط ان الوحدة قادرة على رصد خمسين في المئة على الاقل من نشاطات الحزب.

يشار الى ان الترويج لهذه الوحدة جاء في وقت كشف فيه ضباط وجنود احتياط، الذين يعتمد عليهم بشكل كبير في أي حرب مقبلة، انهم غير جاهزين على خوض اية معركة وانهم لا يقومون بتدريبات كافية تؤهلهم لمواجهة العدو. واذا كان الحديث عن مواجهات في ارض المعركة فالوضع اكثر خطورة. وبحسب ما قال ضباط الاحتياط، افي سايغ، في اجتماع للجنة مراقبة الدولة في الكنيست افان وضع جنود الاحتياط اسوا مما كان عليه في حرب تموز، فهم ليس فقط لا يتدربون بالشكل المطلوب بل ان المعدات التي يتدربون عليها غير صالحة، ما يعني ان الاعلان عن حال طارئ خلال هذه الفترة سيعيق أي استخدام لهم لمعدات حربية سيستخدمها الجيش في الحرب ".

قائد وحدة احتياط ويدعى ارئيل فاينر، كشف امام المسؤولين في اللجنة ان سبعة وعشرين في المئة من المدرعات التي يتدربون عليها لا يمكن استخدامها في الحرب وغير ملائمة حتى للتدريبات مشيرا الى انه في اغلب ايام التدريبات يقضي الجنود وقتهم في تصليح الاضرار في الدبابات بدل التدريب عليها.

وامام هذه المعطيات فان محاولة الجيش الترويج لبطولات وحدات فيه سواء "شاحاف" او غيرها من الوحدات التي تتدرب على حرب على احتلال لبنان او سيناريو حرب شاملة على مختلف الجبهات، لم تعد مقنعة للاسرائيليين اذا ن النشر المتواصل عن اخفاقات لهذا الجيش ووحداته وما يعانيه من اهمال ونواقص في مجالي الدفاع والهجوم بدا يزعزع مكانته امام الجمهور الاسرائيلي.
 
لبنان..رسـالة تهـدد بانفـلات الوضع والأسـير يدخـل علـى الخـط
الشـارع يطارد الأمـن والسـياسـة تتسـتّر
السفير..جعفر العطار
حدثان دمغا اليوم الأول من الخطة الأمنية، أمس، بصبغة سياسية: الأول تمثّل في قطع كل من طرق المطار (ظهراً) وسليم سلام والضناوي (ليلاً) بالإطارات المشتعلة، احتجاجاً على استمرار توقيف و. ع.، الذي شارك في الاعتداء على قناة «الجديد» الإثنين الماضي، فيما تجلّى الحدث الثاني بتمرّد 11 موقوفاً، في قصر العدل في بعبدا.
الحدثان، في الشكل، يندرجان في سياق أمني معلن، بينما يتصلان، في المضمون، بحراك سياسي شبه مستتر، مغلّف بمقايضات سياسية: التهديد بقطع الطرق الرئيسية في بيروت، بغية إطلاق سراح و. ع.، يجري تشبيهه، في الأروقة الأمنية، بـ«المعركة» السياسية التي اندلعت بغية إطلاق سراح شادي المولوي، والتي كانت مدعومة بحراك شعبي.
وإذا كان المولوي قد اتهم، بعد توقيفه من جانب «الأمن العام» في طرابلس، بانتمائه إلى تنظيم «القاعدة»، ومع ذلك أخلي سبيله بإيعاز سياسي رسمي، فإن «و. ع. جلّ ما فعله هو أنه أشعل إطاراً مطاطياً أمام محطة تلفزيونية، احتجاجاً على شتائم أحمد الأسير»، وفق معزوفة سياسية يجري تداولها حالياً.
أما تمرّد الموقوفين الـ11 في بعبدا، احتجاجاً على تأجيل جلسات محاكماتهم، والذين جُرح منهم أربعة أشخاص، فإنه يندرج، وفق المعزوفة ذاتها، في نسق مشابه للصفقة السياسية التي أدت إلى إخلاء سبيل 11 موقوفاً، ينتمون إلى «فتح الإسلام»، فيما يعجّ سجن «رومية» بموقوفين تبلغ نسبتهم نحو 65 في المئة، لم يُنطق بحقهم أي حكم قضائي.
وفي حين بدا تمرّد الموقوفين عفوياً إلى حد ما، كما أن دائرة اتساعه، حالياً، ضيقة الأفق وتداعياتها شبه محصورة في السجون، إلا أن تكرار قطع طرق بيروت، المطوّقة إلى الآن بزنّار عسكري من الجيش، ربما تتسع شيئاً فشيئاً، على الرغم من الاستنفار الأمني.
فقد علمت «السفير» من مصادر قضائية، أن جهة سياسية وجهت رسالة واضحة إلى قناة «الجديد»، مفادها أن «الشارع في بيروت مهدد بالانفلات الأمني، احتجاجاً على توقيف و. ع.، وبالتالي، فإن الحلّ الأولي حالياً، يتمثل في إسقاط الدعوى عنه، وإلا فإن القناة ستتحمّل الانفلات في الشارع، الذي بات قاب قوسين أو أدنى من الوقوع».
وفيما رفضت إدارة «الجديد» التعليق على الموضوع، مكتفية بالإشارة إلى التهديد الهاتفي بالقتل، الذي تعرّضت له كل من مديرة الأخبار مريم البسّام ونائبتها كرمى الخيّاط ليل أمس الأول، فقد أفاد المصدر أن «القناة تبدو جدّية في عدم التراجع عن الدعوى، مهما كلّف الأمر».
وعند العاشرة والنصف ليلاً، وفيما كانت دوريات تابعة للجيش تعمل على فتح طريق سليم سلام، أقدم مجهولون على رمي أصابع ديناميت تجاه الدورية، بينما استمرّ قطع الطرق في بيروت حتى وقت متأخر من الليل.
في المقابل، وبالتزامن مع قطع طريق سليم سلام، عمد إمام «مسجد بلال بن رباح» أحمد الأسير، محاطاً بمناصريه، إلى قطع طريق مدخل صيدا الشمالي («السفير») بالاتجاهين، معلناً اعتصاماً مفتوحاً، حتى تحقيق مطالبه الرامية إلى تسليم سلاح المقاومة إلى الدولة اللبنانية.
وعلى الرغم من تنقّل ظاهرة قطع الطرق في بيروت، إلا أنها اقتصرت على مجموعات محدودة، الأمر الذي يمكن أن يُفسّر بعدم موافقة البيئات الاجتماعية، التي تقيم بينها تلك المجموعات، على أعمال الشغب والتخريب.
وفي ظاهرة أمنية مريبة، وبدلاً من تكثيف الحماية الأمنية لوسيلة إعلامية تعرّضت لاعتداء وإطلاق نار، ثم تهديد بالقتل، علمت «السفير» أن القوى الأمنية سحبت العناصر المولجة بحماية مبنى «الجديد»، الذين يبلغ عددهم خمسة عناصر، صباح أمس، ثم أعادتهم ليلاً، بعد اتـصالات سـياسـية وأمنـية قامـت بها إدارة القناة!
حقنة مؤقتة؟
في حين كان اليوم الأمني أمس محاطاً بهالة إعلامية فحسب، من دون حدوث أي إجراءات أمنية جذرية وجديدة، يبدو أن الأمن السياسي آخذ في ترجيح كفّته على كفّة الأمن الاجتماعي، بدءاً من عمليات السرقة والنشل والخطف، والإشكالات المسلّحة بين العشائر.
وفي عملية حسابية بسيطة، تستند إلى البلاغات الرسميّة لـ«قوى الأمن الداخلي»، يتبين أن أمن أمس كان «استثنائياً»، في عنصرين: تسيير دوريات أمنية، بعد إعلان رنّان أطلقه وزير الداخلية مروان شربل، واجتماع للقيادات الأمنية الرسمية في مقرّ أمن الدولة، بغية التشاور بين الأجهزة الأمنية كلها!
إذ تفيد البلاغات الأمنية، التي تعممها «المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي» على وسائل الإعلام يومياً، بتوقيف أكثر من 885 «بسبب ارتكابهم أفعالاً جرمية»، بمعدّل 30 إلى 60 شخصاً في اليوم، منذ الأول من الشهر الحالي، حتى أمس الأول.
وفي التدقيق في أرشيف الجداول المرسلة، يتبين أن القوى الأمنية توقف، يومياً، متهمين بالجرائم التالية: سرقة، تعاطي مخدرات وترويج، تزوير، خطف، إقامة غير مشروعة، قيادة بدون أوراق ثبوتية، محاولة قتل، تسوّل، ضرب وإيذاء، إطلاق نار، مطلوبون بموجب مذكرات قضائية، وغيرها من التهم.
غير أن يوم أمس «الأمني»، الذي بدأ من منطقة المشرّفية على أبواب الضاحية الجنوبيّة، واستمرّ نحو ساعة ثم تنقّل بحواجز أمنية في بيروت، بدا كما لو أنه حقنة مؤقتة للحدّ من استفحال الجرائم المتكررة، إلى أن تخفت «الحماسة» الأمنية الحالية، مثل سائر الحملات الأمنية السابقة، الرنّانة.
ووفق معلومات «السفير» الرسمية، فقد أوقفت القوى الأمنية في بيروت، من صباح أمس وحتى التاسعة ليلاً، 12 مطلوباً بموجب بمذكرات قضائية، وصادرت 49 دراجة نارية مخالفة، و35 آلية بدون أوراق ثبوتية، وسطّرت 21 مخالفة سير.
وفيما اعتبرت مصادر أمنية أن «الخطة الأمنية، برمّتها، تهدف إلى طمأنة الناس، لكنها في المقابل لن تحقق النتائج المرجوّة، لأنها لم تعتمد على الأمن الوقائي»، فقد أشارت مصادر أمنية أخرى إلى أن «التقييم من اليوم الأول غير منصف، بل يحتاج إلى نحو عشرة أيام، كي نستطيع إجراء تقييم جدّي».
وسط ذلك، وقعت ثلاثة إشكالات فردية مسلحة، في كل من مناطق حيّ السلّم وبرج البراجنة والرويس، مردّها خلافات شخصية، من دون وقوع إصابات.
وإذا كان وزير الداخلية قد ناشد السياسيين «رفع الغطاء عن أي عابث بالأمن»، معتبراً أن الخطة تستمر أكثر من شهر، إلا أن المعضلة الآنية، في ما يتعلّق بالأمن الاجتماعي لا السياسي، تكمن في معادلة مريبة: «تجار المخدرات والسلاح معروفون بالاسم وأماكن وجودهم، لكن القوى الأمنية والسياسية، تدرك استحالة القبض عليهم»، يقول مرجع أمني.
وتتجلّى الصعوبة في القبض على هؤلاء، وفق المصدر، في «عدم وجود مواكبة سياسية لعلميات الدهم الأمنية، ذلك أن رفع الغطاء السياسي وحده لا يكفي، لأن القوى الأمنية، مهما كان عددها وعتادها، لن تجازف في اقتحام تجمعات المطلوبين، الذين ينتشرون في أحياء شعبية تضمّ جمهوراً سياسياً من اللون الواحد».
 

 

انتشار ميداني «منظم» لمجموعات شباب في بيروت يرافق إطلاق شربل الشهر الأمني من الضاحية
بيروت - «الحياة»
لم تمض ساعات على إطلاق وزير الداخلية اللبناني مروان شربل الخطة الأمنية، حتى تعرضت إلى «هزة أمنية» كادت تعيد الوضع المتوتر في بيروت إلى ما كان عليه ليلة الاعتداء على محطة «الجديد». إذ أفاد شهود عيان «الحياة» أنه قرابة الواحدة والنصف ظهر أمس بدأت منطقة سبيرز تشهد حركة غير اعتيادية، تجلت بتوافد العشرات من الشبان، إما أفراداً، وإما ضمن مجموعات، سيراً على الأقدام أو على متن دراجات نارية وسيارات. وبدأ هؤلاء الشبان بالتجمع في حيّين ضيقين، أحدهما بموازاة مطعم «بربر» وآخر في مقابله، في الشارع الممتد من تلفزيون «المستقبل» وصولاً إلى الأمانة العامة لـ «تيار المستقبل». ولوحظ أن عدداً كبيراً من الشبان كانوا يحملون أجهزة اتصال لاسلكية.
وقال مصدر امني ان شابين من المجموعة توجها إلى مبنى الأمانة العامة لـ «المستقبل» وكان فيه عدد من الموظفين والأمين العام للتيار أحمد الحريري، وسأل الشابان حراس المبنى عن معمل للكرتون، فنفى الحراس وجود معمل قريب، غير أنهم ارتابوا للأمر.
ومع مغادرة الشابين، تجمع آخرون أمام المبنى، وقالوا إنهم من «سرايا المقاومة»، وبدأوا الصراخ والهتاف، ورددوا أنهم وُعدوا بأن الموقوف على خلفية المشاركة في الاعتداء على محطة «الجديد» وسام علاء الدين سيتم إخلاؤه ظهراً (أمس) كما أخلي في طرابلس شادي المولوي، غير أن ذلك لم يحصل. وترافق ذلك مع قيام 3 سيارات بجولة من الصنائع مروراً أمام مبنى وزارة الداخلية، وشهر بعض من فيها أسلحتهم من النوافذ أمام العيان.
وعلى الأثر، أجرى الحريري اتصالاً بوزير الداخلية وسأله عما «إذا كان ما حصل هو بداية جيدة لليوم الأمني؟»، فرد شربل مؤكداً أنه لن يسمح بتطور الأمور، و «سنتخذ إجراءات ونرسل التعزيزات إلى المكان»، وشدد على أن «أي اعتداء من هذا النوع هو اعتداء علينا ولن نقبل به». كما أجرى الحريري اتصالاً بالمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي للغاية نفسها.
وأجرى عدد من قيادات «المستقبل» اتصالات بقائد الجيش العماد جان قهوجي ومدير مخابرات الجيش العميد الركن إدمون فاضل وقائد شرطة بيروت العميد ديب طبيلي، فأرسلت تعزيزات إلى المكـان وإلى مبنى «أخبار المستقبل»، وفــرضت وحدة من الجيش وقوى الأمن طوقاً في مكان التجمع الذي غادره الشبان إلى الأحياء القريبة حيث أبقوا على تجمعاتهم خصوصاً في الوتوات.
وتردد أن قادة الأجهزة الأمنية اتصلوا بمسؤول الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا ومسؤول قطاع بيروت في «حزب الله» أحمد مشيك اللذين وعدا بالتدخل وضبط الوضع.
وعلمت «الحياة» أن المحتجين أبلغوا شربل أنهم ينوون الاعتصام «ونصب الخيم في بعض الساحات في بيروت إلى إن يتم إطلاق علاء الدين على غرار ما حصل في طرابلس أخيراً بعد توقيف شادي المولوي».
كما شهدت مناطق الخندق الغميق لناحية بشارة الخوري وفردان مقابل كونكورد وجامع زقاق البلاط تجمعات متفرقة للغاية نفسها.
ولاحقاً قطع محتجون كانوا على متن دراجات نارية طريق المطار من ناحية المخرج المؤدي إلى الضاحية بالإطارات المشتعلة وغادروا بسرعة قبل أن يتدخل الجيش ويفتح الطريق، وبقيت تجمعات شبابية على جانبي الطريق.
 شربل
وكان شربل أطلق الخطة الأمنية من منطقة المشرفية في الضاحية الجنوبية، وشملت بيروت الكبرى تمهيداً لانتشارها على الأراضي اللبنانية كافة على أن تتخللها إقامة حواجز تفتيش وتسيير دوريات راجلة وتنفيذ مداهمات لأمكنة تواجد المطلوبين.
وأكد شربل من الضاحية الجنوبية، أن «الشهر الأمني ستمتد مفاعيله على مدار السنة لتكون الحال الأمنية مريحة، خصوصاً أن الأجهزة الأمنية تقوم بواجباتها وتلاحق جرائم القتل والسرقة والسلب، لكن هناك أموراً تتعلق بالسياسيين الذين عليهم مساعدة الأجهزة بالتوقف عن توتير الأجواء حتى لا تضطر هذه الأجهزة إلى النزول إلى الشوارع، وتعطي الانطباع بأن لبنان بلد غير مستقر». وشدد على أن «الإعلان المسبق عن هذه الخطة ينطلق من خبرة عسكرية أحد أسبابها استدراج بعض الأشخاص المطلوبين إلى خارج المكان المحدد في الخطة لإلقاء القبض عليهم بأقل خسائر ممكنة». وأشار إلى أن «الخطة انطلقت من الضاحية، لأن البعض يعتبر أن الخلل الأمني يبدأ منها وأن الدولة غائبة وسننتقل إلى أماكن أخرى في بيروت».
وأكد شربل أن «قطع الطرق ممنوع. ولا غطاء لأحد، وعلى الأمنيين والسياسيين الالتقاء على هدف واحد هو الاستقرار، ولا أعتقد أن هناك سياسيين يغطون المخالفين والتجربة التي نقوم بها أكبر برهان، ومنع قطع الطرقات سيكون امتحاناً للسياسيين والأمنيين». ودعا إلى «الكف عن انتقاد الأجهزة الأمنية التي لن تكون كبش محرقة من الآن وصاعداً».
وانتقل شربل إلى كورنيش المزرعة، حيث أكد أن «السلاح غير الشرعي يحتاج إلى قرار سياسي جامع لسحبه».
 تهديدات جديدة لـ «الجديد»
وأصدر مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية «سكايز» (عيون سمير قصير) بياناً اعتبر فيه أن عدم كشف بقية المعتدين على محطة «الجديد» يطرح أكثر من علامة استفهام حول جدّية التحقيقات، «لا سيما أن مسؤولاً حزبياً زار الموقوف في الاعتداء على الجديد وسام علاء الدين في مستشفى بيروت حيث يتلقى العلاج».
وحذر من خطورة «التمادي في الانتهاك، مع كشف مصدر أمني بعد منتصف ليل الثلثاء عن تلقي نائبة مدير تحرير الأخبار في الجديد الزميلة كرمى الخياط نحو الثانية عشرة وعشر دقائق ليلاً اتصالاً هاتفياً من مجهول من رقم هاتف معروف هددها فيه المتصل بأنه «إذا لم تُسقط القناة حقها في ملف علاء الدين وخروجه من السجن، فإن رأسمالك أنت ووالدك رصاصة واحدة»، وليتصل بعد ذلك من الرقم نفسه بمديرة الأخبار الزميلة مريم البسّام ويبلغها الرسالة نفسها أيضاً. وكان سبق ذلك إعلان الجديد في مقدمة نشرتها المسائية أنها تلقت تهديدات من جهات رسمية وحزبية من أجل إسقاط حقها عن المعتدي عليها الموقوف علاء الدين بهدف احتواء الشارع».
ودان المركز «رعونة التعاطي الرسمي مع هول الاعتداءات والتهديدات التي تعرضت لها قناة الجديد وصحافيوها وكذلك ما كان يُدبّر لمحطة إخبارية المستقبل، وما كان يُرسم من سيناريوات لاستعمال وسائل الإعلام والصحافيين وقوداً وكبش محرقة في البازار السياسي».
 
 
أمن الضاحية: قنبلة موقوتة في بيئة المقاومة
«نقص العديد» ذريعة جاهزة لدى المسؤولين الأمنيين
تعاني الضاحية الجنوبية لبيروت من ظاهرة فرض الخوّات على أيدي بعض «الزعران والخارجين على القانون». القوى الأمنية نفضت يدها من المسؤولية «سياسياً». أصلاً ليس لديها عديد يكفي لضمان أمن «ربع ضاحية». حزب الله يشاهد ما يحصل، فيظهر «مكبلاً» أمام عائلات لا تحمد عاقبة التصادم مع ابنائها. من للضاحية وأهلها اليوم؟
جريدة الأخبار..محمد نزال
قبل سنوات، كانت لدى رضا قناعة تامة بأن حزب الله، في الضاحية تحديداً، قادر على كل شيء. هذه «المسلّمة» تغيرت لدى الشاب المنتسب الى صفوف التعبئة الجهادية في الحزب، عندما تعرّض، في الضاحية نفسها، لاعتداء على أيدي شبّان ينتمون الى عائلة ذائعة الصيت في إثارة المشاكل. توجّه إلى مركز «الشعبة» التي يتبع لها مستنجداً بـ«الأخوة» لرد اعتباره. لكن مسؤوله فاجأه عندما دعاه إلى التعقل وعدم الانفعال، لأن «التصادم مع أفراد هذه العائلة يعني، بالمفهوم العشائري، تصادماً مع العائلة برمتها، وضرر ذلك على الحزب ربما يوازي ضرر الحرب مع الصهاينة».
بعد سنوات على الحادثة، لا يزال رضا، بين حين وآخر، يصادف بعض الذين اعتدوا عليه. بات هؤلاء أكثر «خبرة». رأى أحدهم، أخيراً، يعتدي بالضرب على سائق «فان» مسن، في وضح النهار، عند تقاطع الكفاءات ــــ جادة الشهيد هادي نصر الله. تحرّى عن السبب، فعلم أن السائق يتمنّع عن دفع «خوّة» للمعتدين، لقاء «سماحهم له بالعمل على الخط»!
يبدو مسؤولو حزب الله في الضاحية كـ«بالع الموسى». هم يدركون أن من أهم عوامل قوة المقاومة الاحتضان الشعبي لها في بيئتها. لكن المشكلة أن بعض من يخرجون من هذه البيئة يسيئون اليها والى المقاومة نفسها من دون ان يجدوا في مواجهتهم لا دولة، ولا «دولة داخل الدولة». والنتيجة: اشتباكات مسلحة شبه يومية، وخوّات تُفرض على التجار، وزعران لا يجدون من يقف لهم بالمرصاد. وكل ذلك بات «يأكل» من رصيد المقاومة.
تصعب المزايدة على رضا في الحرص على المقاومة، أو على بيئة الضاحية التي «خرّجت مئات الشهداء وآلاف المقاومين». لكنه، في المقابل، يجد أن الاستمرار في السكوت على هذه الأمور بات قنبلة موقوتة، «في حال انفجارها، ستكون المقاومة وبيئتها أول المتضررين».
في بعض أحياء الضاحية الجنوبية، هناك اليوم «مافيات» محلية «متخصصة» في كل شيء: مولّدات الكهرباء، اشتراكات «الساتالايت»، توزيع المياه، خطوط «الفانات»... وغيرها. «خوّات» تجبى علناً من أصحاب المحال التجارية وسائقي الفانات وغيرها من الأعمال. تقول هبة، التي انتقلت إلى الضاحية قبل نحو 3 سنوات، إن شبّاناً في منطقة الليلكي، يفرضون أتاوات على أصحاب صهاريج المياه مقابل السماح لهم بالعمل. ويتحدث توفيق، الذي يقيم في الضاحية منذ أكثر من 30 عاماً، عن فرض شبّان من عائلة كبيرة، على بعض أصحاب المولدات الكهربائية، تزويدهم اشتراكات مجانية، أو تسديد مبالغ شهرية لهم لقاء «تأمين الحماية»! والأمر نفسه ينسحب على اشتراكات الإنترنت والساتالايت.
هذه الظاهرة كانت تقتصر، إلى ما قبل سنوات، على الأحياء الضيقة. إلا أنها امتدت، أخيراً، إلى أحياء رئيسية، مثل أوتوستراد السيد هادي والكفاءات والرويس والليلكي والشياح وحي الجامعة اللبنانية، إضافة إلى المتفرعات الرئيسية لحي السلم.
أين الدرك؟ أين القوى الأمنية؟ أين الدولة؟ أين حزب الله؟ أين حركة أمل؟ أين أي أحد... أسئلة يرددها كثيرون من أهالي الضاحية هذه الأيام. ليست الخوّات هي الأذى الوحيد الذي يتعرضون له على يد الخارجين على القانون، لكنها العنوان الأبرز الذي بات ينذر بانهيار الأمن الاجتماعي، في منطقة يقارب عدد قاطنيها المليون نسمة.
«فاجعة» هي أقل ما يمكن أن توصف به إجابة مسؤول أمني رفيع، رداً على سؤال عن سبب «استقالة» قوى الأمن عن القيام بمهماتها في هذه المنطقة. يقول إن «القوى الأمنية بعد انفجار وقع في الضاحية قبل سنوات، مُنعت من معاينة المكان، وهذا ما دفعنا إلى سحب يدنا من الخطة الأمنية التي كنا قد وضعناها للمنطقة. لاحقاً، عدنا للعمل بها، إلى أن حصل انفجار الرويس، فمنعنا من الدخول أيضاً، ومذذاك قررنا وقف العمل بالخطة الأمنية نهائياً». المسؤول الأمني اتهم حزب الله، صراحة، بمنع قوى الأمن من العمل في الضاحية، فيما أعلن الحزب، وعلى لسان قيادته، مراراً رغبته، بل حاجته، إلى دخول القوى الأمنية لتوقيف المخلين بالأمن. وهو ما شدد عليه الأمين العام للحزب، السيد حسن نصر الله، نهاية العام 2009 في معرض دعوته الدولة إلى التشدد في مكافحة المخدرات في الضاحية.
المفارقة أن مسؤولاً أمنياً آخر ينفي ما يقوله المسؤول الأعلى، إذ يشير إلى «تنسيق تام مع حزب الله على صعيد توقيف المخلين بالأمن، ولم نمنع مرّة من القيام بواجبنا». فيما أشاد وزير الداخلية مروان شربل، الذي زار الضاحية قبل أشهر، بالتعاون القائم مع الأحزاب والفاعليات الشعبية في المنطقة.
وجهة نظر حزب الله في هذا الموضوع، يوضحها النائب بلال فرحات، إذ يقول: «غير صحيح أن الأجهزة الأمنية ممنوعة من الدخول الى الضاحية. ملينا هذه المعزوفة، ومن لديه شك فليسأل وزير الداخلية». ويشير نائب الغبيري الى أنه زار، مع زميله النائب علي عمار وعدد من رؤساء البلديات في الضاحية، وزير الداخلية أخيراً، لمطالبته بـ«زيادة عديد قوى الأمن الداخلي في الضاحية، إضافة إلى زيادة عدد الفصائل والمخافر». ويؤكد فرحات أن أمن الضاحية والحفاظ على النظام فيها من الأمور التي يوليها حزب الله أهمية قصوى، مذكّراً بحملة «النظام من الإيمان» التي اطلقها الحزب العام الماضي، والتي لا تحتاج إلى كثير من التدقيق لملاحظة أن مآلها كان الفشل الذريع، وأن المسألة، ربما، تحتاج إلى ما هو أبعد من مجرد حملة. وفي هذا الإطار، لفت أحد المسؤولين الحزبيين في الضاحية الى أن حزب الله «أنشأ أخيراً خلية أزمة، بهدف وضع حد لظاهرة الخوات والتجاوزات، وعمم أرقام هواتف مسؤولي الشُعب في المناطق على أصحاب المحال والمتضررين للتواصل معهم في حال تكرر الاعتداء».
يُذكر أن لدى قوى الأمن الداخلي سرية خاصة للضاحية، مؤلفة من 5 مخافر. أحد المسؤولين في السرية يتحدث عن «نقص العديد»، وهي «المعزوفة» الأبدية لكل تقصير أمني في أي مكان في لبنان. ويبرر المسؤول عجز القوى الأمنية عن تغطية كل الأحداث التي تحصل في الضاحية، إضافة إلى العجز عن توقيف المخالفين، بأن ثمة قاعدة عالمية أمنية، وهي أن كل 1000 مواطن، في الأوضاع الأمنية الهادئة، يحتاجون إلى 7 رجال شرطة، وفي حالات الطوارئ يرتفع العدد بحسب الحاجة. وفقاً لهذه المعادلة، المعتمدة في لبنان، نظرياً، فإن الضاحية تحتاج إلى ما لا يقل عن 700 شرطي، فيما لا يوجد لدى سرية الضاحية سوى 200 رجل أمن. ويتبع لهذه السرية 100 شرطي سير، فيما العدد لا يفترض أن يقل عن 200، نظراً لكثافة حركة السير في المنطقة. أما رجال الأمن العاملون في الطوارئ، والذين يتدخلون عادة في المهات الصعبة، فعددهم حالياً 6 عناصر يمكن «بلعهم» في أي مشكل روتيني.
ثمّة مشكلة أخرى تواجهها السرية، وهي أن أغلب عناصرها من العائلات المقيمة في الضاحية، وقسم كبير منهم ينتمي إلى عشائر بقاعية. يلفت مسؤول أمني إلى وقوع مشكلة، قبل أيام، عندما توجهت دورية لفض اشكال مسلح، ليتبين أن لأحد أطراف الإشكال «ثأراً» مع عائلة رئيس الدورية، ما دفع الأخير إلى عدم اتمام مهمته «لكي لا تكبر القضية ويصبح هناك دم جديد بين العائلتين». هذا الواقع تعلم به قيادة قوى الأمن، وتبرره بـ«عدم رغبة رجال الأمن، الذي ينتمون إلى خارج بيئة الضاحية، بالعمل هناك» هكذا، يعلم المسؤولون أين يكمن الداء، فيداوونه «بالتي كانت هي الداءُ»... وتبريرهم دائماً وأبداً: «هذا هو الواقع». مسؤول أمني خبر الضاحية لسنوات طويلة، وما زال يعمل فيها، لا يجد حلاً لظاهرة فرض الخوات سوى بتدخل استخبارات الجيش، التي «تعلم اسماء الناشطين ورؤوس العصابات، ويمكن من خلال 4 إلى 5 خبطات، يوقف في كل مرة 15 منهم بطريقة أمنية، أن يؤدي إلى لجم الباقين».
رئيس اتحاد بلديات الضاحية، محمد الخنسا، أكد أن البلديات، بالتنسيق مع القوى الأمنية، والأحزاب والفاعليات، تجهد لـ«الحد من ظاهرة الخوات الفاسدة والمفسدة لمجتمعنا»، متمنياً على «الشرطة القضائية تحديداً، برجال التحري لديها، تحديد رؤوس تلك العصابات وتوقيفها دون أي تردد». وأبدى الخنسا استياء من الحال التي وصلت اليها الأمور، إذ «ان عائلاتنا وأهلنا في الضاحية هم من ابناء المقاومة ولهم سجل حافل بالتضحية، ويستحقون كل خير، ولهذا لا يجوز أن يصبح أسلوب عيشهم على هذا النحو، وأن يتركوا فريسة لدى الزعران والفاسدين».
بعد 6 سنوات على حرب تموز، عادت الضاحية أجمل مما كانت عمرانياً. لكن ثمّة من يهمس في شوارعها وأزقتها، التي لا تكاد تخلو من صورة شهيد، أن على المقاومة، التي رفعت رأس الضاحية ولبنان، أن تبادر إلى «اجتراح معجزة ما لتثبيت الأمن في هذه المنطقة، والحفاظ على أمنها الاجتماعي، مهما كلّف الأمر، حتى ولو استقالت الدولة من مسؤوليتها تماماً».
4 جرحى في اشتباك في حي المقداد
بعد دقائق على الاشتباكات بالأسلحة الرشاشة، التي شهدتها منطقة الرويس قبل 10 أيام، لأسباب قيل إنها عائلية، خرج صاحب دكان «سمانة» هناك صارخاً بالمحتشدين: «معقول ما عاد حدا هون يستعمل إيديه بالمشاكل! صرنا بأسخف مشكل نستعمل السلاح والرصاص؟ صار الواحد بموت كرمال صفّة سيارة!». لم يبدُ على وجوه أغلب الحاضرين تأثر. ليس لـ«صوت العقل» تأثير كبير في مثل تلك الحوادث. يوم أمس شهدت منطقة الغبيري ـــــ المشرفية اشتباكات مسلحة أيضاً. وبحسب مسؤول أمني، أدّت الاشتباكات التي اندلعت بسبب مشكلة قديمة بين أشخاص من آل المقداد وآخرين من آل كركي إلى إصابة 4 أشخاص بجروح نقلوا جميعهم إلى المستشفيات، أحدهم في حال حرجة. ومن بين المصابين امرأة من آل فرحات أصيبت على شرفة منزلها، وطفل صودف مروره في الشارع. إلا أن بياناً صدر عن آل المقداد أكد أن لا علاقة للعائلة بالإشكال الذي حصل في حي المقداد، مشيراً إلى أن «خلافاً وقع بين شقيقين من آل غصين وأشخاص من آل كركي». وأشار إلى أن «آل المقداد أجروا اتصالات بقيادة الجيش، وطلبوا مغادرة آل غصين الحي المذكور اتّقاءً للمشاكل التي يفتعلونها باستمرار».
 

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,905,620

عدد الزوار: 7,007,763

المتواجدون الآن: 67