شاركت في ثورة الإطاحة بمرسي... رئيسة الطائفة اليهودية في مصر: ندعم الجيش للقضاء على الإرهاب ونتنياهو يتخوف من سيناريو سوري في مصر: ينبغي السماح للجيش بإعادة الاستقرار

إخلاء سبيل مبارك لتجاوزه الحد القانوني للحبس الاحتياطي ومخاوف من تداعيات سياسية للقرار.. ومسؤول أميركي: واشنطن أخّرت موعد انقلاب مصر وحاولت تفاديه

تاريخ الإضافة الجمعة 23 آب 2013 - 6:20 ص    عدد الزيارات 2203    القسم عربية

        


 

إخلاء سبيل مبارك لتجاوزه الحد القانوني للحبس الاحتياطي ومخاوف من تداعيات سياسية للقرار.. ومصدر قضائي لـ «الشرق الأوسط»: خروجه لا يعني براءته

القاهرة: عبد الستار حتيتة ... في خطوة قد تثير مزيدا من الاحتقان السياسي في البلاد، أمرت محكمة مصرية أمس بإخلاء سبيل الرئيس الأسبق حسني مبارك في قضية «هدايا الأهرام»، وهي آخر قضية فساد كان محتجزا على ذمتها. ولم يتم تنفيذ القرار أمس انتظارا لبحث ما إذا كان مطلوبا على ذمة قضايا جديدة. وأصدر القرار غرفة المشورة بمحكمة شمال القاهرة، وذلك بعد احتجازه في سجن طرة جنوب العاصمة منذ 28 شهرا، وقالت مصادر قضائية إن الرئيس الأسبق استنفد جميع مدد الحبس الاحتياطي القانونية في جميع القضايا المتهم فيها، ومنها قضايا فساد وقضية مقتل متظاهرين أثناء ثورة 25 يناير التي أطاحت بحكمه.
وأشار المصدر القضائي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن قرار الإفراج عن مبارك لا يعني أنه بريء من التهم التي يجري التحقيق معه فيها، مشددا على أن «العدالة عمياء» و«ليس لها علاقة بما هو موجود على الساحة السياسية أو غير السياسية». وقال إنه حتى لو جرى الإفراج عن مبارك فإنه سيظل ممنوعا من السفر و«سيظل متهما على ذمة القضايا التي لم يتم الفصل فيها بشكل نهائي مثل قضية قتل المتظاهرين».
وأضاف أنه «وفقا للقانون لا تملك السلطات القضائية إصدار قرارات باستمرار حبسه، مثله مثل أي متهم، حتى لو طعنت النيابة العامة على أمر إخلاء سبيله»، و«لا يستثنى من ذلك إلا إذا ظهرت قضايا جديدة ضد مبارك»، بينما رجح فريد الديب محامي مبارك الإفراج عنه اليوم (الخميس). وجاء ذلك بعد أن قبلت غرفة المشورة بالمحكمة أمس إخلاء سبيله، بعد قبول تظلمه في قضية اتهامه بالحصول على هدايا باهظة الثمن تقدر بعدة ملايين من الجنيهات، بصورة سنوية من المؤسسات الصحافية القومية دون وجه حق، والمعروفة باسم «هدايا الأهرام». وأضاف المصدر القضائي أن قرار إخلاء سبيل مبارك غير قابل للطعن من النيابة لصدوره من محكمة استئناف، ما يجعل القرار المشار إليه نهائيا.
وسبق أن أصدرت محاكم الاستئناف والجنايات قرارات بإخلاء سبيل مبارك في ثلاث قضايا أخرى يجري التحقيق معه بشأنها أو يحاكم على ذمتها، نظرا لانتهاء الفترات التي حددها قانون الإجراءات الجنائية في شأن الحبس الاحتياطي.
وكان الديب تقدم بتظلم للمستشار أحمد البحراوي المحامي العام الأول لنيابة الأموال العامة العليا، ضد قرار النيابة الصادر في أول الشهر الماضي بحبس مبارك 15 يوما على ذمة التحقيقات في قضية «هدايا المؤسسات الصحافية»، والذي بدأ تنفيذه في أعقاب انتهاء حبسه الاحتياطي في قضية اتهامه بالاستيلاء على الأموال المخصصة للقصور الرئاسية.
وكانت النيابة نسبت إلى مبارك تهمة العدوان على المال العام، في صورة تلقيه هدايا باهظة الثمن من مؤسسة «الأهرام» الصحافية ومؤسسات صحافية قومية أخرى، مستغلا في ذلك صفته كرئيس للبلاد في الحصول على الهدايا المخصصة لكي تمنح في إطار الترويج الإعلامي للصحيفة، وهو الأمر الذي لا شأن له به. وكشفت النيابة النقاب عن حصول عدد من كبار رموز النظام السابق، يتقدمهم مبارك وأسرته والوزراء في عهده، على هدايا باهظة الثمن بصورة سنوية منتظمة، تبلغ قيمتها عشرات الملايين من الجنيهات، دون وجه حق وبالمخالفة للقانون، على نحو يمثل تسهيلا للاستيلاء على المال العام، وتربيحا للغير دون وجه حق، وإضرارا عمديا بأموال المؤسسات الصحافية القومية.
يشار إلى أن محكمة جنايات القاهرة أصدرت في 15 أبريل (نيسان) الماضي أمرا بإخلاء سبيل مبارك على ذمة إعادة محاكمته في قضية قتل المتظاهرين وارتكاب جرائم فساد مالي، بعد أن تجاوزت فترة حبسه الاحتياطي الحد الأقصى وفقا للقانون، والمحددة بـ24 شهرا، حيث ظل محبوسا بصفة احتياطية على ذمة التحقيقات منذ 12 أبريل عام 2011.
وكانت غرفة المشورة بمحكمة الجنح المستأنفة أمرت أيضا في 18 يونيو (حزيران) الماضي بإخلاء سبيل مبارك على ذمة التحقيقات التي تجري معه بمعرفة جهاز الكسب غير المشروع، في تهم بتضخم ثروته. كما أمرت محكمة جنايات القاهرة يوم الاثنين الماضي بإخلاء سبيله على ذمة قضية اتهامه ونجليه علاء وجمال وآخرين بالاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على أموال الميزانية العامة للدولة والمخصصة لقصور رئاسة الجمهورية.
ومن جانبه أكد مصدر أمني رفيع المستوى بوزارة الداخلية أن قطاع مصلحة السجون في انتظار القرار الخاص بإخلاء سبيل مبارك، وأنه في حال وصول القرار سيتم إرساله إلى النيابة العامة لتحديد ما إذا كان مطلوبا على ذمة قضايا أخرى من عدمه.
 
سيوضع قيد الاقامة الجبرية في حال الافراج عنه
قضية مبارك تشعل الجدل في ظل أجواء مشحونة تعيشها مصر
إيلاف..أ. ف. ب.
جاء قرار السلطات العسكرية المصرية بأن يوضع الرئيس المصري السابق قيد الاقامة الجبرية في حال الافراج عنه في ظل أجواء مشحونة تعيشها البلاد. ففي حين رحب أنصار مبارك بالقرار استنكرت بعض القوى الثورية توقيته معتبرة أنه يخذل الثورة.
القاهرة: تباينت ردود الأفعال في مصر حول حول هذا السلطات العسكرية المصرية بوضع الرئيس المصري السابق حسني مبارك قيد الاقامة الجبرية في ظل أجواء مشحونة تعيشها البلاد. واستنكرت بعض القوى الثورية توقيت القرار ورأَوا أنه يخذل مطالب الثورة.
ووصفت جماعة الإخوان المسلمين على لسان القيادي محمد البلتاجي ما حدث بأنه يثبت أن النظام العسكري أسفر عن وجهه القبيح، فيما يرى أنصار مبارك أن خروجه من السجن فيما يعتقل فيه رموز الإخوان انتصارًا للرئيس السابق
وامر الجيش المصري الاربعاء بان يوضع مبارك قيد الاقامة الجبرية في حال الافراج عنه في اخر القضايا التي كان محبوسا على ذمتها، وفق ما اورد التلفزيون المصري الرسمي.
وفي وقت سابق، أكد مسؤول مصري ان النيابة العامة هي التي ستقرر فيما اذا كان الرئيس الاسبق سيغادر السجن. وقال مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة السجون اللواء مصطفى باز في تصريح للتلفزيون الحكومي "سيكون هناك تنسيق مع النيابة العامة حول ما اذا كان بالامكان اطلاق سراحه او ما اذا كان مطلوبا في قضايا اخرى". واوضح ان هذا الامر لن يحصل الاربعاء حيث ان دوام العمل الرسمي قد انقضى.
وكانت غرفة المشورة في محكمة استئناف شمال القاهرة قررت في وقت سابق الاربعاء "قبول نظر تظلم فريد الديب محامي مبارك على قرار حبسه احتياطيا على ذمة قضية +هدايا الاهرام+ واخلاء سبيله"، بحسب ما افادت مصادر قضائية.
ولم يتضح فورا ما اذا كان سيجري اخلاء سبيل مبارك قريبا، خصوصا بعد قرار محكمة الجنايات بإخلاء سبيله في قضية "القصور الرئاسية" يوم الاثنين، حيث انه عادة ما تبرز قضايا جديدة ضده كلما انتهت قضية يحاكم فيها.
وفي حال لم تقدم اي قضايا جديدة ضد مبارك، فانه من المحتمل ان يجري اخلاء سبيله "لدى استكمال الاوراق اللازمة لذلك، على الارجح غدا الخميس"، وفقا لمصدر قضائي.
وسبق وان اصدرت محاكم الاستئناف والجنايات عدة قرارات باخلاء سبيل مبارك في القضايا الاخرى التي يتم التحقيق معه بشأنها او تلك التي يحاكم على ذمتها، معظمها نظرا لانتهاء الفترات التي حددها قانون الاجراءات الجنائية في شأن الحبس الاحتياطي.
ومن بين هذه القضايا التي لا يزال يحاكم فيها مبارك (85 عاما) التواطؤ في مقتل متظاهرين قبيل سقوطه في شباط/فبراير 2011، وهي قضية سبق وان تقرر اخلاء سبيله فيها بسبب انقضاء المدة القانونية لحبسه احتياطيا (24 شهرا)، على ان تستكمل جلساتها يوم الاحد المقبل.
وادت محاكمة اولى في حزيران/يونيو 2012 الى الحكم بالسجن المؤبد على الرئيس الاسبق على خلفية هذه القضية، لكن محكمة النقض امرت مجددا باجراء محاكمة جديدة بدات في 11 ايار/مايو. واكدت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية من جهتها الاربعاء انه بمقتضى قرار الاربعاء "فانه سيتم اخلاء سبيل مبارك، باعتبار ان هذه القضية هي الاخيرة التي كان يقضي فيها الرئيس الاسبق فترة حبس احتياطي".
ونقلت الوكالة عن مصدر قضائي رفيع المستوى قوله ان "القرار الصادر من غرفة المشورة (...) غير قابل للطعن عليه، نظرا لصدوره في صورة استئناف على قرار النيابة العامة بحبس المتهم احتياطيا، وهو ما يجعل القرار نهائيا".
وكان مصدر قضائي قال قبيل صدور قرار الاربعاء انه "يجوز للنيابة العامة في بعض القضايا ان تتصالح مع بعض المتهمين"، مضيفا انه "في قضية الاهرام فانه من المتهم الاول في القضية وحتى مبارك قررت النيابة التصالح سواء برد الهدايا او برد قيمتها".
وكانت النيابة العامة في مصر وافقت في كانون الثاني/يناير الفائت على ان تسدد اسرة مبارك قيمة الهدايا التي تلقتها في قضية "هدايا الاهرام" وذلك للتصالح، علما ان 10 من رموز نظام مبارك تصالحوا في القضية نفسها بسداد قيمة الهدايا في كانون الثاني/يناير الماضي.
القبض على قياديين إسلاميين
إلى ذلك، ألقت أجهزة الأمن المصرية الاربعاء القبض على الداعية الاسلامي صفوت حجازي، ومراد علي المستشار الاعلامي لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين.
واوضحت المصادر ان حجازي، الذي كان من اكثر المحرضين على السلطات الجديدة الموقتة في اعتصام انصار الرئيس الاسلامي المعزول محمد مرسي في ساحة رابعة العدوية في القاهرة، اعتقل قرب واحة سيوة في صحراء مصر الغربية الحدودية اثناء محاولته الهروب الى ليبيا.
والقي القبض على مراد علي من جهته في مطار القاهرة الدولي "بعد محاولته الهرب الى ايطاليا"، حيث قالت المصادر انه "كان يرتدي ملابس غير رسمية وحليق اللحية". وكان القضاء المصري اصدر في تموز/يوليو الماضي نحو 300 مذكرة اعتقال ومنع من السفر شملت قيادات واعضاء في جماعة الاخوان.
ومنذ ذلك الحين، القي القبض على عدد كبير من قيادات الجماعة والمئات من انصارها اثر المواجهات التي تخللت التظاهرات التي اعقبت عملية فض اعتصامي انصار مرسي في رابعة العدوية وميدان نهضة مصر في القاهرة، الاربعاء الماضي، في عملية اطلقت موجة اعمال عنف قتل فيها نحو الف شخص.
 
شاركت في ثورة الإطاحة بمرسي... رئيسة الطائفة اليهودية في مصر: ندعم الجيش للقضاء على الإرهاب
إيلاف...أشرف أبو جلالة
تقف ماجدة هارون، رئيسة الطائفة اليهودية في مصر، ويهود مصر إلى جانب الجيش في مواجهة الإرهاب، وهي شاركت في ثورة 30 حزيران (يونيو) للإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي.
أكدت ماجدة هارون، رئيسة الطائفة اليهودية في مصر، وقوف اليهود المصريين إلى جانب الجيش في مواجهة الإرهاب، الذي تتعرّض له مصر من قبل الجماعات المتطرفة.
ولفتت هارون إلى أنها وبرغم هذا كله لا تسمع افتراءات معادية للسامية خلال تجوالها في الشارع، موضحةً أنها شعرت بالغضب حين سمعت عن قيام بعض المصريين بحرق كنائس الأقباط، الذين يزيدون في العدد بشكل أكبر عن عدد أفراد الطائفة اليهودية.
وأشارت هارون إلى أن معظم أبناء وطنها نسوا أن ثمة يهود في مصر، وأكدت أنها شاركت في ثورة 30 حزيران (يونيو) الماضي، للإطاحة بنظام الرئيس السابق محمد مرسي، مضيفةً في حوار لها مع صحيفة جيروزاليم بوست العبرية: "كان عدد الأشخاص الذين تواجدوا في ميدان التحرير ملفتًا بالفعل، وكذلك كانت الوحدة بينهم ملفتة، وقد تعرف إليّ بعض الناس، لأني ظهرت على التلفزيون، وكانوا يصافحونني باليد، ويقولون لي (بارك الله فيكي، فأنتي مصرية حقيقية)".
فخورة بمصر
هارون (61 عامًا) هي الأصغر سنًا بين 14 امرأة يشكلن الطائفة اليهودية المتناقصة في القاهرة. معظم هؤلاء السيدات في الثمانينات من أعمارهن الآن، ويعيشون على الإحسان والصدقات، وعلى إيرادات الإيجار التي يتحصلون عليها من العقارات التي تمتلكها الطائفة اليهودية هناك منذ أجيال. لكن، ورغم صغر عددها، أوضحت هارون أن الطائفة فخورة ببلادها، وأن شأنهم شأن الكثير من المصريين، الذين يقدمون الدعم للحملة التي يقوم بها الجيش لمواجهة الإخوان المسلمين.
وكانت الأحداث قد بدأت مع دعوة حركة أطلقت على نفسها "تمرّد" لخروج الشعب، من أجل الإعلان عن رفضه لسياسات مرسي وجماعته، وهو ما حدث بالفعل، إذ استجاب الجيش لإرادة الملايين الذين نزلوا إلى الشوارع للتعبير عن غضبهم ومطالبتهم برحيل نظام الإخوان. وبعدها، سرعان ما حاول مؤيدو الإخوان تصوير ما حدث على أنه انقلاب على الشرعية الديمقراطية، ما أدى إلى حدوث مواجهات، خلّفت ما يزيد على ألف قتيل.
لا معاداة للسامية
يعيش اليهود في مصر منذ آلاف السنين، وبلغ عددهم لدى تأسيس دولة إسرائيل في العام 1948 حوالى 75 ألفًا، لكن الغالبية العظمى بدأت تلوذ بالفرار بعد ذلك. وعاودت هارون لتقول إن مَن تبقى منهم هناك سعداء ويصفون مصر بأنها موطنهم، وأكدت أنها ورغم وجود أقارب لها في العديد من البلدان الأوروبية، إلا أنها لا تخطط مطلقًا للرحيل.
وتابعت: "فخورة لتواجدي هنا، وبودّي فعل كل ما بوسعي من أجل تقديم المساعدة، نحن شعب قوي، وأنا سعيدة للغاية الآن لنزول الناس إلى الشوارع، وبدلًا من تحدثهم عن كرة القدم، باتوا يتحدثون عن السياسة، وبات هناك المزيد من الوعي بشأن أهمية بلادنا".
وقالت هارون إن الطائفة اليهودية في مصر لم تتعرّض حتى الآن لأية مشاعر متعلقة بمعاداة السامية، نتيجة للأحداث الجارية، وإن ذلك قد يكون لصغر حجمها، على عكس ما تعرّضوا له مع قدوم مرسي إلى الحكم، حيث تعهدت السلطات وقتها بإنهاء معونة شهرية، قيمتها ألف دولار، كانت تُمنح للطائفة هناك منذ ما يزيد على 20 عامًا.
وأضافت: "كانوا يتعاملون معنا بفاشية، وهو ما بدا واضحًا من خلال الطريقة التي كانوا يريدون تسيير الأمور بها، وآمل أن نبدأ حقبة جديدة، وأنا متفائلة بالمستقبل، والمصريون يحبون بعضهم بعضًا، وأتصوّر أن الجهل هو ما يدفعهم إلى حرق الكنائس".
 
مصر: قرار إطلاق مبارك يُربك الحكم
الحياة...القاهرة - محمد صلاح
في وقت بدأ مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان في القاهرة أمس لقاءات مع مسؤولين وقياديين في جماعة «الإخوان المسلمين» نفى أن يكون هدفها الوساطة، أحرج قرار محكمة مصرية إخلاء سبيل الرئيس السابق حسني مبارك الحكم أمام بعض حلفائه، ليزيد المشهد تعقيداً. لكن وزارة الداخلية قالت إن النيابة العامة ستبت في تنفيذ القرار اليوم.
وأعلن الاتحاد الأوروبي بعد اجتماع لوزراء خارجيته في بروكسيل أمس وقف تصدير المعدات العسكرية والأمنية التي يمكن استخدامها في أعمال «القمع الداخلي» إلى مصر، لكنه أبقى على مساعداته بلا تغيير، وإن أعلن عزمه مراجعتها وفق التطورات. ودان بقوة «العنف غير المتناسب» من قوات الأمن، كما ندد بالاعتداءات التي استهدفت رجال الشرطة والمقار الحكومية والكنائس والتحريض على العنف. ودعا إلى «إطلاق سراح المعتقلين السياسيين» وإجراء «حوار وطني شامل».
وأمرت محكمة استئناف جنح شمال القاهرة أمس بإنهاء حبس مبارك احتياطياً على ذمة التحقيقات في قضية فساد عرفت إعلامياً باسم «هدايا الأهرام». لكن محاكمته ستستمر في هذه القضية وفي قضية قتل المتظاهرين، إضافة إلى قضية فساد أخرى أعادتها محكمة إلى النيابة العامة قبل يومين لضم متهمين آخرين إليها.
وأكدت نيابة الأموال العامة أن قرار المحكمة أمس «نهائي ولا يجوز الطعن عليه»، ما قد يعني إطلاق سراح مبارك بعدما استنفد الفترة القانونية للحبس. وسبب القرار ارتباكاً في أروقة الحكم، فمن جهة انتقدته حركة «تمرد» التي لعبت دوراً بارزاً في إطاحة الرئيس السابق محمد مرسي، كما أنه سيحرج قوى أخرى في التحالف الحاكم. ويمثل القرار أيضاً ضغطاً على أجهزة الأمن التي سيوكل إليها تأمينه في منزله وخلال حضوره جلسات محاكمته.
وقالت حركة «تمرد» في بيان أمس إنها «القرار كان طبيعياً في ظل رفض نظام مرسي... التحقيق في تقارير لجان تقصي الحقائق التي صدرت في قضايا متهم بها مبارك ورجال نظامه، كما لم يعلن قانوناً للعدالة الانتقالية يضمن محاكمات لكل مدان بقتل الشهداء والفساد».
وطالبت بـ «إعادة المحاكمات لمبارك ورجال نظامه بأدلة جديدة، إضافة إلى محاكمة مرسي ورجال نظامه». ودعت الرئيس الموقت عدلي منصور ورئيس الوزراء حازم الببلاوي «بما لديهما من سلطات قانونية في ظل حال الطوارئ باحتجاز مبارك إن لم يكن محبوساً على ذمة قضايا أخرى لما يمثله الإفراج عنه من خطورة على الأمن القومي». وشددت على أنها «لن تقف لتشاهد قتلة الشهداء يحصلون على البراءة... ولن نصمت على الحرية لقاتل للشعب المصري».
وكان المبعوث الأممي التقى أمس الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي ووزير الخارجية المصري نبيل فهمي. وقالت ناطقة باسم الأمم المتحدة في القاهرة لـ «الحياة» إن فيلتمان سيلتقي اليوم مستشار الرئيس للشؤون السياسية مصطفى حجازي ورئيس الحكومة حازم الببلاوي، لكنه لم يحسم بعد ما إذا كان سيتمكن من الاجتماع بالرئيس الموقت أو وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي». وأكدت «ترتيب لقاء» يجمع فيلتمان بقيادات في «الإخوان». وأضافت أن اللقاءات بهدف «الاستماع لبناء موقف»، وليست بغرض وساطة دولية.
وأفيد بأن فهمي شدد لفيلتمان على «رفض مصر الكامل لتدويل الأوضاع الراهنة باعتبار أنها شأن داخلي لا نسمح بالتدخل فيه، ولا علاقة لها على الإطلاق بالسلم والأمن الدوليين». وقال إن «أي مواقف خارجية محتملة تجاه مصر لن تؤثر على قرارات الحكومة التي تنبع من الإرادة الشعبية، وتستهدف المصلحة العليا للوطن، وكل دول العالم تلجأ إلى الإجراءات الاستثنائية حينما تواجه ظروفًا استثنائية». لكنه أكد التزام مصر «بالإسراع في تنفيذ خريطة المستقبل بمشاركة من ينبذ العنف ولا يحرض عليه ويلتزم ببنود الخريطة».
وكرر رئيس الحكومة هذه الالتزامات في بيان تعهد عقد مصالحة وطنية «مع من لم تتلوث أياديهم بالدماء ويلتزمون بخريطة الطريق». لكنه شدد على أنه «لن يتوانى عن التصدي بكل حزم لكل من يستهدف الأمن القومي أو سلامة المواطنين».
وشدد بعد اجتماع لمجلس الوزراء ناقش مبادرة للحل قدمها نائبه زياد بهاء الدين، على «حماية المسار الديموقراطي وفتح الباب للمشاركة السياسية والمجتمعية عبر استكمال خريطة الطريق، بما يضمن مشاركة كل القوى السياسية ليتم الاستفتاء على دستور جديد وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة في المواعيد المقررة».
وأضاف أن حكومته «ستعمل على إلغاء حال الطوارئ فور زوال الأسباب الداعية إليها»، خلافاً لمبادرة بهاء الدين التي كانت تقترح إلغاء فورياً. وتعهد «إصدار تشريعات جديدة تسمح بحرية العمل الأهلي وحرية تداول المعلومات وحرية التظاهر السلمي وتنظيم تمويل الانتخابات وضمان استقلال اللجنة العليا للانتخابات وإشرافها على العملية الانتخابية بأكملها والإشراف الأهلي والدولي عليها».
ودعا الببلاوي «كل الأطراف الراغبة بالمشاركة في المسار السياسي إلى التمسك بالتزام نبذ العنف من دون قيد أو شرط وتسليم السلاح». وشدد على «التصدي بقوة لكل أشكال التعرض لدور العبادة واحترام حق جميع المواطنين في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية وأمان في حدود النظام العام، وعدم استخدام دور العبادة في العمل السياسي». ووعد بتطبيق «نظام شامل للعدالة الانتقالية».
وفي حين دعا «الإخوان» إلى تظاهرات غداً أطلقوا عليها «جمعة الشهداء»، تواصلت أمس عمليات توقيف قادة «الإخوان»، فألقت قوات الأمن القبض على الداعية المحسوب على الجماعة المطلوب بتهم «القتل والتحريض» صفوت حجازي في مدينة سيوة لدى محاولته الفرار إلى ليبيا، كما أوقفت في مطار القاهرة الناطق باسم حزب «الحرية والعدالة» مراد علي لدى محاولته المغادرة إلى إيطاليا.
وأعلنت وزارة الداخلية في بيان توقيف 36 «من عناصر وكوادر وأعضاء المكاتب الإدارية لتنظيم الإخوان من المتورطين في الأحداث الأخيرة». كما أشارت إلى أن «الأجهزة الأمنية تمكنت من ضبط 54 من العناصر الإرهابية من المطلوبين لجهات التحقيق المتورطين في استهداف المنشآت العامة والشرطية وترويع المواطنين، وهم 34 مصرياً و15 سورياً و5 سودانيين» عند مدخل قرية بهي الدين التابعة لمحافظة مطروح قبل فرارهم عبر الحدود إلى ليبيا.
 
مصر: فيلتمان يلتقي الحكم و «الإخوان»
الحياة...القاهرة - أحمد مصطفى
بدأ أمس مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان لقاءاته بطرفي الأزمة في مصر في زيارة تنتهي اليوم عزا الغرض منها إلى «الاستماع إلى الفرقاء»، فيما تواصلت أمس عمليات توقيف قياديين في جماعة «الإخوان المسلمين».
وألقت قوات الأمن القبض على الداعية المحسوب على الجماعة صفوت حجازي الذي كان يقود منصة اعتصام مؤيدي الرئيس السابق محمد مرسي في مدينة سيوة (غرب البلاد) لدى محاولته الفرار إلى ليبيا، كما أوقفت قوات تأمين مطار القاهرة الناطق باسم حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية للجماعة، مراد علي لدى محاولته مغادرة البلاد إلى إيطاليا.
ودعا رئيس الحكومة حازم الببلاوي في مؤتمر صحافي أمس القوى السياسية إلى «المشاركة في برامج الحكومة». وقال إن حكومته «ملتزمة استكمال خريطة الطريق عبر قوانين جديدة»، وتعهد «حماية الحريات وفق المعايير القانونية». ووعد بـ «إتاحة الفرصة للجميع في العمل السياسي والتنافس الديموقراطي، ما لم تلوث أيديهم الدماء أو يحملوا السلاح وطالما كانوا ملتزمين بالقانون وبخريطة الطريق وبنبذ العنف أو التحريض عليه وبالسلمية وبالمساواة بين المواطنين من دون تمييز»، مشدداً على أن حكومته «لن تتوانى عن التصدي وبكل حزم لكل من يستهدف الأمن القومي أو سلامة المواطنين».
واجتمع فيلتمان صباح أمس بالأمين العام للجماعة العربية نبيل العربي، قبل أن يجتمع بوزير الخارجية نبيل فهمي، فيما قالت ناطقة باسم الأمم المتحدة في القاهرة لـ «الحياة» إن المسؤول الأممي سيلتقي أيضاً مستشار الرئيس للشؤون السياسية مصطفى حجازى ورئيس الحكومة، وأنه لم يحسم بعد ما إذا كان سيتمكن من الاجتماع بالرئيس الموقت عدلي منصور ووزير الدفاع عبدالفتاح السيسي. لكنها أكدت ترتيب لقاء يجمع فيلتمان بقيادات في جماعة «الإخوان». وأوضحت أن الغرض من تلك اللقاءات «الاستماع لبناء موقف»، ونفت أن يكون جاء بغرض استئناف وساطة دولية كانت جرت قبل فض اعتصامي أنصار مرسي.
ونفى فيلتمان عقب اجتماعه مع العربي أن يكون الغرض من زيارته استئناف الوساطة الأوروبية-الأميركية بين الفرقاء المصريين، مكتفياً بالقول في تصريحات مقتضبة: «أنا هنا من أجل الاستماع إلى وجهات النظر والتطرق إلى التطورات الأخيرة التي حصلت في مصر. من الواضح أن المصريين لديهم وجهات نظر مختلفة، والأمين العام للأمم المتحدة أراد مجيئي إلى هنا من أجل الاستماع إلى المصريين لنفهم الوضع الحالي في مصر ونتمكن من معرفة كيف يرى المصريون طريق المضي قدماً».
بعدها توجه فيلتمان إلى وزارة الخارجية، حيث التقى فهمي، الذي نقل إليه «رفض مصر الكامل لتدويل الأوضاع الداخلية»، وفق الناطق الرسمي للوزارة بدر عبدالعاطي، الذي أوضح أن الوزير شدد خلال اللقاء على أن تلك الأوضاع «شأن داخلي لا نسمح بالتدخل فيه، ولا علاقة لها على الإطلاق بالسلم والأمن الدوليين». ونقل عن الوزير تأكيده أن «مسؤولية أي حكومة ديموقراطية تحتم عليها توفير الأمن والأمان لمواطنيها ومواجهة أعمال الإجرام والإرهاب في إطار القانون». وأضاف أن الوزير أكد لفيلتمان أن «أي مواقف خارجية محتملة تجاه مصر لن تؤثر على قرارات الحكومة التي تنبع من الإرادة الشعبية وتستهدف المصلحة العليا للوطن، وكل دول العالم تلجأ إلى الإجراءات الاستثنائية حين تواجه ظروفًا استثنائية». وأشار إلى «استمرار معتقلين في معسكر غوانتانامو بعد مرور أكثر من 12 عاماً على الحادث الإرهابي بتفجير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك».
وأعرب فهمي عن «التزام الحكومة بالإسراع في تنفيذ خريطة المستقبل بمشاركة من ينبذ العنف ولا يحرض عليه ويلتزم ببنود الخريطة»، كما عبر عن «غضب مصر من تجاهل العالم الخارجي لحقيقة الأوضاع وعدم توجيه النقد والإدانة إلى الطرف الذي يقوم بالتخطيط لأعمال إجرامية وإرهابية تطاول المواطنين ومنشآت الدولة ومستشفياتها ودور عبادتها، وتستهدف النظام العام والاستقرار والتحريض عليها وتنفيذها».
وكانت الحكومة حذرت أمس رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من أن صبرها أوشك على النفاد. وقالت في بيان إنها تابعت «باستغراب شديد ما نسب من تصريحات إلى رئيس الوزراء التركي ذكر فيها أن لديه أدلة تؤكد تورط إسرائيل في الأحداث التي تشهدها مصر حالياً والوقوف وراء عزل الرئيس السابق». وأضافت أن «هذه التصريحات لا أساس لها من الصحة ولا يقبلها أي عاقل أو منصف، والهدف منها ضرب وحدة المصريين والنيل من مؤسساتهم الوطنية».
وحذرت من أن «رصيد مصر من الصبر قد قارب على النفاد، وإن مصر لا تبادل أحداً العداوة، وليست بصدد البحث عن هوية جديدة لها، فعروبتها وإسلاميتها واضحة جلية، وعلى الحكومة التركية أن تُدرك أن الأولوية الوحيدة في مصر الآن هي تنفيذ إرادة الشعب وخريطة المستقبل لتستأنف البلاد طريقها نحو الديموقراطية».
إلى ذلك، أعلنت وزارة الداخلية أمس توقيف الداعية المطلوب صفوت حجازي «تنفيذاً لقرار النيابة ضبطه وإحضاره على خلفية اتهامه في قضايا عدة بقتل المتظاهرين والتحريض على قتل آخرين والتحريض على أعمال شغب وعنف». وأوضح مصدر أمني أن «توقيف حجازي تم لدى مروره عند أحد المكامن في منطقة سيوة في محافظة مطروح» شمال غرب البلاد.
وأشار إلى أن «حجازي كان يستقل سيارة أجرة ومعه محام، وكانا في طريقهما للفرار إلى ليبيا، وتم توقيفهما مع سائق التاكسي». ولفت إلى أن «معلومات وصلت إلى أجهزة الأمن أفادت بأنه بعد تضييق الخناق على قادة الإخوان داخل القاهرة سعوا إلى الفرار خارج البلاد أو إلى المحافظات الإقليمية للاختباء».
وأعلنت أجهزة الأمن أيضاً القبض على المستشار الإعلامي لحزب «الحرية والعدالة» مراد علي. وأفاد بيان رسمي بأنه «تم توقيف علي قبل سفره إلى إيطاليا بعد تغيير ملامحه وحلق لحيته وارتدائه سلسلة وتم تسليمه لإحدى الجهات الأمنية».
وقالت وزارة الداخلية في بيان، إن «الأجهزة الأمنية تمكنت من ضبط 54 من العناصر الإرهابية من المتورطين في استهداف المنشآت العامة والشرطية وترويع المواطنين، والمطلوبين لجهات التحقيق، وهم 34 مصرياً و15 سورياً و5 سودانيين في مدخل قرية بهي الدين التابعة لمحافظة مطروح قبل فرارهم عبر الحدود إلى ليبيا». وأشارت أيضاً إلى «ضبط 36 من عناصر المكاتب الإدارية لتنظيم الإخوان وكوادرها وأعضائها، من المتورطين في الأحداث الأخيرة».
 
مسؤول أميركي: واشنطن أخّرت موعد انقلاب مصر وحاولت تفاديه
الرأي.. واشنطن - من حسين عبدالحسين
يروي مسؤول اميركي رفيع معني بالسياسة الخارجية في ادارة الرئيس باراك أوباما ان مسؤولا خليجيا اتصل به في ديسمبر من العام الماضي، طالبا عقد لقاء طارئ. ويضيف المسؤول الاميركي، في جلسة خاصة، ان نظيره الخليجي «حذّر بشدة من محاولة الاخوان المسلمين في مصر تمرير دستور يجعلهم ينفردون في الحكم حتى اشعار آخر». وتابع المسؤول الخليجي ان «الاخوان يفعلون ذلك بغطاء من واشنطن».
حتى ذلك التاريخ، كانت واشنطن تعتقد انها اظهرت ما تسميه احتراما لرغبة اكثرية المصريين بوقوفها الى جانبهم في اطاحتهم بالرئيس السابق حسني مبارك. كما عمدت الى محاولة البقاء خارج عملية التغيير المصرية، وحاولت بناء علاقة ايجابية مع حكام مصر الجدد، بمن فيهم «الاخوان المسلمين»، الذين راحت وفودهم تصل العاصمة الاميركية وتلتقي كبار المسؤولين من الحزبين الديموقراطي والجمهوري.
تحسن العلاقة بين واشنطن و«الاخوان» بلغ ذروته مع اندلاع حرب غزة في خريف 2012، اذ لم تكد الهدنة بين الفلسطينيين والاسرائيليين تدخل حيز التنفيذ في 21 نوفمبر من العام الماضي، حتى نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» مقالا حمل عنوان «الرئيس المصري وأوباما ينشآن علاقة» خلال عملية المفاوضات التي ادت الى التوصل الى اتفاق في غزة. واوردت الصحيفة الاميركية ان «بيانات اتصالات البيت الابيض تظهر ان السيد أوباما تحدث الى السيد مرسي ثلاث مرات في 24 ساعة، وست مرات في بضعة ايام، وهي كمية من الوقت غير اعتيادية لحديث (اوباما) مع اي رئيس». واضافت ان «أوباما قال لكبار مساعديه انه اعجب بالثقة والواقعية التي ابداها مرسي».
بدوره، لم يكد مرسي يطمئن الى اقامة علاقة متينة بالرئيس الاميركي حتى اصدر في اليوم التالي لبدء الهدنة، اي في 22 نوفمبر، مرسوما وسّع بموجبه صلاحياته، وحاول اخراج القضاء المصري من عملية مراقبة كتابة الدستور.
ولاشك ان التقارب بين اوباما ومرسي، بسبب احداث غزة، اثمر دعوة البيت الابيض للرئيس المصري الى زيارة تم اقرار موعدها في 17 ديسمبر، ووصل، المسؤول في تنظيم «الاخوان» مستشار مرسي عصام الحداد، العاصمة الاميركية في الاسبوع الاول من ديسمبر للاتفاق على تفاصيل الزيارة، في الاسبوع نفسه الذي قدمت فيه «لجنة الدستور» في مصر مسودتها الى مرسي، الذي سارع الى اعلان موعد الاستفتاء في منتصف الشهر المذكور.
يقول المسؤول الاميركي: «قال لي (المسؤول الخليجي) يومها ان الاخوان يختبئون خلف علاقتهم الجيدة المستحدثة مع اميركا، وانهم ينوون المصادقة على دستور يجعل من مصر دولة اسلامية هم حكامها حتى اشعار آخر». ويتابع المسؤول: «كذلك، سمعت من ضيفي انهم على اتصال بالجيش المصري، وان الجنرال الذي اختاره حسين طنطاوي خلفا له في قيادة الجيش، وهو ضابط لم يكن بلغ الستين من العمر ويدعى عبدالفتاح السيسي، مستعد للتحرك والاطاحة بحكم مرسي».
دفعت التحذيرات الخليجية، نهاية العام الماضي، واشنطن الى اعادة تقييم موقفها من مرسي و«الاخوان»، وكانت اولى اشارات اعادة التقييم هذه الغاء زيارة مرسي المقررة لاسباب، كان اقل ما يقال فيها انها واهية، اذ علل المسؤولون الاميركيون قرارهم بانشغال البلاد باجراءات مهرجان القسم الرئاسي لولاية ثانية، والذي انعقد بعد شهر من موعد زيارة مرسي التي كانت مقررة.
وخلال النصف الاول من العام الحالي، عمدت واشنطن - خصوصا عبر سفيرتها في القاهرة آن باترسون - الى محاولة التقريب بين وجهات نظر اصدقائها المصريين الجدد، اي «الاخوان»، وعرّابيهم في المنطقة مثل تركيا وقطر، من جهة، وبين اصدقائها المصريين القدامى في الجيش المصري وحلفائهم الاقليميين في دول الخليج.
يقول المسؤول الاميركي: «كانت لدينا علاقات ممتازة مع طرفي المواجهات في مصر، اي الجيش والاخوان، كما مع حلفائهم الاقليميين الذين هم حلفاؤنا في الوقت نفسه. لذلك، اعتقدت واشنطن انها في موقع جيد للقيام بوساطة تفضي الى تسوية سياسية والى شراكة في الحكم تتضمن القوى المصرية كافة».
ويلقي المسؤول الاميركي باللائمة على «الاخوان» الذين «لم يبدوا الكثير من المرونة، وكانوا يقفزون الى التحدي في كل مرة ويهددون بالذهاب الى صناديق الاقتراع، ويصرون على التمسك بمواقفهم التي تتضمن تقويض اسس ديموقراطية اخرى مثل الحرية الفردية». واطلق «الاخوان» على رؤيتهم لشكل الحكم الجديد تسمية «ديموقراطية تراعي الخصوصية المصرية».
لم تعجب «ديموقراطية الاخوان» الجيش، وهو ما دفع بالولايات المتحدة الى «ممارسة المزيد من الضغط على الاخوان، وفي الوقت نفسه الطلب من الجيش والسيسي الالتزام بالصبر حتى التوصل الى تسوية»، حسب المسؤول، الذي يعتقد ان محاولات الضغط الاميركية على الطرفين، اي مرسي والسيسي، «ادت الى نتائج عكسية، فتوترت علاقاتنا مع الاثنين، ولم يعد اي منهم يستمع الى نصائحنا». ويضيف ممازحا: «الا ترون اليوم كيف تعبر الاطراف المصرية المختلفة عن حبها المستمر لنا؟».
هكذا، يروي المسؤول الاميركي انه بعد قرابة ستة اشهر من الوساطات التي شاركت فيها اميركا، انفلتت الامور من ايدي الساعين الى تسوية، «وكان لابد من مواجهة، مازالت مستمرة، يخوضها الطرفان، بدعم من دول اقليمية تتواجه في الموضوع المصري، مع انها متفقة ومتحالفة في اماكن اخرى مثل في سورية».
يختم المسؤول الاميركي: «واشنطن أخّرت موعد انقلاب مصر وحاولت تفاديه، واليوم نحاول السير على السور حتى لا نقع، فلدينا مصالح مع الجانبين، ما يجعل خيارنا الانحياز الى طرف دون آخر عملية صعبة ومعقدة، وما يدفعنا الى تفاديها بما أوتينا من قوة».
 
شارع «جامعة الدول العربية» بالقاهرة ضحية للعنف بين المصريين ولافتات محطمة وأرصفة مخلوعة وأسلاك شائكة ودبابات

جريدة الشرق الاوسط.... القاهرة: سها الشرقاوي .... اللافتات وبلاط الأرصفة وقطع الزجاج وبقايا الإطارات المحترقة أصبحت ملقاة على طول شارع جامعة الدول العربية، الذي يعتبر بمثابة شارع العرب في القاهرة، بعد أن وقع ضحية للعنف بين المصريين.. وعلى جانبه أسلاك شائكة ودبابات وجنود يحرسون المداخل والمخارج.
واعتاد السياح العرب الإقامة في العمارات القريبة من الشارع الموجود في ضاحية المهندسين غرب القاهرة، حيث تنتشر على جانبيه الشقق السياحية المفروشة والمطاعم والمقاهي، بالإضافة إلى عدد من السفارات العربية والأجنبية. ولم يكن الشارع ينام الليل.
وتعتبر المنطقة من أجمل مناطق التسوق والتنزه حيث توجد العديد من البنوك ومحلات الملابس والمطاعم الشرقية والغربية المتنوعة. وفي الوقت الحالي ترى المصابيح الكهربائية وقد انطفأت والظلام يخيم على جانبي الطريق والمحال مغلقة؛ والتفتيش من جانب قوات الأمن في كل مكان. وتغلق عدة دبابات ومدرعات للجيش مداخل ومخارج الشوارع المتفرعة من شارع جامعة العدول العربية، وهي شوارع تحمل أسماء لافتة تعبر عن طبيعة المكان مثل شوارع «عدن» و«لبنان» و«سوريا» و«الحجاز»، وغيرها.
وفي الأسبوع الماضي وقعت معارك دامية في الشارع الراقي، وشوهدت فيه مطاردات بالأسلحة الرشاشة، بعد ساعات من قيام السلطات بفض اعتصامي أنصار الرئيس السابق محمد مرسي في ساحتي «رابعة العدوية» في شرق العاصمة و«نهضة مصر» القريب من ضاحية المهندسين. وبسبب تزايد موجة العنف في البلاد فرضت السلطات حظر التجول في عدة محافظات بينها العاصمة، مما زاد من عزلة شارع جامعة الدول وتحوله ليلا إلى مكان مهجور بعد أن كانت الحركة فيه لا تهدأ على مدار 24 ساعة.
وما زالت الأرصفة خالية من البلاط بعد أن خلعه أنصار الرئيس السابق لاستخدامه في إقامة حواجز وسواتر حجرية في عدة مواقع في الشارع الرئيس وشوارع قريبة منه، مثل شارع البطل أحمد عبد العزيز. ويقول محمد عبد الرحيم وهو يقف أمام محل الملابس الذي تحطمت واجهته الزجاجية: الأمر في ظل الأوضاع الراهنة أصبح مختلفا شكلا وموضوعا وأصبحت الحياة قاتمة وكل ناصية توجد دبابة تابعه للجيش لكي تمنع الإرهابيين من قطع الطريق مرة أخرى، والمارة في الشارع يمشون بحذر شديد ولا توجد أي فرصة للبيع والشراء.
ومن أشهر الساحات في شارع جامعة الدول العربية ساحة مسجد مصطفى محمود، التي تبادل النشطاء السياسيون استخدامها في التجمع والتحرك إلى الميادين الرئيسة الأخرى للتظاهر؛ سواء بالتأييد أو المعارضة للحكام. وعقب فض اعتصام «نهضة مصر» المجاور حاول أنصار الرئيس السابق مرسي تحويل ساحة مصطفى محمود إلى مقر جديد للاعتصام، إلا أن قوات الأمن أحبطت هذه المحاولة في حينه في معركة كر وفر استمرت يومي الأربعاء والخميس من الأسبوع الماضي، وحولت شارع جامعة الدول العربية إلى ساحة حرب.
وجددت جماعة الإخوان التي ينتمي إليها مرسي محاولات السيطرة على مناطق من شارع جامعة الدول العربية في الأيام التالية لكنها باءت بالفشل بعد الانتشار الكثيف للأمن ونقاط الارتكاز من الجيش والشرطة، وبدأ الهدوء يعود رويدا رويدا إلى الشارع، حيث يقول المسؤولون بمحافظة الجيزة إن عملية ترميم ما فيه من تخريب ستتكلف ملايين الجنيهات. ويقول جندي يقف بجوار دبابة في ساحة مصطفى محمود: «أصبح الاستقرار يعود بالتدريج، وتوجد سيطرة على المنطقة وتوجد قوة كافية من الجيش والشرطة لمنع أي اعتصام هنا حفاظا علي الاستقرار العام». وأكد أنه توجد أيضا عناصر سريه لتأمين المنطقة.
وتسد الأسلاك الشائكة المداخل المؤدية إلى شوارع جزيرة العرب ولبنان، تحسبا لحدوث أي مناوشات، بينما تبدو واجهات غالبية المحال والمطاعم والمقاهي مغلقة، بينما تفتح البنوك أبوابها لعدة ساعات. وانخفضت قيمة تأجير الشقق للسياح العرب بشكل كبير. كانت أجرة الليلة في شقة مفروشة ومتوسطة المستوى والمساحة تساوي نحو 600 جنيه في اليوم، أصبحت في الوقت الراهن تدور حول 300 جنيه في المتوسط.
ويقول محمد فتحي صاحب أحد مقاهي شارع جامعة الدول العربية: «أحاول فتح أبواب المقهى رغم عدم الاستقرار الأمني وذلك حرصا على تشجيع المحال الأخرى على فتح أبوابها لكي تستمر الحياة ونبتعد عن الخوف. ويقول إنه «رغم ضعف نسبه الإقبال؛ لكننا مصرون على الفتح للدفاع عن أكل العيش واستمرار الحياة».
وتعرضت عدة محطات للوقود للنهب والتخريب خلال الاشتباكات التي جرت أواخر الأسبوع الماضي. ويقول صابر وهو مسؤول في محطة البنزين بشارع البطل أحمد عبد العزيز إن الهجوم الذي قام به خليط من البلطجية وأنصار الرئيس السابق مرسي، هب أهالي منطقة المهندسين لنجدتنا ودافعوا عنا، وحالوا دون اشتعال النيران في المحطة.
ولا يوجد أي رواج لأي بضاعة في شوارع جامعة الدول العربية تنافس رواج بيع الصحف.. ويقول أسامه أحمد، إنه يوجد إقبال كبير على شراء الجرائد المحلية والعالمية. ويضيف بائع آخر يدعى أحمد عبد الرحيم: «أغلب الجرايد تصدر طبعة ثانية وثالثة، أما المجلات الفنية فلا تلقى رواجا بين الجمهور، كما كان الأمر في السابق».
 
نتنياهو يتخوف من سيناريو سوري في مصر: ينبغي السماح للجيش بإعادة الاستقرار
الرأي..القدس - من محمد أبو خضير وزكي أبو الحلاوة
رأى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه ينبغي السماح للجيش المصري بأن يعيد الاستقرار إلى مصر تحسبا من تدهور الأوضاع فيها مثلما هو حاصل في سورية، فيما سيزور مستشاره الأمني، يعقوب عميدرور، واشنطن لإجراء محادثات حول الأوضاع في مصر.
وذكرت صحيفة «معاريف»، امس، أن وزارة الخارجية الإسرائيلية بعثت في بداية الأسبوع الجاري برقية سرية إلى عدد من كبار السفراء الإسرائيليين في أوروبا الغربية وأميركا الشمالية، وتضمنت مواقف إسرائيل تجاه الوضع في مصر.
وأضافت أن «البرقية أرسلت بعد مصادقة نتنياهو، الذي يتولى منصب وزير الخارجية أيضا، وتهدف إلى تزويد السفراء الإسرائيليين بأجوبة عن أسئلة يتم طرحها عليهم في الدول التي يخدمون فيها».
ونقلت عن البرقية الديبلوماسية، أن «الوضع الحالي في مصر من شأنه أن يؤثر بشكل بالغ ومباشر على إسرائيل بسبب حدودها مع مصر، وأنه خلافا لدول أخرى فإن إسرائيل ليست دولة متفرجة على الأحداث في مصر».
وتابعت البرقية: «لذلك، فإنه في وضع يتقوض فيه الحكم المركزي ويتدهور الاقتصاد، لا يوجد وقت لإلقاء اللوم على أحد الأطراف في مصر، ليس على الجيش ولا على الإخوان المسلمين، وفي المرحلة الأولى ينبغي السماح للجيش بإعادة الاستقرار إلى الدولة، وإلا فإن مصر قد تسير على طريق سورية».
وهذه المرة الأولى التي يصدر فيها موقف إسرائيلي رسمي تجاه الأوضاع في مصر منذ عزل الرئيس محمد مرسي في بداية يوليو الماضي، كما أن نتنياهو طالب وزراءه في نهاية الأسبوع الماضي بعدم إطلاق تصريحات في شأن مصر عقب فض اعتصامات «الإخوان المسلمين» وسقوط مئات القتلى.
واكدت الصحيفة إن عميدرور سيزور واشنطن الأسبوع المقبل، وسيلتقي نظيرته الأميركية، سوزان رايس، ومسؤولين آخرين في البيت الأبيض وأجهزة الاستخبارات الأميركية لبحث التطورات في مصر.
من جهته، شبّه رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست ورئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، بوزير الدعاية إبّان الحكم النازي لألمانيا جوزف غوبلز، في أعقاب اتهامه إسرائيل بأنها تقف وراء عزل الرئيس المصري محمد مرسي.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن ليبرمان، خلال جولة في جنوب إسرائيل: «أعتقد أن الكثيرين شاهدوا أردوغان ينفلت ضد دولة إسرائيل، وأعتقد أنه واضح لكل من شاهد كل الافتراءات والكراهية والتحريض أن الحديث يدور بلا شك عن شخص يواصل طريق غوبلز». وأضاف أن أقوال أردوغان ضد إسرائيل شبيهة بـ «بروتوكولات حكماء صهيون».
في المقابل، القى متطرفون زجاجة حارقة على دير كاثوليكي في اسرائيل وخطوا شعارات عنصرية على جدرانه.

 

 

نص فتوى القرضاوي حول دور الجيش والداخلية في الأزمة المصرية
بيروت - "الحياة"

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.  وبعد:
فإن وزارة الداخلية منوط بها حفظ الأمن الداخلي، وملاحقة اللصوص والمجرمين ، ومن يتعدى على حرمات الأفراد والجماعات، وعلى مؤسسات الدولة وممتلكاتها، وكذلك تنفيذ أحكام القضاء ، في حق من اعتدى على أحد: في ماله، أو جسده، أو أهله، أو عرضه.. إلى غير ذلك.
كما أن وزارة الدفاع المسؤولة عن الجيش بكل مكوناته: برا، وبحرا، وجوا، يقع على كاهلها الدفاع عن حدود مصر من أطماع الطامعين، وصد أي عدوان على أرضها وشعبها، وعلى مكتسبات الوطن ومقدراته، وجدير بها أن تعمل على تطوير ذاتها بالحصول على أحدث الأسلحة، والتدريب عليها، وأن تقوم برفع مستوى أفرادها وفق أحدث التدريبات القتالية، مع العمل في اتجاه الاكتفاء الذاتي من المعدات والأسلحة، التي يتطلبها هذا الدور المنوط بها، كما قال تعالى: { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ } [ الأنفال:60].
وهاتان الوزارتان ملك للشعب المصري، تقومان بما لا غنى للدولة عنه، وليس الفريق عبد الفتاح السيسي في وزارة الدفاع، أو اللواء محمد إبراهيم في وزارة الداخلية، ومن تابعهما إلا مجموعة من الأفراد، الذين يجب أن يطيعوا من فوقهم، ولا يظلموا من دونهم. وعليهم أن يحذروا ما انتهوا إليه اليوم: أن غدوا في مقدمة الحكام الظالمين، الذين اغتصبوا السلطة اغتصابا، ووجهوا عمل هاتين الوزارتين لقمع الشعب المصري الذي انتفض؛ دفاعا عن حريته وكرامته، وحقوقه الإنسانية، وعن صوته الانتخابي الذي أهدر في العديد من الاستحقاقات الانتخابية.
وليس من عمل وزارة الداخلية، ولا وزارة الدفاع: ملاحقة السياسيين، أو قتل الثائرين، أو اعتقال الأبرياء، وإن كانوا معارضين لسياسة الدولة. فالناس في الدولة الإسلامية، أو التي رضي عنها الإسلام: أحرار في إبداء آرائهم، ما داموا لا يحملون سلاحا يهددون به من يخالفهم. بل الإسلام يوجب عليهم ان يقولوا ما يعتقدونه حقا، ولا سيما إذا سكت الناس.
ولكني أرى هذه المحنة القائمة سحابة ابتلاء للمؤمنين، وتمحيص للمخلصين،عما قريب إن شاء الله ستنقشع، وستنتصر إرادة الشعب المصري الحر، الذي يأبى أن يحيا ذليلا بعد أن ذاق طعم العزة، ويرفض أن يعيش حياة العبودية، بعد أن تنسم عبير الحرية.
أما العمل في هاتين الوزارتين، فهو عمل لابد منه للحفاظ على كيان الدولة المصرية، التي يجب أن تبقى مكينة مصونة، وأن نعمل جميعا على بقائها.
ولكن على من يعمل في هذه الوظائف أن يتقي الله تعالى، وألا يكون عونا لهؤلاء الظالمين، فلا يقتل مصريا، أو يعين على قتله، بفعل أو قول، ولو كان قليلا، ولا يساعد على ظلم احد، فإن الله لا يحب الظالمين، كما قال تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ  } [هود:113 ].
إن الله تعالى حرم القتل في كتابه، وشدد فيه، وقرر القرآن الكريم مع الكتب السماوية الأخرى: {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا } [المائدة:32 ].
وقال عز وجل:{ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا  } [ النساء:93].
وروى البخاري، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن يزال المؤمن في فسحة من دينه، ما لم يصب دما حراما". وقال ابن عمر: "إن من ورطات الأمور، التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها، سفك الدم الحرام بغير حله".[1] والورطات: جمع ورطة. وهي الهلكة، وكل أمر يعسر النجاة منه.
وروى الترمذي والنسائي وابن ماجه، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم". [2]
وروى الترمذي وحسنه، عن أبي سعيد وأبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار ". [3]
وروى الإمام أحمد والنسائي والحاكم، وصححه، عن معاوية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار "[4]
وروى ابن حبان في صحيحه، أن ابن عمر نظر يوما إلى الكعبة، فقال: "ما أعظمك وأعظم حرمتك، وللمؤمن أعظم عند الله حرمة منك" كما في صحيح ابن حبان وغيره. [5]
بل نجد النبي صلى الله عليه وسلم لا يكتفي بتحريم القتل، بل يحرم مجرد الإشارة إلى أخيه بالسلاح وغيره، وإن لم يقتل، كما في الحديث المتفق عليه، عن أبي هريرة مرفوعا: " لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري، لعل الشيطان ينزع في يده، فيقع في حفرة من النار ". [6]
وروى مسلم عن أبي هريرة، قال: " من أشار إلى أخيه بحديدة، فإن الملائكة تلعنه، حتى يدعه، وإن كان أخاه لأبيه وأمه ".[7]
والمسؤولية في هذا الأمر تتعلق بالجميع: بمن أمر ومن أطاع، بمن خطط ومن نفذ، فالله تعالى يخبرنا أن الإثم يلحق الجنود المشاركين، كما يلحق القادة الآمرين، قال سبحانه: {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ  } [القصص:8]. ومعنى (خاطئين): أي آثمين، فأشرك الجنود مع القادة. ولولا الجنود ما صنع القادة شيئا!
وعند نزول العذاب، فإن الله تعالى يعاقب من شارك في هذه الجريمة جميعا، قال تعالى في شأن فرعون: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ* وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ *وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ } [القصص:40-42 ].
وقال في سورة أخرى: { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ } [ الذاريات:40]
وروى الشيخان، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السمع والطاعة حق على المرء المسلم، فيما أحب وكره، مالم يُؤمر بمعصية، فإذا أُمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة". [8]
وقال: "لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف" كما في حديث  عليّ. [9]
ولا شك أن قتل المسلم أو المسيحي بغير ذنب معصية، من كبريات المعاصي؛ بل هي من السبع الموبقات.
ولهذا لا ينبغي للضابط أو الجندي أن ينفذ أمرا، يخالف أمر ربه، وحكم شرعه، يخرب عليه دينه، ويُفسد عليه دنياه، ثم يوبق عليه آخرته. ليس في الإسلام أن يقول أحد: إنه عبد مأمور، فإنما هو عبد مأمور لله وحده، هو الذي خلقه وسواه، وهو الذي يطعمه ويسقيه، وإذا مرض فهو الذي يشفيه، وهو الذي يميته ثم يحييه، وهو الذي يحاسبه على عمله يوم القيامة وحده، وهو الذي من حقه أن يأمره وينهاه.
لن ينفعك من أصدر لك أمرا ظالما فأطعته، ولن يغني عنك من الله شيئا، قائدٌ ورَّطك في قتل امرئ مسلم بغير حق، ، قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [العنكبوت:12]
أدعو جميع إخواني العلماء، في كل المدن والقرى المصرية، أن يوعوا الجنود بهذه الحقيقة الشرعية الأكيدة، التي لا يختلف فيها اثنان، حتى لا يتورط أبناؤنا الجنود الطيبون في قتل إخوانهم، ويستحقوا دخول نار جهنم خالدين فيها، وهم لايشعرون.
وعلى الآباء والأمهات، والمخطوبات والزوجات، والأبناء والبنات، والإخوة والأخوات، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات، وجميع الأقارب والأصدقاء: أن يبصروا الجنود بالحكم الشرعي، في هذا الأمر الخطير، حتى لا يقتل الناس بعضهم بعضا، ويبوؤوا بلعنة الله وعذابه.
على أن إساءة الجندي من الجيش أو الشرطة، إلى أي إنسان: مسلم أو مسيحي، صالح أو طالح، بغير حق، ولو بما دون القتل، من ضرب، أو مس بأذى، من قول أو فعل: أمر محرم في الإسلام، لا يحبه الله ولا يرضاه، بل يعاقب عليه بعدله.
قال سبحانه: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } [الأحزاب:58 ] وقال تعالى في الحديث القدسي، الذي رواه مسلم، عن أبي ذر، عن النبي، عن ربه، أنه قال:" يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا".[10]
والله الموفق إلى سواء السبيل.
 


المصدر: مصادر مختلفة

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,623,279

عدد الزوار: 7,035,620

المتواجدون الآن: 93