هل تعود الولايات المتحدة لإهمال ملف الصراع العربي ـ الإسرائيلي؟

تاريخ الإضافة الأحد 27 نيسان 2014 - 7:19 ص    عدد الزيارات 266    التعليقات 0

        

 

هل تعود الولايات المتحدة لإهمال ملف الصراع العربي ـ الإسرائيلي؟
عبير بشير
عندما يتحدث أحد أمراء الليكود وهو دان مريدور عن أن رئيس حكومة بلاده بنيامين نتنياهو، لا يجيد شيء سوى المراوغة والتملص من حل المشكلات بدلا من الوقوف بثبات في وجهها ومحاولة حلحلتها، وهو يفتقر إلى الرؤية كحاكم وكزعيم. وعندما يؤكد ميردور - خلال لقاء مع القناة العاشرة الإسرائيلية - بأن حكومة بنتانياهو هي التي تتحمل المسؤولية المباشرة عن أزمة المفاوضات الأخيرة مع الجانب الفلسطيني بسبب الأخطاء الثلاثة :

الخطأ الاول - انها وعدت الوزير - جون كيري - بإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى وتنصلت من ذلك، وعلى نتانياهو ان يعرف ان الحكومات حين تقدم وعودا يجب ان تنفذها.

الخطأ الثاني- اعلان وزير الاسكان اوري ارئيل عطاء بناء استيطاني في شرقي القدس يوم جاء كيري لإنقاذ المفاوضات، وهي خطوة المقصود منها افشال جهود كيري وافشال المفاوضات، وليس لها اي معنى آخر سوى ان نتانياهو لا يستطيع ضبط حكومته..

الخطأ الثالث- ان حكومة نتانياهو اصبحت رهينة بيد الاحزاب الصغيرة المتطرفة، وهي التي تقرر وليس الليكود او نتانياهو.

ما قاله مريدور ويتفق معه كثيرون على ذلك، يمثل نصف الحقيقة. بينما الحقيقة كاملة هي ما قالتها زعيمة حزب ميرتس بأن ائتلاف - الأشرار الثلاثة - وهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وزير الدفاع يعلون ووزير الإسكان ارئيل - لا يريدون السلام - وإن ما يجري في حكومة نتنياهو من تهديد بعض الوزراء - من آن لآخر - بالانسحاب من الحكومة وتقويض الائتلاف الحاكم في حال تقديم أي تنازلات للجانب الفلسطيني - يأتي فقط في إطار تبادل أدوار تكتيكي .

اكثر من ذلك من تعامل مع نتنياهو عن قرب، يدرك تماما بأن هذا الرجل، برغماتي من الطراز الأول، ومراوغ فريد من نوعه، وأن كل همه محصور في بقائه على كرسي رئاسة الوزراء، بينما تحقيق السلام لا يمثل له - لا أولية قصوى ولا دنيا .

هذه الحقيقة توصل إليها الرئيس الأميركي باراك اوباما مبكرا، فعشية بقائه في البيت الأبيض لدورة ثانية. همس أوباما في اذن أقرب مستشاريه، قائلا إنه لا ينوي التدخل في الصراع في الشرق الاوسط، لأنه بات متيقنا باستحالة التوصل إلى اتفاق سلام بوجود - المراوغ - نتنياهو على رأس الحكومة. وواصل أوباما حديثه متهكما بانه فقط في حال دعوته لحضور حفل توقيع اتفاق سلام في حديقة البيت الأبيض، فإنه سيلبي الدعوة.

ولكن في المقابل، فإن وزير خارجيته جون كيري الذي رهن كل مستقبله السياسي، بتحقيق اختراق في عملية السلام، وبدا متفائلا أكثر من اللازم بإمكانية تحقيق تسوية في الشرق الأوسط - اعتقد في البداية أنه سيتوصل الى اتفاق سلام، ثم قيد نفسه باتفاق إطار، ثم قيد نفسه أكثر بمشروع أميركي لاتفاق إطار، ثم اكتفى بدور ناقل أفكار ورسائل بين الجانبين - توصل إلى هذه الحقيقة متأخرا، واخذ يتحدث بمرارة عن الإجراءات الإسرائيلية التخريبية التي تهدف إلى تفجير المفاوضات وضرب جهوده، فخلال جلسة استماع في مجلس النواب الأميركي أكد الوزير جون كيري أن توجّه الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة جاء ردا على تصرفات إسرائيل وخطواتها السلبية، حيث إن إسرائيل لم تطلق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين كما تم الاتفاق على ذلك، وعندما جاء لإنقاذ المفاوضات، صادق وزير الإسكان على عطاء ببناء 700 وحدة استيطانية في القدس مما أوصلنا إلى ما نحن فيه.

الوزير كيري نفسه لم يسلم خلال الأشهر الماضية من التصرفات الإسرائيلية السلبية والوقحة من خلال حملة سياسية شعواء شنها عليه اليمين الإسرائيلي بهدف التأثير على مواقفه أو دفعه للاستسلام ورفع الراية البيضاء، ووصلت إلى عقر داره حيث شنت بدورها صحف وشخصيات موالية للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة هجوماً شرساً على كيري.

ولكن المحلل الأميركي توماس فريدمان حذر من أنه في حال قام كيري بفك خيمة المفاوضات وفض يده فإن الإسرائيليين والفلسطينيين سيندمون على ذلك وفي وقت قريب. وكتب فريدمان بأن وزير الخارجية جون كيري قام بعمل مقدس من خلال لعبة دور الوساطة بين «إسرائيل» والفلسطينيين، ولكنه الآن يشعر باليأس. وأوضح بأن عملية السلام في فترة الرئيس هنري كسينجر كانت أمرا ضروريا جدا واستراتيجيا، ولكن الاولويات الأميركية والمشهد العالمي والإقليمي تغير واصبحت صناعة السلام في الشرق الأوسط وكأنها - هواية - لا أكثر، وخصوصا مع اكتفاء الولايات المتحدة من النفط ووجود العديد من الملفات الملتهبة في منطقة الشرق الأوسط.

البيت الأبيض من جانبه، بات يشعر بقلق عميق من انعكاسات تعثر المفاوضات وأداء الوسيط الأميركي وأزمة تمديد المفاوضات وصولاً إلى طرح فكرة الإفراج عن الجاسوس الإسرائيلي في السجون الأميركية جوناثان بولارد - والتي رفضت إدارتين أميركتين متعاقبتين الإفراج عنه - على موقع الولايات المتحدة وهيبتها، خصوصاً بعد أزمتي سوريا و أوكرانيا والتحدي المفتوح مع روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين. لذلك، تحاول الإدارة الأميركية البحث عن مخرج يحتوي أزمة تمديد المفاوضات، ولا يكلف الإدارة مزيداً من رأس المال السياسي في عملية تفاوضية تبناها كيري بشكل شخصي منذ اللحظة الأولى.

ويبذل الوسيط الأميركي جهودا كبيرة للتوصل إلى حل وسط، وصفقة لضمان تمديد المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية حتى نهاية العام الحالي من خلال اتفاق يقضي بإطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى، وإطلاق 400 أسير فلسطيني خلال المفاوضات وتجميد خطط البناء الاستيطاني مقابل إطلاق بولارد. لكن السلطة صعدت من مواقفها ورفعت من سقف مطالبها كشرط لتمديد المفاوضات، بسبب ما اعتبرته عدم جدية إسرائيل في المفاوضات ورغبتها في السير فيها إلى ما لا نهاية من دون نتائج، ومن بين الطلبات إطلاق 1200 أسير تختارهم هي بالإضافة إلى الدفعة الرابعة، وفتح مكاتبها في القدس، ووقف اقتحامات الجيش الإسرائيلي للمناطق الخاضعة لها، ووقف شامل وكامل للاستيطان، ولم شمل 15 ألف فلسطيني، والسماح بالاستثمار في المناطق «ج» الخاضعة لإسرائيل أمنياً وإداريا في الضفة الغربية.

ولكن المطلب الحقيقي والرئيسي للقيادة الفلسطينية هو ما نقله أعضاء من الكنيست الاسرائيلي برئاسة رئيس - اللوبي البرلماني لحل الدولتين -، عن محمود عباس، حيث أبدى ابو مازن استعداده لتمديد المفاوضات مع اسرائيل لتسعة أشهر أخرى، شريطة أن يتم تجميد البناء في المستوطنات، وتكريس الأشهر الثلاثة الأولى لترسيم حدود الدولة الفلسطينية. كما أبلغ عباس الوفد أنه لم يتم خلال الأشهر الماضية للمفاوضات مناقشة أي قضية جوهرية بجدية خاصة مسألة الحدود. واكد أبو مازن لأعضاء الوفد أن المعاهدات التي طلب الفلسطينيون الانضمام إليها تم اختيارها بشكل خاص، لأنها لا تمس إسرائيل، حيث انضممنا إلى معاهدة حقوق الطفل ومعاهدة حقوق النساء، ولم نتوجه إلى الانضمام إلى محكمة العدل الدولية. واوضح الرئيس عباس لأعضاء الوفد بأنه إذا فشلت عملية السلام، فإنه سيطلب من إسرائيل تسلم المفاتيح وتحمل المسؤولية عما يحدث في مناطق السلطة الفلسطينية. واضاف: «لا حاجة الى ارسال الدبابات كي تمارس إسرائيل القوة، بكل بساطة ارسلوا ضابطا صغيرا وسنسلمه المفاتيح.

وفي الحقيقة يبدو خيار حل السلطة غير واقعي في ظل الظروف الفلسطينية الداخلية والظرف الإقليمي، حتى خيار تمديد المفاوضات لا يبدو هو الحل. لأن المتابع لسير عملية التفاوض الشاقة عبر سنوات طوال، كما أن التطورات التي أحاطت بأزمة رفض إسرائيل الإفراج عن أسرى الدفعة الرابعة، تشي بما لا يدع مجالا للشك بضعف ومحدودية التأثير الأميركي من جهة، وبالتشدد والتعنت الإسرائيلي من جهة أخرى.

ولكن تحاول السلطة الفلسطينية جاهدة الحصول على شيء في الوقت الضائع، وربما يكون الإفراج عن مروان البرغوثي في صفقة مقابل تمديد المفاوضات، ثمن اكثر من جيد وخصوصا في ظل الوضع الفلسطيني الداخلي المهترئ.

أما بالنسبة للإدارة الأميركية فإنها ستعود إلى سياسة الإهمال الناعم لملف الشرق الأوسط في حال فشلت كليا عملية السلام، ولكن في هذه المرحلة ستحاول إنجاز صفقة لتمديد المفاوضات، رغم معرفتها بضعف الحظوظ في التوصل إلى اتفاق أو شبه اتفاق سلام خلال العام الحالي.

وليس هناك ادق من وصف المعلق في صحيفة - يديعوت أحرنوت - الأشهر الماضية من المفاوضات بأنها - تعذيب متبادل - وبدون جدوى - كما وصف تمديد المفاوضات في حالة حدوثه بالاستمرار - في لعبة التعذيب المتبادل .
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,521,268

عدد الزوار: 6,994,239

المتواجدون الآن: 76