لماذا شجّعت "حماس" العملية البرّية في غزة؟

تاريخ الإضافة الإثنين 21 تموز 2014 - 7:08 ص    عدد الزيارات 232    التعليقات 0

        

 

لماذا شجّعت "حماس" العملية البرّية في غزة؟
سليم نصار – لندن
بعدما اختير أحمد الشقيري رئيساً للمجلس الوطني الفلسطيني لمنظمة التحرير (1964)، قام بزيارة لبيجينغ يرافقه عضو اللجنة الدائمة عبدالمحسن قطّان. واستقبلهما الزعيم ماوتسي تونغ بحضور وزير الخارجية شو إن لاي.
هاجم الشقيري الدول الغربية، وفي طليعتها الولايات المتحدة، ثم طلب من ماوتسي تونغ تزويده بنصائح وإختبارات عملية ربما تعينه لدحر العدو الصهيوني. وأخبره أن مؤتمر القمة العربي قرر إعداد الشعب الفلسطيني عسكرياً بهدف مواصلة معركة التحرير. وأعرب الزعيم الصيني عن سروره لسماع نبأ تكوين قوات فلسطينية مسلحة، وأوصى الشقيري بأهمية حفر خنادق، إستعداداً لحرب طويلة مع العدو.
وبعد إنتهاء اللقاء، طلب الشقيري من الزعيم الصيني توفير كمية من الكتب التي نشرها حول مسيرة الألف ميل، مبدياً الرغبة في توزيعها على قادة المقاومة الفلسطينية. عندئذ إبتسم ماوتسي تونغ، ورد على إقتراح الزائر العربي باسدائه نصيحة حملت بعض إختباراته، وقال: أخشى ما أخشاه هو أن يكدس المقاتل كمية الكتب أمامه بطريقة تفقده وضوح الرؤية الصحيحة لمواصلة معركة التحرير.
وكانت تلك العبارة الرمزية بمثابة جرس إنذار سمع الشقيري وقطان من خلاله معنى الرسالة التي بعث بها الزعيم الصيني الى المجاهدين الفلسطينيين.
عقب هزيمة حرب حزيران 1967، قدّم أحمد الشقيري استقالته من قيادة منظمة التحرير. وظل هذا المركز شاغراً مدة سنتين تقريباً، الى أن اختير ياسر عرفات لتولي هذه المهمة سنة 1969. ويبدو أن طموحاته الشخصية في الاستيلاء على الأردن، شجعت الملك حسين ووصفي التل علىاستخدام الجيش لسحق محاولته. وبعد قتال مرير، أمر العاهل الأردني بطرد عرفات الى سوريا مع أعضاء منظمته.
وفي غضون فترة قصيرة، أمر الرئيس حافظ الأسد بطرد ياسر عرفات وأعضاء منظمته الى لبنان. وبسبب سياسة اللين التي أظهرها أبو عمار حيال قضم أراضي الضفة الغربية ومضاعفة عدد المستوطنات، أعلن الشيخ أحمد ياسين عن تأسيس حركة المقاومة الاسلامية (حماس). وقد حرص على إنتقاء عناصرها من بيئة محافظة، متشددة، لا تقبل بالتفاوض مع العدو الصهيوني.
وفي سبيل إحياء ذكرى شهداء الثورة الفلسطينية، أنشأ الشيخ ياسين "كتائب القسّام"التي تُعتَبَر الذراع العسكرية لحركة "حماس."وهي تضم مجموعة من المتطوعين الذين يؤمنون بضرورة الاهتداء بأعمال الشيخ عزالدين القسّام ومواقفه الوطنية المشرفة.
ومن هذه المواقف صاغ الشيخ أحمد ياسين مبادىء حركة المقاومة الاسلامية (حماس)، معتبراً الشيخ عزالدين القسّام بطلها الرمزي والنموذج الذي يستلهمه الفلسطينيون في كفاحهم الطويل. ولما قتِل المؤسس الشيخ ياسين في غارة اسرائيلية استهدفته سنة 2004، تولى من بعده رئاسة المكتب السياسي خالد مشعل بمعاونة عدد من مسؤولي "حماس" في مقدمهم نائبه إسماعيل هنية.
لهذا السبب وسواه يرى المراقبون أن "الموساد" يحرص على تعقب مجاهدي "حماس" بهدف تصفيتهم مثلما فعل مع القائد العسكري في الحركة محمود المبحوح. وقد تمت عملية الاغتيال في أحد فنادق "دبي"، في 19 كانون الثاني 2010، أي أثناء ترتيب المصالحة بين "فتح"و"حماس"إستعداداً لتشكيل حكومة وحدة وطنية. علماً أن مصر في حينه جعلت من شروط تسوية مسألة الأنفاق، قيام حكومة مشتركة تضم الفريقين.
ومن المؤكد أن الحكومة الاسرائيلية كانت ترفض إشتراك "حماس"في حكومة مصالحة وطنية. ومثل هذا الرفض يلقي الكثير من الشكوك حول الجهة التي خطفت الشبان الاسرائيليين وقتلتهم. خصوصاً أن هذه العملية نُفذت أثناء أزمة معيشية خانقة يعاني أهل غزة من تداعياتها المؤلمة. فالادارة مفلسة لا تملك المال الكافي لدفع رواتب الموظفين، أو تأمين الكهرباء والماء لمليون وسبعمئة ألف نسمة.
وعندما عقد المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر للبحث في قرار الرد على صواريخ "حماس"أو غزو القطاع بالدبابات، تحفظ وزير الدفاع موشيه يعلون عن الموقفين.
وقال في الدفاع عن رأيه، إن محاولة إجراء عملية عسكرية واسعة شبيهة، بعملتي "الرصاص المصبوب"و"عمود السحاب"، ليست واردة. والسبب أنها تقوي نفوذ "حماس"داخل القطاع... وتضعف دور محمود عباس داخل الضفة الغربية. إضافة الى ذلك، فان الرسالة الشفهية التي حملت تحذير الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، تعارض كل إجراء يؤذي أهل غزة. وهو يرى أن قتل المسلمين في شهر رمضان المبارك سينعكس بشكل سلبي على الحكم.
يقول "الفتحاويون"إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أصيب بخيبة أمل مريرة، لأنه توقع إنجازاً إستراتيجياً قد يكون الأكبر خلال فترة ولايته. وربما أراد إنهاء حياته السياسية باتفاق الوحدة مع "حماس"تمهيداً للانسحاب من ساحة السلطة آخر هذه السنة. أي عندما يبلغ الثمانين من عمره. وهذا ما يفسر إلحاحه على ضرورة الافراج عن خلفه مروان البرغوثي.
المفارقة التي فاجأت الجميع هي السرعة التي وافقت فيها "حماس"على حكومة الوحدة من دون شروط. خصوصاً أن تلك الموافقة شملت كل الشروط التي رفضتها سابقاً. ثم تبين أن مصر وعدت بفتح معبر رفح الذي تعتبره إدارة غزة منفذاً حيوياً يصعب التغاضي عنه.
ويتحدث الاتفاق، الذي عُقِد بين "حماس"والسلطة الفلسطينية، عن انتشار أمني على طول الحدود مع مصر، تنفذه خمس كتائب من الحرس الرئاسي الفلسطيني المعروفة بكتائب "دايتون."ومع وجود هذه الكتائب، طالبت اسرائيل بضرورة إحياء الاتفاقات القديمة التي كانت تنظم إدارة معبر رفح قبل سيطرة "حماس"على القطاع. وتشمل تلك الاتفاقيات وجوداً اسرائيلياً دائماً مع التحكم بأجهزة المراقبة الالكترونية.
الملاحظ أن حكومة الوحدة الوطنية لم تبحث في الشؤون الأمنية المتعلقة بسلطة "حماس."ذلك أن كتائب القسّام - ذراع حماس العسكرية - لا تخضع لحكومة السلطة في رام الله... ولا لحكومة الوحدة الجديدة. من هنا حصرت مصر مسؤولية هذا الموضوع الحساس بلواء متخصص بالشأن الفلسطيني الداخلي.
ولقد واجه هذا اللواء أزمة ثقة فور تعيين الدكتور رامي الحمدالله رئيساً للحكومة ووزيراً للداخلية. والسبب أن قوات الأمن تخضع عادة لوزارة الداخلية، في حين تعتبر "حماس"مخازن السلاح والصواريخ قطاعاً مستقلاً لا يجوز إخضاعه لامرة أحد. لذلك إقترح أبو مازن إختيار وزيرين للداخلية، الأول "فتحاوي"، مسؤول عن الشؤون المدنية... والثاني "حمساوي"، مسؤول عن شؤون الأمن الداخلي.
يُستَدَل من مضاعفات الهدنة الهشّة التي إقترحتها الأمم المتحدة، أن قيادة "حماس" مترددة في الموافقة على وقف النار، لأسباب ترفض الافصاح عنها. ويرى محللون أن أسباب التردد مردها الى الخسارة البشرية التي منيت بها، زائدة خسارة البنى التحتية للمصانع ومنصات الصواريخ وعشرات الأبنية التي تهدمت فوق رؤوس ساكنيها. وقد جاء في صحيفة اميركية أن "حماس"أطلقت مئات الصواريخ لتقتل اسرائيلياً واحداً... وأن النتائج ستنعكس بشكل سلبي على الشارع الغزاوي الذي يصحو على ضخامة الخسائر في حال إنتهت المعركة من دون رابح.
وفي ضوء هذه الحقائق، رأى المراسلون في اسرائيل أن حاجة نتنياهو الى الاقدام على شن عملية محدودة كانت الحل المفاجىء في حال فشلت وساطات مصر وقطر وتركيا والأمم المتحدة. وهم يتوقعون ألا تستمر العملية أكثر من شهر تجري خلالها أعمال تمشيط واسعة تشمل مرابض الصواريخ والمصانع الحربية ومخازن الأسلحة.
في هذه الحال، يبدو أن "حماس"مستعدة لمثل هذا التصعيد لأن الصواريخ المضادة للدروع والدبابات، التي هربتها عبر الانفاق في عهد الرئيس محمد مرسي، لم تُستَعمَل بعد.
 
كاتب وصحافي لبناني

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,303,165

عدد الزوار: 6,986,519

المتواجدون الآن: 73