من صوفية أردوغان إلى مجلة <فورن بولسي> ممَّن يستمد بشّار الأسد صمود نظامه؟!

تاريخ الإضافة الثلاثاء 20 أيلول 2011 - 7:27 ص    عدد الزيارات 478    التعليقات 0

        

من صوفية أردوغان إلى مجلة <فورن بولسي> ممَّن يستمد بشّار الأسد صمود نظامه؟!
لم أعثر في أقوال بيدبا الفيلسوف لدبلشيم الملك أو ما عُرِف بـ <كليلة ودمنة> (وهما إسمان لثعلبين شقيقين) والمساقة أمثاله وحكمه على ألسنة البهائم والطير، والذي نقله كما هو معروف عبد الله بن المقفع إلى العربية في غرّة العصر العباسي، والمقتول مذّاك، على طريقة القتل الجارية في عدد من العواصم العربية <الهائجة> الآن، على قصة يكون الحمار أحد أبطالها، لأفهم شيئاً عن هذا النوع من البهم، الذي أدّى، وما يزال يؤدي للنوع العاقل (الإنسان) من بين مخلوقات الله، ما لا يقوى عليه كائن آخر، من دون كلل أو ملل أو حتى اعتراض أو ثورة، ومع ذلك، شكّل فيديو إعدام مجموعة من الحمير، يعتمد عليها بعض القرويين السوريين في الحِلّ والترحال ونقل المؤن والحطب، وخلاف ذلك، فرصة لمجلة <فورن بولسي> الأميركية، ذات السمعة الدولية المحترمة، والتي تُعنى بالشؤون الدبلوماسية الدولية لأن تكتب تقريراً نُشر الأربعاء الماضي (14 أيلول الجاري) تتوقّع فيه أن تفاقم <مجزرة الحمير> من ردود الفعل الدولية المتصاعدة ضد نظام الرئيس بشّار الأسد، ولو لم تحرِّك بعد <بريجيت باردو> أيّ حملة تضامن مع <الدواب السورية> المقتولة بالرصاص، وعن مسافات قريبة، وبطريقة غريبة عجيبة!··

ولعلّ الغاية من التداول الجاري في الداخل والخارج وعلى مواقع <التواصل الاجتماعي> لهذا النوع من <الفيديوات>، والذي يسعى إلى تظهير صورة بالغة <الوحشية والقسوة> للنظام الحاكم في سوريا، في محاولة غير خافية، لتعميم التحريض والكراهية ضد حكم الأسد، وتكوين رأي عام دولي، لا سيّما في البلدان التي ما تزال حكوماتها، كروسيا وجنوب أفريقيا والصين والهند والبرازيل، تحول دون إصدار قرارات أكثر ضغطاً، وربّما تؤدي إلى الإطاحة بالنظام في سوريا، في <إستعادة معدّلة> للنموذج الليبي، وهو <يحرّر> المدن والبلدات والأودية من <كتائب القذافي> <بزنود الثوار وبنادقهم المحمية> بقوة الناتو وطائراته وقاذفات الصواريخ، بحثاً عن <بلدان غنية>، ولو مدمَّرة، لإنقاذ مصارف (البريطاني) وباري با (B.P) وS.G.B والـ Agricole (مصارف فرنسية) من الإنهيار، ومعها دول منطقة <اليورو> الساقطة تحت وطأة الإفلاس اليوناني، في وقت تتخبّط فيه إدارة باراك أوباما، في مشاكل مالية، أكثر خطورة وتدميراً··

خارج <المزحة السمجة> من أن بقاء نظام بشّار الأسد <واقفاً على رجليه> مردّه لدعم لوجستي وميداني وقتالي لمجموعات <حزب الله> التي ترفده بقوّة، وتسنده، حتى لا يتهاوى، يدور في <الصالونات السياسية> ومحافل القرار حول العالم نقاش جدّي، حول مصير النظام، فالذين يعارضون بقاءه، من زاوية أن عصر الطغاة والديكتاتوريات <وقد ولّى> إلى غير رجعة، ويمثّل هؤلاء رجب طيّب أردوغان وريث <الطورانية والعلمانية> في تركيا، وحفيد السلاجقة العثمانيين في عموم العالم العربي الإسلامي من شواطئ شمال أفريقيا إلى أواسط آسيا، وأن ما ينطبق على معمّر القذافي، وبن علي، وعلي عبد الله صالح، وحسني مبارك ينطبق على بشّار الأسد الذي جاء إلى الرئاسة في سوريا بترتيبات من والده حافظ الأسد قبل وفاته في العام 2000، وبالتالي <فأعمار الطغاة قصار> بلغة الشعر، التي لم يتقنها بعد أردوغان، الذي يجمع بين السياسة والصوفية في تسويق مشروع إعادة بناء العالم العربي في عصر ما بعد <الثورات العربية>، ولو بالتنسيق مع <الاتحاد الأوروبي> الذي يرفض دخول التركي إليه، ولو كان عضواً في الناتو··

أمّا الآخرون، في الضفة الأخرى من الموقف، بعيداً عن محمود أحمدي نجاد، الذي لا يرى شيئاً يوجب السؤال عن مهدي كروبي ومير حسين موسوي (زعيما المعارضة المبعدة عن الشارع، وفي ما يشبه الإقامة الجبرية) أو عن هوغو تشافيز، الذي قد يتحفّز شعبه لربيع (شبيه بربيع العرب) أو حتى عن راوول كاسترو، الذي ورث أقدم جمهورية شيوعية معاصرة في أميركا اللاتينية، فإنهم على لسان ديمتري ميدفيديف (الرئيس الروسي القوي) يخشون من أن ذهاب نظام الأسد، سيعيد إلى الساحة شبح ما يسميه (الرئيس الروسي) <بالمنظمات الإرهابية>، وهو التعبير الجاري اعتماده لدعم بقاء الأسد، في المحافل الحليفة··

تقف مجموعة الدول الخمس: روسيا، جنوب أفريقيا، الصين، الهند والبرازيل، كقوة دولية ناشئة بمواجهة تحالف دولي (أوروبي - أميركي) وإقليمي (تركيا ومعظم المجموعة العربية) في البحث عن أسواق ومواطئ قدم في القارة العربية الشاسعة من المحيط إلى الخليج، خارج شعارات أرض العرب للعرب، وثروات العرب للعرب، وتسعى لتثبيت أقدام في هذه المنطقة أو وطئها لأول مرة، من الباب السوري، أو الموقع المتقدّم لنافذة إعادة بناء التكتلات، في عالم كلّه يتشكّل، خارج فلسفة الفردية والليبرالية الغربية وحقوق الإنسان، على الخلفيات الأصلية للوجود: البحث عن الإقتصاد أولاً وأخيراً، وعن المنافع التي تكبح جوع البشر، وتؤمّن لهذا الجنس الذي يمتاز بعقله فقط عن <الحمير> وسواها سواء نفقت قتلاً وإعداماً في سوريا أو غيرها··

في أفريقيا العائمة على <بحر الجوع والجريمة> تبرز جنوب أفريقيا ذات 50 مليوناً، وهي القوة الاقتصادية الأكبر في القارة السمراء· ومن وراء القوقاز وسهوب أوراسيا، تتمسّك روسيا الاتحادية، ذي الهوية الأرثوذكسية، المستمرة حتى إبّان الحقبة الشيوعية، ذات الـ 170 مليون نسمة، بمصالحها في الشرق بعد سقوط العراق وليبيا وقبلهما مصر واليمن الجنوبي، والبرازيل ذات الـ 180 مليوناً أو يزيد، وهي الدولة الخامسة من حيث المساحة (8.5 ملايين كلم2)، وهي أكبر من أستراليا، تشعر بعالم القرابة مع العرب ولو من شباك الحلف الأميركي اللاتيني - العربي، هذا فضلاً عن التنين الصيني بمليار و300 مليون نسمة، وعلى كتفه في آسيا البوذية <النمر الهندي> بما يقرب من المليار نسمة (950 مليوناً)··

تتشكّل في هذه الأجواء العربية، قوة دولية تكاد تشكل نصف المعمورة المسكونة أرضاً وبشراً، في المنافسة على إعادة تشكيل المصير العربي من ضمن تشكيل عالم ما بعد الحرب الباردة، في حلقته الأخيرة على أرض العرب المسلمين··

هذه إحدى عناصر القوة السورية، في الرؤية الأميركية، التي من شأنها أن تطيل فترة الصراع في سوريا، وتدفع المعارضة ذات التعددية الثقافية والدينية والإتنية والعرقية إلى الاستمرار بالوقوف على الأرض، عبر <لعبة الدم> التي يتقنها النظام، ليثبت مشروعيتها، وإن كان الاعتراف يقضي، بكل جرأة وواقعية أن نظام الأسد، ليس هو نفسه، قبل إعدام الحمير وبعدها·· وإن كان اللبنانيون، المهووسون بالنسيان، ما يزال بعضهم يحفظ شيئاً عن قصة الحمار أو الحمير بالجملة؟!

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,490,506

عدد الزوار: 6,993,440

المتواجدون الآن: 62