أنا والعراق.. فرصة رجائنا

تاريخ الإضافة الأحد 1 نيسان 2012 - 6:50 ص    عدد الزيارات 382    التعليقات 0

        

 

أنا والعراق.. فرصة رجائنا
هاني فحص
أنا هاني فحص اللبناني الشيعي، الذي امتلأت ذاكرته بالحرمان والتهميش، وهو إذ يشعر ـ كشيعي ـ بأنه أتيح له من خلال العلم والعمل والمشاركة، ان يمتلك مقداراً من القوة، إذا ما بالغ فيه خسره، وإن أحسن استثماره بالشراكة الوطنية وبناء الدولة الجامعة القوية والعيش المشترك وانتاج المعرفة وتنمية الموارد والانفتاح على الأشقاء والأصدقاء والحوار مع الأعداء، لعل العداوة تتحول إلى تفاهم أو تسالم، فإنه يحول الحرمان التاريخي إلى استحقاق مستقبلي، بدل أن يحوله إلى نكد اجتماعي وسياسي يعطل الطاقات ويهدر الثروات.
أنا المسلم الذي يعاني، وإن كان يشارك أحياناً في حالة الفصام والتجزئة والعنف والارهاب وتبذير المال وتبديد المخزونات... ويخاف على المسلمين من توسيع مطامحهم فوق الممكن والمستطاع، في أممية جربها غيرنا وعاد بعد فشلها إلى بناء أوطانه القومية... ويتمنى ان يعود المسلمون إلى مفهوم المواطنة التي تمر بالحدود الاقليمية، وتعود إلى أوطانها، لتحفظ الجميع بالجميع وطناً وشعباً.
وأنا أشم رائحة رغبات امبراطورية ذات نكهات مذهبية، منها ما جربناه ونرحب بأهله، إذا ما وظفوا تاريخهم وحاضرنا في سبيل نهوضهم ومشاركتنا في النهوض، ومنها ما هو احلام امبراطورية مستجدة تفضل القوة المادية على القوة المعنوية، وتفضل النفوذ والاختراق على الدور الذي لا يتم الا بالتفاهم معنا، وهي في سبيل ذلك تستخدم القضايا الكبرى، وأحياناً ضد أهلها، وتخلط العام الإسلامي بالخاص المذهبي، وان كان ذلك ضد مصالح القوم أو أهل المذهب.
أنا العربي الذي حلم وعمل وضحى وقبل بالفقر وآثر العلم على الجهل من أجل التحرير والتحرر والتقدم والوحدة، فانتهى إلى مزيد من الجهالة والتخلف والتأخر والفقر والجهل والمرض والتبعية والتجزئة ونفاد الثروة وتهديد الكيانات بالطائفية والمذهبية والصراعات الاتنية والحزبية. بسبب فهمه الناقص والمشوه للعروبة، واستقالته من دوره الوطني من أجلها، ومن دون طلب منها، واستقالته من شركائه ورفاقه في منتجاته الحضارية، بالذهاب إلى العنصرية التي حولت العروبة إلى مشروع يلغي نفسه باصراره على إلغاء الآخر المختلف الشريك.
أنا الذي كان يرى في مصر ضمانة في دورها وموقعها وهي تتحول الآن من رافعة إلى عبء... وكان ينتظر فلسطين التي ابتعدت ويمني نفسه بالخير النفطي إذا ما هدده الفقر والخراب... فيرى النفط يتبخر بفعل الاصدقاء والاعداء وفعل القصور والتقصير في الإدارة والتنمية... ويخاف من الانقلابات التقدمية التي أدت إلى مزيد من الموت والفقر والرجعية.
أنا الذي وجدت نفسي محاصراً باليأس والاحباط وكان همي أن لا أعدي الآخرين بيأسي، لكنهم يائسون مثلي... ان كانوا في عمري... ويخافون من تسرب اليأس إلى احفادهم بعدما أخذ يدهم أولادهم.
هذا ولم أتوقف عن البحث عن فرصة للرجاء. وفشلت أكثر من مرة، إلى ان لاح لي العراق، ولو عن طريق قبلته على مضض، لأنه لم يكن لي أمل في غيره... وقلنا البيت أهم من الطريق إلى البيت، على أن يكون لنا في العراق بيت... بعدما قيل لنا ان العواصم الفاعلة مستقبلاً لن تتعدى ثلاثا: انقرة وطهران وتل ابيب وخفنا من الثالثة، وحاولنا أن نخفف خوفنا بالطمأنينة في الآخرين، وان كنا لا نجد ضمانة أو مشجعاً على ذلك حتى الآن، رغم بعض المظاهر والشعارات العظمى. إلى ان لاحت بغداد الممكنة بكل المعايير، وما ان أصبحت في ايدي ابنائها الذين ضحوا من اجلها حتى بدت بعيدة جداً أو مستحيلة.
لماذا أيها السياسيون العراقيون؟ لقد انتظرناكم فإلى أين أنتم ذاهبون؟ لماذا يسير العراق على طريق الصومال؟ ألا تكمن أكثر الأسباب في عقولكم ونواياكم وأدائكم...
حرام... عودوا إلى العراق.

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,955,100

عدد الزوار: 6,973,057

المتواجدون الآن: 83