هل تندلع الثورة على الثورة في مصر؟!

تاريخ الإضافة الأحد 3 حزيران 2012 - 6:26 ص    عدد الزيارات 410    التعليقات 0

        

 
سليم نصار – لندن

هل تندلع الثورة على الثورة في مصر؟!

 

تتساءل العواصم الغربية، ما إذا كان "الاخوان المسلمون" سيحافظون على النظام القائم والجيش التقليدي أم انهم سيقدمون على استبدال النظام وحل الجيش؟ بدورهم يندفع الاقباط نحو تأييد أحمد شفيق كآخر خشبة خلاص قد تحافظ على كنائسهم وتاريخهم وثقافتهم.

الاثنين الماضي، اعلنت لجنة الانتخابات الرئاسية المصرية النتائج النهائية للتصويت في الجولة الاولى، مؤكدة دخول مرشح جماعة "الاخوان المسلمين" محمد مرسي، جولة الاعادة. كما اعلنت ايضا دخول المرشح المستقل الفريق احمد شفيق هذه الجولة المقررة في 16 و17 من هذا الشهر.
وقال رئيس اللجنة فاروق سلطان في مؤتمر صحافي، ان نسبة المقترعين تخطت 46 في المئة من اجمالي عدد الناخبين المسجلين البالغ عددهم 51 مليون نسمة.
وكان من الطبيعي ان تؤدي هذه النتيجة الى اعتراض الخاسرين من امثال عمرو موسى الذي رفض عودة "الفلول" بشخص احمد شفيق. كما رفض استخدام الدين لاغراض سياسية، في اشارة الى معارضته التصويت لمحمد مرسي.
الثلثاء الماضي، شهد ميدان التحرير موجة احتجاج عارمة اطلقها انصار "الاخوان" ضد الفريق شفيق الذي يمثل – حسب هتافاتهم – استمرارية نظام حسني مبارك.
والفريق شفيق شغل في العهد السابق منصب وزير الطيران المدني لمدة تسع سنوات. كما شغل قبل ذلك وظيفة قائد اركان القوات الجوية. وبسبب هذه الخلفية كاد يستبعد من سباق الرئاسة بعد صدور "قانون العزل" الذي يمنع رموز النظام السابق من خوض انتخابات الرئاسة. إلا انه أعيد تأهيله عقب احالة هذا القانون الى المحكمة الدستورية العليا لتفصل في مدى دستوريته.
واشار في حينه، بعض المعلقين الى ان قيادة الجيش هي التي تدخلت لمصلحة احمد شفيق. بل هي التي دعمته بحملة اعلانات ولافتات ضخمة كانت تحمل صورته وهو يبتسم تحت شعار "الافعال وليس الكلام".
وفي تقدير المراقبين، ان الفريق شفيق (71 سنة) يمثل استمرارية النظام العسكري الذي حكم مصر منذ 1952 مع جمال عبد الناصر وانور السادات وحسني مبارك. وقد خطط "الاخوان المسلمون" عبر انتفاضة الربيع العربي، لاسقاط النظام العسكري الذي حرمهم لمدة نصف قرن من الوصول الى الحكم.
وبما ان الرئيس الذي يرتدي البزة العسكرية، يصبح تلقائياً القائد الاعلى للجيش والاجهزة الامنية والاستخبارية، فقد اتهم شفيق بأنه يسعى الى لعب هذا الدور.
اضافة الى هذا، فإن مرشح الاخوان محمد مرسي هدد بالغاء الامبراطورية الاقتصادية التي منحها مبارك للجيش بحيث تزيد من رصيده المادي وتقوي استقلاليته. ومعنى هذا ان انتصار الاسلاميين والسلفيين، سيؤدي الى ابعاد طنطاوي واعضاء المجلس العسكري لمصلحة ذراع امنية للحرس الثوري الجديد الذي سينشأ على غرار الحرس الثوري الايراني. هذا في حال نجح "الاخوان" في الاستيلاء على الرئاسة مثلما استولوا على غالبية مقاعد مجلس النواب.
بعد انتهاء الجولة الاولى، صرح الرئيس الاميركي سابقا جيمي كارتر ان وفد المراقبة أبلغه بأن الانتخابات المصرية تميزت بالشفافية والنزاهة والاقبال المنقطع النظير. ومثل هذا الكلام لم يعجب الاسلاميين الذين خسروا ما نسبته ثلاثين في المئة خلال اربعة شهور. لذلك استمروا في مهاجمة شفيق خوفاً من ازدياد شعبيته بواسطة الغالبية الصامتة. ولم يجدوا افضل من "موقعة الجمل"، ذريعة لاحراجه والتشكيك بقيادته السليمة. والمؤسف ان عمرو موسى استغل هو الآخر احداث تلك الموقعة ليحمل على شفيق ويتهمه بافساد التجربة الديموقراطية.
ومع ان محمد مرسي اتهم وسائل الاعلام بتشويه صورته السياسية، إلا انه لا ينكر بأن جماعة الاخوان المسلمين قد ارتكبوا سلسلة اخطاء انتجت التراجع الملموس. ويمكن اختصار تلك الاخطاء بالتالي:
أولا – التردد في صوغ دستور جديد، والعمل على الغاء سلطة المحكمة الدستورية العليا على القوانين التي يصدرها البرلمان.
ثانياً - ارتفاع عدد العاطلين عن العمل بحيث وصل الشهر الماضي الى مليون شخص.
ثالثاُ - تراجع احتياطي النقد الاجنبي لدى المركزي، علماً انه وصل في نهاية كانون الاول 2010 الى اعلى مستوياته متجاوزاً الـ36 مليار دولاراً.
رابعاً - ابتعاد المستثمرين الاجانب عن مصر، لاسباب تتعلق بالمتغيرات المرتقبة في حال فاز الاسلاميون في انتخابات الرئاسة.
ومثل هذا الفوز يشجعهم على اعادة بناء الخلافة الاسلامية التي اسقطها كمال اتاتورك سنة 1924. ولما أنشأ المؤسس حسن البنا عام 1928 جماعة الاخوان المسلمين، اختصر اهدافها باعادة الخلافة الاسلامية. والحديث عن الخلافة، أخاف عشرة ملايين قبطي، اضافة الى شرائح كبيرة من مجتمع يضم اقليات متنوعة.
وعندما يقسم حزب الاكثرية بأنه سينظم الحياة اليومية بحسب الشريعة الاسلامية، يتبين للاقباط ان الحزب الحاكم سيخرجهم من معادلة المشاركة. وهذا ما يدفعهم الى الهجرة الجماعية، ويحضهم على الاقتراع لمصلحة شفيق كآخر خشبة خلاص قد تحافظ على كنائسهم وتاريخهم وثقافتهم.
في سياق التغيير المنتظر، تتساءل العواصم الغربية، ما اذا كان "الاخوان المسلمون" سيحافظون على النظام القائم والجيش التقليدي، ام انهم سيقدمون على استبدال النظام وحل الجيش النظامي؟
التطمينات التي قدمها محمد مرسي هذا الاسبوع، لم تقنع المصريين بصدق نياته او نيات الحزب الذي يمثله. قال انه – في حال فوزه – سيعمل على تشكيل حكومة ائتلافية موسعة، ليس شرطا ان يكون رئيسها من الاخوان. كما اكد ان مساعديه ومستشاريه سيختارهم من قوى سياسية مختلفة. ووصف الاقباط بأنهم شركاء في الوطن، لهم كامل الحقوق وعليهم كامل الواجبات. وتعهد ايضا ضمان حرية المرأة، وصوغ دستور معبر عن كل اطياف الشعب. ويبدو ان انصار منافسه احمد شفيق، لم يصدقوا هذه الوعود بسبب الطريقة التي رست فيها "القرعة" على المرشح الاحتياطي محمد مرسي.
ويعترف القيادي الاخواني عصام العريان ان عملية الانتقاء لم تكن سهلة. وقد فرضتها الظروف بعدما استبعدت لجنة الانتخابات المرشح الاول خيرت الشاطر بسبب حكم صدر ضده في عهد مبارك ادى الى حرمانه من حقوقه السياسية. ثم ابتسم الحظ لعبد المنعم ابو الفتوح الذي خسر في معركة المنافسة.
يقول مؤيدو ابو الفتوح، انه ليس في سيرة مرسي ما يعزز وجوده على رأس اكبر حزب في البرلمان، اي "حزب الحرية والعدالة". ولكنه اشتهر بوضع برنامج اسلامي سماه "مشروع النهضة". اما نضاله السياسي فقد اقتصر على حادثة اعتقاله لمدة سبعة اشهر بسبب مشاركته في تظاهرة تأييد لحقوق القضاة المحتجين. ثم اعيد اعتقاله بعد ثلاثة ايام من اندلاع الانتفاضة التي اسقطت مبارك.
ولد محمد مرسي في محافظة الشرقية في دلتا النيل (60 سنة). وقد حصل على بكالوريوس في الهندسة من جامعة القاهرة (1975). كما حصل على الدكتوراه في العلوم من جامعة جنوب كارولينا في الولايات المتحدة. سنة الفين دخل مجلس النواب، ثم اعيد انتخابه بعد سبع سنوات، قبل ان يصبح متحدثا باسم جماعة الاخوان المسلمين وعضوا في المكتب السياسي للارشاد.
ومن هذه الخلفية العادية يطرح السؤال حول مستقبله السياسي، وما اذا كان مهيأ للعب دور ريادي على رأس حزب يستعد للهيمنة على السلطتين التشريعية والتنفيذية؟
يفاخر مرسي بأن الحزب الذي ينتمي اليه يتحمل مسؤولية كبيرة تتعلق بانقاذ مستقبل مصر. وهو يرى ان التضحيات التي قدمها الاسلاميون طوال 82 سنة كافية لاقناع شعب مصر بأن شعار "الاسلام هو الحل" اصبح الرصيد الديني والسياسي لبناء نظام شبيه بنظام الملالي في ايران.
من هنا يرى المراقبون ان التطمينات التي قدمها مرسي للعلمانيين والليبراليين والاقباط والنساء، ليست اكثر من مرحلة عابرة سوف تنتهي مثلما انتهى انصار روبسبيير في الثورة الفرنسية... وانصار كيرنسكي في الثورة البلشفية... وانصار ابو الحسن بني صدر وقطب زاده، في الثورة الايرانية.
تجمع الصحف المصرية على القول انه من الصعب تطبيق تجربة تونس على مصر. ذلك ان الجماهير التي اسقطت بن علي لم تنجح في اسقاط ارث الحبيب بورقيبة، والمكانة التي حققتها النساء في عهده. وخلافا للجيش التونسي، فان الجيش المصري يعتبر قوة كبرى تقف وراء كل الحكومات في مصر منذ 1952. وقد حصل على مكاسب ادارية وصلاحيات واسعة يصعب التخلي عنها بسهولة. ومعنى هذا ان الصدام سيحصل في الحالين: اذا فاز المرشح المستقل الفريق احمد شفيق الذي سيلقى من المشير محمد طنطاوي الحاكم العسكري، كل دعم وتأييد. او اذا فاز مرشح الاخوان محمد مرسي الذي يطالب بتصفية الجيش الذي حوله مبارك مؤسسة خاصة تابعة له ولقادته من أمثال طنطاوي وأحمد شفيق وعمر سليمان.
ويرى المحللون ان انتفاضات "الربيع العربي" تتجانس في دعواتها الاصلاحية، ولكنها تختلف في مسارات تطورها نحو الديموقراطية والليبرالية. صحيح ان غالبية هذه الانتفاضات تدعو الى تغيير الحكام... ولكن الصحيح ايضاً ان التعميم غير وارد، لأن كل بلد يتبنى شعارات مختلفة، ويمارس اساليب متناقضة. مثال ذلك ان الثورة التي اندلعت ضد النظام الشيوعي في كل المنظومة الاشتراكية عام 1990... تختلف في اسلوبها عن ثورة الصين عام 1989. تماماً مثلما يختلف تنحي زين العابدين بن علي عن سقوط حسني مبارك.

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,913,811

عدد الزوار: 7,047,954

المتواجدون الآن: 96