التحوّل الكبير في الحرب السورية

تاريخ الإضافة السبت 31 آب 2013 - 5:57 ص    عدد الزيارات 289    التعليقات 0

        

 

التحوّل الكبير في الحرب السورية
عبد الكريم أبو النصر
"ارتكب الرئيس بشار الأسد ثلاثة أخطاء إستراتيجية جعلت نظامه يصل الى مرحلة المواجهة العسكرية مع أميركا ودول حليفة أخرى، للمرة الأولى في تاريخ النزاع، هي الآتية: أولاً - رفض الأسد منذ إنطلاق الثورة الحل السياسي التفاوضي للأزمة وتبنّى الخيار العسكري - الأمني، لكن التصعيد الحربي المتواصل ضد الثوار لم يحقق له النصر إذ ان سوريا أفلتت من قبضته فاستخدم السلاح الكيميائي ضد مواطنيه في ريف دمشق، بناء على ما أعلنته رسمياً أميركا ودول أخرى، من أجل محاولة إنجاز عجزت عنه الأسلحة التقليدية. ثانياً - أفرط الأسد في الثقة بذاته وبقدراته وتصرف على أساس ان الدول الغربية لن تتدخل عسكرياً ضده مهما فعل وان ذلك مصدر قوة له ولأنصاره. لكن الرئيس السوري ذهب بعيداً في تحديه العالم وتجاوز الخط الأحمر فنشأ ضده تحالف أميركي - غربي - إقليمي يحظى بتغطية عربية واسعة من أجل محاسبة نظامه ومعاقبته، لأن إستخدام السلاح الكيميائي المحظور دولياً يشكل إنتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي وتهديداً خطيراً للمصالح الحيوية الأميركية والغربية وللأمن والسلم الإقليميين والدوليين، إستناداً الى ما قاله مسؤول أميركي كبير. ثالثاً - أفرط الأسد في الثقة بحلفائه وتجاهل أن الدول التي تدعمه لها حساباتها ومصالحها الخاصة وان روسيا لن تدخل في حرب مع الدول الغربية دفاعاً عنه، وهو ما أكده علناً وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف". هكذا لخصت مصادر ديبلوماسية غربية في باريس وثيقة الإطلاع حقيقة الوضع على جبهة الأزمة السورية.
وأوضحت "ان الأسد أوقع نفسه في فخ كبير عندما لجأ الى أسوأ الخيارات من أجل محاولة تحقيق أهدافه. والأساس ان الأسد رفض المعادلة التي فرضتها الأحداث وهي ان إنقاذ سوريا يتطلب رحيل النظام. هذه المعادلة هي ركيزة الحل السياسي للأزمة الذي حدد مضمونه بيان جنيف المؤرخ 30 حزيران 2012 وهو الإتفاق الوحيد المدعوم أميركياً وروسياً ودولياً وإقليمياً ويدعو الى الانتقال السلمي للسلطة الى نظام جديد ديموقراطي ينبثق من إنتخابات نيابية ورئاسية تعددية حرة وشفافة، وتشرف على عملية الإنتقال حكومة جديدة تؤلف في إشراف الممثل الدولي - العربي وتضم ممثلين للنظام والمعارضة على أساس قبول متبادل وتملك وتمارس الصلاحيات التنفيذية الكاملة وتخضع لها الأجهزة العسكرية والأمنية -والمؤتمر الدولي المقترح يهدف الى ضمان التطبيق الكامل لبيان جنيف وليس الى مناقشة إقتراحات حلول يطرحها ممثلو النظام والمعارضة. وأدرك الأسد ان الحل السياسي المدعوم دولياً وإقليمياً يؤدي الى نهاية نظامه فتبنى مع حلفائه معادلة أخرى مفادها إن إنقاذ سوريا يتطلب بقاء النظام ورضوخ السوريين والعالم لهذا الأمر الواقع. وإنطلاقاً من هذا التوجه رفض الأسد تطبيق بيان جنيف وأحبط كل المبادرات السياسية وحاول حسم الصراع عسكرياً، لكنه أوصل نظامه الى طريق مسدود وألحق دماراً وخراباً هائلين بسوريا وقتل وأصاب مئات الآلاف وشرّد الملايين من غير أن ينجح في فرض سيطرته على البلد وسحق خصومه".
وأضافت المصادر "ان استخدام السلاح الكيميائي في ضواحي دمشق ليس خطوة تصعيدية فحسب بل إنها خطوة إنتحارية دفعت أميركا وحلفاءها الى الإتفاق على ضرورة إتخاذ إجراءات تصعيدية غير مسبوقة ضد نظام الأسد، إذ ان السكوت عن هذا العمل سابقة خطيرة قد تدفع جهات أخرى داخل سوريا وخارجها الى إستخدام السلاح المحظور. وشددت دول حليفة في إتصالاتها مع واشنطن على ان أوباما التزم رسمياً وعلناً منع إيران من إمتلاك السلاح النووي، فإذا سكت الرئيس الأميركي عن إستخدام السلاح الكيميائي في سوريا بعدما حذر مراراً من ان ذلك يشكل خطاً أحمر، فإنه يضعف موقفه في التعامل مع القيادة الإيرانية ويلحق أضراراً كبيرة بالمصالح الحيوية والاستراتيجية الأميركية".
واستناداً الى مسؤول أوروبي بارز شارك في المشاورات الأميركية - الأوروبية، "إن إدارة أوباما لن تكرر تجارب العراق وأفغانستان وليبيا في سوريا ولن ترسل قوات الى هذا البلد وتريد العمل مع دول حليفة أخرى من أجل تحقيق هدفين أساسيين: الأول - معاقبة نظام الأسد واستغلال المشكلة الكيميائية من أجل إضعافه عسكرياً وتقليص قدراته الحربية أكثر فأكثر. ثانياً - تعزيز قدرات الثوار من أجل تمكينهم من إلحاق هزائم أكبر بقوات النظام والتقدم نحو دمشق. والخيار المحتمل الذي يمكن أن تتبناه أميركا مع حلفائها يقضي بتوجيه ضربات صاروخية وجوية الى مواقع ومنشآت وقواعد عسكرية ومراكز قيادة سورية وتزويد الثوار أسلحة متطورة مضادة للدبابات والطائرات ودرس احتمال إنشاء منطقة آمنة للسوريين على الحدود مع الأردن".

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,196,894

عدد الزوار: 6,982,517

المتواجدون الآن: 73