فراغ مسيحيي الشرق: كابوس فاتيكاني أم حلم أصولي؟

تاريخ الإضافة الجمعة 13 كانون الأول 2013 - 6:26 ص    عدد الزيارات 270    التعليقات 0

        

 

 فراغ مسيحيي الشرق: كابوس فاتيكاني أم حلم أصولي؟
ميرنا زخريا.. باحثة في علم الاجتماع السياسي
إنه آخر أشهر السنة الميلادية، يحتفل العالم أجمع بعيد الميلاد المجيد. وها هم مسيحيو الشرق تسكنهم الهواجس! إنه حدث لاهوتي وتاريخي بإمتياز. وها هو الشرق يحظى بعلامة إمتياز للقدرة على تفريغ الشرق من مسيحييه!
الشرق الأوسط هو المكان الذي شهد ميلاد المسيحية. فهل يكون أيضاً المكان الذي يشهد إنقراض المسيحيين؟ هل تحضّر القوى السياسية المسيحية خطة للحفاظ على التعدّدية في الدول العربية؟ وهل تعي القوى السياسية الإسلامية مخاطر إفراغ الشرق الأوسط من مسيحييه؟
بموجب آخر الإحصاءات يُقدر عدد المسيحيين بحوالى 2,2 ملياري نسمة، أي %33,33 من مجموع البشريّة. لتكون بذلك أكبر أديان العالم المُعتنقة، وتُشكل ثلث سكان العالم منذ مئة عام وحتى الآن. كذلك فالمسيحية هي دين الغالبية السكانية في 120 بلداً من أصل 190 بلداً مُستقلاً في العالم أجمع. أما أكبر الطوائف المسيحية فهي الكاثوليكية، ويُشكل مُعتنقوها أكثر من نصف المسيحيين في العالم.
إنَّ الحضور المسيحي في المنطقة العربية هو حضورٌ متجذرٌ، ونظرة البعض الى المسيحي باعتباره أدنى مرتبةً أو أقل تأصلاً من المُسلم، تعبر عن عدم فهم حقيقي للدين الإسلامي الكريم نفسه. وعلى رُغم أنه لا توجد إحصائيات دقيقة بالنسبة لهذا الموضوع، إنما الإحصاء المُتداول إقليمياً وعالمياً لجهة بعض الدول العربية هو كالتالي:
١- مسيحيّو لبنان: باتوا يُشكلون حوالى 40 في المئة من عدد السكان؛ فالحرب اللبنانية التي دامت خمسة عشر عاماً أدّت إلى تهجير ما لا يقل عن مليون، والبارز أنه البلد العربيّ الوحيد حيث الرئيس مسيحيّ.
٢- مسيحيّو سوريا: باتوا يُشكلون حوالى 15 في المئة من عدد السكان؛ واللافت انها دولةً عربيةً علمانيةً بحيث يسود التعايش الكامل بين الديانات، وذلك بمُباركة ومُساندة القيادات الروحية المسيحية والإسلامية.
٣- مسيحيّو مصر: باتوا يُشكلون حوالى 10 في المئة من عدد السكان؛ حيث أكثريتهم الساحقة هي من الأقباط وهم يتَّهمون الحكومة بممارسة تمييز ضدهم وقد ازدادت مخاوفهم بعد موت البابا شنودة الثالث.
٤ - مسيحيّو الأردن: باتوا يُشكلون حوالى 4 في المئة من عدد السكان؛ وهم بحسب التداول الإعلامي والإجتماعي يتمتعون بحريّة في ممارسة شعائرهم الدينية وذلك يعود للحماية التي توليهم إياها العائلة الهاشمية.
٥ - مسيحيّو العراق: باتوا يُشكلون حوالى 3 في المئة من عدد السكان؛ بعد أن هربت الغالبية إثر الغزو الأميركي أما القليل جداً الذي بقي منهم فقد انتقل للعيش في منطقة كردستان خاصةً بعد تفجير الكنائس.
٦ - مسيحيّو فلسطين: باتوا يُشكلون حوالى 2 في المئة من عدد السكان؛ نتيجةً للإحتلال الإسرائيلي الذي دفعهم إلى الفرار والتشتّت وربما إلى اندثار التواجد المسيحي في الأرض التي شهدت ميلاد المسيح.
قبل نحو قرنٍ من الزمن كان تعداد المسيحيين في الشرق الأوسط يُقارب العشرين في المئة من إجمالي عدد المواطنين، أما الآن فإن ذاكَ الرقم لم يعُد يتعدّى العشرة بالمئة فقط. إذن، مهما ضخّمنا الواقع أو سخّفناه، تبقى الحقيقة واحدة وحيدة، المسيحيّون المُترسّخون في الشرق الأوسط منذ ميلاد المسيح، أي منذ 2013 عاماً بالتمام والكمال، بات حُضورهم في الزمن الحاضر مُهدداً بكل ما في الكلمة من معنى. ولا يلومنَّ أحداً الوضع الإقتصادي أو الأمني أو حتى الوظائفي، حيث الجميع أكانوا من الأقليات أو من الأكثريات يُعانون من الإجحافِ والوساطةِ والمحسوبيّة. لكن ليس الجميع يُعاني من عمليات الإستهداف المتكررة التي يقوم بها بعض المتطرفين في كل الدول العربية من خلال أعمالٍ إرهابيةٍ داميةٍ، أعمال تُرهب الفكر وتُدمع العين لكنها لن تُفرغ الشرق من مسيحييه.
وأنا اللبنانية المشرقية العربية، أتساءَل وأسأل: هل هجرة المسيحيين الشرقيين أضحت بمثابة كابوسٍ للرجاء الفاتيكاني أم هي مجرّد حُلم للتطرّف الإسلامي؟ كابوسٍ أو حُلل؟ لا كابوس ولا حُلم، إنه واقع.
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,525,280

عدد الزوار: 6,994,357

المتواجدون الآن: 64