مصرف لبنان يشجع على التسليف للإنتاج والسكن وجمعية المصارف «تحذّر» من استثمار الودائع «غب الطلب»

تاريخ الإضافة السبت 30 كانون الثاني 2010 - 4:55 ص    عدد الزيارات 1285    التعليقات 0

        

  • مصرف لبنان يشجع على التسليف للإنتاج والسكن وجمعية المصارف «تحذّر» من استثمار الودائع «غب الطلب»
    السبت, 30 يناير 2010
     
    بيروت – دانيال الضاهر

    كَثُر الحديث عن تدفقات مالية استقطبها القطاع المصرفي اللبناني خلال العامين الماضيين - في عزّ أزمة المال العالمية وشحّ السيولة في أكبر المؤسسات المصرفية العالمية والإقليمية – إذ وجدت فيه ملاذاً آمناً لعدم تأثّره بالأزمة، ومجدياً لإنتاج عائدات انعدمت في أسواق المال والمؤسسات في العالم، فأضافت هذه الأموال إلى ما تختزنه المصارف من سيولة فائضة قبل هذه الفترة، مخزوناً بلغ حجماً قياسياً وتاريخياً.

    وتتمحور التصريحات والتحليلات التي يدلي بها أركان الطبقة السياسية والسلطات المالية، حول الفرص المتاحة أمام القطاعين العام والخاص للاستفادة من توظيف هذه السيولة العارمة في مشاريع عامة، وهي كثيرة وملحّة لتحديث البنية التحتية للخدمات، وفي مشاريع خاصة، وهي ضرورية لتطوير السوق اللبنانية في مجالات الإنتاج كافة. والهدف من كل ذلك إيجاد فرص عمل وتحقيق التنمية المستدامة في المجتمع اللبناني والحفاظ على وتيرة النمو الاقتصادي المسجل على مدى السنوات الأخيرة، وبلغ العام الماضي 8 في المئة، على رغم الأزمة العالمية.

    وللإضاءة على كيفية إدارة هذه السيولة، وتحديد مساراتها، استوضحت «الحياة» نائب حاكم مصـــرف لبنان محـــمد البـــعاصيري عن خطة مصرف لبنان في هذا المجال، فأشار إلى أن «السيولة المتوافرة للتسليف بلغت 13.5 بليون دولار حتى تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2009 ، منها 6.7 بليون بالعملات الأجنبية تشكل 10.90 في المئة من الودائع الإجمالية بالعملات»، مشــــدداً على ضرورة أن «توحّد مؤســـسات الدولة جهودها للعمل في ســـبيل الاســـتفادة من فائض هذه السيولة، والتشجيع على استثمارها سواء في القطاعين العام والخاص، وتفعيل الرقابة على حسن استخدامها للحؤول دون الوقوع في فخ الهدر، تحديداً في القطاع العام، وعدم إضاعة مزيد من الفرص المواتية».

    وسألت «الحياة» الأمين العام لجمعية مصارف لبنان مكرم صادر، عن مفهومه لإدارة هذه السيولة، ورأيه في التصريحات المتداولة حول الاستفادة من هذا الفائض، فتحفّظ عن «مفهوم الطبقة السياسية والسلطات النقدية في الترويج لفكرة فائض السيولة»، معتبراً أنه «كلام غير دقيق». وشدّد على ضرورة «فهم معناها»، لافتاً إلى وجود «نوعين منها». وأكد أن «لا حاجة إلى إيديولوجيا الفوائض والتفتيش عن سبل استعمالها»، مطالباً الدولة بالبدء في تنفيذ المشاريع تدريجاً، التي يتوافر لها المال من مؤتمر «باريس – 3». وستكون المصارف مواكبة للعملية».

    أعلن نائب حاكم مصرف لبنان محمد البعاصيري أن خطة المصرف المركزي لإدارة السيولة، «ترمي إلى استقرار سعر صرف الليرة في مقابل الدولار، لتعزيز الثقة والحدّ من التضخم، إضافة إلى إبقاء سيولة وافرة في القطاع المصرفي، وإلى الحد من التوظيفات في الأدوات المركّبة، بل منعها في القروض العقارية المرتفعة الأخطار. ووضع لهذه الغاية ضوابط تنظيمية شملت التسليف والاستثمار، من خلال منع المصارف من إقراض أكثر من 70 في المئة من ودائعها، علماً أن الحفاظ على 30 في المئة من السيولة، وتطبيق معايير اتفاق «بازل 2» في شكل صارم، ساهما في تمتين الثقة».

    ولفت إلى أن «المركزي اللبناني»، عالج مشكلة الديون الرديئة بـ «إصداره تعاميم هادفة إلى تسوية الديون المشكوك في تحصيلها، بإبرام اتفاقات بين المصرف والزبون المعني. وبموجب هذه الاتفاقات، يتمكّن الزبون من تسديد دينه كاملاً أو جزء منه عبر مساهمات على شكل عقارات أو أسهم، ومن ثم جدولة الجزء المتبقي من الدين، ما أدى إلى خفض الديون المشكوك في تحصيلها من 2.601 بليون ليرة نهاية تشرين الثاني عام 2008 إلى 2.431 بليون في تشرين الثاني عام 2009، أي 170 بليون ليرة نسبتها 6.54 في المئة من التسليفات الإجمالية للقطاع الخاص، في مقابل 6.99 في المئة في الشهر ذاته من 2008، فيما ارتفعت المؤونات لتغطيتها من 72.97 في المئة إلى 75.87 في المئة».

    ولإدارة السيولة، أوضح نائب الحاكم أن المصرف المركزي «أصدر تعاميم تشجّع على تسليف القطاعات الإنتاجية والسكن والتعليم، من خلال خفض الاحتياط الإلزامي المفروض على المصارف، في مقابل القروض الممنوحة، لا سيما المخصصة للمشاريع الجديدة العائدة إلى عام 2009 وإلى جزء من هذه السنة، باستثناء قطاعي الاستهلاك والعقارات». ورأى أن الهدف من التعاميم «حفز التسليفات الجديدة والإبقاء على سعر مقبول للتسليف، أي خفض فوائده والابتعاد قدر الإمكان من المضاربة بهدف التأسيس لمشاريع جديدة، وإيجاد فرص عمل، وتالياً تحريك عجلة الاقتصاد في لبنان». وأشار إلى أن هذه الجهود «رفعت معدل النمو إلى حدود 8 في المئة العام الماضي».

    وعلى رغم العجز الذي سجله الميزان التجاري والبالغ 12.5 بليون دولار، حقق ميزان المدفوعات فائضاً بلغ 8 بلايين دولار، اعتبره البعاصيري «رقماً لم يشهده لبنان سابقاً»، مؤكداً أن ذلك «أظهر صحة السياسة التي اتبعها مصرف لبنان وسلامتها، وأدت إلى دخول رؤوس أموال ضخمة بالعملات الصعبة إلى لبنان، ما ساهم في نمو اقتصاده وازدهاره». وشدد على أن «المركزي اللبناني» يبقى «فاعلاً في السوق لمساعدة القطاع المصرفي بهدف استيعاب السيولة الإضافية، كما يمكن تحريك برنامج إصدار شهادات إيداع طويلة الأجل عند الحاجة». ولفت إلى أن المركزي «استبدل أخيراً شهادات بلغت قيمتها 2500 بليون ليرة، استهدفت شهادات تستحق في آذار (مارس) المقبل، واستُبدلت بشهادات إيداع تمتد إلى خمس وسبع سنوات». وأشار إلى وجود «مصلحة كبيرة لاستعمال أدوات المال التي تؤمّن الاستقرار في عمليات التسليف».

    زيادة 19 بليون دولار

    وعن حجم السيولة لتوظيفها على المديين المتوسط والطويل، وكيف تتوزع التسليفات بين القطاعين العام والخاص، استخلص البعاصيري أن «زيادة التسليفات إلى القطاع الخاص بلغت 4.23 بليون دولار والقطاع العام 3.53 بليون، فيما حققت الودائع زيادة 19.76 بليون دولار»، ملاحظاً أن «الزيادة في التسليفات لم تواكب ارتفاع حجم الودائع، إذ إن الفائض المتوافر والمتبقي بعد حسم الاحتياط المفروض على الودائع يقدّر بـ 6 بلايين دولار». ورأى أن ذلك «يدفع إلى تشجيع التسليفات تحديداً إلى القطاع الخاص، لأنه المحرّك الأول لعجلة الاقتصاد، وكذلك القطاع العام لتنفيذ مشاريع عامة». واعتبر أن ذلك «يثبت مرة أخرى صوابية السياسة المالية المتبعة من المصرف المركزي».

    وأشار البعاصيري إلى أن «القطاع المصرفي أثبت أنه أهل لثقة المستثمرين، في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، ما ساهم في زيادة تدفق الودائع إلى القطاع، لتبلغ السيولة المتوافرة للتسليف 13.5 بليون دولار حتى تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، منها 6.7 بليون بعملات أجنبية تشكل 10.90 في المئة من الودائع الإجمالية بالعملات». وشدّد على ضرورة أن «توحّد مؤسسات الدولة المعنية جهودها للعمل في سبيل الاستفادة من فائض السيولة، والتشجيع على استثمارها سواء في القطاعين العام والخاص، وتفعيل الرقابة على حسن استخدامها للحؤول دون الوقوع في فخ الاهدار، تحديداً في القطاع العام، وعدم إضاعة مزيد من الفرص المواتية»، لافتاً إلى «دور حاكمية مصرف لبنان وعلى رأسها الحاكم رياض سلامة، في الرقابة».

    وأكد أن ارتفاع حجم الموجودات لدى المصارف (113.53 بليون دولار حتى تشرين الثاني 2009، بزيادة 21.81 بليون عنها في الفترة ذاتها من عام 2008) وكذلك الودائع (بلغت 99.91 بليون دولار) والأموال الخاصة (7.83 بليون دولار)، «يظهر قوة الوضع المصرفي وصلابته وقدرته على التدخل في أي وقت لتمويل المشاريع الخاصة والعامة، في ضوء توافر السيولة». واعتبر أن كل ذلك «يساهم في زيادة الناتج المحلي وبالتالي يؤدي إلى تراجع نسبة الدين العام إلى الناتج، وإلى انخفاض كلفة هذا الدين، وازدياد معدلات النمو الاقتصادي، ويمكن أن تصبح الدولة بعد ذلك قادرة على الخروج من أزمة خدمة الدين وتسديد ديونها».

    صادر:نوعان من السيولة الفائضة

    الأمين العام لجمعية المصارف مكرم صادر، تحفّظ عن «مفهوم الطبقة السياسية والسلطات النقدية في الترويج لفكرة فائض السيولة»، معتبراً أنه «كلام غير دقيق»، ومشدداً على ضرورة «فهم معنى هذه السيولة». إذ لفت إلى وجود «نوعين من السيولة الفائضة في القطاع المصرفي الأول عضوي أو طبيعي ناتج من الارتباط بالاقتصاد والتحويلات المالية للبنانيين في الخارج إلى أسرهم أو تلك المودعة لدى المصارف، وهذا النوع متوافر أصلاً في القطاع». أما النوع الثاني، فيتمثل في «التدفقات التي استقطبها القطاع في العامين الماضيين بفعل تداعيات أزمة المال العالمية، ولبنان لا يحتاج أكثر مما كان موجوداً لدى القطاع لتلبية حاجات الدولة ومتطلبات الاقتصاد الوطني من توظيفات».

    الاستفادة من الفائدة

    وأوضح صادر أن «جزءاً كبيراً من هذه الأموال، دخلت إلى القطاع بهدف الاستفادة من فارق معدلات الفوائد بين السوق المحلية والأسواق الخارجية بعد الأزمة العالمية، ويمكن أن تخرج بالسهولة التي دخلت فيها، لذا تقتضي الإدارة السليمة لهذا الجزء المهم من السيولة بإبقائها سائلة في القطاع وبعدم توظيفها لآجال متوسطة أو طويلة، لتكون المصارف جاهزة لتلبية أصحابها لدى اتخاذ قرار بالخروج من السوق، ولضمان الاستقرار المالي والنقدي».

    وأشار إلى أن العالم «يتجه حالياً إلى اعتماد هذا النوع من إدارة السيولة، إذ لا يجوز استدانة سيولة على المدى القصير وتوظيفها على المدَيَين المتوسط والطويل، ففي حال حصول أي أزمة في السوق يستحيل تجديدها، ما يعّرض المصارف للانهيار».

    ورأى صادر أن فائض السيولة المرتبط عضوياً بالاقتصاد اللبناني والمكوّن من الإنتاج في البلد أو مداخيل اللبنانيين في الخارج، «جيد ويمكن توظيفه في قروض متوسطة وطويلة الأجل، ولو أن فترة الإيداع تتراوح بين ثلاثة أو ستة أشهر، إذ لن يخرج أصحاب هذه الودائع من القطاع في حال حصول أي مشكلة، لأنهم مقيمون».

    وأكد أهمية «عدم إدراج السيولة الداخلة للاستفادة من فارق معدلات الفوائد في الاقتصاد. ففي سويسرا توضع خارج موازنات المصارف».

    لذا، اعتبر أن «لا حاجة في السوق المحلية إلى استعمال هذا النوع من الفائض، لأن لا مشكلة تسليف أساساً في البلاد، والسيولة كانت متوافرة أصلاً». وأشار إلى أن «حجم التسليف ارتفع بما يكفي لتحقيق النمو الاقتصادي»، نافياً أن «يكون معظم التسليفات متجهاً إلى قطاع التجزئة والاستهلاك، لأن المؤشرات تدلّ على زيادة لافتة في الإقراض للقطاعات المنتجة العام الماضي وكانت متوازية، وبلغ معدلها 10 في المئة».

    وأكد الأمين العام لجمعية المصارف، «قدرة المصارف على تلبية السوق، في حال كان الطلب على التسليف مجدياً». ولاحظ أن «كلفته في لبنان معقولة قياساً إلى الكلفة في دول أخرى لديها درجة التصنيف ذاتها أي «ب سلبي»، حتى أنها مرتفعة في الدول التي يزيد تصنيفها عن لبنان «ب ب سلبي» مثل مصر وتركيا».

    ووضع شرطاً أساسياً لتلبية الطلب على التسليف، بأن «تكون مشاريع مجدية، تفضي إلى توسيع الإنتاج وزيادة الإنتاجية والتصدير، وفي حال عدم تحقيق هذه الأهداف فستكون النتائج سلبية وديوناً مشكوكاً في تحصيلها».

    وفي تمويل القطاع العام، شدد صادر على ضرورة «ألا يزيد القطاع المصرفي من تسليفاته إلى القطاع العام، إلا في حال أرادت الدولة تطوير البنية التحتية التي تحتاج إلى استثمارات ضخمة». وهنا، أعلن استعداد القطاع المصرفي لـ«المساهمة في هذه المشاريع فضلاً عن تمويل الخصخصة، إلى جانب الأموال المرصودة من مؤتمر «باريس – 3» المخصصة لهذا النوع من المشاريع والبالغة 3.3 بليون دولار».

    وعن نسب توزع الفائض بين ودائع مستقرة وتلك المستفيدة من الفوائد، أوضح صـــادر أن في «قراءة لميزان المدفوعات على مدى السنوات الخمس الماضية، تبيّن أن متوسط الفائض كان في حدود بـــليون ونصف بليون دولار. أما في العامين الماضيين فارتفع إلى 3.5 بليون تقريباً لعام 2008، وفاق 6 بلايين لعام 2009. ولا يســتطيع الاقتصاد اللبناني استيعاب كل هذه التدفقات في شكل مجدٍ». إذ اعـــتبر أن «قدرة لبنان مثلاً على تنـــفيذ مشاريع البنية التحتية لا تتعدى 600 مليون دولار سنوياً، كما لن تتجاوز الحاجة التمويلية من المصارف إلى المتعهدين مبلغ 120 مليون دولار».

    وخَلُص صادر إلى أن «لا حاجة إلى إيديولوجيا الفوائض والتفتيش عن سبل استعمالها»، مطالباً الدولة بالبدء في تنفيذ المشاريع تدريجاً، التي يتوافر لها المال من مؤتمر «باريس – 3». وستكون المصارف مواكبة للعملية»، ورأى أن «المسألة ليست في الأموال بل في الاستثمارات المجدية اقتصادياً والمفيدة اجتماعياً!».

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,320,146

عدد الزوار: 6,945,397

المتواجدون الآن: 77