موقع لبنان في أزمة التخبط العالمي

تاريخ الإضافة السبت 1 تشرين الأول 2011 - 7:37 ص    عدد الزيارات 1276    التعليقات 0

        

موقع لبنان في أزمة التخبط العالمي

- بقلم مروان اسكندر

اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي يفترض ان تحلل الاوضاع النقدية والانمائية على نطاق عالمي كانت متجهمة هذه السنة.
فرئيس البنك الدولي روبرت زوليك رأى أن المؤشرات على صعيد معدلات النمو والتبادل التجاري تنذر بانكماش عالمي قد يستمر ثلاث سنوات. وفي المقابل عبرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، وان هي خففت حدة المخاوف في كلامها الرسمي، عن اقتناعها بأن المؤسسات الدولية (البنك المركزي الاوروبي والاتحاد الاوروبي) والاقليمية والمحلية في البلدان الصناعية الكبرى ستوفر التسهيلات والسيولة الضرورية لتجاوز الازمة. لكنها اكدت ان الكثير من المصارف في اوروبا تحتاج الى زيادة ترسملها خاصة في ظل توقع فترة انكماش تساهم ولا شك في تأخير ايفاء ديون الزبائن الذين تتعرض مكتسباتهم المهنية والتجارية والصناعية للانخفاض مع انحسار حجم الاعمال والخدمات.
ويزيد تعكّر المناخ الاقتصادي الدولي ومؤشراته السلبية تباطؤ معدلات النمو في البلدان الاسرع نمواً خلال السنين العشر المنصرمة، أي الصين والهند وكوريا الجنوبية والبرازيل وجنوب افريقيا وروسيا. فهذه البلدان تشكل في انتاجها السنوي ما يوازي 20 في المئة من حجم الانتاج العالمي، وكانت مرشحة خلال خمس سنوات في حال متابعة نموها بمعدل 7 - 9 في المئة ان تشكل 26 - 28 في المئة من الاقتصاد العالمي سنة 2016.
في هذا الوقت بالذات طمأن وزير المال محمد الصفدي اللبنانيين الى تقويم السلطات الاميركية للسياسات النقدية والمالية المتبعة في لبنان، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة صرح بان ليست لدى السلطات النقدية الاميركية توجهات سلبية حيال المصارف اللبنانية.
لا شك في ان تصريحات المسؤولين اللبنانيين لها وقعها لما يتمتعان به من خبرة وتاريخ واعد، لكن السؤال الذي يبدو ربما فيه الكثير من الادعاء هو، هل ان السلطات الاميركية بالذات تساهم في حل الازمة المالية العالمية، ام أنها يا ترى تعمق الازمة، وهل يمكن أي دولة، او أي مؤسسة، محاسبة السلطات الاميركية على سياساتها التي ساهمت في تباطؤ النمو في اوروبا الغربية، وانخفاض سعر صرف الدولار على نحو دراماتيكي، وارتفاع مذهل لاسعار الذهب؟
لعل الذكرى تفيد. تفجرت الازمة المالية العالمية مع افلاس خامس اكبر مصرف في بريطانيا صيف 2007 بسبب قروضه العقارية واستثماراته في قروض عقارية وسندات في الولايات المتحدة وتجاوزت خسارته مئة مليار دولار وتبعه مصرف آخر بلغت خسارته 50 مليار دولار. وقد عالجت الحكومة البريطانية الأزمة بتأميم المصرفين واستمر الوضع المالي العالمي متأرجحاً الى حين افلاس مصرف "ليمان براذرز" الاميركي في تشرين الاول وكانت ميزانيته توازي 1200 مليار دولار، اضيف اليها تعثر المجموعة الاميركية للتأمين وبلغت تكاليف انقاذها 170 مليار دولار. كما ظهرت عملية الاحتيال لبرنارد مادوف التي بلغت ارقامها 62 مليار دولار منها 1,1 مليار خسرها مصرف استثماري يملك غالبية اسهمه في سويسرا مستثمر ومدير لبناني.
كيف عالجت السلطات الاميركية الازمات الثلاث؟ بالنسبة الى شركة التأمين وفرت مبلغ الـ170 ملياراً للشركة ومنعت افلاسها الامر الذي حفظ حقوق المؤمنين لديها. اما موضوع ليمان براذرز ومادوف فترك للملاحقات القانونية ومعاملات التصفية.
1260 مليار دولار، أي ما يوازي الدخل القومي السنوي للسعودية والبرتغال ورومانيا، صارت في ايدي المحامين، أما اصحاب الحقوق فيرجح ألا يحصلوا على اكثر من 20 في المئة من المبالغ المهدورة في المضاربات - بالنسبة الى "ليمان براذرز” - والاحتيال بالنسبة الى مادوف. هذا هو النظام الاميركي الذي يفترض ان يحاسب العالم على الانتظام المصرفي والمالي.
هنالك بالتأكيد خلل ما بين المسؤولية المعنوية والعملية التي يمارسها الاميركيون حيال الدول والمؤسسات المالية خارج الولايات المتحدة، وما يعتمدونه بالنسبة الى مؤسساتهم، واصلاح نظام النقد الدولي لن يتحقق ما لم تعدل السياسات الاميركية بحيث تصير حقوق الغير على المؤسسات الاميركية مضمونة بقدر ما يطالب الاميركيون المؤسسات المالية في مختلف بقاع الأرض بضمان الحقوق والتزام المعايير، ومن هذه ما يسمى توصيات بازل التي لم يعتمدها الاميركيون في أي وقت من الاوقات.
نعود الى لبنان، البلد الذي حافظ على استقرار نقدي ومصرفي لافت في احلك سني الازمة العالمية، والذي تعرض لانخفاض في معدلات نموه سنة 2011 نتيجة الظروف الاقليمية وما سمي "الربيع العربي" وتموجاته، وخصوصاً تعرض الاقتصاد اللبناني لخسائر ملحوظة بسبب الاحداث في سوريا الامر الذي ساهم في خفض وتيرة السياحة، وفي تأخير الصادرات اللبنانية الى منطقة الخليج، كما احداث مصر وتعاقب اعمال تفجير خط الغاز الذي يوفر الأنابيب للاردن وسوريا وحتى لبنان، الامر الذي حال دون تسلم كميات من الغاز المصري تساهم في حلحلة ازمة الكهرباء خاصة اكلاف انتاج ما يعادل 450 ميغاوات في معمل البارد.
لقد عانى لبنان ولا يزال تموجات المنطقة العربية والعقوبات التي فرضت على سوريا من حيث التعامل بالدولار، كما أن العقوبات التي فرضت على بعض الشركات السورية الكبرى تؤثر على مصالح اللبنانيين وعلى حجم تعاملهم مع زملائهم في مختلف الاعمال والنشاطات في سوريا. فاللبنانيون ناشطون في سوريا في قطاع المصارف، وفي مجالات الزراعة والتصنيع الزراعي، وفي مجال الاتصالات، ولا بد ان تؤثر العقوبات المفروضة على هذه المصالح بدرجات مختلفة.
والسؤال هو هل يستطيع لبنان استرداد زخم النمو الذي هو المعيار الاساسي لتوافر فرص العمل والقدرة على الوفاء بالالتزامات المقبلة، وهي ملحوظة.
الجواب الواقعي ان لبنان يستطيع تحقيق معدل نمو يتجاوز 4 او 5 في المئة سنة 2012، الامر الذي ينبئ باسترداد العافية. لكن هذه النتيجة لن تتحقق ما لم يتوصل اللبنانيون الى توافق على إبعاد الخلافات السياسية عن المشاريع التجهيزية والاقبال على تنفيذ المشاريع المفيدة في مجالات الكهرباء والمياه والاتصالات والحفاظ على البيئة.
المستوجبات الضرورية للنجاح كثيرة، انما غير مستحيلة. فللبنان ذخر كبير في نشاط ابنائه المنتشرين في الخليج وافريقيا، وستكون 2012 سنة اعادة بناء العراق وليبيا ولا شك في ان للبنانيين دوراً منتظراً وكبيراً في كلا البلدين.

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,010,357

عدد الزوار: 6,974,972

المتواجدون الآن: 94