التحويلات المالية الأجنبية في السعودية.. هجرة أموال أم هدر فرص؟، تجاوزت 27 مليار دولار حتى أكتوبر الماضي بزيادة سنوية 13.2%

تاريخ الإضافة الأحد 16 كانون الأول 2012 - 5:46 ص    عدد الزيارات 780    التعليقات 0

        

 

التحويلات المالية الأجنبية في السعودية.. هجرة أموال أم هدر فرص؟، تجاوزت 27 مليار دولار حتى أكتوبر الماضي بزيادة سنوية 13.2%

الدمام: عبيد السهيمي .... مع اقتراب موعد إعلان السعودية ميزانيتها العامة التي تعلن عادة نهاية ديسمبر (كانون الأول)، والتي ستستعرض نتائج عام اقتصادي ومالي يتوقعه الاقتصاديون الأضخم خلال السنوات العشر الماضية، ستبرز كفاءة الاقتصاد السعودي ومدى قدرته على جذب الاستثمارات التي تهاجر خارج البلاد وستحظى بمزيد من النقاش.
التحويلات الأجنبية في السعودية ينظر لها على أنها عامل هدر يقلل من عائدات الإنفاق الحكومي؛ حيث تقدرها الأرقام الاقتصادية بـ13 هللة لكل ريال تصرفه الحكومة، في حين يسميها بعض الاقتصاديين «هدرا للفرص» والمقصود هنا فرص بناء اقتصاد يقوم في معظمه على الشركات المتوسطة والصغيرة كما يقول الدكتور عبد الوهاب أبو داهش الخبير الاقتصادي السعودي.
ويشدد أبو داهش على أن وصف هذه الحوالات بأنها هدر لن يتم إلا بعد قياس إنتاجية العمالة الأجنبية في الاقتصاد المحلي، ويضيف أن هذه المعلومة غائبة حتى الآن، لذلك لا يمكن اعتبار هذه الحوالات الضخمة هدرا اقتصاديا.
بلغت الحوالات المالية للعمالة الوافدة في عام 2011 نحو 110.4 مليار ريال (29.44 مليار دولار)، بنسبة نمو تصل إلى 22 في المائة عن عام 2010، وهو ما يوازي 13 في المائة من إجمالي المصروفات الحكومية.
وبحسب بيانات «ساما»، فقد بلغت التحويلات الشخصية لغير السعوديين حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي 104.2 مليار ريال (27.78 مليار دولار)، أي بزيادة سنوية بلغت نسبتها 13.2 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي.
وقال تركي الحقيل، وهو محلل اقتصادي سعودي مقيم في واشنطن، إن هذه الأرقام تعني أن 13 هللة ذهبت للعمالة الوافدة بطريقة غير مباشرة من كل ريال صرفته الحكومة، كما توقع نمو التحويلات المالية الخارجية للعمالة الوافدة هذا العام بنحو 15 في المائة عن مستوياتها في العام الماضي لتصل إلى نحو 124 مليار ريال (33 مليار دولار).
وبشكل عام، تمثل حوالات العمالة الأجنبية في السعودية نحو 58 في المائة من إجمالي التحويلات المالية الصادرة من منطقة الخليج، فبحسب البنك الدولي، فإن حجم التحويلات الخارجية في السعودية وحدها بلغ نحو 761.25 مليار ريال (203 مليارات دولار) خلال الفترة بين عامي 2001 و2011.
هنا يقول الدكتور عبد الوهاب أبو داهش: «قطعا ليست كل هذه التحويلات هي عبارة عن مرتبات وأجور فقط للعمالة في السعودية، ولكنها تشمل أيضا التحويلات المالية للشركات»، ويضيف: «هذه الأرقام ضخمة جدا، وجزء كبير منها يمثل أرباحا لاستثمارات في شركات ومؤسسات صغيرة وبعضها متوسطة يديرها العمال الأجانب لحساباتهم الخاصة إما بشكل نظامي، أو بطريقة غير نظامية عبر التستر»، وأضاف: «هذه الأرقام ليست أجورا لعمالة مرتباتها متدنية، وقد تكون في الغالب أرباحا لشركات يملكها مستثمرون أجانب مصرح لها بالاستثمار في السوق السعودية أو شركات ومؤسسات صغيرة متوسطة متستر عليها تحت أسماء مواطنين سعوديين».
ويضيف أبو داهش: «هذا يؤكد نجاعة تنشيط المشاريع المتوسطة والصغيرة ودعمها لتستوعب أكبر عدد من السعوديين العاطلين عن العمل وحتى تدر أرباحا اقتصادية ضخمة وتنتج أكبر عدد من الوظائف».
ووصف هذا القطاع بأنه المنجم الحقيقي للاقتصاد السعودي، وقال إنه لا بد من دعم السعوديين فيه بشكل أكبر حتى يأخذ مكانته الاقتصادية، ويتجاوز المستثمر السعودي مرحلة المنافسة مع المستثمر الأجنبي.
وربط أبو داهش نجاح اعتماد الاقتصاد السعودي على الشركات المتوسطة والصغيرة وتنشيطه ليأخذ دوره ومكانته، بالقضاء على ظاهرة التستر التي ترهقه.
وفي تقديراته لحجم النفقات بنهاية العام، يضع تركي الحقيل المصروفات الحكومية للعام الحالي عند 894 مليار ريال (238.4 مليار دولار)، في حين قدر الفائض في حساب العام الحالي وتوقعات للناتج المحلي بـ2.43 تريليون ريال (648 مليار دولار).
يقول تركي الحقيل إن هذه التحويلات لها أثر اقتصادي واجتماعي في آن على الدول التي تتلقاها، لا سيما تلك التي تعتمد على تدفق رؤوس الأموال من الخارج. ويضيف الحقيل: «لم تشهد السعودية تدنيا في عدد الأجانب العاملين فيها الذين يشكلون 31.6 في المائة من إجمالي سكانها الذين يقدرون بـ28.4 مليون نسمة السنة الماضية، وذلك على خلاف الدول المجاورة لها».
وبحسب الحقيل، فإن السعودية تأتي في المرتبة الثانية على القائمة العالمية لأكبر مصادر الحوالات المالية للعمالة المغتربة وفق تصنيف البنك الدولي، ولم يتقدم عليها في هذا المجال إلا الولايات المتحدة التي يناهز عدد سكانها إحدى عشرة مرة ضعف عدد سكان السعودية.
وبالعودة إلى الدكتور عبد الوهاب أبو داهش، فقد قال إن نظام الاستثمار الأجنبي في السعودية خاصة صغار المستثمرين، بحاجة إلى مراجعة، حيث يضع الحد الأدنى عند سقف 500 ألف ريال، ويزيد أبو داهش: «هذا الرقم بحاجة إلى مراجعة وزيادة إلى أكثر من ذلك حتى يكون مفيدا للاقتصاد السعودي»، ويرى أبو داهش أن الحد الأدنى للمستثمر الأجنبي في ظل الفرص الذي تمنحها السوق السعودية للمستثمرين يتحول إلى جمع أرباح ونقلها إلى خارج البلاد دون أن يساهم في الاقتصاد المحلي.
وقال أبو داهش: «لا بد من فرض شرط فتح حساب بنكي لكل عامل يدخل السعودية»، وأشار إلى أن بعض الشركات لا تهتم بهذا الأمر، خصوصا للعمال ذوي المرتبات والأجور المتدنية، ويشدد على أنه عبر هذا الإجراء سيتم مراقبة الحسابات وحركة الأموال فيها لمعرفة ما إذا كانت هناك تحويلات مشبوهة (غسل أموال)، أو تحويلات مالية فوق المعتاد.
وحول تهمة افتقار الأوعية الاستثمارية في السوق السعودية لجذب هذه الأموال، يقول أبو داهش: «على العكس من ذلك، هناك أوعية استثمارية ضخمة خصوصا في قطاع الشركات المتوسطة والصغيرة، وما يتم تحويله إلى خارج البلاد عبارة عن أرباح هذه الشركات حتى وإن كان معظمها من حسابات شخصية»، ورجح أن معظم الأموال المحولة تأتي من شركات متستر عليها.
وأضاف أبو داهش أن السعودية تعلب دورا اقتصاديا ضخما لناحية الحصول على العملة الصعبة والمساهمة في الموارد المالية لكثير من البلدان في منطقتي الشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا، وبين أن السعودية في عام واحد فتحت باب التوظيف في القطاع الخاص لمليون عامل أجنبي.
وتعد الحوالات المالية للعمالة المغتربة مصدرا مهما للعملة الصعبة بالنسبة للدول المستوردة للنفط في منطقتي الشرق الأوسط وقارة آسيا، مثل باكستان والهند ومصر.
يقول تركي الحقيل إن دولة مثل باكستان تعتمد بشكل كبير على هذه الحوالات، ويضيف: «وفي عام 2011 ساهم العمال الباكستانيون في السعودية بـ26.2 في المائة من إجمالي الحوالات المالية التي أرسلتها العمالة الباكستانية المغتربة إلى وطنهم»، ويتابع: «في العام الماضي أيضا أرسل الباكستانيون العاملون في السعودية إلى الوطن 7.46 مليار ريال (1.99 مليار دولار)، وهو ما يعني أن قيمة الحوالات من السعودية إلى باكستان تضاعفت في أقل من أربع سنوات».
يشار إلى أن السعودية تعد ثاني أكبر مصادر الحوالات المالية بالنسبة لباكستان بعد الإمارات العربية المتحدة، وبالتالي تأتي الحوالات المالية من السعودية لبلد مثل باكستان في مرتبة متقدمة حتى على الحوالات من الولايات المتحدة.
وفي السياق ذاته، يقول الحقيل إن قيمة الحوالات المالية في العام الماضي التي أرسلها العمال الفلبينيون في السعودية إلى الوطن بلغت نحو 6.375 مليار ريال (1.7 مليار دولار) وهي، بحسب الحقيل، تعادل أكثر من نصف مجموع حوالات العمال الفلبينيين في منطقة الشرق الأوسط، ويضيف: «تعد السعودية حاليا مصدرا لقرابة ثلث مجموع الحوالات المالية التي تتلقاها بنغلاديش من عمالها المغتربين».
ويتابع الحقيل سرد حجم الحوالات المالية للعمالة الأجنبية في السوق السعودية؛ حيث يشير إلى أن دولة مثل مصر تعتبر الحوالات المالية من أهم مصادر دخلها من العملات الصعبة إلى جانب السياحة وعائدات قناة السويس، مضيفا أن قيمة الحوالات المالية التي أرسلتها العمالة المصرية في السعودية خلال السنة المالية الماضية بلغت 4.125 مليار ريال (1.1 مليار دولار)، ويشير إلى أن مصر باتت أقل اعتمادا على السعودية بوصفها مصدرا لحوالات عمالها المغتربين، وقال إن السنة المالية 2011، مثلت السعودية مصدر 10.6 في المائة من إجمالي هذه الحوالات، مما يعني أن مساهمتها في هذه الحوالات انخفضت بنحو 17 في المائة عن مستويات قبل خمس سنوات.
وكان وزير المالية السعودي الدكتور إبراهيم العساف أشار في وقت سابق إلى أن نموذج المملكة في مواصلة تحفيز النمو الاقتصادي من خلال الإنفاق على المشاريع، ساهم في تنمية اقتصادات دول، وذلك عبر تحويلات العمالة إلى دولهم، التي ساهمت في تنمية تلك الاقتصادات، بحسب ما ذكره له مسؤولو تلك الدول من أن تلك التحويلات ساهمت في تنمية اقتصاداتهم.
ويبين الحقيل أن الأرقام الاقتصادية تشير إلى أن السعودية وحدها ساهمت بنحو 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للأردن، و7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لليمن.
ويؤكد تركي الحقيل أن السعودية ستستمر في مساهمتها على المدى القريب والمتوسط في ميزانيات مدفوعات الدول المتلقية لا سيما أن الاقتصاد السعودي يعتمد كليا على القوة العاملة الأجنبية التي تشكل نحو 88.5 في المائة من إجمالي العاملين في القطاع الخاص.
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,897,263

عدد الزوار: 6,970,974

المتواجدون الآن: 89