الإقتصاد الهش يسقط الدولة

تاريخ الإضافة الإثنين 1 تموز 2013 - 8:18 ص    عدد الزيارات 680    التعليقات 0

        

 

الإقتصاد الهش يسقط الدولة
بقلم د. ماجد منيمنة
ان صنع القرار السياسي ليس امرا سهلا فليس قرارا فرديا يصنعه شخص ديكتاتوري يظن في نفسه الالهام، فالدولة القوية قرارها لا يأخذه شخص انما يتمثل في نظام سياسي قوي يحتوي على مؤسسات حكم وتوازن في السلطة واقتصاد واعد قادر على تلبية الحاجات الاساسية للشعب. واذا كان هذا الاقتصاد هشا فسوف يسقط معه القرار السياسي حتما في التبعية لمن يملك القرار العسكري الذي يفرض هيبته بقوة السلاح على المؤسسات الرسمية ويهيمن عليها.
هناك علاقة قوية بين اقتصاد الدولة القوية وبين قدرتها على اتخاذ القرار السياسي المستقل في مجال التعامل مع المؤسسات والمنظمات الدولية, واذا كانت هناك تنمية اقتصادية حقيقية تؤدي الى تطوير البناء الاقتصادي وتلبية الاحتياجات الاساسية للشعب, فحينها لن تكون الدولة معرضة لأية ضغوط سواء كانت سياسية اومالية.
ان الاقتصاد يحكم الى حد كبير القرار السياسي سواء تعلق الامر بالداخل او بعلاقة الدولة بالخارج, وهذا مؤكد منذ نشأة الدولة القومية الى اليوم. وان ما نراه من تحالفات دولية واقليمية, وما حدث لدول شرق اوروبا بعد تفكك الاتحاد السوفياتي حيث بنت تلك الدول علاقتها على ما سوف تحققه من نمو اقتصادي ومساعدات تقدم وتدعم هذا النمو. كما اننا رأينا ذلك بعد أحداث نيويورك في 2001 حيث كانت دعوة الولايات المتحدة لرد اعتبارها هو قرار موحد لتأكيد التحالف مع الدول التي تتزعمها للوقوف معها سواء عسكريا او سياسيا وتقديم التسهيلات العسكرية. وقد بنت جميع الدول علاقتها بأميركا بشكل او بآخر على ما سوف تجنيه من معونة اقتصادية مباشرة او غير مباشرة مثل التنازل عن الديون او جدولتها, وهذا هو الواقع في النظام السياسي الدولي حيث يكون للمعيار الاقتصادي اثرا كبيرا على القيادات السياسية. ان القروض الميسرة ليست اموالا خيرية تقدم لوجه الله وانما لها مردودها السياسي فى التأثير على صناعة القرار فى الدول المتلقية لهذا الدعم.
لم يعد هناك من فصل بين اولئك الذين يسيطرون على مفاتيح الاقتصاد العام واولئك الذين يتقلدون السلطة داخل جهاز الدولة أو كما الذين يصلون الى سدة الحكم من خلال مجلس النواب. ان النظام الاقتصادي لا يقف في فراغ انما يؤثر ويتأثر في جميع المجالات الاخرى فطالما أن الدولة لديها اقتصاد قوي مبني على اسس ومعايير واضحة تحقق الاكتفاء الذاتي فأنها بذلك تملك حرية صنع قرارها دون تدخلات واملاءات الغير. ان اكثر فترات التبعية للخارج تأتي لان معظم رجال السياسة لهم مصالح في الخضوع والتبعية والارتباط وعدم مقاومتهم لهذا الوجود لأن المصالح الاستثمارية لدى كثير من المسؤولين في الاجهزة الحكومية والقطاع العام موجودة مع رجال الاعمال والرأس المال الاجنبي. ان الميزان التجاري للاقتصاد الوطني واقع به خلل كبير لصالح الخارج وما لم يتم القضاء على هذا الخلل فلن يكون لنا اي تأثير على الغير. وعندما نصبح قادرين ونتوقف عن تلقي القروض الميسرة ونقوم باستثمارات حكومية عندئذ نصبح قادرين على المساهمة في تشكيل السياسة الأقليمية والى ان يتم هذا ستظل الدولة عديمة التأثير الخارجي بجميع مستوياته.
ان القوى السياسية التي تآمرت وما زالت تتآمر على هذا الشعب, نجحت في تقليم أظافرنا وإدخالنا في طاحونة الديموقراطية الزائفة معصوبي الأعين مكممي الأفواه، وبات وجود مجلس نواب غطاء دستوري لاستمرار النهج القديم الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه من فقر وبطالة وعجز ودين واحتقان وتمرد على القوانين، لأن القوانين في بلدنا لطالما فصّلت لصالح المتنفذين، وعلى حساب الغالبية العظمى ممن لا صوت لهم إلا صوت الظلم الذي لا يسمح له بأن يسمع، حتى داخل المجلس الذي انتخبنا اعضاءه ليمثلنا خير تمثيل. فالحكومة ما زالت تتبنى فلسفة مفادها أن دورها خدمي، ومهمتها جباية الضرائب والرسوم وتوفير البنى التحتية المحفزة للمشاريع التنموية، دون مشاركة في عملية الإنتاج، وهو ما يظهره بند النفقات الرأسمالية الذي يخلو من أي مشاريع استثمارية يمكن أن تشكل إيرادا إضافيا للخزينة، وهو ما يعني أننا ماضون في سياسة إنفاق استهلاكي، وصولا إلى النقطة الحرجة التي قد نجد أنفسنا فيها مهددين بإعلان الإفلاس اذا ما استمرينا على هذا النهج المتعرج.
وأخيرا، فإن الوظيفة الأساس لأي حكومة خدمة الناس وتحقيق العدالة، ووظيفة الموازنة تلبية حاجات المواطنين وفق أولويات تلبي طموحاتهم وتتلاءم مع الإمكانات والمصادر، وتحفظ سيادة الدولة وأمنها ورخاءها وديمومتها، فإن أخفقت أي حكومة في ذلك، فإن عليها أن ترحل لتفسح المجال لغيرها للاجتهاد من أجل رخاء المواطن لا من أجل بقاء المستزلمين والسياسيين الذين يعيثون في ميزانية الدولة فسادا»!!.
* خبير مالي ومحلل اقتصادي.
* دكتوراه في المالية الدولية.

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,527,374

عدد الزوار: 6,953,774

المتواجدون الآن: 66