لبنان..12 عاماً على «حرب تموز»: تنافس بين الثنائي الشيعي في الجنوب اللبناني..تبادُل «خطوط حمر» بين الحريري ونصر الله «على ضفة» العناصر الخارجية للأزمة الحكومية وقرقاش ينتقد «لبنان الرسمي» لفشله في سياسة النأي بالنفس...نصر الله يكشف العراقيل السياسية أمام الحكومة بتلويحه بالضغط على الحريري حول العلاقة مع سورية..

تاريخ الإضافة الخميس 16 آب 2018 - 7:25 ص    عدد الزيارات 2502    القسم محلية

        


محافظ بعلبك - الهرمل عند «حزب الله»..

بيروت - «الحياة».. قابل محافظ بعلبك - الهرمل بشير خضر أمس، نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، على خلفية امتناعه عن مزاولة عمله في مكتب المحافظة في بعلبك بعد تلقيه تهديدات ومعـــلومات أمنية من مسؤولين، عقب المداهمة التي نفذها الجيش اللبناني نهاية الشهر الماضي في منطقة بريتال، ما أدى إلى مقتل مطلوب بمئات مذكرات التوقيف ووالدته وشقيقه وآخرين. وإذ يمتنع المحافظ خضر عن الإدلاء بأي تصريح في هذه المرحلة، ذكر إعلام «حزب الله» أن البحث بين الجانبين تركز على «الأوضاع العامة في المحافظة». إلى ذلك، ذكرت قيادة الجيش- مديرية التوجيه تفاصيل المداهمة التي نفذتها «دورية من المخابرات في بلدة بوداي (بعلبك- الهرمل) لمزارع ومنازل عائدة للمدعوين عباس علي سعدون زعيتر، غازي محمود شمص ومحمد محمود شمص، والمطلوب توقيفهم بالعديد من الوثائق بجرم الإتجار بالمخدرات وترويجها من دون العثور عليهم». وأعلنت مدرية التوجيه أن الدورية «ضبطت كميات كبيرة من مواد الكبتاغون المصنعة وحشيشة الكيف وعدداً كبيراً من المعدات المخصصة لتصنيع هذه المواد، إضافة إلى ضبط عدد من الأسلحة المتنوعة والذخائر العائدة لها، وشخصين من التابعية السورية من دون أوراق ثبوتية، وبوشر التحقيق مع الموقوفين، ويجري التقصي وملاحقة بقية المطلوبين لتوقيفهم».

نصر الله يكشف العراقيل السياسية أمام الحكومة بتلويحه بالضغط على الحريري حول العلاقة مع سورية

بيروت - «الحياة»... كشف الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله عن وجه آخر من وجوه العراقيل التي تقف في وجه تأليف الحكومة اللبنانية في خطابه أول من أمس، لمناسبة الذكرى الثانية عشرة للانتصار في حرب تموز (يوليو) 2006، حين تطرق إلى مسألة العلاقة مع سورية والخلاف مع الرئيس المكلف تأليفها سعد الحريري، وإلى ما سماه «رهان فرقاء على تطورات إقليمية». وإذ انتقد نصرالله الحريري من دون أن يسميه لقوله إن لا حكومة إذا كانت من أجل تطبيع العلاقة مع النظام السوري، فإنه ذهب أبعد من ذلك حين لوح برفع سقف مطالبه الحكومية إذا «ثبت» أن هناك من يراهن على تأخير الحكومة في انتظار تغييرات إقليمية. وشكل كلام نصر الله، وفق مصادر سياسية متابعة لجهود تأليف الحكومة، مؤشراً إلى أن وراء الخلاف على الحصص خلفيات سياسية أبعد من التباين حول أحجام الفرقاء المحليين، ويتعلق بحسابات إقليمية، خصوصاً أنه اعتبر أن الرياح تجري لمصلحته في الإقليم، واستخدم لغة التهديد المبطن والإنذار في كلامه حيال الحريري وحلفائه، تاركاً للأوساط السياسية أن تتكهن بما سيكون عليه موقفه، على رغم أنه دعا إلى تغليب لغة الحوار لمعالجة الشأن الحكومي.

دردشة مع الحريري

وكان الحريري في دردشة مع الصحافيين قبيل ترؤسه اجتماع كتلة «المستقبل» النيابية الأسبوعي مساء أول من أمس، قال حين سئل عن مطالبة بعضهم بتضمين البيان الوزاري مطلب عودة العلاقات مع النظام السوري كشرط لتشكيل الحكومة، إنه «عندها لا تتشكل الحكومة، وهذا بكل صراحة». ووصف عدم تشكيل الحكومة حتى الآن بأنه «فشل لبناني بحت»، نافياً «أن يكون للعامل الإقليمي أي تأثير على مسار التشكيل». وقال: «نحن دولة لديها مشكلات اقتصادية، ومحاطة بأزمات إقليمية، ويجب أن نشكل حكومة بأسرع وقت ممكن، على أن تكون حكومة وفاق وطني جامعة، يشارك فيها الجميع وفق اتفاقنا السياسي معهم. وإذا اعتقد أحد الأفرقاء أنه سيدخل إلى الحكومة بهدف التعطيل على فريق آخر، فيكون ذلك أكبر خطأ يرتكبه، وهذا يعيدنا إلى حكومات سابقة شُكلت على أساس أنها حكومات وحدة وطنية ولكنها بالفعل لم تكن كذلك». وشدد الحريري على أن «الأساس في العمل الحكومي أن يكون قائماً على التعاون بين كل الأحزاب لكي ننهض بالبلد، وإلا سنخلق مشكلاً داخل مجلس الوزراء». وقال: «بعض الأطراف لا يزال متمسكاً بشروطه، ونشهد تنازلات طفيفة من كل الأطراف، وربما ما زلنا في حاجة إلى القليل من الوقت للتوصل إلى صيغة نهائية». وأعلن الحريري أنه «سيزور رئيس الجمهورية ميشال عون عندما يكون لديه شيء ملموس». وعن مطالب «القوات» في الحكومة قال: «حزب القوات صريح في مطالبه، يريد إما منصب نائب رئيس الحكومة وإما حقيبة سيادية، ورفض عرض أربع وزارات أساسية. وموضوع الحقيبة السيادية يحتاج إلى وقت إضافي، والجميع يعمل على حلحلة العقد، لكن المشكلة تبقى أن كل فريق وضع كل مطالبه في الإعلام ولا يقبل التراجع»، نافياً «أن يكون الوزير جبران باسيل طلب منه إعطاء «القوات» حقيبة سيادية من حصته». وعن الجهة المعترضة على منح «القوات» حقيبة سيادية، رفض الحريري «وضع الملامة على أي حزب أو تيار أو تكتل، لكن الجميع يعرف ما هي المشكلات والعقبات، والمطلوب أن نجد المخرج الذي يجعل من الجميع رابحاً من تشكيل الحكومة. أما إذا أوحت تركيبة الحكومة بأن هناك خاسراً ورابحاً، فإن ذلك سيشكل عقبة في عملها. أريد أن أشكل حكومة يشعر فيه الجميع أنه حصل على الحصة التي يستحقها». وعن التصعيد الكلامي بين «التيار الوطني الحر» والحزب «التقدمي الاشتراكي»، قال: «وليد جنبلاط مكون سياسي أساسي في البلد، ولا يمكننا إنكار وجوده. ربح الانتخابات في مناطقه، وعلى جميع الأطراف أن يهدأوا، فبماذا يفيد هذا الكلام طالما أننا شركاء في الوطن؟». وشدد على «أن العلاقة مع المملكة العربية السعودية مميزة وممتازة، وهي حريصة على أن نشكل حكومة بأسرع وقت ممكن».
نصر الله
وإذ رأى نصر الله ضرورة مواصلة «الحوار لتشكيل الحكومة، وتجنب الشارع، والحرص الشديد على الأمن والأمان في لبنان». قال في رده غير المباشر على الحريري: «إذا كان يوجد أحد يراهن، في الخارج أو في الداخل اللبناني، على متغيرات إقليمية ستؤثر على تشكيل الحكومة هو مشتبه، الآن محورنا هو الذي ينتصر في المنطقة ومن أول الطريق كنا متواضعين بطلباتنا وما زلنا متواضعين. إذا كان هناك أحد ينتظر محوراً آخر ويتوقع له أن ينتصر فلينتظر. لن يحصل على نتيجة، لكن هذا الانتظار وهذه الرهانات إذا ثبت أنها صحيحة عندها سنعيد النظر بطلباتنا وبتواضعنا، ويحق لنا عندها كمحور منتصر في المنطقة أن تكون لنا طلبات مختلفة وشروط مختلفة. لذلك مصلحة من يؤجل بانتظار تطورات إقليمية، لا أقول الخارج يتدخل أو لا، لكن إذا هناك أحد في الداخل يؤجل في انتظار مصلحة تطورات إقليمية، أقول هذا لن يخدم مصلحتك حتى في تشكيل الحكومة، لا في الحجم ولا في العدد ولا في الحقائب». ونصح «القيادات السياسية في لبنان الذين نحن وهم مختلفون من الموقف في سورية، ألا يلزموا أنفسهم بمواقف وإملاءات قد يضطرون نتيجة الظروف والتطورات والمصالح أن يتراجعوا عنها، فليطيلوا بالهم قليلاً وينظروا الأمور إلى أين؟ سورية إلى أين؟ معبر نصيب إلى أين؟ حدود سورية والمنطقة إلى أين؟ إدلب إلى أين؟ تركيا والمشكلة مع أميركا والتقارب مع إيران وروسيا إلى أين؟ يطيلوا بالهم قليلاً، «يهدوا حصانهم»، ولا يلزموا أنفسهم حتى لا يحشروا أنفسهم، بالنهاية نحن لبنان لسنا جزيرة معزولة ولا يمكننا أن نعيش بمعزل عن كل ما يجري في منطقتنا». وتوجه إلى «الناس»، قائلً: «أطيلوا بالكم قليلاً علينا، أطيلوا بالكم على أنفسكم، إهدأوا، هناك من يتربص بنا، من يتربص بهذه البيئة المقاومة، بهذا الجمهور من أجل أن نتقاتل على الكهرباء وعلى الماء»، مؤكداً أن «التشنج والتوتر والتشاتم ليست هي التي توصل الإنماء».
المرعبي
واعتبر وزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة تصريف الأعمال معين المرعبي، في حديث إلى إذاعة «لبنان الحر»، أنه «اذا كان محور الشر ينتصر، فنحن لن نسير معه إطلاقاً، وإذا كان المحور الذي دمر سورية وهجر شعبها وارتكب المجازر فيها، فليس لدينا شرف الوقوف معه، سواء انتصر مرحلياً أم انكسر أم مهما حصل معه. فكل القيم والمبادئ التي نحملها تمنعنا من أن نكون معه في أي لحظة». ورأى أن «الأجدى بالسيد حسن أن ينسحب من سورية ويوقف القتال والمجازر التي يرتكبها مع حلفائه من النظام السوري وغيرهم، وأن يعود إلى لبنان ولبنانيته ويجنب لبنان مآسي على المدى الطويل قد تكون مكلفة جداً». وقال المرعبي: «بدأنا نفهم شيئاً فشيئاً أسباب العرقلة في التأليف الحكومي ولماذا يأخذ الوزير باسيل مواقفه التي تتحدث الناس عنها، اليوم نتخطى كل الأعراف». وعما إذا خير الحريري بين التنازل والتطبيع مع دمشق، قال المرعبي: «هو ليس مضطراً للتنازل عن التشكيل بأي شكل من الأشكال»، مؤكداً أن «التطبيع مع دمشق هو حلم إبليس في الجنة». وكانت كتلـــة «المســتقبل» النيابية نبهت في اجتماعها الأسبوعي «إلى موجبات الالتــــــزام بقرار النأي بالنفس عن الخلافات الــــعربية، وعدم استجرار الأزمات الخارجية والمحــيطة إلى الداخل اللبناني، وما ينشأ عنها من سلبيات على علاقة لبنان بأشقائه العرب». وشددت على أن «حماية التوافق الوطني على سياسة النأي بالنفس السبيل المطلوب لحماية الاستقرار السياسي، والابتعاد عن سياسات التورط في صراعات الآخرين»....

تبادُل «خطوط حمر» بين الحريري ونصر الله «على ضفة» العناصر الخارجية للأزمة الحكومية وقرقاش ينتقد «لبنان الرسمي» لفشله في سياسة النأي بالنفس

الراي...بيروت - من ليندا عازار ... من خَلْفْ ظَهْرِ الكلام في بيروت عن عدم وجود تدخّلات خارجية في تشكيل الحكومة الجديدة، فإن الوقائع التي سُجلت في هذا الملف في الساعات الأخيرة ظهّرتْ التداخُل الأكيد بين أحد أبرز الاستحقاقات التي تُقاس عليها التوازنات السياسية في البلاد وبين «قوس الأزمات» الإقليمية و«استقطاعات النفوذ» في المنطقة. ولم يعد خافياً في بيروت أن العوامل الخارجية تشكّل جزءاً لا يتجزأ من «مكوّنات» المأزق الحكومي وفق مقاربتيْن:

* الأولى لفريقٍ يتعاطى مع تشكيل الحكومة على قاعدة أنّه «من متتمّات» انتصار «حزب الله» وحلفائه في الانتخابات النيابية وتَقدُّم «محور الممانعة» في المنطقة انطلاقاً من خلاصات الحرب السورية التي «يجب البناء عليها» لمعاودة تطبيع العلاقات باكراً مع نظام الرئيس بشار الأسد وحجْز «تموْضعٍ إقليمي» للبنان ضمن هذا المحور و«مشروعه».

* والثانية لفريقٍ لا يريد التسليم بحكومةٍ من خارج معيار التوافق السياسي بين القوى الأكثر تمثيلاً على تشكيلةٍ يرتاح فيها الجميع إلى أوزانهم، مُدْرِكاً أن لعبة «عضّ الأصابع» بوجه الرئيس المكلف سعد الحريري وحلفائه («القوات اللبنانية» وزعيم «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط) يمكن أن تكون نهايتُها على طريقة «مَن حفر حفرة لأخيه»، لأن «أوّل النفق» قد يكون معروفاً ولكن آخره مفتوحٌ على عصْفٍ يصعب التكهن بمداه وتحديداً لجهة تأثيرات «نوفمبر العقوبات» الأقسى من الولايات المتحدة على إيران التي تضغط واشنطن لاحتواء نفوذها العابر للحدود والذي يشكّل «حزب الله» رأسَ حرْبة فيه.

ومن هنا ترى أوساط مطلعة، أنه رغم عدم وجود «أيدٍ» خارجية تتدخّل في الملف الحكومي، فإن الامتدادات الاقليمية للأطراف الوازنة لبنانياً والمظلّة الدولية لواقع «بلاد الأرز» تجعل العنصر الخارجي حاضراً حكماً سواء لمعرفة أفرقاء (مثل الحريري وحلفاؤه) «حدود اللعبة» ومخاطر أي تغيير في قواعدها بما يُسقِط التوازنات بشقيْها المحلي والاقليمي وما قد يرتّبه من «أثمان باهظة» ولا سيما في زمن «الثور الأميركي الهائج» بوجه إيران ورفْع عصا العقوبات الاقتصادية على «كل مَن عصى»، أو لتعاطي أطراف آخرين (حزب الله وحلفاؤه) مع الاستحقاق الحكومي على أنه مرحلة جديدة في «قضْم» الوضع اللبناني استباقاً لـ «منازلاتٍ» جديدة في المنطقة أو لاحتمالاتِ «الصفقات الكبرى». وانطلاقاً من هذا المسرح السياسي المتشابك، اكتسب موقفان أهمية بالغة في الساعات الماضية إذ عكسا بوضوح «الطبقة الخارجية» من الصراع على تشكيل الحكومة التي لا تشي الوقائع المتصلة بالمفاوضات حولها أنها تقترب من الخروج من النفق:

* الأول جزْم الحريري رداً على سؤال حول مطالبة البعض بتضمين البيان الوزاري للحكومة الجديدة مطلب عودة العلاقات مع النظام السوري كشرط لتشكيل الحكومة، بأنه «عندها لا تتشكل الحكومة»، وذلك في ما يشبه «الضوء الأحمر» أمام اندفاعة «حزب الله» وفريق رئيس الجمهورية ميشال عون لتطبيع العلاقة مع نظام الأسد تحت عنوان الضرورات الاقتصادية وإعادة النازحين الذين تَكرّر «اشتباك» الخارجية اللبنانية مع المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة حول عودتهم.

* والثاني كلام الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله الذي تضمّن رداً على الحريري من دون تسميته مجدِّداً الحملة الشعواء على المملكة العربية السعودية ومتّهماً إياها بالتدخل «في كل التفاصيل الداخلية اللبنانية».

فنصر الله، وبعدما تمنّى أن يؤدي الحوار إلى تشكيل الحكومة «ونصرّ على الحوار وندعو الى تجنُّب الشارع»، نَصَح غامزاً من قناة الحريري «بعض القيادات السياسية ألا تُلْزِم نفسها بمواقف قد تضطر نتيجة الظروف وضغط المصالح أن تتراجع عنها، فعليهم أن يطوّلوا بالهم وأن يروا سورية الى أين وادلب الى أين ولبنان ليس جزيرة معزولة... وليهدّوا حصانهم»، محذّراً من «انه إذا كان أحد يراهن - في الخارج أو في الداخل - على متغيّراتٍ إقليمية ستؤثّر على تشكيل الحكومة فهو مشتبه. وهذا الانتظار وهذه الرهانات إذا ثبت أنها صحيحة عندها سنعيد النظر بطلباتنا وبتواضعنا ويحق لنا عندها كمحور منتصر في المنطقة أن يكون لنا طلبات وشروط مختلفة. لذلك إذا هناك أحد في الداخل يؤجل بانتظار مصلحة تطورات إقليمية أقول هذا لن يخدم مصلحتك حتى في تشكيل الحكومة، لا في الحجم ولا في العدد ولا الحقائب». وجاء الردّ السريع من وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش على خطاب نصر الله «بكل ما يحمله من تطاول على السعودية وعمالة لإيران» واعتباره أنه «مثال جديد لفشل سياسة النأى بالنفس التي يردّدها لبنان الرسمي ولا نرى الالتزام بها». وقال: «نعرب عن أملنا مجدداً بألا تذهب التصريحات اللبنانية الرسمية أدراج الرياح»، ليكرّس حساسية الوضع اللبناني واستطراداً الملف الحكومي الذي يترقّبه الخارج بعيْن الاندفاعة لتقليم أظافر إيران في المنطقة ووقف تَمدُّدها عبر «حزب الله» في أكثر من ساحة.

12 عاماً على «حرب تموز»: تنافس بين الثنائي الشيعي في الجنوب اللبناني

استبعاد قيام «حزب الله» بحرب لغياب الممول وهشاشة الاقتصاد

سناء الجاك: «الشرق الأوسط»... تزدان الطرق في الجنوب اللبناني باللافتات التي تحتفل بالذكرى الثانية عشرة للانتصار على العدوان الإسرائيلي، وبالأعلام الحزبية لـ«حزب الله» و«حركة أمل» التي ترفرف لتتبنى النصر بمعزل عن وجود دولة لبنانية. ومن عبر القرى والبلدات الجنوبية في مثل هذه الأيام قبل 12 عاماً، لا بد أن يستوقفه التطور العمراني في بعض المناطق حيث يمكن تسجيل محو كامل للعدوان الإسرائيلي، مقابل قرى تطغى عليها مظاهر الأزمة الاقتصادية رغم انتشار المؤسسات التجارية والصناعية المنتشرة. والأهم أن تداعيات مشاركة «حزب الله» في الحرب السورية تبتعد عن مظاهر الاحتفال بالنصر. إذ تحتل المشهد صور بهتت ألوانها لشهداء سقطوا في «حرب تموز». والتعمق خلال الجولة الميدانية في بعض مناطق الجنوب اللبناني يقود إلى 3 ملاحظات، هي: الأزمة الاقتصادية رغم النمو العمراني، تنافس «حركة أمل» و«حزب الله» تعكسه اللافتات والرايات، والتناقض في النظرة إلى دور قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) بين الحزب والحركة. والحوار مع الجنوبيين يؤطر الملاحظات وفق الجغرافيا بين ساحل وجبل، ووفق تقاسم النفوذ بين «حركة أمل» و«حزب الله»، وتفاوت المستوى الحياتي بين مناطق تعتمد على اقتصاد البلد، وتلك التي تنعم باقتصاد رديف مصدره قوات «اليونيفيل» وحركة الاغتراب التي ترفد قراها بسيولة تدعم المقيمين. لكن لا يمكن إنكار كثير من المعطيات الإيجابية المنبثقة من دور بلديات نشيطة، حيث تسود النظافة والطرق الجيدة في كثير من المناطق، كما في بنت جبيل مثلاً، إذ تتولى البلدية إدارة الأمور اليومية بشكل ممتاز، فلا تسمح بمخالفات السير أو بالتعرض للمنشآت العامة. ويشعر زائر الجنوب اللبناني أن القبضة الحديدية التي كنت سائدة غداة «حرب تموز» تراخت لجهة حرية الحركة، إلا أن الرقابة على الحوار تبقى قائمة، وإن تحولت في معظمها إلى رقابة ذاتية لا تحتاج تدخلا مباشرا كما كانت عليه الحال سابقاً، كأن تتكرر عبارة «رجاء... ابتعدي عن السياسة»، أو رصد قلق لكل كلمة وكل سؤال يوجه إلى الأهالي.
الأزمة الاقتصادية رغم النمو العمراني
النشاط الاقتصادي مؤقت، كما يؤكد أكثر الجنوبيين، أيا يكن انتماؤهم، وينحصر بحركة المصطافين والمغتربين، إضافة إلى مناطق وجود «اليونيفيل». الكاتب السياسي والناشط عماد قميحة يقول لـ«الشرق الأوسط»: «هذه القوات تنتج حركة اقتصادية نشيطة، تتراوح نسبتها بين 70 إلى 80 في المائة. كذلك ترتبط الحركة الاقتصادية بالانتعاش الصيفي مع توافد المغتربين والمصطافين إلى بعض القرى. لكن معرفة الوضع الاقتصادي الحقيقي تظهر بعد منتصف شهر سبتمبر (أيلول)». فالحركة صيفا تدخل في شبه سبات وينقلب المشهد مع مغادرة المصطافين والمغتربين، وتبدأ المواجهة الحقيقية للمقيمين مع ظروف الحياة التي لا تختلف عن غيرها في لبنان. ومن تستوقفه الأبنية الفخمة للمدارس، يجد من يوضح له أن بعضها مقفل لعدم وجود تلاميذ. إذ بنيت نسبة منها وفق صفقات وليس وفق الحاجة الفعلية. كما أن نشاط المرافق الترفيهية ينتهي مع انتهاء الصيف. وينسحب الأمر على حركة التجارة. حساسية الاقتصاد تبرر خوف الجنوبيين من أي عدوان إسرائيلي جديد على منطقتهم، خاصة في ظل الوضع المالي لإيران وعلاقة «حزب الله» العدائية مع دول الخليج. هم يعرفون أن أحدا لن يبني لهم منازلهم إن حصلت حرب. ويقول قميحة: «(حزب الله) يريد إبقاء الجنوبيين في استنفار دائم كما تشير البروباغندا في إعلامه. لكنه يدرك أن النزوح وإعادة الأعمار دونهما غياب الممول الخارجي، كما كانت الحال عام 2006. ما يعني استبعاد احتمال التورط في حروب مع إسرائيل أو الدخول في مغامرة تنقلب نتائجها عليه. كما يعرف أن إسرائيل لا تريد حربا بدورها لأنها ضنينة بحياة مواطنيها. ومع الأسف نحن نتكل على معادلة حرص (حزب الله) على مكاسبه مقابل حرص الإسرائيلي على مواطنيه». وعن واقع التفاف النسبة الكبرى من الجنوبيين حول «حزب الله»، يقول قميحة: «للحزب شبكة مصالح واسعة، ومن ليس متفرغا عسكريا يعمل في إحدى مؤسساته، وبالتالي الاتكال الاقتصادي على الحزب يشكل حاضنة الولاء له، تليه (حركة أمل) التي تجمع بدورها مناصرين ومستفيدين وظيفيا واقتصاديا». ليوضح: «من يعارض الحزب أو الحركة في الجنوب لا يجد من يحميه، وليس كما هي الحال في بعلبك والهرمل، حيث العشيرة تحمي أبناءها. هنا لا عشائر. ولكن هذا لا يلغي الامتعاض من تدهور الوضع الاقتصادي. فالناس تسأل عن سبب أزمات الكهرباء والنفايات وغيرها، بعد أن قاتلت وحررت. ولا سيما مع سياسة التقشف التي تسود الحزب حالياً».
التنافس بين الثنائية الشيعية
يعكس انتشار أعلام «حزب الله» و«حركة أمل» وشعاراتهما على امتداد الطرق الجنوبية حيثية تتعلق بالثنائية الشيعية، فهذه الأعلام تجتمع في مناطق وتفترق في مناطق أخرى، كما أن مضمون اللافتات يبرز التمايز، فالحزب يرفع شعارات على وزن «وطن يحمي مقاومة... مقاومة تحمي شعبا»... «المقاومة خزان إرادة الوطن»... «على كل مسلم أن يعد نفسه لمواجهة إسرائيل»... «مقاومة كتبت بالدم»... وما إلى ذلك. أما أصدقاء الحركة ومن يؤيدها فيرفعون صور رئيس مجلس النواب نبيه بري، فهو «قمر الوطن». ويحضرون لذكرى تغييب الإمام موسى الصدر وشعاراتهم تتحدث عن الدولة التي يجب أن تكون المرجع لأهل الجنوب، و«التغيير لا يتم بالقوة بل بالفكر والحجة والحوار». ولا يحبذ أهالي القرى الحديث عن هذا التمايز. فيتجنبون الإشارة إلى غلبة جمهور أي طرف على جمهور الطرف الآخر. لكن الواضح أن المنتمين إلى الحركة أكثر طراوة في التعامل مع محاوريهم من المنتمين إلى الحزب. والحركي يتغنى بالخيرات التي أغدقها على منطقتهم وجود بري على سدة المجلس النيابي. ويقول أحدهم: «بصمة الرئيس بري لا يمكن تجاهلها، للإنجازات في شبكة الطرق والقطاع التربوي ومشروعات الري وتشجيع إنشاء المرافق السياحية والترفيهية واستقطاب المغتربين للمشاركة في النمو الاقتصادي وقضاء العطل في ربوع الجنوب». في المقابل، يعتبر الملتزمون بـ«حزب الله» أنه غيّر المعادلات، وأنه المصدر الوحيد لأمانهم، وأن الشيعة مستهدفون أينما كانوا، ولولا الحزب لتمت إبادتهم. وتقول سيدة مغتربة في الولايات المتحدة تمضي عطلتها في قريتها، إنه «إذا استهدفت إسرائيل لبنان بقنبلة ذرية فسوف تمحى كل المناطق باستثناء جبل عامل لأن العناية الإلهية يعكسها الحزب وأمينه العام السيد حسن نصر الله». ويقول قمحية إن «الوضع بين الحزب والحركة يشهد توافقا على مستوى القيادات. لكن القاعدة الشعبية ليست بخير، ففي 40 بلدية جنوبية خلافات كبيرة أدت إلى استقالات فرطت عقدها أو جمدت أعمالها. والخلاف برز خلال الانتخابات مع الفروق الشاسعة في نسب الأصوات التفضيلية التي حصل عليها النواب في الثنائية». ويضيف: «وسائل التواصل الاجتماعي كشفت حدة الخلاف، فالحركيون يعتبرون (حزب الله) هو من دفع النائب جميل السيد لانتقاد الرئيس نبيه بري».
النظرة إلى وجود قوات «اليونيفيل»
تنقسم النظرة حيال قوات «اليونيفيل» في الجنوب اللبناني بين الحياديين والمنتمين إلى «حركة أمل» وبين «حزب الله» والملتزمين به. فالفئة الأولى ترى أن هذه القوات ساهمت في تحسين البنى التحتية والفوقية، إضافة إلى النشاطات التربوية والاجتماعية والمساعدات الطبية التي تقدّمها، لتعوض إهمال الدولة، لكنها لا تعتبرها مصدرا للحماية، والسبب عجزها عن ردع العدوان الإسرائيلي المتكرر منذ انتشارها عام 1978 إلى يومنا هذا. وتضم «اليونيفيل» نحو 15 ألف جندي، مهمتهم تنفيذ القرار 1701 إثر «حرب تموز». وتنفّذ أنشطة ومشاريع في منطقة عملياتها التي تشمل 4 أقضية هي صور، بنت جبيل، مرجعيون، حاصبيا. ويشير الموقع الإلكتروني لـ«اليونيفيل»، إلى أن الانتشار السريع والفعال لقوة «اليونيفيل» المعززة، والأنشطة التي تقوم بها منذ ذلك الحين، كان حاسما في منع تكرار الأعمال العدائية عبر الخط الأزرق، وساعد على التأسيس لأجواء استراتيجية عسكرية وأمنية جديدة في جنوب لبنان.
لكن أحد الملتزمين في «حزب الله» يقول: «إن (اليونيفيل) تجنح إلى معسكر الاستكبار، أي الولايات المتحدة وإسرائيل، ومنع تكرار الأعمال العدائية مرده خوف إسرائيل من صواريخ الحزب». ويرى قميحة أن «جمهور الحركة يعتبر وجود (اليونيفيل) نعمة، لأنه يولد حالة اقتصادية ومشروعات إنمائية يستفيد منها الناس العاديون. في حين يعتبر جمهور الحزب هذا الوجود وكر تجسس تم زرع عناصره بين الناس. حتى إن البعض يروج لكون هؤلاء العناصر مشروع رهائن عندما تدعو الحاجة. والاشتباكات يحركها (حزب الله) تحت مسمى (الأهالي) من حين إلى آخر لدى دخول عناصر من (اليونيفيل) إلى أماكن معينة أو لالتقاطهم الصور».

«اليونيفيل» تدعو لضبط النفس بعد تعرض إسرائيل للجيش اللبناني

بيروت: «الشرق الأوسط».. دعا الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي لبنان وإسرائيل للامتناع عن اتخاذ أي إجراءات يمكن أن تزيد التوتر على طول الخط الأزرق، وذلك بعد ساعات على اعتراض القوات الإسرائيلية دورية للجيش اللبناني عند الحدود الجنوبية. وأوضح تيننتي لـ«الوكالة الوطنية للإعلام»، رد فعل «يونيفيل» على الحادث الذي وقع في منطقة رميش وتخلله إطلاق قنابل دخانية من جيش العدو الإسرائيلي، قائلا: «وصلت (يونيفيل) على الفور إلى المكان لمعالجة الحادث والعمل على ضمان الاستقرار في المنطقة، وأكد الجيش الإسرائيلي إطلاق القنابل الدخانية، ومن المهم بالنسبة إلى الأطراف أن يمتنعوا عن اتخاذ أي إجراءات يمكن أن تزيد التوتر على طول الخط الأزرق، و(يونيفيل) فتحت تحقيقا في الحادث، والوضع الآن على طول الخط الأزرق هادئ». وكانت مديرية التوجيه في الجيش اللبناني أعلنت مساء الثلاثاء أنه «ولدى قيام دورية من مديرية المخابرات بتفقد أرض بين النقطتين B36 وBP14. في بلدة رميش - بنت جبيل، تعرضت لاعتداء من قبل دورية تابعة للعدو الإسرائيلي التي ألقت 6 قنابل دخانية، ما أدى إلى إصابة عنصرين بحالة اختناق، ونشوب حريق امتد إلى داخل الأراضي المحتلة. ولفتت إلى أنه حضرت على الفور دورية من الجيش اللبناني وجهاز الارتباط في قوات الأمم المتحدة المؤقّتة في لبنان والدفاع المدني، وعملوا على إخماد الحريق من الجهة اللبنانية».



السابق

مصر وإفريقيا..السيسي للمصريين: سترون أموراً عجيبة جداً... قريباً ودعاوى تطالب «الإخوان» بـ 5 مليارات يورو تعويضاً عن حرق 42 كنيسة..«الإخوان» يسعون إلى الحفاظ على هيكليتهم التنظيمية رغم الملاحقات..«أطباء بلا حدود»: المهاجرون في ليبيا يتعرضون لتجارة الرق والتعذيب...موظفو رئاسة الحكومة التونسية ينفذون إضراباً جماعياً ...المغرب: العثماني يضع التحكم في النفقات على رأس أولويات موازنة 2019...مقتل 22 طالباً بغرق مركب شمال السودان ...الجزائر: الموالاة تتقاسم الأدوار و «المنافع»...

التالي

أخبار وتقارير...الرئاسة التركية: نتطلع لحل المشكلات مع أميركا..مكتب أردوغان: قطر تضخ 15 مليار دولار استثمارات في تركيا...تركيا تلجأ لمنظمة التجارة العالمية ضد الإجراءات الأميركية...عقوبات أميركية على شركات روسية وصينية..الصين تعتزم إرسال مفاوض إلى الولايات المتحدة لإجراء محادثات تجارية..«الإخوان» من منظور أميركي: جماعة فاشلة في الحكم لا فرقَ بينها وبين التنظيمات الأكثر تطرفاً....أدلة تدعم تقريرا أمميا عن تزايد دعم إيران للقاعدة...

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,347,438

عدد الزوار: 6,946,341

المتواجدون الآن: 67