ميقاتي لحكومة ترضي اللبنانيين أولاً.. وعون يتهم سليمان بتعطيل الحكم.. ويغمز من قناة الرئيس المكلّف

الخميس 24 آذار 2011 - 6:11 ص     2537     محلية

تشكيلة من 26 وزيراً تتجاوز الشروط العونية
ميقاتي لحكومة ترضي اللبنانيين أولاً.. وعون يتهم سليمان بتعطيل الحكم.. ويغمز من قناة الرئيس المكلّف

 

الحركة المكوكية التي قام بها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي اعادت ملف الحكومة العتيدة الى واجهة الاهتمام، على الرغم من رسائل الاعتراض التي ساقها العماد ميشال عون ضد الرئيس ميشال سليمان بشكل مباشر، وتلميحاً بوجه الرئيس المكلف التي ذكرت المصادر انه اخذ بعين الاعتبار المهمة التي قام بها النائب وليد جنبلاط مع الرابية.

 

وقال مصدر مطلع على ملف تأليف الحكومة ان الرئيس ميقاتي حمل صيغة تتمحور حول العدد والحقائب والاوزان مع بعض اسماء الوزراء الثوابت، الى بعبدا، حيث ناقشها مع الرئيس سليمان، قبل ان يعود، عند الثانية، الى عين التينة ويضع الرئيس نبيه بري في اجواء وجهة عملية التأليف.

واشار المصدر الى ان الرئيس ميقاتي سبق وطلب من النائب علي حسن خليل وحسين الخليل والوزير جبران باسيل تزويده بالاسماء المرشحة من جانب الاطراف الثلاثة للبقاء في الحكومة او الدخول اليها، بعدما كان النائب جنبلاط ابلغه صراحة انه متمسك بالوزيرين غازي العريضي ووائل ابو فاعور، الى جانب توزير النائب علاء ترو. فيما بقي على علم بأن الرئيس سليمان متمسك بالداخلية للوزير زياد بارود.

وكشف المصدر لـ<اللواء> انه في حدود معلوماته، فإن الرئيس المكلف بات اقرب الى السير بحكومة من 24 او 26 وزيراً، والمهم انها دون الثلاثين، وانه اذا نجح حلفاء العماد عون باقناعه بالتسهيل، وهذا يعني التخلي عن وزارة الداخلية، وعن حصة الثلث المعطل في الحكومة، فإن التشكيلة ستظهر في غضون 48 ساعة.

وفي السياق عينه، قال مصدر نيابي مستقل، ان الرئيس المكلف سيقوم بما يمليه عليه واجبه السياسي والاخلاقي تجاه الناس، من زاوية احترام الدستور، وبالتنسيق مع رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة، والتي من شأنها ان توحي بالثقة، وتساهم في احتواء التجاذب المتصاعد، ولا تغضب المجتمع الدولي، وتبقي لبنان خارج دائرة التجاذب الذي تمر به المنطقة العربية.

وقال مصدر واسع الاطلاع لـ>اللواء> ان قيادة تكتل الاصلاح والتغيير تلقت في ساعة متأخرة من ليل امس اقتراحا بالواسطة من الرئيس المكلف يقضي بمنحها من ضمن الحصة المقتطعة للتكتل وزارتي العدل والطاقة في تشكيلة حكومية من 26 وزيرا، على ان يبقى زياد بارود وزيرا للداخلية في التشكيلة المقترحة.

واكد المصدر ان العماد عون رفض تلقائيا العرض، لانه لا يرتقي الى مطالبه، فهو لا يمنحه وزارة سيادية، مكتفيا بوزارة العدل وساحبا منه وزارة الاتصالات وهي تعادب أهمية العدل وربما تتقدمها.

واشار الى ان عون لن يقبل في تشكيلة من 26 وزيرا بأقل من 9 وزراء ووزارة الداخلية.

وكشف المصدر ان الرئيس المكلف بات بالفعل ميالا لحكومة امر واقع يرفع اقتراحا بشأنها الى رئيس الجمهورية، على ان تصدر مراسيمها من دون الاخذ في الاعتبار الملاحظات المسجلة، مما يضعها حكما في مواجة الغالبية الجديدة، فتحجب عنها الثقة وتبقى حكومة تصريف اعمال الى حين تبلور الصورة محليا واقليميا.

حراك كبير وكانت أوساط كل من بعبدا وفردان وعين التينة قد تقاطعت على أن حراكاً كبيراً سجل أمس، بالحركة التي قام بها الرئيس ميقاتي، مشيرة إلى أن كثافة هذا الحراك، تنبئ بشيء ما لا بدّ أن ينتهي بصدور مراسيم الحكومة الجديدة، التي لم تستبعد أن تتزامن مع عيد البشارة الذي يصادف يوم الجمعة المقبل، لكي تكون ولادة الحكومة الجديدة بشارة للبنانيين.

وقالت أن هناك محاولات جديدة وجدية هذه المرة يعمل عليها لأجل مقاربة تشكيلة حكومية ترضي الأطراف كافة، وأن هناك أفكاراً، هي حالياً موضع أخذ ورد لبلورة صيغة حكومية في وقت قريب.

وإذ تكتمت أوساط الرئيس المكلف عن المسودة الحكومية التي ناقشها مع رئيس الجمهورية ثم مع رئيس المجلس، مكتفية بنفي أن تكون مناصفة 15 * 15، ألمحت مصادر عين التينة إلى ان الحكومة ستؤلف من 26 وزيراً، على ان تلحظ وزيراً علوياً من حصة المسلمين، وآخر من الأقليات من حصة المسيحيين، وإذا تعذر ذلك فالاتجاه أن تكون من 30 وزيراً، في حين قالت مصادر مواكبة أن التشكيلة النهائية لم تستقر على رقم معين، بانتظار المشاورات الجارية، والتي لا بدّ أن تنتهي هذا الأسبوع، والا فان عملية التأليف قد تتعرض لمخاطر عديدة.

اما أوساط الرئيس ميقاتي، فقد رفضت من جهتها الالتزام بمدة أو مهلة معينة للانتهاء من تشكيل الحكومة انطلاقاً من القول المأثور بأن <المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين>، كاشفة عن تفاهم جرى قبل أسبوعين للاعلان عن تشكيلة، لكن أصحاب العلاقة تراجعوا عنه في اللحظة الأخيرة.

ونفت مصادر عين التينة كذلك ما تردّد عن مهلة اعطتها الأكثرية الجديدة للرئيس المكلف تنتهي يوم الجمعة، والا فانها ستسحب تسميتها له، وتعطيها للوزير محمّد الصفدي الذي تعرض أمس لحملة انتقاد واسعة من قبل نائب طرابلس محمّد عبد اللطيف كبارة وتوفيق سلطان وفاعليات طرابلسية أخرى، على خلفية انتقاده للرئيس الحريري، لم تتوان عن اتهامه بأنه <يروّج لنفسه وريثاً للتكليف> على حدّ تعبير كبارة.

بالونات تفاؤل الا انه، ورغم كل بالونات التفاؤل التي اطلقت، مستفيدة من حراك الرئيس المكلف، فليس ثمة ما يؤشر إلى أن ولادة الحكومة باتت قاب قوسين أو أدنى، لأن العقد الداخلية ما زالت على حالها، بعد فشل مسعى جنبلاط مع عون، إلى جانب استمرار الضغوط الأميركية التي تحذر من تداعيات تشكيل حكومة اللون الواحد.

واستدلت أوساط معينة على قولها هذا، بموقفين متناقضين سجلا أمس.

الاول: من العماد عون الذي شن هجوماً عنيفاً على رئيس الجمهورية متهماً اياه بـ <شل الحكم>، غامزاً من قناة الرئيس المكلف، لافتاً نظره إلى مهلة معقولة يعرفها، مشيراً الى أن الحكومة أكانت تكنوقراط أو غيرها تبقى مسؤولية الأكثرية الجديدة، وأن أي أحد يريد الدخول للحكومة يجب أن تكون لديه هوية سياسية، ملوحاً باختيار القوة أمام قوى 14 آذار عندما قال <إن ميزان القوى لا يسمح للقوى التي تريد البدء بمشكل أن تبدأه، كما أن لا إرادة لدى الأقوياء للقيام بمشكلة>.

والثاني: من الرئيس سليمان، بما يشبه الرد على شروط ومطالب العماد عون، عندما لفت النظر إلى أن المرحلة تقتضي من الجميع بلا استثناء التعالي فوق الخصومات والأنانيات والحصص والمصالح الشخصية، من أجل قيام حكومة تحظى بالثقة، وتعمل على إطلاق ورشة نهوض على مستوى الوزارات والإدارات والمؤسسات، مشيراً إلى أن اللبنانيين باتوا في حاجة ويستحقون وجود حكومة تعمل على تلبية احتياجاتهم وتدير شؤون الدولة وتواجه التحديات المقبلة على المنطقة.

وقالت المصادر المطلعة، إن الرئيس المكلف أبدى استعداداً أمام زائريه لإنهاء التأليف خلال أيام معدودات في حال تراجع العماد عون عن عناده بالمطالبة بـ 12 وزيراً وإبقاء وزارة الداخلية مع الرئيس سليمان.

الموفد الفرنسي وكشفت هذه المصادر، من ناحية ثانية، أن الرئيس المكلف أبلغ الموفد الفرنسي باتريس باولي، الذي أنهى زيارته للبنان بجولة واسعة من اللقاءات، التزامه بما ورد في البيانين الوزاريين لحكومتي الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة بالنسبة لموضوعي المحكمة والسلاح، وعدم استعداده اتخاذ أي موقف يتناقض مع هذا التوجه.

وشملت جولة الموفد الفرنسي، أمس، كلاً من الرئيس سليمان والرئيس أمين الجميّل ورئيس الهيئة التنفيذية في <القوات اللبنانية> سمير جعجع، والعماد عون، ومسؤول العلاقات الخارجية في <حزب الله> عمار الموسوي، كما عقد جولة محادثات مع وزير الخارجية علي الشامي، تمهيداً لوضع تقرير لرفعه إلى وزير الخارجية الفرنسية آلان جوبيه.

ونفى باولي أن تكون مهمته الاستطلاعية مرتبطة بتشكيل الحكومة، لأن هذا الموضوع يخص اللبنانيين، مؤكداً دعم فرنسا للحكومة اللبنانية مهما كان شكلها، موضحا بأن زيارته الى بيروت كانت مقررة قبل تعيين جوبيه، الا ان مجيئه كان سببا اضافيا في التعجيل بالزيارة.

المعارضة الجديدة من جهتها، رأت اوساط واسعة الاطلاع في المعارضة الجديدة ان هناك حراكا فعليا لتأليف الحكومة، ومسعى لتخطي العقبات الداخلية التي تعيق عملية ولادة الحكومة، مشيرة الى ان <لا فرملة سورية> في موضوع التأليف، بقدر ما هناك عقد داخلية داخل صف الاكثرية الجديدة، وابرزها عقدة عون الذي يريد الاستئثار بالحصة المسيحية كممثل وحيد للمسيحيين راهناً في السلطة.

واعربت هذه الاوساط عن اعتقادها بأن لا مفر امام الرئيس المكلف من تطعيم حكومته بوجوه تكنوقراط في الحقائب الحساسة لتشكل مشهدا مقبولا يمكن من خلاله الاطلالة على المجتمع الدولي الذي ينتظر ماهية تأليف الحكومة وتركيبتها، فضلا عن بيانها الوزاري لتحديد مستوى وكيفية التعاطي.

ورأت ان من مصلحة حزب الله ان يثبت الوضع القائم الجديد في البلاد الذي حققه بفعل ازاحة الرئيس الحريري عن رئاسة الحكومة وعدم تعريض ادارته للساحة اللبنانية الى اي مخاطر او خربطة للامور تؤول الى قلب الطاولة خارج الاطر الدستورية.

السجال مع حزب الله الى ذلك، تواصل مسلسل السجالات بين تيار <المستقبل> وحزب الله، حيث حذر الرئيس الحريري من مخاطر استخدام لبنان منطلقا وورقة في تأجيج الصراعات الداخلية في البلدان العربية، مشيرا الى ان حزب الله يريد ان يتخذ من لبنان ساحة لتصدير الثورات الى البلدان العربية، ويتصرف مع التحركات الشعبية العربية، كما لو انه الاب الروحي والفكري لتلك الثورات. وهو امر لا يخالف الحقيقة والواقع فحسب، بل يحاولان يسقط على الحركة الشعبية العربية اسقاطات لا علاقة بها لا من قريب ولا من بعيد، معلناً رفضه لهذه السياسة التي تريد لبنان أن يغرق في سياسة المحاور، وأن يتحول صوته في تأييد الحرمات الشعبية إلى صدى للأصوات الآتية من الخارج، وتلك التي تغرق على بعض الجهات مما يسمونه المال النظيف وغير النظيف.

وقال الحريري أن الحملة التي تطاول البحرين والمملكة العربية السعودية وسأل دول مجلس التعاون الخليجي هي حملة أقل ما يمكن أن يقال فيها أنها امر عمليات خارجي يعمل على توريط لبنان في مسارات اقليمية.

وفي المقابل، تابع <حزب الله> حملته على المطالبة باسقاط سلاحه، وانتقد نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، الرئيس الحريري من دون أن يسميه، معتبراً بأن هناك جهات تتخبط لأنها تريد أن تحكم بأي ثمن وفي أي شكل، حتى ولو خاضت كل المحرمات، وهذه مشكلة لا بد أن نواجهها>.

وكانت كتلة <المستقبل> النيابية رفضت في بيانها الأسبوعي استعمال لبنان منصة لتصدير الفوضى إلى البلدان العربية اقتداء بالسياسة الإيرانية، وكذلك رفضت اطلاق المواقف النارية من لبنان التي تؤذي مصالح اللبنانيين في الداخل والخارج، مشيرة إلى أن ارتفاع منسوب الشتائم لدى شخصيات 8 آذار هو بسبب الاحساس بفائض القوة المدعوم بوهج السلاح المصوب من <حزب الله> إلى صدور اللبنانيين>.