تحليل سياسي

عيون السياسة اللبنانية على سوريا: من يتراجع هناك سيدفع ثمناً غالياً جداً

تاريخ الإضافة الأربعاء 27 نيسان 2011 - 5:21 ص    عدد الزيارات 3084    القسم محلية

        


عيون السياسة اللبنانية على سوريا: من يتراجع هناك سيدفع ثمناً غالياً جداً

غطى هدير المجنزرات في درعا وجبلة وغيرهما من نواحي سوريا على أحاديث السياسة في بيروت وعلى مجاملات العيد أيضاً، فلم يهتم أحد بخبر معايدة سمير جعجع غريميه ميشال عون وسليمان فرنجية ولا بآخر أخبار بورصة حكومة ميقاتية خارجة على كل المواقيت ومخالفات بناء تنبت كالفطر بعيداً عن الأنظار والدولة. فكل العيون شرق، والأحرى في اتجاه شاشات كبيرة تتابع تطورات سوريا: تراه عَقدَ صفقة غامضة بشار الأسد جرّأته على ارتكاب عملية قمع واسعة تردد أمامه ستة أسابيع؟ أم أقدم بعدما وجد نظامه عالقاً في دائرة مقفلة فكلما أعطى طولب بالمزيد، وهو في الأساس لا يريد أن يعطي شيئاً تحت الضغط، وحوله من ينصحونه بألا يتنازل إلا لاحقاً بعد القضاء على المنتفضين، وبمقدار كي لا يصل إلى مطلب خروجه من السلطة؟
السياسيون المرتبطون في شكل أو آخر بالقيادة السورية و"خطها الوطني" مثلهم مثل سياسيين يناوئونها في لبنان، يحللون ويستنتجون مما يحصل في البلد الجار، وبعضهم كان يتذكر أمس أسماء لمعت في الستينيات بأوروبا الشرقية. إيمري ناجي في "ربيع بودابست" عام 1965 وألكسندر دوبتشيك في "ربيع براغ" عام 1968. أحيت ذكريات تلك الأيام مشاهد وصور رديئة لدبابات وجنود يطلقون النار ويتقدمون في شوارع وأحياء مدن وبلدات سورية. مشاهد نقلتها كاميرات هواتف نقالة يعوّل عليها الغربيون لتواجه الرصاص العادي والثقيل وهراوات النظام الأقرب في المنطقة إلى زمن الاتحاد السوفياتي. تذكروا إيمري ناجي يصيح عبر أثير الإذاعة: "النجدة، النجدة النجدة..." حتى الرمق الأخير. أما دوبتشيك، الذي كثيراً ما كان يذكره العميد الراحل ريمون إده في معارضته للهيمنة السورية على لبنان، فعاش حتى سقط جدار برلين وأصبح رئيساً لمجلس نواب بلده تشيكيا في ظل رئاسة زميله في الثورة الموؤودة، الكاتب المسرحي فاتسلاف هافل. هل كان ربيع أوروبا الشرقية تلك الأيام سابقاً لأوانه؟ هل كان على السوريين انتظار مرور ثلاثين أو أربعين سنة بعد؟
"لا النظام قادر على التراجع، ولا المحتجون على النظام قادرون. المسألة ليست مسألة شجاعة بل اضطرار، فمن يتراجع سيدفع ثمناً غالياً جداً". يقول أحد السياسيين بعد أن يلقي نظرة على آخر الأخبار الواردة من دمشق، مضيفاً أنه في حياته المديدة لم يهتم بالشأن السوري غير المحكي عنه في بيروت، كما هو مهتم اليوم. ويضيف: "ما يجري في جوارنا ينعكس علينا بقوة. ألم يكن لافتاً كلام سليمان فرنجية العفوي عبر محطة "إم تي في" عشية لقاء بكركي ؟ قال فرنجية ما مفاده إنه سيلتقي سمير جعجع تحوّطاً أيضاً، فلربما خسر "خطنا الوطني" كما خسر خط "القوات اللبنانية" السياسي مطلع التسعينيات". وينقل السياسي عن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه قوله في مجلس خاص قبل أيام إنه يستبعد تكرار عملية قمع انتفاضات مدن سورية على غرار ما حصل أول الثمانينيات. "هل هناك صورة لما حصل في حمص وحماة تلك الأيام؟" قال جوبيه.
في جعبة السياسي الواسع الاتصالات معلومات عن عريضة لناشطين في الشأن العام تضم عشرات وربما مئات التواقيع تُعلن اليوم في بيروت تضامنا مع الضحايا في سوريا. وكذلك عن تحضيرات لعمليات إجلاء واسعة وطارئة قد تقوم بها هيئات ومنظمات دولية من سوريا. ويعود إلى التساؤل عن احتمال حصول صفقة غير مرئية بين القيادة السورية والإدارة الأميركية مؤكداً أن نتائجها ستظهر أول ما تظهر في لبنان إذا ما تحققت، والمرشح لدفع ثمنها هو "حزب الله" بفعل تجاوب القيادة السورية مع مطلب التخلي عن التحالف مع إيران. ثم يُلاحظ أن الرئيس الأسد تحدث مرة واحدة عن ضرورة إجراء حوار وطني. تلك بداية جيدة، لكنه لم يتبع تصريحه بأي خطوة في هذا الإتجاه. "أصلاً معظم من يجب أن يحاورهم هم أصحاب رأي يقبعون في السجون. المؤشر الأول إلى نية التحاور هو إطلاقهم"، يقول السياسي ولا يخفي تعاطفه على المحتجين وحزنه على الضحايا، سّماهم الرئيس الأسد شهداء وأمر بإجراءات وتدابير ترفع عددهم". يخشى السياسي إلى حد ما خنق انتفاضتهم، لكنه يتهيب الموقف: "القمع ليس حلاً". فالدم يستسقي الدم".
 

إيلي الحاج     
 


المصدر: جريدة النهار

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,834,039

عدد الزوار: 6,967,927

المتواجدون الآن: 67