الرئيس الأميركي ونتنياهو قطبان متنافران!

تاريخ الإضافة السبت 28 شباط 2015 - 7:45 ص    عدد الزيارات 353    التعليقات 0

        

 

الرئيس الأميركي ونتنياهو قطبان متنافران!
عبير بشير()
لا تتردد الإدارة الأميركية بأن تبعث برسائلها إلى من يهمه الأمر، بأنها لا تريد أن ترى بنيامين نتنياهو قي موقع رئيس الوزراء للدولة العبرية للمرة الرابعة، وأن نتنياهو ليس الخيار الأفضل للشعب الإسرائيلي ومستقبله. لقاء نائب الرئيس الأميركي جو بايدن مع زعيم المعارضة العمالية هرتسوغ على هامش مؤتمر ميونخ للأمن إحدى هذه الرسائل القوية. وإعلان مكتب بايدن أن نائب الرئيس لن يضر خطاب نتنياهو في الكونجرس رسالة أخرى. اما بالنسبة للرئيس الأميركي باراك أوباما فإن النفور والفتور هو ما يميز علاقته ببنيامين نتنياهو منذ فترة طويلة. وينظر اليمين الصهيوني، إلى ما يحصل بين أوباما ونتنياهو بأنه أمر مماثل للقوانين المغناطيسية في الطبيعة، لجهة الفاعلية في تنافر الأقطاب وتجاذبها. ويصفون الرجلين بأنهما نيزكان في عالم السياسة تجاوزا الأطر البيروقراطية والأجهزة الحزبية، ووصلا القمة والشهرة في سن مبكرة حيث أن نتنياهو ترأس الحكومة الإسرائيلية في سن 46، واصبح أوباما رئيسا للولايات المتحدة في سن 47 -، وكلاهما من خريجي الجامعات الأميركية العريقة في بوسطن، ومن المتحدثين والمتكلمين، ولكنهما لا يتمتعان بملكة صناعة العلاقات والصداقات، سواء على الساحة الدولية أم في السياسة الداخلية، وكلاهما يشغلان منصبيهما بشكل منعزل عن باقي القيادة.

ويتهم اليمين الصهيوني الرئيس الأميركي باراك أوباما، بانه وصل البيت الأبيض مع رأي مسبق ضد - اليمين اليهودي -، وذلك لقوله قبل عام من انتخابه رئيسا لأول مرة: «ليس من الضروري أن تكون مؤيدا لليكود لكي تكون مؤيدا لإسرائيل،. وفي الانتخابات الرئاسية 2008، لم يغفر له اليمين ذلك، ودشنوا ضده حملة تشهير بسبب خلفيته الإسلامية، وفي انتخابات 2012 دعم نتانياهو خصمه ميت رومني، ويبدو الآن الرئيس الأميركي كمن يحاول رد الصفعة لنتنياهو، بفعل كل ما هو ممكن من اجل قطع الطريق على نتنياهو للفوز بولاية رابعة.

وبنظر كثير من المطلعين على الشأن الأميركي الإسرائيلي، فإن نشأة نتنياهو في الولايات المتحدة في بيت صهيوني محافظ ساهم في صناعة منطقة عازلة بينه وبين الرئيس الأميركي، وذلك لأن نتنياهو بحكم نشأته وتركيبته الأيديولوجية وجد نفسه أقرب ما يكون إلى اليمين المحافظ في الحزب الجمهوري الأميركي، وهو يفكر مثلهم ويتحدث مثلهم. فوالد نتنياهو هو المؤرخ اليهودي بن تسيون، كان باحثا في التاريخ والفلسفة ومحاضرا جامعيا مطلوبا في الولايات المتحدة، بحكم تخصصه في تاريخ التيار اليميني في الحركة الصهيونية، وزرع والد نتنياهو روح وأفكار اليمين المتشدد قومية يهودية راديكالية لا تؤمن بالسلام مع العرب، لدرجة أن من عرف نتنياهو عن قرب من الفلسطينيين وصفوه: بأن لا يميني على يمين نتنياهو. تشرب نتنياهو أفكار والده المتطرفة الذي قال في إحدى اللقاءات معه: إن التسوية السلمية مع الفلسطينيين هي مجرد وهم، وأن الحل الوحيد للصراع هو ان تفرض إسرائيل سيادتها بالقوة على فلسطين الكاملة، وقال إن ابنه أي نتنياهو يفكر مثله، ولكنه لا يفصح عن أفكاره، لأنه يخشى من ردود فعل محلية ودولية تضر بمصالح إسرائيل.

لذلك فإن أوباما ابن الحزب الديمقراطي والذي يجد صعوبة في خلق حوار مع خصومه في الولايات المتحدة من الحزب الجمهوري، يجد بالتالي صعوبة في التظاهر بأن هناك لغة مشتركة بينه وبين من ينظر إليه على أنه ممثلهم في إسرائيل أي نتنياهو -.

ثم أن نتنياهو الذي تلقى تعليمه الثانوي في ولاية فيلادلفيا بالولايات المتحدة، وأنهى دراسته الجامعية في جامعة هارفارد في إدارة الأعمال، وتربى في بيت صهيوني له علاقات واسعة مع اليمين الأميركي. الأمر الذي مكّنه من ان يكون على معرفة وثيقة بدهاليز السياسية في الولايات المتحدة، وبطبيعة الخطاب الأميركي. وهذا جعل نتنياهو لا يأبه بالضغوط الأميركية، ويسخر من التقارير الإسرائيلية التي تتحدث عن توتر شديد مع الولايات المتحدة بسبب عدم التقدم في عملية السلام، لأنه يدرك بأن الكتلة الصلبة في الإدارة والسياسة الأميركية هي مع إسرائيل، وان موقف الرئيس الأميركي أي رئيس أميركي يمكنه التأثير في أي شيء- إلا في التحالف الاستراتيجي- مع الدولة العبرية.

وفي حين ينظر الرئيس الأميركي باراك أوباما على أن الاستيطان يغلق الباب أمام حل الدولتين، فإن الاستيطان يقع في صلب عقيدة نتنياهو، وذلك كنتيجة طبيعية لتراكم الحقن الأيديولوجي الصهيوني منذ صغره حول العلاقة التاريخية بين شعب إسرائيل وأرض إسرائيل وحول أهمية الاستيطان في تحقيق الوعد الإلهي في السيطرة، وإخضاع وتيرة هذا الاستيطان للظرف السياسي ولموقف المحيط من هذا الاستيطان. وإذ نستطيع القول بأن الصهيونية العمالية قد بنت إسرائيل، فإن الصهيونية الدينية قد بنت مشروع الاستيطان في الضفة وغزة ولا تبدو في وارد التنازل عن هذا المشروع مهما كان الثمن، ونتنياهو هو الابن البار لهذه الحركة.

وتكشف تقارير إعلامية، بأن الحملة العسكرية على غزة، ساهمت في تعميق المنطقة العازلة بين نتنياهو والرئيس الأميركي. فقد أعرب أوباما في بداية الحملة عن تأييده للتحرك الإسرائيلي العسكري لوضع حد للإطلاق الصواريخ من غزة على البلدات الإسرائيلية. ولكن بعد فترة وجيزة بدأ مزاج الرئيس والإدارة الأميركية بالتحول، وصولا إلى النقطة، التي أعلن فيها أوباما صراحة ضرورة وقف إطلاق النار بشكل فوري. وبحسب مسؤولين في البيت الأبيض فإن التكتيكات القتالية القاسية التي استخدمتها إسرائيل في ميدان المعركة واستهداف المدنيين بشكل عشوائي، كان وراء هذا التحول.

الأهم من ذلك، هو رفض الرئيس الأميركي لمحاولات نتنياهو المتكررة لخلق تطابق بين تنظيم حماس وتنظيم داعش، كما يشعر باراك أوباما بخيبة أمل ممزوجة بشيء من الغضب، جراء إنكار نتنياهو المتعمد للسبب الرئيسي وراء ما يجري في غزة والضفة من عنف والذي يراه الرئيس الأميركي يتلخص في كلمة واحدة وهي الاحتلال -.

وحين يحشر الرئيس الأميركي نتنياهو في الزاوية مطالبا إياه بالتقدم في عملية السلام، وصولا إلى الانسحاب من الأراضي الفلسطينية وتمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم المستقلة، يكون رد نتنياهو الفوري: انظر إلى ما حدث في جنوب لبنان، لقد انسحبنا من لبنان عام 2000 حتى آخر جندي، من أجل جلب السلام والهدوء إلى المنطقة الحدودية. ولكن ماذا كانت النتيجة!!!،.... لقد بنى الحزب الموالي لإيران في لبنان ترسانة هائلة من الصواريخ وتضاعف النفوذ الإيراني في لبنان لدرجة غير مسبوقة، لدرجة أصبحنا نشعر بأن إيران هي الدولة التي تقع على حدودنا الشمالية.

إذن ما الذي يملكه نتنياهو أو بيبي من خطط من أجل التعامل مع الموضوع الفلسطيني، إذا كان لا يؤمن بالسلام، وجدوى الانسحاب من الأراضي الفلسطينية، باختصار، الذي بجعبته هو تضييع الوقت في مفاوضات من دون مرجعية ولا سقف زمني لها. وإذا كانت استراتيجية التدويخ - هي استراتيجية معتمدة من جانب قادة إسرائيل منذ تدشين مباحثات السلام في أوسلو من أجل تدويخ الفلسطينيين وتخفيض سقف توقعاتهم. فقد شكلت هذه الاستراتيجية عصارة فكر وممارسة نتنياهو طوال ولاياته الثلاث، بل أسس مدرسة عنوانها شراء الوقت وتكريس الأمر الواقع وتدويخ الفلسطينيين - من أجل سحق توقعات الفلسطينيين.

وينقل أحد الكتاب الفلسطينيين عن مفكر عربي كبير زار الإليزيه، بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو مباشرة، والتقى بالرئيس الفرنسي فرنسوا متران قول الرئيس: إنه سمع من مسؤولين كبار في الدولة العبرية وعلى صلة وثيقة بملف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية ما معناه: أنهم يحتاجون وقتاً طويلاً لقضائه مع الفلسطينيين حول مائدة المفاوضات ثم يعودون بهم عن قرب المائدة ويطرحون عليهم صيغاً واسعة مفتوحة للاجتهادات، ثم يأخذونهم معهم إلى تمارين في الصياغة قد تكون مفيدة في تعليمهم من دون أن تكون بالضرورة مؤدية إلى اتفاق معهم، ثم أنهم سوف يعرضون عليهم وسطاء ووساطات يذهبون بأفكار ومقترحات ويتركونهم يذهبون إلى واشنطن ونيويورك ويعودون من واشنطن ونيويورك ثم يكون من هذا الجهد كله أن يؤقلم الطرف الفلسطيني نفسه تدريجياً على كيفية تخفيض سقف توقعاته.

وكما ينقل المفكر العربي على لسان ميتران الذي قال له كيف أقولها لك، على بلاطة، هم يريدون عملية تدويخ كبرى للفلسطينيين!!!.

() كاتبة فلسطينية من غزة
 

Iran: Death of a President….....

 الأربعاء 22 أيار 2024 - 11:01 ص

Iran: Death of a President…..... A helicopter crash on 19 May killed Iranian President Ebrahim Ra… تتمة »

عدد الزيارات: 157,820,680

عدد الزوار: 7,081,158

المتواجدون الآن: 87