رسائل تركية في صندوق بريد الرياض.. صفحة جديدة قد تتطلب "تنازلات موجعة"..

تاريخ الإضافة الثلاثاء 27 نيسان 2021 - 9:56 م    عدد الزيارات 1279    التعليقات 0

        

رسائل تركية في صندوق بريد الرياض.. صفحة جديدة قد تتطلب "تنازلات موجعة"..

الحرة....ضياء عودة – إسطنبول.... انخفضت قيمة التجارة بين الرياض واسطنبول بنحو 98 في المئة...

أربعة أشهر مضت على بداية عام 2021، وفيها تبدل وجه السياسة الخارجية لتركيا رأسا على عقب، فمن وُضعوا ضمن خانة "الأعداء" سابقا باتوا الآن أقرب إلى "الأصدقاء الجدد". وتلك محاولات لفتح صفحة جديدة، ويراهن مراقبون تصب في إطار خطوات "تصفير المشاكل"، وهي السياسة التي سبق وأن نادى بها رئيس الوزراء الأسبق، أحمد داوود أوغلو لتعود من جديد الآن، لكن في عهد الرئيس، رجب طيب إردوغان. من مصر إلى السعودية لم تنقطع رسائل الغزل التي وجهتها تركيا في الأشهر الماضية إلى هاتين الدولتين، وكان اللافت منها ما ورد على لسان المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين الاثنين، بقوله إن بلاده "ستبحث عن سبل لإصلاح العلاقات بأجندة أكثر إيجابية مع السعودية"، مضيفا أنه يأمل في إنهاء "المقاطعة". وفي تغير ملحوظ في لهجة أنقرة، رحب كالين، ولأول مرة، بالمحاكمة التي أجرتها السعودية وقضت العام الماضي بسجن ثمانية متهمين بقتل الكاتب جمال خاشقجي بين سبع سنوات و20 عاما. وأضاف كالين لرويترز: "لديهم محكمة أجرت محاكمات. اتخذوا قرارا وبالتالي فنحن نحترم ذلك القرار". ويعد هذا تحولا كبيرا في الموقف التركي، بعد أن كانت أنقرة قد قالت عند صدور الحكم إنه لم يرق لمستوى التوقعات، وحثت الرياض على التعاون معها، حيث تجري محاكمة لـ 20 مسؤولا سعوديا غيابيا، مع أن المحكمة لم تعقد سوى ثلاث جلسات منذ يوليو. وبينما لم يصدر أي تعليق حتى الآن من جانب الرياض بشأن الموقف التركي الجديد واللافت، قدمت وسائل إعلام سعودية ذلك التطور بأنه "إشادة بالمحاكمة السعودية"، فيما ألمح مغردون سعوديون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى قرب إعادة تطبيع العلاقات بين الجانبين في الأيام المقبلة.

إشارات سابقة

لم تكن الإشارات من فحوى تصريحات كالين هي الأولى من نوعها التي وُضعت في إطار رسائل الغزل التي تمررها أنقرة إلى نظيرتها الرياض، بل كانت قد سبقتها إشارات ذات مستوى أقل، أبرزها في ديسمبر 2020. وفي تلك الفترة أجرى الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز والرئيس التركي، رجب طيب إردوغان اتصالا هاتفيا قبل يوم من قمة العشرين، في تطورٍ جاءت أهميته من كونه الوحيد الذي يجريه سلمان بن عبد العزيز مع رئيس دولة مشاركة في القمة.

المقاطعة التجارية وقضية خاشقجي وليبيا.. تحول تركي لافت تجاه السعودية ومصر

في تغير لافت طرأ على خطاب السياسة الخارجية التركية، أرسلت أنقرة رسائل إيحابية منفتحة لإعادة بناء العلاقات مع السعودية ومصر، في محاولة منها للتغلب على الخلافات التي جعلتها في عزلة خلال السنوات الماضية، وأثرت على اقتصادها. وسبق ذلك لقاء ودي جمع وزيري خارجية السعودية، فيصل بن فرحان آل سعود، وتركيا ومولود جاويش أوغلو، الأمر الذي أعطى صورة أكثر وضوحا لوجهة نظر الطرفين، ولاسيما مع إشارة الأخير إلى أن بلاده تولي أهمية لعلاقاتها مع السعودية، معتبرا في تصريحات سابقة أن "الشراكة القوية بين تركيا والسعودية ليست لصالح البلدين فحسب، بل للمنطقة بأكملها". ورغم أن المؤشرات المذكورة سابقا توضع ضمن خانة التقارب بين أنقرة والرياض، إلا أنها وعلى الجانب المقابل لا تعط أرضية واضحة للعلاقة المقبلة التي سيكون عليها الطرفان، خاصة وأنه عند الحديث عن السعودية وتركيا، فالمشاكل وحالة العداء بينهما لا ترتبط بملفات بسيطة، بل بسياسات خارجية وتحالفات معادية. وكان رجال أعمال سعوديون قد وافقوا، العام الماضي، على مقاطعة غير رسمية للسلع التركية، ردا على ما وصفوه عداء أنقرة، الأمر الذي تسبب في خفض قيمة التجارة بنسبة 98 في المئة. في حين يعود أصل تأزم العلاقات، بعد أن قال إردوغان في 2018، إن الأمر بقتل خاشقجي صدر من "أعلى المستويات" في الحكومة السعودية.

"العالم يتغير بسرعة"

قد لا يكون من باب المصادفة أن تتزامن التحركات التركية لإعادة تطبيع العلاقات مع مصر مع تلك التي تذهب باتجاه السعودية، وهو الأمر الذي سبق وأن أكده محللون سياسيون مقربون من الحكومة التركية في تصريحات لموقع "الحرة". وكشف المحللون، في مارس الماضي، أن إعادة تطبيع العلاقات بين القاهرة وأنقرة "سيتبعه اتفاقيات إعادة تطبيع مماثلة بين تركيا والسعودية وتركيا والإمارات وتركيا وإسرائيل". ويصب ما سبق في إطار السياسة الجديدة التي تسير فيها تركيا حاليا، والتي اتضحت ملامحها بشكل أكبر بعد وصول الإدارة الأمريكية الجديدة إلى البيت الأبيض، برئاسة الرئيس المنتخب، جو بايدن. ويجمع المراقبون والخبراء أن سياسة بايدن تتعارض بشكل كبير مع سياسة أنقرة وأيضا مع سياسة الرياض، وخاصة فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان. وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو قد أكد التغير في سياسة بلاده منذ أيام بقوله إن "العالم يتغير بسرعة. مجال السياسة الخارجية يتغير بسرعة. في مواجهة هذه التطورات هناك حاجة لتغييرات في السياسة الخارجية". وأضاف في لقاء متلفز مع قناة "هبر تورك": "يجب أن نكون رواد أعمال، ويجب أن نجد حلولا للنزاعات. يجب أن تكون تركيا وسيطا. تعود نجاحاتنا في الوساطة إلى نهجه الصادق والمتوازن".

"صفحة جديدة"

يقرأ المحلل والكاتب السياسي التركي، يوسف كاتب أوغلو تصريحات كالين الأخيرة الخاصة بالسعودية على أنها تندرج في إطار خطوات أنقرة لفتح صفحة جديدة مع نظيرتها الرياض. ويقول كاتب أوغلو المقرب من الحكومة التركية لموقع "الحرة": "الآن ترى تركيا بأنه يجب أن يكون هنالك تفعيل لقنوات الحوار مع السعودية، وهو الأمر الذي مهد له الموقف الجديد من قضية خاشقجي". ويضيف الكاتب التركي: "تركيا ترى أنه يجب أن يتم التعامل مع قرارات المحكمة السعودية على أنها ذات شأن سيادي. يجب أن يكون هناك احترام متبادل، وبالتالي طوي الصفحة القديمة". وبينما تغيب الأهداف المعلنة لهكذا نوع من التقارب، وخاصة بالنسبة لأنقرة يلمح كاتب أوغلو إلى ضغوطات "من الخارج" بدأت تلقي بظلالها على البلاد. ويوضح أن تركيا تبحث في الوقت الحالي عن "تحالفات قوية لمواجهة التحديات التي يخطط لها من الخارج، ومن قبل دول أخرى تريد الإيقاع بها مع جيرانها، ومع الدول العربية". ولم يستبعد كاتب أوغلو الأهداف الاقتصادية المرجوة من التقارب إن تم بصورة كاملة في المرحلة المقبلة. ويشير إلى أن "تركيا تريد أن تعود علاقاتها السياسية والاقتصادية مع السعودية إلى طبيعتها، من خلال تعزيز الحوار المباشر، وتحقيق الاحترام المتبادل وتفعيل قضية ما يسمى الربح الكلي والمنافع المشتركة والمصالح المتبادلة". ويتابع الكاتب التركي أن "خطاب أنقرة يسعى إلى أن تكون العودة إلى ما قبل 2018. هي خطوة جريئة".

"تنازلات موجعة"

من أنقرة إلى الرياض تختلف وجهة النظر عما يحصل، ويبدو أن ذلك يرتبط بضبابية المشهد وغياب تفاصيل البداية الجديدة، ولاسيما من الساسة السعوديون. المستشار السابق في وزارة الخارجية السعودية، سالم اليامي يرجح جدا أن يكون هناك علاقات سعودية- تركية أفضل من العلاقات الموجودة اليوم. ويعتقد أن "كل الإشارات أو التنازلات إذا جازت التسمية جاءت من الجانب التركي، الذي يظهر هذه الفترة بأنه يتعرض لحالة من الضغط الداخلي، اقتصاديا، وسياسيا وشعبيا". ويقول اليامي في تصريحات لموقع "الحرة": "التحولات الدولية الحالية ليست في صالح النظام في تركيا، وأهم من ذلك أن ما يمكن أن نسميه العثمانية الجديدة كمشروع حاولت تركيا التبشير به قد تراجع، وبدأ يفقد أدواته. هذا واضح". وعن موقف الرياض يضيف اليامي: "من المعتقد أن الجانب السعودي بالذات لن يعيد العلاقات إلى سابق عهدها مع تركيا إلا بتنازلات موجعة، ومحرجة بعض الشي للنظام التركي، ولقيادته". والتنازلات جزء من طبيعة العلاقات الدولية، وهي ليست نقيصة في حق من يقدمها، لأنه في الأغلب سيحصل على مقابل سياسيا أو اقتصاديا لها، حسب اليامي. ويتابع: "أغلب ظني أن السعودية ستطلب من تركيا جملة أمور تتعلق بالمواقف التركية غير المفهومة في تدخلها في المنطقة العربية، ثم هناك المواقف التركية غير الودية تجاه المملكة المرتبطة بقضية الصحفي السعودي المرحوم جمال خاشقجي، والتي حاولت تركيا من خلالها ابتزاز المملكة، والإساءة إلى قيادتها بدون مبرر". وبالإضافة إلى ما سبق يرى اليامي وهو كاتب وباحث في العلاقات الدولية أن التنازلات قد ترتبط أيضا بعلاقة تركيا بحركة "الإخوان المسلمين".

"قطر من خلف الكواليس"

على الرغم من غياب القواسم المشتركة بين أنقرة والرياض منذ عام 2018، إلا أن هذا الحال تغيّر بعد "صلح العلا" في يناير العام الحالي. ويمكن القول إن القاسم المشترك بين الجانبين في الوقت الحالي هو دولة قطر، والتي سبق وأن أقامت علاقات سياسية وتجارية كبيرة مع أنقرة في سنوات الأزمة الخليجية الماضية، واتجهت في الأشهر الماضية إلى تصفير بعض مشاكلها مع السعودية أولا وبسوية أقل مع مصر. الباحث في العلاقات الدولية، جلال سلمي أوضح أن المحرك الأساسي لإعادة تطبيع العلاقات بين الرياض وأنقرة في الوقت الحالي هي دولة قطر. ويقول في تصريحات لموقع "الحرة": "قطر منذ توجهها إلى اتفاق المصالحة كان ضمن خططها هي وضع لبنة قوية للمصالحة بين تركيا والسعودية، وبين السعودية وإيران". دافعت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الاثنين، عن دعمها العسكري للسعودية، كما استبعد أن يكون لاعتراف الرئيس، جو بايدن، بالإبادة الأرمنية، آثار سلبية على العلاقات مع تركيا. ويضيف سلمي المقيم في إسطنبول: "حاليا الموضوع متعلق بالسعودية أكثر، كونها تحتاج إلى القوى الناعمة القطرية، وبحاجة أيضا إلى إعادة التموضع الإقليمي مع الاختلاف الكبير الذي أظهرته الإدارة الأمريكية الجديدة عن سابقتها". وفيما يخص الجانب التركي يشير الباحث إلى أن تركيا تعمل على إعادة التموضع الخارجي في ظل المعادلات الجديدة، ولاسيما مع قدوم جو بايدن إلى البيت الأبيض. وقد يكون الدافع المشترك بين أنقرة والرياض أيضا لإعادة تطبيع العلاقات هو إيران، ويتابع سلمي: "خاصة بعد الهامش الكبير الذي باتت تتحرك به حاليا، على خلاف الأيام التي سبقت تولي بايدن".....

 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,371,790

عدد الزوار: 6,947,054

المتواجدون الآن: 83