عبد الإله البشير.. عراب معركة دمشق

تاريخ الإضافة الجمعة 28 شباط 2014 - 6:01 ص    عدد الزيارات 719    التعليقات 0

        

عبد الإله البشير.. عراب معركة دمشق
قربه من جمال معروف سهّل وصوله وضبط التمويل أبرز مهماته
بيروت: «الشرق الأوسط»
يفضّل رئيس هيئة أركان «الجيش السوري الحر» الجديد، عبد الإله البشير، أن يناديه رفاقه بـ«أبو طلال». فالرجل الذي فقد ابنه البكر خلال معارك مع القوات النظامية مطلع العام الحالي، ازداد «احتقاره للنظام» أي نظام الرئيس السوري بشار الأسد وبات ولده «المقتول برصاص من كان يظنه جيشا وطنيا»، رمزا شخصيا للوصول إلى هدف «إسقاط النظام ومحاكمة رموزه». فنجح في قيادة المجلس العسكري في مدينة القنيطرة خلال الأسابيع الماضية، محكما سيطرته على ريفها الجنوبي، ما جعله المرشح الأبرز لخلافة رئيس هيئة الأركان السابق اللواء سليم إدريس.

ويتمتع البشير بحسب مصادر عسكرية قريبة منه بـ«خبرة كبيرة في دراسة الخرائط العسكرية ومهارات عالية في التنسيق بين جميع الكتائب التابعة له، ما ساهم في تحقيق إنجازات ميدانية في مدينة القنيطرة». كما يحظى قائد الأركان الجديد بعلاقات جيدة مع مختلف قادة الفصائل المقاتلة على الأرض، كما يؤكد عضو قيادة الأركان الجديدة فرج الحمود الفرج لـ«الشرق الأوسط»، مشددا على أن «البشير يحظى باحترام جميع القوى العسكرية المعارضة، لا سيما المعتدلة منها نتيجة احتكاكه الدائم بالميدان». ويصف الفرج قرار تعيين البشير في منصبه بـ«القرار الأفضل»، لافتا إلى أنه «وجه مقبول من الجميع داخل سوريا وخارجها، إضافة إلى كونه معتدلا ووسطيا وينبذ التطرف».

وعلى الرغم من نشاطاته العسكرية في القنيطرة، فإن البشير لا يحبذ الظهور الإعلامي على غرار بقية القادة الميدانيين في المعارضة، إذ تنحصر إطلالاته على بعض المشاركات التلفزيونية التي يشرح فيها الأوضاع في القنيطرة، وهو ما يفسر ندرة المعلومات الشخصية عنها. أما على المستوى السياسي، فيبدو لافتا مشاركته في مؤتمر للمعارضة الإيرانية رعته منظمة «مجاهدين خلق» في السابع من أغسطس (آب) العام الماضي في العاصمة الفرنسية باريس، حيث أكد البشير في كلمته أن «نظام طهران هو عدو الشعبين السوري والإيراني»، متهما إياه «بدعم نظام الأسد بالسلاح والرجال والمال». لكن خصوم البشير وبعيدا عن التضحيات العائلية التي قدمها وإنجازاته العسكرية في القنيطرة، لا يجدون فيه أي صفات استثنائية تخوله شغل منصب قائد هيئة الأركان. ويعتبر البعض أن وصوله إلى قيادة الأركان ليس سوى نتيجة لتوازنات القوى الميدانية بين الكتائب المقاتلة على الأرض والعلاقة الوطيدة التي تجمع بعضها بـ«الائتلاف المعارض لقوى الثورة والمعارضة السورية». وفي هذا السياق، يؤكد أحد أعضاء هيئة الأركان السابقة لـ«الشرق الأوسط»، رافضا الكشف عن هويته، أن «قائد جبهة (ثوار سوريا) جمال معروف هو من فرض البشير رئيسا للأركان بحكم علاقته الوطيدة برئيس الائتلاف المعارض أحمد الجربا، إضافة إلى القوة الميدانية التي يتمتع بها مقاتلوه على الأرض».

وتمتلك جبهة «ثوار سوريا»، التي يقال إن عدد مقاتليها يتجاوز الـ40 ألف مقاتل، نفوذا واسعا في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة لا سيما في شمال سوريا. ويحظى قائدها جمال معروف باهتمام لافت من قبل رئيس الائتلاف، الجربا، لدرجة أنه اصطحبه معه في زيارته الأخيرة إلى ريف إدلب، كما شارك مندوب عن معروف في مؤتمر «جنيف 2» بصفته عضوا أساسيا في اللجنة العسكرية التي رافقت وفد المعارضة إلى المؤتمر الدولي، في حين تغيب إدريس والمقربون منه.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «معروف لم يرد أن يتسلم بنفسه قيادة الأركان باعتباره العسكري الأقرب إلى الائتلاف والأقوى على الأرض بين القوى المعتدلة التي يفضلها الغرب، بل ترك المهمة للبشير ليتحمل نتائج هذه المسؤولية، على أن يكون هو رجل القرار الحقيقي». ويبدو لافتا في هذا السياق أن العقيد المنشق هيثم عفيسي قائد «لواء شهداء معرة النعمان وريفها»، وأحد قادة «جبهة ثوار سوريا»، اختير ليكون نائبا للبشير.

ويوافق المقدم المنشق مهند الطلاع، رئيس المجلس العسكري السابق في دير الزور، على أن «علاقة المعروف بالبشير هي السبب الرئيس لوصول الأخير إلى منصبه الحالي»، مشددا في حديث لـ«الشرق الأوسط» على أن «البشير كان مدرسا في الكلية الحربية ولم يسبق له أن قاد وحدات عسكرية، ما يعني أن خبرته الميدانية ضعيفة جدا قياسا باللواء سليم إدريس رئيس هيئة الأركان السابق الذي يحمل دكتوراه في الهندسة الحربية وعلى احتكاك مباشر بخطط الميدان».

وكان إدريس رفض قرار إقالته الذي أصدره المجلس العسكري الأعلى للجيش الحر وعين بموجبه البشير خلفا له، مطلع الأسبوع الماضي، مشيرا في تسجيل مصور إلى أن هذا «القرار باطل وغير شرعي»، وهو ما يؤكده الطلاع الذي ظهر بجانب إدريس في التسجيل مع عدد من القادة العسكريين الداعمين لقائد الأركان السابق. وأوضح أن «المجلس الأعلى لا يملك صلاحية إقالة إدريس، وعمله يقتصر على المراقبة والتوجيه بحسب ما نص النظام الداخلي الذي وضع في اجتماع أنطاليا وأسس بموجبه المجلس».

لكن قائد جبهة «ثوار سوريا» معروف سارع إلى الدفاع عن قرار إقالة إدريس، مشيرا في تصريحات صحافية إلى أنه «يحق للمجلس الأعلى عزل رئيس الأركان بثلثي الأعضاء، وهذا البند موجود في النظام الداخلي»، وهذا ما يعزز الشكوك بأن نفوذ معروف يعد العامل الأبرز الذي ساهم بوصول البشير إلى منصبه. وأشار معروف في تصريحاته إلى أن «الائتلاف لا علاقة له بعزل رئيس الأركان، ولا يحق للائتلاف عزل رئيس الأركان»، مؤكدًا أن «القرار صدر من الجهة الشرعية المخوّلة بذلك، وهي المجلس العسكري الأعلى للجيش الحر».

ولاقى قرار عزل إدريس وتعيين البشير خلفا له ترحيبا واسعا من «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»، وجاء في بيان لرئيسه الجربا أن الائتلاف «تلقى قرار المجلس العسكري الأعلى بتعيين العميد الركن عبد الإله البشير في منصب رئيس أركان الجيش السوري الحر والعقيد هيثم عفيسي في منصب نائب رئيس الأركان بمزيد من الارتياح».

وأنشئت هيئة الأركان العامة للجيش الحر في ديسمبر (كانون الأول) 2012، وعيّن اللواء سليم إدريس قائدا لها، حتى تمت إقالته من قبل المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر يوم 16 فبراير (شباط) الجاري، وعُيّن البشير مكانه. وبرر المتحدث باسم المجلس هذا التغيير «بالأوضاع الصعبة التي تواجه الثورة السورية»، و«إعادة هيكلة قيادة الأركان».

إلا أن طبيعة العلاقة التي تجمع البشير بقائد جبهة «ثوار سوريا» معروف لا يبدو أنها السبب الوحيد لوصوله إلى رئاسة الأركان، إذ ترجح مصادر عسكرية معارضة أن «يكون تعيينه في موقعه يأتي بالتزامن مع معركة دمشق المفترض انطلاقها قريبا من الجبهة الجنوبية وتحديدا من مدينة درعا»، مشيرة إلى أن «وجود أحد قادة الجبهة الجنوبية في موقع القرار سيسهل هذه المعركة ويضمن نجاحها نتيجة معرفته اللوجيستية والعسكرية».

وكانت تقارير صحافية نقلت عن مصادر في المعارضة استعدادها لبدء معركة المنطقة الجنوبية للهجوم على العاصمة دمشق انطلاقا من درعا، وذلك بمساعدة مقاتلين دربوا في الأردن برعاية أميركية. وهو ما أكدته مصادر نظامية أيضا بالتزامن مع تعزيز قدراتها الميدانية وحشد عناصرها لصد أي هجوم محتمل.

ولا تبدو مهمة البشير سهلة في هذا الإطار، بسبب الشرذمة والتشتت اللذين يعاني منهما الجيش الحر، خصوصا بعد سيطرة «الجبهة الإسلامية» على مخازن السلاح التابعة له على الحدود مع تركيا نهاية العام الفائت، ما اعتبر ضربة قوية للجيش الحر كشفت عن تراجع دوره وضعف قدرته العسكرية. وعلى الرغم من أن البشير لم يحدد موقفه بعد من «الجبهة الإسلامية» التي تعتبر أكبر تكتل للفصائل الإسلامية في سوريا، فإن نائبه عفيسي أكد في تصريحات إعلامية قبل أيام «عدم إقصاء أي فصيل من الفصائل المقاتلة بما في ذلك الجبهة الإسلامية».

وتعتبر مسألة ضبط تمويل الكتائب على الأرض من أبرز التحديات التي ستواجه رئيس هيئة أركان «الجيش الحر» الجديد في ظل الفوضى التي تشهدها عملية توزيع كميات السلاح التي تصل إلى الأركان، ووصل بعضها إلى الكتائب المتطرفة. ويؤكد نائب قائد الجيش الحر السابق العقيد المنشق مالك الكردي لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة لا تكمن في شخص قائد الأركان الحالي أو أي ضابط آخر، بل إن عمق المشكلة يتعلق بالأطراف الداعمة بالسلاح وكذلك الدول الإقليمية التي لا تملك إرادة واحدة لتنظيم العمل العسكري». ويوضح الكردي أن «الأطراف الداعمة متعددة سواء على مستوى الأفراد أو الدول ما أدى إلى تقسيم الثورة إلى أقسام، كل طرف يدعم فصيل يعمل لصالحه ووفق أجندته»، مشيرا إلى أن «مهمة البشير تتمثل في ظل هذا الواقع بإقامة تناغم مع الأطراف الإقليمية بحيث لا ينحاز إلى جانب طرف على حساب طرف آخر». وأضاف: «نحتاج إلى تفاهم إقليمي - دولي من أجل تنظيم العمل العسكري وبناء جيش وطني يضم جميع الفصائل في إطار تنظيم واحد يمنع تجزؤ السلاح وتعدد الولاءات».

وتعد فكرة تأسيس جيش وطني أولوية بالنسبة لوزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة التي يتولاها أسعد مصطفى، لكن قادة الكتائب على الأرض لا يبدون تعاونا في هذا الإطار، ما سيجعل مهمة البشير أكثر صعوبة بحسب ما يؤكد الكردي، لافتا إلى أن «القادة الميدانيين باتوا يفضلون الفوضى لأنها تؤمن لهم مصالح ونفوذا، ما يحتم على رئيس هيئة الأركان الجديد أن يقنعهم أن مصلحتهم تندرج في تكوين جيش وطني منظم وليس في الفوضى».

* عبد الإله البشير في سطور

* يتحدر العميد الركن المظلي عبد الإله البشير النعيم، وعمره 53 عاما، رئيس هيئة أركان «الجيش السوري الحر» الجديد، من قرية الرفيد بمحافظة القنيطرة السورية جنوب غربي سوريا على الحدود مع مرتفعات هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل. ويعتبر من أهم وجهاء عشيرة النعيمي التي تعد من أكبر عشائر سوريا المعارضة للنظام. متزوج وله سبعة أولاد، أربع فتيات وثلاثة شبان يقاتلون معه، قتل البكر منهم ويدعى طلال قبل ثلاثة أشهر خلال معارك مع القوات النظامية في مدينة القنيطرة.

انشق البشير عن القوات النظامية السورية في يوليو(تموز) 2012، ليعمل فورا على تأسيس وتشكيل نواة «الجيش الحر» في محافظة القنيطرة، قبل أن يتسلّم رئاسة العمليات ضد القوات النظامية ثم تسلم رئاسة المجلس العسكري فيها لاحقا. وبعد طرد القوات النظامية من قرية جباتا، انتقل البشير إليها برفقة عدد من الضباط المنشقين ليتخذها مقرا له، وليتحول نشاطه العسكري لاحقا من الجبهة الشمالية للقنيطرة إلى «تحرير» القطاع الجنوبي، حيث قاد غرفة العمليات بنفسه ونظم الخطط العسكرية التي ساهمت في السيطرة على أكثر من 90 في المائة من الريف الجنوبي للمحافظة.

كما شاركت الكتائب العاملة مع البشير ضمن المجلس العسكري في القنيطرة في تحرير أكثر من ستين قرية وبلدة كانت تخضع لسيطرة القوات النظامية. وسبق لقائد أركان الجيش الحر الجديد أن أشرف على تأمين خطوط الإمداد مع محافظة درعا وفتح الطريق بشكل آمن. وأشارت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن قائد الجيش الحر الجديد «بعيد عن الإعلام ويتمتع بكاريزما قيادية ومحبوب من قبل أفراده والضباط حوله، وهو لا يحبذ كثيرا الظهور الإعلامي».

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,236,483

عدد الزوار: 6,983,831

المتواجدون الآن: 73