نتائج الحوار اليمني إلى المجهول ومخاوف من استدراج الجيش للاصطدام بالحوثيين

تاريخ الإضافة الإثنين 7 نيسان 2014 - 7:41 ص    عدد الزيارات 711    التعليقات 0

        

نتائج الحوار اليمني إلى المجهول ومخاوف من استدراج الجيش للاصطدام بالحوثيين

 صنعاء - علي ربيع

 

جاهد اليمنيون على مدار عشرة أشهر لطي صفحة مؤتمر الحوار الوطني أملاً في البدء بتنفيذ نتائجه التي تضمنت حلولاً نظرية لمعظم مشكلات البلاد المعقدة؛ إذ أقرت قيام دولة اتحادية من ستة أقاليم مع تمديد ولاية الرئيس الانتقالي الحالي عبدربه منصور هادي حتى انتخاب خلف له بموجب الدستور الاتحادي الجديد الذي بدأت أخيراً اللجنة المكلفة صوغه بممارسة مهامها المقرر استمرارها سنة كاملة.

 

 

وفي سياق تفاؤل المجتمع الدولي بهذه الخطوات اليمنية المنجزة أظهرت الدول الراعية للعملية الانتقالية حرصاً كبيراً على حمايتها من التراجع، وتجلى ذلك في دعمها لصدور قرار مجلس الأمن (2140) الذي جاء تحت البند السابع قاضياً بتشكيل لجنة لفرض عقوبات بحق الأطراف أو الأشخاص الذين يثبت تورطهم في إعاقة مسار تنفيذ مخرجات الحوار الوطني.

 

 

غير أن هذا لم ينف حقيقة أن البلاد ما زالت تواجه كماً هائلاً من التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تهدد العملية الانتقالية وتنذر بنسفها، خصوصاً في ظل استمرار الصراع المسلح شمال البلاد بين الحوثيين وخصومهم القبليين والمذهبيين الموالين لحزب الإصلاح (الإخوان)، وامتداد رقعته أخيراً إلى المناطق والقرى المحيطة بصنعاء، ما يزيد من مخاوف استدراج الجيش لخوض معارك مبكرة غير محسوبة العواقب في سبيل بسط نفوذ الدولة وإرغام مختلف الجماعات المسلحة على تسليم سلاحها الثقيل.

 

 

وفي وقت تعكف الحكومة على إعداد خطة إجرائية متكاملة وفق خريطة زمنية لتنفيذ مخرجات الحوار بناء على طلب الرئيس هادي، يبدي مراقبون وناشطون تحدثوا إلى «الحياة» مخاوفهم «من أن تظل قرارات الحوار وتوصياته حبراً على ورق إذا لم تتوافر لها إرادة سياسية ومجتمعية قوية».

 

 

كما يؤكد خبراء اقتصاديون أن تنفيذها «يتطلب وقتاً أطول، وسيولة مالية هائلة تصل في أقل تقدير إلى 20 بليون دولار لتلبية نفقات إنشاء الأقاليم ومؤسسات الدولة الاتحادية الجديدة، وكذا لإعادة إعمار ما خربته الصراعات المسلحة ودفع التعويضات لضحاياها».

 

 

 

 

تطورات الصراع المسلح

 

 

وكان الحوثيون تمكنوا من إسقاط معاقل آل الأحمر في مناطق حاشد القبلية التابعة لمحافظة عمران مطلع شباط (فبراير) الماضي بعد معارك ضارية، قبل أن يوقعوا اتفاق هدنة مع زعماء قبليين بارزين في حاشد يكفل لهم حرية التنقل في مختلف مديريات المحافظة من دون اعتراضهم، باستثناء مركز المحافظة حيث مدينة عمران التي تتولى حمايتها وحدات من الجيش يقودها أحد العسكريين القريبين من خصومهم القبليين، كما يديرها محافظ ينتمي إلى حزب الإصلاح الذي بات خصمهم التقليدي.

 

 

غير أن هذا العائق لم يحل دون التفاف مسلحي الجماعة المتهمة بموالاتها لإيران باتجاه مناطق همدان وثلاء المحيطة بصنعاء من جهة الشمال الغربي، حيث تطور الاحتكاك مع خصومهم القبليين الموالين لحزب الإصلاح إلى مواجهات عنيفة سقط فيها أكثر من 30 قتيلاً إضافة إلى عشرات القتلى قبل أن تتدخل السلطات لوقفها وإخلاء المواقع التي يتمركز فيها الطرفان وتسليمها للجيش.

 

 

ويحرص بشدة حزب الإصلاح على نفي صلته المباشرة بهذه المواجهات، ويحمل الدولة مسؤولية التصدي للحوثيين الذين يتهمهم «باجتياح مناطق القبائل في همدان وتدمير منازلهم ومدارسهم تمهيداً لفرض حصار مسلح على العاصمة قبل إسقاطها».

 

 

ووسط رفض الحوثيين لهذه الاتهامات وتحذيراتهم المتكررة للرئيس هادي من الزج بالجيش في مواجهة معهم استجابة لضغوط خصومهم، يقولون إنهم «مجبرون على حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم وأنصارهم الذين يتعرضون للقتل والاعتداء في الطرقات من قبل مسلحي حزب الإصلاح القبليين الذين يستغلون غياب أجهزة الدولة عن تلك المناطق».

 

 

وكان الحوثيون استطاعوا أواخر 2013 التخلص من الأقلية السلفية التي تدير معهداً دينياً لها في منطقة دماج القريبة من مدينة صعدة بعد معارك استمرت أكثر من 100 يوم، اختار بعدها زعيم السلفيين يحيى الحجوري النزوح مع آلاف من أنصاره وطلابه اليمنيين والأجانب إلى صنعاء ومناطق أخرى بموجب اتفاق رعته حينها لجنة وساطة رئاسية.

 

 

كما خاض الحوثيون مواجهات عنيفة في محافظة الجوف (شرق صعدة) تجددت أكثر من مرة في الأشهر الأخيرة قبل أن تتمكن لجان الوساطة الحكومية من وقف القتال وعقد هدنة بينهم ورجال القبائل الموالين لحزب الإصلاح.

 

 

وفي آخر التطورات منعت قوات الجيش والأمن دخول عشرات المسلحين الحوثيين إلى مدينة عمران للمشاركة في تظاهرات نظمها أنصارهم للمطالبة بإقالة المحافظ وقائد الجيش في المحافظة والإطاحة بحكومة الوفاق وتعيين حكومة تكنوقراط لا تخضع للمحاصصة الحزبية، وهو ما أدى إلى اشتباكات عند المدخل الشمالي للمدينة قتل فيها جندي وجرح آخران مقابل سقوط سبعة حوثيين، قبل أن يسارع الرئيس هادي إلى إرسال لجنة وساطة يرأسها قائد رفيع في وزارة الدفاع للحيلولة دون تفاقم الوضع.

 

 

واتهمت الداخلية اليمنية المسلحين الحوثيين بمهاجمة نقاط التفتيش وقتل الجنود، في وقت اتهم الحوثيون خصومهم في حزب الإصلاح وحلفاءه العسكريين والقبليين بقتل أنصارهم، كما ردوا بنصبهم الخيام في مدخل المدينة الذي شهد الاشتباكات متمسكين بمطالبهم في إقالة المحافظ والقادة العسكريين في المحافظة والسماح لهم بالتظاهر في المدينة بمعية أسلحتهم. وفي وقت يحيط الغموض بما ستؤول إليه الحال في المدينة التي تبعد حوالى 35 كيلومتراً عن صنعاء أكد شهود تحدثوا إلى «الحياة» بدء عملية نزوح في أوساط سكان المدينة مع ازدياد المخاوف من اندلاع مواجهات واسعة في ظل الأنباء التي تتهم الحوثيين بـ»التحالف مع الموالين لنظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح وإعداد العدة لاقتحام المدينة» التي ستقود سيطرتهم عليها إلى فصل محافظات صعدة وحجة وعمران والمحويت عن صنعاء واتساع رقعة الأرض التي يحكمون قبضتهم عليها.

 

 

 

 

موقف الحوثيين من نتائج الحوار

 

 

تضمنت الوثيقة النهائية للحوار حلاً شاملاً لما عرف بـ»قضية صعدة» إذ نصت على معالجة آثار الحروب الست بين النظام السابق والحوثيين، وإعادة الإعمار وتعويض الضحايا، وضمان حرية الفكر والمعتقد والمذهب، إلى جانب تسليم السلاح الثقيل والمتوسط الذي غنمته الجماعة خلال تلك الحروب إلى الدولة، واستيعاب مسلحيها ودمجهم ضمن القوات الحكومية.

 

 

وفي خطابه الأخير سخر زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي من الاتهامات الموجهة لجماعته بأنها تخطط لإسقاط صنعاء، مؤكداً أن أنصاره موجودون فيها بالآلاف.

 

 

كما رفض الدعوات لتسليم أسلحة الجماعة الثقيلة والمتوسطة للدولة مشترطاً تزامن ذلك مع تسليم أسلحة خصومه وفي ظل وجود دولة قوية تكون قادرة- طبقاً لتعبيره – على حماية أنصاره ومعاملتهم كمواطنين بعيداً عن تصنيفهم السياسي ومعتقدهم الفكري.

 

 

إلى ذلك يرفض الحوثيون علناً حدود الأقاليم الاتحادية الستة التي كانت أقرتها اللجنة المفوضة من مؤتمر الحوار برئاسة الرئيس هادي لجهة عدم تلبيتها لطموحهم في إقليم له منفذ بحري، كما يرفضون كذلك بقاء الحكومة الحالية بعد أن اختتم مؤتمر الحوار الوطني ويتهمونها بـ «العجز والفساد» متمسكين بإقالتها وتعيين حكومة «تكنوقراط» لا تخضع للمحاصصة الحزبية، بينما تتمسك أطراف أخرى ببقائها مع إجراء تعديل عليها يكفل تمثيلاً محدوداً للحوثيين و «الحراك الجنوبي».

 

 

 

 

مآلات متوقعة وتكهنات مقلقة

 

 

ويتوقع الناشط والصحافي عبدالله دوبلة في حديثه إلى «الحياة» أن يرفض الحوثيون الخطة الإجرائية التي تعدها الحكومة حالياً لتنفيذ مخرجات الحوار «تحت حجتين الأولى: هي أنهم ليسوا شركاء في هذه الحكومة وبالتالي فليسوا شركاء في إقرار الخطة، والثانية» هي أنهم يشترطون لنزع سلاحهم أن تكون هناك دولة يشاركون في كل مؤسساتها بدءاً بالحكومة، وانتهاء باستيعاب مقاتليهم في الوظائف المدنية والعسكرية». ويرجح دوبلة «أن الحكومة سوف تتحاشى وضع قضية نزع أسلحة الحوثيين على رأس أولوياتها في تنفيذ مخرجات الحوار». كما يعتقد أن المد الحوثي «لن يتجاوز- على حد قوله- منطقة همدان باتجاه صنعاء لتفادي المواجهة مع القوات الحكومية على المدى القريب على الأقل». ويستدرك بالقول: «لكن لا شيء يضمن عدم المواجهة بين مليشيات الحوثي والقوات الحكومة لأي سبب آخر». ويؤكد رئيس مركز نشوان الحميري للدراسات عادل الأحمدي لـ «الحياة» «أن كثيراً من مخرجات الحوار ستعترضها عوائق واقعية أثناء التطبيق على الأرض، خصوصاً في ما يتعلق بالأقاليم وصلاحياتها واقتصادياتها».

 

 

ويقول إنه لا يشك «لحظةً في عدم رغبة الحوثيين بتسليم سلاحهم للدولة»، لأنهم بحسب تعبيره «جماعة تعتبر السلاح رافعة سريعة للسلطة أفضل من العمل السياسي والانتخابي». ويعتقد الأحمدي «أن «إقامة تحالف قوي بين المواطنين وأجهزة الدولة سيكون واحداً من الوسائل الكفيلة بمنع تجدد المواجهات بين الحوثيين ومناوئيهم إلى جانب ضرورة تفعيل العمل الحقوقي والإعلامي لفضح أية مجموعة تريد الإخلال بأمن اليمن، سواء الحوثيون أو غيرهم». أما الكاتب والأديب أحمد السلامي فيرى في حديث إلى «الحياة»: «أن السؤال الأهم لا يتعلق بمآلات مخرجات الحوار الوطني، بل بمصير اليمن عموماً وبالمساعي المتكررة طوال العقود الماضية لتأسيس دولة مستقرة تجيد استحضار شخصيتها الاعتبارية في محيطها الاجتماعي». ويضيف: «أن إشكالية بناء الدولة في اليمن قد اختبرت مراراً مسألة البدء من الصفر وأن هذه الإشكالية لن تحل بالنوايا الحسنة ولا بالتنظير والخروج بمصفوفة قرارات على الورق في بلد فقير ويعاني باستمرار من اللجوء لفكرة الهرب المتكرر إلى إعادة رسم قواعد الحياة السياسية كلما حصل انسداد في حياة اليمنيين والنخب الفاعلة». ويؤكد السلامي «أن ما يجري على الأرض من تجاذبات ستسهم في إعاقة تنفيذ مخرجات الحوار؛ سواء ما يتعلق بالصراع الحوثي مع القبائل الموالية لحزب الإصلاح؛ أو ما يجري في الجنوب من حراك شعبي منفلت وغير مهيأ للانضباط». وفي سياق أكثر تشاؤماً يتابع السلامي بقوله: «اليمن تعاني كغيرها من الدول التي شهدت موجة ما يسمى بالربيع العربي من تفكك بنية الدولة؛ بالتالي لا يمكن الوثوق بالهياكل الحكومية الهشة أو التعويل عليها لتنفيذ أي إصلاحات أو مخرجات».

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 157,137,521

عدد الزوار: 7,056,737

المتواجدون الآن: 71