جنوب السودان.. «موسم الهجرة إلى الشمال»

تاريخ الإضافة السبت 5 تموز 2014 - 8:04 ص    عدد الزيارات 727    التعليقات 0

        

جنوب السودان.. «موسم الهجرة إلى الشمال»
انهيار حلم الدولة في مستنقع الحرب والفساد
الخرطوم: أحمد يونس

لم يحدث طيلة فترة الصراع الطويل الذي اندلع في جنوب السودان، أن شهد ما حدث في جوبا يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) الماضي والأيام التي تلته.

يقول رياك مشار نائب رئيس جنوب السودان السابق، الذي يحمل حاليا راية التمرد على جوبا، إن «الجنوب لم يشهد مثل هذه الوحشية وهذا القتل على الهوية، طوال فترة حكم الرئيس إسماعيل الأزهري في ستينات القرن الماضي، ومحمد أحمد محجوب، وجعفر النميري، وسوار الذهب، والصادق المهدي، وعمر البشير»، في حديث أدلى به لصحيفة «اليوم التالي» الخرطومية، وهم حكام الخرطوم الذين خاض الجنوبيون ضدهم حربًا امتدت لأكثر من نصف قرن من أجل التحرير.

قال الرجل ما لم يقله الانفصاليون الشماليون الذين كانوا يرون أن جنوب السودان ستطحنه حرب القبائل إذا نال استقلاله، وما لم يقله دعاة الوحدة الذين يرون في الانفصال خطرًا ماحقًا. يضيف مشار: «كل هؤلاء الرؤساء لم يفعل واحد منهم ما فعله رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت الذي قتل شعبه بوحشية شديدة». وأضاف: «ما حدث في عهده لم يحدث في كل العهود، هو رئيس يرتدي الزي العسكري ويقتل مواطنيه، ويذهب بنفسه ليفتش المنازل، ويسأل: هل هذا منزل فلان؟ ما قبيلته؟ ثم يصدر أوامره.. اقتلوه فورًا».

* حرب الرفاق

* كانت هذه الدولة حلما بالنسبة إلى الجنوبيين السودانيين، قاتلوا لأكثر من نصف قرن من أجل تحقيقه.. قتل نحو ثلاثة ملايين، وشرد مثلهم، بين الدول المجاورة، وعانى من بقي في أرضه ويلات الحرمان والجوع وقلة الموارد. وعندما تحقق الحلم حصدوا السراب والخراب.. قامت حرب أهلية بين أبنائها هي الأعنف منذ الحروب مع الشمال.. دولة تعاني فقرا مدقعا بلا بنيات أساسية.. بلا مؤسسات تعليم أو صحة أو خدمات.. كل ما تملكه جيش يقاتل جيشا آخر في صراع على السلطة.

استقلت هذه الدولة بعد استفتاء أقرته اتفاقية السلام السودانية المعروفة باتفاقية «نيفاشا»، وأعلنت دولة مستقلة، منهية بذلك أطول حرب أهلية اندلعت منذ قبيل استقلال السودان في عام 1955، ولم تتوقف إلا فترة وجيزة هي عمر السلام الذي تحقق باتفاقية «أديس أبابا» على عهد الرئيس جعفر النميري في سنة 1973 بين الخرطوم وقوات «أنانيا» بقيادة جوزيف لاقو، ثم اندلعت الحرب مجددًا في سنة 1983 إثر إعلان الرئيس النميري لقوانين الشريعة الإسلامية وقبوله تقسيم جنوب السودان إلى ثلاثة أقاليم.

وخاضت الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة زعيمها الراحل جون قرنق الحرب مرة أخرى ضد الجيش السوداني، واستمرت حتى عام 2005 بتوقيع اتفاقية السلام السودانية التي وقعت في «نيفاشا» الكينية، وقضت ضمن ما قضت به بإعطاء أهل جنوب السودان حق الاستفتاء على مصيرهم بالبقاء ضمن دولة السودان الموحدة، أو الاستقلال عنهم وتكوين دولتهم المستقلة. وعند الاستفتاء، صوت الجنوبيون للانفصال عن السودان - يطلقون عليه الاستقلال - وقرروا تأسيس دولتهم «دولة جنوب السودان»، بنسبة تجاوزت 98 في المائة في استفتاء أجري في الفترة من 9 يناير (كانون الثاني) إلى 15 منه سنة 2011، وفي 9 يوليو (تموز) 2011 أعلن استقلال دولة «جنوب السودان» رسميًّا عن السودان، واعترفت بها كل دول العالم، بما في ذلك السودان، لتدون بوصفها أحدث دول العالم، وأحدث أعضاء الأمم المتحدة.

بتحقيق استقلالهم، بدأ الجنوبيون يحلمون بدولة تحقق تطلعاتهم ورفاهيتهم، لكن هل تحقق الحلم الجنوبي الطويل؟ لقد أجمع المحللون والمراقبون ودول الإقليم على أن الحلم تبعثر بعد مرور أقل من سنتين على استقلال الدولة الوليدة التي تكون بحلول 9 يوليو المقبل قد أكملت عامها الثاني دولة مستقلة.

وسرعان ما اندلعت حرب جديدة بين «أبطال التحرير»، أو هذا ما يطلقونه على أنفسهم، في الحركة الشعبية لتحرير السودان. واشتعلت «حرب رفاق النضال»، منذ منتصف ديسمبر من العام الماضي وما تزال، بين مجموعتين داخل الحزب الحاكم، مجموعة الرئيس سلفا كير ميارديت ومجموعة نائبه السابق رياك مشار، وكلاهما كانا من قادة التمرد الجنوبي الكبار الذين سعوا لاستقلال بلادهم.

ودخل الرجلان في صراع على السلطة لم يلبث أن تطور سريعًا إلى حرب قبلية لاهبة بين أكبر قبيلتين في البلاد، هما الدينكا التي ينحدر منها الرئيس سلفا كير، وقبيلة النوير التي ينحدر منها نائبه السابق رياك مشار.

وفي فترة لا تتجاوز نصف السنة لقي عشرات الآلاف مصرعهم قتلًا على الهوية، فيما شرد الملايين من المواطنين الجنوبيين، وتحولوا إلى نازحين بعضهم احتمى بمقرات بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، وبعضهم عاد للسودان مجددًا، حتى إن تقارير غير رسمية تقول إن أكثر من مليوني جنوبي عادوا مجددًا إلى السودان بعد أن غادروه عشية استقلال بلادهم، جلهم يعيشون الآن في العاصمة الخرطوم.

المحللون السياسيون يعتقدون أن أعداد القتلى الذين لقوا حتفهم في الصراع الجنوبي الجنوبي قد يتجاوز أعداد الذين قتلوا طوال الحرب الأهلية بين السودان وجنوب السودان، التي امتدت طوال الفترة من 1983 حتى 2005، والتي راح ضحيتها 1.9 مليون، ونزح بسببها أكثر من أربعة ملايين خلال 11 سنة هي عمر الحرب، حال استمرار الحرب لفترة أطول.

* فقدان البوصلة

* ترجع المجموعة المنشقة عن الحركة الشعبية بقيادة نائب الرئيس السابق رياك مشار الإعاقة التي تعرض لها الجنوب إلى حكومة الرئيس سلفا كير، وإلى فشلها في تحقيق تطلعات شعب جنوب السودان. يقول المتحدث باسم الحركة الشعبية الموالية لرياك مشار، يوهانس موسس في حديث هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، منذ فترة طويلة قالها رياك مشار والأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم، إن الحركة الشعبية فقدت البوصلة، وطالبوا بتغيير الرئيس والإتيان برئيس جديد. وتتهم المجموعة الرئيس سلفا كير شخصيًّا بأنه «سبب كل المشاكل». ويقول موسس: «الرئيس هو من يقف أمام التغيير، ويمنع عقد اجتماعات الحركة، فمنذ آخر مؤتمر عقد سنة 2008، لم تعقد الحركة الشعبية أي اجتماعات عدا الاجتماعات التي يعقدها الرئيس لتحقيق بعض الأغراض». ويضيف أن الرئيس تعمد تعطيل عمل الحزب، وهو الأمر الذي عطل تطلعات الشعب، أما فيما يتعلق بدور نائب الرئيس رياك مشار، فهو حسب المتحدث باسمه لا يستطيع فعل أي شيء، لأن الرئيس لم يكن يستشيره، أو يأخذ بكلامه. وأوضح أن المجموعة المكونة من الموالين لرياك مشار، بالإضافة إلى مجموعة المعتقلين المفرج عنهم بقيادة الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم عقدوا مؤتمرًا صحافيًّا في 6 ديسمبر العام الماضي، ودعوا فيه لمؤتمر استثنائي للحزب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن النتيجة كانت أن دبر الرئيس سلفا كير ميارديت عملية 16 ديسمبر، واتهمهم بأنهم دبروا انقلابًا ضده، وكانت نتيجة ذلك الحرب الدائرة حاليًّا.

* ليست فاشلة ولكن..

* أستاذ الاستراتيجية بجامعة الزعيم الأزهري السودانية اللواء أمن متقاعد محمد العباس الأمين، يرى أن دولة جنوب السودان بوضعها الراهن لم تصل إلى مرحة الفشل، بل يقول إنها دولة قابلة للاستمرار بما تملكه من مقدرات زراعية واقتصادية وبشرية.

ويضيف أن مشكلتها الأساسية تتمثل في القبلية والاقتتال القبلي، وأنها فقدت السودان الذي كان يلعب دور «الضامن» قبيل الانفصال، وبمجرد الانفصال خرجت القبلية من القمقم وأدت للحرب الحالية.

ويوضح اللواء العباس أن الشمال ظل على الدوام يلعب دور الضامن في منع انفلات القبلية في جنوب السودان، أو دور العازل الذي يحول دون الاحتكاك بين قبائل الجنوب، وأن المشكلة القبلية لم تبرز أول مرة في النزاع الحالي، أو بعد الانفصال، بل ظهرت بسفور بعد اتفاقية أديس أبابا 1973، التي منح بموجبها جنوب السودان الحكم الذاتي. فبعد الاتفاقية أدت هيمنة قبيلة الدينكا على الجنوب إلى تقسيم جنوب السودان إلى ثلاث مديريات على أيام الرئيس جعفر النميري، حسبما يرى اللواء العباس.. «وهو الأمر الذي عجل بنشوب الحرب مرة أخرى». يقول: «كنت شاهدًا على تلك الفترة، وشاركت في الأحداث عندما كنت برتبة رائد، قرار التقسيم لم يكن قرار الرئيس جعفر النميري، بل كان مقترحًا من مجموعة القبائل الاستوائية، آزرتها فيه بقية القبائل للحد من سيطرة قبيلة الدينكا».

ويوضح اللواء العباس أن الجنوب تنقصه الأحزاب السياسية، والموجودة لا مجال لها للعمل بشكل حر، ودون تأثير من القبائل، ويضيف: «أحزاب جنوب السودان هي أحزاب القبيلة».

* تبخر الحلم

* تبخر الحلم الجنوبي بدولة تحقق للمواطن كرامته وتحفظ أمنه وتطور البلاد وتنميها منذ وقت باكر من استقلال جنوب السودان، وقبيل اندلاع الحرب الجارية حاليًّا، يقول زعيم ومؤسس حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان - التغيير الديمقراطي، لام أكول أجاوين في حديثه الهاتفي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحلم الجنوبي ضاع منذ زمان.. والناس ظلوا يصفون الحكومة التي تكونت بأنها حكومة فساد وفشل؛ لأنها فشلت في تقديم أي خدمات للمواطن». ويضيف أجاوين: «الحلم انتهى قبل الحرب، وهي آخر الحلقات، فبعد أن فشل النظام في تحقيق أي شيء لمواطن الجنوب، اتجه للحرب ليكسر الإنسان، والبنيات التحتية». ويصف أجاوين نظام الحكم بالفشل في تقديم أي خدمات للمواطنين، وعلى الشعب السعي لتغييره، وأن الحرب كانت نتيجة طبيعية لفشله في مواجهة متطلبات مواطني جنوب السودان.

* أزمة ثلاثية

* ورغم عدم وجود إحصاءات يعتمد عليها، فإن وكالات الإغاثة تقول إن الحرب في الجنوب أدت لمقتل الآلاف، وأرغمت أكثر من 1.5 مليون شخص على النزوح.

ونقلت تقارير عن المسؤولة عن وكالة أوكسفام الإنسانية في جنوب السودان، إيما جاين، أن الحرب أسفرت عن سقوط آلاف القتلى، ودمرت سبل كسب العيش للملايين. وأضافت: «سكان جنوب السودان يواجهون أزمة ثلاثية، تتمثل في النزاع والمجاعة والأمراض، وحذرت من تفاقم الوضع في موسم الأمطار».

وأطلقت الأمم المتحدة السبت الماضي نداءً لجمع الأموال، وطلبت أكثر من مليار دولار لإغاثة أربعة ملايين متأثر بالمعارك والحرب، ونقل عن المسؤول عن العمليات الإنسانية للأمم المتحدة في جنوب السودان توبي لانزر: «الآن مع موسم الأمطار، تسوء ظروف العيش في جنوب السودان يوما بعد يوم، ويعيش السكان في الوحل».

وأضاف: «وباء الكوليرا تفشى، وكذلك الملاريا، ويعاني الكثير من الأطفال سوء التغذية، ويحتاج الملايين إلى علاج طبي وأغذية ومياه الشرب، وشروط صحية مناسبة وملجأ بصورة ملحة هذه السنة، وأن أكثر من 50 ألف طفل قد يتوفون هذا العام بسبب الأمراض والجوع».

* موسم العودة

* لا توجد إحصاءات رسمية، لكن هنا في الخرطوم يقول الناس إن قرابة مليوني مواطن جنوبي عادوا إلى السودان، معظمهم وصل إلى العاصمة الخرطوم، فيما تعاني أعداد كبيرة في المناطق الحدودية بين البلدين، بعضهم فشلت حكومة جوبا في نقلهم لجنوب السودان منذ إعلان الاستقلال. وهو الأمر الذي أثار «شماتة» الانفصاليين الشماليين، الذين كانوا منذ وقت مبكر يقولون إن الجنوبيين غير قادرين على حكم أنفسهم، وإن القبلية المتفشية هناك ستقضي على الدولة الوليدة.

قد لا تكون الأمور هكذا، لكن ما حدث ونزوح المدنيين شمالًا، جعل هؤلاء يخرجون ألسنتهم طويلة على حال جنوب السودان، لكن هل هذه الدولة التي حارب أهل جنوب السودان لنصف قرن من الزمان من أجلها؟ لا يظنن أحد أنها تلك الدولة.

كان الجنوبيون يقولون إنهم يقاتلون طوال فترة الحرب الأهلية من أجل الكرامة والتنمية ومنعًا للتمييز العرقي واللوني والديني الذي يمارس ضدهم.. فهل استطاعت حكومتهم، التي تسنم عرشها الثوار السابقون الذين حققوا الانفصال، الاستقلال؟ سؤال سهل ويجيب عليه واقع الحال، كأن أهل الجنوب تخلصوا من سيد ظالم، وخضعوا لسيد آخر أكثر ظلمًا.

* غيرة ومطامع

* اندلعت المعارك في 15 ديسمبر بين القوات الحكومية والقوات الموالية لمشار، واتهم سلفا كير مشار بالتخطيط لانقلاب فاشل ضده، واتهم مشار بدوره سلفا كير بالسعي بشن حرب لتصفية خصومه السياسيين.

وتعود جذور النزاع إلى المنافسة السياسية بين الرجلين، ما أدى لتعميق الخلافات داخل جيش الجنوب خاصة بين قبيلتي الدينكا والنوير، اللتين ينحدر منهما كل من سلفا كير ومشار على التوالي.

ورغم أن الصراع بدأ صراعًا سياسيا على السلطة بين الرجلين، فإن كلا منهما استعان بقبيلته ضد الآخر، ونتيجة لذلك حدثت عمليات تصفية عرقية متبادلة قتل فيها الآلاف، سخرت فيها الأحقاد القبلية القديمة، والمنافسة بين القبيلتين، وتعود جذورها إلى فترة الحرب الأهلية التي كان يواجه فيها فرقاء اليوم مجتمعين حكومة الخرطوم.

* «موسم الهجرة للشمال»

* ما يدلل على صحة ما ذهب إليه د. لام أكول أجاوين، هو أن بعض أهل جنوب السودان الذين فرحوا كثيرًا بدولتهم الوليدة، عادوا سريعًا إلى السودان، بعد أن اكتشفوا أن ما يحدث هناك ليس كما كانوا يتوقعون، لم يجدوا الخدمات التي كانوا يحلمون بها، لم يجدوا من يهتم بهم، لم يجدوا عملًا، ولم يجدوا حتى مساكن تؤويهم، فعادوا لأشغالهم القديمة ومنازلهم القديمة.

تقول مارتا، وتنتمي لجنوب السودان، وتعمل بائعة شاي في الخرطوم، إنها لم تغادر أصلًا، ولا تنوي المغادرة لأنها كانت تعرف منذ البداية أن الأوضاع هناك لن تكون على ما يرام، وتضيف: «من دخلي المحدود أجد نفسي مضطرة لمساعدة عائلتي هناك في بانتيو، هم هناك بلا عمل، وبلا مصدر دخل».

ومثلها أروك، وهو من الذين قرروا العودة إلى «وطن الأحلام»، بعد أن اكتشف زيف ما زين لهم من أحلام، يقول: «كنت أملك منزلًا هنا في الخرطوم، لكني بعته عشمًا في الجنة الموعودة، ومن عجب اضطررت أن أعود لمنزلي القديم ذاته، لكن هذه المرة مستأجرًا، بعد أن صرفت عائد بيعه خلال عام من وجودي في جوبا بلا عمل، وفي أجواء غلاء لا يطاق».

وردًّا على مسؤول في حكومة يقول كيمي جيمس أواي في موقع «فشودة دوت نت»: «لقد فشلت حكومة الجنوب على مدار أربع سنوات هي عمرها، في بناء بنية تحتية تذكر في الجنوب».

ويضيف: «لم تشق الطرق ولم تبن الكباري والسكك الحديدية وشبكات الاتصالات والمدارس والمشافي». وساخرًا يقول: «ليس تشييد مصانع الجعة والمياه المعدنية وفنادق الكرواميك».

ويضيف: «إنها فشلت في دفع مرتبات الموظفين والأطباء والمعلمين في مواعيدها، وفشلت في إنارة جوبا وتوفير مياه الشرب الصالحة للمواطنين، كما فشلت الحكومة في حماية مواطنيها من هجمات (جيش الرب) وغارات لصوص البقر».

ويوضح أن فشل الحكومة ليس بسبب «ضيق ذات اليد»، يقول: «حكومتنا ما شاء الله ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب، بل ويحسدها بعض جيراننا الأفارقة».

* الحلم الضائع

* لوقف الحرب، وليس تحقيق الحلم، دخل طرفا النزاع الجنوبي في سلسلة من المفاوضات منذ يناير الماضي، ووقعا اتفاقًا لوقف إطلاق النار انهار سريعًا، ثم ضغطت عليهما الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق أفريقيا (إيقاد) التي تتولى الوساطة بينهما، ليتعهدا مجددًا الأسبوع الماضي بوقف إطلاق النار، وتشكيل حكومة انتقالية في غضون 60 يومًا.

الحرب وشلل الدولة تركا حملًا ثقيلًا على كاهل سكان جنوب السودان، ولا يوجد هناك متفائل واحد يرى في آخر النفق حلًّا سهلًا وقريبًا. وهو الأمر الذي يجعل من الأحاديث التي تتردد هنا وهناك بوضع الدولة الوليدة «تحت الوصاية الدولية»، ممكن الحدوث، سيما بعد مطالبة مجموعة المتمردين بضرورة وضع عائدات النفط في بنوك دولية للحيلولة بين جوبا وتوظيفها في الحرب.

فهل يتحقق الحلم الجنوبي على أيدي «ذوي البيريهات الزرقاء»، أم أن جنوب السودان سيشفى من الجنون الذي أصاب قادته، فيستعيد عافيته ويسعى باتجاه حلمه الضائع، الذي أزهقت في سبيله مئات الآلاف من الأرواح، وأسيلت في الدرب إليه بحيرات من الدماء؟

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,678,719

عدد الزوار: 6,960,884

المتواجدون الآن: 61