«جمهوريو» فرنسا... إرث يميني معتدل ارتبط بشخصيات وطنية أبرزها شارل ديغول..

تاريخ الإضافة السبت 11 كانون الأول 2021 - 6:22 م    عدد الزيارات 1384    التعليقات 0

        

«جمهوريو» فرنسا... إرث يميني معتدل ارتبط بشخصيات وطنية أبرزها شارل ديغول..

لندن: «الشرق الأوسط».. شكّلت الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة، التي انتهت بفوز الرئيس إيمانويل ماكرون على منافسته مرشحته اليمين المتطرف مارين لوبن، دليلاً دامغاً على التراجع الكبير الذي تعاني منه القوتان الكلاسيكيتان «المعتدلتان» يميناً ويساراً... أي اليمين الجمهوري الديغولي واليسار الاشتراكي الذي أعاد بناءه فرنسوا ميتران.

والحقيقان، أن الجنرال شارل ديغول وفرنسوا ميتران تركا بصماتهما على السياسة الفرنسية لعقود، حاضرَين أو غائبَين، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية... وعبر عمر «الجمهورية الخامسة» التي أسسها عملياً شارل ديغول.

حزب «الجمهوريون» الذي تطمع فاليري بيكريس إلى إعادته «حزب سلطة» طبيعياً بعد تراجع جاذبيته خلال العقدين الأخيرين، هو عملياً وريث «الديغولية» والتجسيد الفرنسي لمفاهيم «الديمقراطية المسيحية» المتوائمة مع الروح الوطنية من دون تشنج أو غلوّ أو عنصرية. إنه الموازي الفرنسي للديمقراطيين المسيحيين الألمان والإيطاليين (قبل تضعضع حزبهم وتشتته في إيطاليا) وتيار «الأمة الواحدة» المعتدل في حزب المحافظين البريطاني.

الحزب أُعيد تأسيسه تحت مسماه الحالي «الجمهوريون» يوم 30 مايو (أيار) 2015 في أعقاب إعادة تأسيس وتسمية حزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» الذي كان قد أسس بدوره عام 2002 تحت قيادة الرئيس الأسبق جاك شيراك، أشهر ورثة الديغولية السياسة. وحتى بعد الانتخابات التشريعية (النيابية) عام 2017 ظل حزب «الجمهوريون» ثاني أكبر كتلة في «الجمعية الوطنية» (مجلس النواب الفرنسي)، بعد حزب الرئيس ماكرون «الجمهورية إلى الأمام!».

أما على الصعيد العقائدي، فقد تأثر الحزب بماضيه التراكمي ونزعات الشخصيات البارزة التي قادتها، وعلى رأسها بعد شيراك الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي (تولى الرئاسية بين2007 و2012). ولذا؛ فثمة من يعتبر أن ثمة أطيافاً داخل «الجمهوريون» تتراوح بين تيار ليبرالييي يمين الوسط وتيار اليمين المحافظ اجتماعياً واقتصادياً. والحقيقة، أن فكرتَي تغيير الاسم من «الاتحاد من أجل حركة شعبية» وتغيير البنية التنظيمية للحزب أطلقهما ساركوزي بعد عودته لترؤس الحزب، وذلك خلال نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014، وأقر الأمر في مايو 2015 بعد أخذ ورد ولغط شديدين. في يوليو (تموز) عام 2016، أعلن ساركوزي اعتزامه الاستقالة من زعامة الحزب من أجل الترشح مجدداً لرئاسة الجمهورية، مرشحاً عن اليمين في انتخابات 2017 الرئاسية. وفي سبيل اختيار «الجمهوريون» مرشحهم الرسمي لتلك المعركة الانتخابية تقرر تنظيم انتخابيات أولية بين الطامحين للترشح بين زعماء الحزب، وبالفعل نظمت هذه الانتخابات الأولية التي خصص فيها حق التصويت لناشطي الحزب في نوفمبر 2016 وخاضها 7 من زعمائه وقادته، وبينهم إلى جانب ساركوزي رؤساء حكومات ووزراء سابقون، أما السبعة فهم: فرنسوا فييون، وآلان جوبيه، ونيكولا ساركوزي، وجان فرنسوا كوبيه، وناتالي كوسيوسكو - موريزيه، وبرونو لومير، وجان فريديريك بواسون.

ويومها انتهت الانتخابات الأولية بتصدّر فييون مجموعة المتنافسين، جامعاً أكثر من 44 في المائة من الأصوات، تلاه جوبيه بـ28.6 في المائة. وبالتالي، تأهل الرجلان، وهما من رؤساء الحكومات، إلى التصفية الثانية الحاسمة التي فاز بها فييون بـ66.5 في المائة من الأصوات. وبناءً عليه؛ تبنى الحزب ترشيحه عنه. غير أن فييون أخفق خلال الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية عام 2017، التي تصدرها ماكرون ومارين لوبن، ومن ثم، بعد تأهل المتصدرين للجولة الحاسمة، فاز ماكرون بأصوات الوسط ويسار الوسط واليسار ودخل قصر الإليزيه رئيساً لفرنسا.

أما معركة الترشيحات الأخيرة لانتخابات 2022، التي شهدت فوز فاليري بيكريس بترشيح «الجمهوريون»، فإن الصراع الحاسم دار بينها وبين إريك لاسيوتي، الذي وقف خلفه غلاة اليمين المتشدد، لكن باقي أجنحة الحزب المعتدلة أيدت بيكريس ففازت بالترشيح. وما يستحق الذكر، أن بيكريس، بهذا الإنجاز، غدت أول امرأة تمثل اليمين الكلاسيكي تتأهل لخوض الانتخابات الرئاسية في فرنسا. وما يستحق الذكر، أنه دُعي نحو 140 ألف منتسب إلى التصويت لاختيار مرشح الحزب إلكترونياً.

هذا، ووفق بعض وكالات الأنباء، جاء في تعليق لرئيس «الجمهوريون» كريستيان جاكوب قوله السبت الفائت «إننا نخطو الخطوة الأولى على الطريق التي ستؤدي بنا إلى الانتصار». وأردف على وقع تصفيق الناشطين في مقر الحزب «لقد وجد اليمين نفسه مجدداً، إنه شعبي ومتضامن... مع فريق فرنسي فعلي مستعد لقيادة بلادنا».

فاليري بيكريس... مرشحة اليمين الكلاسيكي تهدد طموح ماكرون لولاية ثانية وسط آمال عريضة عند ورثة الديغولية بـ {استعادة فرنسا}

الشرق الاوسط... باريس: ميشال أبو نجم... استطلاعات الرأي التي يصار إلى اللجوء إليها بشكل مكثف في الديمقراطيات الغربية، وخصوصاً في الأزمنة الانتخابية، قطعاً ليست بديلاً عن صناديق الاقتراع، ذلك أن فائدتها تكمن في أنها تعكس حالة الرأي العام الآنية، وإن كانت تعد مؤشراً لانطلاق تيارات وتوجهات جديدة من شأنها قلب القناعات السابقة بما فيها المترسخة. يصح هذا القول على الانتخابات الرئاسية الفرنسية ومرشحيها الذين اكتملت أعدادهم وما زال خارج السباق، أقله رسمياً، الرئيس إيمانويل ماكرون. لكن، لا شك يخامر مؤيديه ومعارضيه من أنه سيخوض الغمار الرئاسي للفوز بولاية ثانية، خصوصاً أن نتائج استطلاعات الرأي السابقة كانت تؤكد جميعها أن استحقاق الربيع المقبل (في 10 و14 أبريل/نيسان 2022) سيكون نسخة عن انتخابات العام 2017. لقد كان مقدراً أن الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية ستفضي إلى تأهل كل من الرئيس إيمانويل ماكرون ومارين لوبن، زعيمة اليمين المتطرف، في حين ستشهد الجولة الثانية الحاسمة فوزا مريحا للأول. بيد أن هذه الصورة تغيّرت خلال الأسابيع والأيام الأخيرة بشكل مقلق للفريق الرئاسي. وثمة عنصران رئيسان أثرا فيها:

العنصر الأول، بروز اسم إريك زيمّور (زمّور)، المصنف في أقصى خانة اليمين المتطرف الشعبوي بسبب طروحاته الراديكالية بخصوص المهاجرين والإسلام والحفاظ على «الهوية الفرنسية».

والعنصر الآخر، نجاح العملية الانتخابية الداخلية لـ«الجمهوريون» التي أفضت إلى فوز فاليري بيكريس، رئيسة إقليم «إيل دو فرانس» (باريس وضواحيها الكبرى التي تعد 12 مليون نسمة) بالترشيح الرسمي للحزب.

وهكذا، بسرعة بالغة، تبيّن أن المتضرر الأول من المرشح الطارئ زيمّور ليس إلا مارين لوبن، خاصة، أن الاثنين يتنافسان على الفوز بأصوات اليمين المتطرف والخائبين من ناخبي اليمين الكلاسيكي الذي يجسده حزب «الجمهوريون»، وريث الحزب الديغولي التاريخي، أو حتى من اليسار المهمش.

ثم أن الأمر اللافت للنظر أنه منذ الانتخابات الإقليمية التي جرت الربيع الماضي، كان اسم كزافيه برتراند، الوزير السابق ورئيس منطقة شمال فرنسا، المرشح الأبرز لحمل مشعل «الجمهوريون». وحجة فريقه، أنه الأقدر على التنافس وكسر معادلة ماكرون - لوبن، لا، بل والفوز على الرئيس الحالي. والحال، أن حسابات برتراند، الذي لم يجد أمامه من خيار سوى قبول الخوض في الانتخابات التمهيدية لـ«الجمهوريون» الذي كان خرج منه وأسس حزباً خاصاً به، جاءت خاطئة. إذ خرج من المنافسة في الدورة الأولى، وتنافس للجولة الثانية، إلى جانب بيكريس، النائب عن منطقة الألب، إريك سيوتي الذي يُعدُّ بطروحاته والسياسات التي دافع عنها، الأكثر يمينية بين المتنافسين الخمسة... حتى أن كثيرين رأوا فيه نسخة «معدّلة» عن أريك زيمّور.

- إيقاظ اليمين الكلاسيكي

اليوم، تنصبّ أنظار الفرنسيين كافة على فاليري بيكريس التي أفضى ترشيحها إلى «إيقاظ» ناخبي اليمين، الأمر الذي يظهر في استطلاعات الراي التي أجريت منذ ترشيحها رسمياً السبت الماضي. ويفيد الاستطلاع الذي أجراه معهد «إيلاب» ونشرت نتائجه الأربعاء، بأن بيكريس يمكن أن تحصل على نسبة 20 في المائة من الأصوات في الدورة الأولى متخطية بذلك مارين لوبن (15 في المائة) وإريك زيمّور (14 في المائة) بحيث تحلّ في المرتبة الثانية وراء ماكرون (25 في المائة). والمفاجأة الثانية أنها يمكن أن تتغلب على ماكرون في الجولة الثانية بحيث تحصل على 52 في المائة من الأصوات مقابل 48 في المائة للرئيس المنتهية ولايته.

أما عن معسكر اليسار بمختلف تلاوينه، فإنه غارق في انقساماته. إذ إن المرشحة الاشتراكية آن هيدالغو، رئيسة بلدية باريس، عاجزة عن تخطي سقف الخمسة في المائة ومرشح الخضر يانيك جادو، أفضل حالاً، لكنه بعيد جداً عن مرشحي المقدمة (7 في المائة). ومن غير انسحاب أحدهما لصالح الآخر، فإن هزيمة ساحقة ماحقة ستلحق، بشكل مؤكد، باليسار المسمى «حكومي»، أي غير اليسار المتشدد الذي يمثله النائب والمرشح السابق (والحالي) جان لوك ميلونشون (8 في المائة).

- خبرة سياسية وحكومية

حقيقة الأمر، أن بروز اسم فاليري بيكريس كان بمثابة مفاجأة لمختلف الأطراف، بما فيها المعسكر الرئاسي. فبيكريس امرأة تتمتع بمؤهلات علمية وبخبرة سياسية وحكومية تؤهلها لأن تحتل أرفع المناصب في الجمهورية الفرنسية. ومنذ الصيف الماضي، لم تتوان بيكريس عن اللعب على وتر كونها امرأة، وعلى «الرسالة» التي يحملها انتخاب أول امرأة رئيسة للجمهورية. ومع أنها غير معروفة بشكل جيد خارج النطاق الفرنسي البحت، فإن سيرتها الذاتية تشهد على تمتّعها بقدرات وإمكانيات علمية ومهنية وسياسية عديدة.

ليست بيكريس «وافدة» على باريس أو على منطقة «إيل دو فرانس». فقد ولدت في العام 1967 في مدينة نويي - سور - سين، ضاحية باريس البورجوازية الراقية الواقعة على مدخل العاصمة الغربي في عائلة كاثوليكية. والدها، دومينيك رو، احتل مناصب جامعية رفيعة، وجدّها لناحية والدتها، لويس بيرتانيا، كان عالماً نفسياً، انخرط في صفوف المقاومة ضد المحتل الألماني. ولاحقا، تولّى معالجة لورانس، ابنة الرئيس الراحل جاك شيراك التي كانت تعاني من مشاكل نفسية. أما زوجها فهو جيروم بيكريس، رئيس أحد فروع شركة ألستوم الفرنسية المتخصصة بقطاع النقل والسكك الحديد ولديهما ثلاثة أبناء.

تتمتع بيكريس بمؤهلات جامعية وعلمية عديدة. وهي، كما الرئيس ماكرون، خريجة «المعهد الوطني للإدارة» (إينا) الذي يوفّر أعلى الكوادر لإدارة شؤون الدولة. وبعد تخرّجها في المعهد المذكور، عملت بيكريس في الإدارة موظفة رفيعة المستوى، ومارست، بالتوازي، التعليم في معهد العلوم السياسية (سيانس بو) المرموق في باريس. وكان دخولها عالم السياسية عام 1988 مستشارة لجاك شيراك الذي تسنم رئاسة فرنسا طيلة ولايتين من العام 1995 وحتى العام 2007).

في العام 2002، انتُخبت فاليري بيكريس للمرة الأولى نائبة في البرلمان عن دائرة الإيفلين (عاصمتها فرساي بجنوب غربي باريس) وأعيد انتخابها في العام 2007، إلا أنها تخلّت عن مقعدها النيابي عند تعيينها وزيرة في أولى حكومات الرئيس نيكولا ساركوزي. وطيلة ولاية ساركوزي، تقلّبت بيكريس في العديد من المناصب الوزارية فشغلت مناصب وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي، ووزيرة المالية، والناطقة باسم حكومة فرنسوا فيون.

غير أنها في العام 2015، انتُخبت رئيسةً لإقليم «إيل دو فرانس» منتزِعة الرئاسة من رئيسه الاشتراكي كلود برتولون، وأعيد انتخابها الربيع الماضي. ومن أجل التفرغ لمنصبها الجديد، عمدت إلى التخلي مجدداً عن مقعدها النيابي. لكنها بسبب ما اعتبرته نزوعاً نحو اليمينية المتشددة تحت رئاسة رولان فوكييز، خرجت بيكريس من حزب «الجمهوريون» وأطلقت في العام 2019 حزبها الخاص المسمى «أحرار».

- تأهبها للانتخابات المقبلة

مع هذا، ولدى اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية وإعلانها ترشحها في 22 يوليو (تموز) من العام الحالي، فإنها حرصت على أن تكون مرشحة الحزب – الأم؛ ولذا عادت إليه في أواسط أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعدما اتخذ قرار إجراء انتخابات داخلية لتعيين المرشح الرسمي المعتمد.

وهكذا، في أعقاب فوزها الكاسح السبت الماضي، بحصولها على 60 في المائة من أصوات المحازبين، أخذت بيكريس تجسّد آمال «الجمهوريون» في وضع حد لسلسلة الانتكاسات الرئاسية. وبدأت تمهد للعودة بهم إلى الإمساك بإدارة البلاد، بعدما خسروا الانتخابات الرئاسية مرتين: الأولى عام 2012 لصالح الاشتراكي فرنسوا هولند، والأخرى في العام 2017 أمام إيمانويل ماكرون.

خلال المناظرات الأربع التي تواجَه فيها مرشحو «الجمهوريون» الخمسة، بدت فاليري بيكريس الأكثر صلابة وعرضت برنامجاً انتخابياً سياسياً واضحاً وصريحاً. إلا أن الظاهرة الأبرز أنها، تحت ضغط المرشح زيمّور ومنافسها من داخل حزبها إريك سيوتي، اضطرت إلى تبنّي مواقف أكثر تشدداً مما كان يعرف عنها في موضوع الهجرة والتعامل مع اللاجئين والإصرار على إجراءات إضافية لتعزيز العلمانية وإعادة فرض هيبة الدولة في كل أرجاء الجمهورية.

وحقاً، تتبنى بيكريس سياسة اقتصادية ليبرالية متقدمة ومحافظة إلى حد ما في المسائل الاجتماعية ومتشددة في المسائل السيادية. وهي تقترب، فيما تدعو إليه، من البرنامج «الجذري» الذي طرحه فرنسوا فييون، مرشح «الجمهوريون» عام 2017؛ إذ إنها تدعو إلى خفض أعداد الموظفين (200 ألف) ورفع سن التقاعد إلى 65 سنة وإعادة إطلاق الصناعة النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية على حساب خطط التركيز على الطاقة البديلة اللاكربونية.

أيضاً، ينص برنامج بيكريس على تشديد التعامل مع الجنح والجرائم ومضاعفة الأحكام لتلك الحاصلة فيما يسمى «المناطق الحساسة» التي تروج فيها تجارة المخدرات وتصفية الحسابات والانتهاكات من كل نوع. وهي تؤيد بناء سجون إضافية تتسع لما لا يقل عن 20 ألف نزيل وإيجاد مراكز تأديبية مغلقة للقاصرين الذين يرتكبون جنحاً، وتتمسك بفرض أحكام مشددة على كل المعتدين على منتسبي الأجهزة الأمنية.

- الهجرة غير الشرعية

وفي التعاطي مع الهجرات الشرعية، تريد فاليري بيكريس فرض سياسة «الكوتا» لتعيين حاجات الاقتصاد كل عام، وفي المقابل وهي عازمة على الحد من سياسة لمّ الشمل العائلي وخفض المساعدات الاجتماعية التي يستفيد منها طالبو اللجوء بالتوازي مع رفضها للهجرات غير الشرعية. ورغم تمسكها بالاتحاد الأوروبي، فإنها تعتبر أن «القوانين الدستورية الفرنسية يجب أن تكون لها الأولوية على القوانين الأوروبية». وككل الساعين لترشيح «الجمهوريون»، تريد بيكريس خفض المديونية وخفض الضرائب وتشجيع الصناعة وتعزيز القدرة الشرائية للمواطنين والتخلي عن قانون تحديد أسبوع العمل بـ35 ساعة. وبالنسبة للضرائب، فإنها تريد تمكين الأهل من تقديم هبات لأبنائهم وأحفادهم لا تقل عن 100 ألف يورو معفاة من الضرائب كل ستة أعوام. ولتشجيع الأسر وتنشيط السياسة العائلية، تقترح بيكريس زيادة المخصصات الحكومية. وفي المسائل العلمانية، فإنها تريد فرض قَسَم الولاء للقيم الجمهورية على جميع العاملين في الوظائف العامة، كما أنها تعتبر الحجاب بمثابة وسيلة «إخضاع» للفتيات والنساء.

- قفزة في الاستطلاعات

خلال الأيام الستة المنقضية، حققت فاليري بيكريس في استطلاعات الرأي قفزة استثنائية تصل إلى عشر نقاط. والأهم من ذلك كله، أن الاستطلاع الأخير بيّن أنها تستطيع التغلب على الرئيس ماكرون. وفي هذا الإطار، يكمن تخوف المعسكر الرئاسي من ظهور هذه المرشحة أنها تتبنى برنامجاً قريباً من برنامج ماكرون. وبالتالي، قد تكون قادرة على اجتذاب شرائح مجتمعية سبق أن صوّتت قبلاً لماكرون، أو أنها انضمت إلى حزبه «الجمهورية إلى الأمام» أو إلى الأحزاب الرديفة التي تؤيده، مثل حزب الحركة الديمقراطية الوسطي الذي يرأسه المرشح المخضرم فرنسوا بايرو، أو حزب «آفاق» الذي أطلقه أخيراً رئيس حكومته السابق إدوار فيليب. وهكذا، الواضح اليوم، بالنسبة لخبراء السياسة الفرنسية الداخلية، أن المعركة الرئاسية ستُحسم داخل معسكر اليمين. وما يميز فاليري بيكريس أنها تطرح برنامجاً متشدداً بما يكفي لاجتذاب بعض الذين تستهويهم طروحات زيمّور أو لوبن... ولكنهم يرفضون المغالاة التي تدمغهم. واقتصادياً، فإن برنامجها ليبرالي بما فيه الكفاية لاجتذاب مَن سار وراء ماكرون بفضل ليبراليته. لكن فيس المقابل، بيكريس يمكن أن تعاني من مشكلة التوفيق بين الجناحين المتشدد والمعتدل داخل «الجمهوريون» بحيث لا تعثر على «نقطة التوازن» التي ترضي الجميع... أو على الأقل لا تحدث شروخاً بين حساسياته المختلفة.

بيد أن كل ما سبق لا يعني بتاتاً أن ماكرون خسر سلفاً المعركة الرئاسية. فالرجل يملك في جعبته أوراقاً رابحة، لعل أبرزها أنه سيكون بعد أيام قليلة رئيساً للاتحاد الأوروبي. وهذا الموقع سيمكّنه من إطلاق مبادرات، وأن يكون دائم الحضور على المستويات الوطنية والأوروبية والدولية، ما سيوفّر له رافعة سيستخدمها، بلا شك، لتأكيد الريادة الفرنسية، ولتبيان كونه المسؤول الأوروبي الأكثر بروزاً بعد انسحاب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الأسبوع المنقضي، من المسرح السياسي.

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,292,376

عدد الزوار: 6,944,197

المتواجدون الآن: 69