حمل السلاح في الولايات المتحدة حقٌّ مطلق أم حريّة منظّمة؟...

تاريخ الإضافة السبت 28 أيار 2022 - 8:57 م    عدد الزيارات 1447    التعليقات 0

        

حمل السلاح في الولايات المتحدة حقٌّ مطلق أم حريّة منظّمة؟...

تاريخ من حوادث إطلاق النار فشل في إصلاح النظام الأميركي..

الشرق الاوسط... واشنطن: رنا أبتر... مشاهد مؤلمة ومخيفة، أعادت للأذهان شبح حوادث إطلاق نار تهز الولايات المتحدة بشكل مستمر ومتكرر، تتعدى إلى حد كبير أي حوادث مماثلة في الدول المتقدمة. ففي بلد يتخطى عدد الأسلحة فيه عدد سكانه، باتت الأسلحة النارية السبب الرئيسي للموت بين الشباب الأميركيين، إذ وصلت نسبة الوفيات في صفوفهم بسبب حوادث إطلاق النار إلى 30 في المائة، حسب أرقام للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية. وحسب هذه الأرقام، قضى 4368 طفلاً ومراهقاً جراء إصابات ناجمة عن الأسلحة النارية في عام 2020، أي بمعدل 5.4 وفاة لكل 100 ألف. وشكّلت جرائم القتل نحو ثلثي الوفيات الناجمة عن استخدام أسلحة نارية. لكن على الرغم من هذه المشاهد القاتمة، والحوادث المتزايدة، يبقى الجدل في المجتمع الأميركي على حاله في ملف حمل السلاح ودستوريته. ويولّد دفاعاً شرساً من مناصري حقّ حمل السلاح في الولايات المتحدة، الذين يعتمدون على التعديل الثاني من وثيقة الحقوق في الدستور الأميركي.

التعديل الثاني من الدستور

ينصّ هذا التعديل على: «إنّ وجود ميليشيا منظّمة هو أمر ضروري للحفاظ على أمن ولاية حرّة، لهذا فإنّ حق الأشخاص في اقتناء أسلحة وحملها لا يجب انتهاكه». كلمات أثارت منذ صياغتها في عام 1789 جدلاً كبيراً في الأوساط الأميركية، إذ رأى المدافعون عن حق حمل السلاح أنّ تعبير «حق الأشخاص في اقتناء الأسلحة وحملها» يعطي للأميركيين حقاً دستورياً فردياً باقتناء الأسلحة وحملها. بناءً عليه، فإن هذه النظرية القاضية بالتركيز على «الحق الفردي» تجادل بأن الدستور يمنع تدخلّ الدولة بهذا الحق ويعدّ أي تدخل غير قانوني. أما المعارضون لهذه النظرية، فينظرون إلى لغة التعديل بأعين مختلفة، ويركّزون على الجزء الأول منه الذي يذكر تعبير «ميليشيا منظمة». فيرون أن الآباء المؤسسين أرادوا من خلال هذا التعبير التشديد على أهمية تنظيم حمل السلاح من خلال الولايات المختلفة، لكن من دون تدخل الكونغرس كسلطة فيدرالية في حق هذه الولايات للدفاع عن نفسها، لتصبح هذه النظرية بمثابة «نظرية الحقوق الجماعية»، ما يعني أن الولاية ومؤسساتها لديها الحق بتنظيم اقتناء الأسلحة وحملها من دون انتهاك حق الأميركيين الدستوري. ويقول داعمو تنظيم حمل السلاح إنّ عدم تنظيمه يعرقل جهود الحكومة في تنفيذ مسؤولياتها، ما يهدد أمن المواطنين. فيما يدعو مناصرو حمل السلاح إلى اقتناء الأسلحة للدفاع عن النفس وممارسة رياضة الصيد، ويقولون إن امتلاك المواطنين للسلاح يَحول دون ارتكاب جرائم.

هل يعطي الدستور الأميركيين الحق المطلق بحمل السلاح؟

الجواب عن هذا السؤال غالباً ما يعود للمحكمة العليا التي تنظر كل قضية أمامها على حدة للبتّ فيها. وبينما يحق لبعض الولايات تحديد طرق حمل السلاح بشكل عام، فإن المحكمة العليا لم تحسم ما إذا كان هذا الحق مطلقاً. لكنّ القرار الأهم بهذا الخصوص حصل في عام 2008 في قضية (مقاطعة كولومبيا ضد هيلر) حين أكدت المحكمة العليا لأول مرّة أن التعديل الثاني في الدستور يضمن حق الفرد بامتلاك سلاح إضافةً إلى حقّه في استعمال السلاح بطرق قانونية أبرزها للدفاع عن النفس في منزله. وبهذا تكون المحكمة قد دعمت نظرية «الحق الفردي» وعارضت نظرية «الحق الجماعي» في تلك القضية.

دور الكونغرس المتأرجح

بعد اغتيال الرئيس الأميركي جون إف كينيدي، والسناتور روبرت كينيدي، والناشطَين في مجال حقوق الإنسان مالكوم إكس، ومارتن لوثر كينغ الابن، في الستينات، مرّر الكونغرس قانون تنظيم حمل السلاح في عام 1976. ونظّم القانون نقل الأسلحة بين الولايات من خلال المصنّعين المرخّصين وتجار السلاح والمستوردين. كما منع بيع السلاح لمجموعات «محظورة». لكن في عام 1986 ومع انتشار نفوذ جمعية البنادق الوطنية (إن آر إيه)، مرّر الكونغرس قانوناً آخر باسم «قانون حماية حاملي السلاح» أبطل مفعول القانون الأول، إلا أنه منع امتلاك البنادق الآليّة غير المسجّلة. في عام 1981 أدت محاولة اغتيال الرئيس الأميركي رونالد ريغن إلى دعوات لتمرير قانون جديد، لكنّ هذا لم يحصل قبل عام 1993 حين وقّع الرئيس الأميركي حينها بيل كلينتون على قانون «برايدي لمنع عنف السلاح»، وذلك تيمناً بالمتحدث باسم البيت الأبيض برايدي بيل الذي أُصيب خلال محاولة اغتيال ريغن، ما أدى إلى شلله. وقد حدّد القانون أطراً للتحقق من الخلفيات الجنائية للأشخاص الذين يسعون لامتلاك السلاح كما حال دون شراء المجرمين والقاصرين للأسلحة. وفسّر رئيس القضاة المحافظ في المحكمة العليا وارن برغر، خلفيات القانون في مقال داعم له، فقال: «للأميركيين حق الدفاع عن بيوتهم، ولا يجب تغيير هذا الحق، كما لا يحق لأحد التشكيك في أن الدستور يحمي حق الصيادين باقتناء أسلحة صيد، بالطريقة نفسها التي لا يجب التشكيك بامتلاكهم لصنّارات ومعدات صيد أخرى. إن حق امتلاك سلاح وحمله للصيد يُعدّ اليوم نشاطاً ترفيهياً وليس ضرورة للعيش كما كان الأمر منذ 200 عام. لكنّ الأسلحة الثقيلة لا تعد ترفيهية ونحن بحاجة لتنظيمها». في عام 1994 مرّر الكونغرس قانوناً آخر باسم «الحظر الفيدرالي للأسلحة الهجومية»، وذلك بعد أن فتح رجلٌ النار على ملعب مدرسة كليفلاند الابتدائية في كاليفورنيا في عام 1989. ويمنع القانون تصنيع ونقل الأسلحة الهجومية شبه الآلية ومخازن الذخائر الكبيرة السعة للاستعمال المدني. لكنّ مهلة القانون نفدت في عام 2004 ولم يتمكن الكونغرس من تجديده. بعد ذلك، أدّت سلسلة من جرائم القتل الجماعي إلى محاولات متعددة من الإدارات الأميركية المختلفة إلى تنظيم حمل السلاح بطريقة أو بأخرى.

إدارة أوباما وحمل السلاح

في ديسمبر (كانون الأول) 2012، فتح آدم لانزا البالغ من العمر 20 عاماً النار في مدرسة «ساندي هوك الابتدائية»، فقتل 28 شخصاً أغلبيتهم أطفال في حادثة هزّت الولايات المتحدة وتحدّت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما. وفي يناير (كانون الثاني) 2013 أعلن أوباما خطة للحد من عنف السلاح مؤلفة من 4 أجزاء:

1 - تصحيح العيوب في نظام التحقق من الخلفية الجنائية.

2 - حظر الأسلحة الهجومية ومخازن الذخيرة الكبيرة السعة.

3 - الحرص على أمن المدارس.

4 - تسهيل خدمات علاج الصحة العقلية.

وفيما تطلبت هذه الخطة موافقة الكونغرس، إلا أن المجلس التشريعي لم ينجح في تمرير أي قانون يدعم الخطة بسبب الانقسامات الحزبية ونفوذ لوبي الأسلحة. وأعرب أوباما عن استيائه من ملف السلاح في مقابلة مع شبكة «بي بي سي» في عام 2015، فقال: «إن ملف تنظيم السلاح هو أكثر ملف أحبطني، فالواقع هو أن الولايات المتحدة هي البلد المتقدم الوحيد على وجه الأرض الذي لا يتمتع بقوانين منطقية لحماية المواطنين من عنف السلاح. حتى في وجه جرائم القتل الجماعي. إذا نظرنا إلى عدد الأشخاص الذين قُتلوا في هجمات إرهابية منذ اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول)، هم أقل من مائة. أما إذا نظرنا إلى عدد الأشخاص الذين قُتلوا بسبب أحداث مرتبطة بعنف السلاح، فهم عشرات الآلاف. إن عدم قدرتنا على حل هذه القضية يقلقني للغاية».

إدارة ترمب والسلاح

في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2017، فتح ستيفين بادوك النار من شرفة غرفته على الحضور في مهرجان موسيقي في لاس فيغاس، فقتل 58 شخصاً وجرح 413 آخرين. بادوك تمكن من إطلاق أكثر من ألف رصاصة من ذخيرته عبر استعمال 12 بندقية، أي إنه أطلق النار بوتيرة وصلت إلى تسع رصاصات في الثانية. وفي فبراير (شباط) من عام 2018، تمكن نيكولاس كروز من قتل 17 شخصاً عندما استخدم بندقيته شبه الآلية وفتح النار في مدرسة «ستونمان دوغلاس الثانوية» في باركلاند، ولاية فلوريدا. حادثتان حصلتا في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي سعى بعد ذلك إلى حظر جميع الأجهزة التي تحوّل الأسلحة المشروعة إلى بنادق أوتوماتيكية، وهو الجهاز الذي استعمله مطلق النار في لاس فيغاس. وتمكنت وزارة العدل من تطبيق هذا الحظر في عام 2018 عبر أمر تنفيذي من دون السعي لموافقة الكونغرس.

جمعية البنادق الوطنية ولوبي الأسلحة

لعّل أبرز سبب يعرقل تمرير مشاريع من هذا النوع في المجلس التشريعي هو النفوذ الواسع الذي تتمتع به جمعية البنادق الوطنيّة (إن آر إيه) في الكونغرس. فهي من أكثر الجمعيات نفوذاً في الولايات المتحدة، أُسِّست في عام 1871 لترويج امتلاك الأسلحة. ولم تكن الجمعية مسيّسة في بداياتها، لكن في أواخر عام 1970 بدأت بتغيير أنشطتها لتشمل السياسة وتصبح متناغمة مع الحزب الجمهوري. بعد عام 1977 وسّعت الجمعية من عضويتها لتركز بشكل أساسي على القضايا السياسية وتشكل تحالفات مع السياسيين المحافظين. وفي عام 1998، أصبحت الجمعية من كبرى الجمعيات التي تموّل الانتخابات التشريعية. على سبيل المثال، أنفقت الـ«إن آر إيه» مبلغ 11 مليون دولار في انتخابات عام 2012، و14 مليوناً في انتخابات عام 2014. كما أخذت الجمعية على عاتقها الترويج للسياسات الداعمة لاقتناء السلاح وحمله، من خلال السعي جاهدة لفصل حق حمل السلاح عن سوء استخدامه في حوادث إطلاق النار. وتعرضت لانتقادات واسعة عندما بدأت بترويج فكرة وجود عناصر أمنية في المدارس وتسليح الأساتذة، بدلاً من تنظيم حمل السلاح. لكن الجمعية لم تخسر أي معركة تشريعية منذ قانون عام 1994. ما يدل على نفوذها الواسع في الكونغرس.وتعطي الجمعية علامات مختلفة لأعضاء الكونغرس. فعلامة «A+» تُعطى للنائب أو السيناتور الذي لديه «سجل تصويت ممتاز في كل المسائل المتعلقة بالجمعية في الكونغرس، والذي قام بجهد فائق لترويج التعديل الثاني من الدستور والدفاع عنه». أما المشرعون الذين يحصلون على علامة «F» فهم «أعداء حقيقيون لحق حمل السلاح»، حسب وصف الجمعية. وتُظهر الأرقام أن 88 في المائة من الجمهوريين و11 في المائة من الديمقراطيين تلقوا مساهمات من الجمعيّة خلال عملهم السياسي، كما حصل أكثر من خمسين في المائة من أعضاء الكونغرس على تبرعات منها. وقد أعلنت الجمعية لأول مرة عن تأييدها لمرشح رئاسي في عام 1980 عندما دعمت الجمهوري رونالد ريغن مقابل الديمقراطي جيمي كارتر. كما أنفقت 40 مليون دولار في انتخابات عام 2008 منها 10 ملايين ضد حملة أوباما الانتخابية. وفي مايو (أيار) من عام 2016، أعلنت الجمعية تأييدها لترمب في الانتخابات الرئاسية، وتبرعت بأكثر من 30 مليون دولار لحملته الانتخابية.

عدد الأسلحة أكثر من السكان

يُقدّر اليوم عدد الأسلحة التي يمتلكها أميركيون مدنيّون بقرابة الـ393 مليون سلاح، وهناك سلاح واحد على الأقل في 35 في المائة إلى 42 في المائة من المنازل. وتتمتع الولايات المتحدة بأعلى نسبة أسلحة مخصصة لكل فرد، بمعدل يقارب 120 سلاحاً لكل 100 شخص.

الولايات الأميركية والسماح بحمل السلاح علناً

تختلف قوانين حمل السلاح من ولاية إلى أخرى، فهناك 5 ولايات أميركية فقط تمنع حمل المسدسات علناً و32 ولاية تسمح بذلك من دون رخصة مقابل 13 ولاية تتطلب ترخيصاً.

الولايات التي تمنع حمل المسدسات علناً: كاليفورنيا – فلوريدا – إلينوي – نيويورك - كارولاينا الجنوبية - مقاطعة كولومبيا.

الولايات التي تستلزم رخصة لحمل المسدسات: جورجيا – هاواي – إنديانا – أيوا – ماريلاند – ماساشوستس – مينوسوتا – نيوجرسي – أوكلاهوما - رود إيلاند – تينيسي – تكساس - يوتا.

أبرز حوادث إطلاق النار في الولايات المتحدة

1 - 1991: مقهى «لوبي» في تكساس - 23 قتيلاً و27 جريحاً.

2 - 1999: مدرسة «كولومباين الثانوية» في كولورادو - 13 قتيلاً و24 جريحاً.

3 - 2007: جامعة «فيرجينيا تك» - 32 قتيلاً و23 جريحاً.

4 - 2009: قاعدة «فورت هود العسكرية» في تكساس - 13 قتيلاً و32 جريحاً.

5 - 2012: مدرسة «ساندي هوك الابتدائية» - 27 قتيلاً منهم 20 بين السادسة والسابعة من العمر، وجريحان.

6 - 2013»: القاعدة البحرية في واشنطن - 12 قتيلاً و8 جرحى.

7 - 2015: سان برناندينو في كاليفورنيا: 14 قتيلاً 24 جريحاً.

8 - 2016: حادثة الملهى الليلي في أورلاندو - 49 قتيلاً و53 جريحاً.

9 - 2017: حادثة لاس فيغاس - 58 قتيلاً و422 جريحاً.

10 - 2018: مدرسة «ستونمان الثانوية» في فلوريدا - 17 قتيلاً و17 جريحاً.

11 - 2019: متجر «والمرت» في إل باسو تكساس - 23 قتيلاً و23 جريحاً.

12 - 2021: حوادث إطلاق نار في أتلانتا أودت بحياة 8 أشخاص، 6 منهم من الآسيويين.

13 - 2021: إطلاق نار في سوبرماركت في بولدر (كولورادو) - 10 قتلى.

14 - 2022: مترو نيويورك - 23 جريحاً.

15 - 2022: استهداف أميركيين من أصول أفريقية في متجر للبقالة في باولو (نيويورك) - 10 قتلى.

16 - 2022: مدرسة «روب الابتدائية» في ولاية تكساس - 21 قتيلاً منهم 19 طفلاً.

 

بايدن يواسي ضحايا «مذبحة المدرسة»... والجمعية الوطنية للبنادق تحتفي بـ«نجمها» ترمب

«الشرق الأوسط» تعاين من يوفالدي وهيوستن اتساع الهوة بين الأميركيين حول اقتناء الأسلحة

هيوستن (تكساس): علي بردى... أخفقت الضغوط والمناشدات التي صدرت على مستويات عديدة في إلغاء عقد المؤتمر العام للجمعية الوطنية للبنادق، وهي من أقوى اللوبيات الأميركية، في ولاية تكساس التي شهدت في مطلع الأسبوع أحد أسوأ أعمال القتل الجماعية وأكثرها دموية بالأسلحة النارية في تاريخ الولايات المتحدة. فيما استعد الرئيس جو بايدن وزوجته جيل بايدن لزيارة بلدة يوفالدي المنكوبة غداً الأحد لتكريم الأطفال الـ19 والمعلمتين الذين قتلوا في الهجوم، وتقديم العزاء ومواساة ذويهم. وفي مؤشر إضافي على عمق الانقسامات التي تشهدها الولايات المتحدة، ولا سيما بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، فاخرت الجمعية الوطنية للبنادق - المعروفة أيضاً باسمها المختصر «إن آر أي» - بأن الرئيس السابق دونالد ترمب سيكون خطيباً رئيسياً في مؤتمرها العام، الذي بدأ أمس في مركز جورج براون للمؤتمرات في هيوستن، عاصمة تكساس. وأفادت في موقعها على الإنترنت: يسر الجمعية الوطنية للبنادق أن تعلن أن الرئيس السابق دونالد ترمب سيتصدر الجمعة (أمس) مجموعة مرصعة بالنجوم من الشخصيات السياسية ذات الوزن الثقيل في «منتدى القيادة الخاص بمعهد إن آر أي للعمل التشريعي»، الاسم الرسمي لمؤتمر الجمعية. وأعلنت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار أن عائلة بايدن «ستواسي بالحزن المجتمع الذي فقد 21 شخصاً في حادث إطلاق النار المروع في مدرسة روب الابتدائية» التي شهدت «المجزرة» التي ارتكبها شاب اسمه سلفادور راموس يبلغ من العمر 18 عاماً الثلاثاء الماضي قبل أن تقتله الشرطة. وأوضحت أن الرئيس سيلتقي قادة المجتمع المحلي والزعماء الدينيين وذوي الضحايا. وناشدت كارين جان بيار، وهي أم لتلميذ في المرحلة الابتدائية، المشرعين الأميركيين التوافق من أجل معالجة العنف المسلح الواسع النطاق الذي تشهده الولايات المتحدة. وقالت: «كان هؤلاء أطفال مدرسة ابتدائية، يجب أن يفقدوا أسنانهم الأولى، لا أن يفقدوا حياتهم». وعندما سئلت عما إذا كان من اللائق أن تمضي الجمعية الوطنية للبنادق في مؤتمرها في هيوستن، أجابت أن «ما هو غير مناسب هو أن قيادة الجمعية الوطنية للبنادق أثبتت مراراً وتكراراً أنها تساهم في مشكلة العنف المسلح وليس في محاولة حلها... من المخزي أن تقف الجمعية الوطنية للبنادق وحلفاؤها في طريق كل محاولة لدفع الإجراءات التي نعلم جميعاً أنها ستنقذ الأرواح». وذكرت بما قاله بايدن الثلاثاء الماضي عن تجربته الشخصية كأب يتألم لفقدان طفل، داعياً البلاد إلى تشديد قوانين الأسلحة رداً على عمليات إطلاق النار.

تعزية… وتجاهل للمسؤولية

في المقابل، تجاهلت الجمعية الوطنية للبنادق أي مسؤولية تلقى عليها في حوادث القتل الجماعي التي تشهدها الولايات المتحدة، رافضة في الوقت ذاته المناشدات لإرجاء مؤتمرها إلى موعد لاحق وعقده في ولاية أخرى احتراماً لضحايا يوفالدي في تكساس. ولكنها عبرت عن «أعمق تعاطفنا مع ذوي ضحايا هذه الجريمة المروعة والشريرة»، مضيفة أنه «بالنيابة عن أعضائنا، نحيي شجاعة مسؤولي المدرسة والمسعفين الأوائل وغيرهم ممن قدموا دعمهم وخدماتهم». وقالت إنه «رغم أن التحقيق جارٍ والحقائق لم تظهر بعد، فإننا ندرك أن هذا كان فعل مجرم منفرد مختل العقل»، مؤكدة أن اجتماع هيوستن سيشهد «تأملاً في هذه الحوادث، وصلاة من أجل الضحايا». وتعهدت بـ«مضاعفة التزامنا لجعل مدارسنا آمنة». وكان من المقرر أن يلقي الرئيس السابق ترمب وغيره من الجمهوريين البارزين خطابات تهدف عموماً إلى تسويق الأسلحة النارية، والذي من المتوقع أن يجذب المحتجين الذين سئموا العنف باستخدام هذه الأسلحة. وتراجع بعض المتحدثين والممثلين المرموقين، بما في ذلك اثنان من المشرعين من تكساس ومغني «الفطيرة الأميركية» دون ماكلين، الذي قال «سيكون من عدم الاحترام» المضي في حضور هذا المؤتمر في أعقاب إطلاق النار الجماعي الأخير في البلاد.

آذان صماء

بينما جدد الرئيس بايدن والديمقراطيون في الكونغرس دعواتهم من أجل فرض قوانين أكثر تشدداً على الأسلحة، قال عضو مجلس إدارة «أن آر أيه» فيل جورني إن «التركيز يجب أن يكون على رعاية صحية عقلية أفضل ومحاولة منع العنف باستخدام الأسلحة النارية»، مؤكداً أنه لن يدعم حظر أو تقييد الوصول إلى الأسلحة النارية. وحضت الجمعية في بيان منتسبيها على شراء شاراتها والتسويق لهداياها التذكارية، مثل القمصان التي تحمل عبارة «الشموس تشرق والبنادق تظهر»، التي تعني أن الأسلحة ستبقى ما دامت الشمس تشرق. وأقامت الشرطة حواجز معدنية عبر الشارع من مركز المؤتمرات، في حديقة يتوقع أن يتجمع فيها المحتجون على الأسلحة.

يأتون من كل الولايات

ووصل غاري فرانسيس مع زوجته وأصدقائه من راسين بولاية ويسكونسن لحضور اجتماع «إن آر إيه». قال إنه يعارض أي أنظمة للسيطرة على الأسلحة ردا على إطلاق النار في يوفالدي. واعتبر أن «ما حصل هناك مأساوي بالتأكيد. لكن لا علاقة للجمعية الوطنية للبنادق به. الأشخاص الذين يأتون إلى هنا لا علاقة لهم به». ورغم أن تكساس شهدت سلسلة من عمليات إطلاق النار الجماعية في السنوات الأخيرة، فقد خفف المجلس التشريعي وحاكم الولاية الجمهوري غريغ أبوت قوانين حيازة الأسلحة. وهناك سابقة لعقد اجتماع الجمعية وسط حداد وجدل محلي. إذ مضت «إن آر إيه» في نسخة مختصرة من اجتماعها عام 1999 في مدينة دنفر بعد أسبوع تقريباً من حادث إطلاق النار دام في مدرسة كولومباين الثانوية في ولاية كولورادو. وأخبر رئيس الجمعية عامذاك الممثل تشارلتون هيستون الحاضرين أن «الأعمال الفظيعة» لا ينبغي أن تصير فرصاً لتقييد الحقوق الدستورية. وندد بتصوير أعضاء «إن آر إيه» على أنهم «أشرار». وقال العضو السابق في مجلس إدارة الجمعية روكي مارشال إنه رغم أن المأساة في يوفالدي «تضع الاجتماع في صورة سيئة» إلا أن «هذا ليس سبباً لإلغائه». واعتبر أن المدافعين عن حقوق السلاح والمعارضين «يمكنهم ربما تقليل عنف السلاح إذا ركزوا على عوامل مثل المرض العقلي أو أمن المدرسة». وقال: «رمي الجمعية الوطنية للبنادق بالحجارة لن يوقف إطلاق النار الجماعي التالي».

انسحابات لمشاهيرومسؤولين جمهوريين

لكن مغني موسيقى الريف الأميركي لاري جاتلين، الذي انسحب من المناسبة، قال إنه يأمل في أن «تعيد الجمعية التفكير في بعض مواقفها القديمة وغير المدروسة». ولفت إلى أنه «بينما اتفق مع معظم المواقف التي تعلنها الجمعية الوطنية للبنادق، توصلت إلى قناعة بأنه رغم أن عمليات التحقق من الخلفية لن تمنع كل مجنون بمسدس، إلا أنها على الأقل خطوة في الاتجاه الصحيح». وذكرت مجلة «فارايتي» أن مغنيي الريف لي غرينوود ولاري ستيوارت انسحبا أيضاً. وطرأت تعديلات على برنامج عمل كل من الجمهوريين من تكساس واللذين كان مقرراً أن يتحدثا أمس الجمعة، وهما السيناتور جون كورنين والنائب دان كرينشو. وهما لن يحضرا المناسبة. وقال الناطق باسم حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت، الذي كان من المقرر أن يحضر المؤتمر، إنه بدلاً من ذلك، سيتحدث أمام المؤتمر عن طريق تسجيل فيديو مسجل مسبقاً. وأدرج السيناتور الجمهوري من تكساس تيد كروز كمتحدث. وكان ترمب أعلن الأربعاء أنه لا يزال ينوي الحضور. وكذلك أعلنت محافظة ساوث داكوتا الجمهورية كريستي نويم أنها ملتزمة خططها للتحدث في المناسبة. ورغم السماح بالأسلحة النارية الشخصية في المؤتمر، أفادت الجمعية بأن الأسلحة لن يسمح بها خلال الجلسة التي يشارك فيها ترمب بسبب بروتوكولات الأمن الخاصة بجهاز الخدمة السرية.

احتجاجات

وأمام مركز المؤتمرات، تجمع ناشطون من مجموعات عدة خارج القاعة التي وفرت لها الشرطة والأجهزة الأمنية تدابير حماية مشددة. وقال سيزار إسبينوزا، المدير التنفيذي لمجموعة حقوقية مدنية مقرها هيوستن، إنه يخطط للمشاركة في الاحتجاجات. وقال: «هذا ليس الوقت أو المكان المناسب لعقد هذا المؤتمر. يجب ألا يكون لدينا أفكار ودعوات من المشرعين فقط، ولكننا بحاجة إلى اتخاذ إجراءات لمعالجة أزمة الصحة العامة التي تؤثر على مجتمعاتنا». وقال المشرع الديمقراطي السابق بيتو أورورك، الذي يتحدى أبوت في سباق حكام تكساس لعام 2022، إنه سيحضر احتجاجاً خارج قاعة المؤتمر. وقال رئيس بلدية هيوستن الديمقراطي سيلفستر تورنر إن المدينة ملزمة باستضافة حدث الجمعية الوطنية للبنادق، الذي كان متعاقداً منذ أكثر من عامين. لكنه حض السياسيين على تخطي ذلك. وقال: «لا يمكنك الصلاة وإرسال التعازي في يوم ما، وبعد ذلك ستذهب وتدافع عن السلاح في اليوم التالي. هذا خطأ». 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,619,520

عدد الزوار: 6,997,866

المتواجدون الآن: 73