أحداث مهمة في سنة 2012... موسكو تكافح لإستعادة مكانتها الدولية وأوباما منهمك في منع التدهور المالي الأميركي

تاريخ الإضافة الخميس 10 كانون الثاني 2013 - 7:54 ص    عدد الزيارات 720    التعليقات 0

        

 

أحداث مهمة في سنة 2012... موسكو تكافح لإستعادة مكانتها الدولية وأوباما منهمك في منع التدهور المالي الأميركي
جوزف ملكون
كيف تبدو العلاقات الدولية في العام الجديد؟ وكيف كانت في السنة المنصرمة؟ وهل تراجع التوتر في الكرة الأرضية؟ قد لا نبالغ ان قلنا ان العلاقات بين الولايات المتحدة ومنافسيها في الساحة الدولية مثل روسيا والصين مرشحة لأن تتصاعد وتتلوّن طبقاً لمصالحها.
اثبتت التطورات العالمية أنه لم يعد باستطاعة واشنطن التحكم وحدها ببؤر التوتر هنا وهناك وان الأزمة السورية أكبر مثال على ذلك. موسكو وقفت منذ البداية ضد أي تدخّل عسكري وضد إزاحة بشار الأسد عن السلطة واستمرت في تقديم السلاح الذي مكّن الجيش النظامي من التصدي للثوار واستخدام كل وسائل التدمير والقتل المتاحة في محاولة للقضاء عليهم دون جدوى.
الموفد الدولي - العربي إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، وبعد جولات عديدة شملت دول الجوار وغيرها أكّد ان «التوافق الروسي - الأميركي عامل محوري في التوصل إلى الحل السياسي للأزمة السورية» وحذّر من أي شكل لحسم عسكري لن يجد فيه المنتصر دولة سورية قائمة، وشدد على ضرورة بقاء الدولة وعدم تكرار سيناريو العراق.
موسكو منافس قوي لواشنطن
الموقف الروسي المتشدد يعود إلى عدة عوامل أهمها استعداد موسكو لأن تخسر آخر زبون لها في المنطقة بعدما خسرت العراق.
وجود فلاديمير بوتين على رأس السلطة بعد انتخابه أوائــل الـــصيف الماضي خلفاً لـ ميدفيديف، يعيد إلى الأذهان شخصية الرئيس الروسي الذي امضى شبابه في خدمة جهاز أمــن الــدولـــة الـــسوڤـيــاتـيـة، كي جي بي، قبل أن يختاره الرئيس الروسي، بوريس يلتسين مساعداً له ليتسلم منصبه بعدما أصابه الخرف والإدمان على الشرب.
وحتى يثبت حنينه إلى الماضي يوم كان الاتحاد السوڤياتي يمسك بقبضته الحديدية كل النشاطات والتحركات ويقف نداً للولايات المتحدة اتخذ بوتين سلسلة خطوات لفرض سيطرة مطلقة للدولة كما كان سابقاً معتمداً على الأغلبية التي حصل عليها حزبه «روسيا الموحّدة» في مجلس الدوما «البرلمان». أصدر قوانين فرضت قيوداً على التظاهر وعلى وسائل الإعلام ومنع عدة منظمات للمجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية لأنها «تتلقى تمويلاً أجنبياً وتسعى إلى زعزعة الوضع في البلاد». كما أوقف نشاط الوكالة الأميركية لللتنمية الدولية بعد عقدين قدّمت خلالها مساعدات في النواحي الصحية والاقتصادية والبيئية وغيرها ما أثار تكهنات حول إحتمال قيام بوتين بمراجعة شاملة في العلاقات مع أميركا.
الخبير في شؤون العلاقات مع واشنطن، اليكسي بيلكو، قال ان السياسة الروسية الجديدة أصبحت تقوم على التخلص من كافة مخلفات مرحلة إنهيار الاتحاد السوڤياتي.
وحتى يدعم طموحه في عودة موسكو كمنافس قوي لواشنطن فان بوتين عزز الصناعة العسكرية حتى أصبحت صادراتها خلال 11 شهراً أكثر من 12 مليار دولار لتأتي في المرتبة الثانية بعد أميركا.
موسكو أبرزت تفوّقها العسكري من حيث النوعية إذ أعلن قائد القوات الصاروخية الإستراتيجية، سيرجي كاراكايف، عن صنع صاروخ ثقيل جديد يستطيع اختراق الدرع الصاروخية الأميركية (تعمل واشنطن على إقامتها في أوروبا).
ومما يدعم صعود الموقع الروسي في الساحة الدولية مشاريع الكرملين النفطية ولا سيما ان روسيا تُعد حالياً أكبر دولة مصدّرة للنفط في العالم بينما الولايات المتحدة تستورد أكثر من نصف حاجتها من البترول من عدة دول.
وقد دشّنت روسيا مؤخراً الجزء الثاني لأنبوب النفط بين سيبيريا والمحيط الهادي والذي يفترض أن ينقل النفط إلى آسيا وتبلغ طاقته السنوية 30 مليون طن سترتفع إلى 50 مليوناً لاحقاً وطوله أكثر من ألفي كيلومتر. بوتين صرّح بأن هذا الأنبوب يتوقع أن ينقل النفط إلى اليابان والصين والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وسنغافورة والفليبين وتايوان ما يعني ان هذه الدول ستقلص إلى حد كبير مشترياتها من النفط الإيراني والخليجي.
وفي حين تتمتع روسيا بوضع اقتصادي جيد فان الولايات المتحدة تكافح من أجل وقف تدهورها المالي حيث ان العجز بلغ أكثر من عشرة ترليون دولار. الرئيس أوباما يسعى أخيراً إلى وضع حد لهذا التدهور بالاتفاق مع الحزب الجمهوري حيث تقرر زيادة الضرائب على الأثرياء وخفض الأنفاق.
اللافت ان واشنطن التي تعاني من ذلك العجز الكبير تقابلها موسكو ببرنامج تطوير عسكري شامل أقرّه البرلمان في الخريف الماضي تبلغ تكاليفه أكثر من 220 مليار دولار. وفي رأي مراقبين ان عام 2012 كان بمثابة انطلاق سباق تسلح جديد يحمّل الروس الغرب المسؤولية عنه بينما النفقات الدفاعية الأميركية لعام 2013 تبلغ نحو 633 مليار دولار تضمنت تخفيف القيود على صادرات الأقمار الصناعية وتحديد 66 دولة يمكنها شراء طائرات دون طيار وخفض عديد القوات والتركيز على الأسلحة الالكترونية.
إدارة أميركية جديدة
الرئيس أوباما الذي انتخب للرئاسة مجدداً في تشرين الثاني الماضي أدخل تعديلات جذرية على إدارته فاستبدل وزيرة خارجيته، هيلاري كلينتون، برئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، جون كيري، الذي يعد من أبرز الخبرات في السياسة الخارجية في الحزب الديمقراطي ومضى عليه في المجلس 27 عاماً.
كيري توسط بين الرئيس السوري بشار الأسد وإسرائيل لإستئناف التفاوض بينهما عامي 2010 و2011. وقام بالمهمة نفسها مع باكستان وافغانستان لتخفيف التشنج مع واشنطن وأدار مفاوضات ناجحة مع روسيا تم فيها التوقيع على معاهدة «ستارت 2» الاستراتيجية العسكرية. لذلك يأمل مراقبون أن ينجح كيري في تخفيف التوتر مع الكرملين ويجعل العلاقات بينهما طبيعية وخصوصاً أنه سيزور موسكو ممهداً لزيارة يقوم بها أوباما إلى روسيا في النصف الأول من العام الجديد تلبية لدعوة من بوتين، علما ان أي ضرر ينجم عن التوتر يعني زيادة النفقات العسكرية وبالتالي تعريض المجتمع الدولي إلى حروب محلية يولّدها التسابق على إحتلال مكان الصدارة.
بوتين المشبع بأفكار وآراء الاتحاد السوڤياتي يريد أن يستعيد المكانة التي كان يحتلها السوڤيات وجعلتهم نداً قوياً للأميركيين أكثر من 5 عقود.
إلاّ ان أوباما اختار شخصية جديدة للحلول محل وزير الدفاع، ليون بانيتا، وهو عضو مجلس الشيوخ السابق عن الحزب الجمهوري، تشاك هاغل، 66 عاماً، هاغل شارك أوباما في وقوفه ضد الحرب في العراق وهو براغماتي.
اختيار هاغل للدفاع (ينتظر موافقة الكونغرس) اثار انتقاد اللوبي الإسرائيلي في أميركا. في احدى المرات وصف هاغل اللوبي الإسرائيلي بأنه «اللوبي اليهودي» وكأنه كفر عندما نطق بهاتين الكلمتين. كما سبق أن صرح بأن وظيفته كعضو في مجلس الشيوخ (قبل أن يخذله اللوبي الصهيوني) لا يتلقى الأوامر من اللوبي الإسرائيلي وإنما يسعى إلى تقديم المصالح الأميركية على غيره. أضاف، ان التزام أميركا ببقاء إسرائيل لا يعني أن تسير أميركا مع إسرائيل في اتجاهها إلى ضم الضفة الغربية وتحاشي مشروع حل الدولتين.
الكاتب الأميركي الذائع الصيت، توماس ل. فريدمان كتب في «نيويورك تايمز» مدافعاً عن اختيار هاغل للدفاع. قال أني متأكد ان معظم أعضاء مجلس الشيوخ وصانعي السياسة يؤمنون بما يؤمن به هاغل حيال إسرائيل فهي محاطة بأعداء حقودين أكثر من السابق وتستحق دعم اميركا وحاجتها. لكن الحكومة الإسرائيلية الحالية فاسدة إلى درجة وانحرفت أكثر نحو اليمين بحيث لا تبذل جهداً في الأخذ بالاعتبار المصالح الأميركية بإبطائها مغامرة التسوية الذاتية الانعزالية، وستزداد الأمور سوءاً حيث ان اليسار الإسرائيلي يلفظ انفاسه، وسيأتي اليمينيون إلى السلطة في الإنتخابات المقبلة في 22 كانون الثاني، هؤلاء يريدون ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل ونتنياهو «حمامة» بين هذا الجمهور!
ودافع فريدمان عن حماس، قال: «انها مكرّسة لتدمير إسرائيل وتعد «كارثة» للفلسطينيين! لكنها منظمة متجذرة بعمق إذ تسيطر على غزة ولن تتركها.
ولا اعتقد ان أميركا أو إسرائيل ستخسران إذا اشركاها لمعرفة ما إذا كان هناك مستقبل مختلف ممكناً».
وقد يكون من المهم الإشارة إلى موقف إيران من إعادة انتخاب أوباما وما تتوقعه بالنسبة للخلاف حول برنامجها النووي.
صادق لاريجاني، رئيس القضاء الذي يعد مركزاً حيوياً. قال ان التفاوض مع أميركا ليس محرماً وان إيران تبدي استعدادها للحوار معها حتى في قعر جهنم إذا اقتضت ذلك مصلحة النظام الإيراني.
إيران - الغرب والقنبلة الذرية
الجدير بالذكر ان الخلاف بين إيران والغرب حول برنامجها النووي مستمر منذ أكثر من ست سنوات. طهران تتملص من تقديم أدلة دامغة تؤكد ان برنامجها ليس لأغراض عسكرية بل مدنية إلا ان الغرب لم يقتنع حتى الآن ببياناتها.
ازاء موقفها الضبابي من البرنامج فرضت عليها العديد من العقوبات الاقتصادية الدولية. وقد جمّد الاتحاد الأوروبي مؤخراً الأصول المالية لفرد واحد و18 شركة وفرض عليهم حظر سفر إلى دول الاتحاد الـ 28 وبذلك ارتفع إلى 105 أفراد و490 مؤسسة عدد الكيانات التي خضعت للعقوبات الدولية.
يرى مراقبون ان فوز أوباما بالرئاسة الأميركية مجدداً طوى صفحة المحافظين الجدد الذين برزوا في حملة منافسه، ميت رومني، الجمهوري ما يمهد لإيجاد حلول براغماتية في الشرق الأوسط قد تأتي على شكل صفقة مع إيران واستعجال إنهاء الأزمة السورية.
وكان اكثر من ثلاثين دبلوماسياً سابقاً وجنرالات متقاعدين وخبراء في الأمن القومي قدّموا تقريراً إلى أوباما قبل إعادة انتخابه ذكروا فيه ان أي هجوم تشنه الولايات المتحدة على إيران قد يهز نظامهم ويقلص قدرته على شن هجمات مضادة، ولكنه رجح أن تتمكن طهران من الرد ما قد يهدد باشعال حرب شاملة في الشرق الأوسط.
في هذا السياق، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» (28 كانون الأول) ان «إشارات» ظهرت حول رغبة إيران في تسوية الخلاف حيال ملفها النووي. وربما كانت الزيارة المرتقبة لرئيس باكستان، زرداري، إلى طهران ذات علاقة بالملف النووي وكذلك قضية افغانستان.
جبهة أفغانستان - باكستان وطالبان
إلا أن الكاتب فريدمان قال: «أنه يتعذر عليه كيف يمكن لأميركا ان تضمن مصالحها في إيران وافغانستان والعراق وسوريا والبحرين ولبنان من دون انهاء الحرب الباردة مع إيران في الشرق الأوسط. اني أشك بأن ذلك ممكن لأن النظام الإيراني بحاجة إلى خصومته مع اميركا لتبرير تمسكه بالقوة».
مراقبون يتوقعون من جهة أخرى أن تتكثف الجهود نحو تسوية سلمية للحرب الدائرة في افغانستان ولا سيما ان حلف الأطلسي قرر سحب كافة قواته القتالية عام 2014 وان عمليات الإنسحاب بدأت بخروج القوات الفرنسية وستتبعها بريطانيا بسحب قواتها تدريجياً هذا العام مترافقة مع خروج قوات أميركية أيضاً.
الحكومة الأفغانية وضعت خطة من خمس خطوات تقضي بإشراك حركة طالبان في السلطة. كما تدعو الخطة إلى التركيز على ضمان تعاون باكستان التي تتهمها كابول بإيواء مسلحي طالبان التي لعبت إسلام آباد دوراً رئيسياً في تشكيلها في تسعينات القرن الماضي فدعمتها بالعتاد والسلاح لتتمكن من السيطرة على معظم انحاء أفغانستان.
الخطة تفترض اتخاذ خطوات باتجاه اجراء مفاوضات رسمية مباشرة مع طالبان في النصف الأول من العام الجديد بدعم من أميركا وباكستان.
تمهيداً لتنفيذ الخطة جرت في إسلام اباد في 11 تشرين الثاني محادثات استمرت ثلاثة أيام بين باكستان وافغانستان تناولت تحقيق السلام في كابول علماً ان العلاقات بين الطرفين تتسم بالتوتر حيث تتهم كابول إسلام اباد بدعم إسلامي طالبان في التمرد المستمر منذ 11 عاماً ضد حكومة حامد كارزاي المدعومة من الغرب.
باكستان ترفض الاتهامات وتقول انها ملتزمة بالقتال ضد طالبان وتستهدف مسلحيها بشكل نشط.
المحادثات أجراها صلاح الدين رباني، رئيس إدارة مجلس السلام الأفغاني الأعلى. أعقب المحادثات أخرى جرت في باريس أواسط كانون الأول شاركت فيها إيران وباكستان وطالبان وأفغانستان.
وقد خطا مجلس الأمن الدولي خطوة في هذا الشأن فدعا كابول إلى التقدم بأسماء الأفراد الذين تؤكد ضرورة سفرهم إلى موقع معين أو مواقع لازمة للمشاركة في اجتماعات لدعم السلام والمصالحة.
حركة عنصرية في بورما
وفي جنوب شرقي آسيا برزت مشكلة لم تكن في الحسبان إذ ظهرت حركة عنصرية في بورما استهدفت الجالية الإسلامية التي يقدر أفرادها بمئات الآلاف إذ تعرّضوا لاعتداءات وحشية من قبل الأغلبية البوذية ما تسبب بهجرة الكثيرين لأماكنهم بعدما دمرت وأحرقت بيوتهم.
وتدخلت الأسرة الدولية في القضية فطالبت حكومة بورما العسكرية بضرورة حماية السكان من الاعتداءات ومعاقبة المعتدين.
الرئيس أوباما زار بورما في 19 تشرين الثاني الماضي واعداً بمواصلة الدعم الأميركي للاصلاحات السياسية لكنه حذر من خطورة العنف العرقي. وناشد أوباما معاملة المسلمين في روهينغايا بالحسنى لأنهم لا يحسبون كمواطنين بورميين مثل غيرهم من المواطنين البوذيين. قال لا يمكن لأي اصلاح أن يتم دون تصالح وطني علماً ان بورما يحكمها مجلس عسكري استولى على السلطة 1988.
موقع الصين
أما الصين التي غدت لاعباً رئيسياً في الساحة الدولية فقد اظهر تقرير لمجلة «تايم» الأميركية أنها تتفوّق على غيرها في صناعة الالكترونيات والتقنية البيولوجية. البلد أصبح قوة «سوبر» في التصنيع وورشة عالمية، إذ ينتج ثلثي ماكنات الاستنساخ وأفران ميكرويف والأحذية و60 في المئة من الهاتف الخليوي و55 في المئة من أقراص «دي في دي» وأكثر من نصف آلات التطوير نوع «ديجيتال» و75 في المئة من لعب الأطفال و30 في المئة من أجهزة الكومبيوتر الشخصية. ونتيجة ازدهارها الاقتصادي أصبح احتياطيها من العملة الأجنبية يزيد على ترليوني دولار مقابل عجز اميركي يبلغ عشرة ترليون دولار فضلاً عن امتلاكها ما قيمته أكثر من خمسين مليار دولار من سندات الخزانة الأميركية.
الصين الحريصة على كل شبر من أراضيها تصدت لليابان مؤخراً التي اعتبرت بعض الجزر الكائنة في الشرق الأقصى عائدة لها. الجيش الصيني أعلن حالة التأهب في صفوفه بعد تحليق طائرات يابانية قرب المنطقة. ولا يزال الطرفان يتمسكان بضبط النفس حتى الآن. ولا يستبعد مراقبون أن تلجأ الدولتان إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي للبت في القضية وتجنب أي اشتباكات مسلحة تهدد استقرار الشرق الأقصى.
ومع ان الصين وقفت مع روسيا في مجلس الأمن ضد التدخل العسكري في سوريا إلا ان بكين، كما يبدو، تركت لجارتها الإستمرار في معالجة الأزمة حيث ينتظر عقد لقاء ثلاثي أميركي - روسي مع الأخضر الإبراهيمي في كانون الثاني لإيجاد مخرج للأزمة السورية.
الصين - روسيا
وينظر مراقبون إلى علاقات الصين مع جارتها روسيا بعين القلق. ونقل عن بيلكو قوله ان مخاوف الكرملين من العملاق الصيني تضغط بقوة مع تزايد الانتقادات بكثرة هجرة العمال الصينيين إلى مناطق سيبريا والشرق الأقصى الفارغة تقريباً من السكان الروس.
الهند؟
واهتزت الهند لعاصفة اجتماعية عنيفة أواخر العام الماضي حيث تعرّضت طالبة جامعية تدرس المعالجة الفيزيائية وتبلغ من العمر 23 عاماً إلى اغتصاب جماعي شارك فيه ستة رجال وذلك في باص كانوا يركبونه. وبعد اكمال جريمتهم ضربوها بقضيب من الحديد والقوها من الباص.
وخضعت الطالبة التي احتفظ باسمها إلى ثلاث عمليات جراحية في نيودلهي قبل أن تنقل إلى سنغافورة في حال حرجة حيث توفيت هناك.
واثارت الجريمة غضب الهنود فسارت تظاهرات تطالب بانزال اقصى العقوبات بحق الجناة. واضطر رئيس الوزراء، منموهان سينغ، إلى إلقاء خطاب تلفزيوني لتهدئة النفوس وأعلن تشكيل لجنة تحقيق. سينغ اعترف بأن أعمال العنف ضد النساء تشكل مشكلة كبيرة في الهند التي بلغ نفوسها مليار نسمة وأنه سجلت 256 ألفاً و329 جريمة عنف كانت امرأة واحدة أو أكثر الضحية في تسعين في المئة منها طبقاً لأرقام رسمية وذلك عام 2012. وبسبب كثرة جرائم العنف ضد المرأة اطلق على نيودلهي وصف «عاصمة الاغتصاب».
ووعد الرئيس الهندي بإعادة النظر في قانون العقوبات بحيث تشدد على مرتكبي جرائم الاغتصاب علماً ان صور الجناة واسماءهم وعناوينهم نشرت على مواقع الانترنت الرسمية.
اميركا اللاتينية
أما اميركا اللاتينية فان شعوبها مهتمة بالحالة الصحية للرئيس الفنزويلي، هوغو تشافيز فهو يعاني من مرض السرطان الذي اضطره إلى السفر عدة مرات لكوبا التي تعد دولة صديقة له حيث أجرى أربع عمليات جراحية. مع ذلك فما زالت صحته «معقدة»، والحكومة لا تكشف عن نوعية السرطان، لكن تشافيز وعلى حد قول نائب الرئيس، نيكولا مادورو، مدرك لوضعه الصحي المعقد بعد آخر عملية.
وكان مرض السرطان قد اكتشف لدى تشافير في منطقة الحوض في حزيران 2011 وأجريت له أول عملية في كوبا في 11 كانون الأول. وتشافيز انتخب رئيساً لفنزويلا عام 1999 وأعيد انتخابه مرة أخرى في 7 تشرين الأول الماضي وهو يتزعم الحزب الاشتراكي الموحّد الذي يهيمن على 15 من 23 ولاية ويعد من أكثر قادة اميركا اللاتينية خصومة للولايات المتحدة. وقد حاولت قلب نظامه قبل بضع سنوات إلا أنها فشلت. السبب ان تشافيز يملك قاعدة شعبية عريضة تضم العمال والفلاحين والعسكريين.
الأطباء يستبعدون شفاءه واستعادته كامل صحته لأن المرض الخبيث الذي يعاني منه لا يرحم. والمعتقد ان مادورو سيتولى الحكم في حال غيابه وهو ما يجري حالياً.
حركة تمرد في كولومبيا
وقريباً من فنزويلا تقع كولومبيا التي تعاني من حركة تمرد ماركسية منذ نصف قرن. وقد بدأت في تشرين الأول الماضي محادثات «رمزية» في الترويج بين حكومة كولومبيا وثوار حركة القوات المسلحة الثورية، فارك، في محاولة لتسوية آخر نزاع أهلي في اميركا اللاتينية مستمر منذ 50 عاماً.
واستؤنفت المباحثات في كوبا بعد شهر برعايتها ويؤمل الوصول إلى تسوية عادلة علماً ان الثورة نجمت عن مصادرة الأراضي من قبل الدولة وقادتها حركة فارك التي تأسست عام 1964.
ويبدو في القارة السمراء ان بعض دولها لم تتعوّد بعد على الديمقراطية فهي ما تزال تتعرّض إلى انقلابات عسكرية رغم ان المجتمع الدولي سبق ان أكد مراراً عدم اعترافه بأي حكومة عسكرية جاءت بعد الإطاحة بحكومة مدنية انتخبها الشعب.
مع ذلك ظهرت حركة تمرد يقودها صغار الضباط في جمهورية افريقيا الوسطى، البلد المغلق، تمكنوا من اجتياح عدة قرى في الجنوب وأصبحوا يهددون العاصمة، بانغي.
وخشية انتشار الفوضى وحماية رعاياها أغلقت أميركا سفارتها وأجلت سفيرها وطاقمه الدبلوماسي. كما أعلنت الأمم المتحدة سحب موظفيها غير الضروريين واتخذت دول أخرى خطوات مماثلة.
اللافت ان وزير إدارة الأقاليم في البلد دعا فرنسا إلى التدخّل عسكرياً بهدف وقف زحف المتمردين والتوسط في إيجاد حلول لمطالبهم.
افريقيا الوسطى التي استقلت عن فرنسا منذ عام 1960 تعاني منذ ذلك الحين عدم الاستقرار واعتمد حكامها على بقائهم في السلطة على القوة العسكرية المرابطة في البلد وهي تبلغ حالياً 200 جندي.
مجلس الأمن انعقد وأصدر بياناً دعا فيه أطراف النزاع إلى العمل من أجل التوصل إلى حل سلمي عن طريق الانخراط في شكل بنّاء في حوار سياسي مناسب. المعروف ان رئيس افريقيا الوسطى الحالي، فرانسوا بوزيز جاء إلى السلطة عام 2003 اثر حرب وجيزة وهو يتكيء باستمرار على التدخل الخارجي للقضاء على حركات التمرد ومنع الاضطرابات من التسلل إلى جمهوريتي تشاد والسودان. التدخل العسكري الفرنسي يعني ان باريس ربما زهقت من ضعف حكم الرئيس وانها قد تساعد في تغييره عبر المفاوضات ولا سيما ان ضباطها يعملون مستشارين لجيش افريقيا الوسطى.
والحديث عن افريقيا الوسطى ينقلنا إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية التي لم تعرف الاستقرار منذ استقلالها قبل خمسة عقود فهي تتعرّض إلى انقلابات عسكرية بين حين وآخر ربما تعود إلى الثروات الطبيعية المعدنية التي تملكها وتسابق الدول الكبرى عليها.
الكونغو
الكونغو يعاني منذ 8 أشهر حركة تمرد تتمثل في «حركة أم 23». كنشاسا والأمم المتحدة تتهمان رواندا وأوغندا المجاورتين بدعم حركة التمرد وهو ما ينفيه البلدان. ازاء هذا الاتهام قررت بريطانيا تعليق مساعداتها لرواندا بسبب دورها في الصراع الدائر في الكونغو والتي تبلغ 21 مليون جنيه استرليني.
دول منطقة البحيرات العظمى كلفت بإيجاد حل للأزمة وهي أرسلت قوة مشتركة لها لضمان انسحاب المتمردين ووضعت الأمم المتحدة طائراتها المروحية في خدمة القوة للتأكد من عملية الانسحاب من شرق الكونغو والبحث في مطالب المتمردين.
وفي غرب افريقيا وتحديداً في جمهورية «مالي» وقع انقلاب عسكري أوائل الصيف الماضي ضد نظام الرئيس، امادو توماني، الذي تمكن من الهروب واللجوء إلى معسكر للجيش قرب العاصمة «باماكو».
مالي
الانقلابيون اتهموا توماني بعدم الكفاءة في إدارة شؤون البلاد وكان من المقرر أن يخوض معركة رئاسية بعد بضعة أشهر إلا ان التمرد حال دون ذلك. مالي خامس أكبر منطقة في افريقيا مساحة حيث تبلغ مليون و200 ألف كلم مربع إنما معظم أراضيها صحراوية و20 في المئة فقط منها يصلح للزراعة ما جعلها تعتمد على تصدير الماشية والصوف والجلود في الحصول على العملة الصعبة لشعب يقدر تعداده أكثر من 10 ملايين نسمة.
قبيلة الطوارق التي تقطن شمال البلاد أعلنت العصيان أكثر من مرة مطالبة بتحسين أحوالها إلا ان تمردها الأخير يشكل خطورة على وحدة مالي إذ انها تطالب بالاستقلال وأيّدهم في ذلك جماعة انصار الدين معلنين دولة إسلامية في المنطقة.
وتبين لاحقاً ان حركة أنصار الدين ذات علاقة بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي ما جعل دول غرب افريقيا تخشى من تسلل التنظيم إليها مثل ساحل العاج وليبريا وسيراليون والسنغال وبوركينا فاسو والنيجر بل والجزائر.
واستغل الانقلابيون الوضع المتدهور في توسيع نفوذهم فدمروا الآثار التاريخية القيّمة في «تمبكتو» ما آثار انتقاد منظمة اليونسكو وغيرها.
الإتحاد الافريقي طالب الأمم المتحدة بالتدخل للقضاء على التمرد في شمال مالي خشية أن يمتد نشاط القاعدة إلى الدولة المجاورة. وقد استجاب مجلس الأمن للطلب فقرر بالإجماع السماح بنشر بعثة دعم دولية بقيادة افريقية لفترة أولية مدتها سنة واحدة تتألف من حوالى ثلاثة آلاف جندي.
كما قضى القرار 2085 بتولي البعثة المساهمة في إعادة بناء قدرات قوات الدفاع والأمن «المالية» بالتنسيق مع الشركاء الدوليين الاخرين بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء الأخرى. كما تدعم البعثة السلطات المالية في إستعادة مناطق الشمال من سيطرة الجماعات المسلحة الارهابية والحد من تهديد المنظمات الارهابية بما في ذلك تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة الوحدة والجهاد في غرب افريقيا، وحث المجلس سلطات مالي على اعداد خارطة طريق انتقالية من خلال حوار سياسي شامل وموسع وإستعادة النظام الدستوري والوحدة الوطنية.
مراقبون يخشون أن يؤدي التدخل العسكري الافريقي إلى تحويل شمال مالي إلى ساحة معارك عنيفة لأن القاعدة خاصة تستعد للقتال منذ مدة إنما الثمن سيدفعه شعب مالي ونظامه.
الصومال
أما الصومال الواقع في القرن الافريقي فان حكومته وبدعم متواصل من الاتحاد الافريقي والمجتمع الدولي فقد نجح إلى حد كبير في تطهير العاصمة مقاديشو من مقاتلي حركة الشباب وفي استعادة ميناء «كيسمايو»، المركز الرئيسي لنشاط المتمردين لتغلق أكبر منفذ لدخول المتشددين.
ويتوقع مراقبون هزيمة حركة الشباب وتحوّلها إلى فلول عصابات تنتهج أسلوب القاعدة المرتبطة بها في استخدام السيارات المفخخة والقنابل الموقوتة والهجمات الإنتحارية في زعزعة استقرار الصومال. ويضيف مراقبون ان تركيا التي دخلت الصومال قبل بضع سنوات تعد لاعباً رئيسياً فيها حيث تتولى تدريب القوات الصومالية والقيام بمختلف المشاريع الانمائية، وهي تلقى ترحيباً من جانب الصوماليين باعتبارها دولة إسلامية تملك خبرات عالية.
تركيا في الشرق الأوسط
والحديث عن تركيا يجرنا إلى دورها في الشرق الأوسط خصوصاً في الأزمة السورية حيث فتحت حدودها للمعارضة المسلحة وللاجئين السوريين وسمحت للمعارضة السياسية بعقد عدة مؤتمرات دولية.
تدخّل انقرة في الأزمة لم يرح إيران اللاعب الرئيسي فيها أيضاً إلا ان الدولتين ليستا على استعداد للاشتباك فوق الأراضي السورية. تركيا تستورد مئات الآلاف من براميل نفط إيران عبر خط الأنابيب الذي انشىء في تسعينات القرن الماضي ويمتد حتى ميناء «جيهان» فضلاً عن مئات الآلاف المكعبة من الغاز لدعم صناعاتها التوسعية، لكنها استجابت أخيراً للصعوبات الدولية المفروضة على إيران فخفضت وارداتها من النفط الإيراني أكثر من ثلاثين في المئة يومياً في تشرين الأول الماضي لتصل الكمية إلى 75 ألفا و281 برميلاً واستعاضت عن الكمية المطلوبة من العراق والسعودية.
الأزمة الاقتصادية في دول الاتحاد الأوروبي
اقتصادياً، ما زال العالم ينظر بإهتمام إلى أزمة اليورو وكفاح الاتحاد الأوروبي المتواصل من أجل إستعادة الاستقرار الاقتصادي في دوله الـ 17. وقد وافق على تقديم قرض آخر إلى اليونان بمبلغ 43.7 مليار يورو لانقاذها من حالة الإفلاس، وخطا الاتحاد خطوة مهمة في تنفيذ وحدة مصرفية يتولى مصرفاً مركزياً موحّداً الاشراف على نشاطات مصارف الأعضاء.
رؤساء جدد
لا بدّ من التأكيد ونحن نستعرض أحداث عام 2012 ان رؤساء 4 دول كبرى انتخبوا في تلك الفترة يمثلون الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والصين.
ولا شك ان انتخابهم يعني إعادة النظر في استراتيجية إسلافهم كي تتميّز اعمالهم عن غيرهم ومحاولة إيجاد مخارج للأزمات.
هل تؤدي نتائج تلك الإنتخابات إلى اطفاء بؤر التوتر أو تخفيفها في الشرق الأوسط والأقصى وافريقيا لا سيما ان بعض المشاكل تهدد بتوسيع التأزم منها الأزمة السورية والقضية الفلسطينية وإستيلاء المسلحين المتشددين على شمال جمهورية مالي الافريقية وتهديد نجاحهم في دول غرب افريقيا بتشجيعهم الأصوليين فيها.
ربما كان عجز واشنطن في اقناع مجلس الأمن بوجهة نظرها حيال الأزمة السورية، مثلاً، نتيجة استخدام موسكو حق الڤيتو سبباً في عدم تمكنها من تسوية أية مشاكل عالمية مستقبلاً دون الاتفاق مع الكرملين.. يومها ستسقط نظرية القطب الواحد وتصبح حل العقد الدولية جماعية أو ثلاثية.
 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,496,650

عدد الزوار: 6,952,968

المتواجدون الآن: 69