الدفاع الصاروخي من غزة إلى الخليج

تاريخ الإضافة الجمعة 18 كانون الثاني 2013 - 6:16 ص    عدد الزيارات 716    التعليقات 0

        

 

الدفاع الصاروخي من غزة إلى الخليج
إيدي بوكس
خلال الصراع الأخير في شهر تشرين الثاني/نوفمبر في غزة، أبلت القوات الإسرائيلية بلاءاً حسناً في مواجهة الصواريخ وقذائف الهاون الفلسطينية قصيرة المدى. فقد كان نظام "القبة الحديدية" للدفاع الصاروخي قادراً على مجابهة وابل القذائف الثقيلة على مدار أسبوع من القتال، جنباً إلى جنب مع "سلاح الجو الإسرائيلي" الذي كان في هذه العملية بمثابة العقل الذي لا غنى عنه في العملية. وهذان العنصران -- أنظمة الدفاع الفعالة ونظام القيادة والتحكم السلس (C2) -- سوف لا يقلان أهمية في حال اضطرار الولايات المتحدة وحلفاؤها في الخليج الفارسي لمواجهة تهديد مماثل بالصواريخ/القذائف الموجهة من إيران. إلا أن الاستعداد لذلك السيناريو سوف يتطلب الانتباه بشكل أكبر إلى الدروس المستفادة من غزة.
تحليل نجاح إسرائيل
رغم أن الصاروخ الاعتراضي" تامير" المستخدم في نظام "القبة الحديدية" والرادار المرتبط به حازا على نصيب الأسد من الثناء خلال الصراع، إلا أن نظام القيادة والتحكم ربما كان الإسهام الأكبر الذي اتبعه "سلاح الجو الإسرائيلي". وخلال حرب "وادي البقاع" مع سوريا عام 1982، أتقن "سلاح الجو الإسرائيلي" نظام القيادة والتحكم التكتيكي والعملياتي من خلال عمليات الاعتراض الموجهة للمقاتلات عبر منصات الرادار الجوية وعن طريق إنشاء مركز إقليمي للعمليات الجوية لإدارة المعركة. وفي معركة شهر تشرين الثاني/نوفمبر، أعاد "سلاح الجو الإسرائيلي" الكَرّة مستخدماً نظام القيادة والتحكم بطريقة جديدة، كانت مرتبطة هذه المرة بالدفاع الصاروخي.
وعلى الرغم من أن "القبة الحديدية" قد أُحكم تجهيزها بحلول حسابية رادارية سريعة الحوسبة، إلا أنه لا بد وأن يقوم أفراد مدربون بإدارة الأنظمة المعقدة. ففي صراع غزة، سارت دورة القيادة والتحكم الخاصة بالاكتشاف السريع للصواريخ، وبدء التتبع/الاستهداف، وإدارة المعركة، والسيطرة على النيران (العمليات الاعتراضية)، بسرعة ودون أخطاء تُذكر (إن وجدت). فعلى سبيل المثال، عندما استُهدفت القدس بأحد صواريخ «حماس» "فجر5" -- وهو هجوم لم يسبق له مثيل -- تعاملت "القبة الحديدية" معه ومع صواريخ أخرى وُجهت نحو المناطق "الواجب الدفاع عنها" بصورة ناجحة، ولم يتم الإبلاغ عن وقوع حالات من الخطأ في التعرف أو إصابة أهداف صديقة (أي عدم التمييز بين المقاتلات أو بطاريات الصواريخ الصديقة وتلك الخاصة بالعدو).
وبطبيعة الحال، يمكن أن تكون فعالية التكلفة مهمة بنفس القدر من أهمية الفعالية التكتيكية عند مناقشة الدفاع الصاروخي، وقد كُتب الكثير عن التكلفة الأكبر لـ"الحماية الصاروخية" مقابل "إطلاق الصواريخ". ففي صراع غزة، كانت تكلفة الصاروخ المعترض الواحد من طراز "تامير" 60000 دولار مقابل 600 دولار لكل صاروخ فلسطيني كان يتصدى له. لكن بمجرد أخذ حفظ البنية التحتية المدنية وحياة الناس في الحسبان، تبدو تلك النسبة غير شديدة التباين. ويتضح من مشهد الفيديو الذي كثُر تناقله عبر وسائل الإعلام -- والذي يصور حفل زفاف إسرائيلي يشاهد حاضروه بهدوء هجوماً صاروخياً معترضاً في جو السماء المظلم -- حجم الثقة التي يضعها الجمهور في نظام "القبة الحديدية".
 لقد سلط صراع غزة الضوء أيضاً على طرق مستحدثة في ميدان الدفاع الصاروخي. فعلى سبيل المثال: لا يلزم أن يكون في نظام الدفاع صواريخ اعتراض كافية لمواجهة كل صاروخ قادم، حيث لا تلبي جميع تلك الصواريخ معايير التهديد التي تُحدد على أساس نقطة الإصابة المقدرة. ولقد وفرت هذه الإستراتيجية لإسرائيل بعضاً من الصواريخ المعترضة المكلفة التي تشتد الحاجة إليها. وعلاوة على ذلك، ليس هناك شك بأن العقيدة الغربية في إطلاق صاروخين مُعترضين مقابل كل صاروخ واحد قادم سوف يُعاد النظر فيها، لأن الصواريخ المعترضة قد أصبحت أكثر دقة، وفي حالات كثيرة تلغي الحاجة إلى إطلاق "صواريخ احتياطية".
دروس للخليج
إن أي مواجهة صاروخية مع إيران -- مثل النزاع في غزة -- سوف تكون غير متوقعة وسريعة ومكثفة ولذلك يتعين أن تكون الأنظمة الدفاعية لقوات التحالف ونظام القيادة والتحكم على نفس القدر من فعالية "القبة الحديدية". ويقيناً أن ترسانة إيران تمثل تهديداً طويل المدى مقارنة بالتهديد قصير المدى الذي سبق لإسرائيل أن جابهته، ولكن هذا الفارق يمثل اختلافاً في الحجم أكثر من كونه اختلافاً في النوع. ورغم أن الولايات المتحدة وحلفاءها من دول "مجلس التعاون الخليجي" هم في وضع غير مؤات من الناحية العددية (من حيث الصواريخ المُهددة في مواجهة الصواريخ المعترضة المتاحة) إلا أنه ما زالت لديهم الفرصة لبناء نظام دفاعي فعال من خلال التكامل وتقاسم الأعباء وتدريبات الدفاع الصاروخي "متدرجة المستويات".
تكامل قوات التحالف
يجب على دول "مجلس التعاون الخليجي" -- خلافاً لإسرائيل التي كانت قادرة على الدفاع عن نفسها بمفردها -- أن تتخذ مساراً دولياً لتدافع عن أنفسها ضد إيران، وهذا الأسلوب يحمل مزايا (تقاسم الأعباء) وتحديات (التنسيق البيني والتكامل) على حد سواء. وعلى وجه الخصوص، يتعين على جيوش الولايات المتحدة ودول "مجلس التعاون الخليجي" تطوير جهودها عبر الاتصالات (البيانات والصوت) واستخدام وصلات بيانات "الوعي بالموقف" المتوافقة التي تسمح للوحدات برؤية مسرح ميدان المعركة بأكمله عبر رادارات ومصادر معلومات الوحدات الأخرى. ويتعين عليها كذلك تطوير بروتوكولات أمنية موحدة من خلال نظام دفاعي متشابك متعدد الطبقات. وسوف تضمن هذه الجهود وغيرها التكامل والتنسيق البيني واستخدام المصادر بشكل فعال. وإذا وقعت حالة واحدة فقط من عدم التعرف على تهديد جوي أو صاروخي، أو إصابة للأهداف الصديقة، أو الاستهداف الثنائي غير المقصود (مثل توجيه صاروخين اثنين في آن واحد إلى نفس الهدف من قبيل الخطأ)، فقد يكون لها انعكاسات سلبية.
نظراً للوقت الكثير الذي تستغرقه عملية الحصول على الأسلحة الأمريكية، قد تفضل العديد من الدول [الحصول على] أنظمة لا يمكن أن تعمل بشكل متسق مع الأنظمة الأمريكية مما يتسبب في إضعاف قدرات الدفاع المشترك. ومن ثم، ينبغي على واشنطن أن تجعل عملية مبيعات الجيش الأمريكي الخارجية أكثر انسيابية -- وذلك قد يكون مزعجاً في بعض الأحيان -- من خلال تزويد دول "مجلس التعاون الخليجي" والدول الأخرى المشاركة بخط للدفاع الصاروخي سريع التعقب، من أجل منع حدوث مثل ذلك السيناريو. وأثناء صراع غزة كان "سلاح الجو الإسرائيلي" قادراً على إكمال "دورة OODA" وتعني (الرصد، التوجيه، التقرير، العمل) في ثوان معدودة، ومن الضروري أن يكون هناك نفس هذا القدر من السرعة في منطقة الخليج. وبناء على ذلك، لا بد من تحقيق تكامل أكبر في الأنظمة وجودة أفضل في الاتصالات.
تقاسم الأعباء
ينبغي على الولايات المتحدة أن تستمر في أخذ زمام المبادرة في حث دول الخليج على سد الفجوات الحاصلة في أنظمتها الدفاعية. فعلى سبيل المثال: تتبوأ السعودية والكويت مكانة جيدة تؤهلهما مجابهة تهديدات المقاتلات والصواريخ العابرة باستخدام ترسانة صواريخ "باتريوت PAC-2" التي يمتلكانها، بينما تركز الإمارات العربية المتحدة وقطر على صواريخ "PAC-3" و "أنظمة الدفاع الطرفية شديدة الارتفاع" في مواجهة الصواريخ الباليستية. ولكن هناك تفاوت حاصل في نظام الدفاع الصاروخي ودفاع القذائف، ويمكن لواشنطن أن تتصدر الجهود في ملء هذا الفراغ من خلال تحقيق التكامل بين عدد أكبر من شركاء التحالف (على سبيل المثال، من خلال توفير صواريخ هولندية وألمانية من طراز "PAC-3"). ومثلما كان الحال مع العملية متعددة الجنسيات لإزالة الألغام في الخليج في العام الماضي، يمكن للدول غير الأعضاء في "مجلس التعاون الخليجي" أن تشارك مع حلفائها الإقليميين في ردع التهديد الصاروخي وضمان عدم انقطاع تدفق النفط. وقد أظهرت التعاملات الأخيرة مع تركيا أهمية تكامل نظم الدفاع الصاروخية الاستكشافية، و[لذا] ينبغي أن ينضم عدد أكبر من الدول إلى منظومة "دول مجلس التعاون الخليجي" الآن. وبالإضافة إلى سد الفجوة (على سبيل المثال، إرسال بطارية "PAC-3" أوروبية إلى البحرين، التي ليس لديها حالياً نظام للدفاع ضد تهديد الصواريخ الباليستية)، يمكن لهذه الدول أيضاً أن تحصل على الخبرة من تلك التدريبات في عمليات التشغيل البيني متعددة الجنسيات.
وفي الواقع، يعتبر تقاسم الأعباء وبناء القدرات من الأمور ذات الأهمية البالغة في ظل الظروف الاقتصادية القاسية في الوقت الراهن. لقد أبدت دول "مجلس التعاون الخليجي" بالفعل استعدادها للدفاع عن أنفسها بمليارات الدولارات وهو ما تجلى في نفقاتها على الدفاع الصاروخي. ويمكن عمل المزيد في هذا الصدد، وينبغي على واشنطن أن تتولى دورها القيادي في تسهيل مثل هذه الصفقات.
وعلى مستوى الأفراد، ينبغي على الجيش الأمريكي متابعة المسار الذي أسسه "مركز العمليات الجوية التابع للقيادة المركزية"، وهو المرفق الرئيسي لعمليات القيادة والتحكم الذي يراقب عمليات الدفاع الصاروخي الإقليمية. فهناك اكتسب ضباط دول "مجلس التعاون الخليجي" مهارات القيادة والتحكم مثل نظرائهم الأمريكيين، وهذه خطوة على المسار الصحيح من حيث بناء العلاقات الشخصية بين ضباط نظام القيادة والتحكم وتعزيز الثقة والإعتماد بقدرات الدول الشريكة.
تمارين موسعة
ينبغي على واشنطن الشروع في تمارين أكثر قوة في الدفاع الصاروخي بحيث تحقق التكامل مع كافة الأطراف المستعدة لذلك. وقد استضاف الظهير الصحراوي لمدينة إلباسو بولاية تكساس ذات مرة تدريب الدفاع الصاروخي الأكبر والأكثر تقدماً على مستوى العالم. وتم خلال ذلك التدريب المسمى بـ "الرمال المتحركة - ‘روفينغ ساندز’ " اختبار قدرات التشغيل البيني للأنظمة الصاروخية لقوات التحالف باستخدام أهداف "معادية" حقيقية. وقد سمح ذلك الحدث الواقعي المكتمل لوحدات الدفاع الجوي التابعة لحلف شمال الأطلسي بالتدرب على تحقيق التكامل بين بطاريات صواريخ "باتريوت" الخاصة بها وتسهيله. بيد، نظراً لأعباء الميزانية والحربين الذين تخللا ذلك، توقف ذلك التدريب.
ولسد هذه الفجوة ينبغي على الولايات المتحدة أن تساعد في إحياء مشروع مجمع "الدفاع الصاروخي المتكامل" في البطين بالإمارات العربية المتحدة باعتباره مركزاً جديداً للتشغيل البيني والتدريبات واسعة النطاق بين أوربا ودول "مجلس التعاون الخليجي". وحتى لو لم تستطع دول معينة الحفاظ على عناصر دائمة تابعة لها في المجمع، إلا أنه يمكنها على الأقل مناوبة الأفراد هناك لحضور التدريبات الربع سنوية أو زيادة وحدات الائتلاف القائمة.
الخاتمة
أظهرت إسرائيل قدرتها على التعامل مع التهديد الصاروخي الذي تواجهه، إلا أن الولايات المتحدة ودول "مجلس التعاون الخليجي" ليسوا على أتم الاستعداد في منطقة الخليج. وأما إيران، فمثلها مثل «حماس» وغيرها من الفصائل في غزة، فهي تمتلك أعداداً غفيرة من الصواريخ التي يمكن استخدامها لتخويف أو تهديد العمليات الأمريكية في مضيق هرمز بالغ الأهمية. ولذلك، ينبغي على واشنطن أن تبحث عن وسيلة لتحقيق قدرة مجابهة الصواريخ في المنطقة، بل حتى تطوير مجموعة من "القباب الحديدية" (أو ما يشبه "القباب الحديدية") في دول معينة في الخليج.
وينبغي أيضاً دراسة المتظلبات المسبقة الأخرى الخاصة بنقل تجربة إسرائيل الناجحة إلى الخليج. وهناك ثوابت معينة في مجال الدفاع الصاروخي تعتبر عالمية الصبغة -- وخاصة فيما يتعلق بنظام القيادة والتحكم والرعاية الفعالة للموارد -- التي ينبغي أن تقدم إلى الخليج عندما يكون ذلك ممكناً. ولم تضطر القوات الإسرائيلية إلى التعامل مع مشاكل ومزايا التشغيل البيني متعدد الجنسيات، لذلك يتوجب على واشنطن وشركاء تحالفها مواجهة هذه التحديات. وباختصار، فمن أجل النجاح في مواجهة حاسمة مع إيران والتفوق على ترسانة النظام المعتبرة من الصواريخ والقذائف، فإنه يتعين زيادة قابلية التشغيل لأنظمة الولايات المتحدة ودول "مجلس التعاون الخليجي" مع تزويدها بقدرات نظام القيادة والتحكم السلسة.
المقدم إيدي بوكس من القوات الجوية الأمريكية، هو زميل زائر للشؤون العسكرية في معهد واشنطن. الاستنتاجات والآراء الواردة في هذه الوثيقة هي آراء الكاتب، ولا تعكس الموقف الرسمي لحكومة الولايات المتحدة، أو وزارة الدفاع الأمريكية، أو القوات الجوية الأمريكية، أو الجامعة الجوية الأمريكية.

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,609,112

عدد الزوار: 7,035,049

المتواجدون الآن: 73