هل هي الحرب على الإسلام أم صراع مع الإسلاميين فقط..؟؟

تاريخ الإضافة السبت 19 كانون الثاني 2013 - 4:32 ص    عدد الزيارات 601    التعليقات 0

        

بقلم مدير المركز..حسان القطب

حسان القطب - بيروت اوبزرفر

لم يكن مفاجأً ما جرى في شمال أفريقيا من شن حربٍ ضد التنظيمات الإسلامية الساعية لتغيير نظام دولة مالي، بواسطة القوات الفرنسية التي انتشرت لدعم الحكومة المحلية مدعومة من قبل الدول المجاورة وبغطاء دولي واسع، حتى ان دولة روسيا أشارت على لسان مبعوثها لدى الأمم المتحدة فيتالى تشوركين، إن فرنسا أبلغت روسيا بقرار تدخلها العسكرى فى مالى لردع تقدم الجماعات المسلحة من السيطرة على البلاد، وأن موسكو ليس لديها أى تحفظات بشأن هذا التدخل. ونقلت وكالة أنباء "نوفوستى" الروسية، عن تشوركين قوله:( إن موسكو لن تتدخل طالما أن التدخل الفرنسى متوافق مع القانون الدولى وبناء على طلب حكومة مالى). وروسيا هذه المؤيدة للتدخل الفرنسي في دولة مالي هي غير روسيا التي ترى ان لا بد من بقاء بشار الأسد في السلطة في سوريا وهذا يدل على انعدام المعايير والثوابت والضوابط في إدارات السياسة الخارجية في روسيا وغيرها من دول العالم الغربي، بالرغم من المجازر التي يرتكبها بشار الأسد وبالرغم من انتفاضة الشعب السوري ضده وتحمله أعباء القتال بما امكن من السلاح ومواجهة آلة حربية روسية متطورة وفتاكة ودعم مالي ولوجيستي إيراني متعصب وحاقد، وتدخل عناصر من قبل ميليشيات لبنانية وعراقية طائفية ومذهبية مؤيدة لنظام بشار الأسد، ومع ذلك لم تر روسيا إلى الأن من ضرورة للتدخل فالسلم الأهلي مصان والسلام العالمي في أيدٍ امينة..؟؟ وفرنسا التي لا تزال إلى اليوم تستنكر ما يجري في سوريا على يد الأسد وعناصره، أيضاً لم تر إلى الأن من ضرورة، ليس للتدخل المباشر فقط بل حتى لدعم المعارضة بالسلاح والعتاد لتسريع سقوط الأسد وتخفيف او الحد من نزف الدم السوري ووضع حد للانقسام الداخلي المتفاقم في سوريا..؟؟ بالرغم من البيانات والتصاريح القوية اللهجة ضد الأسد، ولكنها مع الأسف لا تردع معتدي ولا تخيف مجرم..؟؟

إن مجرد المقارنة بين ما يجري في سوريا وبين ما يجري الأن في مالي، إلى جانب الحملة الإعلامية العنيفة والقاسية التي تقوم بها بعض وسائل الإعلام العربية والإيرانية وتلك المدعومة منها على النظام المصري الجديد وحركة الإخوان المسلمين بشكل عام تكشف ان الحملة هي على الحركات الإسلامية بكل تفاصيلها وعناوينها ورموزها وتوجهاتها.. سواء كانت إخوان مسلمين او سلفيين او حتى معتدلين. وهنا تتقاطع المصالح الإيرانية مع الغربية... وحيث يكون الصراع كما في سوريا مثلاً يؤخر وصول الإسلاميين إلى السلطة لا بأس من استمراره وإطالة امده، والحل السياسي وحتى الأمني بإمكانه ان ينتظر، وتكاليف هذه الحرب التي يتحملها الشعب السوري من دم أبنائه وبنيته التحتيه ومستقبل اقتصاده من الممكن تعويضها لاحقاً...؟؟ أما في دولة مالي فلا يمكن الانتظار أبداً ولا بد من وضع حدٍ لتفاقم الخطر الإسلامي وإنهائه بأسرع ما يمكن..؟؟ إن هذا السلوك والأداء السياسي والأمني الغربي كما المحلي المتعاون معه، هو ما يشكل خطراً فعلياً على مستقبل علاقات الشرق بالغرب وعلاقة القوى الإسلامية بالمجتمع الغربي وأنظمته، ويهدد باندلاع حرب حضارات بل وبحربٍ بين الأديان وأتباعها... وما جرى في الجزائر من اختطاف أبرياء من الموظفين الأجانب يعتبر عينة بسيطة لما قد يحدث مستقبلاً..؟؟..وإذا كان ما يجري في سوريا ومالي هو حرب فعلية ولو اختلف شكلها وطبيعتها فإن ما يجري في مصر وليبيا وتونس، مختلف تماماً ولو كان يؤدي إلى النتيجة عينها.. حيث استطاعت القوى الإسلامية من إثبات حضورها الشعبي على الساحة السياسية تعاني من حملات إعلامية وسياسية قاسية وحرب إقتصادية داخلية وتواجه ما يشبه الحرب الأهلية الهادئة التي تمنعها من تحقيق استقرار حقيقي والمباشرة في تحقيق خطوات جدية وملموسة على طريق الإصلاح والتنمية، عبر مواصلة الاحتجاجات والتظاهرات وإطلاق الاتهامات بحقها وفي وجهها والتشكيك باحترامها لحقوق الإنسان والحريات العامة.. وحتى في انها تملك رؤية اقتصادية وبرامج تنمية اجتماعية....

لتجنب الصراع بين الشرق والغرب ولتفادي تعميق الخلاف بين الدول الغربية والقوى الإسلامية ومنعاً لتكرار ما جرى في نيويورك عام 2001، حين تمت مهاجمة أبراج التجارة العالمية لا بد من البحث عن مخارج مقبولة تمنع وقوع حرب مشابهة لتلك التي لم تخرج منها الولايات المتحدة من أفغانستان إلى الأن، وتلك التي أسست لأزمة طائفية في دولة العراق التي ترتع فيها إيران بكل حرية وإجرام.. وظهور نظام مماثل للنظام السوري الحالي يستغل عواطف جمهور وآلام فريق ليمارس سياسة الإبتزاز الدولي بحق الدول المجاورة وتلك البعيدة، واضطهاد شعبه بحجة حماية الوطن من الإرهابيين.. فالمطلوب لتجنب هذا المستقبل والابتعاد عن واقع مماثل ما يلي:

* وقف التعامل مع منطقة الشرق الأوسط على انها منطقة ثروات طبيعية يتم التنازع عليها بين القوى الكبرى وبين الأغنياء والفقراء

* عدم التعامل مع العالم العربي والإسلامي على انه سوق استهلاكي يملك القدرة الشرائية اللازمة واليد العاملة التي يتم استغلالها محلياً أو استيرادها عند الطلب.

* وقف الحملات الإعلامية غير المبررة على القوى الإسلامية ووقف استغلال مخاوف البعض من الإسلام والمسلمين للتحريض والترهيب

* وقف ترهيب الأقليات الدينية والسياسية من حكم الأكثرية في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي

* فتح قنوات حوار مع القوى الإسلامية الفاعلة على الساحة الدولية وإيجاد أو وضع آلية تواصل لحل المشاكل والإشكالات التي قد تقع

* تعزيز التعاون الإقتصادي بين المجتمعات الغربية والإسلامية لتضييق حجم التباين الاجتماعي وردم هوة التفاوت في النمو الإقتصادي بين المجتمعيين

* رفع مستوى التعاون والتبادل الثقافي ومحاولة فهم ثقافة الأخر كما هي دون تحريض أو تشويه او تلاعب بما يعيد الثقة بين المجتمعين

* وقف التدخلات العسكرية أو السعي لمنع تحقيق رغبات الشعوب العربية والإسلامية في الحرية والعدالة والتغيير كما يجري في سوريا مع بروز التعنت الروسي غير المبرر والعدائي

* العمل على تحقيق سلام عادل ودائم في منطقة الشرق الأوسط وإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعه لمنع الاستغلال من قبل دول مثل إيران وغيرها ولمساعدة الشعب الفلسطيني على الخروج من حالة اللجوء والتشرد إلى تحقيق المواطنة والثبات والاستقرار وبناء دولته المستقلة

هذه بعض النقاط التي لا بد من تحقيقها للإنتقال بالمنطقة من حال المواجهة والصراع والفوضى إلى حال الاستقرار وبناء مجتمع متعاون وجزء لا يتجزأ من المجتمع الدولي يقوم بواجبه ودوره على اكمل وجه.. وإلا فإن الواقع الحالي والسياسات المتبعة من قبل الغرب تفيد بأن الحرب هي على الإسلام والقوى الإسلامية في المنطقة .. فهل يستطيع العالم تحمل تبعات واقع من هذا النوع وهو ينوء بأزمات اقتصادية تكاد تطيح باستقراره....

 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,696,570

عدد الزوار: 7,000,609

المتواجدون الآن: 71