بالأسماء والتفاصيل...عصابات الخطف في قبضة الجيش....المفتي قبّاني مظلوم بـ«الإفتاء» أم «الإفتاء» مظلومة به؟...بدايات «الجهادية السلفية» اللبنانية...باسيل وصف «الستين» بعملية «سطو» على حقوق المسيحيين وأبو فاعور اعتبر أن «الأرثوذكسي» يذبح لبنان...عون انتقد دعوة الهيئات الناخبة: "الستين" دفن والتذرّع بأمور ميثاقية "وساخة"

دول الخليج تعترض على تطبيق "النأي بالنفس".. التناقضات لا تزال قائمة في قانون الانتخاب

تاريخ الإضافة الخميس 7 آذار 2013 - 6:17 ص    عدد الزيارات 2580    التعليقات 0    القسم محلية

        


دول الخليج تعترض على تطبيق "النأي بالنفس".. التناقضات لا تزال قائمة في قانون الانتخاب

 

جنبلاط: لا شيء بعد في قانون الانتخاب
هيئة التنسيق مستمرة في الاضراب


فيما لبنان يضج بملف الانتخابات النيابية المقبلة والمعرضة غالبا لتأجيل تحت عناوين مختلفة، بدا الانقسام على اشده بين مكونات الحكومة، وخصوصا بين قوى 8 اذار من جهة، وبين الكتلة الوسطية الممثلة بمحور سليمان- ميقاتي- الاشتراكي من جهة ثانية. وتجسد هذا الانقسام في جلسة مجلس الوزراء امس التي شهدت سجالات واسعة، بعدما كان سبقها سجال بين الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عدنان منصور.
الى ذلك، سجل امس تطور بارز تمثل في اعلان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني، أنه نقل الى الرئيس ميشال سليمان، قلق مجلس التعاون من مواقف بعض الأطراف اللبنانيين مما يجري في سوريا.
وقال الزياني بعد لقائه مع سفراء عرب الرئيس سليمان إنه بناء على تكليف من المجلس الوزاري لمجلس التعاون نقل "قلقا بالغا من مواقف لبنان الأخيرة وبعض الأطراف اللبنانيين من الأوضاع في سوريا، والتي لا تعكس سياسة النأي بالنفس التي أعلن لبنان التزامه اياها".
واضاف ان "دول مجلس التعاون، من واقع حرصها واهتمامها بلبنان وشعبه الشقيق، تأمل أن يبادر المسؤولون اللبنانيون الى تفادي كل ما من شأنه أن يعرّض أمن واستقرار لبنان للخطر، أو يؤثر على مصالح وسلامة الشعب اللبناني الشقيق".
وجاء في بيان رئاسي لبناني ان رئيس الجمهورية رحّب بالوفد الخليجي، مشيراً الى "تمسّك لبنان بحسن العلاقات الأخوية مع دول الخليج التي يرتبط معها بوشائج إنسانية وعلاقات تاريخية مميزة".
وأكد "حرصه على القيام بكل توجيه وإجراء عملي من شأنه دفع جميع الأطراف في اتجاه الالتزام قولاً وفعلاً لاعلان بعبدا".
وكان الرئيس ميقاتي صرح في مقابلته التلفزيونية اول من امس بان "موقف الحكومة تعبر عنه الحكومة لا وزير الخارجية". وقال: " لا اوافق ابدا على موقف وزير الخارجية من سوريا، ورئيس الحكومة هو الذي يعطي موقف الحكومة. ومن يريد ان يبقى في الحكومة فليبق ومن لا يريد مع السلامة. اوجه اليه الرسالة الان".
لكن ميقاتي عاد وتصالح مع منصور في بعبدا وتعانقا.
وطالبت كتلة "المستقبل" النيابية باقالة الوزير منصور واستنكرت "أشد الاستنكار الكلام الذي صدر عن سفير النظام السوري في لبنان من منبر وزارة الخارجية اللبنانية والذي اكد بشكل وقح ومرفوض استعداد النظام الذي يمثله للمضي في انتهاك السيادة اللبنانية والمضي في الاعتداءات على القرى والمنازل والبلدات اللبنانية ، وإن تمادي وزير الخارجية في تجاهل ما طلبه منه كل من فخامة الرئيس والحكومة والإصرار على التصرف ضد مصالح اللبنانيين لا يمكن السكوت عنه".
لكن وزير الخارجية الموجود في القاهرة سرعان ما رد من بوابة قناة "المنار" التابعة لـ"حزب الله" فقال إن هؤلاء "يريدون سياسة النأي بالنفس على طريقتهم الخاصة التي تريد التعامل (مع سوريا) مع عدو وليس على طريقة التعامل مع شقيق وهذا ما لا نقبله".

 

ملف الانتخابات

في الشأن الانتخابي، برز اصرار على عدم المضي في العملية بموجب قانون الستين، وعبر عن هذا الاصرار نواب 8 اذار في مجلس النواب، وعدد من الوزراء خلال جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا. واستمرت حركة الاتصالات للخروج بمشروع توافقي مختلط بين النسبي والاكثري.
وفيما اكد رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط لـ"النهار" أن "لا شيء نهائياً حتى الأن في موضوع قانون الانتخاب"، علمت "النهار" ان وفداً من الشخصيات المسيحية المستقلة زار جنبلاط امس. وقال النائب بطرس حرب لـ "النهار": ان الاجتماع كان للبحث في مخرج لقانون انتخاب يمكن التوافق عليه ويؤمن صحة التمثيل. ولاحظ ان "هناك تضخيماً" في الحديث عن تفاهمات تحققت، فالتناقضات لا تزال قائمة مما يستلزم منا جميعا جهدا اضافيا".
وعلى خط معراب، سجلت زيارة للنائب نهاد المشنوق بعد انقطاع، والتقى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع. وقال المشنوق لـ"النهار": "بحثنا في موضوع قانون الانتخاب بشكل عابر لان آخرين يتولون الموضوع. وركزنا على تحالف قوى 14 آذار".
وقال النائب جورج عدوان: "ستظهر نتائج ايجابية في موضوع القانون في الايام المقبلة. اما قانون الستين فلم يدفن فحسب وانما صار من الماضي السحيق".
وأبلغت مصادر نيابية بارزة النهار" ان السبب الحقيقي للاحتدام بين قوى 8 آذار والرئيسين سليمان وميقاتي عبر عنه بوضوح العماد ميشال عون اكثر من البيان الذي صدر عن نواب 8 اذار في مجلس النواب. والسبب موقفا سليمان وميقاتي من مشروع "اللقاء الارثوذكسي" وليس التزامهما الاجراء القانوني الذي تفرضه المهل المحددة والذي لم يفاجأ به احد.
وقالت المصادر ان ما اثير حول موقف السفيرة الاميركية مورا كونيللي بدا مضخماً باعتبار ان هذا الموقف عبرت عنه الامم المتحدة واوروبا الى الولايات المتحدة الاميركية، وهو موقف مبدئي من منطلق احترام المواعيد الدستورية.

 

الاضراب مستمر

نقابياً، لم تتفق هيئة التنسيق النقابية على قرار موحد بوقف التحرك بل اختارت الاستمرار في اضرابها المفتوح. لكن المخرج الذي كان متاحاً أمس أو التسوية لتعليق الإضراب، سقط بعدما تمسكت مكونات أساسية في الهيئة بموقفها.
وشهد اجتماع الهيئة بعد ظهر أمس نقاشاً صاخباً بين مكوناتها، باستثناء نقابة المعلمين التي لم تشارك في الاجتماع، في شأن استمرار الاضراب أو تعليقه. وقد حسمت الوجهة ثلاثة مكونات من الهيئة فاضطرت رابطة التعليم الأساسي الى السير بقرار الهيئة حفاظاً على وحدة الحركة النقابية ومنعاً لإستفراد القطاع العام"لأن مجلس الوزراء لم يعد بإقرار السلسلة، بل تعهد مناقشتها فقط، وهو أمر لم يقنع هيئة التنسيق النقابية".

 

 


الزياني نقل إلى رئيس الجمهورية قلق مجلس التعاون لعدم التزام النأي بالنفس

 

استقبل رئيس الجمهورية ميشال سليمان في القصر الجمهوري في بعبدا أمس، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني وعددا من سفراء دول مجلس التعاون، و تناول البحث الاوضاع في المنطقة وعلاقة لبنان بدول المجلس.
ونقل الزياني، بتكليف من المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي، رسالة الى سليمان عبّرت عن "قلق بالغ من عدم التزام إعلان بعبدا وسياسة النأي بالنفس التزاماً كاملاً، اذ يتطلع المجلس، بحسب الرسالة، الى التزام موقف النأي بالنفس وتفادي كل ما يعرض امن لبنان واستقراره للخطر، او يؤثر على مصالح شعبه وسلامته قولاً وفعلاً".
من جهته، رحب سليمان بالوفد مشيراً الى تمسك لبنان بحسن العلاقات الاخوية مع دول الخليج التي يرتبط معها بوشائج انسانية وعلاقات تاريخية مميزة، مؤكداً حرصه على القيام بكل توجيه واجراء عملي من شأنه دفع جميع الاطراف في اتجاه التزام إعلان بعبدا قولاً وفعلاً. 

 

نواب الأكثرية رفضوا إمرار قانون الستين والالتفاف على "الارثوذكسي":يجب استكمال التشريع... وتوقيع المرسوم يوم أسود

 

"خوفا من الالتفاف على اقتراح القانون الارثوذكسي" ورفضا "لامرار قانون الستين"، عقد نواب الاكثرية اجتماعا امس في مجلس النواب، وشددوا على ان "توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة تبعا لقانون ميت يعتبر يوما اسود في تاريخ السلطة التنفيذية".
حضر الاجتماع النواب ابرهيم كنعان وعلي عمار وناجي غاريوس وآلان عون وايوب حميد وحسن فضل الله وعلي بزي واسطفان الدويهي ونوار الساحلي وسيمون ابي رميا وعلي فياض وأغوب بقرادونيان وحكمت ديب ونواف الموسوي وهاني قبيسي.
استمر الاجتماع نحو ساعتين، ودرس المجتمعون " مرحلة ما بعد توقيع المرسوم، وكان اصرار على ضرورة التعجيل بعقد جلسة عامة واقرار قانون انتخابات".
وبعد الاجتماع، تلا كنعان بيانا جاء فيه: "انه ليوم اسود في تاريخ السلطة التنفيذية الذي تجسد بتجاوز الارادة الوطنية عموما والمسيحية خصوصا الرافضة لقانون الستين واعادة احيائه، علما انه طبق لمرة واحدة وانتهى، عبر دعوة الهيئات الناخبة وفقا لهذا القانون الميت، المرفوض وطنيا. ان الالتفاف على ما قررته اللجان المشتركة في ما يتعلق بالاقتراح الارثوذكسي يشكل سابقة خطيرة تهدد المسار الديموقراطي البرلماني".    
وتابع البيان: "استكمال المسار التشريعي عبر الهيئة العامة يشكل الاطار القانوني الطبيعي لاقرار قانون انتخاب جديد ، ونحن نؤكد احترام المواعيد الدستورية لاجراء الانتخابات على اساس قانون جديد يضمن صحة التمثيل عبر احترام مبدأ المناصفة المكرّس دستوريا وميثاقيا والمجسد باقتراح الارثوذكسي. ان مصادرة صلاحية المجلس عبر الجزم ان صيغة اللقاء الارثوذكسي لن تمر، هو تطاول على دور السلطة التشريعية واستباق للنتائج وتجاوز لمبدأ فصل السلطات".
وسئل عما اذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري سيدعو الهيئة العامة الى اقرار اقتراح "الأرثوذكسي"؟، فأجاب: "هذا الامر يعود الى رئيس المجلس وقد عبّرنا اليوم عن موقف واحد موحد لجميع كتل الاكثرية النيابية".
وقال: "نحن متفقون مع زملائنا في حزبي الكتائب والقوات اللبنانية على هذا الموقف، وهم عندهم اطارهم الذي يجتمعون فيه ونحن لدينا اطارنا".    
وعما اذا كان هناك تزامن بين توقيع المرسوم وتصريحات السفيرة الاميركية مورا كونيللي، اعتبر كنعان انه " اذا لم يكن هناك تزامن، فالامور واضحة وهناك دليل ظرفي واضح".
وختم: "لا طرق لمنع اقرار اي قانون سوى في مجلس النواب، ونحن في نظام ديموقراطي برلماني، والمجلس سيّد نفسه ولا احد يستطيع التعدّي على صلاحياته وهو الذي يقرر قانون الانتخاب".
بدوره، رأى فياض "وجود ترابط بين تصريح السفيرة الاميركية ودعوة الهيئات الناخبة"، معتبرا انه "لا يبدو في الافق ما يشير الى خطوات فعلية قادرة على فتح ثغرة في الجدار الانتخابي".    
وبدا لافتا تصريح النائب نبيل نقولا الذي لم يشارك في الاجتماع، ونفى علمه به، واعتبره " دعسة ناقصة"، مستغربا "عدم دعوة نواب كتلة النائب وليد جنبلاط والكتائب والقوات الذين كان يفترض معرفة رأيهم، وخصوصا بعد كلام السفيرة الاميركية".

 

عين التينة
 

وبعد الاجتماع، توجه وفد من النواب الى عين التينة، واجتمع ببري ليضعه في اجواء الاجتماع.
وقال كنعان: "قانون الستين دفن ولن يستطيع احد احياءه".
ولفت الى ان " الرئيس بري متحسس جدا لخطورة ما حصل، وهو حريص على الديموقراطية والنظام البرلماني واحترام ارادة اللبنانيين".    
وختم: "توقيع المرسوم يعيدنا الى الوراء ويضع سيفا فوق رأس المجلس، خصوصا ان قانون الستين وضع لمرة واحدة في الـ 2008".

 

 

 
عباس الصباغ

القانوني محيي الدين القيسي لـ "النهار": الدعوة تصرف قانوني والمهل في قانون الانتخاب لا تجوز مخالفتها

 

خلقت دعوة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الهيئات الناخبة جدلا في الاوساط السياسية والقانونية، اذ اعتبرها سياسيون من غير قيمة نظرا الى المهل الواردة في قانون الـ 1960 بعد "الاعلان رسميا عن دفن ذلك القانون".
ولكن بعيدا من الجدل السياسي يرى قانونيون منهم استاذ الدراسات العليا في الجامعة اللبنانية الدكتور محيي الدين القيسي ان اصدار مرسوم دعوة الهيئات الناخبة هو تصرف "قانوني" لأنه "من الثابت فقهاً واجتهادا ان تفسير النصوص القانونية يتم تأسيسا على مرتكزين.
الاول - ان تفسير النص يكون بما يفيد تطبيقه وليس عدم تطبيقه.
الثاني – ان تفسير النص يكون في ضوء الغايات المرجوة منه بالافضلية على اي اعتبارات اخرى".
ويتابع: "من المسلم به ايضا فقها واجتهادا انه عند وجود نصوص قانونية متعددة في شأن موضوع واحد يجب عدم الاكتفاء بالاعتماد على نص واحد او على كلمة واحدة في احد نصوصها. بل يجب عرض النصوص المتعلقة بالموضوع كلها وتفسيرها باعتماد المعنى الذي يستخلص منها كلها مجتمعة".
ويستعيد القيسي ما جاء في حكم مجلس شورى الدولة رقم 130 الصادر في العام 1986، والذي نص على انه يقضي تفسير النصوص القانونية في صورة متوافقة بعضها مع بعض، بدلا من تعطيل مفعولها بتفسير نص في صورة غير متلائمة ومتجانسة مع النص الآخر، والا جرد هذا النص من مفاعيله. ومن اهم الطرق العلمية لتفسير القوانين ان يوفق النص المطلوب تفسيره مع سائر النصوص المتعلقة الموضوع ذاته او بمواضيع متشابهة".
اما عن المهل التي نص عليها القانون رقم 25 الصادر عام 2008 فتشير المادة 33 الى انه "قبل العاشر من شهر شباط من كل سنة ترسل المديرية العامة للاحوال الشخصية نسخا من القوائم الانتخابية الاولية الى البلديات والسفارات بهدف نشرها وتعميمها تسهيلا "للتنقيح النهائي على ان يتسلم المرسل اليهم هذه القوائم قبل العاشر من شباط كحد اقصى".
وتنص مواد اخرى تتعلق بطلبات تصحيح اي خلل في القوائم الانتخابية على ان يقدم استدعاء التصحيح الى لجنة القيد ضمن مهلة تنتهي في العاشر من آذار.
ويضيف القيسي: "في المادة 43 هناك نص واحد عن المهل التي يجب مراعاتها وعن موعد اجراء الانتخابات، وذلك خلال الستين يوما التي تسبق انتهاء ولاية مجلس النواب، باستثناء الحالة التي يحل فيها المجلس المذكور اذ تجري الانتخابات خلال الاشهر الثلاثة التي تلي نشر مرسوم الحل".
ويذكر القيسي بالمهل الاخرى الواردة في القانون ومنها في المواد 49 و50 و52. ويتوقف عند ما جاء في المادة 44 التي تنص على دعوة الهيئات الناخبة بمرسوم قبل 90 يوما من اجراء الانتخابات.
ويختم: "ان صلاحية الحكومة في اصدار المرسوم العادي هي صلاحية مقيدة وليست سلطة استنسابية، ذلك ان المشترع استعمل كلمة آمرة عندما نص على ان "تدعى" اي يجب ان تدعى وليس "يمكن ان تدعى". كما حدد مهلة زمنية آمرة عندما نص على ان تكون المهلة بين تاريخ نشر المرسوم واجتماع الهيئات الناخبة تسعين يوما على الاقل.
لذا ارى ان هذه المهلة اسوة ببقية المهل الواردة في القانون هي مهلة نصية قانونية، والمهل القانونية هي من النظام العام، اي انها مهلة اسقاط لا يجوز مخالفتها او الاتفاق على مخالفتها، وليست مجرد مهلة حث كالمهل التي يحددها القاضي في معرض نظره في القضايا المعروضة عليه.
ان الرأي القائل بأن هذه المهلة هي مجرد مهلة حث يؤدي الى فوضى وتناقض في تفسير النصوص القانونية".

 

 
ريتا صفير

ستيفان فوليه: لإجراء الانتخابات في موعدها ومشكلة اللاجئين تكبر والمطلوب خطة طوارئ

 

بعد زيارة له عام 2011 الى لبنان، عاد المفوض الاوروبي لشؤون التوسع وسياسة الجوار ستيفان فوليه الى بيروت، حاملا معه 30 مليون أورو اضافية للاجئين تزاد اليها مجموعة رسائل سياسية في "موسم" الاستحقاق الانتخابي داخليا ومع تفاقم الازمة سوريا.
وبعد الموقف الاميركي المتمسك باجراء الانتخابات في موعدها، جدد فوليه التمني الاوروبي نفسه لجهة ضرورة اجراء الاستحقاق النيابي وفقا للدستور وبحسب المعايير الدولية، فيما دعا سوريا الى "تعزيز قدرات الحكومة اللبنانية للتخطيط للمستقبل مع اجتياز آلاف الحدود يوميا. والمسألة هذه تجعل المشكلة تكبر" كما قال لـ"النهار" وتصبح الحكومة في حاجة ماسة الى خطة طوارئ خلال الاشهر الثلاثة او الستة المقبلة.
في شكل عام، أجرى الوفد الاوروبي مفاوضات "جيدة جدا" مع المسؤولين وأبرزهم رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزيرا الخارجية والشؤون الاجتماعية عدنان منصور ووائل أبو فاعور، الى ممثلي المجتمع المدني ووكالات الامم المتحدة. وأكثر ما أثر في المفوض الاوروبي المشاهدات في وكالتي الامم المتحدة لشؤون اللاجئين وغوث اللاجئين وتشغيلهم "الاونروا" حيث أتيحت له فرصة التحدث الى السوريين والفلسطينيين. وفوليه الذي وعد بنقل "الصورة الحقيقية" عما يجري الى السلطات في بروكسيل، أبلغ اللبنانيين نقطتين. ركيزتهما قوة العلاقة بين الاتحاد الاوروبي ولبنان التي ميزها "تعاون كثيف لا مثيل له"، وكللها التوصل الى خطة عمل جديدة يمكن ان تشكل مثالا لشركاء آخرين، وتتضمن 13 أولوية تتناول تحديث الادارة واعتماد معايير تجعل الحكومة وكذلك الدعم الاوروبي خاضعا للمحاسبة، في حين ركزت النقطة الثانية على أهمية التضامن في ظل التحديات الداخلية وفي الجوار عبر الانتخابات النيابية. فمن وجهة  نظر الاتحاد، من الضروري أن تتم الاصلاحات الانتخابية ضمن اطار توافقي بين الاحزاب، "على أن توحد الانتخابات اللبانيين بدلا من تقسيمهم". وفي ظل التحولات التاريخية التي تحصل في الجوار الجنوبي تبقى "الانتخابات الحرة والعادلة خطوة أولى مهمة في اتجاه ديموقراطية مستدامة. ونتوقع ان يتحقق ذلك ليس فقط في تونس او ليبيا وانما ايضا في لبنان، إذ لا سبب من شأنه ان يمنع السياسيين من الالتزام بالدستور (…) وخلق مناخ من أجل انتخابات حرة وعادلة".
ومع بلوغ أعداد اللاجئين 325 الفا ومجموع دعم الاتحاد لهم 75 مليون أورو، يبدو الاوروبيون ممتنين حيال تلبية لبنان لحاجاتهم وفتح الحدود والشراكة مع الوكالات الاممية والجهات المانحة والمنظمات الانسانية. إلا أن ذلك لا يمنعهم من الاشارة الى عوائق أثرت سلبا في الاصلاح ككل، أبرزها غياب القدرة الادارية او نسبة الطائفية العالية في الادارة، كما قال فوليه والضغوط الخارجية.
وكرر مفوض الجوار الذي نفى ان يكون نقل رسالة جديدة تتعلق باعتداءات بورغاس، تقدير الدول الاعضاء للعمل مع لبنان بهدف تقديم المسؤولين عن الاعتداءات الى العدالة "كي لا يحصل افلات من العقاب ولا يتكرر عمل ارهابي مماثل سواء على أراض أوروبية او في لبنان". وجدد الترحيب "برد الفعل الاول الذي أعربت عنه الحكومة على مستوى التعاون (…) ولدي شعور جيد حيال الالتزام المشترك في هذه العملية". وفي الختام، اعترف بأن المجتمع الدولي ككل يحتاج الى ان يكون في سوريا "لان وقف اراقة الدماء وايجاد حل هناك يمثل الطريقة الامثل لتخفيف الضغوط".

 

 
هدى شديد

دعوة الهيئات الناخبة قسمت مجلس الوزراء وأصداء صرخات المتظاهرين لم تبلغ أبواب القصر

 

انتهى توقيع رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي مرسوم دعوة الهيئات الناخبة على أساس قانون الستين الى شرخ داخل الحكومة بين الفريق الوسطي المتمسك بتطبيق القانون والتزام نصوصه ومهله، ما دام لم يقر قانون انتخابي آخر، وفريق الغالبية الحكومية الذي نعى قانون الستين، ورثاه، كما نعى اي انتخابات نيابية اذا كانت ستجرى على اساسه.
فقد فتح توقيع المرسوم جدالا سياسيا، قانونيا ودستوريا داخل مجلس الوزراء. واستحضر كل طرف حججه واجتهاداته دفاعا عن موقفه، الى ان انتهى الجدال بتكريس الانقسام الحكومي في الملف الانتخابي. وبهذه الخلاصة، اختصر وزير الداخلية مصير الانتخابات النيابية: "اذا اتفقوا فهناك انتخابات واذا لم يتفقوا فلا انتخابات. والوضع الامني يرتاح تلقائيا عندما يتفقون على قانون الانتخاب، واذا لم يتفقوا سيبقى الوضع الامني متوترا ومهتزا". واشار الى ان عقدة التأجيل ستبقى الى حين صدور قانون جديد، وعند الاطلاع عليه يمكن وزارة الداخلية معرفة كم تحتاج من الوقت لتطبيقه"، كما قال.
قانون الستين كان نجم الجلسة ومداخلاتها، التي كانت هادئة في الشكل وحادة في المضمون. وفي هذا الاطار، علم ان رئيس الجمهورية افتتح الجلسة بكلمة سياسية، اوضح فيها ان توقيعه واجب قانوني وتدبير اداري وليس خطوة سياسية أو مجرد صلاحيات. وقال رئيس الحكومة: "ان الدستور يلزمنا توقيع المرسوم، ولا يعني ذلك اننا موافقون على قانون الستين، او اننا نريده".
واستشهد وزير الداخلية بتجربة الانتخابات البلدية الفرعية التي كانت نموذجا باجوائها وباجراءاتها الامنية، والادارية، وقال: "ان وزارة الداخلية مستعدة لاجراء انتخابات نيابية نموذجية وفي يوم واحد في لبنان، اذا كان هناك اتفاق سياسي وتوافق على قانون الانتخاب، واذا لم يتحقق هذا الاتفاق فهناك خوف على الانتخابات وعلى أمنها".
ودعا ناظم الخوري الى عدم تحميل المسؤولية في عدم التوصل الى قانون جديد وفي دعوة الهيئات الناخبة على اساس قانون الستين لشخص رئيس الجمهورية او رئيس الحكومة بل على كل القوى السياسية تحمّل المسؤولية، وهذه مسؤولية مجلس النواب لا الحكومة، والحكومة قدمت مشروعا انتخابيا وليتحمل المجلس مسؤوليته بإقراره قانونا للانتخاب. هناك وضع امني مهدد وظاهرة التدفق للنازحين تشي بحالة لااستقرار في لبنان".
اما وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي، فكما اشار الوزير وائل ابو فاعور، اكدوا انهم "ليسوا مغرومين بقانون الستين، ولكن يجب التزامه، والا فيكون هناك نيات بتأجيل الانتخابات".
واجمع وزراء "حزب الله" و"امل" والتكتل، على دفن قانون الستين مع كل ما يمت اليه بصلة. واشار الوزير علي حسن خليل خلال الجلسة، الى ان دعوة الهيئات الناخبة "محاولة لإحياء قانون الستين، ولها آثار سياسية تبعد النقاش عن التوافق".
وقال: "تشكيل هيئة الاشراف على الحملة الانتخابية ينص على القانون لمرة واحدة ولمهلة محددة بستة اشهر". وذكّر بأن رأي هيئة الاستشارات في وزارة العدل كان واضحا لجهة ان قانون الستين غير نافذ".
واكد الوزير محمد فنيش "ان قانون الستين يعني ان ليس هناك قانون، فهو انتهى".
واعتبر الوزير حسين الحاج حسن ان كل اللبنانيين اتفقوا على ان اجراء الانتخابات على اساس الستين امر مرفوض.
وتحدث الوزير جبران باسيل، عن ان الميثاق ينص على تأمين المناصفة بين المسيحيين والمسلمين "وهذه الميثاقية لا تنطبق على قانون الستين، اذا كنا نعتبر ان المشروع الارثوذكسي غير ميثاقي". كما تحدث عن "سطو على حقوق المسيحيين، بقانون الستين، كما في كل القوانين السابقة".
ورد عليه ابو فاعور: "لسنا مغرومين بقانون الستين ولكن يجب الا نطعن بكل من فاز على اساسه".
وسأله: "هل هذا يعني ان النواب فريد مكاري او بطرس حرب او روبير غانم قد سطوا على المقعد النيابي؟". وقال له: "بين السطو على مقعد نيابي وذبح البلد بقوانين انتخابية، السطو جنحة والذبح جريمة".
في موازاة ذلك، لم تصل اصداء صرخات المعتصمين عند مدخل مفترق القصر الجمهوري الى قاعة مجلس الوزراء، ولكن مطالب المعتصمين ومعالجة  ايرادات السلسلة حضرت في لقاء رئيس الجمهورية مع رئيس الحكومة، وفي كلمته في مستهل الجلسة، بحيث اكد معالجة متأنية لايراداتها بين رئيس الحكومة والوزراء المعنيين وهيئة التنسيق النقابية والهيئات الاقتصادية، واعلن عن بدء البحث في هذه الايرادات في 21 آذار، مشيرا الى "ان الموضوع قد يحتاج الى اكثر من جلسة، وتمنى على هيئة التنسيق النقابية استكمال رفع الاضراب تسهيلا لمصالح المواطنين".
وفي هذا الاطار، طالب الوزيران فنيش وخليل بالاسراع في بت السلسلة واحالتها على مجلس النواب.
مرّ مجلس الوزراء على جدول اعماله مرور الكرام. وبعد انتهاء الجلسة قال فنيش: "قريبا سندعوكم الى مراسم العزاء على قانون الستين". وعلق الحاج حسن: "ان تحديد موعد العزاء سيكون بعد الدفن وبات قريبا".
بدوره، قال باسيل: "الكل في مجلس الوزراء قبل بأن قانون الستين قد توفي والخلاف هو على حصر الارث". ونقل عن رئيس الجمهورية قوله ان "قانون الستين مات موتا سريريا ويدفن عند صدور قانون جديد، واقول انه مات ولكن يجب الا تترك جثته على الارض".
وعلى هامش الجلسة، سجلت مصالحتان: واحدة بين ميقاتي والوزير الصفدي بعد معاتبة على الموقف من طرح وزارة المال في شأن ارقام السلسلة في الاجتماع الاخير للجنة الوزارية المختصة، واخرى بين ميقاتي ووزير الخارجية عدنان منصور الذي عاتبه على هجومه عليه بسبب موقف لم يصدر عنه. وانتهت المعاتبة بمصافحة بينهما.

 

عون انتقد دعوة الهيئات الناخبة: "الستين" دفن والتذرّع بأمور ميثاقية "وساخة"

 

انتقد رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون بشدة دعوة الهيئات الناخبة على أساس القانون القائم، أي قانون الستين، وقال "كان يمكن رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ان يقدما هذا المرسوم لولا انهما شجعا على الحملة المضادة للقانون، وأكدا ان الاقتراح الارثوذكسي لن يمر، ونعتبر هذا الامر ابتزازاً".
وكرر اثر الاجتماع الاسبوعي للتكتل في الرابية "اننا مع القانون الارثوذكسي ومع اجراء الانتخابات في موعدها، ولا لزوم لتؤكد لنا (السفيرة الاميركية مورا) كونيللي ان الانتخابات يجب ان تحصل في موعدها، ولكن من غير المسموح لاحد الكلام عن جلسة غير ميثاقية"، متسائلا "من يعرف اذا كانوا سيأتون الى جلسة المجلس النيابي ام لا؟".
واضاف: "نحن في انتظار ان يحصل تصويت على الارثوذكسي وليس غيره، واذا بقينا على النمط القائم والذي يعملون عليه، فصبرنا ليس طويلا. لسنا نحن من نخاف قانون الستين، ولكن نعتبره دفن ولن تجرى انتخابات على أساسه، والتذرع بأشياء ميثاقية هي "وساخة".
وذكر بأن "السطو على حقوقنا بدأ منذ عام 1990 ثم قاموا بنفينا وبالاعتداء على شبابنا، ومن سطا أكثر يريد ان يعطينا دروسا في الاخلاق. تصوروا ان قانون 1996 وضع على قياس رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط، وهو يعطينا اليوم دروساً في الاخلاق". وقال: "نريد ان نرى مآثر تيار المستقبل وكتلة 14 آذار، هل حل المجلس الدستوري سنة 2005 هو ميثاقي؟ هل استباحة حقوق تمثيل المسيحيين دستوري؟ هل استقالة جميع الوزراء الشيعة من دون تعيين بدائل منهم هو عيش مشترك؟ هل الاعتداءات المتكررة على الجيش من دون ان تقوم الحكومة بشيء هو أمر توافقي؟ هل مفاوضة المجرمين حكمة؟ هل تهريب السلاح الى بلاد الجوار هو احترام للمواثيق مع بلدان الجوار؟ هل النأي بالنفس عن بعض المناطق كعكار وعرسال وطرابلس هو سيادة واستقلال وتعزيز للعيش المشترك؟، هل نقل المطلوبين في سيارات المسؤولين جزء من أمن الدولة والمحافظة على السلام القومي؟ هل الخطاب التكفيري هو في صلب حرية المعتقد والرأي؟"
واكد ردا على سؤال عنه ومع الانتخابات في موعدها وضد التمديد للاشخاص والمؤسسات"، مجددا القول ان "تيار المستقبل وقوى 14 آذار هم من حرمونا حقوقنا، واليوم يقومون بابتزاز بعضهم في قضايا طائفية وسخة".

 

وفد من الفصائل الفلسطينية عند إبرهيم

 

استقبل المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم امس وفدا من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وفصائل التحالف في لبنان، وبحث معه في ملف اللاجئين الفلسطينيين الذين وفدوا الى لبنان من سوريا، والاجراءات المتخذة لتسهيل امورهم والعودة الى منازلهم، اضافة الى الجهود المشتركة لابقاء المخيمات الفلسطينية في لبنان في منأى عن الاحداث والتجاذبات الاقليمية والداخلية.

 


"المستقبل" طالبت بإقالة وزير الخارجية: إجراء الانتخابات في موعدها إنفاذاً للدستور

 

جدّدت كتلة نواب "المستقبل" التزامها "اجراء الانتخابات في موعدها"، واعتبرت انه "لا يمكن الوصول الى مثل هذه الحلول الا في ظل حكومة حيادية تجنّب البلاد التوتر".
عقدت الكتلة اجتماعها الاسبوعي برئاسة النائب سمير الجسر، وتلا النائب نضال طعمة البيان، وفيه ان "الكتلة تجدد تفهمها للمطالب المحقة للعمال والموظفين والاساتذة واصحاب الدخل المحدود في تحركهم من اجل تحسين مستوى دخلهم، وتحمّل الحكومة مسؤولية هذا المأزق الذي تعيشه البلاد ويساهم في زيادة الشلل الاقتصادي وتراجع النمو، وتطالب الحكومة بحسم موقفها من قضية تأمين التمويل اللازم لسلسلة الرتب والرواتب وعدم ترك الامور في حالة تردد وانعدام وزن".
وتوقفت الكتلة ايضا عند اجراءات الجيش والقوى الامنية في صيدا "والتي ساهمت في ضبط الاوضاع"، وطالبت المواطنين التجاوب معها، مكررة رفضها "للغة التهديد ضد المدينة واهلها وقواها السياسية، ولكل خطوة تشكل استفزازا لاي مواطن مقيم في المدينة او زائر لها".
وإذ اكدت "التعايش الاسلامي - المسيحي والاسلامي – الاسلامي"، ناشدت "الحكومة والسلطات المسؤولة القبض على المجرمين الفارين من العدالة والذين اطلقوا النار سابقا وقتلوا مواطنين".
وجدّدت التزامها "اجراء الانتخابات النيابية في موعدها تنفيذا للدستور وتجنبا لتعرّض لبنان لمتاهات غير محسوبة، ولا سيما ان الكتلة سبق ان تقدّمت باقتراحات، منها مبادرة الحل الشامل التي اعلنها الرئيس سعد الحريري، مؤكدة انفتاحها على النقاش في اي قانون يشكل مخرجا من الازمة"، ومتمنية "ان تسفر الجهود المبذولة عن التوصل الى الصيغ القانونية التي تؤمن مصالح الجميع وتحفظ حرية الاختيار وصحة التمثيل".
واعتبرت انه "لا يمكن الوصول الى مثل هذه الحلول الا في ظل حكومة حيادية تجنّب البلاد هذا الكمّ من التوتر وتخفّف حدّة الاجواء المشحونة وتشكّل صدمة ايجابية تمهيدا لعبور البلاد الى مرحلة اخرى".
ولفتت الى ان "ما يعيشه اللبنانيون من تأزّم يحول دون التوصل إلى إقرار قانون انتخاب عصري، سببه إصرار فريق 8 آذار على التمسّك بالمساكنة بين الدولة والدويلة واستثمار وهج السلاح غير الشرعي".
واستنكرت "كلام السفير السوري من منبر وزارة الخارجية اللبنانية، والذي اكد استعداد النظام الذي يمثله للمضي في انتهاك السيادة اللبنانية والاعتداءات ضد القرى والمنازل والبلدات اللبنانية على الحدود الشمالية، وإن تمادي وزير الخارجية في تجاهل ما طلبه منه رئيسا الجمهورية والحكومة والإصرار على التصرف ضد مصالح اللبنانيين، لا يمكن السكوت عنه، والمطلوب إقالة الوزير".
 

 

 
عكار - ميشال حلاق

325 ألف نازح سوري موزعون على 800 بلدة وحملة "أعطِ طفلك إسماً" لتسجيل الولادات

 

مضت سنتان تقريبا من عمر الازمة السورية وحال النازحين السوريين على واقعها المؤلم مذ أتوا الى لبنان هربا من دوامة العنف القائمة في بلداتهم وقراهم ومدنهم التي نزحوا عنها عابرين الحدود البرية ليستقروا مستضافين في العديد من القرى والبلدات العكارية مع بداية الازمة، وليتوزعوا تباعا على القرى والبلدات الشمالية وبقية المدن من الشمال الى الجنوب ويرتفع عددهم بشكل مطرد ومتسارع، الامر الذي بات يشكل عبئا كبيرا في الدرجة الاولى على اللبنانيين الذين استضافوا هذه العائلات ولا يزالون يتقاسمون معهم لقمة العيش على رغم الاوضاع الاقتصادية الصعبة وكذلك فرص العمل والاستشفاء والدواء. وهذا الوضع بات يحتاج الى حلول جدية جدية من الدولة اللبنانية والجهات المانحة المساعدة في العمل الاغاثي، لأنه وضع مرشح للانفجار في اي لحظة نتيجة للغياب شبه التام لتدابير قد تطمئن اللبنانيين واللاجئين الباحثين عن مساحة امان وفرص عمل لإطعام عائلاتهم.
وفي السياق كان مؤتمر صحافي عقد أخيراً واطلق العمل في برنامج مشترك بين وزارة الشؤون الاجتماعية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي من أجل توفير الدعم للمجتمعات المحلية المضيفة. وكجزء من المؤتمر، سلّطت مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين الضوء على الجهود المشتركة بين الوكالات لدعم المجتمعات المضيفة، بما في ذلك أعمال ترميم الملاجئ والدعم المدرسي والتحسينات في ما يتعلق بخدمات المياه والصرف الصحي والمشاريع المجتمعية ودعم التعاونيات الزراعية. وأكّد المشاركون جميعاً على الحاجة إلى مزيد من الدعم للبنان والشعب اللبناني بإزاء استمرار ارتفاع أعداد اللاجئين السوريين.
وكان لافتا التفاوت الكبير بين الارقام التي قدمها وزير الداخلية مروان شربل الذي تحدث عن وجود اكثر من مليون نازح سوري في لبنان في حين تقول فيه مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين السوريين في لبنان في آخر تقريرها الاسبوعي الاخير الذي صدر الجمعة الماضي ان اعداد النازحين بلغت اكثر من 325 الف نازح، وانهم باتوا موزعين على 800 بلدة لبنانية.
ولفت التقرير الى ان المفوضية عملت خلال هذا الشهر على تشجيع ابناء الأقليات على الشعور بمزيد من الثقة لتسجيل أنفسهم لدى مكاتبها، مع التأكيد على سرية التسجيل والغرض الإنساني منه. وقد شهد شهر شباط برامج توعية ملحوظة استهدفت الأقليات الدينية في الشمال والبقاع. وعقدت اجتماعات مع جماعات من الكنيستين السريانية والأرثوذكسية، وحظي الأفراد من الطائفتين بالفرصة لطرح الأسئلة ومشاركة همومهم. وبذلت جهود مماثلة مع جماعات من الشيعة والعلويين الذين أبدوا بدورهم تراجعاً عن تمنعهم حيال الاتصال بالمفوضية والتسجيل.
وذكر التقرير إطلاق حملة تسجيل الولادات بعنوان "أعط طفلك اسماً". وتوزع حاليا منشورات على النازحين السوريين عن أهمية تسجيل الولادات في المراكز في سائر أنحاء لبنان والخطوات اللازمة لذلك، باعتبار ان تسجيل الولادات من الأمور الحيوية لضمان الاعتراف بالجنسية السورية لهؤلاء الأطفال حتى لا يصبحوا عديمي الجنسية في لبنان.
وبالنسبة الى وضع التلامذة السوريين النازحين قالت مفوضية الامم المتحدة ان العدد الإجمالي للأطفال النازحين السوريين المسجلين في المدارس الرسمية في لبنان ارتفع من 24 الفا في كانون الثاني إلى 257 الفا بحلول نهاية شباط.

 

 
إ. ح.

تعهّد رئيس الجمهورية لم يُقنع هيئة التنسيق بمخرج للسلسلة.. نقاش صاخب حسَمَه خيار استمرار الإضراب المفتوح

 

اختارت هيئة التنسيق النقابية خيار الاستمرار في اضرابها المفتوح، رغم تمني رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على الهيئة تعليق الاضراب لتسهيل مصالح المواطنين. لكن المخرج الذي كان متاحاً أمس أو التسوية لتعليق الإضراب، سقط بعدما تمسكت مكونات أساسية في الهيئة بموقفها لاستمرار الاضراب.
وشهد اجتماع الهيئة بعد ظهر أمس نقاشاً صاخباً بين مكوناتها، باستثناء نقابة المعلمين التي لم تشارك في الاجتماع، حول استمرار الاضراب أو تعليقه. لكن الوجهة حسمتها ثلاثة مكونات من الهيئة فاضطرت رابطة التعليم الأساسي الى السير بقرار الهيئة حفاظاً على وحدة الحركة النقابية ومنعاً للاستفراد بالقطاع العام.
وقال رئيس رابطة الأساسي محمود أيوب لـ"النهار" ان رأي الهيئة كان ان نضع موضوع السلسلة في يد رئيس الجمهورية بعد تعهده مناقشتها بجلسات متتالية، لكن مكونات الهيئة الأخرى قررت الاستمرار في الإضراب، مشيراً في الوقت عينه الى أن مجلس الوزراء لم يعد بإقرار السلسلة، بل تعهد مناقشتها فقط، وهو أمر لم يقنع هيئة التنسيق النقابية.
وكانت جرت اتصالات قبل ظهر أمس، لإيجاد مخرج للإضراب، فأعلن الرئيس سليمان في مجلس الوزراء أن مشروع السلسلة قيد المعالجة المتأنية من رئيس الحكومة مع أصحاب الشأن الاقتصادي من وزير المال ووزير الاقتصاد والتجارة وهيئة التنسيق والهيئات الاقتصادية من أجل الوصول الى الحلول المناسبة. وقال: اعتباراً من 21 الجاري سنناقش هذه السلسلة في مجلس الوزراء في جلسة او اكثر تمهيداً لإحالتها الى مجلس النواب. وتمنى على هيئة التنسيق ان تستكمل رفع الاضراب لتسهيل مصالح المواطنين.
وانطلاقاً من هذا التعهد كان يفترض وفق سيناريو حدده المتابعون ان تجتمع هيئة التنسيق وتعلن تعليق الإضراب، وكان سيلي ذلك اتصال من قصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية، وتأكيد التعهد. لكن الأمور سارت بطريقة معاكسة بعدما اعتبرت هيئة التنسيق ان قرار مجلس الوزراء غير كاف وهو لا يتعهد بإحالة السلسلة.
واستنكرت الهيئة في بيانها أمس "المواقف السلبية الصادرة عن مجلس الوزراء وعدم طرحه موضوع سلسلة الرتب والرواتب على جدول أعماله وتغاضيه عن صرخات الناس وضربه عرض الحائط الجموع التي تجمهرت لإيصال رسالتها المحقّة الى الحكومة". وأعلنت الدعوة الى المشاركة الحاشدة في اليوم التضامني مع هيئة التنسيق النقابيّة لمناسبة عيد المعلّم الذي سيقام في قصر الأونيسكو عند الساعة الثالثة والنصف من بعد ظهر غد الخميس، وتأكيد الاستمرار في الاضراب المفتوح، خصوصاً المتعاقدين مع التعليم الخاص وتصعيد التحرّك وأشكاله الضاغطة لحين إحالة سلسلة الرتب والرواتب الى مجلس النواب.
وقررت الاعتصام أمام وزارة الطاقة طريق النهر عند الساعة العاشرة قبل ظهر اليوم، الى اعتصام وتظاهرة باتجاه سرايا بيت الدين، واعتصامات أمام السرايا الحكومية في زحلة وبعلبك والهرمل وراشيا وصور والنبطية وطرابلس.
وكانت الهيئة نفذت اعتصاما مركزيا في العاشرة قبل ظهر أمس على طريق القصر الجمهوري، ضم أساتذة وموظفين عامين وموظفي القطاع الخاص ورابطة اساتذة التعليم الثانوي الرسمي والتعليم الاساسي الرسمي من المناطق كافة الذين توافدوا في باصات كبيرة من كل المناطق اللبنانية، وتظاهروا تزامنا مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء. وحملوا اللافتات المنددة بالحكومة والاعلام اللبنانية.
وأدت كثافة المشاركين في الاعتصام النقابي الى قطع الطريق الدولية باتجاه منطقة الجمهور.
وألقيت كلمات، استهلها عضو الهيئة وممثل رابطة التعليم الأساسي عدنان برجي، الذي أكد "اننا لن نقف أو نتراجع حتى إقرار سلسلة الرتب والرواتب، كما نؤكد ان الأساتذة هم الذين يملكون القرار في الامتحانات الرسمية وهذه الامتحانات لن تتم في موعدها في حزيران المقبل، ومكونات هيئة التنسيق واحدة موحدة".
ثم تحدث خالد الكردي باسم تلامذة لبنان في المدارس الرسمية، ، فناشد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، أن يبحث في موضوع الامتحانات الرسمية مع وزير التربية وإيجاد حل لهذه المعضلة".
وتوجه رئيس رابطة التعليم المهني ايلي خليفة الى الرئيس سليمان قائلا: "ننتظر منكم، يا حامي الدستور والمؤسسات والحريات، قرارا شجاعا بدعوة مجلس الوزراء الى جلسة استثنائية طارئة للبت النهائي بمصادر التمويل للسلسلة وأخذ القرار بالتحويل".
وقال امين سر رابطة أساتذة التعليم الثانوي في لبنان نزيه جرباوي: "كفى وعودا، لن نمل ولن نكل حتى تحقيق المطالب".
وتوجه رئيس رابطة موظفي الإدارة العامة محمود حيدر الى المعتصمين بالقول: "إنكم بهذا الاعتصام تؤكدون مجددا بأنكم لن تكلوا ولن تيأسوا ولن تنسحبوا من الساحات ولن تفكوا إضرابكم المفتوح حتى إحالة السلسلة الى مجلس النواب".
وألقى كامل شيا كلمة رابطة التعليم الأساسي نيابة عن محمود ايوب. اما كلمة المعلمين المتقاعدين فألقاها عصام فضل. ودعا وزير التربية حسان دياب في بيان، هيئة التنسيق النقابية بكل مكوناتها إلى العودة عن الإضراب المفتوح، وإلى أخذ مواقف الحكومة في شأن إحالة السلسلة على مجلس النواب بحسن نية، سيما وأن مجلس الوزراء كان أقر السلسلة في وقت سابق. واعتبر الوزير دياب أن الصرخة التي أطلقتها هيئة التنسيق وصلت إلى مسامع المعنيين. وبالتالي فإن تعطيل المدارس الرسمية والإدارات العامة لمدة أطول بات "يشكل خطراً على السنة الدراسية بأكملها وعلى مواعيد دورتي الامتحانات الرسمية وعلى الفرص المتاحة أمام تلامذتنا للتخصص في الداخل والخارج". 

 

 
هيثم العجم

بيروت سجّلت أعلى نسبة تراجع في المنطقة نتيجة انخفاض الإيرادات ومعدّل التعرفة
الأشقر لـ"النهار": القطاع السياحي في خطر إذا استمرت الاضطرابات الأمنية

 

سجلت العاصمة بيروت تراجعا لافتا في الايرادات اليومية عن كل غرفة متوافرة RevPar، بنسبة 34,7 % على صعيد سنوي الى 72,79 دولارا خلال كانون الثاني 2013، وهو رابع اعلى تعرفة في المنطقة. كذلك ثمة انخفاض في معدل التعرفة اليومية لكل غرفة ADR في مدينة بيروت بنسبة 25,5 % الى 157,26 دولارا. فما هي الاسباب المباشرة لهذا التراجع؟

أوضح رئيس اتحاد النقابات السياحية رئيس نقابة الفنادق بيار الاشقر لـ"النهار"، ان القطاع السياحي في خطر "اذا استمرت الاضطرابات الامنية على النحو الظاهر في اكثر من منطقة". ولفت الى انه منذ "اغتيال اللواء وسام الحسن تراجع الاستقرار الامني على نحو لافت وغير مسبوق، بدءا من عمليات الخطف في مقابل الفدية المالية، مرورا بالانقسام السياسي العمودي، وصولا الى تصاعد اخبار الصحف ووسائل الاعلام المرئية والمسموعة عن التحضير لحروب طائفية ومذهبية، في ظل الكلام الذي بات جديا عن ارجاء الانتخابات النيابية، مما ينعكس سلبا على القطاع برمته، ويحول دون عودة المغتربين اللبنانيين قبل السياح الاجانب".
ورأى "ان الحوادث الامنية القديمة تتكرر، تُضاف اليها مستجدات مطلبية كالتظاهرات، واقفال المدارس"، مشيرا الى ان لبنان ليس كاليونان كما قيل اخيرا، اذ انها تعاني عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، لكن مداخيل السياحة في هذا البلد حققت 22% اخيرا، عكس لبنان الذي يشهد اضطرابات امنية خطرة ولا احد من المسؤولين يطمئننا عن المستقبل والى اين يتجه مسار الامور".
وخلص الى ما نقله عن رئيس مجلس النواب نبيه بري اخيرا، بانه "يفكر قبل كل شيء في الامن والاستقرار، وذلك يسبق اي تفكير آخر في الانتخابات النيابية وغيرها"، معتبرا "ان لبنان بلد العجائب ويمكن انقاذ الموقف في اللحظة الاخيرة متى توافرت النيات الطيبة".

 

المنطقة الى ارتفاع

اذا كانت بيروت سجلت اعلى نسبة تراجع في الشرق الاوسط وافريقيا، فقد سجلت المنطقة وفق تقرير "س. ت. ر. غلوبال"، ارتفاعا سنويا في نسبة اشغال الفنادق بنسبة 8,2% خلال كانون الثاني 2013 الى 59,8%، في حين سجلت المنطقة ايضا زيادة في معدل التعرفة اليومية بنسبة 1,3% الى 182,81 لكل غرفة، وارتفاعا في مستوى الايرادات اليومية المحققة عن كل غرفة متوافرة بنسبة 9,6% الى 109,29 دولارات.

 

نمو السياحة والسفر

ما هي الآفاق المستقبلية للسياحة والسفر في لبنان؟ توقع المجلس العالمي للسياحة والسفر WTTC ان ترتفع مساهمة هذا القطاع (المباشرة وغير المباشرة)، في الاقتصاد بنسبة 2,3% في 2013، وان تسجل نموا سنويا بنسبة 6,1% بين 2013 و2023، لتصل مساهمة القطاع الى 20,5 مليار دولار من الناتج المحلي الاجمالي في نهاية 2023.
وقدر التقرير "ان يتراجع اجمالي عدد الوظائف في القطاع (المباشرة وغير المباشرة) بنسبة 1,8% في 2013 الى 317 الف وظيفة"، متوقعا "ان يسجل الانفاق من السياح في لبنان زيادة بنسبة 0,6% خلال السنة الجارية، ومتوسط زيادة سنوية بنسبة 4,5% بين 2013 و2023، ليصل انفاق السياح الى 12,65 مليار دولار في نهاية 2023".
ورجح ان ترتفع قيمة الاستثمارات في قطاع السياحة بمعدل سنوي وسطي يقدر بـ6,4% خلال السنوات العشرة المقبلة ليصل الى 2,50 ملياري دولار في 2023.
وأصدر المجلس العالمي تقريراً بعنوان "التأثير الاقتصادي لقطاع السفر والسياحة لسنة 2013"، قيّم خلاله التداعيات الاقتصادية للقطاع عبر مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي وايجاد فرص عمل في 184 دولة.
وصنف لبنان في المركز 25 عالميا حيال المساهمة الاجمالية (المباشرة وغير المباشرة) لقطاع السياحة والسفر في الناتج المحلي الاجمالي لسنة 2012، اذ وصلت حصة القطاع الى 25,1% (11,1 مليار دولار) من الناتج المحلي، وهي نسبة تفوق المتوسط العالمي بـ14,1%.
وبلغت المساهمة المباشرة للقطاع نسبة 9,3% (4,1 مليارات دولار) من اجمالي الناتج المحلي في 2012، ليحتل بذلك لبنان المرتبة 24 على الصعيد العالمي. اما حيال سوق العمل، فبلغ اجمالي عدد الوظائف المرتبطة بالقطاع 322,5 الف وظيفة في 2012، اي ما يشكل نسبة 24,0% من سوق العمل.
وكشف التقرير ان اجمالي الاستثمارات في قطاع السفر والسياحة وصل الى 1,3 مليار دولار في 2012، وهو ما يمثل 10,0% من اجمالي محفظة الاستثمارات في لبنان، مشيرا الى "ان اجمالي الانفاق داخل لبنان من السياح الدوليين وصل الى 8,1 مليارات دولار (المرتبة 38 عالميا)، وهو معدل يفوق متوسط انفاق السياح في مختلف دول العالم (6,8 مليارات دولار).
ينتظر لبنان مزيدا من الفرص المتاحة، سياسيا وامنيا كي يستعيد نشاطه السياحي والفندقي الذي تميز به خلال عقود وخصوصا منذ مطلع القرن الماضي، حين بات قدوة لبلدان المنطقة والعالم، فهل يعي المسؤولون فيه اهمية هذا القطاع وانه يحتاج الى الطمأنينة والاستقرار كي يزدهر اسوة بالقطاع العقاري؟

 

 

بالأسماء والتفاصيل...عصابات الخطف في قبضة الجيش

الجمهورية..كريستينا شطح
لا يختلف اثنان على أنّ الأزمة السورية أرخت بظلالها المتشعبّة على الداخل اللبناني السياسي ومجتمعه بكل أطيافه، ومع توسّع رقعة امتداد هذه الأزمة لجأ كثيرون من اللبنانيين إلى عمليات الخطف مقابل فدية ماليّة لتتحوّل بالتالي هذه العمليات تجارة «سوبر مربحة» مالياً، وآخر ضحايا هذه العصابات المتخصصة في الخطف طفل في الثانية عشرة من عمره.
هذا الواقع الأمنيّ ـ الاجتماعي الذي استجدّ مع بداية الأزمة السورية فرض تحديّات جديدة على الأجهزة الأمنيّة برمتّها التي تحاول جاهدةً التصدّي لهذه الحالة الطارئة، وفي هذا السياق تكشف مصادر أمنيّة رفيعة عن توافر معلومات لديها تتخوّف من تكرار سيناريو خطف الرعايا الأجانب في لبنان على غرار ما كان يحصل في الفترة الماضية، وتحديداً في الثمانينيات حيث شهدت تلك الفترة عمليات خطف عدد كبير من الديبلوماسيين وصحافيين يحملون جنسيات مختلفة، وبالتالي يتحوّل لبنان قاعدة تصفية حسابات في اطار حرب الآخرين على أرضه، متخوفة من تزايد عمليات الخطف في المرحلة المقبلة في ظلّ اشتداد الأزمة السورية .
الخطف في القانون اللبناني
عرّف القانون اللبناني الخطف على أنه فعل المقصود منه حمل المخطوف، بالخداع او بالعنف، على الإنتقال أو نقله، من مكان إلى آخر من دون إرادته ومنعه من الخروج، بقصد إرتكاب الفجور أو حجزه رغماً عنه، وبذلك يكون القانون اللبناني أعطى أهمية قصوى لموضوع الخطف، فتناوله في قانون العقوبات الصادر عام 1943 وعدل بالمرسوم الرقم 112 الصادر في 16 أيلول 1983، ونص على مواد قانونية كثيرة منها المواد 514، 515، 569 و 570، وحدد القانون اللبناني عناصر عدة من اجل وقوع عملية الخطف كحصول الفعل المؤدي إلى إنتقال المخطوف أو نقله من المكان الموجود فيه إلى مكان آخر ومنعه من الخروج من المكان الذي إحتُجِز فيه.
وتنطبق المواد القانونية 514 و515 على عمليات الخطف التي تحصل بالخداع أو بالعنف، فالقانون يعتبر أن فعل الخطف ليس فقط بإرتكاب الخاطف اعمال عنف على المخطوف، بل قد يحصل الخطف بالخداع. والخطف بالخداع يتضمّن صدور قول أو فعل من جانب الخاطف عن طريق الكذب أو الخداع أو إيهام المخطوف بوجود أمر وهمي ما يوقع المخطوف ضحية الخاطف ومناوراته الخداعية.
ويحدد القانون عقوبة فعل الخطف من ستة أشهر وصولاً إلى السجن مدى الحياة في بعض الحالات، كإستمرار مدة الإحتجاز لأكثر من شهر وتعذيب المخطوف جسدياً أو معنوياً، وتشدد العقوبة بحسب المادة 257 "إذا نتج عن الخطف وفاة المخطوف بسبب الرعب فتصبح العقوبة الإعدام". وتُخفف العقوبة وفقاً للمادة 570 إلى فترة تتراوح بين 6 أشهر و3 سنوات إذا أطلق الخاطف المخطوف خلال 3 أيام، وتُخفف أيضاً إلى النصف إذا إطلقه خلال ٢٤ ساعة من دون ان يكون قد تعرض المخطوف للتعذيب.
يعيش اللبنانيّون أخيراً تحت رحمة عصابات الخطف المافياويّة التي تمارس مهماتها باحتراف، فهي تراقب بحذر، وتخطّط بدهاء ولا تقدم على صيدها "الثمين" الاّ بعد درس دقيق للهدف وتحركاته حتى وصل الأمر الى جعل عمليات الخطف في لبنان طبَقاً يومياً على مائدة الأخبار اليوميّة، وكأنّ هناك محاولة جديّة لإعادة اللبنانيين الى ذاكرة الحرب الأليمة، ولكن بسيناريو مختلف في ظلّ غياب هيبة الدولة واضمحلال سلطتها.
الخطف مقابل فدية تحوّل موضة الموسم بعد سرقة السيارات وإعادة التفاوض عليها مقابل مبالغ مالية، وتركزت غالبيتها على خطف رجال أعمال وأثرياء، ولعلّ الأمر الذي فتح "الشهيّة"على هذه التجارة المربحة هو خطف سبعة استونيين أُفرج عنهم مقابل فدية مالية دفعتها سلطات بلادهم للخاطفين، بوساطة الاستخبارات الفرنسية في العراق.
الجيش بالمرصاد والعصابات بدأت بالتساقط
ولكن لم يقبل الجيش اللبناني واستخباراته بعد عمليّات رصدٍ ومتابعة الاّ أن يكون في المرصاد كي لا تتوسّع هذه الظاهرة وتتكرّس أمراً واقعاً، وبدأت شبكات الخاطفين بالتساقط في يده بدءاً بخاطفي الطفلة آنجي دقناش في طرابلس في 17/12/2008، وقد أوقفت المخابرات شبكة تتألف من ديب جورج عون، الياس جبرايل حرب، كمال ممدوح بارودي، جهاد كمال البوشي، خالد عز الدين العلي، وقد أحيلوا الى النيابة العامة العسكرية.
أما الضحية الثانية، فكانت الفتاة القاصر زينب رفيق الزين في جبل لبنان، وقد خطفت في 23/2/2009، وقُبض على شبكة الخاطفين المكوّنة من بشير نبيل الغصين، صادق محمد بيطار، مصطفى محمد نوري زعينو، محمد انس فوزي فواز، ديب احمد اللهيب، محمد مصطفى زعينو، وقد تُركوا بسند اقامة.
وفي 22/2/2012 خطف حسين عبد الله المصري الفلسطيني مرشد سعيد كايد في منطقة دورس ـ بعلبك، واحيل المصري الى الشرطة العسكرية.
في 27/2/2012 بعلبك، أوقفت مخابرات الجيش محمد فياض اسماعيل، سعد احمد علي وأحيلا الى النيابة العامة العسكرية، بينما تمت احالة علي مهدي صالح الى الشرطة العسكرية.
وفي 12/3/2012 اختطف عبد المعين احمد العوام واحتُجز في منطقة الشويفات، وأوقِف الخاطفون وهم: احمد محمد جلوان، حسن مصطفى ضاهر المقداد، لؤي داود عبدالله، داود سليمان عبدالله، محمد جميل توسكا، واحيلوا الى الشرطة العسكرية.
أما اختطاف وسام عوض الطحان في بعلبك فحصل في 16/4/2012 على يد محمد شامل جعفر الذي أُحيل الى النيابة العامة العسكرية، وخُطف بمساعدة روبير ياسين جعفر الذي اعيد الى سجن رومية باختطاف اندريه جرجس الياس في 5/5/2012 وحرره الجيش في 11/5/2012 الامر الذي ادى الى اصابة العقيد بطرس عزام.
وكانت للنساء حصة في الخطف، فإبتزّت بتول درويش حبيب المنصوري السعوديين عبد الله وتوفيق الشقاقيق بعد احتجازهما في شقة في منطقة دوحة الحص في 16/4/2012 وأحيلت الى الشرطة العسكرية.
وقد أخلي سبيل خالد عدنان عز الدين الذي خطف خالد عدنان عز الدين في منطقة النبي عثمان في 12/5/2012، أما احمد عبد الفتاح المجذوب فقد أحيل الى الشرطة العسكرية بعد اختطافه احمد السيد احمد صخر من امام منزله في بلدة بعلول - البقاع الغربي في 17/5/2012.
والذين ساعدوه كان لهم نصيبهم، فوسام ياسين ياسين أُعيد الى سجن رومية، ويوسف عبد الحميد عز الدين احيل الى الشرطة العسكرية، وعلي احمد صخر أخلي سبيله، واحمد علي السيد احمد صخر تُرك بسند اقامة.
أما حسام شحادة البشراوي الذي خطف في منطقة رأس بعلبك في 3/6/2012، فقُبِض على خاطفيه وهم: محمد شريف علي جعفر، محمد علي جعفر، حسين ياسين جعفر، واحيلوا الى الشرطة العسكرية.
فيما شبكة مارسيل محمد قيس وجهاد حبيب جعفر، فقد احيلت الى الشرطة العسكرية بعد اختطاف ابراهيم زين الاثاث في منطقة صوفر في 21/6/2012، أما بقية أفراد الشبكة المكوّنة من وائل سليم عبد الخالق ومحمود محمد الاتات ورفعت محمود ابراهيم، ومجد محمد ديب، ومحمد محمود ابراهيم، فقد تركوا بسند اقامة.
الى ذلك، فقد عُثر على جثة الاب ايلي المقدسي في 25/8/2012 في منطقة الناعمة ـ جبل لبنان، وقُبض على محمد مصطفى القطيط، وانور حسن الربيع، ومصطفى حسن صائل، وعبد الله خلف المصطفى، وفراس سيف الدين المريح، ومحمد ويحيى حسن الربيع، واحيلوا جميعاً الى الشرطة العسكرية.
من جهة ثانية تم خطف واحتجاز اجانب في تواريخ مختلفة في الضاحية الجنوبية لبيروت ومحيطها، وقُبِض على: حسن حسين المقداد، ابراهيم محمد المقداد، محمد عادل المقداد، سامي يوسف كنعان، ماهر حسين الربيع، حسن صبحي المقداد، ربيع سعيد عكر، محمد حسين المقداد، طارق عماد سلطان، حسين صبحي المقداد، واحيلوا الى النيابة العامة العسكرية.
أما رامي محمود حمود ترك، وحماد رجب العلاوش، ومحمد عبد اللطيف موسى، وطارق قاسم طبوش، وعلي صلاح الدين دبوق، وعبدالله محمد أمين، وعلي بسام المقداد، وابراهيم يحيى الاحمد، فقد أخلي سبيلهم. وسُلِّم بلال علي المقداد الى فرع الامن العسكري.
أما حسين علي زعيتر وماهر علي زعيتر ورضوان محمد شمص ووليد حسن غندور، ومحمد خالد صبرا وتوفيق فضل الله المقداد، فقد أحيلوا الى الشرطة العسكرية.
وفي خطف فؤاد جورج داوود في زحلة في 13/9/2012، أحيل كل من: حسن محمد علوه عباس، عباس محمد علوه، علي نون، الى الشرطة العسكرية. وأُخلي سبيل حسن محمد مصطفى وكريم محمد البزال وحسين عماد حمية وهادي حسين البزال. أما محمد شامل جعفر فأحيل على النيابة العامة العسكرية، فيما سُلم محمد علي وهبي لفرع الامن العسكري.
أما خطف يوسف عبدالله بشارة في منطقة بصاليم في 17/9/2012، فقد أحيل خاطفوه: فادي شكري عبد النور، مصطفى محمود دهيني، محمد محمود فحص، رانية محمد شحوري، رشا ديب السعلوك، الى الشرطة العسكرية، وتُرك محمد سعيد ابو علول بسند اقامة.
وبالنسبة الى خطف علي احمد منصور في بلدة غزة ـ البقاع الغربي في 18/9/2012 على يد حمزة محمد طليس وفريد مصعب الكعبي واحمد شوقي ابو جخ، عبد المنعم عطية فرحات فقد أحيلوا الى النيابة العامة العسكرية، فيما أخلي سبيل حسن ابراهيم طراف وهو رائد في الجيش اللبناني.
أما عبد الحي فايز العموري فأُحيل الى الشرطة العسكرية بعد خطف محمد باسل قاسم الميس في منطقة مكسة البقاع في 22/9/2012.
وأُحيل محمد عبد الله المصري واحمد العلي الى النيابة العامة العسكرية بعد احباط محاولتهما خطف المواطن عماد حمودي صالح في منطقة الجمّالية
ـ بعلبك في 16/11/2012، فيما قتل كل من عباس علي حاج ومعروف عباس المصري، وترك حمودي صالح بسند اقامة.
وبعد خطف السوري يوسف خالد التركماني في مدينة زحلة في 24/10/2012 احيل الى الشرطة العسكرية كل من علي مرهج جعفر وهيثم خضر الحاج وعباس غازي جعفر. أما احمد محمود العواد فقد احيل الى الشرطة العسكرية بعد خطف الدكتورة منى كنج من منطقة المشرف في 27/11/2012.
وكذلك أُحيل علي ابراهيم العلي الى الشرطة العسكرية بعد خطف السوري محمد عادل الحبش في منطقة تعنايل في 3/12/2012، وأحيل ايضاً طلال فاروق جعفر لخطفه المواطن نزيه نصار في 1/2/2013 في بلدة الفرزل.
وبذلك يكون الجيش اللبناني والأجهزة الأمنيّة قد أدّيا واجبهما كاملاً، فهل سيكمل القضاء اللبناني مسيرة القضاء العسكري ويُنزل العقوبات في مرتكبي هذه الجرائم؟ أم ستتدخل الوساطات السياسيّة وتُحبط ما أنجزته المؤسسّة العسكرية؟
 
 
المفتي قبّاني مظلوم بـ«الإفتاء» أم «الإفتاء» مظلومة به؟
الجمهورية.. ناتالي إقليموس
«الساعة العاشرة من صباح يوم الأحد 14 نيسان 2013». أعاد تحديد موعد إجراء انتخابات المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى وهج الجمر بين المجلس ومفتي الجمهورية محمد رشيد قبّاني، على رغم المساعي التي بذلها رؤساء الحكومات السابقون، ودخول الرئيس نجيب ميقاتي على خط التهدئة. فماذا لو سحبت الهيئة الناخبة البساط من تحت قدَمي المفتي، هل ستجري الانتخابات في موعدها؟ وأبعد من ذلك، ماذا وراء استعجال المفتي تغيير المجلس الشرعي؟
لم يكد يصدر المفتي قبّاني القرار الرقم 37م/2013 يدعو فيه إلى انتخاب أعضاء المجلس الشرعي الإسلامي، حتى عادت البلبلة إلى أروقة دار الإفتاء، وارتفعت نسبة التململ بين أعضاء المجلس.
«لا شكّ أنّنا تفاجأنا في القرار، لذا نعقد قبل ظهر الغد (اليوم) اجتماعاً في ما بيننا لتدارس الخطوات اللاحقة، وما آلت إليه الظروف. أمّا الاجتماع الرسمي على الأرجح فسيُعقد يوم السبت». بنبرة تنضح غرابة يعبّر نائب رئيس المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى عمر مسقاوي عن سخطه.
 
وفي حديث إلى «الجمهورية» يوضح: «يتصادم القرار مع موقف أعضاء المجلس المتمسّكين بقانونية التمديد لولايتهم. في المقابل إصدار المفتي لقراره الأخير غير قانونيّ، فعلى رغم ارتكازه على المرسوم 18، لكن ما من رابط بين المرسوم ومضمون القرار، وفي كلّ الأحوال هو استعجل ولم ينتظر صدور موقف شورى الدولة ودراسته لقانونية تمديد المجلس لنفسه».
ويعتبر مسقاوي «أنّه كان من الأجدر بالمفتي التريّث وعدم الإسراع في الدعوة إلى إجراء الانتخابات قبل أن يعلن مجلس شورى الدولة عن موقفه». ويضيف: «لا ننكر بأنّ قبّاني مفتي الجمهورية ومسؤوليّاته متشعّبة، مهمّاته متنوّعة وأوّلها إيجاد الروابط بين جميع المسلمين، وهذه من مصلحة المفتي الكبرى»، مؤكّداً أنّ «المشكلة ليست مع شخص المفتي إنّما في أسلوب ممارسته لمهمّاته».
وتعليقاً على انكباب المفتي على ملف الانتخابات دون سواه من الملفّات، اكتفى مسقاوي بالقول: «نعتبر بأنّ المفتي يتعاطى بموضوع ليس من اختصاصه، صحيح أنّه يرأس المجلس، ولكنّ هذا الأخير يتحرّك من دونه».
المصادر... تأسف
بموازاة ذلك، تشير مصادر مُطّلعة في دار الإفتاء لـ"الجمهورية"، أنّه «لا يحقّ للمفتي الدعوة إلى إجراء انتخابات من تلقاء نفسه، إنّما بناءً لقرار يصدر عن المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، وكذلك عليه انتظار صدور حكم مجلس شورى الدولة». وتأسف المصادر عينها لأسلوب المفتي أخيراً، قائلةً: «تتحكّم به ردود الفعل ومصالحه الخاصة، وكأنّه يريد التهرّب بأيّ وسيلة من مناقشته بملفّ الفساد الماليّ، لذا يسعى بأسرع وقت ممكن لإجراء انتخابات وضمان أعضاء مجلس موالين له، يعطونه الضوء الأخضر في قراراته كافّة، والتعديلات التي قد يقترحها تحديداً على مستوى النظام الداخلي، ومنها أن يبقى المفتي مفتياً مدى الحياة، فتصعب محاسبته».
في هذا الإطار، لم تُخفِ المصادر استغرابها وشكوكها في آن معاً من السياسة التي قد ينتهجها المفتي لضمان بقائه في سدّة الإفتاء، قائلةً: «كيف يمكن أن يبقى مفتياً وهو على خلافٍ مع معظم القيادات السنّية، ولا سيّما أعضاء المجلس الشرعي، لذا بقاؤه قد يطرح أكثر من علامة استفهام وتعجّب».
وتضيف المصادر: «غالباً ما يكون المفتي مفتاح الحلّ في الطائفة، خصوصاً حين يقع الخلاف بين الرؤساء، نظراً إلى ما يجب أن يتحلّى به من حكمة وهدوء ومرونة، لكنّ المؤسف أنّه بات جزءاً من الخلاف، وربّما قد تكون المسؤوليّات أكبر من طاقته، وما يمكنه تحمّله».
 
 
بدايات «الجهادية السلفية» اللبنانية
الجمهورية.. سعود المولى
من المفارقات الخاصة بالجهادية السلفية اللبنانية أنها نشأت في حضن تجربتين غير سلفيتين: الثورة الوطنية الفلسطينية التحررية من جهة والثورة الإيرانية الاسلامية الشيعية من جهة ثانية... فقد نشأت الحركة الجهادية السلفية فعلياً على هامش حركة فتح وصراعها الدموي الطويل مع البعث السوري في لبنان، ولم يكن لها علاقة بالحركة السلفية الرسمية الطرابلسية المنشأ...
لا يمكن فهم تطور الحركة الجهادية السلفية من دون العودة إلى قراءة تجربة "حركة التوحيد الإسلامي" في طرابلس من جهة، وتجربة "الحركة الاسلامية المجاهدة" في عين الحلوة ونهر البارد من جهة أخرى، وهما تنظيمان كانت ترعاهما حركة فتح في لبنان حتى العام 1991...
والنواة المؤسسة لِما صار لاحقاً تنظيمات "السلفية الجهادية" في لبنان هي أقلية حركية نشطة انزاحت من الجهادية الوطنية صوب الجهادية السلفية أولاً، بدءاً من ارتباطها التأسيسي بحركة فتح وبالصراع في سوريا، إلى ارتباطها بالثورة الخمينية وبـ"حزب الله"، وصولاً إلى التأسيس المستقِلّ لحركتها كسلفية جهادية مرتبطة بالقاعدة، وذلك على قاعدة حدثين تاريخيين بالنسبة لها: عودة الأفغان العرب بدءاً من عام 1991، ثم الجهاد في العراق بدءاً من عام 2003... وهي انتعشَت وتطورت بين هذين التاريخين بفِعل رافد خارجي مؤثر قدّمته المغتربات الأوروبية والأميركية...
فمنذ الحرب الأهلية اللبنانية 1975-1976 نشأت مجموعات إسلامية جهادية مسلحة في مخيمي عين الحلوة ونهر البارد...
والرأس الفقهي والسياسي لتلك المجموعات كان الشيخ ابراهيم غنيم، وهو من قرية صفورية الفلسطينية قرب الناصرة، هرب الى لبنان بعد نكبة 1948 وأقام في حي المسلخ الشهير شرقي بيروت (دمّر خلال الحرب الأهلية)، وانضمّ مطلع الخمسينيات الى زاوية صوفية تنتمي الى النقشبندية الخالدية (ومؤسّسها السوري الشيخ محمد أحمد جنيد)، وهي من الفرَق التي لا تعترف بالبدع والشطحات الصوفية وتدعو الى التمسّك بالكتاب والسنة وسيرة الرسول والسلف الصالح...
ومن هنا سهولة الانتقال اللاحق الى الفكر الحركي للإخوان المسلمين، ثم الى نوع من السلفية المتحركة... انتقل الشيخ غنيم من المسلخ إلى إحدى قرى عكار بتكليف من الطريقة، وداهمته ثورة 1958 حيث ازدادت اتصالاته بجماعة عباد الرحمن في طرابلس، ومن خلالها بمشايخ ما صار يُعرف بالجماعة الاسلامية في لبنان لاحقاً... وقد انتقل الى مخيم عين الحلوة عام 1963، حيث صار يلقي دروسه في مسجد النور...
ولا يكاد يوجد عالم في صيدا وجوارها لم يدرس على الشيخ ابراهيم... ومن تلاميذه في عين الحلوة برز الشيخ عبدالله الحلاق والشيخ جمال الخطاب والشيخ محرم العارفي، وثلاثتهم كانوا قريبين من الجماعة الإسلامية إلّا أنهم تميّزوا بفكر راديكالي ثوري فاقتربوا أكثر من الشيخ سعيد شعبان في طرابلس... كما كانوا على صِلة وثيقة بإسلاميي حركة فتح المشهورين بدعمهم للاخوان المسلمين في سوريا...
وقد قاتلت الجماعات الاسلامية الجديدة ضد الغزو السوري الأول للبنان العام 1976، وبعد مجزرة مخيم تل الزعتر صار العديد من كوادرها ومن كوادر فتح المتهمين بدعمها وتسليحها مطاردين من النظام السوري، فلجأوا الى مخيمات الجنوب، وأبرزها عين الحلوة... وحين اندلعت الثورة الايرانية نَشطت هذه المجموعات من خلال التحالف المُعلن بين الثورتين الفلسطينية والايرانية...
وحين حصل الغزو الإسرائيلي الكبير في 6 حزيران 1982 كان عدد من المشايخ من صيدا وعين الحلوة، وعلى رأسهم الشيخ ابراهيم غنيم، في طهران يشاركون في "مؤتمر المستضعفين"... وحين عودته من إيران استقرّ الشيخ غنيم في مخيم نهر البارد، إلّا أن السلطات السورية اعتقلته وأمضى عدة اشهر في سجن المزة، وخرج بوساطة إيرانية... وصار بعد خروجه يعمل تحت سقف تجمّع العلماء المسلمين، المَحميّ والمموّل من إيران...
ويبدو أن اندلاع الحرب العراقية-الايرانية عام 1980، ثم تَبَلور القطيعة الفلسطينية الايرانية بسبب هذه الحرب 1981-1982، ساهم في دفع الإسلاميين الفلسطينيين أكثر إلى التعاون مع إيران في لبنان... وهكذا نشأ تجمّع العلماء المسلمين في صيدا 1981، وكان من رموزه من مشايخ السنّة: محرم العارفي وماهر حمود وعبدالله حلاق وأحمد الزين... كما نشأت حركة التوحيد في طرابلس 1982 من اندماج عدة حركات كانت جميعها ترتبط بحركة فتح...
وفي العام 1983 انفجرت الحرب الخفيّة بين سوريا وحركة فتح، بدءاً من البقاع ووصولاً إلى مخيمات الشمال، وأدّت إلى تدمير البارد والبداوي وخروج عرفات من طرابلس في 20 كانون الأول 1983 على ظهر سفينة يونانية وبحماية بوارج سفن فرنسية... واستمرت الحرب السورية ضد حركة التوحيد في طرابلس 1983-1985، وانتهت بهزيمة الحركة، لتبدأ بعدها الحرب ضد المخيمات في بيروت والجنوب 1985-1988.
وفي العام 1984 أعلن الشيخ غنيم مع الشيخ عبدالله الحلاق والشيخ جمال الخطاب عن "الحركة الاسلامية المجاهدة"، التي كانت موجودة أصلاً منذ العام 1975... وأسّسوا في مخيم نهر البارد مسجد القدس بتمويل إيراني... والمعروف أنّ "الحركة الإسلامية المجاهدة" قاتلت في عين الحلوة متصدية للغزو الاسرائيلي الكبير صيف 1982، خصوصاً بعد خروج التنظيمات الفلسطينية منه، ما أعطى المجاهدين الاسلاميين صدقية واحتراماً في أوساط شباب المخيمات...
وقد كان تدمير مخيّم عين الحلوة بالكامل على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد إخراج أهله منه، مناسبة لتميّز الإسلاميين لاحقاً في عملية إعادة البناء وفي القدوم والتمركز في المخيم البعيد عن شبكات النظام السوري، والذي كان قد دخل في مواجهة دموية عنيفة مع الإسلاميين السوريين منذ العام 1975، ما لبثت أن توسّعت واحتدمت مطلع الثمانينيات...
 
باسيل وصف «الستين» بعملية «سطو» على حقوق المسيحيين وأبو فاعور اعتبر أن «الأرثوذكسي» يذبح لبنان
نواب «8 آذار» صعّدوا بوجه سليمان وميقاتي وانتقدوا «اليوم الأسود» بتوقيع «دعوة الهيئات الناخبة»
بيروت - «الراي»
وضعت التطورات والمواقف المتلاحقة المتصلة بمأزق قانون الانتخاب الجديد في الساعات الثماني والاربعين الماضية لبنان امام مقلب شديد القتامة والغموض من شأنه ان يدفع الازمة قدماً نحو فصولٍ جديدة حملت معها سقوفاً تصعيدية عالية.
فللمرة الاولى منذ نشوء مأزق العجز عن التوافق على قانون انتخاب جديد يحظى بموافقة جميع الافرقاء السياسيين، بدأت الأزمة في الساعات الاخيرة تدقّ أبواب المراجع الرئاسية في ظل اقدام رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي على توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الى الانتخابات في 9 يونيو المقبل عملاً بأحكام القانون النافذ، اي «قانون الستين» (جرت على أساسه انتخابات 2009) الذي يوجب توجيه هذه الدعوة قبل ثلاثة اشهر من موعد الانتخابات.
وكشفت الوقائع التي رافقت توقيع سليمان وميقاتي لهذا المرسوم اول من امس، ان ثمة أزمة كانت تعتمل بصمت وبعيداً عن الاضواء بين كل من رئيسي الجمهورية والحكومة من جهة ورئيس مجلس النواب نبيه بري من جهة اخرى متأثرة تأثراً قوياً بالانقسامات الحادة الني نشأت عن تصويت اللجان النيابية المشتركة على مشروع «اللقاء الارثوذكسي» (يقوم على ان ينتخب كل مذهب نوابه) الذي يرفضه سليمان وميقاتي رفضاً قاطعاً.
ومع ان توقيع المرسوم لم يكن مفاجئاً، اذ سبق لميقاتي ان اعلن قبل ايام الاتجاه الى هذا الاجراء كخطوة دستورية ملزمة، فان قوى «8 آذار» ومن بينها بري، اتخذت من الموقف الذي أعلنته السفيرة الاميركية مورا كونيللي بعد زيارتها لرئيس البرلمان اول من امس، ستاراً اضافياً لتفجير الفصل التصعيدي الجديد عبر رفض هذه القوى خطوة التوقيع ووصْفها بـ «اليوم الاسود في تاريخ السلطة التنفيذية» واعتبارها استباقاً للجهود التوافقية الجارية، راسمةً ظلال التشكيك حول خطوة سليمان وميقاتي وكأنها امتثال للضغط الاميركي لاجراء الانتخابات حتى في ظل قانون الستين وفي مواعيدها.
وتقول مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ «الراي» ان المشهد الناشئ عن هذا التطور ينذر بمضاعفات دستورية وسياسية واسعة بدأت ملامحها ترتسم عبر المعطيات الآتية:
اولاً: ليس صحيحا ان قوى «8 آذار» فوجئت بتوقيع المرسوم اذ كان بري على علم مسبق به، لكن الاخير وجد نفسه مرغماً على تصعيد موقفه، اسوة بما فعل حين دفع بمشروع «اللقاء الارثوذكسي» الى التصويت في اللجان واهمال بقية المشاريع تحت وطأة الضغط الذي مارسه «حزب الله» وتكتل العماد ميشال عون وماشاه فيه حزب «القوات اللبنانية» آنذاك.
ثانياً: ان تصويب الانتقادات على رئيسيْ الجمهورية والحكومة من جانب «8 آذار» يهدف الى تعميم رسالة واضحة مفادها ان لا انتخابات على اساس «قانون الستين»، بما يعني تضاؤل كل الفرص المتاحة المتبقية امام مشروع توافقي. وبالتالي فان ما خرج به بري من اجتهاد يتعلق بعدم جدوى الحديث عن مهل قانونية بعد الان بفعل «دفن قانون الستين» يمهد لوضع الجميع امام امر واقع لم تتبين معالمه بعد.
ثالثاً: دخل عامل جديد مهم على خط الازمة تمثل في اعلان ميقاتي صراحة وللمرة الاولى انه مع حكومة حيادية للاشراف على الانتخابات وانه لن يكون رئيس حكومة تشرف على الانتخابات لانه مرشح لها. وبدا ميقاتي بهذه الخطوة كأنه يستبق اي ضغوط محتملة عليه، ويضع حداً مسبقاً لابتزازه في موقعه، والبعض من خصومه يقول انه هو من سلّط باب الابتزاز على شركائه في قوى «8 آذار».
ومن شأن هذا التطور ان ينعكس سلباً وبقوة اضافية على وضع الحكومة المفكك في وقت تتصاعد التباينات والخلافات بين ميقاتي وفريقه الوزاري والوزراء «الجنبلاطيين» من جهة والفريق الوزاري لقوى «8 آذار» من جهة اخرى وهو ما تجلى في الجلسة الصاخبة امس للحكومة، ما يعني ان البلاد مقبلة على تسابق حقيقي بين مسارات التأزم ما لم تبرز في اللحظة الاخيرة مفاجأة معينة تحول دون الاطاحة بموعد الانتخابات فيما يبدو ان حظوظ تأجيل الانتخابات ارتفعت في الساعات الاخيرة الى مستوى قياسي لاسيما بعدما اعتبر اعلام «8 آذار» ان رئيسيْ الجمهورية والحكومة بتوقيعهما مرسوم دعوة الهيئات الناخبة انما وقّعا على قرار تأجيل الانتخابات.
وكان توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة أحدث ضجيجاً متوازياً على مستويْين امس، في مجلس الوزراء وفي مقر البرلمان.
فخلال الجلسة الوزارية التي عُقدت في القصر الجمهوري، حضر توقيع المرسوم بقوة بدءاً من المداخلة التي أدلى بها الرئيس سليمان واشار فيها الى «ان التوقيع واجب دستوري يمليه القانون النافذ»، مؤكدا ان «ذلك لا يعني اطلاقا التمسك بقانون الستين بمقدار ما يعني التزام الواجبات والمسؤوليات التي ينص عليها الدستور والقوانين ذات الصلة»، مجدداً دعواته السابقة لاقرار قانون انتخاب جديد انطلاقا من مشروع القانون الذي أقره مجلس الوزراء وأحيل على مجلس النواب.
وبعد كلمة سليمان انقسمت آراء الوزراء بين مؤيد لخطوة رئيسيْ الجمهورية والحكومة ومعارض لها، حيث برزت آراء حادة في المضمون ومداخلات لوزراء من «حزب الله» و«أمل» و«التيار الوطني الحر» اكدت ان لا انتخابات في ظل «قانون الستين» واعتبرت ان ما حصل ستكون له آثار سياسية سلبية مع استبعاد اي احتمال للتوافق على قانون انتخاب، ورافضين محاولة «التسلل» لاحياء «الستين».
وفي حين تحدث الوزير جبران باسيل عن عملية «سطو» على حقوق المسيحيين بقانون الستين، ردّ عليه الوزير وائل ابو فاعور معتبراً ان «الارثوذكسي» فيه «ذبح» للبلد معتبراً «ان السطو جنحة والذبح جريمة».
يذكر ان وزير الداخلية مروان شربل اعلن في موقف لافت بعد الجلسة انه «اذا تم الاتفاق على قانون تجرى الانتخابات في موعدها وان لم يتم التوصل الى اتفاق على قانون فلا انتخابات».

المصدر: جريدة النهار ومصادر اخرى


السابق

إيران "عاصمة عمليات تجميل الأنف" في العالم....رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي: سأفعل كل ما بوسعي لـ«تركيع إيران».. إيران تشترط أن تتم زيارة «بارتشين» ضمن اتفاق شامل مع الوكالة الذرية... الاتحاد الأوروبي يتمسك بإبقاء بنكي «ملت» و«صادرات» الإيرانيين في لائحة العقوبات بعد شهر من قرار المحكمة الأوروبية

التالي

الجامعة العربية تجيز لأعضائها الحق في تقديم الدعم العسكري للجيش السوري الحر... عدد اللاجئين والنازحين السوريين تجاوز حاجز المليون... جنبلاط: الأسد منفصم.. والجمهورية الإيرانية تسير عكس المنطق الطبيعي...دول مجلس التعاون تحذر لبنان من خرق «النأي بالنفس» وضرب مصالح اللبنانيين.... ...حبل "النأي" اللبناني يصل إلى نهايته في الجامعة العربية

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 157,461,666

عدد الزوار: 7,068,740

المتواجدون الآن: 55