برّي: المماطلة في سلسلة الرتب والرواتب لم تعد مقبولة والحل قبل جلسة 21
جعجع يدعو "حزب الله" الى التوقف عن التدخل في سوريا

فيما يستمر الجدل حول قانون الانتخاب، والذي يبدو عقيما حتى الساعة في ظل تصلب مواقف الافرقاء، تتجه اهتمامات اللبنانيين الى أمكنة أخرى أكثر أهمية لانعكاسها على أوضاعهم الامنية والحياتية، وأبرزها ارتدادات الازمة السورية، وانعكاسات التصريحات التي يدلي بها مسؤولون على الرعايا اللبنانيين المقيمين في دول الخليج العربي
وقد طمأنت امس المملكة العربية السعودية الهيئات الاقتصادية التي زار وفد منها الرياض الى ان لا نية لسحب الودائع السعودية من لبنان، ولا نية لطرد لبنانيين عاملين لديها، بعدما راجت شائعات في هذا الشأن في اليومين الاخيرين.
وفي الشأن الحياتي تعاود هيئة التنسيق النقابية تحركها الشارعي اليوم، للأسبوع الثالث تواليا، وأطلقت الهيئة على نشاطها "أسبوع الهجوم".
وفي مقابل تصعيد تحركها، وبعددعوة الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الى حسم هذا الملف، برز امس موقف مماثل للرئيس نبيه بري وأعضاء كتلته، فاعتبر "أن موقفنا جدي من موضوع سلسلة الرتب والرواتب، والمماطلة لم تعد مقبولة، ووزراؤنا سيثيرون هذا الموضوع قبل جلسة 21 من الجاري".
وفي معلومات لـ"النهار" ان موضوع الواردات لتغطية نفقات السلسلة قد يثار في جلسة مجلس الوزراء التي تسبق 21 آذار ليصار الى اقرارها واحالتها في تلك الجلسة التي ستشهد نقاشا حاميا في موضوع الهيئة المشرفة على الانتخابات.
ونقلت أوساط الرئيس بري امس عنه قوله: "نحن سنصوت ضد الهيئة في مجلس الوزراء، وسيلتزم كل وزراء الموالاة هذا الموقف، لأن قانون الستين انتهى، وقد تم اعتماده لمرة واحدة". وأضاف: "علينا اليوم التفاهم على قانون جديد. والمطلوب التوصل الى قانون توافقي يحفظ التمثيل المسيحي". وردا على سؤال، قال: "العماد ميشال عون سيوافق اذا لمس مشروعا توافقيا جديا. وسيكون أول الداعمين".

 

ولدى سؤال "النهار" رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع عن الاتصالات في شأن قانون الانتخاب، أجاب أن "لا جديد"، مبديا قلقه من الاوضاع في سوريا وانعكاساتها على لبنان.
وتناول "ادعاء حزب الله" انه يقاتل "جبهة النصرة" في حمص لئلا يضطر الى قتالها في بيروت، فقال: "هذا كلام مردود. فمن عليه ان يقاتل "النصرة" او غيرها من المتطرفين في بيروت او الهرمل او النبطية او زحلة او عكار او سواها، هو الدولة اللبنانية ومن ورائها الشعب اللبناني بأكمله، تماماً كما حدث مع "فتح الاسلام" في نهر البارد. الدولة قاتلت الارهاب بنفسها هناك وكان خلفها الشعب، وان باستثناء حزب الله". واضاف: "ان اعمال "حزب الله" في سوريا هي التي ستستجر "جبهة النصرة" الى لبنان".

 

واستحوذ ملف اللبنانيين المخطوفين في نيجيريا كارلوس ابو عزيز وعماد العنداري على الاهتمام والتعاطف بعدما رجحت السلطات البريطانية والايطالية واليونانية صحة نبأ اعدام "جماعة الانصار الاسلامية" الاجانب السبعة ومنهم اللبنانيان، بعدما كانت خطفتهم في 16 شباط الماضي.
ولزمت السلطات اللبنانية الصمت، وصرح وزير الخارجية عدنان منصور بأن شيئاً من هذا القبيل لم يتأكد بعد، فيما اكد والد العنداري ان نجله لا يزال حياً استناداً الى مصادر لم يكشفها.
وفيما يشهد الشارع عودة الحركة النقابية اليوم، كانت العاصمة امس مسرحاً لتظاهرة كبيرة للحزب الشيوعي اللبناني دعت الى رحيل الحكومة والى اعتماد سياسات مالية واجتماعية مختلفة، كما نظم "تجمع الهيئات النسائية والشبابية والمدنية" مسيرة وطنية دعت الى تحقيق المساواة والمواطنة الكاملة للمرأة في مناسبة يومها العالمي.

 

وفي معلومات خاصة بـ"النهار" ان مسؤولين اميركيين هما نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى لورنس سليغرمان، ونائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الطاقة آموس هوكستاين يصلان الى بيروت اليوم. وستكون لهما لقاءات مع الرؤساء الثلاثة وعدد من القيادات السياسية والفاعليات الاقتصادية، وسيتناولان في محادثاتهما الوضع اللبناني والاستحقاق الانتخابي وملف النفط والغاز.

رجحت السلطات البريطانية والايطالية واليونانية امس صحة نبأ اعدام "جماعة الانصار الاسلامية" النيجيرية لسبعة اجانب يعملون في شركة "ستراكو" اللبنانية للبناء في شمال نيجيريا، وهم يوناني وايطالي وبريطاني وسوريان واللبنانيان كارلوس ابو عزيز من بلدة درب السيم قرب صيدا وعماد العنداري من دار بعشتار في الكورة، الذين كانت خطفتهم في 16 شباط الماضي في نيجيريا وهو خبر كانت اعلنته "الجماعة" السبت الماضي.
وكان موقع "سايت" المتخصص في رصد المنتديات الالكترونية الاسلامية ذكر ان جماعة الانصار اكدت السبت انها "اضطرت الى تصفية الرهائن اثر محاولات الحكومتين البريطانية والنيجيرية تحريرهم وبسبب ما قامتا به من عمليات اعتقال وقتل وتجاوزات".
وكان وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور قال لـ"النهار" انه طلب الى القائم بالاعمال اللبناني في ابوجا وسيم ابرهيم، الاستفسار عن المعلومات التي اشارت الى مقتل المخطوفين الذين خطفتهم الجماعة في شمال البلاد سابقا وبينهم اثنان من اللبنانيين، من خلال تكثيف اتصالاته بالجهات النيجيرية المختصة والاستقصاء، ونقل عن ابرهيم تأكيده أن شيئا من هذا القبيل لم يتأكد بعد، وعليه لا تزال السلطات اللبنانية تلتزم الصمت، ولم يصدر عنها اي تأكيد رسمي لنبأ قتل المخطوفين السبعة وبينهم عنداري وابو عزيز.
وقال موظف في الشركة في نيجيريا انه ينتظر تأكيد السلطات النيجيرية لنبأ مقتل الرهائن. اما وزارة الخارجية الايطالية فقالت في بيان ان "التحريات التي اجريت بالتنسيق مع بلدان اخرى معنية تدفعنا الى الاعتقاد بصحة خبر قتل الرهائن الذين خطفوا الشهر الماضي في نيجيريا". واضافت:  "انه عمل ارهابي فظيع".
وأضاف البيان ان "الحكومة الايطالية تدين بأشد العبارات" تلك الجرائم وتندد "بالعنف الهمجي العشوائي" وتنفي في الوقت نفسه حصول عملية عسكرية في محاولة الافراج عن الرهائن من طرف الحكومات المعنية". بينما دان الرئيس الايطالي جورجو نابوليتانو ما وصفه بانه "جريمة قتل همجية".
كذلك اعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في بيان "بحزن كبير اؤكد ان عامل بناء بريطانيا كان محتجزا في نيجيريا منذ 16 شباط الماضي قتل على الارجح على ايدي خاطفيه مع الرعايا الاجانب الستة الآخرين الذين يعتقد انهم قتلوا ايضا بطريقة مأساوية". وندد هيغ بقتل الرهائن واعتبره "قتلا بدم بارد" وقال ان بريطانيا ستعمل مع الحكومة النيجيرية على محاسبة المسؤولين عن ذلك.
واضاف "هذا قتل بدم بارد، ادينه بأشد التعابير".
وقدم تعازيه الى عائلات الضحايا قائلا "ان الارهابيين يتحملون مسؤولية هذه النتيجة المأساوية" وشكر الحكومة النيجيرية على "مساعدتها وتعاونها".
وقالت الخارجية اليونانية في بيان ان "المواطن اليوناني المخطوف في نيجيريا مع ستة اجانب آخرين قتل".
وكان اللبنانيان والسوريان والبريطاني واليوناني والايطالي خطفوا في قرية جماري في ولاية بوشي بشمال نيجيريا، بحسب ما افاد مسؤول في الشركة.
وفي تبنيها لعملية الخطف، تحدثت "جماعة الانصار" عن "فظاعات ترتكب بحق الدين الحنيف من الدول الاوروبية في العديد من المناطق وبينها افغانستان ومالي".
وتعتبر "جماعة الانصار" فصيلا من جماعة "بوكو حرام" النيجيرية المسؤولة عن مقتل المئات في هجمات يشنها عناصرها في شمال نيجيريا ووسطها منذ عام 2009.

 

وفي لبنان اثار بيان "الجماعة" عن قتل المخطوفين السبعة اجواء قلق وترقب لدى عائلتي اللبنانيين العنداري وابو عزيز، والانسباء والاصدقاء.
 وخلال زيارة قامت بها "النهار" امس لمنزل ابو عزيز في درب السيم كانت واضحة على الجميع اجواء القلق والصمت والترقب، واعتذر أحد اقارب العائلة جورج عشي وهو خال ابو عزيز عن الادلاء بأي حديث، وقال ان عائلة كارلوس لن تتمكن من التحدث ايضاً، وزوجته "مرهقة جدا وسيحضر طبيب بعد قليل للاطلاع على وضعها، واولاده الثلاثة لم يبلغوا بأي شيء، مؤكدا "عدم تبلغ العائلة" أي معلومات رسمية او خاصة من الشركة التي يعمل لديها. وما سمعناه عن البيان كان من خلال الاعلام فقط "لكن لم نبلغ بنفي الامر ولا بتأكيده".
وفي حين أشار بيان "جماعة الأنصار" الى إنها "اضطرت الى تصفيتهم إثر محاولات الحكومتين البريطانية والنيجيرية تحريرهم، وبسبب ما قامتا به من عمليات اعتقال وقتل، وردًا على تحليق طائرات بريطانية حربية في سماء شمال البلاد"، تحدثت معلومات أخرى عن أن الرهائن قتلوا إثر عملية مشتركة نفذتها قوات خاصة نيجيرية وبريطانية
لتحريرهم.
والبيان الذي كشف مقتلهم أرفق بشريط فيديو مدته دقيقة ونصف دقيقة من الوقت، قالت الجماعة إنه للرهائن. ويظهر في بدايته مسلح يقف قرب عدد من الجثث وكان الليل قد شارف على الهبوط. أما بقية اللقطات فصورت وسط ظلام دامس واستعان المصور بمصباح صغير وأخذ لقطات قريبة لوجوه ثلاثة من أصحاب الجثث وبدت جميعها مضرجة بالدماء. لكن الشريط لم يتضمن تعليقاً شفوياً.

من يملك حقيقة ما آلت اليه أحوال الرهائن المخطوفين في نيجيريا منذ 7 شباط الماضي، وبينهم اللبنانيان عماد العنداري وكارلوس أبو عزيز؟ ومن نصدّق: ما أعلنه احد المواقع الاسلامية في نيجيريا عن تصفية الرهائن، أم ما يؤكده جوزف العنداري والد عماد لـ"النهار" نافيا مقتل ابنه، بحسب مصادر موثوق بها رفض الكشف عن هويتها.
وكانت جماعة "أنصار المسلمين في بلاد السودان" التي تتخذ من نيجيريا مقرا لها، أعلنت أمس انها قتلت سبعة مخطوفين أجانب كانت خطفتهم في 16 شباط من شركة "ستراكو" اللبنانية في نيجيريا، على اثر محاولة من القوات البريطانية والنيجيرية انقاذهم، بينما أشار مسؤولون بريطانيون الى ان لا معلومات لديهم عن مصير المخطوفين. وانتقد العنداري وسائل الاعلام كافة لنقلها الخبر المفجع الذي نزل على أهالي المخطوفين اللبنانيين كالصاعقة.
وعلى رغم الصورة التي ظهر فيها مسلحون عبر الانترنت يقفون على جثث ادعوا انها تعود للمخطوفين السبعة، فان والد عماد ووالدته، وزوجته، وابنه الصغير، وابنته التي ستولد بعد شهرين، وجميع أهالي دار بعشتار في الكورة لا يزالون مغمورين بالامل، منتظرين عودة عماد سليما معافى.
وكنا قصدنا دار بعشتار قبل الاعلان المأسوي. وعلى جانبي الطريق الضيق المفضي الى البلدة الكورانية المجروحة بأخبار عملية الخطف، كانت ثمة مسحة متألقة من الربيع، ممزوجة بصمت مقلق يخيم على بيت الأهل، على مقربة من الكنيسة التي تظللها شجرة سنديان دهرية، والبيوت المجاورة. الكل يضع يده على قلبه، مرتعبا، ساهيا، شاردا، صامتا، لكأننا في موقع تصوير أحد أفلام التشويق والرعب. وكان الجيران و"المحبون" يخرجون من بيت عماد ويتوجهون الى كنيسة القديس جاورجيوس للصلاة طالبين الفرج القريب.

بعيداً من التقارير الاستخباراتية والمشغولة، لا يبدي الناشطون الفلسطينيون في المخيمات الفلسطينية في لبنان اي حرج في القول إن الكلام على التوتر وحال الاستنفار في المخيمات لا يعدو كونه للاستهلاك في السياسة اليومية والاعلام اللبناني. والتوتر على ما يقول الناشط الاعلامي في "شاهد" محمود حنفي، مرده الى الحشود الكبيرة من اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا من سوريا، والذين وصل عددهم في ادنى تقدير الى ما يقارب 35 الفاً، استناداً الى شهادات ناشطي "شاهد" الذين يؤكدون ان مخيم عين الحلوة يعج بساكنيه القدامى والجدد، وكذلك مخيمات بيروت التي تعج بالآتين من مخيم اليرموك وسحم، وفي الشمال ايضاً حيث نزح الآلاف من الفلسطينيين من مخيم الرمل في اللاذقية بعد تعرضه للتهجير والقمع من قوات النظام السوري.
يتمسك الناشطون بفرضيتهم مقدمين ارقاماً ومشاهدات لأحياء ومنازل وغرف ومحال لم تكن تتسع لساكنيها المقيمين في لبنان، فكيف بهم مع عشرات الآلاف من اخوانهم الهائمين على وجوههم والذين ينشدون مسكناً "ينامون تحت سقفه"؟ وهكذا يمضي حنفي في شرحه ليقول: "الامور ليست كما يصوّرها الاعلام اللبناني الذي يبالغ في وصف الوضع السياسي ويغفل الاشارة الى الوضع الانساني المزري حيث يعيش العشرات وينامون في غرف داخل المخيمات أصبحت أشبه بالزنزانات المكتظة وليس بالبيوت".
أما الكلام على وجود قوى إسلامية أصولية، وتحديداً "جبهة النصرة"، فيرى الناشطون ان من يطلقه لا يعلم جيداً حقيقة الوضع الاجتماعي – السياسي في المخيمات، حيث ثمة تفاهم بين القوى الاساسية مثل حركتي "فتح" و"حماس" على الامساك بالأمن وابقائه في دائرة السيطرة ومنع الانفلات. وعلى ذمة الناشطين، ان القوى الاسلامية مثل "عصبة الانصار" وغيرها من القوى، تتمسك ايضاً بالحرص على اجواء التفاهم ومنع الحروب الصغيرة في المخيمات، كل لأسبابه الخاصة.
وعلى المقلب اللبناني، يفسّر المتابعون للوضع ما يجري، بمعادلة بسيطة تختصر بأن النظام السوري يفكر جدياً في إشعال المخيمات عقاباً لها على موقفها في سوريا وفي لبنان، وخصوصاً لجهة موقف "حماس" المؤيد للثورة. وثمة عامل آخر يتمثل ايضاً في فريق يفكر في إشغال "حزب الله" والتخفيف عن الثوار السوريين المنخرطين في قتال مع قوات الحزب المسلحة، من خلال إشعال جبهة لبنان، وأكثرها التهاباً محور المخيمات بكل امتداداته الطائفية والمذهبية.
ولا يغيب الوضع الاجتماعي المزري، الذي ازداد تفاقماً مع وصول موجات اللاجئين من مخيمات سوريا الى مخيمات لبنان، عن تحليل المتابعين اللبنانيين الذين يرون ان موقف الدولة اللبنانية بإلقاء تبعة الوضع برمته في المخيمات على وكالة "الاونروا" ليس إلا تهرباً من المسؤولية أو هروباً الى الأمام. وتالياً، فإن اعتماد سياسة النأي بالنفس في التعامل مع المخيمات الفلسطينية لا يجدي نفعاً، لأن المخيمات هي في قلب لبنان وقرب مفاصله الرئيسية، ولا يجوز التغافل عما يجري فيها من بؤس وتوتر ناجمين عن الضغط الاجتماعي الهائل.
لكن السؤال الأهم الذي يستوقف المتابعين للملف الفلسطيني يتجه ناحية السعي الدؤوب الى الترويج لمشروع فتنة فلسطينية داخلية او لبنانية – فلسطينية من خلال نشر اخبار عن قرب إعلان اطلاق "جبهة النصرة" في لبنان، وخروج مئات المقاتلين من المخيمات وعودتهم اليها او اعادة رفات مقاتلين اليها. والسؤال: كيف يمكن إخراج 500 مقاتل من اي من المخيمات الفلسطينية في ظل الرقابة التي يفرضها الجيش على هذه المخيمات؟ وفي التحليل المعلوماتي ان ثمة قوى سلفية داخل المخيمات يستهويها مشروع القتال والحروب الصغيرة، ولكن في المقابل تؤكد معلومات الناشطين، بل تجزم ان اياً من المخيمات الفلسطينية في لبنان لا يمكنه القبول بوجود "النصرة" لديه، واستعادة تجربة مخيم نهر البارد سواء في عين الحلوة او في البداوي مع كل ما قد يترتب على هذا الامر من نتائج مأسوية. ورغم ما يشاع عن عملية اعادة ترتيب لأوضاع حركة "فتح"، فإن التنسيق بينها وبين الاجهزة الامنية اللبنانية، اضافة الى التنسيق مع حركة "حماس"، يفضي حتماً الى ضبط الوضع والحد من مفاعيل التوترات العسكرية والميليشيوية، لأن ثمة قيادات وقوى اساسية تعتبر انها غير معنية بما يجري من توتير في لبنان.

نظم الحزب الشيوعي و"القوى الديموقراطية" تظاهرة امس "رفضا للقوانين الانتخابية الطائفية، ومن اجل قانون وطني على اساس لبنان دائرة واحدة مع النسبية، ودعما لهيئة التنسيق النقابية في تحركاتها لاقرار سلسلة الرتب والرواتب، ورفضا للفتنة المذهبية".
انطلقت التظاهرة صباحا من ساحة البربير في اتجاه السرايا، وشارك فيها الوزيران السابقان شربل نحاس وعصام نعمان، والامين العام للحزب الشيوعي خالد حدادة، ورئيس "حركة الشعب" نجاح واكيم، وشخصيات نقابية. وامام السرايا اطلق المتظاهرون هتافات ورفعوا شعارات منددة بسياسة الحكومة الاقتصادية والقوانين الانتخابية الطائفية وبموجة الغلاء، وسط اجراءات امنية مشددة للجيش والقوى الامنية. واستهل الوزير السابق شربل نحاس الكلمات منتقدا "سياسة الحكومة الحالية وسياسات الحكومات السابقة التي اهملت المناطق فانهارت الدولة". واضاف: "النأي بالنفس اكذوبة، ودفن الرأس بالرمال لا يحمي وطنا، والدولة هي التي تنشئ الطوائف بالقوانين لا العكس".
ودعا الى قيام الدولة المدنية، معتبرا ان "كل قانون يحصر التمثيل بمجموعات طائفية باطل"، مشيرا الى ان "عدم احالة السلسلة على مجلس النواب افقد الرئيس نجيب ميقاتي صفته الرسمية وعدم تصحيح الامور افقد المسؤولين هيبتهم".
وقال: "الخصم اوهن من بيت العنكبوت"، داعيا "القوى الديموقراطية" الى التخلص من العقد وترتيب اوضاعها، والى فرض جدول اعمال متحرر من جدول النظام وليس المطلوب اخذ موقع في اللعبة، بل تغيير قواعد اللعبة. فالمسألة ليست مطالب اجتماعية فقط بل تكمن في تغيير الواقع"، مؤكدا ان "النظام يتهاوى والتغيير ممكن".
ثم القى السيد محمود حيدر كلمة "هيئة التنسيق النقابية"، فأكد "استمرار الاضراب المفتوح حتى تحقيق المطالب"، وشكر "كل القوى الديموقراطية التي وقفت بجانب هيئة التنسيق في الدفاع عن مصالح الناس".
وقال واكيم: "سقطت كل الاقنعة واوراق التوت. ها هو لبنان يقف مجددا على شفير الهاوية بسبب سياسات النفاق طوال الفترة الماضية، ومنذ 20 سنة والطائف حتى الآن(...) لقد وعدونا بالبحبوحة فاذا بهم يغرقون البلد بالديون وعرضوا الوطن للبيع على ابواب السفارات".
وانتقد الدولة التي "لا تستطيع فتح طريق قطعها قاطع طريق، لانهم يقبضون من الجهة نفسها"، وقال: "ان لبنان يدفع اليوم بقوة الى اتون الحرب الاهلية وهو على بعد خطوات منها"، داعيا "القوى الديموقراطية" الى "اخذ دورها لوأد الفتنة ومقاومتها وادارتها بالوعي والعقل".
والقى السيد سايد فرنجية كلمة "الحركة الوطنية للتغيير" فانتقد "النظام الطائفي المهدد للسلم الاهلي"، مشيرا الى ان "الازمات جعلت القوى الطائفية خطرا على البلد والسلم الاهلي". ودعا الى قانون وطني على اساس النسبية، مؤكدا ان "الحكومة الحالية ماتت وهي تخضع لسياسة بنك النقد الدولي، الرافض لتحويل السلسلة".
ودعا حداده الى "رحيل النظام الذي اودى بوحدة البلاد نتيجة سياساته الطائفية"، داعيا الى "قانون انتخابي خارج القيد الطائفي وعلى اساس النسبية"، وقال: "حان الاوان لاسقاط هذا النظام ونريد للبلاد ان تكون مدنية ديموقراطية وعلمانية، وهذه الدولة لم تجلب سوى الخراب(...) والحكومة نأت بنفسها عن واجباتها الاجتماعية فقط، خدمة لمصالح كبار القوم والهيئات الاقتصادية"، وانتقد دور الاتحاد العمالي العام، داعيا الى حركة نقابية جديدة.

قصة الجراد الذي اجتاح لبنان خلال الحرب العالمية الاولى عام 1915 راسخة في ذاكرة اللبنانيين. إنها فصل مرير مفعم بصور مؤلمة لمساحات شاسعة من الاخضرار اجتذبت ملايين من هذه الحشرات الضارة، سرعان ما حوّلت تلك المساحات يباساً. وفي عام 2004، اجتاحت بعض أسرابه ساحل جبيل وعمشيت وبلاط ومستيتا وقرطبون وصولاً الى حالات مخلفة أضرار ليست بكثيرة. فهل يتكرر مشهد توافد أسراب الجراد على محاصيلنا الزراعية في مناطق لبنان مع وصول أسرابه إلى إسرائيل أخيراً؟

بإيجاز، الجراد حشرة من فصيلة النطاط Acrididae واسمها العلمي Schistocerca gregaria. ويختلف الجراد عن النطاط (القبوط) بما لديه من قدرة على تغيير في السلوك والنواحي الفزيولوجية الخاصة به، وخصوصا اللون والشكل الخارجي وفق التغيرات في كثافته العددية، فمثلا حين تكون الاعداد قليلة يتصرف الجراد بصورة فردية (المظهر الانفرادي)، وحينما تكون أعداده كبيرة فانه قابل للتصرف كمجموعة واحدة (المظهر التجمعي).
أما أسباب ظهور الجراد، فمرتبطة بعدم اعتدال المناخ وانحباس المطر وعدم التوازن الطبيعي. فالعوامل التي تتحكم في هجرة الاسراب تكون عند حصول نقص في الغطاء النباتي، مما يدفعها للهجرة معتمدة على وجود رياح دافئة بالدرجة الكافية القادمة من الاتجاه المناسب (وهو ما جرى عام 2004 حين حملت الرياح بعض مجموعات الجراد ذات اللون الاحمر غير الناضجة جنسيا من الصحراء الليبية الى الشواطئ اللبنانية).
ويعدّ الجراد الصحراوي من أخطر الأنواع المعروفة، ويشكل أزمةٌ جديدة تضاف إلى يوميّات الدول العربيّة، بدءاً بمصر ومن دون منتهى واضح إلى الآن، إذ يغزو منذ فترة مناطق شاسعة لا تقلّ عن 29 مليون كلم مربّع، وتشمل57 بلدا، وتشكّل نحو 20 في المئة من إجمالي سطح الأرض مما يؤثر في غذاء 10 في المئة من سكان العالم. يشار إلى أن الجراد الصحراوي ينتقل بسرعة 20 كيلومتراً في الساعة بواسطة الريح، ويستطيع الطيران لمدة تتراوح بين 6 إلى 18 ساعة في اليوم يقطع خلالها أكثر من 150 كلم، ويملك قدرةً عالية على التكاثر.

 

وفق تقارير منظمة الأغذية الزراعة العالمية للأمم المتحدة "الفاو" وبحسب النشرة اليومية التي تطلع عليها وزارة الزراعة، والتي تؤكد أن "لبنان ليس في دائرة الخطر وليس من الدول التي ستتعرض لتوافد الجراد"، وفق ما جزم على نحو قاطع مستشار وزير الزراعة الدكتور صلاح الحاج حسن لدى سؤاله عن الموضوع، "ورغم ذلك، يجب الاحتراز والتنبه واتخاذ الإجراءات اللازمة".
ثمة طرق لمكافحة الجراد، أهمها، ميكانيكية: حفر الخنادق والضرب والحرق.
- الطعم السام: نثر غذاء للجراد مخلوط مع المبيد الحشري.
- التعفير: استخدام غبار ذي حبيبات دقيقة مخلوط مع المبيد الحشري.
- رش المبيدات الحشرية السائلة (كيميائية او حيوية).
أما مواد الرش أو المبيدات المتوافرة لدى وزارة الزراعة لمكافحة الجراد في حال وصل فجأة، فهي على ما يفيد الحاج حسن، "مواد بيولوجية، وهي عبارة عن فطر تستخدم لمكافحة الجراد إلى أن تقضي عليه مع أنها تحتاج إلى بعض الوقت، بينما تستعمل عادة المبيدات التي تقضي على كل أنواع الحشرات بما فيها أسراب الجراد بالملامسة، وهنا قد تكون قضت عليها بسهولة. وهذا النوع من المبيدات هو الأهم وتستعد الوزارة إلى توفيره بكميات وفق ما تقضي الحاجة".
يشير الحاج حسن إلى أن وزارة الزراعة "تملك المبيدات الكافية لمكافحة الجراد في ما لو هجم إلى لبنان منعاً لحصول أضرار على المحاصيل الزراعية"، إلا أنه يعود ويكرر أن لبنان ليس ضمن خريطة هذه الآفة، وإن الوزارة تتابع يوميا وبشكل متواصل، المعلومات مع منظمة "الفاو" وتدرس التقارير التي تصدرها "مركزة على أمرين بالغي الأهمية: النشرة الجوية لمعرفة كيفية اتجاه الرياح، ومعها عملياً كيف سيتحرّك الجراد".

على رغم ان صورةَ قانونِ الانتخاب للاستحقاق النيابي المقبل وامكان إجراء الانتخابات في موعدها لا تزال غيرَ واضحة، تبقي حركات بقاعية فاعلية عالية في التحضير لهذه الانتخابات حيث تنشط حركة "قرار بعلبك – الهرمل" في إقامة لقاءات تشاورية للحركة مع شخصيات المنطقة وتضم اهالي قرى شرق وغرب بعلبك في "مطعم التل" في السفري.
مواقف عدة اعلنها السيد علي صبري حمادة، نجل الرئيس السابق لمجلس النواب في وجه الثنائي الشيعي "امل" و"حزب الله" من دون تسميته محملا اياه المسؤولية عن الوضع الاقتصادي والامني في قضاء بعلبك - الهرمل وغياب المنطقة عن الساحة السياسية.
وأكد حمادة ان: "اللقاء خطوة إيجابية في مسيرة المنطقة بعدما شهدت تمحورا على معسكرين 8 و14 آذار فيما الوطن يتدهور، وبتنا نخشى المستقبل نتيجة التمحور على الطائفة والحزب فلم نعد نشعر بوطن يحمينا". وسأل عن المراسيم التطبيقية لمحافظة بعلبك - الهرمل و"وضع المنطقة التي يسودها الفلتان الامني، وابرزها عملية الخطف وسرقة السيارات من دون ان يتصدى أحد لذلك في ظل آداء كارثي يجعلهم يتسترون وراء شعارات المقاومة أحيانا والتمثيل المسيحي أحيانا وشعارات أن الطائفة السنية مهددة، فكلنا قاومنا وكل منا مقاوم ولا يزايدن أحد منا على الآخر فالمقاومة تكون بمجتمع منتج وليس بمجتمع بعيد عن المستقبل يعتمد على المساعدات".
 وأضاف: "يخيفون الناس من فتنة سنية - شيعية ويضعون اللوم على الدول الخارجية، لكن علينا أن نسأل أنفسنا ماذا فعلنا؟ على حدودنا أزمة شرسة وما هي مصلحتنا في أن ندخل في أزمة لا نستطيع تحمل تبعاتها؟ وأكثر ما يمكن أن نقوم به هو العمل على مساعدة اللاجئين، أما التدخل في السياسة والعسكر فهذا عاقبته وخيمة وهو غلطة تاريخية. في هذا الموضوع، نقف بجانب الحكومة ونؤيد سياسة النأي بالنفس ونلتقي معها على هذا الموقف".
بدوره، شدد حسن مظلوم على "استعادة قرار بعلبك - الهرمل من خلال لقاءات تشاورية تعقد في منطقة البقاع"، معلنا عن لقاءات في الأسابيع الثلاثة المقبلة في بعلبك واللبوة في البقاع الشمالي والهرمل وجرودها.

نظم "تجمع الهيئات النسائية والشبابية والمدنية" لمناسبة يوم المرأة العالمي "المسيرة الوطنية من اجل تحقيق المساواة والمواطنة الكاملة للنساء" بمشاركة الوزيرة السابقة وفاء الضيقة حمزة ممثلة السيدة الأولى وفاء سليمان والدكتورة فاديا كيوان. وشارك الوزيران السابقان بيار دكاش ومنى عفيش وعدد من اساتذة الجامعة اللبنانية والمحامين وجموع نقابية وحزبية ومنظمات نسائية وهيئات حقوق الانسان.
انطلقت المسيرة من امام قصر الاونيسكو، ومن ثم توقفت امام وزارتي الداخلية والاعلام والسياحة. ورفع المشاركون المطالب الآتية: نريد قانونا مدنيا للاحوال الشخصية. إقرار حق المرأة في منح جنسيتها لأولادها. إقرار الحقوق المدنية والاقتصادية للاجئات الفلسطينيات. إقرار الكوتا النسائية بنسبة 33% على الاقل في الهيئات المنتخبة كلها وفي مواقع صنع القرار. المساواة بين الجنسين في القانون الضريبي وفي قوانين الضمان الاجتماعي. وإقرار قانون حماية النساء من العنف الاسري.
وتصاعدت الهتافات عبر مكبرات الصوت: "يا مسؤول وينك وينك، في قوانين بيني وبينك، وين قانون الجنسية، والاحوال الشخصية، وين قانون العنف وين صارت بالادراج مخفية".
وأطلقت عميدة المناضلات اللبنانيات ليندا مطر صرخة باسم التجمع وقالت: "ها هي سنة اخرى ظلماء تضاف الى سنوات الظلمة والخيبة لدى المرأة اللبنانية، نحن في سنة 2013 وما زال قانون الجنسية ينص صراحة على حق المواطن الذكر في منح الجنسية لزوجته واولاده، بينما تحرم المواطنة من هذا الحق، وما زالت الدولة تتهرب من الالتزام بنص اتفاق "سيداو" الذي ينص صراحة على اتخاذ تدابير استثنائية لضمان مشاركة المرأة في السلطة وفي صناعة القرار السياسي".
وقالت مطر: "لن نقبل بعد اليوم ان نكون مواطنات من الدرجة الثانية، نريد حقنا في المساواة في شتى الحقول وفي صنع القرار السياسي والاداري والاجتماعي، وفي قانون يحمي النساء من العنف الاسري، وفي قانون جنسية يساوي بين المواطن والمواطن وفي قانون مدني لبناني للاحوال الشخصية، وفي قانون الكوتا والتوصية الصادرة العام 1995 في مؤتمر بيجينغ".

اسفرت نتائج الانتخابات التمهيدية الفرعية في نقابة المهندسين في بيروت، عن فوز القوى الهندسية التابعة لـ8 آذار بالفرع الثالث (فرع الكهرباء الاستشاريين)، فيما فازت القوى الهندسية التابعة لـ14 آذار بالفرع الرابع (فرع الميكانيك الاستشاريين). كذلك فازت 14 آذار بأربعة مقاعد في الفرع الخامس (فرع المتعهدين)، في حين فازت 8 آذار بمقعد
واحد. وشهد الفرع الخامس، معركة حامية بين القوى الهندسية المتنافسة، حقق بنتيجته المرشح بيار جعارة (14 آذار) الرقم القياسي عن هذا الفرع.

بعد ايام على الشائعة التي تحدثت عن سحب ودائع سعودية بقيمة مليار دولار من لبنان، سجلت تحركات على مستوى المرجعيات المعنية بالسياستين النقدية والمالية فيما تحركت الهيئات الاقتصادية في اتجاه الرياض، اذ سمعت من نائب رئيس الحكومة الامير مقرن بن عبد العزيز حرص المملكة على العلاقات ورغبتها في رؤية الاستقرار "ليبقى لبنان يؤدي دوره الريادي في المنطقة".
ففي نهاية الاسبوع، نفى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ما تردد عن سحب الودائع السعودية على خلفية المواقف التي اتخذتها دول الخليج من سياسة بعض اللبنانيين حيال الوضع السوري، مؤكدا ان الودائع المصرفية زادت في كانون الثاني، "وتدخل شائعات مماثلة في اطار الصراع السياسي وتبادل الاتهامات بين الافرقاء اللبنانيين، وهي تنعكس سلبا على المناخ المالي والاقتصادي في البلد". وقال انه سيقوم بجولة في الايام المقبلة تشمل ثلاث محطات خليجية، اذ سيشارك في اجتماعات مالية ومصرفية في دبي وابوظبي، اضافة الى اجتماع حكام المصارف المركزية في الرياض.
بدوره، استغرب وزير المال محمد الصفدي ما نشر عن سحب اموال سعودية، موضحا ان النظام المصرفي في لبنان "يضمن اساسا حرية انتقال الاموال وسريتها، وتاليا فان للمودعين حرية التصرف باموالهم كما يشاؤون". ولم ير اي موجب لا مالي ولا امني ولا سياسي لسحب اموال سعودية، حكومية او خاصة، "لان الثقة قائمة ومتبادلة بين لبنان شعبا وحكومة، وبين المملكة شعبا وقيادة. فالمملكة تدعم الاستقرار السياسي والامني والمالي في لبنان، وهي اثبتت ذلك في محطات مفصلية من تاريخنا المعاصر".

 

وفي نهاية الاسبوع، زار وفد من رؤساء الهيئات الإقتصادية برئاسة الوزير السابق عدنان القصّار، الرياض في إطار زيارة رسمية التقى في خلالها النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير مقرن بن عبد العزيز، وقدّم له التهنئة لمناسبة توليه منصبه الجديد، اضافة الى عرض العلاقات اللبنانية - السعودية ودور المملكة على صعيد دعم لبنان ومساندته. ورحّب الأمير مقرن بوفد الهيئات، وشكر زيارتها معلنا أن اللبنانيين على اختلافهم، مرحّبا بهم في المملكة "بلدهم الثاني". ونقل حرص المملكة على أفضل العلاقات مع لبنان، نافيا ما يشاع عن توجّهها لاتخاذ إجراءات في حق اللبنانيين العاملين فيها، ومعلنا حرصها على وجود الجالية اللبنانية على أراضيها، "وهم دائما محلّ تقدير لدى قيادة المملكة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز".
وفق بيان اصدرته الهيئات، اكد الأمير مقرن للوفد استقرار سياسة المملكة حيال لبنان، "وهي لن تتبدّل، لأنّ للبنان محبة خاصة عند المملكة وخصوصا عند خادم الحرمين الشريفين الذي سيظل داعما للبنان ولاقتصاده، وسيظل على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين، لأنّ الإستقرار في لبنان بالنسبة الينا يشكّل مدخلا أساسيا ليظل لبنان يؤدي دوره الريادي المعروف على مستوى المنطقة". واشاد بدور الهيئات الاقتصادية "نظرا الى ما تمثّله من صورة تعكس حقيقة لبنان ودوره"، وطمأنها الى عدم وجود نية للملكة بسحب أي ودائع سعوديّة، سواء من جانب المستثمرين أو من جانب الحكومة السعودية من المصارف اللبنانية، مشيرا إلى أنّ الأمر "لا يعدو كونه شائعة من ضمن الشائعات التي صدرت في الآونة الأخيرة".
من ناحيته، اكد القصّار أن المملكة هي في قلب جميع اللبنانيين الذين لا يستطيعون إلا أن يشكروا خادم الحرمين الشريفين على مواقفه الداعمة للبنان ولاستقراره". وأوضح أن الإساءات التي صدرت عن بعض اللبنانيين، لا تعبّر بأي من الأشكال عن شيم اللبنانيين الذين لا يمكنهم أن يردّوا جميل المملكة التي دعمت لبنان إقتصاديا وماليا، واستضافت ولا تزال مئات آلاف العائلات بهذه الإساءات الرخيصة". وأبلغ القصّار الأمير مقرن أنّ هذا الموقف، يمثّل أيضا موقف المسؤولين السياسيين اللبنانيين، "وفي مقدمهم الرئيس العماد ميشال سليمان الذي أبلغني نقل تحيّاته إلى خادم الحرمين الشريفين وإلى سموّكم، وتأكيده وحرصه على إقامة أفضل العلاقات مع البلدان العربية ومنها الخليجية، ولا سيّما السعودية".
إلى ذلك، زار وفد الهيئات الإقتصادية الرئيس سعد الحريري في مقر إقامته في الرياض، وشكّل اللقاء مناسبة للبحث في الأوضاع اللبنانية ولا سيّما ما يتعلّق منها بالشأن السياسي والإقتصادي والأمني، وجرى التأكيد من الجانبين على ضرورة ترسيخ الوحدة الوطنية في ظل المرحلة الدقيقة التي يمر فيها لبنان نتيجة الظروف المضطربة في المنطقة العربية.
وأكّدوا أهمية إبعاد لبنان قدر المستطاع عن مفاعيل الأزمة السورية. وعلى هذا الأساس، دعا المجتمعون إلى ضرورة الكف عن تعريض مصالح لبنان واللبنانيين للخطر، "وأهمية اعتماد الخطاب السياسي العقلاني حيال البلدان الخليجية التي شكّلت ولا تزال صمّام أمان للبنان ولنموه وتطوّره".
كذلك تداول المجتمعون في الموضوع الإنتخابي، وجرى تأكيد أهمية إجراء الإنتخابات في موعدها الدستوري بما يساعد في ترسيخ الإستقرار في لبنان.
وثمّن الرئيس الحريري الدور الذي أدته الهيئات الاقتصادية ولا تزال، ويفضي الى صمود الإقتصاد اللبناني والمحافظة على نموّه رغم الظروف التي مرّ ويمرّ فيها، داعيا الهيئات إلى استكمال هذا الدور "لأنّ القطاع الخاص اللبناني كان ولا يزال يشكّل العمود الفقري لتطوّر الإقتصاد اللبناني وازدهاره".

ليست هي المرة الاولى التي يتناول فيها المغرضون أحوال الاقتصاد والنقد والقطاع المصرفي، وربما لن تكون الاخيرة، ما دام الهدف سياسيا لتسجيل انتصارات في معزل عن حجم الاضرار التي تحدثها شائعات الازمات الموسمية.
من الآخر، الليرة بخير ومدعومة من مصرف لبنان واحتياطه الاجنبي الذي تجاوز الـ 36 مليار دولار. ثابتة لم ترسخ في ذهن بعضهم رغم تكرارها مرارا من حاكم المركزي نفسه. فالمحاولات تستمر للنيل من الثقة، لكنها تفشل ايضا بعدما خبرت هندسات ابتكرها رياض سلامة لجبه استحقاقات وتحمّل صدمات كانت كفيلة باحداث انهيارات في دول اخرى. في الكلام أقرب الوقائع: شباط 2005، تموز 2006 وايار 2008. هي أبرز محطات "معمودية النار" التي تجاوزتها الليرة والقطاع المصرفي الذي لم يهتز يوم اتُهم بإيواء المليارات السورية في سيارات الاجرة ولا بضغوط الخزانة الاميركية.
اليوم، محاولة جديدة بعد فشل اعادة احياء ملف بنك المدينة والعجز من النيل حتى ممن وردت اسماؤهم في لائحة الفصل الاخير. توحي الشائعة بتهديد يصيب الليرة والقطاع المصرفي بعد سحب مليار دولار من ودائع السعوديين في لبنان (!). لم يُعلن مصدر الخبر، لكنه قُدّم في اطار خليجي أشمل، ردا على "تطاول" طال دول الخليج سواء من العماد ميشال عون ام من وزير الخارجية عدنان منصور.
خبر لم تهتز له الاسواق المالية نهاية الاسبوع، وقوبل بأكثر من نفي... بدءا بحاكم مصرف لبنان مرورا بالهيئات الاقتصادية ومصرفيين وصولا الى وزارة المال. وفي المبررات ما هو مقنع، اذ يتيح النظام الاقتصادي للبنان حرية تحرك الاموال مع سرية تحفظ هوية المتعاملين.
اصابة غير قاتلة، وهذا من حسن الحظ. فالليرة محمية جيدا من مصرف لبنان ومن قطاع مصرفي قارب حجمه اربعة اضعاف الناتج المحلي الاجمالي، ولا غبار على ادائه لحكمة من اداراته. لا خشية على الليرة ولا على اقتصاد انهكته السياسة، لان فسحة هدوء صغيرة كفيلة باحداث نمو قادر على تخطي معدل 3% هذه السنة.
هدم الاقتصاد حرام. فالفرص مقبلة من البحر قبل البرّ، ثروات نفطية تضمن للبنان موقعا في نادي الدول النفطية. الفرص عينها دفعت، وفق "رويترز"، شركة "لوك أويل" ثاني أكبر شركة منتجة للنفط في روسيا الى المشاركة في دورة التراخيص للتنقيب في مياهنا الاقليمية بالاشتراك مع "توتال" الفرنسية.
الليرة بخير. والمصارف ايضا. والاقتصاد ليس في اسوأ احواله. فلتكف السياسة شرّها عنه ليعود الى تعويض ما فاته، وليقتنص فرصا قد لا تتاح له مرة جديدة.