تحليل سياسي

إسرائيل تستعد لحرب تزعزع الاستقرار في الخليج

تاريخ الإضافة الأحد 5 كانون الأول 2010 - 6:00 ص    عدد الزيارات 2740    التعليقات 0    القسم دولية

        


إسرائيل تستعد لحرب تزعزع الاستقرار في الخليج

حرص الرئيس الراحل رفيق الحريري على زيارة طهران عقب تسلمه مهمات رئاسة الحكومة.
واخبر المسؤولين الايرانيين انه متعاطف بقوة مع دور "حزب الله" ولكنه يتمنى مساعدته على بناء دولة القانون، وذلك عبر التنسيق مع الدولة اللبنانية.
وشكره الايرانيون على ثقته الغالية بقدرتهم، وابلغوه ان وزير الخارجية فارس بويز كان سبقه الى طهران للغاية نفسها.
وكما اعتذروا للوزير بويز، كذلك اعتذروا للرئيس الحريري، على اعتبار ان "حزب الله" مستقل في قراراته، وان المساعدات التي يرسلونها الى الجنوب لا تتعدى حدود المجادلات الانسانية والخدمات الاجتماعية.
بعد مرور اكثر من 18 سنة على زيارة الحريري الاولى، حاول نجله سعد، امتحان قدرة الايرانيين لعلهم يضاعفون مستوى التنسيق السياسي مع الدولة المركزية.
وفاجأه مرشد النظام السيد علي خامنئي بتأكيد دعمه لاستمرار المقاومة الاسلامية الى حين زوال اسرائيل من الوجود.
واعطى خامنئي لحجته سببا اضافيا معتبرا ان استمرار المقاومة مرتبط بنيات اسرائيل العدوانية، واحتمال تكرار عملية احتلال لبنان حتى طرابلس بهدف محاصرة سوريا.
ويُستنتج من كلام الرجل الاقوى في ايران ان قضية سلاح "حزب الله" ليست خاضعة لانسحاب اسرائيل الكامل من الأراضي اللبنانية فقط، وانما تخضع لفكرة ازالة اسرائيل من الوجود.
ومثل هذا التصور الذي ردده الرئيس محمود احمدي نجاد في نيويورك وبنت جبيل، يعكس الى حد كبير افكار اعلى شخصية دينية – سياسية في ايران.
من هنا يرى عدد من نواب لبنان، انه من الضروري مراجعة موقف الدولة في ضوء مواقف ايران وسوريا اللتين تعتبران لبنان حاجزا جغرافياً يمنع تصادم اسرائيل وسوريا. وقد لا يزول دور هذا الحاجز العازل قبل استرجاع الجولان وقيام الدولة الفلسطينية!
ولكن هذا التصور اصبح مقلقا بعدما نجحت اسرائيل في توظيف خطب الرئيس احمدي نجاد من اجل استدرار العطف عليها خصوصا انها ركزت في حملتها المضادة على اتهام قادة طهران بالتخطيط لتنفيذ "الهولوكوست الثاني". لذلك هددت بضرب المنشآت النووية الايرانية من موقع الدفاع عن النفس والردع الوقائي، مثلما فعلت سنة 1981 مع مفاعل "تموز" العراقي.
قبل انعقاد مؤتمر الحلف الاطلسي الاخير قدم الرئيس باراك اوباما الى بنيامين نتنياهو رزمة رشاوى – سياسية وعسكرية - لاقناعه بالعدول عن مهاجمة ايران. ومع ان اسرائيل ليست عضوا في "الناتو" الا ان قادة هذا الحلف تعهدوا بحماية امن اسرائيل في حال تعرضت لخطر الصواريخ الايرانية المنصوبة في جنوب لبنان وقطاع غزة.
في السابق كان مشروع الدرع الصاروخية الاميركية يحمي اسرائيل ضمن مظلته الوقائية القضائية، ولكنه اليوم تحول الى مشروع اطلسي، علما بأن وزارة الدفاع الاسرائيلية تملك منظومة صواريخ ردعية متطورة مثل "باتريوت" و"آرو".
وكان لافتا في الجلسة الختامية ان تركيا افلحت في مساعيها الديبلوماسية لمنع ذكر ايران كدولة تمثل خطرا على الدول الاطلسية يفترض ان تتصدى لها الدرع. ويقال في هذا السياق ان رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان اصر على اتخاذ هذا الموقف في سبيل دعم التكتل الذي ضم بلاده، اضافة  الى 14 دولة تنتمي جغرافيا الى الشرق الاوسط والبلقان والقوقاز. وظهرت قاعدة هذا التكتل في الدول المؤسسة: تركيا وسوريا وايران.
للرد على هذا التكتل الاقليمي، تسعى اسرائيل بدعم من الولايات المتحدة، الى انشاء تكتل مضاد يجمع: اليونان وبلغاريا وقبرص اليونانية ورومانيا وصربيا ومونتينغرو ومقدونيا وكرواتيا.
ورأى المراقبون في هذا التكتل موقفا مناوئا لتركيا التي ظهرت في الحقبة الاخيرة كقوة تهديد متعاونة مع ايران. كذلك اعتبر رئيس وزراء اليونان باباندريو ان الازمة الاقتصادية الاخيرة كشفت له عن خيبة امل كبرى من الدول العربية التي ايدتها اليونان ستين سنة. ولما طلب منها المعونة احجمت عن تقديم مساعدات اقتصادية او المشاركة في حقول الاستثمار. واستغل باباندريو هذا الموقف السلبي، لتعزيز علاقاته باسرائيل. وعين وزيرا خاصا لتطوير هذه العلاقات، في حين كلف نتنياهو نائب وزير الخارجية، داني ايالون للقيام بمهمة التنسيق السياسي بين البلدين.
كذلك مشت بلغاريا شوطا بعيدا في مجال التعاون الامني مع اسرائيل. وقد عززت هذا الاتجاه الزيارة الخاصة التي قام بها الشهر الماضي رئيس "الموساد" الذي التقى رئيس وزراء بلغاريا في زيارة وصفت بأنها ناجحة جدا.
مظلة الحلف الاطلسي لم تمنع الولايات المتحدة من ابقاء الخيار العسكري حياً لدى اسرائيل. وقد عبر عن هذا الخيار نائب اوباما جو بايدن في سلسلة تصاريح قال فيها: ان اسرائيل كدولة ذات سيادة، لها الحق في أن تقرر حماية مصالحها وأمنها، سواء وافقت أميركا على ذلك أم لم توافق!
وكان من الطبيعي أن يوظف نتنياهو موقف بايدن لاستكمال الاستعدادات الحربية، كأن المواجهة ستحدث فور الاعلان عن انتاج قنبلة نووية ايرانية. لذلك حصلت على غواصتي صواريخ المانيتين من طراز "دولفين". ويقول الخبراء ان سلاح البحرية الاسرائيلية يملك خمس غواصات حديثة مجهزة بصواريخ بالستية وذرية، لها قوة ردع فعالة. وهناك خمس دول في العالم تملك مثل هذه الغواصات هي: الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا. ومع وصول الغواصتين الحديثتين تصبح القوة الاسرائيلية في هذا المجال، الثالثة قبل الصين وفرنسا وبريطانيا.
المانيا أنفقت على كل غواصات "دولفين"، تحملت كامل تكاليف الغواصتين الاولى والثانية ونصف انتاج الثالثة والرابعة.
أما بالنسبة لسلاح الجو الاسرائيلي، فقد وعد أوباما بمنح عشرين طائرة من طراز "اف - 35" المسماة "الشبح" مقابل قرار تجميد المستوطنات. ولكن اسرائيل موعودة ايضاً بعشرين طائرة مماثلة تقتطع تكاليفها من المساعدات العسكرية الاميركية. وتبلغ كلفتها مليارين وسبعمئة مليون دولار. ومن مزاياها أنها قادرة على تضليل الرادار والاقلاع والهبوط بصورة عمودية.
وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك تحدث هذا الاسبوع، عن حصول الجيش على نظام حماية لدبابات "ميركافا"، ضد الصواريخ يدعى "معطف الريح". وهو يزعم ان شركة "رفائيل" طورت نظام الوقاية هذا، بهدف حماية الدبابات من الصواريخ الخارقة التي أحرقت عدة دبابات ميركافا ومنعتها من التقدم في حرب صيف 2006. وبما أن الجيش السوري وفرق الانتحار داخل "حزب الله" اعتمدت سلاح الصواريخ المضادة للدبابات كنظرية قتالية تكتيكية، فإن باراك يتوقع استخدام "معطف الريح" في الحرب المقبلة. وهو يدّعي أن الاختبارات أثبتت جدواها بدليل أن الجيش الاميركي في افغانستان باشر في استخدامها.
قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" ان ايران بصدد اقامة قاعدة عسكرية لصواريخ أرض - أرض في فنزويلا. وذكرت ان هذا الكشف نُشر في جريدة "دي فولت" الالمانية التي أعدت تحقيقاً شاملاً حول توطد العلاقة بين طهران وكاراكاس، وبين الرئيسين هوغو تشافيز ومحمود أحمدي نجاد.
ويرى المحللون أن الصحيفة الالمانية تعمدت الاساءة الى الرئيس نجاد من طريق إظهاره في دور خروتشيف الذي هدد الأمن الاميركي يوم نشر صواريخ في كوبا. كما تريد بالتالي تبرير خطط التآمر ضد تشافيز لأنه سمح للحرس الثوري الايراني ولاعضاء من "حزب الله" بانشاء قاعدة مشتركة في كاراكاس هدفها التمدد في أميركا اللاتينية.
والغرض من وراء هذه التسريبات الصحافية الملفقة استفزاز واشنطن وحثها على دعم اسرائيل في حال قررت توجيه ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الايرانية. خصوصاً أن القدرة الردعية الايرانية تتعارض مع أهداف الولايات المتحدة التي تعتبر موارد الطاقة في الشرق الأوسط أولوية قصوى منذ الحرب العالمية الثانية. لذلك تنظر واشنطن الى تمدد النفوذ الايراني في اتجاه منطقة الخليج، كتهديد متواصل يزعزع استقرار مصالحها الحيوية. ولكنها في الوقت ذاته لا تسمح لاسرائيل بالعمل العسكري المستقل لسببين: أولاً- لأن ايران سترد على الاعتداء الاسرائيلي بضرب مصالح الولايات المتحدة وحلفائها الاوروبيين والعرب. وثانياً- لأن الاعتداء سيحدث موجة عدم استقرار في المنطقة يصعب على الولايات المتحدة لجم تفاعلاتها السلبية.
الاسبوع المقبل تبدأ في جنيف مفاوضات الدول الكبرى حول البرنامج النووي الايراني. وقد وصفت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون مشاركة ايران في الاجتماعات بأنها خطوة مشجعة. في حين اعتبرتها اسرائيل مضيعة للوقت وفرصة لشراء مزيد من المساندة الاقليمية والدولية. ويتوقع المراقبون أن يطرح المندوب الايراني فكرة عقد مؤتمر دولي يؤسس لقيام منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الاوسط.
لما عرضت مصر هذا الاقتراح في السابق، اشترط الرئيس أوباما للموافقة، إنهاء مشروع السلام بين العرب واسرائيل. وهذا معناه استئناف المفاوضات 35 سنة أخرى!

سليم نصار      


المصدر: جريدة النهار

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,305,900

عدد الزوار: 6,986,608

المتواجدون الآن: 76