تقارير...أكراد سوريا يسيرون على خطى «كردستان العراق»...

"إلهام" القاعدة مفتاح التحقيق في انفجاري بوسطن...جدول أعمال للوزير هيغل أثناء زيارته لمصر

تاريخ الإضافة الجمعة 26 نيسان 2013 - 7:02 ص    عدد الزيارات 1860    التعليقات 0    القسم دولية

        


"إلهام" القاعدة مفتاح التحقيق في انفجاري بوسطن

إيلاف...لميس فرحات         

اكتشف المحققون أن مفجري ماراتون بوسطن استقيا وصفة تحضير القنابل التي استخدماها من مجلة Inspire الالكترونية التي ينشرها تنظيم القاعدة، ورجحوا أنها كانت المؤثر الأساسي في اتخاذهما قرار الهجوم.

بيروت: يعتبر مكتب التحقيقات الفيدرالي أن مجلة Inspire أو الإلهام الاكترونية، التي ينشرها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، جزءًا اساسيًا في التحقيق في تفجيري ماراثون بوسطن، بعد أن اتضح أن الأخوين تيمورلنك وجوهر تسارناييف، المتهمان بتنفيذ الهجوم، قرأا هذه المجلة الإلكترونية.

وقال مسؤولون أميركيون إن تيمورلنك تسارناييف (26 عامًا) كان قارئًا نهمًا لمجلة "إلهام" ومواقع الدعوة إلى الجهاد العنيف. ويشار إلى أن المجلة هذه، الموجودة بشكل روتيني على أجهزة الكمبيوتر في تحقيقات مكافحة الإرهاب في بريطانيا، تحتوي على الإرشادات الأساسية لصنع قنبلة بواسطة قدور الضغط المستخدمة في المطابخ، والتي استخدمها مفجرا ماراتون بوسطن.

ويرى المحققون أن هذه المجلة تستهدف الأشخاص الذين يريدون أن يكونوا جهاديين في الولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا وكندا، بهدف تشجيع الإرهاب الداخلي، وما يعرف بهجمات الذئب الوحيد، أي التي ينفذها شخص واحد.

قنابل منزلية

تحت فقرة بعنوان "شيف القاعدة"، تقدم المجلة وصفات منزلية لصنع القنابل، مع تعليمات بشأن السبيل الأسلم لاستخدام البارود المستخرج من الألعاب النارية. وتشير التحقيقات إلى أن تيمورلنك قصد متجر فانتوم فايروركس للألعاب النارية في شباط (فبراير) الماضي، واشترى كمية كبيرة من المفرقعات.

وقال مكتب التحقيقات الفدرالية إن المحققين عثروا على الألعاب النارية الكبيرة في غرفة جوهر، الأخ الأصغر لتيمورلنك، في الجامعة. وكان جوهر (19 عامًا) قد أبلغ المحققين أن شقيقه، الذي قتل في تبادل إطلاق النار مع الشرطة، كان يرغب في الدفاع عن الإسلام.

مواقع جهادية

تم العثور على المجلة في بريطانيا أثناء التحقيقات الأخيرة في مؤامرة لنسف بورصة لندن، وفي خطط خلية إرهابية لمهاجمة قاعدة إقليمية للجيش، وخطط طموحة لخلية إرهابية في برمنغهام عزمت على تنفيذ هجمات في المدينة.

وقال مسؤول أميركي لوكالة أسوشيتد برس أن تيمورلنك تصفح المواقع الالكترونية المتطرفة في كثير من الأحيان، بما في ذلك مجلة Inspire، كما انه كان يدخل المواقع الداعية للجهاد على الانترنت، ما يشير إلى أن الإخوة تحولا إلى التطرف إلى حد كبير بسبب شبكة الانترنت.

وبما أن جوهر وتيمورلنك لم يتواصلا بشكل علني مع الإسلاميين المتطرفين في الولايات المتحدة، فهذا ينفي احتمال أن يكونا جزءًا من خلية إرهابية أكبر. ورجحت مصادر أمنية أن تكون مجلة القاعدة العامل المؤثر الوحيد أو أحد الدوافع الرئيسية للتفجير.

لا تكفي

قال مصدر أمني أميركي آخر إن "مجلة Inspire تهدف للتأثير على الجهاديين المحتملين، لدفعهم إلى تنفيذ أعمال العنف وتقديم الأفكار والتكتيكات العامة، وهي أداة دعائية قوية تنشر عبر الانترنت، وتستهدف الغربيين بلغتهم أيضًا".

لكن بعض المحللين يرفضون هذا الاتجاه، معتبرين أن قراءة مجلة متطرفة وغيرها من المواد الجهادية لا يكفي لتطرف شخص ما لدرجة تنفيذ مهمة إرهابية. وقال مصدر بريطاني إن الكثير من المحتوى العملي في مجلة Inspire يمكن العثور عليه في أي مكان آخر، وليس هناك أي جديد من حيث صنع قنبلة، فهذه المعلومة قد تتوفر من أي مصدر".

 

أكراد سوريا يسيرون على خطى «كردستان العراق»... أهالي القامشلي يغيرون لوحات سياراتهم ويعرضون نفطهم للأوروبيين

أربيل: شيرزاد شيخاني لندن: «الشرق الأوسط» ...
تتخوف بعض الأوساط السياسية السورية المعارضة من أن مدينة القامشلي (شمال شرقي سوريا) تسير بخطى متسارعة نحو المطالبة بحكم ذاتي، على غرار إقليم كردستان العراق، وذلك في ظل تراخي القبضة الأمنية لنظام الرئيس بشار الأسد هناك، وعدم قدرة الجيش الحر على بسط سيطرته على المدينة.

وما يعزز هذه المخاوف بسط حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي «بي واي دي»، الشقيق غير المعلن لحزب العمال الكردستاني الكردي، سيطرته على المناطق ذات الغالبية الكردية في القامشلي، وشروع «الهيئة الكردية العليا» بنقل الصلاحيات التنفيذية والتشريعية والقضائية إليها.

وفي هذا الصدد، نقل أحد مواقع المعارضة السورية بالأمس عن «مجلس الشعب في غرب كردستان» التابع لـ«بي واي دي»، طلبه من المواطنين في القامشلي استبدال لوحات أرقام سياراتهم من النموذج المعتمد في بقية المحافظات السورية، إلى نموذج آخر خاص بالمدينة، وذلك عبر الحواجز التابع للحزب في المدينة.

وأضاف الموقع، نقلا عن أعضاء من المجلس الوطني الكردي، قولهم إن السيارات المخالفة يتم حجزها وتغريمها مبلغ 15 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 165 دولارا أميركيا.

وتحمل اللوحة الجديدة بالإضافة إلى «SYR» وهو رمز سوريا باللغة الإنجليزية، الرمز «RK» ويعني روجافي كردستان، أي غرب كردستان باللغة الكردية، مع استبدال كلمة «قامشلو» بـ«قامشلي».

وفي اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، أكد مصدر قيادي كردي سوري «أن الهيئة الكردية العليا التي تدير شؤون المناطق الكردية المحررة بسوريا حاليا أصدرت قرارا بتغيير لوحات السيارات في المناطق الكردية، والهدف من ذلك هو إعادة تنظيم هذا الجانب من قبل السلطة المحلية أولا، ثم كإجراء احترازي من الهجمات التي قد تشنها مجاميع إرهابية بسيارات مفخخة».

ويعتبر الأكراد القامشلي، أو مكان القصب، وفقا للغة السريانية، معقلهم في سوريا رغم أن المدينة التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 200 ألف نسمة وفقا لإحصاء عام 2003، هي خليط من الأكراد والعرب والسريان والأرمن والآراميين والكلدان والآشوريين وغيرهم.

وعلى صعيد آخر، أثار قرار الاتحاد الأوروبي الاثنين الماضي السماح لمستوردين أوروبيين بشراء النفط من سوريا إذا تم الحصول عليه من خلال الائتلاف الوطني السوري المعارض حفيظة القائمين على «مجلس الشعب في غرب كردستان»، الذين اعتبروا أن الائتلاف الوطني المعارض لا يمثل جميع مكونات الشعب السوري، وخصوصا الهيئة الكردية العليا التي «يفترض» أن تمثل الأكراد في سوريا.

لكن الناطق الرسمي باسم مجلس شعب غرب كردستان شيرزاد اليزيدي «أكد أن الهيئة الكردية على استعداد لبيع النفط الكردي المستخرج بالمناطق الكردية إلى الدول الأوروبية في حال رغبت بذلك». وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك حديثا يدور الآن حول عزم عدد من الدول الأوروبية على شراء النفط السوري في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، ونحن في المنطقة الكردية لدينا حقل رميلان الواقع بمنطقة ديريك القريبة من الحدود العراقية التي تم تحريرها قبل شهر، والهيئة العليا على استعداد لبيع نفط هذه المنطقة في حال وافقت الدول الأوروبية على شرائه».

وأشار اليزيدي إلى «أن المناطق الكردية طالها إهمال كبير بسبب السياسات العنصرية لنظام الأسد، وهي بحاجة إلى إعادة الإعمار وتنفيذ مشاريع تنموية فيها، وبذلك فهي تحتاج إلى موارد، وأن الموارد المتأتية من بيع النفط الكردي ستكرس من أجل إعادة البنية التحتية وإعمار المنطقة، وهذا العرض نتقدم به على شرط أن تعترف المعارضة السورية بحقوقنا القومية ومطالبنا المشروعة، عندها وبالاتفاق بين الهيئة الكردية العليا وقيادة المعارضة من الممكن البدء بتصدير النفط الكردي».

ورغم أن الأكراد في القامشلي وحلب وغيرهما كانوا من أوائل المتظاهرين ضد نظام الأسد، فإنهم نأوا بأنفسهم عن حمل السلاح في وجه نظام دمشق، واكتفوا بتشكيل «وحدات» عسكرية لحماية «الشعب الكردي»، استطاعت في وقت قياسي بسط سيطرتها على المناطق ذات الثقل الكردي الممتدة من عفرين (في محافظة حلب) غربا، إلى المالكية (في محافظة الحسكة) شرقا.

ويحكم العلاقة بين الكتائب السورية المسلحة والكردية نوع من «التوجس» و«الشكوك في النوايا»، كاد أن يؤدي إلى صراع مسلح في 12 أبريل (نيسان) الجاري عقب محاولات الجيش السوري الحر دخول أحياء مدينة القامشلي للائتلاف على مطارها العسكري.

ولـ«الشكوك في النوايا» أسبابها الكثيرة التي قد تتجاوز المعادلة السورية، فحزب «بي واي دي» يعتقد أن الجيش الحر يتلقى دعمه من أنقرة، وتاليا فهو يخضع لأجندة تركية من شأنها أن يؤدي إلى إقصاء المكون الكردي في «سوريا ما بعد الأسد»، إرضاء لصناع القرار في تركيا، بينما يعتقد الجيش الحر أن حزب «بي واي دي» في تحالف غير معلن مع نظام الأسد، وأن الأخير يستخدم كورقة تهديد بتفتيت سوريا وتصدير الأزمة نحو تركيا.

لكن الأكراد، وإن اتفقوا على هدف التمتع بحكم ذاتي في سوريا ما بعد الأسد، لا ينضوون تحت قيادة سياسية وعسكرية واحدة، إذ يزاحم «وحدات حماية الشعب» التابعة لحزب «بي واي دي» أحزاب المجلس الوطني الكردي، لكن وساطة شخصية من رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني أفضت إلى توقع اتفاق بين الفصيلين عرف باسم «اتفاقية هولير».

وسبق لأكراد سوريا أن التفوا تحت قيادة واحدة، وذلك بعد الغزو الأميركي للعراق في عام 2003 على يد رجل الدين المعتدل الشيخ محمد معشوق الخزنوي. لكن الخزنوي اختفى في ظروف غامضة في 10 مايو (أيار) 2005 وعثر على جثمانه في إحدى مقابر مدينة دير الزور (شرق البلاد) بعد 3 أسابيع وعلى جسده آثار التعذيب.

وتعود جذور الأزمة الكردية في سوريا إلى الوحدة التي قامت بين سوريا ومصر تحت اسم «الجمهورية العربية المتحدة» (1958 - 1961) التي اعتبرها الأكراد خطرا على هويتهم القومية، فاتخذوا موقفا سلبيا من الوحدة، وهو ما أثار نقمة القوميين العرب في سوريا، الذين جردوا عام 1962 أكثر من 70 ألف كردي من الجنسية السورية بحجة أنهم أتراك.

 

جدول أعمال للوزير هيغل أثناء زيارته لمصر

معهد واشنطن..ديفيد شينكر و اريك تراجر

عندما يزور وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل مصر في وقت لاحق من هذا الأسبوع، يرجح أن يجذب لقاءه مع الرئيس محمد مرسي الكثير من الاهتمام الإعلامي. لكن مناقشة هيغل مع نظيره المصري، وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، ستكون أكثر تأثيراً. وبخلاف نقل المخاوف الأمريكية بشأن استمرار عدم الاستقرار في سيناء -- وهي مشكلة أبرزتها الهجمات الصاروخية الإرهابية على مدينة إيلات الإسرائيلية الأسبوع الماضي -- ينبغي لهيغل أن يستغل اجتماعه مع السيسي للتأكيد على مجموعة عريضة من مسائل الدفاع المشتركة.

الخلفية

تتزامن جولة الوزير هيغل مع تفاقم حالة عدم الاستقرار في مصر. فمنذ الإعلان الدستوري للرئيس مرسي في 22 تشرين الثاني/نوفمبر، الذي منح لنفسه بموجبه صلاحيات تنفيذية مطلقة ثم استعجاله عملية صياغة الدستور التي يهيمن عليها الإسلاميون والتصديق عليها، احتجت المعارضة غير الإسلامية ضد حكومة «الإخوان المسلمين»، وكان العنف يشوب المظاهرات في أغلب الأحيان. كما أن رفض «الجماعة» الحكم بطريقة تستوعب الأطراف الأخرى قد زاد الوضع اشتعالاً. وفي كانون الثاني/يناير، أدت الاضطرابات المستمرة إلى إرغام الحكومة على إسناد مسؤولية السيطرة على ثلاث من مدن القناة الكبرى إلى الجيش، الذي قام بتنفيذ الأحكام العرفية.

وفي ظل غياب تغيير محتمل في نهج مرسي، فسوف يستمر التدهور خلال الأشهر القادمة. وقد تم إرجاء الانتخابات البرلمانية المقبلة إلى أجل غير مسمى، كما أن سعي «الجماعة» إلى "تطهير" القضاء و"أخونة" وزارة الداخلية، إلى جانب مؤسسات أخرى، سوف يزيد المقاومة لحكمها. وفي غضون ذلك، ومع استمرار تعثر الاقتصاد المصري، أصبح نقص الوقود وانقطاع الكهرباء المستمر من الأمور الشائعة ومن المتوقع أن تستمر خلال شهر الصيف، مما يزيد من حالة الاستياء الشعبي في القاهرة.

جدول أعمال موجه نحو الدفاع

على الرغم من أن الوزير هيغل سيعرب من دون شك عن مخاوف الولايات المتحدة بشأن المسار السياسي لمصر أثناء اجتماعه مع الرئيس مرسي، إلا أن التركيز الرئيسي لجولته ينبغي أن ينصب على قائمة طويلة من المسائل المرتبطة بالدفاع والتي لا يزال الجيش المصري يحتفظ بسلطة حصرية عليها. وفي ضوء هذا السياق، ينبغي أن يتضمن جدول أعمال هيغل مع وزير الدفاع السيسي النقاط التالية:

التأكيد على أمن سيناء. على الرغم من أن الهجوم الأخير على إيلات، الذي نفذته جماعة "مجلس شورى المجاهدين" القائمة في سيناء، لم يترتب عليه وقوع إصابات في صفوف الإسرائيليين، إلا أنه منذ كانون الثاني/يناير 2011 حاول الإرهابيون بشكل متكرر استهداف إسرائيل من سيناء في مساعيهم لتقويض "اتفاقيات كامب ديفيد". وعلى الرغم مما يقولوه المسؤولون الإسرائيليون من أن التعاون مع الجيش المصري لا يزال قوياً -- بل إن البعض، من أمثال المسؤول في وزارة الدفاع اللواء (احتياط)عاموس جلعاد، يقولون إن التعاون أفضل حالاً مما كان عليه -- إلا أن الجيش المصري أظهر القليل من الرغبة أو الكفاءة في إرساء الاستقرار في شبه الجزيرة. ينبغي على الوزير هيغل أن ينقل لنظيره المصري الحاجة العاجلة إلى إرساء الأمن في سيناء والأهمية التي تبديها واشنطن لحماس الجيش في إنجاز هذه المهمة.

بدء الحديث حول إعادة هيكلة "التمويل العسكري الأجنبي". يفتقر الجيش المصري إلى الاستعدادات والتأهيل لتأمين سيناء، كما أن الهيكل الحالي من المساعدات البالغ قدرها 1.3 مليار دولار التي تمنحها الولايات المتحدة سنوياً للجيش المصري -- التي تذهب غالبيتها في شراء طائرات من طراز إف 16 ودبابات وقطع غيار -- لا تكفي لمساعدة القاهرة على مواجهة تهديد الإرهاب الناشئ ومخاطر التهريب من داخل أراضيها. ورغم أن إعادة هيكلة المعونات العسكرية الأمريكية إلى مصر تعد من الأمور المثيرة للجدل في العلاقات الثنائية بين البلدين، إلا أنه ينبغي على الوزير هيغل الشروع في مناقشة الكيفية التي يمكن بموجبها تخصيص المساعدات الأمريكية بشكل أفضل -- سواء من حيث مشتريات المعدات أو تدريب الجنود المصريين على مكافحة الإرهاب ومكافحة التهريب من خلال برنامج "التعليم والتدريب العسكري الدولي"-- لتنفيذ هذه المهمة. وليس هناك شك في أن مثل هذا الحديث سيكون شاقاً ومحرجاً، لكن هذا النوع من التبادل الصريح ينبغي أن يكون ممكناً بعد مرور ما يزيد عن خمس وثلاثين عاماً من التعاون الأمني.

الإصرار على الحديث بمزيد من الصراحة بين الأصدقاء. في حين يعزي الكثيرون في واشنطن رفض الجيش المصري إطلاق النار على المتظاهرين في انتفاضة 2011 إلى علاقته الاستراتيجية البارزة مع واشنطن، إلا أن ذلك يعكس تقييماً ينبئ عن إحساس مفرط بالفخر أكثر مما يعكس من تقييم قائم على الأدلة. وفي الواقع لم تكن لدى واشنطن رؤية واضحة حول الطريقة التي سيستجيب بها الجيش المصري في ظل تلك الظروف، لأنه رغم تزويد مصر بمساعدات تتجاوز 70 مليار دولار منذ عام 1979، إلا أن الولايات المتحدة ليست على دراية كافية بآراء ضباط الجيش المصري من الصفوف المتوسطة. (وهذا يجعل الجيش المصري مختلفاً بشكل كبير عن الجيوش الأخرى التي تتلقى الكثير من المساعدات العسكرية الأمريكية، مثل الأردن وإسرائيل، التي يتفاعل ضباطها من الصفوف المتوسطة بشكل مستمر مع نظرائهم الأمريكيين). وبالنظر إلى ترجيح استمرار حالة عدم الاستقرار لسنوات قادمة، سيكون من الأهمية بمكان بالنسبة لواشنطن أن تتواصل بشكل أفضل، بل أن تمتلك فهماً أكثر عمقاً لضباط الجيش المصري، لا سيما في ضوء المطالب الشعبية المتصاعدة بحدوث انقلاب عسكري ضد حكومة مرسي، وهو الأمر الذي يدعمه 82 بالمائة من المصريين بحسب ما أظهره استطلاع أُجري مؤخراً. ينبغي لهيغل أن يطلب من وزير الدفاع السيسي توسيع نطاق التبادل بين الجيشين من أجل فهم أفضل للرؤية السياسية للجيش المصري وعملية صنع القرارات خلال الأزمات.

الإعراب عن الخوف تجاه التحاق أعضاء جماعة «الإخوان المسلمين» بالأكاديميات العسكرية. لا تفتقر واشنطن فقط إلى رؤية واضحة حول الأهداف السياسية قصيرة الأجل للجيش المصري، لكنها غير متأكدة أيضاً من الطريقة التي ستتطور بها المؤسسة بمرور الوقت. وفي هذا السياق، ينبغي أن يقلق واشنطن ما أُعلن عنه الشهر الماضي من رفع الجيش المصري للحظر المفروض على التحاق أعضاء جماعة «الإخوان» بأكاديمياته العسكرية. ولا تشارك «الجماعة» التزام الجيش المصري بالشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة والسلام مع إسرائيل: فهي تتسم بالعنف المتجذر للغرب كما أن هدفها في إقامة "دولة إسلامية عالمية" على حد تعبير نائب المرشد الأعلى خيرت الشاطر، لا يتسق مع التزامات مصر الدولية. وبالمثل، فإن حقيقة مبايعة جميع أعضاء «الإخوان» لقيادة التنظيم على "السمع والطاعة" تقوض التسلسل العسكري للقيادة. وفي ضوء الاستثمارات الهائلة التي ضختها الولايات المتحدة -- والتي يرجح أن تستمر في ضخها -- في الجيش المصري، ينبغي للوزير هيغل أن يستفسر حول مدى تجنيد أعضاء «الجماعة» في الجيش، والخطوات الجاري اتخاذها لضمان انضباطهم ضمن صفوفه. كما ينبغي للوزير أن يضغط من أجل توسيع نطاق "برنامج التعليم والتدريب العسكري الدولي" لتطوير مجموعة من المصالح المشتركة عبر تسلسل القيادة في الجيش.

تشجيع الجيش على التحلي بمزيد من الشفافية. نظراً لأن التعاون العسكري هو ركيزة العلاقات الأوسع نطاقاً بين مصر والولايات المتحدة، ينبغي أن تكون واشنطن قلقة بشكل خاص حول مدى تأثير سلوك الجيش المصري على سمعته وقوته في الداخل. وفي هذا السياق، فإن تقرير صحيفة "الغارديان" الأخير حول مخالفات الجيش أثناء انتفاضة 2011 -- والتي تشمل الإختفاء القسري والتعذيب وقتل المتظاهرين -- يهدد بتقويض ثقة الجمهور في مؤسسة تقيم معها واشنطن علاقات وثيقة، وهي إحدى المؤسسات الوطنية القليلة الفاعلة التي لا تزال باقية في مصر. وفي حين رد مرسي على هذا التقرير بترقية كبار جنرالات الجيش وبالتالي أشار إلى دعمه للقوات المسلحة، إلا أن هذا يأتي على الأرجح لأن جماعة «الإخوان» غير متحمسة لحدوث مواجهة مع الجيش في الوقت الحالي -- وليس لأنها تنوي قبول مستوى الاستقلال الحالي للجيش لأجل غير مسمى. ولهذا السبب ينبغي لهيغل أن يحث السيسي على جعل الجيش أكثر شفافية ومحاسبة الضباط المخالفين الآن، قبل أن تستغل «الجماعة» مخالفات الجيش لتقويض وضع الجنرالات. على وزير الدفاع الأمريكي أن يحث أيضاً الجيش المصري على جعل موارده الاقتصادية الهائلة أكثر شفافية، حتى لا تُستخدم هذه الثروة ضد الجيش مع تدهور الاقتصاد المصري.

تقييم النجاح

في ضوء طبيعة حكومة «الإخوان» الحالية في مصر، فإن احتمالات تحسن العلاقات السياسية بين الولايات المتحدة ومصر تعد قاتمة. وهذا العامل يجعل علاقة واشنطن مع الجيش المصري أكثر أهمية في المستقبل. غير أن العلاقات العسكرية بين البلدين قد شهدت تراخياً خلال العقود الأخيرة، حيث كان الهدف من مساعدات واشنطن المالية في المقام الأول هو شراء التعاون الاستراتيجي لمصر ضمن قائمة قصيرة لكنها هامة من المواضيع، مثل الحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل.

إن جولة الوزير هيغل تمثل فرصة للتحرك قدماً من علاقة المصالح إلى علاقة الشراكة القائمة على تلبية المصالح الاستراتيجية لكلا البلدين. وهذا لا يشمل حماية مصر من التهديدات الإقليمية فحسب، بل تحصين الجيش كمؤسسة على الصعيد المحلي أيضاً. ويقيناً إن أياً من البنود المقترحة لجدول الأعمال لن يمثل أساساً لمحادثات مريحة، لكن في ضوء التغيرات الهائلة منذ عام 2011 والجدل المستمر في واشنطن حول المساعدات العسكرية لمصر، فإن بناء علاقة أكثر صراحة ووضوحاً بين وزارة الدفاع الأمريكية والجيش المصري يمثل أولوية قصوى.

ديفيد شينكر هو زميل أوفزين ومدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن. إريك تراجر هو زميل الجيل القادم في المعهد.


المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,954,698

عدد الزوار: 6,973,043

المتواجدون الآن: 88