المشاريع "الفرعونية" للسلطان أردوغان تنفجر في تقسيم وسياسته السورية فقدت بريقها ...هبوط بورصة إسطنبول 10.47% في اليوم الرابع للمظاهرات المناهضة لأردوغان...تبادل إطلاق نار بين مسلحين من «العمال الكردستاني» والجيش التركي

سقوط أول قتيل في الاحتجاجات.. وأردوغان يتهم جهات خارجية... أردوغان يبقي على جولته المغاربية رغم الاحتجاجات..

تاريخ الإضافة الأربعاء 5 حزيران 2013 - 7:01 ص    عدد الزيارات 1693    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

أول قتيل في «ربيع تركيا»... وتباين بين أردوغان وغل
أنقرة - «الحياة»
حصدت التظاهرات المستمرة في تركيا، قتيلاً أول في إسطنبول صُدِم بسيارة، فيما برزت رؤيتان متناقضتان لدى رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان والرئيس عبدالله غل، حول كيفية التعامل مع الاحتجاجات. إذ اعتبرها الأول «مؤامرة»، ساخراً من الحديث عن «ربيع تركي»، فيما سعى الثاني إلى طمأنة المحتجين، مؤكداً أن «رسالتهم وصلت».
وفي تطوّر قد يؤجج الاحتقان، أعلن اتحاد نقابات عمال القطاع العام في تركيا، أنه سينظم اليوم وغداً «إضراباً تحذيرياً»، احتجاجاً على قمع الاحتجاجات. واعتبر الاتحاد اليساري الذي يضم حوالى 240 ألف عضو في 11 نقابة، أن «إرهاب الدولة ضد الاحتجاجات أوضح مجدداً عداء حكومة حزب العدالة والتنمية للديموقراطية».
تزامن ذلك مع حدث ميداني قد يعرقل مسيرة تسوية القضية الكردية، إذ أعلنت رئاسة أركان الجيش التركي أن مسلحين من «حزب العمال الكردستاني» أطلقوا النار على قاعدة للجيش التركي قرب الحدود مع العراق، وجرحوا جندياً، فردّت مروحية، في إطار «الدفاع عن النفس». والحادث هو الأول من نوعه منذ بدء انسحاب مسلحي الحزب الشهر الماضي من الأراضي التركية إلى شمال العراق.
وفي اليوم الرابع للاحتجاجات، تراجعت التظاهرات وعدد المعتصمين في ميدان «تقسيم» في إسطنبول الذي بدا هادئاً نسبياً، لكن لافتات رفعها المحتجون، دعت أردوغان إلى الاستقالة، مؤكدة أن «لا عودة إلى وراء، مهما حدث».
واشتبكت مجموعات يسارية مع أجهزة الأمن في منطقة بشيكطاش، قرب مكتب رئيس الوزراء في إسطنبول، وفي أنقرة وإزمير حيث تكررت مشاهد القوة المفرطة التي استخدمتها الشرطة، إذ أطلقت غازاً مسيلاً للدموع لتفريق متظاهرين في العاصمة، بعد ليلة شهدت عنفاً في المدن الثلاث. كما حاول بعضهم وضع متاريس على الطرق وحرق إطارات والاعتداء على ممتلكات عامة وخاصة واقتلاع حجارة من الأرصفة ورشق رجال الأمن بها.
وأعلن اتحاد الأطباء الأتراك مقتل متظاهر شاب وجرح أربعة مساء الأحد في إسطنبول، بسيارة صدمت محتجين، مشيراً إلى أنها لم تتوقف «على رغم كل التحذيرات، ما يدل على انه فعل متعمد».
وعزل متظاهرون سلميون، من مثقفين وجمعيات مدنية، أنفسهم عن الأحزاب والمنظمات اليسارية، وركّزوا تحركهم على مراكز التسوق التجارية في إسطنبول وأمام مقار وسائل إعلام كبرى. إذ احتشد مئات أمام مبنى شبكة «إن تي في» الإخبارية، منتقدين «الإعلام المضلِّل والتابع للحكومة»، كما اتهموا مالك الشبكة بـ «تزوير الحقائق لمصلحة عقوده التجارية مع الحكومة وصداقته مع رئيس الوزراء». كما تظاهر هؤلاء ضد شبكة «سي أن أن تورك».
وعلى رغم الاحتجاجات، بدأ أردوغان في المغرب أمس، جولة تشمل الجزائر وتونس أيضاً، في ما اعتبره مقربون منه رفضاً لـ «تضخيم الأحداث على الأرض».
وسخر رئيس الوزراء من الحديث عن «ربيع تركي»، قائلاً: «لدينا ربيع في تركيا»، في إشارة إلى الديموقراطية في بلاده. وسأل «هل كان هناك نظام متعدد الأحزاب في الدول التي شهدت الربيع العربي»؟ ورأى أن أشخاصاً «انضموا إلى الاحتجاج بدافع من مشاعر عاطفية ساذجة»، متهماً «عناصر متطرفة» بـ «تنظيم الاحتجاجات». واعتبر أن «ثمة قوى تسعى إلى تحويل الربيع التركي، شتاءً قارساً»، وزاد: «لن نتراجع أمام مَنْ يعيشون يداً بيد مع الإرهاب».
وتحدث عن «مؤامرة داخلية وخارجية تستهدف تركيا واستقرارها ونجاحاتها الاقتصادية»، متهماً «حزب الشعب الجمهوري» المعارض بـ «التحريض على التظاهر واللجوء إلى وسائل غير ديموقراطية، بعد فشله في صناديق الاقتراع». وحض المواطنين على الهدوء، معتبراً أن السلطات «تتصرف في شكل منضبط جداً».
وأثار سؤال لصحافي، عن مدى إدراك الحكومة الرسالة التي وجهها المحتجون، غضب أردوغان الذي أجاب: «ما هي هذه الرسالة؟ أريد أن أسمع منك». وقلّل من أهمية تراجع البورصة نحو 10 في المئة، معتبراً أنها ترتفع وتتراجع.
في المقابل، اعتبر غل أن «الديموقراطية لا تعني فقط انتخابات»، مضيفاً: «الرسائل التي وُجِهت بنيات حسنة، وصلت». ودعا «جميع المواطنين إلى احترام القوانين والتعبير عن اعتراضاتهم وآرائهم، بطريقة سلمية كما فعلوا سابقاً». وحضهم على الحذر من «منظمات غير شرعية تستغل التظاهرات».
أما رئيس «حزب الشعب الجمهوري» كمال كيليجدارأوغلو فرفض اتهامات أردوغان لحزبه بالتحريض على التظاهر، مذكّراً بأن الاحتجاجات «عفوية، لا حزبية». وطالب أردوغان بـ «الاعتذار من الشعب التركي، لأنه أساء معاملته».
في واشنطن، أعرب وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن «قلق من معلومات تفيد باستخدام مفرط للقوة من قبل الشرطة» ضد المحتجين، مكرراً تمسك الولايات المتحدة بـ «حرية التعبير والتجمّع». ودعا إلى «إجراء تحقيق وافٍ في الأحداث، وتحلي الشرطة بضبط النفس».
 
الاحتجاجات تتواصل لليوم الرابع وغول يدعو الى الهدوء لأن "الرسالة وصلت"
اردوغان لا يرى "ربيعاً تركياً" ويشير إلى أصابع خارجية
المستقبل...(ا ف ب، رويترز، يو بي اي، ا ش ا)
تواصلت التظاهرات في تركيا أمس وإن بوتيرة أخف من الايام الثلاثة الماضية، غير إن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي مضى قدماً في جولة مغاربية رسمية مقررة من قبل، لم ير فيها "ربيعاً تركياً"، مشيرا الى أن أجهزة الاستخبارات تحقق في ما إذا كانت أصابع خارجية وراء الأحداث. فيما دعا الرئيس التركي عبد الله غول المتظاهرين الى الهدوء قائلا ان رسالتهم قد وصلت.
وقال اردوغان من العاصمة الرباط ان "الوضع يتجه الى الهدوء"، مؤكداً في مؤتمر صحافي مع نظيره المغربي عبد الإله ابن كيران في وزارة الخارجية المغربية ان "الوضع يتجه نحو الهدوء (...) وستحل المشاكل حال عودتي من زيارتي" الى شمال أفريقيا.
وكانت وسائل إعلام تركية نقلت عن أردوغان في مؤتمر صحافي من مطار اسطنبول قبيل توجهه إلى المغرب، ان "ما يحدث لا يتعلق بقطع الأشجار وإنما مؤامرة وما يحدث منظم من حزب الشعب الجمهوري ونؤكد التزامنا بحماية المتظاهرين السلميين"، متهماً مجموعات متطرفة بانها نظمت أحداث تقسيم في اسطنبول وموضوع إزالة الأشجار ليس إلا حجة لارتكاب أعمال تخريبية.
واعتبر أن الشعب التركي سيرد على أحداث تقسيم في الانتخابات العامة التي ستجري بعد نحو 10 أشهر. وقال: "كونوا هادئين، استريحوا، سيجري التغلب على كل هذا". اضاف: "هناك بعض القوى تسعى الى تحويل الربيع التركي إلى شتاء قارص" في إشارة إلى النمو الاقتصادي الذي تشهده البلاد، مشيرا الى إن الاستخبارات التركية تبحث في ما إذا كان وراء أحداث تقسيم أصابع خارجية.
وقال اردوغان: "هل كان هناك نظام متعدد الاحزاب في الدول التي شهدت الربيع العربي؟".
وتدخلت قوات الامن حين تجمع المحتجون وغالبيتهم من الشباب والطلاب في ساحة كيزيلاي في انقرة حيث جرت مواجهات عنيفة الاحد ادت الى سقوط العديد من الجرحى.
ورد المتظاهرون عبر رشق رجال الشرطة بالحجارة. وبحسب وسائل الاعلام التركية فان نحو 500 شخص اوقفوا الاحد خلال تظاهرات في الساحة نفسها التي تشكل عصب العاصمة التركية.
وقتل متظاهر تركي شاب مساء الاحد في اسطنبول بسيارة صدمت جمهورا من المحتجين المعارضين للحكومة الاسلامية المحافظة كما اعلن اتحاد الاطباء الاتراك امس.
دعا الرئيس التركي عبد الله غول امس المتظاهرين الى الهدوء قائلا ان رسالتهم قد وصلت. ونقلت وكالة انباء الاناضول عنه قوله إن "الديموقراطية لا تعني فقط انتخابات" مضيفا "الرسائل التي وجهت بنوايا حسنة قد وصلت".
وقال غول "ادعو جميع المواطنين الى احترام القوانين والتعبير عن اعتراضاتهم وارائهم بطريقة سلمية كما فعلوا في السابق". كما دعاهم الى الحذر من "المنظمات غير الشرعية" التي تستغل التظاهرات. وحذر من اي اعمال يمكن ان تضر بصورة تركيا.
ودعا نائب رئيس الوزراء التركي بولند ارينج الى الحوار "بدلا من اطلاق الغاز على الناس".
ومنذ الجمعة اتسع نطاق تظاهرة عدد من الناشطين الذين كانوا يحتجون على مشروع تدمير حديقة عامة في اسطنبول، لتصل الى عدة مدن في تركيا.
ويواجه أردوغان حركة احتجاج لا سابق لها منذ تولي حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الحكم في 2002.
واوقعت اعمال العنف في الايام الثلاثة الاخيرة اكثر من الف جريح في اسطنبول و700 على الاقل في انقرة بحسب منظمات مدافعة عن حقوق الانسان ونقابات اطباء في المدينتين.
وهذه الارقام لم تؤكدها السلطات حيث تحدث وزير الداخلية معمر غولر الاحد عن اصابة 58 مدنيا و115 شرطيا خلال التظاهرات الـ235 التي احصيت منذ الثلاثاء الماضي في 67 مدينة تركية.
وبحسب غولر فان الشرطة اوقفت الاحد اكثر من 1700 متظاهر في كافة انحاء البلاد وتم الافراج عن غالبيتهم.
واستعادت ساحة تقسيم، رمز هذا التحرك الشعبي، شيئا من الهدوء. وفتحت غالبية المحلات ابوابها لكن الحواجز كانت لا تزال في الشوارع المجاورة ما يدل على تصميم المتظاهرين على عدم السماح لقوات الامن باستعادة السيطرة على الساحة بعدما اخلتها السبت بأمر من الحكومة.
الى ذلك، حث البيت الابيض المحتجين والشرطة في تركيا على الاحجام عن ممارسة العنف.
وقال جاي كارني الناطق باسم البيت الابيض: "لدينا بواعث قلق بشأن بعض أساليب التصدي لكننا نتوقع بالتأكيد من الحكومة التركية ان تسوي هذه الامور"، مؤكداً انه ينبغي لتركيا السماح بالاحتجاجات السلمية، داعياً الى التحقيق في العنف.
وكذلك، اعرب وزير الخارجية الاميركي جون كيري امس عن القلق ازاء الاستخدام "المفرط للقوة"، وقال ان الولايات المتحدة متمسكة بـ"حرية التعبير والتجمع. نحن نأمل بالتأكيد في إجراء تحقيق واف في تلك الحوادث وفي أن تتحلى قوة الشرطة بضبط النفس".
كما دعت المانيا امس الى "الحوار والتهدئة" في تركيا قائلة انها تتابع الوضع "بقلق" واعتبرت في الوقت نفسه ان هذه الاحداث لا تؤثر على محادثات انضمام انقرة الى الاتحاد الاوروبي.
من جهة أخرى، اعلنت هيئة اركان الجيش التركي امس في بيان ان "مجموعة من الارهابيين اطلقت النار ترهيبا على قاعدة للجيش في مدينة سيرناك جنوب شرقي البلاد" وقامت المروحية بالرد في اطار "الدفاع عن النفس"، مشيراً الى متمردي حزب العمال الكردستاني الذين بدأوا انسحابهم من تركيا في مطلع ايار في اطار اتفاق سلام.
واضاف الجيش ان جندياً اصيب بجروح طفيفة جراء الحادث، ولم يتضح ما اذا سجلت اصابات في صفوف المتمردين الاكراد.
وهذا الحادث هو الاول منذ اعلان زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبدالله اوجلان وقف اطلاق النار في 20 آذار في اطار عملية تهدف الى انهاء نزاع اوقع اكثر من 40 الف قتيل منذ 1984.
وقال المتمردون انهم سيستكملون انسحابهم من المنطقة الحدودية قبل بدء الشتاء، عبر المنطقة الجبلية الحدودية الى ملاذات امنة في شمال العراق حيث مقر قيادتهم. لكن حزب العمال الكردستاني قال انه سيوقف الانسحاب ويرد على مصادر النيران في حال تعرض لهجوم من القوات التركية.
 
سقوط أول قتيل في الاحتجاجات.. وأردوغان يتهم جهات خارجية... غل يهدئ المتظاهرين ويؤكد لهم أن «رسالتهم وصلت»

جريدة الشرق الاوسط... إسطنبول: ثائر عباس ... استمرت أمس المواجهات في تركيا بين الشرطة والمتظاهرين المناوئين لحكومة حزب «العدالة والتنمية»، ولو بوتيرة أخف عما جرى يومي الجمعة والسبت. وكان الوضع في العاصمة أنقرة أكثر سخونة منه في إسطنبول التي سيطر متظاهروها على ساحة «تقسيم» الشهيرة في وسط المدينة، لكن محاولاتهم التمدد في اتجاه مقر رئاسة الوزراء في المدينة اصطدمت برجال الشرطة، وكذلك في حي بشكطاش القريب منه. وسقط الليلة قبل الماضية أول قتلى المواجهات، عندما صدمت سيارة أجرة متظاهرا على طريق سريع في إسطنبول.
وبينما اتجه الرئيس التركي عبد الله غل نحو التهدئة، فإن رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان تصرف بثقة عالية، فلم يلغِ جولة خارجية قادته إلى المغرب العربي، أمس، تاركا المتظاهرين يحاولون الاقتراب من مقره في إسطنبول، ليبدأ جولة يرافقه فيها 350 شخصا. وتحدث أردوغان للصحافيين عن «مؤامرة داخلية وخارجية»، مشددا على أن «الشعب سيقصينا إذا كنا ديكتاتوريين، وهو من سيرد على من نزلوا إلى الشوارع». ورفض أردوغان في تصريحات للصحافيين قبيل مغادرته في جولة مغاربية بدأها بالمغرب الحديث عن «ربيع تركي» في مواجهة المظاهرات.
وتساءل: «هل كان هناك نظام متعدد الأحزاب في الدول التي شهدت الربيع العربي؟». وأضاف أن «الذين يتحدثون عن (ربيع تركي) على صواب، حيث إننا في فصل الربيع بالفعل، ولكن البعض يريدون أن يحولوه إلى شتاء. ولن يفلحوا». وبسؤاله عما إذا كانت وصلت إليه رسالة المتظاهرين، أو أنه سيخفف لهجته المتشددة حيالهم، أجاب أردوغان: «أي رسالة هذه؟ أريد أن أسمعها منكم». وتابع: «كيف تكون اللهجة المخففة؟ هل بإمكانكم أن تقولوا لي؟». ووصف أردوغان بعض المتظاهرين بأنهم «سذج وطيبون يشاركون (في المظاهرات) متبعين معلومات على مواقع التواصل الاجتماعي، متهما المعارضة ومجموعات متشددة بتنظيم المظاهرات». كما اتهم «أيادي داخلية وخارجية» عازمة على إيذاء تركيا، بأنها تحرك المظاهرات الاحتجاجية، وقال إن الاستخبارات التركية تتحرى هذه المجموعات، مهددا بالرد عليها، وقال: «سنصفي الحسابات معها».
وأنحى أردوغان باللائمة على حزب المعارضة العلماني الرئيس، وهو حزب الشعب الجمهوري، في تحريض المحتجين.
وأشار إلى أن الاحتجاجات ليس لها أي صلة بخطط الحكومة. وقال في مقابلة بثها التلفزيون التركي: «إنها احتجاجات آيديولوجية محضة. حزب المعارضة الذي يطلق دعوات للمقاومة في كل الشوارع يثير هذه الاحتجاجات.. هذا الأمر يتعلق بحزبي الحاكم وبالانتخابات المحلية الوشيكة في إسطنبول، وبمحاولات جعل حزب العدالة والتنمية يخسر أصواتا هنا». وقالت مصادر قريبة من أردوغان لـ«الشرق الأوسط» إن هناك خيوطا لدى الاستخبارات التركية عن تورط استخبارات خارجية في محاولة تسعير المظاهرات»، معتبرة أن «حزب الشعب الجمهوري سيندم كثيرا على دخوله هذه اللعبة.
وأوضحت المصادر أن أردوغان «واثق من شعبيته لدى الشعب التركي، ولن تردعه قلة من المشاغبين استغلوا نوايا طيبة عند بعض الناس». وحذرت المصادر من محاولة الدخول في «لعبة الشعبية.. لأنهم خاسرون فيها حتما».
وطلب رئيس حزب «الشعب الجمهوري» كمال كليتشدار أوغلو موعدا عاجلا من الرئيس عبد الله غل، الذي استقبله بعد ظهر أمس. وقالت مصادر غل لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس طلب من زعيم المعارضة المساهمة في تهدئة الشارع. ونفى حزب الشعب الجمهوري تنسيق الاضطرابات، ملقيا باللائمة على سياسات أردوغان. وقال محمد عاكف حمزة شابي أحد كبار أعضاء الحزب: «الناس الموجودون في الشوارع في كل أنحاء تركيا ليسوا من حزب الشعب الجمهوري فقط، ولكنهم ينتمون إلى جميع المذاهب الفكرية والأحزاب».
بدوره، دعا الرئيس التركي إلى الهدوء، قائلا إن رسالة المتظاهرين «وصلت». ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن غل قوله في اليوم الرابع من المظاهرات المناهضة للحكومة: «الديمقراطية لا تعني فقط انتخابات»، مضيفا: «الرسائل التي وجهت بنوايا حسنة قد وصلت». وأضاف: «أدعو جميع المواطنين إلى احترام القوانين والتعبير عن اعتراضاتهم وآرائهم بطريقة سلمية، كما فعلوا في السابق». كما دعاهم إلى الحذر من «المنظمات غير الشرعية» التي تستغل المظاهرات. وحذر من أي أعمال يمكن أن تضر بصورة تركيا.
وميدانيا، أطلقت الشرطة التركية بعد ظهر أمس الغاز المسيل للدموع لتفريق نحو ألف متظاهر في أنقرة. وتدخلت قوات الأمن حين تجمع المحتجون، وغالبيتهم من الشباب والطلبة في ساحة كيزيلاي، حيث جرت مواجهات عنيفة، أول من أمس (الأحد)، أدت إلى سقوط الكثير من الجرحى. وداهمت الشرطة مجمعا تجاريا في قلب العاصمة أنقرة لاعتقادها لجوء المتظاهرين إليه، وقامت باعتقال عدة أشخاص. واشتبك محتجون مع شرطة مكافحة الشغب حتى الساعات الأولى من صباح أمس، مع إشعال بعض المتظاهرين النار في مكاتب حزب العدالة والتنمية في مدينة أزمير. وقالت وكالة «دوجان» للأنباء إن محتجين ألقوا قنابل حارقة على مكاتب حزب العدالة والتنمية الحاكم، الليلة قبل الماضية، في مدينة أزمير الساحلية بغرب تركيا، وأظهرت مشاهد تلفزيونية اشتعال النار في جزء من مبنى الحزب.
وأغلقت الطرق الواقعة حول مكتب رئيس الوزراء في إسطنبول في الوقت الذي أطلقت فيه الشرطة الغاز المسيل للدموع لصد المحتجين في الساعات الأولى من صباح أمس. وفي الشارع الرئيس الواقع قرب مكتب أردوغان، قاد متظاهر جرارا صغيرا صوب خطوط الشرطة خلال الليل، وسار خلفه محتجون آخرون. وعند مسجد قريب عالج مسعفون، ومن بينهم أطباء متدربون، من أصيبوا خلال الاشتباكات.
من ناحية ثانية، قال اتحاد الأطباء التركي إن شابا تركيا عمره 20 عاما لقي حتفه عندما صدمت سيارة أجرة مجموعة من المتظاهرين على طريق سريع في إسطنبول خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وذلك في أول حالة وفاة معروفة لها علاقة بالمظاهرات. ويدعى المحتج القتيل محمد إيفاليتاس، وقال حسين ديميردوزين عضو اتحاد الأطباء إن أربعة أشخاص آخرين أصيبوا، أحدهم إصابته خطيرة. ونقلت صحيفة «حرييت» عن معمر غولر وزير الداخلية قوله إن أكثر من 200 مظاهرة وقعت في 67 مدينة في شتى أنحاء تركيا.
وعلى الصعيد الدولي، دعت ألمانيا إلى «الحوار والتهدئة» في تركيا، قائلة إنها تتابع الوضع «بقلق»، واعتبرت في الوقت نفسه أن هذه الأحداث لا تؤثر على محادثات انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي. وقال الناطق باسم الحكومة الألمانية ستيفن سيبرت خلال مؤتمر صحافي ردا على سؤال حول المظاهرات ضد حكومة رجب طيب أردوغان، وقمعها من قبل الشرطة، إن برلين «تتابع تطور الوضع في تركيا بقلق». وأضاف أن «حرية الرأي والمظاهرات حق أساسي في النظام الديمقراطي» داعيا كل الأطراف إلى «التعقل والحوار والتهدئة». وحول سؤال لمعرفة ما إذا كانت هذه الأحداث يمكن أن تترك أثرا على المفاوضات الحالية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا من أجل انضمام أنقرة، كان رده بالنفي. وقال: «ذلك ليس له أثر على المحادثات، لا أرى أي رابط مباشر بين الأمرين».
ووصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس عراقجي أن ما يحدث في تركيا «شأن داخلي». وذكرت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء أن عراقجي امتنع عن التعليق على المظاهرات التي تشهدها تركيا، وذلك في معرض رده حول إمكانية تغيير أنقرة مواقفها حيال سوريا بعد استمرار المظاهرات الحاشدة منذ يوم الجمعة الماضي. وأعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها إزاء تعامل الشرطة التركية مع المتظاهرين.
 
أردوغان يبقي على جولته المغاربية رغم الاحتجاجات.. وطائرته تأخرت ساعتين عن موعدها في الرباط.. «العدالة والتنمية» المغربي مهتم بالنموذج التركي في الإقلاع الاقتصادي ومواجهة الأزمة

جريدة الشرق الاوسط.... الرباط: لحسن مقنع... أبقى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على برنامج جولته في منطقة المغرب العربي التي استهلها أمس بالرباط رغم المظاهرات المعادية لحكومته، التي تشهدها تركيا منذ ثلاثة أيام. وتأخرت طائرة أردوغان في الوصول إلى العاصمة المغربية. ورغم الاضطرابات التي تعرفها بلاده، فإن أردوغان كذب كل التكهنات التي راجت حول احتمال تأجيل زيارته الرسمية للمغرب، وحل أمس في الرباط على رأس وفد عالي المستوى يضم وزراء من حكومته ونحو 172 من رجال الأعمال، بيد أن طائرته تأخرت ساعتين عن موعد وصولها.
وبدأ أردوغان زيارته الرسمية للمغرب بزيارة ضريح العاهلين المغربيين الراحلين الملك محمد الخامس والملك الحسن الثاني، قبل أن يتوجه إلى مقر رئاسة الحكومة الواقعة في القصر الملكي حيث أجرى مباحثات مع عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، ومن هناك توجه إلى مقر وزارة الخارجية حيث سيحضر مع أعضاء الوفد المرافق له جلسة عمل مع وزير الخارجية المغربي سيتم خلالها التوقيع على عدة اتفاقيات.
وهذه ثاني زيارة يقوم بها أردوغان للمغرب، وجرت زيارته الأولى سنة 2005، عشية دخول اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين حيز التطبيق مع بداية 2006. غير أن الجديد هذه المرة هو أن الحزب الذي يقود الحكومة المغربية هو حزب العدالة والتنمية، ذو التوجه الإسلامي، المقرب جدا من حزب العدالة والتنمية التركي سواء من حيث الاسم أو المرجعية الإسلامية المعتدلة، رغم أن قيادييه يشددون على أنه نتاج تجربة مغربية محضة. ويرى إدريس بوانو، عضو لجنة العلاقات الخارجية في حزب العدالة والتنمية المغربي مكلف العلاقات مع تركيا وآسيا، أن «هذه الزيارة تكتسي أهمية كبيرة بالنسبة للعلاقات الاستراتيجية بين البلدين، كما أنها تشكل دعما لمسار الإصلاح المغربي المتشابه إلى حد ما مع المسار التركي».
وقال بوانو لـ«الشرق الأوسط» إن حزبي العدالة والتنمية في تركيا وفي المغرب يتقاسمان نفس التوجه الذي يهدف إلى الإصلاح في إطار الاستقرار. وأضاف: «عندما تولى حزب العدالة والتنمية إدارة شؤون تركيا كانت البلاد تجتاز أزمة اقتصادية خانقة، مع مستويات غير مسبوقة من التضخم والبطالة في سنة 2001. واستطاع الحزب أن يقود تركيا ليس فقط خارج الأزمة بل جعل منها قوة اقتصادية أصبحت تحظى باهتمام واحترام الجميع. فقد تبوأت تركيا اليوم المرتبة السادسة بين الاقتصادات الأوروبية الـ27، كما أنها تحتل المرتبة الـ17 عالميا، وتطمح أن تكون ضمن العشرة الأوائل في 2020. ونحن في المغرب، خصوصا في حزب العدالة والتنمية المغربي، مهتمون بالوصفة التركية التي مكنت الاقتصاد التركي من استرجاع عافيته وتحقيق إقلاعه، ونتطلع للاستفادة من هذه التجربة، انطلاقا من خصوصياتنا وتجربتنا الخاصة». وأضاف بوانو أن التجارة البينية عرفت توسعا كبيرا منذ دخول «التجارة الحرة» حيز التطبيق. غير أن حجم التجارة بين المغرب وتركيا لا يزال في مستوى جد متواضع مقارنة بالإمكانات والفرص المتاحة. وأضاف: «حجم التجارة بين البلدين يصل اليوم إلى 1.5 مليار دولار، ونعتقد أنه يمكن أن يبلغ بسهولة خمسة مليارات دولار خلال السنوات المقبلة إذا ما توفرت الظروف. وهذا من بين أبرز أهداف الزيارة التي يقوم بها الوزير الأول التركي. كما أن هناك إشكالية العجز التجاري الكبير لصالح تركيا، والذي يتطلب أيضا مباحثات خاصة مع المسؤولين الأتراك من أجل تعديله. ومن بين الاقتراحات التي سيتقدم بها المغرب في هذا الصدد دعوة رجال الأعمال الأتراك إلى مزيد من الاستثمارات المباشرة فيه، واتخاذه منصة للإنتاج والتصدير نحو أسواق أوروبا وأفريقيا وأميركا التي تربطنا معها اتفاقيات التجارة الحرة». ويرى عبد الفتاح البلعمشي، رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، أن حجم الوفد الاقتصادي المرافق لأردوغان يعتبر مؤشرا على أن القضايا الاقتصادية ستحظى بالأولوية في جدول أعمال زيارته للمغرب، بيد أن هناك قضايا سياسية كبيرة تتلاقى فيها مواقف البلدين، خصوصا الأزمة السورية والوضع في الساحل والصحراء. وقال البلعمشي لـ«الشرق الأوسط» إن تركيا تنظر إلى المغرب أيضا انطلاقا من استراتيجيتها التوسعية في أفريقيا، والتي يمكن أن يشكل المغرب حلقة رئيسة فيها نظرا لمزاياه كبوابة لأفريقيا، ونظرا لاستقراره ولمؤهلاته كشريك قوي في مجال التجارة والأعمال بالمنطقة.
وأضاف: «سياسيا هناك تقارب كبير في وجهات النظر بين المغرب وتركيا، وعلاقات طيبة. وهناك أيضا إرادة قوية لتطوير العلاقات الثنائية التي تعكسها هذه الزيارة».
وعرفت التجارة والاستثمارات بين البلدين توسعا قويا منذ انطلاق «التجارة الحرة» سنة 2006. واستقطبت مشاريع البنيات التحتية الضخمة التي أطلقها المغرب في السنوات الأخيرة الشركات التركية، التي فازت بالعديد من عقود الأشغال في مجالات الطرق البرية والموانئ والإنشاءات. وتعكس تركيبة الوفد الاقتصادي المرافق لرجب طيب أردوغان هذا التوجه، إذ يضم أزيد من 50 شركة متخصصة في مجالات الإنشاء وتصنيع مواد وتجهيزات البناء. كما يضم الوفد أزيد من 20 شركة متخصصة في الصناعات الغذائية، و15 شركة في الصناعات الكيماوية والبتروكيماوية والتعدين، و11 شركة في صناعات النسيج والجلد والألبسة، وثماني شركات في صناعة السيارات وأجزاء السيارات، وسبع شركات في مجالات التقنيات الجديدة.
 
هبوط بورصة إسطنبول 10.47% في اليوم الرابع للمظاهرات المناهضة لأردوغان
إسطنبول: «الشرق الأوسط»
أغلقت بورصة اسطنبول أمس الاثنين على تراجع بنسبة 10.47 في المائة في اليوم الرابع من المظاهرات المعادية لحكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان التي تجتاح تركيا كلها.
واستقر المؤشر الرئيس للسوق التركية عند 76.983.66 نقطة عند الإغلاق متراجعا بمقدار 9.006.35 نقطة عن إغلاق الجمعة. كما انخفضت قيمة الليرة التركية التي تم تبادلها أمس الاثنين بـ2.46 في المائة مقابل اليورو و1.89 في المائة مقابل الدولار، مقارنة بـ1.81 في المائة يوم الجمعة الماضي.
وكانت الأسواق المالية قد استفادت كثيرا من النمو القوي للاقتصاد التركي منذ تولي الحكومة الإسلامية المحافظة الحكم عام 2002، والذي بلغ أكثر من 8 في المائة عامي 2010 و2011.
 
تبادل إطلاق نار بين مسلحين من «العمال الكردستاني» والجيش التركي في أول حادث من نوعه منذ وقفه في مارس

أنقرة: «الشرق الأوسط».... أعلنت هيئة أركان الجيش التركي، أمس، أن مسلحين من حزب العمال الكردستاني أطلقوا النار على قاعدة للجيش التركي قرب الحدود مع العراق، مما دفع بمروحية تابعة للجيش إلى الرد.
وأعلن الجيش في بيان أن «مجموعة من الإرهابيين أطلقت النار ترهيبا على قاعدة للجيش في مدينة سيرناك جنوب شرقي البلاد»، وقامت المروحية بالرد في إطار «الدفاع عن النفس». وكان يشير إلى مسلحي حزب العمال الكردستاني الذين بدأوا انسحابهم من تركيا في مطلع مايو (أيار) الماضي في إطار اتفاق سلام. وأضاف الجيش أن جنديا أصيب بجروح طفيفة جراء الحادث. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، لم يتضح ما إذا سجلت إصابات في صفوف المتمردين الأكراد أم لا.
وهذا الحادث هو الأول منذ إعلان زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبد الله أوجلان وقف إطلاق النار في 20 مارس (آذار) في إطار عملية تهدف إلى إنهاء نزاع أوقع أكثر من 40 ألف قتيل منذ 1984.
 

ميدان «تقسيم» وجه إسطنبول.. روائيا.. فيه يختصر باموك حائز نوبل للآداب تركيا

جريدة الشرق الاوسط... إسطنبول: عبيد السهيمي ... يعد ميدان «تقسيم» في إسطنبول، الذي شغل العالم في نشرات الأخبار وصدر عناوين الصحف، أكثر من مجرد ميدان عام، بل يشكل بهوا فارعا لحي تمتد عراقته لمئات السنين، وهو روح إسطنبول رغم ما تكتنزه المدينة من الآثار العثمانية التي تصل معها إلى حد التخمة، فبخلاف المباني والمواقع الأثرية يشكل «تقسيم» قلب وروح إسطنبول الحديثة أكثر من أي شيء آخر.

الميدان طالما استأثر باهتمام أورهان باموك الروائي التركي الحائز جائزة نوبل للآداب 2006، ومن يقرأ باموك، يعرف تماما ماذا يعني «تقسيم» بالنسبة للأتراك. إنه المكان الأكثر صخبا في المدينة وقلبها النابض الذي لا تتأثر فيه الحركة بالوقت، حيث الترام الأحمر الذي يعود إلى الحقبة العثمانية، يسير على مهل قد يصل حد الملل لكنه يعبر بكل صبر وثبات منذ نحو قرن من الزمان شارع الاستقلال ثم يستدير حول ميدان «تقسيم» ليواصل سيره كساعة تعمل بانضباط منقطع النظير ليقف المارة إجلالا لهذا الصبر والعزم على مواصلة الحركة. وبينما يمتد في أزقة الحي عبق الماضي متلبسا بروح الحاضر، فقد تحولت معظم المحلات التجارية إلى عرض البضائع الحديثة. ولـ«تقسيم»، الحي والساحة الممتدة بين شارع الاستقلال وشارع بغداد من الجهة الغربية والشمالية ومحطة المترو من الجهة الجنوبية الشرقية، حضور في معظم روايات باموك ففي روايات «إسطنبول»، و«الحياة الجديدة» و«متحف البراءة» يتنقل باموك بالقراء في أحياء «تقسيم، وبيه أغلو، وشكور جمعة، وحربية، وبالطبع نيشان تاشي» التي تشكل فضاء الرواية.
الرحلة مع باموك لا بد أن تمر بـ«تقسيم» ليأخذك إلى مواقع وأحياء أخرى في «إسطنبول الأوروبية»، حيث تتلاحق الأحداث، لكنك حتما ستمر من هذا المكان وستتعرف على كل تفاصيله وأزقته وبناياته القديمة وبيوته التي تضرب في العراقة التركية وتمثل شاهدا على ماض عريق للعائلات التي تقطن المكان وينسج باموك من أزقته ومن الغرف الدافئة ومن ظلال الأشجار ومن التفاصيل الصغيرة رواية ترى فيها المكان والأشخاص بالكلمات كما لو كنت تشاهد شريطا سينمائيا.
فـ«تقسيم» فضاء إسطنبول وتركيا بكل مكوناتها، صعود الثراء وهبوط الفقر، وحضوره في مخيلة باموك يتعدى حضور البسفور بحر إسطنبول الجميل.
الآن الحاضر في نشرات الأخبار ميدان «تقسيم» كمكان للاحتجاج، ميدان للمواجهة بين الحكومة والمعارضة بنخبها القومية والعلمانية لحماية الساحة من مشروع الحكومي قيل إنه يستهدف رمزيتها ودلالتها كإرث أتاتوركي.
فالساحة التي تأخذ دورا يحاذي دور البطل في روايات باموك بما تمثله من رمزية لوجه تركيا العلمانية المتحررة وروح إسطنبول العريقة بتقاليدها وثقافتها الخاصة، لم تصعد هكذا فجأة في المخيلة الثقافية والروائية دون أن تتكئ على المخيلة الشعبية والمجتمعية، فهي - أي الساحة - أكثر من ميدان عام وأقل من مكان «مقدس» بالنسبة للأتراك. في هذا المكان ينتصب تمثال أتاتورك بكل حضوره في التاريخ التركي الحديث ومعه أبطال الجمهورية، ومنه يمتد شارع الاستقلال بكل عراقته وتاريخه الممتد لما قبل الجمهورية التركية حيث تطل الآثار والمباني العثمانية كشاهد على المكان، كما تحضر الروح الأوروبية، مكان يعج بالحركة ويعد مقصد للسياح وأيضا حركات الاحتجاج والمظاهرات.
لنعد إلى باموك الأيقونة الأدبية التركية الحديثة نوعا ما التي حلقت بالرواية التركية عاليا في عدد من الأعمال فمن يقرأ أعمال باموك يعتقد لشدة وصفه لحي تقسيم وميدانه الشهير أنه يستطيع التعرف على المكان بمجرد الوصول إلى هناك.
ففي المخيلة الروائية لباموك هناك ثلاثة مواقع لها حضور دائم في معظم الأعمال أحدها وأهمها ميدان «تقسيم» وسينما «قوناق»، وسوبر ماركت «علاء الدين»، في هذه المواقع يلخص أورهان باموك حياة أبطال رواياته التي تعني بشكل آخر الحياة التركية بطعمها الحديث في مدينة هي أعرق مدن العالم من وجهة نظر عاشقها.
 

 
النهار..موناليزا فريحة

المشاريع "الفرعونية" للسلطان أردوغان تنفجر في تقسيم وسياسته السورية فقدت بريقها وميوله الدينية تنفّر مجتمعاً منوّعاً

 

ليست النزعة الاستبدادية لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان جديدة، الا أن الانتفاضة الواسعة ضده ليست الا دليلا اضافياً على دينامية جديدة في الشرق الاوسط المضطرب.

كثيرة كانت المؤشرات التي توحي بأن تركيا تغلي، وأن انفجارا ما بات وشيكا. سياسات أردوغان، الداخلية منها والخارجية، تثير مزيدا من الاستياء بين مواطنيه. ميوله التسلطية تثير امتعاضهم. معاداته للحريات تقلق الليبراليين، ومحاولاته فرض تقاليد دينية على نمط العيش تقلق العلمانيين. حماسته حيال الشعب السوري ودفاعه عنه في وجه آلة القمع لنظام الرئيس بشار الاسد لم تعد تلقى صدى واسعا في بلاده، بعدما وصل اليها لهيب السيارات المفخخة وصار اللاجئون السوريون عبئاً اقتصاديا عليها وفتيلاً لتوترات مذهبية في بعض المناطق الحدودية المختلطة خصوصا. لذلك، عندما انفجرت الاحتجاجات الاكبر في وجه سلطته، لم يتوهم أحد أن ما يحصل مجرد "انتفاضة أشجار"، وبدا واضحاً أن المسألة أكبر من ذلك بكثير.
في الظاهر، كان مشروع اعادة تأهيل عمراني في وسط اسطنبول يشمل خصوصاً ازالة حديقة صغيرة تضم 600 شجرة، سبباً لحركة الاحتجاج العنيفة التي تمثل التحدي الاكبر لحزب العدالة والتنمية ذي التوجهات الاسلامية منذ وصوله الى الحكم قبل أكثر من عقد. ويقضي المشروع بازالة حديقة جيزي الواقعة في احد اطراف ساحة تقسيم الشهيرة وسط اسطنبول ليقام محلها مبنى على شكل ثكنة عسكرية قديمة على الطراز العثماني يضم مركزا ثقافيا وربما ايضا مركزا تجاريا.
ويهدف المشروع الذي تنفذه بلدية اسطنبول ويقف وراءه حزب العدالة والتنمية، الى جعل ساحة تقسيم منطقة مشاة ووقف حركة السيارات في وسط هذه المدينة العملاقة التي تعد اكثر من 15 مليون نسمة.
لكن هذا المشروع لا يحظى باجماع المهندسين والمعماريين وانصار البيئة الذين يرون فيه مثالا للعمران العشوائي والمصمم في المقام الاول لخدمة المستثمرين العقاريين دونما اهتمام بالبيئة. والاسبوع الماضي، نظم ناشطون اعتصاماً في ظلال الاشجار المهددة، قبل أن تغير عليهم الشرطة فجر السبت وتضرم النار في خيمهم وتطاردهم بخراطيم المياه وقنابل الغاز المسيل للدموع. ومع انتشار صور القمع العنيف في مواقع التواصل الاجتماعي، تدفق الاتراك بالآلاف الى ساحة تقسيم في تحرك تجاوز جهود ناشطين بيئيين او منظمات حقوقية، وشكل تعبيراً واضحا عن قلق عام بين الناس من كل التوجهات السياسية لحكومة أردوغان. ومن تقسيم، اتسع نطاق التظاهرات الى أنقرة ومدن أخرى في ما بدا تنفيسا لغضب دفين يشعر به نحو نصف الناخبين الاتراك.
تجاوزت موجة الاحتجاجات الخطوط الايديولوجية والطائفية والاجتماعية. من اليسار التركي الى اليمين القومي، شباب ومتقدمون في السن، علمانيون ومتدينون منفتحون، أرمن وفوضويون وملحدون وعلويون، جميعهم استنفرهم شعور مشترك بأن أردوغان الذي يزداد استبدادا وتسلطا، مصرّ على فرض آرائه، ولو بالقوة.
وبتعبير سنان اولجان من معهد "كارنيغي"، "انه تحرك شعبي غير مسبوق ومفاجئ... ناجم عن القلق وخيبة الامل للاوساط العلمانية في المجتمع التي لم يعد في امكانها التأثير على الحياة العامة منذ عشر سنين".

 

اقتصاد مزدهر

ليس ثمة من ينكر أن تركيا باتت في ظل أردوغان اقتصادا مزدهراً مع مجتمع مدني نابض بالحياة. فالعام الماضي استقطبت اسطنبول سياحا أكثر من امستردام وروما، وصارت تحل بعد لندن وباريس من حيث عدد السياح الذين يقصدونها. تنظَّم فيها شهرياً حفلات فنية أكثر مما تستضيفه كل دول الاتحاد الاوروبي في سنة.
في الاقتصاد، تضاعف دخل الفرد خلال عشر سنين ثلاث مرات بفضل نمو اقتصادي فاق ثمانية في المئة عامي 2010 و2011. وانتشر التعليم كما الخدمات الصحية.
يقول الاستاذ في جامعة أوكلاهوما فرات ديمير إن معدل التضخم تراجع من 100 في المئة قبل بضع سنوات، الى أقل من 10 في المئة حاليا، وصار الدين العام عند مستويات معقولة، علماً أن أنقرة وفت في أيار الماضي الدفعة الاخيرة من قرض لصندوق النقد الدولي. الى ذلك، صارت تركيا في طليعة الدول المنتجة للسلع المنزلية والسيارات في أوروبا.
وفي السياسة، مضت سنوات طويلة على آخر انقلاب عسكري كامل في تركيا. ومنذ 1950، تشهد البلاد انتخابات حرة. ويبدو أن الجيش عاد الى ثكنه نهائيا، فيما لا يبدي الجنرالات ميولاً للعودة الى الماضي. وحتى ما يعرف بقضية "أرغينيكون" التي اضطرت جنرالات كانوا يوما عصيين على المحاسبة، الى الدفاع عن أنفسهم أمام المحاكم، لاقت استحساناً في أوساط أتراك طالما طالبوا بتبني معايير سياسية وقانونية جديرة بديموقراطيات حديثة، وإن يكن ثمة من يرى فيها تصفية حسابات لأردوغان مع الجيش وسعيه الى تفريغ المؤسسة العسكرية من الضباط العلمانيين، والافساح في المجال لآخرين يدينون بالولاء للحزب الحاكم.
 الى ذلك، سجل أردوغان انفتاحاً على الاكراد، ذلك أن حزب العدالة والتنمية أقر قوانين أكثر من أية حكومات سابقة تتعلق بحقوق هذه الاقلية في تركيا، بما فيها تدشين قناة كردية في التلفزيون التركي واطلاق برامج للغة والادب الكردي في الجامعات. وتوج خطواته هذه ببدء مفاوضات تاريخية مع "حزب العمال الكردستاني" قد تضع حدا للنزاع التاريخي بين انقرة والحركة الانفصالية.
 
 

مشاريع فرعونية

بمثل هذا السجل، تبدو تركيا بعيدة كثيراً من وضع "الرجل المريض لاوروبا" الذي عرفت به طويلا. ومع ذلك، يثير الانحراف الاستبدادي لسلطة قوية بنجاحها الانتخابي مخاوف على مستقبل تركيا.
وبدأ خصوم أردوغان يتندّرون بـ"السلطان الجديد" ومشاريعه الفرعونية التي أطلقها خلال الاشهر الاخيرة في اسطنبول، مثل
الجسر الثالث على البوسفور والمطار المستقبلي العملاق للمدينة.
 فالى قرار حكومته تحويل حديقة جيزي التاريخية في تقسيم مركزاً تجارياً وثقافيا، وتجاهلها الاحتجاجات الشعبية على المشروع، أطلقت البلدية والحكومة في الآونة الاخيرة سلسلة مشاريع عملاقة ، بينها جسر ثالث على البوسفور، ومطار ثالث تريدانه ان يكون الاكبر في العالم سيقام فوق احدى آخر اجمل المناطق "الخضراء" في المدينة.
وفي خطوة استفزازية زادت السخط على أحد هذه المشاريع، أعلن الرئيس التركي عبدالله غول وأردوغان أن الحكومة قررت تسمية الجسر على البوسفور "ياووز سلطان سليم"، أحد السلاطين الاكثر اثارة للجدل في تاريخ تركيا، ذلك أن "ياووز سلطان سليم" ليس الا السلطان سليم الأول الذي حكم الدولة العثمانية بين 1512 و1520، والذي تميز حكمه بمجموعة من الأحداث التاريخية المفصلية، منها اعطاؤه الاوامر بقتل عشرات الالاف من العلويين، وهو ما يمثل استفزازاً لكبرى الاقليات في تركيا.
وجاءت تسمية الجسر الجديد باسم السلطان سليم في لحظة حساسة من تاريخ المنطقة، وتعاظم النزعة المذهبية لدى النظام التركي وكذلك في المنطقة، وهو ما يثير استغرابا لصب الزيت على النار بهذه التسمية.
وسبق ذلك قرار للحكومة لا يقل عنه غرابة تمثل في اعلان حكومة أردوغان قانون الطوارئ في اسطنبول لمنع الاحتفالات في ساحة تقسيم بعيد العمال في الاول من أيار، مبررة ذلك بأن المتظاهرين ينوون الاحتجاج على حكومته لا الاحتفال بعيد العمال!

 

الدين في المجتمع

وتأتي هذه القرارات بالتزامن مع سلسلة جديدة من القيود على استهلاك الكحول وبيعها في تركيا "من أجل حماية الاجيال من عادات غير اسلامية"، وتنشئتها وفقا للثقافة التركية والاسلامية. ولئن كان كثيرون من مؤيدي أردوغان يحبذون مثل هذه الاجراءات، فانها تواجه رفضاً واسعا من آخرين يفضلون نمط حياة علمانيا ويرفضون فرض القواعد الدينية على مجتمع منوع.
منذ ترسيخ قدميه في الحكم، يسعى أردوغان الى ادخال الدين الى الفضاء العام، على رغم امتعاض انصار الجمهورية العلمانية.
فقد سمح بارتداء الحجاب في بعض الجامعات. وحكم على عازف البيانو المبدع فضيل ساي بتهمة التجديف، بعدما نشر سلسلة تغريدات تسخر من الدين الاسلامي. والقائمة طويلة وتشمل ايضاً محاولات الحد من الحق في الاجهاض وتحريم الزنا.
وتحت غطاء مكافحة الارهاب، توقف السلطات آلاف الاشخاص، بينهم محامون وطلاب وصحافيون، في انتظار محاكمتهم بسبب دعمهم قضية الاكراد الاتراك.

 

سوريا

الى ذلك، باتت الازمة السورية وتحديدا سياسة أردوغان حيالها، مصدر قلق اضافياً للاتراك، وخصوصاً بعد الهجمات المتكررة التي شهدتها الاراضي التركية على خلفية هذه الازمة، وأخرها تفجيرا ريحانلي اللذان أوديا بـ 51 شخصاً. ولم يتوان أردوغان في الرد على انتقادات داخلية لسياسته السورية، بحظر التغطية الاعلامية لهجومي ريحانلي.
بعد فوزه في ثلاث انتخابات، يتصرف أردوغان كأنه حاكم مطلق الصلاحية. لا يقبل أي حد من صلاحياته. وهو لم يعد يخفي نيته الترشح السنة المقبلة لمنصب رئيس الجمهورية الذي ينتخب للمرة الاولى بالاقتراع الشعبي المباشر.
وإذ يعتبر كل ما يقوم به ثمرة الارادة الديموقراطية التي أفرزتها صناديق الاقتراع، يرى الكاتب في صحيفة "حريت" مراد يتكين أن انتفاضة تقسيم ستغير المعطيات وتقلص للمرة الاولى هالة رئيس الوزراء القوي، ربما في امتداد للدينامية الجديدة التي تجتاح الشرق الاوسط المضطرب.

 


المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,481,733

عدد الزوار: 6,993,198

المتواجدون الآن: 71