تقارير....اتفاق إطاري بشأن سوريا: النتيجة الأقل سوءاً....ثورة اليمن الناجحة

كيف سيرُد «حزب الله» على توجيه ضربات جوية لسوريا؟... اتفاقية أوسلو لا تزال ذات أهمية بعد عشرين عاماً

تاريخ الإضافة الإثنين 23 أيلول 2013 - 7:53 ص    عدد الزيارات 1618    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

كيف سيرُد «حزب الله» على توجيه ضربات جوية لسوريا؟
ماثيو ليفيت
ماثيو ليفيت هو مدير برنامج ستاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن ومؤلف كتاب "«حزب الله»: البصمة العالمية الواضحة لـ «حزب الله» اللبناني
النقاش العام الدائر حول توجيه ضربات لسوريا منح «حزب الله» وايران متسعاً كبيراً من الوقت كي يُصعّدا من حدة خطابهما وتهديدهما بالانتقام. فقد صرح عضو البرلمان الإيراني منصور حقيقت بور قائلاً، "إذا وجّهت الولايات المتحدة ضربة عسكرية ضد سوريا، فإن جمرات الغضب الذي يستعر في ثورات المنطقة سوف تتجه نحو النظام الصهيوني". وقد رد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسرعة وبشكل حاسم بقوله: "إن دولة إسرائيل مستعدة لأي سيناريو. نحن لسنا جزءاً من الحرب الأهلية في سوريا ولكن إذا حددنا أي محاولة على الإطلاق لإلحاق الأذى بنا فسوف نرد، وسنرد بقوة".
ويسعى «حزب الله» للإبقاء على بشار الأسد في السلطة حفاظاً على مصالحه ومصالح إيران على حد سواء. فقد ظلت سوريا على مدى سنوات بمثابة النصير الموثوق لهذه الجماعة الإسلامية، وهي علاقة لم تتعمق جذورها إلا في ظل حكم الأسد. والدليل على ذلك أنه بحلول عام 2010، لم تقم سوريا بالسماح بشحن الأسلحة الإيرانية إلى «حزب الله» على طول البلاد وعرضها فحسب، بل أفادت التقارير بمنحها الجماعة المسلحة صواريخ سكود بعيدة المدى من ترسانتها.
ويحرص «حزب الله» على ضمان بقاء هذه الممرات الجوية والبرية مفتوحة للحصول على الأسلحة والأموال وغيرها من المواد من طهران. وحتى لحظة اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، كانت الطائرات تحلق من إيران باتجاه مطار دمشق الدولي لتنقل حمولتها إلى الشاحنات العسكرية السورية حيث يتم اصطحابها بعد ذلك إلى لبنان بهدف تسليمها إلى «حزب الله». والآن هذا «الحزب» هو بأشد الحاجة إما إلى تأمين نظام الأسد أو سيطرته على المطار والطرق المؤدية إلى لبنان أو، على أقل تقدير، ترسيخ الهيمنة العلوية المحكمة على المناطق الساحلية، وذلك لكي يتمكن من تلقي الشحنات المرسلة عن طريق مطار اللاذقية وميناءها، كما كان عليه الحال في الماضي.
وفي هذا الصدد - وفي حال عدم قدرة إيران و«حزب الله» وسوريا على هزيمة الثوار واسترضاء الأغلبية السنية - يقوم «حزب الله» بتوظيف وكلاء محليين يستطيع من خلالهم الحفاظ على نفوذه في البلاد.
وبينما تستمر الولايات المتحدة بدراسة طريقة الرد، يفعل أيضاً «حزب الله» الشئ نفسه. وبالفعل، هناك دلائل تشير إلى أن جميع الأطراف تستعد لأي ضربة عسكرية. ففي سوريا، هناك تقارير تفيد بأن قوات نظام الأسد تُخلي المباني التي تضم مراكز القيادة بل وتنقل صواريخ سكود وغيرها من المعدات العسكرية الثقيلة بعيداً عن أماكن الخطر. وتردد أن عوائل المسؤولين السوريين يفرون من المنطقة عن طريق رحلات جوية من مطار رفيق الحريري الدولي في العاصمة اللبنانية بيروت.
وفي الوقت نفسه، استدعت إسرائيل جنودها الاحتياطيين بشكل محدود كي تظهر استعدادها، كما نشرت دفاعات صاروخية استراتيجية. وحركت الولايات المتحدة أربع مدمرات نحو أحد المواقع في البحر المتوسط لتكون قادرة منه على ضرب سوريا، وقام «حزب الله» بحشد قواته في جنوب لبنان.
لقد تكبد «حزب الله» خسائر فادحة في سوريا، ولكنه يبقى عدواً له خطورته. فبإمكانه إطلاق صواريخ على إسرائيل، كما تتمتع شبكته العالمية بنفس قدراته ويُمكن أن تنفذ هجمات إرهابية تستهدف المصالح الإسرائيلية أو الغربية. فقد زُعم أن «حزب الله» قام في تموز/يوليو 2012 بتفجير حافلة تقل سياحاً إسرائيليين في بلغاريا كما نجح تقريباً في تنفيذ مؤامرة مماثلة في قبرص في الشهر نفسه. بالإضافة إلى ذلك تم اكتشاف عملاء لـ «حزب الله» في نيجيريا في أيار/مايو هذا العام وبحوزتهم كميات كبيرة من الأسلحة يُزعم أنهم كانوا يعملون على استهداف مصالح إسرائيلية وغربية. وفي ضوء هذه المؤامرات وغيرها التي حيكت، وصفت الحكومة الأمريكية «حزب الله» بأنه "شبكة عالمية واسعة" تقوم بـ "إرسال الأموال وعملائه السريين لتنفيذ هجمات إرهابية في جميع أنحاء العالم".
والسؤال هو : ما مدى شدة الضربات الجوية التي [قد] تستهدف سوريا وبأي صورة سيكون رد «حزب الله» الانتقامي على مثل هذه الهجمات؟
 
 اتفاقية أوسلو لا تزال ذات أهمية بعد عشرين عاماً
ديفيد ماكوفسكي
ديفيد ماكوفسكي هو زميل زيغلر المميز ومدير مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط في معهد واشنطن. وتشمل مؤلفاته الكتاب الذي أصدره عام 1995 "صنع السلام مع منظمة التحرير الفلسطينية : مسار حكومة رابين نحو اتفاقية أوسلو."
تركز هذه المقالة على أثر اتفاقية أوسلو على الجانبين ومزاياها مقابل خطط السلام الأخرى. وسوف يناقش مرصد سياسي مقبل دور الولايات المتحدة في عملية السلام.
التوقيع على اتفاقية أوسلو، التي كللت بمصافحة في البيت الأبيض قبل عشرين عاماً والتي صادفت يوم الجمعة 13 أيلول/سبتمبر، شكلت انفراجة تاريخية وهي: الاعتراف المشترك من جانب حركتين وطنيتين كانتا في مواجهة ضروس امتدت على مدى عقود، والاتفاق المتبادل على اتباع منهج المرحلة الانتقالية الذي من شأنه أن يؤدي إلى التوصل إلى حل سلمي. وفي ضوء التوقعات السابقة بأن العملية ستكون بمثابة الحافز الذي سيدفع الإسرائيليين والفلسطينيين إلى التحول السريع من أعداء إلى شركاء في السلام، هناك سبباً أكثر من كافٍ اليوم يجعل كل طرف يركز على جوانب القصور في الاتفاقية. ومع ذلك، فإن نتائجها تبدو متنوعة إلى حد كبير.
فوائد لكلا الجانبين
من بين الإنجازات الهامة لاتفاقيات أوسلو أنها أوضحت من هم أطراف التفاوض في هذه القضية. فحتى عام 1993، اتسم الصراع بعقود من الفشل في تحديد الجانب الفلسطيني الذي يقود التفاوض. وقد نسي العديد من الناس أن أوسلو لم تمنح تفويضاً على الإطلاق بإنشاء دولتين - وهي حصيلة يوجد حولها اليوم اتفاق واسع النطاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين والمجتمع الدولي. كما أن من أعظم نتائج اتفاقية أوسلو هي أن الغالبية العظمى من السكان على كلا الجانبين يفضلون الآن حل الدولتين، على الرغم من أن كل جانب مقتنع بأن الجانب الآخر لا يشارك قناعاته.
وعلاوة على ذلك، يحظى الفلسطينيون الآن بحكومة - السلطة الفلسطينية - التي تدير شؤون ما يقرب من نصف الضفة الغربية، بما في ذلك جميع مدنها العربية. وتعمل هذه الإدارة مع إسرائيل في الشؤون الأمنية وغيرها من القضايا - وهو أمر لم يكن متصوراً قبل عام 1993. وكان الفلسطينيون قادرين على استخدام هذه الحكومة الأولية لجذب مليارات الدولارات من الدعم الاقتصادي وتعزيز موقفهم الدولي.
وقد استفادت إسرائيل أيضاً. فمعاهدة السلام التي وقعتها مع الأردن كانت نتيجة مباشرة لاتفاقية أوسلو، وأقامت أيضاً علاقات شبه دبلوماسية واقتصادية مع العديد من الدول العربية. وعلى الرغم من حدوث توقف في تلك العلاقات خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية (2000-2004)، إلا أن قدراً معيناً من العلاقات الاقتصادية الهادئة بين دول الخليج العربي وإسرائيل عاد ليأخذ محله ثانية. وعلى نطاق أوسع، كان تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى إسرائيل بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو المفتاح لازدهار التقنية المتطورة التي لا تزال جوهرية لاقتصاد البلاد.
وفي الوقت نفسه، وعلى الرغم من التوترات المستمرة في العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين والاضطرابات الواسعة في المنطقة ككل، انخفض العنف بشدة في الضفة الغربية نتيجة لاتفاقية أوسلو، خاصة منذ وصول الرئيس محمود عباس إلى السلطة قبل ثماني سنوات، وتشييد إسرائيل لحاجزها الأمني ​​. وبطبيعة الحال إذا فقد منهج اللاعنف مصداقيته بطريقة أو بأخرى وإذا ما ترك عباس الساحة السياسية تماماً، فمن الممكن أن ينتهي هذا الهدوء النسبي.
أوجه القصور ومواطن الضعف
بطبيعة الحال لا يمكن إغفال أوجه القصور والخلل في اتفاقية أوسلو. ويلاحظ الفلسطينيون أن حل الدولتين لم يتحقق بعد، ويعود ذلك بصورة جزئية إلى أن تلك الاتفاقية أجّلت القضايا الأساسية (على سبيل المثال، الملامح الإقليمية النهائية للدولة الفلسطينية في الضفة الغربية). بالإضافة إلى ذلك، لم توقف هذه الاتفاقيات النشاط الاستيطاني الإسرائيلي مما عزز بالتالي عوامل إفسادها من الجانب الإسرائيلي.
ومن جانبهم، قد يلاحظ الإسرائيليون أن اتفاقية أوسلو فشلت في إعداد برامج ثقافية حول السلام تعمل على تعزيز المواقف الجديدة بين الجيل المقبل من الفلسطينيين، محطمة بذلك الآمال المرجوة من الإتفاقية وهي أنه يمكن للمصالحة بين الشعبين أن تصاحب المفاوضات النهائية بين الحكومتين. وقد فشلت اتفاقية أوسلو أيضاً في منع اندلاع انتفاضة دامية دامت أربع سنوات وأودت بحياة العديد من الإسرائيليين والفلسطينيين وزادت من قوة الرفض والممانعة الفلسطينية.
وفي الواقع، إن لهذا الإرث المختلط تداعيات على المتفاوضين في الوقت الحالي، وأبرزها الشكوك العميقة في نوايا الطرف الآخر. وفي استطلاع "مؤشر السلام" الذي أجراه مؤخراً "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" وجامعة تل أبيب، قال 41 في المائة من اليهود الإسرائيليين أن حل الدولتين قد أصبح ميتاً، ولا يعتقد 78 في المائة من الذين أجابوا على الاستطلاع أن الفلسطينيين سينظرون إلى توقيع اتفاقية السلام كنهاية للصراع. وبالمثل، وفقاً لـ "المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية" في رام الله، يعتقد 69 في المائة من الفلسطينيين بأنهم سوف يبقون عديمي الجنسية ودون دولة فلسطينية بعد خمس سنوات من الآن، في حين يعتقد 82 في المائة من الذين أجابوا على الاستطلاع أن هدف إسرائيل على المدى البعيد هو ضم الضفة الغربية.
وفي ضوء هذه المواقف، لا يرغب القادة من كلا الجانبين في المخاطرة. وبدلاً من الاعتماد على نوع من القيادة الحكيمة التي شهدناها في الماضي (على سبيل المثال، من قبل أنور السادات و إسحاق رابين)، يتعيّن على الإسرائيليين والفلسطينيين أن يغيّروا من تحليل التكاليف والفوائد المتمثلة بآراء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس عباس اذا كانوا يريدون حقاً التوصل إلى اتفاق. ونظراً لحرص القادة وحذرهم من ردة فعل جماهيرهم، فإنهم سيكونون بحاجة إلى إشراك شعوبهم في صنع القرار والتعامل مع الطرف الآخر من أجل تعزيز الدعم الجماهيري، وهذا بدوره سيمنحهم الثقة السياسية الكافية لاتخاذ قرارات سياسية حاسمة.
الإفلاس الأخلاقي لمقترحات "الدولة الواحدة"
استمرت صلاحية اتفاقية أوسلو للتطبيق نظراً لأن هؤلاء الذين يرفضون فكرتها من الأساس - تقسيم الضفة الغربية إلى كيانين، أحدهما إسرائيلي والآخر فلسطيني - لم يتمكنوا من التوصل إلى أي بديل عادل وقابل للتطبيق. وترفض الأردن بشدة التفاوض حول القضايا الإقليمية نيابة عن الفلسطينيين خوفاً من الانجرار إلى دوامة من التوترات بين إسرائيل والفلسطينيين، لذلك ظهرت أكثر الاقتراحات راديكالية في بعض الدوائر الأكاديمية: حل الدولة الواحدة. ووفقاً لهذه الفكرة، توافق إسرائيل على دمارها، وهو الأمر بالنسبة للسلطة الفلسطينية. وكبديل لهما تنشأ دولة ديمقراطية ثنائية تجمع بين اليهود والعرب من إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة.
وتشير استطلاعات الرأي حالياً إلى أن حوالي 8 في المائة من الإسرائيليين فقط يؤيدون نموذج الدولة الواحدة (وأغلبهم من أقصى اليسار وأقصى اليمين)، في حين يصل الدعم الفلسطيني إلى 29 في المائة. ولا تشكل أي من هاتين النسبتين وزناً سياسياً كبيراً نظراً لطبيعة السياسة الإسرائيلية والفلسطينية. وفي المقابل، تؤيد أغلبية واضحة في كلا الجانبين حل الدولتين، في حين أن شخصيات بارزة رفضت بشدة فكرة الدولة الواحدة. وفي حزيران/يونيو المنصرم، على سبيل المثال، قال مخطط اتفاقية أوسلو وقيادي إسرائيلي من الحمامات يوسي بيلين بأن هذه الفكرة "مختلة"، معتبراً أن أي زعيم صهيوني لن يقبل اقتراح الدولة الواحدة: "إن أي زعيم سوف يمنع قيام وضع تحكم فيه أقلية يهودية أغلبية فلسطينية. أتوقع أن يفضل زعيم من يسار الوسط قطع العقدة المستعصية من خلال توقيع معاهدة سلام مع الفلسطينيين، استناداً إلى روح معالم كلينتون من عام 2000 ومبادرة جنيف من عام 2003، في حين سيفضل زعيم من يمين الوسط أن يفعل ذلك من خلال الانسحاب من جانب واحد إلى الحاجز الأمني الذي بناه زعيم الليكود السابق أريئيل شارون."
وبالمثل، سخر السياسي الإسرائيلي أبا إيبان من فكرة الدولة الواحدة خلال فترة حياته، حيث كان يشير إلى أن الإسرائيليين والفلسطينيين يتحدثون لغات مختلفة ويأتون من ثقافات مختلفة ولا يشاطرون الحياة اليومية المشتركة. وعلاوة على ذلك، أصيبوا بصدمات نفسية من قبل بعضهم البعض عن طريق الإرهاب الفلسطيني والسيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية.
وقد حاول بعض الأكاديميين القول بأن إقامة دولة ثنائية القومية هو جزء من اتجاه أوسع نطاقاً لانهاء صراعات طال أمدها بين دول مكونة من عدة قوميات عرقية. بيد، لم تكن هناك حتى الآن أي مبادرة للدمج بين دول في حالات مماثلة بشكل واضح، مثل الهند و باكستان. كما أن لبنان الثنائية القومية هي دولة فاشلة إلى حد كبير - حيث عانى شعبها حرباً أهلية دامت خمسة عشر عاماً وتزايدت فيها التوترات الطائفية على الرغم من كونها دولة عربية يتحدث سكانها لغة مشتركة.
وفي الواقع، أن الاحتمالات هي أن حل الدولة الواحدة لن يزيد إلا من حدة الاختلافات الأكثر وضوحاً بين اليهود والعرب بدلاً من أن يحل الصراع. فكلا الجانين سيسعى بلا أدنى شك إلى أن تكون له اليد العليا في هذه الدولة. على سبيل المثال، يمكن للمرء أن يتصور بسهولة أن الفلسطينيين سيسعون إلى فتح الدولة المشتركة أمام أحفاد اللاجئين الفلسطينيين على أمل أن يدفع ذلك المواطنين اليهود إلى الفرار، كما هو الحال بالنسبة للأقليات الأخرى التي أُجبرت على الخروج من الشرق الأوسط على يد قوات غاشمة. وفي هذا الصدد، فإن الدولة ثنائية القومية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالفكرة الموضحة في ميثاق السلطة الفلسطينية الأصلي الذي دعا إلى دولة ديمقراطية علمانية، غير أنه أعلن أن اليهود الذين لم يعيشوا في فلسطين التاريخية قبل عام 1917 سيتم طردهم من هذه الدولة. كما أنها تتناسب أيضاً مع أيديولوجية العديد من الإسلاميين الذين يرون أن اليهود ليست لديهم حقوق في الأرض المقدسة. وحتى إدوارد سعيد، الذي هو من المفكرين الرائدين الذين يؤيدون حل الدولة الواحدة، قد عبر عن مخاوفه فيما يخص تأثيرها السلبي المحتمل على اليهود الإسرائيليين حيث قال: "هذا المقترح يقلقني كثيراً. فمسألة مصير اليهود المنتظر في هذا المقترح تبدو في غاية الصعوبة بالنسبة لي. وأنا حقاً لا أعرف". لذا وباختصار، وبعيداً كل البعد من أن تعمل الدولة ثنائية القومية على حل المشكلة، ستكون فكرتها بمثابة طريقة لإراقة الدماء واحتدام الصراع إلى ما لا نهاية.
الخاتمة
على الرغم من أنه يمكن للمرء أن يتفحص اتفاقية أوسلو بعد مرور عامها العشرين ويتحسر على ما فيها من قصور، إلا أنها ستحظى بالتقدير التام عندما يقوم المرء بتقييم إنجازاتها بصدق ومقارنتها بالعواقب المحتملة لبدائلها. فتدمير إسرائيل والحركة القومية الفلسطينية على أمل بناء دولة ثنائية القومية جديدة ليس فقط يثير الاشمئزاز من الناحية الأخلاقية، ولكنه أيضاً مشروع محكوم عليه بالفشل من المهد. فأي حل يمكن طرحه ينبغي أن يأخذ في عين الاعتبار حقيقة أن النزعة القومية لا تزال تشكل قوة مؤثرة في الشرق الأوسط ولا يمكن تجاهلها.
 
ثورة اليمن الناجحة
دانيال غرين
دانيال غرين هو زميل آيرا وينر في معهد واشنطن.
يضع الاختتام المقرر لـ "مؤتمر الحوار الوطني" اليمني هذا الأسبوع نهاية لآخر مرحلة من إحدى التجارب الفريدة الناجحة في التحول السياسي في الشرق الأوسط. فقد شارك معظم أصحاب المصلحة في اليمن في عملية الحوار التي استمرت على مدار ستة أشهر، ناقشوا خلالها بشكل مكثف مختلف القضايا التي تواجه بلادهم. هذا وقد تعززت فكرة إجراء مثل هذا الحوار في ثوب رسمي بفعل اتفاق تقاسم السلطة تم التوصل إليه عام 2011 وتوسط فيه "مجلس التعاون الخليجي". وقد أتاح الاتفاق المذكور - الذي سهل نقل السلطة من الرئيس السابق علي عبد الله صالح - الفرصة لليمن كي تتلافى معظم أعمال العنف المتطرفة التي اجتاحت دولاً أخرى في المنطقة والتمتع بربيع عربي سلمي نسبياً. وعلى الرغم من أن العديد من مشاكل اليمن تستلزم سنوات إن لم نقل عقوداً من الزمن للتغلب عليها، بدأت العملية الديمقراطية تبشر بحلول غير عنيفة لهذه التحديات. وبينما تتابع دولاً أخرى كفاحها للمرور بمراحلها الانتقالية، فمن المفيد أن نقيّم الكيفية التي وصل بها اليمن إلى هذه النقطة ونحدد فرص الحصول على المزيد من الدعم الدولي.
نظام صالح
يرتبط نجاح الثورة اليمنية كثيراً بالطريقة التي مورست بها السياسة داخل الدولة إبان حكم صالح وكيف تعامل النظام مع جماعات المعارضة السياسية. وبشكل عام حاول صالح إدماج أكثر ما يُمكن إدماجه من المجتمع في ثوب الدولة لكي يوسع القاعدة التي تدعمه (على الرغم من أن تلك الجهود كانت أقل وضوحاً بكثير في بعض المناطق ولا سيما في الجنوب). ولم يقتصر الرئيس السابق على السماح بوجود معارضة سياسية، بل وفر لها دوراً في الحكومة، مشاركاً رموز المعارضة بطريقة زادت من قوتهم. وعلى الرغم من أن "حزب المؤتمر الشعبي العام" الذي ترأسه صالح كان هو الذي يمارس زمام الأمور بوضوح، إلا أنه لم يكن يتمتع بالسلطة المطلقة وكان عرضة للنقد - ولم تَقْدِم الدولة على سجن موجهي الانتقادات من المعارضة بشكل ممنهج أو تقم بعمليات قمع شاملة لمؤيديهم.
ومن جانبها، لم تكن مجموعات المعارضة السياسية متجانسة. فقد اعتنق أعضاؤها أفكاراً متباينة (الاشتراكية والقبلية وهكذا دواليك)، الأمر الذي ساعد على تقليص تأثير الإسلاميين، وفي الوقت نفسه غرس بذور جيل جديد من القادة يضمون مجموعة متنوعة من الأصوات السياسية.
وعلى الرغم من أن النظام لم يكن يخجل من استخدام القوات الأمنية لفرض إرادته، إلا أنه كان يمتنع عادة عن القيام بذلك إلا بعد فشل الجهود السياسية، ثم كان يستخدمها عادة بطريقة محدودة. وفي حالة المتمردين الحوثيين، كانت هذه السياسة غير فعالة مما أدى إلى قيام هذه الجماعة بتأسيس منطقتها السياسية ذات الحكم الذاتي الخاص بها في الشمال. وفي الواقع، أعطى عدم تمتع الدولة بالسيطرة الكاملة على أراضيها قسطاً كبيراً من الحرية لجماعات متعددة، ومن هنا كانت تتركز شكاوى المعارضة من نقص التواجد الحكومي بقدر تركزها على الانتهاكات التي يرتكبها النظام.
الربيع اليمني
ساهم التجانس الكبير بين أهل اليمن وعزلة البلاد الجغرافية - من بين عوامل أخرى- في عملية الانتقال السلمي النسبية من صالح إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي. ونظراً لموقعها في نهاية شبه الجزيرة العربية، لم تشهد اليمن كثيراً من التدخل الخارجي من قبل قوى إقليمية أو جماعات عابرة للحدود الوطنية، الأمر الذي حال دون تصاعد الصراع السياسي. وعندما تدخلت القوى الأجنبية، كان ذلك في كثير من الأحيان بناء على طلب الحكومة (على سبيل المثال، أرسلت العديد من دول الخليج مساعدات). وبينما تستمر الانقسامات السياسية العميقة في صورة جماعات مثل "الحراك الجنوبي" والحوثيين الوحدويين، إلا أن أكثر السكان هم من أصول عرقية متماثلة. وهذا يعني أن قضايا الهوية والاحترام والمظالم القديمة محدودة ولا يمكنها تأجيج نيران القومية العرقية أو إثارة المواجهات الطائفية الأمر الذي يسمح للسياسيين بالتركيز على قضايا أخرى.
وقد لعبت الأولويات السياسية للغرب ودول "مجلس التعاون الخليجي" أيضاً دوراً محورياً في عملية الانتقال. إذ أن بروز تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» أوضح لكثير من الحكومات الغربية ما الذي يمكن أن يحدث إذا ما سقطت اليمن في براثن حرب أهلية. وكانت إحدى التطورات الأساسية تتمثل في الدور الموسع للمستشار السابق لمكافحة الإرهاب جون برينان، الذي أصبح المتحدث الرئيسي لواشنطن مع صالح. فمن خلال موقعه في البيت الأبيض، فإن برينان - الذي كان له باع طويل مع اليمن من خلال عمله لسنوات كمسؤول "وكالة المخابرات المركزية" في المملكة العربية السعودية - جلب انتباهاً على أعلى المستويات لهذه البلاد مما قضى على العقبات البيروقراطية. ونتيجة لذلك، سلطت الولايات المتحدة اهتماماً مركزاً على اليمن وقدمت المساعدة إليها، بما في ذلك المشورة العسكرية و الدعم فضلاً عن مساعدات مدنية إضافية. وتم استكمال هذه الجهود من خلال التزامات مالية وسياسية كبيرة من قبل دول "مجلس التعاون الخليجي".
زعامة منصور هادي
عندما أدى منصور هادي اليمين الدستورية كرئيس للبلاد في شباط/فبراير 2012، تولى المسؤولية عن حكومة منقسمة بين أنصار صالح وقادة المعارضة المنضمين للسلطة حديثاً. كما واجه وجوداً كبيراً لـ تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» في الجنوب ومواجهات مسلحة بين الفصائل السياسية في العاصمة. ولكن من خلال مجموعة من المبادرات الحكومية الفعالة والقيادة القوية وحسن توقيت التدخلات الأجنبية، استطاع رد هجمات تنظيم «القاعدة» وتنفيذ سياسات نزع السلاح في صنعاء، وتهيئة جو من الحوار الحر حول مشاكل اليمن. وعلى وجه الخصوص أيد بقوة "الحوار الوطني" الذي بدأ في منتصف آذار/مارس. وعلاوة على ذلك ونظراً لإبقاء بعض أعضاء نظام صالح في الحكم كجزء من اتفاق لتقاسم السلطة برعاية "مجلس التعاون الخليجي"، تشتت خصومه السياسيون الأمر الذي أتاح له المزيد من حرية العمل وسمح له بالاستفادة من كفاءات أعضاء الحكومة السابقة.
كما مهدت جهود منصور هادي لإصلاح الجيش بصورة تدريجية - مثل تعزيز الاحترافية بدلاً من المحسوبية وتوفير مخارج آمنة تحفظ ماء الوجه لقادة الجيش المقريبين جداً من النظام القديم - لقيام كذلك جو من التسامح ساعد في عملية الانتقال. وفي وقت سابق من هذا العام، على سبيل المثال، عينت الحكومة أحمد علي - نجل صالح الوحيد والوريث السابق الواضح ورئيس الحرس الجمهوري في ظل النظام القديم - في منصب سفير اليمن في الإمارات العربية المتحدة. وعندما أثبتت الصعوبات مع الموالين لصالح استعصاءها على الحل، ناشد منصور هادي المجتمع الدولي الأمر الذي دفع الحكومات الأجنبية إلى تهديد المتصارعين وصناديد النظام بالاستيلاء على أصولهم وفرض عقوبات عليهم. وقد ساعدت هذه التدخلات المستهدَفة الرئيس في التعامل مع مجموعات قوى محصنة.
وبما أن منصور هادي يتمتع بقاعدة قوة سياسية شخصية، فإنه سعى لتحقيق التوازن بين مصالح الجماعات اليمنية المتنوعة وبناء مؤسسات الدولة من أجل ترسيخ موقفه، في مقابل توطيد شبكات القوى غير الرسمية. وقد ترتب على ذلك نتيجة غير مقصودة تمثلت في تعزيز الاستقرار من خلال قيام حكومة أقوى. وكذلك سعى لمعالجة تاريخ النظام الحافل بالانتهاكات عن طريق الاعتذار للجنوبيين والحوثيين عن الصراعات الماضية وتسهيل تأسيس صندوق بقيمة 1.2 مليار دولار لموظفي الخدمة المدنية السابقين والمسؤولين العسكريين في الجنوب الذين فُصلوا من وظائفهم في أعقاب توحيد شمال وجنوب اليمن. وقد فعلت هذه الإشارات الكثير لتعزيز الاستقرار. وأخيراً، أبرم الرئيس العديد من الاتفاقيات الدولية لضمان التمويل لحكومته وتحسين الوضع الاقتصادي في اليمن من خلال "البنك الدولي" و"صندوق النقد الدولي" والأمم المتحدة.
الخطوات التالية
على الرغم من أن الانتقال السياسي في اليمن كان ناجحاً حتى الآن، إلا أن هناك جهوداً إصلاحية أعمق سوف تضع استقرار الحكومة الجديدة تحت الاختبار. ومن المرجح أن تحدث سلسلة من الإصلاحات الدستورية والسياسية والاقتصادية عقب انتهاء [اجتماعات] "مؤتمر الحوار الوطني". وسوف يصعب تنفيذ العديد من هذه التدابير وسيتطلب ذلك دوراً أمريكياً فعالاً في تأييد قيادة الرئيس منصور هادي. وينبغي أن يستعد المسؤولون الأمريكيون لدعم أي إصلاحات تلبي هدف واشنطن في تحقيق الاستقرار لليمن بشكل علني ومادي. ويتعيّن عليهم أن يعملوا أيضاً مع المجتمع الدولي من أجل مساعدة صنعاء على صبغ جيشها بالصبغة الاحترافية وتحديث هياكلها الإدارية وتحقيق الاستقرار لاقتصادها وتوسيع نطاق هجومها ضد تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية». وعلاوة على ذلك، من شأن فترة الإصلاح أن تعطي واشنطن فرصة لإعادة النظر في استراتيجيتها الحالية القائمة على الاعتماد الكبير على هجمات الطائرات بدون طيار ضد تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية»، والسعي للبحث عن شراكة أكثر ثباتاً واستمرارية مع اليمن تهدف إلى تحسين الحوكمة المحلية والظروف الأمنية.
 
اتفاق إطاري بشأن سوريا: النتيجة الأقل سوءاً
جيمس جيفري
جيمس إيف. جيفري هو زميل زائر متميز في زمالة فيليب سولوندز في معهد واشنطن.
يتضمن الخبر السار حول الاتفاق الإطاري الجديد بين الولايات المتحدة وروسيا حول سوريا إمكانية إزالة الأسلحة الكيمياوية لنظام الأسد، والقضاء على أداة رئيسية ضد الثوار. ولا يمكن تصور هذه النتيجة إذا لم تهدد واشنطن بالقيام بعمل عسكري. وتبدأ الأخبار السيئة مع العقبات الرئيسية التى يواجهها الاتفاق في مسار مصداقية أي تهديد للولايات المتحدة باستخدام القوة من جانب واحد، إضافة الى قضايا أخرى مزعجة. ونظراً لموقف الرئيس أوباما من أن القوة العسكرية - حتى وإن كانت تشمل عملية لها ما يبررها، ومنخفضة المخاطر - تتطلب دعماً من الكونغرس الأمريكي العنيد، فإن هذا الاتفاق يكون النتيجة "الأقل سوءاً". بيد، تواجه واشنطن الآن مهمة عاجلة لتقليل الأضرار التي لحقت بسياستها تجاه سوريا واستراتيجيتها الإقليمية الأوسع نطاقاً.
هل استخدام القوة خارج نطاق البحث؟
قد تعيق الشروط التي تم التوصل إليها بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف القيام بعمل عسكري من جانب واحد إذا انتهك بشار الأسد الاتفاق أو استخدم الأسلحة الكيميائية مرة أخرى. وتنص الفقرة الرابعة من الوثيقة على أنه في حال وقوع مثل هذا الانتهاك أو الاستخدام،على الجانبين الالتزام بإحالة القضية الى مجلس الأمن الدولي، الذي "يجب" أن يصدر قرار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة (أي أجازة استخدام القوة). ولكن أي قرار من هذا القبيل سيتطلب موافقة روسيا، التي لا تزال تشكك في صحة مسؤولية نظام الأسد عن الهجوم بالأسلحة الكيميائية في 21 آب/أغسطس. فما هي الضمانات التي لدى واشنطن بأن موسكو لن تتخذ نفس الموقف من قرار الفصل السابع "في ظل الحقائق" [المنكشفة على الأرض] ؟
لقد أشار الوزير كيري مراراً وتكراراً خلال نهاية الأسبوع الثاني من أيلول/سبتمبر بأن استخدام القوة، بما في ذلك من قبل الولايات المتحدة من جانب واحد، لا يزال قائماً على حاله. ولكن اتخاذ مثل هذه الخطوة دون قيام مداولة في مجلس الأمن من شأنه أن ينتهك على الأقل روح الاتفاق. وكما قال لافروف في الرابع عشر من أيلول/سبتمبر أنه "ليس هناك شيء في الوثيقة حول استخدام القوة".
الاتفاق يميل لصالح الأسد
على الرغم من احتمال إزالة الأسلحة الكيميائية السورية، إلا أن الاتفاق الإطاري يمكن أن ينتهي لصالح الأسد ويضر المعارضة. وحتى بنوده الأكثر فائدة - وهي التحقق من قدرة النظام على استخدام الأسلحة الكيميائية، وهو النظام الذي ظهرت قابليته التكتيكية في إزالة الألغام من المناطق الحضرية في 21 آب/أغسطس - تفرض عدداً من القيود الإشكالية. على سبيل المثال، إذا افترض بأن الأسد سيمتثل للقرار، فسوف يستمر في قدرته على التهديد ضمنياً باستخدام الأسلحة الكيميائية حتى منتصف عام 2014، وهو الموعد النهائي المقترح لتدمير الأسلحة. ويمكن لمثل هذه التهديدات أن تحد من الخيارات التكتيكية المتاحة أمام المعارضة.
وسيخسر الثوار ما هو أكثر في المجال السياسي. فقد تحوّل الأسد من شخص منبوذ بلا أصدقاء تقريباً الى شريك للولايات المتحدة وروسيا في حل مشكلة ارتكبها سلوكه الإجرامي، وجاء ذلك بعد شهور قليلة فقط من إدانة حكومته من قبل أكثر من 100 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وعلاوة على ذلك، في الوقت الذي يتحول فيه التركيز نحو تنفيذ الاتفاق، فسوف تتزايد قدرته على ابتزاز المجتمع الدولي. وعلى وجه الخصوص، إن الحاجة الى تعاونه والسيطرة على مواقع الأسلحة الكيميائية والطرق الملحقة بها في ظل مقاومة الثوار قد تميل بالتعاطف الدولي تجاهه، وربما يشمل ذلك إقرار "مؤقت" لوقف إطلاق النار.
إلا أن وقف إطلاق النار يكاد يكون مستحيلاً في الصراعات التي يشارك فيها ثوار [منتشرين في أماكن مختلفة على طول البلاد وعرضها]. فلا توجد خطوط ثابتة، كما أن الحكومات تميل إلى تأكيد حقها السيادي في الحفاظ على احتكارها للقوة. وفي سوريا، ليس هناك شك بأن النظام سوف يعرض الهجمات على الثوار خارج المناطق الخاضعة لسيطرتهم على أنها مشروعة، لا سيما إذا كانت "مبررة" من أجل تنفيذ الاتفاق الخاص بالأسلحة الكيميائية. وفى ظل هذه الظروف، فسوف تتحول الثورة في النهاية من انتفاضة مشروعة يدعمها معظم المجتمع الدولي إلى عقبة تعوق تنفيذ الاتفاق.
هل يميل التوازن الإقليمي تجاه روسيا؟
كانت روسيا تلعب لعبة ذكية حول سوريا باستعمالها بطاقات محدودة، واستخدامها شحنات الأسلحة، وحق النقض في الأمم المتحدة، والمناورات البحرية لحماية مصالحها، ودعم الأسد حليفها، ووضع عراقيل أمام الولايات المتحدة. وعلاوة على ذلك، من خلال قيام واشنطن بجعل بوتين شريكها، فقد ارتقت به رسمياً إلى مستوى الولايات المتحدة على الرغم من عدم كون روسيا قوة إقليمية خشنة إضافة الى دعمها لنظام قاتل. وإحدى الدلائل على ذلك الارتقاء، هو المقالة الافتتاحية لبوتين في صحيفة نيويورك تايمز فى 11 أيلول/سبتمبر، والتي كانت مفعمة بتأكيدات فاحشة على دور أمريكا في العالم ومسؤولية الثوار عن هجوم 21 آب/أغسطس. إن انعدام أي احتجاج خارجي ضد ما كتبه من هراء هو أكبر مثال على ذلك.
تدارك المسارات السلبية
من أجل مواجهة سلبيات اتفاق الأسلحة الكيميائية، فإن المسار الأكثر أهمية هو تصويره كخطوة "أقل سوءاُ" ذو جوانب إيجابية محتملة، بدلاً من كونه نجاحاً تاريخياً مشابهاً لـ "أزمة الصواريخ الكوبية". ولا تفعل الصفقة شيئاً لحل الأزمة السورية الأكبر، ومن المرجح أن تشجع الأسد على مواصلة القتال دون تقديم أية تنازلات. إلا أنه بإمكان الولايات المتحدة أن تساعد على تغيير التصورات بأنها "مغلولة اليد" من خلال تسريع جهودها لتسليح الثوار، والعمل من أجل تنسيق أفضل مع الفصائل غير المتطرفة، ووضع نهج مشترك مع الحكومات الإقليمية.
كما يجب على واشنطن أن توضح أيضاً بأنها ستقوم بتوجيه ضربة إذا انتهك الأسد الاتفاق أو استخدم الأسلحة الكيميائية مرة أخرى. وفي الوقت الراهن، يمكن للإدارة الأمريكية أن تكون غامضة حول ما إذا كانت مثل هذه الضربة ستأتي بعد الحصول على الموافقة لقرار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، أو بعد الفشل في الحصول على موافقة على قرار كهذا، أو على الفور دون اللجوء إلى الأمم المتحدة. وتحقيقاً لهذه الغاية، ينبغي على الولايات المتحدة الحفاظ على ما يكفي من القوات في البحر المتوسط لتنفيذ التهديد إذا لزم الأمر.
وبعيداً عن الاتفاق، أثارت الأسابيع الأولى من آب/أغسطس تساؤلات حول استعداد الولايات المتحدة لاستخدام القوة العسكرية، سواء في سوريا أو إيران أو في أي مكان آخر. يجب على الرئيس الأمريكي نفسه أن يتخذ خطوات لاستعادة مصداقية الولايات المتحدة من خلال الاعتراف بأن هذه هي الآن مشكلة دولية خطيرة، ساهمت في خلقها لغته وقراراته. إن إحدى الخطوات المفيدة هي تجنب الفكرة بـ "أني أعمل على إنهاء الحروب الأمريكية". فـ "الحروب" بالنسبة للأمريكيين أصبحت تُخلط مع أي استخدام للقوة، مهما كانت محدودة أو ضرورية. ويمكن للإدارة الأمريكية أيضاً أن تعزز مكانتها من خلال ضمان بقاء مدربين عسكريين أمريكيين في أفغانستان، والإعلان بأن هذه النتيجة مهمة للرئيس.
وفيما يتعلق بالقضية النووية الإيرانية، يتعين على الرئيس الأمريكي التعامل مع المعضلات الناشئة عن تطورات الأسلحة الكيميائية السورية واستخدام "الخطوط الحمراء" بشكل عام على حد سواء . فملاحظاته في 15 أيلول/سبتمبر حول إيران كانت خطوة جديرة بالترحيب، لكن لا يزال ينبغي عليه أن يوضح وجهات نظره بشأن القوة العسكرية وما الذي سيفعله إذا عبرت ايران الخط الأحمر الذي وضعه، باستخدام مواضيع من خطابه عند استلامه جائزة نوبل للسلام عام 2009. وعلى الرغم من أن تجنب الميزة الخاصة حول الخطوط الحمراء هي عادة فكرة جيدة، إلا أن كون الإدارة الأمريكية أكثر تحديداً يمكن أن يزيد من مصداقية الولايات المتحدة في ظل الظروف الراهنة.
 
 
 
 
 
 
 
 

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,495,807

عدد الزوار: 6,993,588

المتواجدون الآن: 66