أخبار وتقارير..إيران والبحرين: استغاثة كاذبة أم خطرٌ محدق؟....مطلوب دور فرنسي أكثر فاعلية للرئاسة اللبنانية...واشنطن وهواجس الخطر «البرتقالي»

بوتين في الصين يعزز «التحالف» ويأمل باتفاق لتوريد الغاز الروسي..جيش مالي «استعاد» نقاطاً استراتيجية في كيدال

تاريخ الإضافة الخميس 22 أيار 2014 - 7:00 ص    عدد الزيارات 1809    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

بوتين في الصين يعزز «التحالف» ويأمل باتفاق لتوريد الغاز الروسي
الحياة..موسكو - رائد جبر < كييف - أ ف ب، رويترز -
سعت موسكو وبكين إلى تعزيز علاقات «تحالف استراتيجي»، وتعهد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جينبينغ خلال قمتهما في شنغهاي العمل لإنشاء عالم متعدد الأقطاب، ومواجهة محاولات التدخل في الشؤون الداخلية للدول، في وقت توترت علاقات روسيا مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بسبب أزمة أوكرانيا، وتواجه الصين نزاعات مع فيتنام واليابان والفيليبين على سيادة جزر.
ودعا بيان مشترك أطراف أزمة أوكرانيا إلى «إيجاد تسوية سياسية عبر الحوار»، علماً بأن قوات حرس الحدود الأوكرانية أكدت انسحاب الجيش الروسي 10 كيلومترات من الحدود الشرقية، غداة إصدار الرئيس بوتين أوامر بإنهاء مناوراتهم وعودتهم إلى الثكنات .
لكن زيارة بوتين لشنغهاي، التي وصفتها موسكو بأنها «تاريخية»، لم تحقق النتيجة الأبرز التي أرادتها روسيا عبر توقيع عقد ضخم بقيمة 400 بليون دولار لتصدير الغاز الطبيعي الروسي إلى الصين التي تحتاج بشدة إلى موارد الطاقة، بسبب خلاف على تحديد أسعار الغاز.
وتعمد الكرملين التخفيف من الخلاف عبر تأكيد أن العقد «سيوقع في أي لحظة»، كما أعلن توقيع نحو 40 اتفاقاً خلال الزيارة تهدف إلى توسيع التعاون في مجالات مختلفة، في وقت دعا بوتين إلى تعزيز التجارة الثنائية بين البلدين لتصل إلى مئة بليون دولار بحلول عام 2015، علماً بأن الجانبين تعهدا سابقاً زيادة حجم التبادل إلى 200 بليون دولار بحلول عام 2020.
وكان رئيس الوزراء الروسي ديميتري مدفيديف أشار إلى أن صادرات الغاز الروسي التي قد يتوقف إرسالها إلى أوروبا يمكن تحويلها نظرياً إلى الصين، مشدداً على أن هذا الأمر غير مطروح حالياً، لكنه وارد في ظل امتلاكنا احتياطات كافية لنقل إمدادات غاز إلى الشرق والغرب في الوقت ذاته».
وقال رافايلو بانتوشي من المعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن في لندن: «يريد الروس توجيه رسالة إلى الغرب تفيد بأن لديهم خيارات أخرى، وعلاقات قوية مع الصين المهتمة أكثر بنيل دعم روسيا في مجال الدفاع البحري».
وأطلق الرئيسان مناورات بحرية مشتركة تستمر أسبوعاً في بحر الصين الشرقي بمشاركة 14 سفينة حربية من البلدين. وأكد شي أن التدريبات «تظهر تصميم الصين وروسيا وإرادتهما القويتين في مواجهة التهديدات والتحديات معاً من أجل حماية الأمن والاستقرار».
وأمل بوتين بأن «يقوي الجيشان التعاون بينهما في ظل الوضع الجديد»، علماً بأن التدريبات العسكرية البحرية المشتركة تعتبر الثالثة بين البلدين قرب سواحل الصين. وهو سيشارك مع شي اليوم في افتتاح مؤتمر أمني حول إجراءات بناء الثقة في آسيا.
وكان الرئيس الصيني خص روسيا بأول زيارة خارجية نفذها بعد تولي مهماته العام الماضي. وفي آذار (مارس) الماضي، حضر دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي. لكن أزمة أوكرانيا أحرجت بكين بين دعم موسكو واحترام وحدة وسلامة أراضي البلدان ومبدأ «عدم التدخل».
 
أوكرانيا لم تسجّل تحرّكات روسية على حدودها لكنها لا تؤكّد انسحاباً كاملاً للقوات
النهار..المصدر: (و ص ف، رويترز، أ ب)
أفادت السلطات الاوكرانية أمس أنها لم تعد تسجل تحركات للقوات الروسية على الجهة المقابلة لحدودها مع روسيا، الا أنها لا تستطيع تأكيد الانسحاب الكامل لهذه القوات، وذلك قبل خمسة أيام من الانتخابات الرئاسية الحاسمة لمستقبل البلاد.
وصرح المسؤول الكبير في حرس الحدود الاوكرانية سيرغي استاخوف بأن القوات الروسية تراجعت مسافة عشرة كيلومترات على الاقل عن الحدود مع اوكرانيا. وقال: "يمكننا القول ان القوات الروسية صارت على مسافة 10 كيلومترات على الاقل من الحدود. وفي ما يتعلق بما يحصل بعد تلك المسافة، يجب سؤال الروس"، موضحا ان طائرة استطلاع حلقت امس فوق 820 كيلومتراً من الحدود.
ولكن خلال زيارته لبرلين، صرح وزير الخارجية الاوكراني أندريه ديشتشيتسا بأنه "في هذه اللحظة لا يمكننا تأكيد" الانسحاب، آملاً في "ألا تبقى تصريحات السياسيين الروس عن وجوب انسحاب القوات من الحدود الاوكرانية حبرا على ورق".
وكان الكرملين اعلن تكراراً انسحاب قواته المحتشدة على الحدود الاوكرانية، الا ان حلف شمال الاطلسي والولايات المتحدة لم يؤكدا يوما حصول ذلك.
وأمس أيضاً، قال مسؤول في الحلف: "إننا لم نلحظ أي تغيير على حدود أوكرانيا".
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امر الاثنين القوات المتمركزة قرب الحدود مع اوكرانيا بالعودة الى ثكنها، الا ان واشنطن والحلف ردا بأن لا دليل على ان روسيا بدأت انسحابها.
وصباح أمس، اكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ان القوات في مرحلة التحضير للانسحاب.
وتتهم كييف موسكو بدعم الحراك الانفصالي المسلح في شرق البلاد، وتنشر روسيا 40 الف جندي، بحسب تقديرات الحلف، على الحدود مع اوكرانيا في اطار مناورات عسكرية.
رينات أحمدوف
وتزامن اعلان روسيا الانسحاب من الحدود مع مواجهات متكررة بين الانفصاليين الموالين لروسيا والقوات الاوكرانية في منطقتي دونتسك ولوغانسك في شرق البلاد.
ولكن برزت أمس في اوكرانيا دعوة الرجل الاغنى في البلاد والاقوى في الشرق رينات احمدوف الى التظاهر ضد الانفصاليين، ذلك أن موقف رجل الاعمال قد يشكل نقطة تحول كبيرة في الشرق، حيث تعتبر شركاته المشغل الاول في المنطقة، نظراً إلى تنوع اعماله بين المعادن ومناجم الفحم والمصارف. كما انه يملك نادي كرة القدم شختار دونتسك لكرة القدم الذي يضطلع مؤيدوه بدور مهم في المنطقة.
وقال أحمدوف: "ادعو جميع الموظفين لدي في كل انحاء دونباس الى الخروج للتظاهر سلميا امام الشركات التي يعملون فيها".
واضاف الرجل الذي تقدر ثروته بـ12,2 مليار دولار استناداً إلى مجلة "فوربس" ان "السكان تعبوا من العيش في الخوف والرعب، ومن النزول الى الشوارع ليتعرضوا لاطلاق نار. هناك اشخاص يتجولون حاملين السلاح وقاذفات القنابل. المدن صارت مسارح للجرائم والسرقات".
ونظمت تجمعات قرب مصانع يملكها احمدوف، على الاقل في مدينتي ماريوبول ودونتسك.
وفي ماريوبول، حيث مصنع الحديد الذي يملكه، تجمع آلاف العمال في ملعب لكرة القدم. وقال أحد مسؤولي المصنع امام المتظاهرين ان "الاشخاص من جمهورية دونتسك الشعبية يحولون منطقتنا كابوساً. واذا استمر ذلك خلال يومين فسوف يكون على مصنعنا ان يقفل".
أما الانفصاليون الموالون لروسيا، فأعلنوا بدء عملية "تأميم" الشركات في المنطقة، وخصوصا تلك التي يملكها أحمدوف.
وينكب رجل الاعمال منذ أيام على العمل من اجل حماية عماله ومصانعه من الانفصاليين. وانشأ مجموعات غير مسلحة من موظفيه للمساعدة على اعادة النظام في ماريوبول بعد اعمال عنف أوقعت قتلى.
وفي موسكو، قال نائب وزير الخارجية الروسي غريغوري كارسين إن الانتخابات الرئاسية المقررة الاحد في أوكرانيا ستعمق الانقسامات السياسية في الدولة إذا لم تتوقف العمليات العسكرية وتطبق "خريطة طريق" لإنهاء الأزمة.
وتصريحات كارسين هي الأحدث من موسكو التي تشكك في امكان اعترافها بالانتخابات.
 
جيش مالي «استعاد» نقاطاً استراتيجية في كيدال
باماكو – رويترز، أ ف ب -
أعلن مصدر عسكري أمس، أن جيش مالي استعاد من دون قتال نقاطاً استراتيجية من متمردي الطوارق في بلدة كيدال شمال البلاد. وأشار إلى «وصول كل التعزيزات (العسكرية) وسيطرتها على كل المواقع الاستراتيجية في البلدة، باستثناء مكتب الحاكم»، مضيفاً: «نحن في انتظار قرار سياسي قبل بدء هجوم» على المتمردين. وكان الرئيس المالي إبراهيم بوبكر كايتا وصف هجوماً شنّه المتمردون في كيدال أوقع عشرات القتلى، إضافة إلى خطفهم عشرات الموظفين، بأنه «ليس سوى إعلان حرب على دولة مالي»، وزاد: «أقسم بأن هذه الجرائم الشنيعة لن تفلت من العقاب».
إلى ذلك، أجلّت فرنسا لأسابيع، خططاً لإعادة نشر 3 آلاف جندي لمحاربة متشددين في غرب أفريقيا، معتبرة أنها تحتاج إلى مساعدة في التعامل مع عنف متجدد في شمال مالي. كما أرجأ وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان زيارة لمالي وتشاد كانت مقررة الأحد المقبل.
 
إيران والبحرين: استغاثة كاذبة أم خطرٌ محدق؟
ماثيو ليفيت
ماثيو ليفيت هو زميل "فورمر- ويكسلر" ومدير برنامج ستاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن. وأحدث كتبه هو "«حزب الله»: البصمة العالمية الواضحة لـ «حزب الله» اللبناني".
في الخامس من أيار/مايو - في ما أصبح حدثاً نموذجياً على نحو متزايد في البحرين - قام عدة أشخاص بإلقاء قنابل مولوتوف على مركزٍ للشرطة في المنامة، مما أدى إلى إلحاق أضرار بواجهات المحلات إلا أنه لم يُسفر عن وقوع إصابات. وقد اشتدت حدة هذه الأحداث على مدى الأشهر القليلة الماضية في القرى الشيعية المحيطة بالعاصمة، المنامة - ففي آذار/مارس، قُتل ثلاثة من ضباط الشرطة كنتيجة لوقوع تفجير في الديه؛ وفي الشهر الماضي، أصيب ضابط بانفجار آخر في نفس القرية؛ وبعد أيام من ذلك، ألقيت قنبلة حارقة على سيارة تابعة للشرطة في مدينة حمد.
وفي كثير من الحالات، كان أفرادٌ من الأغلبية الشيعية في البحرين متورطين في مثل هذه الهجمات. وقد ألقى النظام الملكي السني في الجزيرة باللائمة على نظام إيران الشيعي لدعمه العنف وتقويضه حكمها. في الوقت نفسه، يشعر المسؤولون الأمريكيون بمخاوفهم الخاصة من دعم طهران للأعمال الإرهابية في البحرين، لا سيما وأن وزارة الخارجية الأمريكية - في تقريرها السنوي الأخير لمكافحة الإرهاب - ألقت الضوء على شحنة حديثة من الأسلحة الإيرانية المتوجهة إلى الجزيرة. إلا أن المنامة تعاني من مشكلة في المصداقية نظراً إلى الاستجابة القاسية التي جابهت بها الاحتجاجات السلمية على مدى السنوات الثلاث الماضية، الأمر الذي يجعل من الصعب للغاية تقييم مدى ضلوع طهران في دعم العنف بصورة نشطة.
ثغرة في المصداقية
منذ شباط/فبراير 2011 تجتاح الاضطرابات المتدنية المستوى المملكة مع نزول المحتجين السلميين إلى الشوارع في سياق "الربيع العربي". وقد قامت حكومة آل خليفة بقمع المظاهرات بالعنف، حتى أنها حكمت على الأطباء والممرضين الذين عالجوا المتظاهرين الجرحى بالسجن لفترات تتراوح بين خمسة أعوام وعشرين عاماً بتهم تتعلق بالإرهاب. ومع أن هذه التهم كانت ملفّقة، سرعان ما بدت بعض التهم الموجهة ضد مشتبهين آخرين شرعيةً حين تحولت الاحتجاجات السلمية إلى فوراتٍ من العنف.
ومن المؤسف أنّ المنامة مسؤولة إلى حدٍ كبير عن تعتيم الخط الفاصل بين الاحتجاج السياسي والعنف. فقد وضعت الحكومة «حزب الله» وعدّة جماعات شيعية عنيفة على لائحة الإرهاب، مصرة على أن إيران تقف وراء العنف. إلا أن إجراءاتها العشوائية الصارمة دفعت البعض إلى اعتبار المزاعم حول رعاية إيران لهذه الأعمال مجرد حرب دعائية هدفها تشويه أي تحدٍّ يعترض النظام الملكي.
ومع ذلك، لا يمكن الإنكار أن الاعتداءات المتدنية المستوى تواصل اكتساح المملكة بوتيرة متصاعدة. وفي حين يتعذر ربط كل حدث مماثل بطهران، برزت تقارير تفيد عن وجود بصمة إيرانية في مسرح هذه الحوادث. وبوجه الخصوص بيّنت حادثة القبض على قارب سريع من العراق كان ينقل أسلحة ومتفجرات إيرانية في كانون الأول/ديسمبر 2013 أنه لا يمكن استبعاد المخاوف من التدخل الإيراني في البحرين بلا تفكير. ونظراً إلى تاريخ طهران في إثارة العنف على الجزيرة، يجدر فعلاً التحقيق بدقة في هذه المخاوف.
السياق التاريخي
لطالما اتهمت المنامة، شأنها شأن حكومات دول الخليج العربي الأخرى، إيران بالتحريض على الفتنة ودعم المسلحين الذين يعارضون النظام الملكي. فالبحرين تحديداً تعتبر حالة دقيقة حيث أن الأسرة الحاكمة سنيةٌ وتحكم شعباً ذو غالبية شيعية في جزيرة صغيرة ترتبط بجسر إلى المملكة العربية السعودية وتقع على بعد 124 كيلومتر فقط عبر الخليج من إيران. وتساهم التركيبة السكانية والجغرافية منذ زمنٍ بعيد في اشتداد حساسية المنامة تجاه التدخل الإيراني المحتمل؛ كما أن عدم الاستقرار في السنوات القليلة الماضية، لم يؤدي سوى إلى تأكيد المخاوف التي يعود تاريخها إلى بداية ثمانينيات القرن الماضي.
وفي أعقاب الثورة الإسلامية عام 1979، بدأت إيران برعاية الأعمال الإرهابية في العديد من البلدان كوسيلة لتصدير ثورتها وتعزيز مصالحها الاستراتيجية. ويشير تقريرٌ صادر عن "وكالة الاستخبارات المركزية" الأمريكية حول الإرهاب المدعوم من طهران إلى أن البحرين كانت "مستهدفة بمؤامرة إرهابية" عام 1987، إلا أن النسخة التي رُفع عنها التصنيف من التقرير لم تشمل تفاصيل عن هذه الحادثة. وفي تقريرٍ صدر في تموز/يوليو 1988، حذّرت "الوكالة" من أن المصالح الأمريكية في البحرين والكويت تشكل "أهدافاً مؤاتية ومناسبة" للهجمات التي ترعاها إيران، نظراً إلى علاقة كل بلد مع واشنطن واتساع قاعدة المغتربين الإيرانيين فيها. وأوضحت "الوكالة" في تقريرٍ آخر لذلك العام:
على الرغم من أن بعض الأعمال الإرهابية التي ارتكبها الشيعة لم تحدث بإذنٍ صريح من طهران، إلا أن طهران تشجع مثل هذه الأعمال من حيث المبدأ ويمكنها أن تدعو هؤلاء المتطرفين إلى شن عمليات إرهابية. وتشمل الفصائل المدعومة من إيران، "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق"، و "منظمة الثورة الإسلامية في شبه الجزيرة العربية"، و "الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين"، و "حزب الدعوة الإسلامي"، الذي لديه فروع في البحرين والكويت ولبنان.
وأشارت "الوكالة" أيضاً إلى أنه غالباً ما استعانت إيران بخبرة «حزب الله اللبناني» من أجل تدريب مجندين من السعودية والكويت والبحرين. وبحلول أواخر الثمانينات من القرن الماضي، بات لـ «حزب الله» عدة فروع نشطة تعمل في مختلف دول الخليج - ووفقاً لـ "وكالة المخابرات المركزية"، كانت تلك الفروع "تستلهم أفكارها من عناصر في الحكومة الايرانية وتحصل منها على دعمها وتخضع لتوجيهاتها".
أما في البحرين، فتدعم طهران منذ زمن بعيد فروع التنظيمات الشيعية المقاتلة مثل «حزب الله» و"حزب الدعوة". وفي عام 1986، باشرت المنامة بالقضاء على «حزب الله البحريني»؛ وبعد عامٍ على ذلك قامت بتوقيف ومحاكمة تسعة وخمسين متهماً من أعضائه. لكن هذه الجماعة كانت لا تزال بمنأى عن الهزيمة - ففي آذار/مارس 1997، أوقفت أجهزة الاستخبارات الكويتية ثلاثة عشر بحرينياً وعراقيَيْن اثنيْن في مدينة الكويت، كانوا يعملون في ذلك الوقت تحت اسم «حزب الله الخليج». وكشفت المراسلات التي ضبطت في منازلهم أن لديهم اتصالات مع أشخاص في دمشق - سوريا، وقم - إيران، وأنهم كانوا يجمعون الأموال لإرسالها إلى البحرين. ووفقاً لمسؤولين كويتيين، أظهرت الأدلة أيضاً أن الخلية كانت تعمل تحت إشراف "وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية". وعلى كل حال، من الواضح أن «حزب الله البحريني» كان يعمل مع العناصر الشيعية المسلحة في جميع أنحاء الخليج.
وعلى الرغم من النجاح في تفكيك هذه الجماعة بحلول عام 1997، بقي مسؤولو الاستخبارات في المنامة متخوفين في ذلك الحين من أن يكون "العديد من كبار قادة" «حزب الله البحريني»، بمن فيهم "ثلاثة من أعضاء المجلس العسكري"، قد تجنبوا الاعتقال وربما "يحاولون لمّ الشمل وتنفيذ أعمال ذات صلة بأنشطة «حزب الله»". ووفقاً لـ "وكالة الاستخبارات المركزية"، فإن "أحد كبار قادة الجماعة"، محمد حبيب منصور الصفاف، زُعم أنه يدير ملجأً سرياً في الكويت كان بمثابة "نقطة عبور رئيسية بين البحرين ولبنان"؛ وأشارت "الوكالة" أيضاً إلى أنه "عمل في تهريب الأسلحة وربما لا يزال يشارك في الأنشطة المتعلقة بالإرهاب". بالإضافة إلى ذلك، ذكرت "الوكالة" أن عضو المجلس العسكري لـ «حزب الله البحريني»، عادل الشعلة، الذي فر من الجزيرة، قد يكون مرتبطاً بـ «حزب الله السعودي» المسؤول عن تفجير "أبراج الخبر" عام 1996. ونقلاً عن لسان المسؤولين البحرينيين، يحتمل أن يكون سبعة وثلاثين عضواً معروفاً آخر من الجماعة قد فرّ إلى إيران أو لبنان. إن علاقاتهم المحتملة بإيران، ناهيك عن اسم «حزب الله الخليج» الذي اعتمدته خلية الكويت، قد دفع المحللين في "وكالة الاستخبارات المركزية" إلى الاستنتاج في تقرير في أيار/مايو 1997 بأن "طهران ربما تعمل على تشكيل خلية جديدة لـ «حزب الله» من أجل التصدي للحكومة البحرينية".
الجيل القادم من "المقاومة" في البحرين؟
بعد أن بدأت المنامة بقمع الاحتجاجات الشعبية عام 2011، نظمّت العديد من الجماعات الشيعية المقاتلة نفسها لمجابهة حكومة آل خليفة. وإلى جانب تنظيم «حزب الله البحريني» المعروف، تعدّ ثلاث من هذه الجماعات مثيرة للقلق بشكل خاص، وهي:
·         "سرايا الأشتر"، مدرجة كجماعة ارهابية من قبل المنامة، وكانت قد أصدرت أول بيان لها في نيسان/أبريل 2013؛ ومنذ ذلك الحين تبنّت عشرين تفجيراً ضد أفراد قوات الأمن. ووفقاً للمحلل فيليب سميث، أعلنت مسؤوليتها عن التفجير الذي وقع في 3 آذار/مارس والذي أسفر عن مقتل ثلاثة من رجال الشرطة، من بينهم ضابط إماراتي كان تابعاً للقوات التي نشرتها السعودية والإمارات ابتداءً من عام 2011 لمساعدة السلطات البحرينية في الحفاظ على النظام.
 ·    "سرايا المقاومة الشعبية"، ادعت أيضاً مسؤوليتها عن الهجوم الذي وقع في الثالث من آذار/مارس وأُدرجت فيما بعد كجماعة إرهابية. وتقوم بتنفيذ العمليات منذ آب/أغسطس 2012 كما أنها مرتبطة علنياً بـ "ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير" - وهي جماعة احتجاج مناهضة [للحكومة]. ووفقاً لسميث، تدّعي "سرايا المقاومة الشعبية" أنها تمارس "الجهاد ضد آل خليفة الكفار" وتصف مقاتليها على أنهم جهاديين. وقد فجّرت حتى الآن عبوتان ناسفتان في مركز تجاري بحريني (وأصدرت بياناً - مقدماً - للتحذير من الانفجار) ؛ وأفادت التقارير أنها تستخدم أيضاً قنابل لاستهداف "البنك الوطني" في البلاد، ومحطة للكهرباء. بالإضافة إلى ذلك، تدّعي الجماعة أنها استخدمت سيارات ملغومة في العاصمة لاستهداف المطار وقوى الأمن الداخلي، وأنها فجرت عبوة ناسفة بالقرب من القاعدة البحرية الأمريكية في البحرين، التي هي بمثابة مقر الأسطول الخامس.
·         "سرايا المختار"، ظهرت في أيلول/سبتمبر 2013، وتبنت عدداً من الهجمات ضد قوات الأمن البحرينية، بما في ذلك الهجمات بالعبوات الناسفة الخام، على الرغم من أن المنامة لم تدرجها بعد كمنظمة إرهابية. ووفقاً لسميث، تحافظ الجماعة على حضور قوي على شبكة الإنترنت وهي الفصيلة الشيعية الوحيدة في البحرين التي تتبنى علناً أهدافاً إقليمية وتعتبر النزاع القائم في الجزيرة جزءاً من صراعٍ أكبر مع النظام الملكي السعودي - وهذا ادعاء مهم نظراً للاضطرابات الشيعية الجارية في المنطقة الشرقية المجاورة في المملكة العربية السعودية.
إن المدى التي تلقت فيه هذه الجماعات الدعم من إيران يبقى موضوع نقاش، لكن التقارير تشير على الأقل إلى مستوىً معين من الدعم الإيراني للحركات القتالية الشيعية في البحرين. فعلى سبيل المثال، استشهدت إحدى الرويات التي نشرها ديفيد إغناتيوس في صحيفة واشنطن بوست عام 2011 نقلاً عن مسؤول سعودي الذي صرّح أن غلام شكوري - الذي شارك في مؤامرة إيرانية لاغتيال السفير السعودي في واشنطن عام 2011 كما ذكرت التقارير - كان "ضابط بارز في «فيلق القدس» وساهم في تنظيم المحتجين الشيعة المتشددين في البحرين." وعلى وجه التحديد، التقى شكوري وإيرانيين آخرين مع رجل الدين الشيعي البحريني المتطرف حسن مشيمع خلال رحلة توقف فيها في بيروت في شباط/فبراير 2011، "عندما كان مشيمع في طريق عودته إلى بلاده لقيادة الاحتجاجات في البحرين".
شحنة الأسلحة الإيرانية
في 30 كانون الأول/ديسمبر 2013، اعترضت قوات خفر السواحل البحرينية زورقاً سريعاً من العراق محمّلاً بأسلحة ومتفجرات معدة للمتطرفين الشيعة في البحرين. ومن بين المواد المصادرة كانت هناك 50 قنبلة إيرانية الصنع وما يقرب من 300 عبوة ناسفة مكتوب عليها "صُنعت في سوريا". وفي استجوابهم، "اعترف المشتبه بهم أنهم تلقوا تدريباً شبه عسكري في إيران"، وفقاً لـ "تقارير البلدان الخاصة بالإرهاب" الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية. وفي خبر لاحق نشرته قناة "بي بي سي"، وصف أحد الدبلوماسيين الغربيين الحادثة بأنها "أكبر عملية لمصادرة الأسلحة في سياق مكافحة الإرهاب خلال عامين"، وقال "كان يجري اتخاذها على محمل الجد من قبل الحكومات الغربية". إن مثل هذا التدقيق والتمحيص لن يكون مفاجئاً نظراً لأن السلطات اليمنية كانت قد اعترضت شحنة مماثلة في كانون الثاني/يناير، كان قد شارك فيها أيضاً متهمون اعترفوا بتلقيهم تدريبات عسكرية في إيران.
وبعد فترة وجيزة من الاستيلاء على القارب، داهم مسؤولون بحرينيون مخازن الأسلحة المشتبه بها، وكشفوا "كمية ضخمة من المتفجرات " إلى جانب صواعق تفجير تجارية صُنعت في سوريا، وبنادق، ومواد لصنع القنابل، وأكثر من ذلك. وبدورها أدت المداهمات إلى إلقاء القبض على سبعة عشر شخصاً، بمن فيهم شخص سعودي الجنسية، ويُقال أنها كشفت أدلة عن الدعم الخارجي للمسلحين البحرينيين.
الخاتمة
بما أن الحكومة البحرينية أطلقت استغاثة كاذبة أكثر من مرة - عندما وصفت المتظاهرين والمعالجين الطبيين المتخصصين بـ "الإرهابيين"- وألقت مسؤولية حدوث الاضطرابات الداخلية مراراً وتكراراً على إيران - فقد أحدثت ثغرةً في مصداقيتها لا يمكن التغلب عليها بسهولة. فالطريقة القاسية التي تعاملت بها المنامة مع كل من المحتجين المسالمين والمعتدين العنيفين دفعت المحللين إلى التساؤل عن مدى مصداقية الأدلة المختلفة التي قيل إنها ضُبطت في كانون الأول/ديسمبر. وفي المرحلة القادمة، ستحتاج الحكومة البحرينية إلى إظهار التزامٍ أوضح بسيادة القانون، وإلى التمييز بين المتظاهرين والإرهابيين والتعامل مع كل جهة على هذا الأساس. فعند ذلك فقط سيكون شركاؤها الأجانب قادرين على إجراء تقييم فعال للأدلة الجديدة حول الدعم الإيراني للمتشددين المحليين.
 
 
واشنطن وهواجس الخطر «البرتقالي»
المستقبل...مأمون كيوان
استندت علاقات الولايات المتحدة مع كل من روسيا والصين خلال عقود الحرب الباردة إلى ما سماه وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر مبدأ جيو-إستراتيجي يفيد أنه يجب على واشنطن أن تنظم علاقاتها مع الخصمين المحتملين، أي موسكو وبكين، على أساس أن تكون خياراتها تجاه كليهما أعظم دائماً من خياراتهما تجاه بعضهما بعضاً. أي أنه كان يعتقد أن على واشنطن أن تتخذ الخطوات التي تضمن أن تكون علاقاتها مع كل من بكين وموسكو دائماً أوثق من علاقاتهما مع بعضهما بعضاً.

ونتيجة للتغيرات التي يشهدها حالياً النظام الدولي، بدأت روسيا بتغيير إستراتيجيتها في التعامل مع العالم الخارجي، وهو ما تجلى في الابتعاد عن «الخيار الأوروبي»، والتوجه نحو تحقيق تكامل أورو-آسيوى. كما أن تبعات وأبعاد الحرب الباردة لا تزال تمثل جزءاً محورياً من السياسة الخارجية الروسية. يظهر ذلك في السياسات الأمنية والدفاعية التي تبنتها روسيا منذ انتهاء الحرب الباردة، والتي تضع على قمة أولويات الدولة زيادة الإنفاق على التسلح من أجل صد أي هجوم، حال وقوعه، سواء من الولايات المتحدة، أو حلف الناتو.

وذهبت موسكو بعيداً في توثيق علاقاتها مع بكين، وعلى سبيل المثال، أفضت زيارة عمل قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عندما كان رئيساً للوزراء إلى العاصمة الصينية بكين، في العام 2011 إلى التوقيع على 17 اتفاقية بلغت قيمتها سبعة بلايين دولار وشملت قطاعات المال والاقتصاد والطاقة على نحو خاص.

وتعود العلاقات الروسية - الصينية تاريخياً إلى العام 1640 عندما اتصلت الصين وروسيا مباشرة لأول مرة في أقصى شرق سيبريا. وفي العصر الحديث أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الصين والاتحاد السوفياتي في الثاني من تشرين الأول عام 1949، أي بعد يوم واحد من تأسيس جمهورية الصين الشعبية أصبح الاتحاد السوفيتي أول دولة تعترف بالجمهورية الوليدة. وسادت هذه العلاقة الكثير من المنعطفات والتقلبات والقوه والفتور وفي 27 كانون الأول/ديسمبر من عام 1991 وقعت الدولتان ميثاقاً بعد انهيار الاتحاد السوفياتي حيث اتفقت روسيا على مواصلة العلاقات الدبلوماسية السابقة مع الصين، وفي عام 1996 صاغت الصين وروسيا شراكة للتعاون الاستراتيجي، وفي عام 2001 وقعت الدولتان معاهدة تعاون حسن الجوار والتعاون الثنائي الودي حيث تعمقت الثقة السياسية المتبادلة بين الجانبين.

وقننت معاهدة حسن الجوار والتعاون الودي بين البلدين التي وقعها رئيسا البلدين في عام 2001، وقننت أيضاً مفهوم الصداقة المتوارثة من جيل إلى جيل وعدم المعاداة إلى الأبد. أي أنها استبدلت أو ألغت معاهدة سابقة تمّ توقيعها أيام «ماو تسي تونغ» وستالين وأصبحت غير واقعية في نهاية ستينات القرن العشرين اثر التوتر الذي حصل بين البلدين.

وقد جاءت المعاهدة لتدعّم «الشراكة الإستراتيجية» بين البلدين والتي ركّزت على: معارضة موسكو وبكين المشتركة لبرنامج الدفاع الصاروخي الأميركي. ورفض المفهوم الغربي لمبدأ «التدخل الإنساني» الذي تبناه حلف الناتو في عام 1999 في كوسوفو. ومعارضة الخطط الأميركية بالتوسع العسكري، والتي لا يمكنها إلا أن تضرّ بمصالح الأمن العالمي. والدعم الروسي لمفهوم «صين واحدة» والاعتراف بحق الصين في تايوان كجزء منها. وتدعيم التعاون العسكري بين موسكو وبكين.

وكان من أبرز دلائل تدعيم التعاون العسكري بين موسكو وبكين، إجراء مناورات عسكرية مشتركة بين الصين وروسيا باسم «رسالة السلام 2005» في الفترة ما بين 18-25 آب 2005 والتي أثارت مخاوف العديد من القوى الدولية لا سيما الولايات المتّحدة الأميركية. وأيضاً في أواخر آب2007 أجريت مناورات صينية - روسية أمام ميناء فلاديفوستوك الروسي وشبه جزيرة شاندونغ الصينية على ساحل المحيط الهادئ.

ولم يدخر بعض المحللين الأوروبيين والأميركيين جهداً في وصف المناورات بأنها «تدريب على مواجهة الحركات الإسلامية ذات النزعة الانفصالية التي تعانيها روسيا في القوقاز والصين في شينغيانغ». وذهبت بعض مراكز الأبحاث الأميركية إلى اعتبار المناورات «تحالفاً أحمر لمواجهة الخطر البرتقالي»، في تلميح إلى أن الهدف المشترك للتعاون العسكري الروسي-الصيني بين جيشين عتادهما العسكري هو إيقاف توغل الثورات السلمية التي أطاحت ببعض نظم الحكم في وسط آسيا.

وحاولت واشنطن التشكيك في متانة الشراكة الإستراتيجية الروسية- الصينية والإيحاء بوجود مشاكل جمة بين موسكو وبكين، يرجع بعضها إلى ضعف الثقة المتبادلة بين الدولتين والنابعة من تجارب تاريخية ومواجهات عسكرية، والتقارب الروسي-الهندي، والتنافس الخفي بينهما للسيطرة على آسيا الوسطى.

لكن الباحث في معهد كاتو للدراسات في واشنطن تيد غالن كاربنتر رأى في مقال نشره مؤخراً، موقع «ذي ناشيونال إنترست» أن الولايات المتحدة: «توشك أن ترتكب خطيئة كبرى في السياسة الخارجية هي: استعداء قوتين كبريين في وقت واحد. فهناك احتكاكات في علاقاتها الثنائية مع موسكو وبكين بلغت مستويات منذرة بالخطر خلال السنتين الماضيتين. وهذا تطور مربك يمكن أن يسبب مشكلات جيو-سياسية كبيرة لواشنطن ما لم تتخذ إدارة أوباما إجراءات تصحيحية فورية وتحدد لنفسها أولويات أكثر ترابطاً. روسيا هي الخصم الجيو-سياسي الرئيسي للولايات المتحدة، فقد كانت هناك مصادر احتكاك تعتمل حتى قبل بدء أزمة القرم، بما فيها خلافات حادة حول سوريا وإيران. وواقعة القرم جعلت الأمور أسوأ بكثير، حيث فرضت واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون عقوبات اقتصادية على روسيا، ورد الكرملين بعقوباته الخاصة».

ويناقش مسؤولون أميركيون نشر قوات في بلدان أوروبية شرقية أعضاء في حلف الأطلسي لثني روسيا عن القيام بخطوات توسعية إضافية. بل إن الصقور في أوساط السياسة الخارجية الأميركية يدعون علناً إلى نشر قوات أميركية في أوكرانيا وتقديم مساعدات عسكرية لها.

كما أصبحت علاقات واشنطن مع بكين أكثر إثارة للخصام. واتضح ذلك خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل إلى بكين، تبادل خلالها الطرفان تصريحات نزقة بلغت ذروتها مع تحذير وزير الدفاع الصيني تشانغ وانكون من أن محاولات «احتواء» الصين لن تنجح أبداً.

ويبدو أن «الخيار الباسيفيكي» الأميركي يشكّل محاولة لمواجهة الخطر البرتقالي الروسي-الصيني بعد انهيار مبدأ كيسنجر. وذلك في الوقت الذي يسود فيه القلق حول تراجع القوة الأميركية في العالم عبر عنه مقال كتبه ولتر راسل ميد، استاذ العلاقات الخارجية والإنسانية، في مجلة «أميركان إنتريست» تحت عنوان «نهاية نهايات التاريخ» حذّر فيه من أن محاولات اوباما تخليص نفسه من التزامات رئاسة جورج دبليو بوش جعلت ما يصفه بالقوى المركزية كروسيا، الصين وإيران اكثر جرأة على المستوى الدولي».
 
مطلوب دور فرنسي أكثر فاعلية للرئاسة اللبنانية
الحياة... رندة تقي الدين
يظهر الاستحقاق الرئاسي اللبناني أن رواسب تاريخ نظام حافظ الأسد وبشار الأسد لا تزال قوية ولو إن تقلص الدور السوري في الانتخاب الرئاسي لصالح الدور الإيراني. هذه الرواسب المتبقية بقوة جلية في الانقسامات المسيحية التي شجعها ودفعها النظام السوري منذ مجزرة اهدن التي أسقطت الوزير اللبناني طوني سليمان فرنجية وزوجته فيرا وابنتهما الصغيرة. فارتكبت المجزرة في البلدة الشمالية بوجود سبعة حواجز عسكرية سورية غضت النظر عن دخول المجموعة القاتلة إلى بيت طوني فرنجية لقتله لأن النظام السوري خطط لتقسيم الصف المسيحي. واليوم والفراغ الرئاسي هو على أبواب لبنان ما زال الواقع نفسه. فبدل أن ينظم الصف المسيحي نفسه ويختار مرشحاً موحداً للرئاسة بشكل مستقل من دون تدخل هذا أو ذاك تحت راية السيادة والاستقلال ويستعين بالنموذج الذي يجري في الانتخابات الغربية في الأحزاب من انتخابات أولية فيها لاختيار المرشح، ها هم الآن يتنافسون على كرسي الرئاسة وهم مدركون أن الوضع الحالي لن يوصل أحدهم إلى الرئاسة. فيبقى لبنان من دون رئيس مع «حزب الله» المهيمن على البلد.
وجلسة مجلس النواب يوم غد الخميس للتصويت لرئيس جديد ستسفر عن تعطيل مجدد إلى المهلة الدستورية المنتهية يوم الأحد المقبل لانتخاب خلف للرئيس ميشال سليمان. إن الدور الفرنسي في لبنان أيضاً تراجع. فتاريخياً كانت باريس تتحرك بقوة وديناميكية أكبر مما هي الآن. فهي منهمكة بمشاكلها الاقتصادية وإمكانياتها تقلصت بشكل كبير. ورئيسها فرنسوا هولاند تربطه علاقات واهتمامات قوية في لبنان ويعرف الملف اللبناني بحذافيره ولكنه كثيراً ما يلقي عبء الديبلوماسية على وزيره لوران فابيوس الذي له كل النفوذ في السياسة الخارجية. وفابيوس يرى مصاعب الرئاسيات في لبنان وهو حذر جداً منها. ولا يريد التدخل. ولكن بين عدم التدخل واللامبالاة هناك موقف وسطي بإمكانه المساعدة ودفع الأمور.
انتخاب الرئيس ميشال سليمان تم في الدوحة بجهود قطرية وتفاهم سعودي وفرنسي. واليوم تعول باريس ولندن وواشنطن على انتخاب في الموعد. واشنطن سلمت سفيرها ديفيد هيل وفرنسا الاهتمام بالرئاسة اللبنانية ولندن تتحرك عبر سفيرها توم فليتشير النشيط في لبنان. ولكن أين الحراك الفرنسي الإقليمي. فمدير الشرق الأوسط في الخارجية جان فرانسوا جيرو زار طهران للقاء المسؤولين حول الموضوع وهذا مشكور ولكن المطلوب تحرك رئاسي أو وزاري مع العواصم الإقليمية لحل العقدة. فوحدها باريس لديها علاقات مع «حزب الله» ولديها علاقات جيدة مع جميع قوى ١٤ آذار. ولديها ديبلوماسيون مستشرقون بارعون في القصر الرئاسي وفي الخارجية. ولكن القيادة الممثلة برئيسها ووزير خارجيته حذرة من التحرك في موضوع معقد وصعب حيث كان لفرنسا دائماً وجود فيه. إن الوزير فابيوس حذر من التحدث مع نظيره الإيراني ظريف لأنه يعرف أن النظام الإيراني إذا باعه الانتخاب الرئاسي في لبنان يريد ثمن ذلك على صعيد الملف النووي. وفابيوس متشدد في هذا الملف.
إن المطلوب دفعة أقوى من الترداد الكلامي بضرورة الالتزام بالموعد الانتخابي الدستوري. فالمطلوب مبادرة فرنسية عربية إقليمية لحض الأطراف في لبنان على انتخاب رئيس كي لا يبقى المركز المسيحي الأساسي في لبنان شاغراً مع «حزب الله» مهيمن على البلد. فتحرك فرنسي مع أصدقاء هذا البلد الإقليميين وهم كثر وفي طليعتهم السعودية والدول الخليجية الصديقة للبنان من قطر إلى الإمارات والكويت ومع القوى الإيرانية المؤثرة على «حزب الله» والتي حلت مكان الدور السوري قد يؤدي إلى إنقاذ الموقع الرئاسي في لبنان الأساسي لمسيحيي لبنان الذين تربطهم بفرنسا علاقة تاريخية ينبغي أن تبقى في أذهان القيادة الفرنسية.
 

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,854,254

عدد الزوار: 7,006,059

المتواجدون الآن: 81